أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ( الموت بالخازوق فقراً ومنفى )















المزيد.....

( الموت بالخازوق فقراً ومنفى )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4490 - 2014 / 6 / 22 - 23:23
المحور: الادب والفن
    


( الموت بالخازوق فقراً ومنفى )

نعيم عبد مهلهل

(( وجاء «المخوزقاتى» أى تقنى الخوزقة وأخذ غصنا صلبا من أغصان أشجار البلوط، حيث الغابة الكثيفة وأخذ يهذب الغصن ويبرى طرفه حتى صار مدببا وحادا، وأعد قاعدة خشبية لينصب عليها الخازوق.. وأحضر الرجل ومدده أرضا ثم وجه سن الغصن إلى فتحة مؤخرته وربط فخذيه وساقيه وشدهما إلى الغصن، ثم قام ومعه معاونوه برفع الخازوق وأعلاه الرجل حتى انتصب الخازوق على القاعدة.. وأخذ المخوزقاتى يطرق على القاعدة الخشبية بمطرقة ثقيلة نسبيا ليهبط جسم الرجل تدريجيا فيما الخازوق يخترق جسده ))

من رواية جسر على نهر درينا / للروائي الألباني ايفو اندريتش


قصتي عن الموت خازوقيا ، جراء أستلاب ما . تمثل بعض محطات الحلم والتفكير والأمل في حياتي.
الأستلاب هو سلب ما هو غير لك ، وهو مصادرة ما تود القيام به وفرض ما انت لاتوده وفي النهاية هو سلب للحقوق .وحين سألوا الحلاج وهو على الخازوق قبل أغماضته الأبدية : والآن..؟
قال بصوت خافت : سيحاسبكم ، لأنكم عشقتم ماليس لكم....!
وفي ذات الرؤيا كان ماركس يقول : الشر يسلب من الخير غرامه . ( منسوب )
وعلي أن اتخيل أنثى من بنات الله تقول عن ذات الهاجس: سلبني بنظرته ، فحفرت له قبرا في قلبي.
سألوها ولماذا لاتقولي :بنيت له عشا في قلبي ؟
قالت :لأني أردت ان نُحاسب أمام الله سوية....................!
ولأن العشق والغرام ليس ذنبا أو استلاب فأن لهجة الشد تبقى فيه قائمة على مدى أشتعال اللحظة وهيجانها حتى قال العرب: ما يقال عن أصلها ، إن الشيطان فيها أبتدأ..
والشيطان بواقع حاله هو من يستلب من البشر براءتهم ويدفعهم الى الجرم ( السرقة ، القتل ، النفاق ، الكره ) أما العشق فلا شأن للشيطان معه ، لأن الله اوكل مهمة صناعته الى الملائكة . وحدها بهجة الحب من ترينا الشكل الهيلامي للملاك القابع في نظرة المرأة او قبلتها او في حرارة نهديها.
يوقعنا الجدل في ممارسات لاتحصى من المودة ، الجدل هو الأسئلة التي نطرحها أمام المرايا ونستعيد فيها سيرة ذاتية لكن الذي ذهب ولايعود ولكنه في واقعه ( الماركسي / المادي ) يغذي القادم ويصبح له ديمومة وعلينا أن نؤمن أن حرية التفكير والتفاؤل فيما يأتي يخلصنا من استلاب الماضي وهيمنه على مزاجنا وطبائعنا واذواقنا وتربيتنا ومبادئنا.
سألوا الشيخ معتوق السمرقندي : هل السوفيت سلبوا الأوزبك سحر بخارى وسمر قند؟
قال : ربما ، ولكنهم علمونا زرع البطاطا...!
أتخيل العبارة في مستوياتها الصوفية واتخيل لحظة كتابتي للفصل الخاص بحرق مدينة سمرقند من قبل امبراطور التتار في روايتي الموسومة ( جينكيزخان ..الوردة تتكلم والعشق يكسر السيف ) ، لقد كنت اعيش عالما من الاستلاب الذي يجتاح حياتي او أول محطة منفى ولعائلتي ( دمشق ) وحتى أهرب من الرقيب المخيف في شرطة المهاجر جعلت دمشق سمر ــ قند ، والحاكم والمخابرات والمليشيات ( ملك المغول ) ، وبالرغم من هذا أبقيت للجمال في هذا الاستلاب حظاً من الغرام والدهشة الصوفية حتى مع أحتراق سمر ــ قند التي كانت في المخيلة هي ( بغداد ) مع حروبها العولمية الخاسرة منذ حرب عبادان وحتى حرب الفلوجة وشهربان ...
فيوم أحرق جينكيزخان سمرــ قند ، كان الفعل يهيمن على ذاكرة الاستلاب في صورة حرق الصوفيون في المدينة وهم في جلسة الاستمناء مع الفضاء المفتوح على دكات صلاتهم وتأملاتهم.!
المشهد فيه الكثير من الدراما وقصتي مع هذين الروحين هي قصة البحث في عمري كله ، ومشكلتي مع الفقر الذي استلب من أبي قدرته على صنع السعادة لنا ، لهذا انا ابحر دوما في أغراق الروح بمودة عاطفتها ورؤاها وتخيل أن قصتي مع الاستلاب لن تنتهِ مادام وطني يُستلب منه كل ساعة كليو مترا مربعا.
ومرة اخرى أعيد ترتيب احتراق سمر ــ قند ، مفترضا أن قصتي معها هي ذات القصة التي حملتها مع حقائب السفر البعيد وغادرت فيها مدينتي السومرية الوديعة الناصرية .
وما بين الناصرية وسمر ــ قند تشتعل صوفيتي ويشتعل قلبي وامضي من تخيل الروحين في احتراق النار لصور لكم كيف هو الاستلاب بحجم الألم الكوني عندما يتحول على شكل نار تحرق الجسد:
يقول المتصوف الأول : إنها تقترب.
المتصوف الثاني : النيران أم السيوف ؟
ــ لا .بل بهجتنا .!
ــ وكيف تتحول السيوف الى بهجة وتقترن بمرح؟
ــ هذا ما شعر فيه مولانا الحلاج على خازوق الصلب ، فكيف لانشعر فيه نحن؟
ــ دائما كنت تقول :بين سمرــ قند وبغداد عاطفة واحدة ؟
ــ وستكون على الدوام كذلك.
ــ والموت الذي سيفرقنا؟
ــ سيجمعنا مرة اخرى؟
ــ ولكن بدون تكية وجامع ومدينة نأوي اليها ، الأمر لايحتمل؟
هناك نجد عنده كل شيء ، حتى المدن التي نفتقدها.
أنا افتقدت مدينة بفعل أستلاب ما لشبح يرتدي قلق السكين ويختبيء وراء الجدار، أتخيل رعشتي ، فيما اصغر أطفالي نعسانٌ ببهجة تذكر الحلقة الاخيرة من المسلسل الكارتوني سالي.
في طفولتي لم أسمع اسما لطفلة في شارعنا ب(سالي ) .جميعهن يحملن الاسماء التي تنتهي بالياء والهاء والتاء ( فوزية ، سعدية ، رسمية ، رازقية ، فخرية ، خيرية ، حمدية ، هاشمية ، صبرية ، نشمية ، حورية ، فتحية ، رومية ، سنيه ، هديه ، عليه ، رقيه ، ))
أسماء لاتحصى لها وقع موسيقى واحدة ، ومرة جار لنا سمى ابنته الوليدة فردوس وكان معلما ، فضحكت مستغربة كل نساء الشارع ، وسألن امها : فانوس اليس اجمل من فردوس ، لماذا لم تطلقوا عليها أسم فانوس..!
وحين شَرحتْ لهن أمها إن الفردوس هو الجنة . واحدة منهن قالت :لاتكوني كافرة كيف تصير الجنة فردوس وهي الجنة ..!
وهكذا دخلت فردوس في دائرة الاستلاب بسبب إسمها الذي صار نشازا بين كومة اسماء لاتحصى ، والى حين دخلت المدرسة ووصلت الى المرحلة الاعدادية حتى شعرت برفع الغبن عنها إذ وجدت بنات بعمرها حملن اسماء (سوسن ولبنى ونرجس وفردوس وميعاد ) .
وهكذا أغرقت أحساسي في تلك المشاعر التي لايأت منها سوى الأنكسارات ، ليس أنكسارات المرايا ، ولا تمزق المناديل ، بل أن المستلب في قصتي هو نظرتي الى حالي ، وتفكيري بما كان يكون وسيكون.
لهذا دائما في مراجعة درجة هذا الاستلاب المصلوب على خازوق عمري اقف امام المرآة ، ولا أدري إن كنت احاسب روحي أم أحاسب وجهي ، أم أحاسب المنديل الذي مسحت به دموع امي يوم عرفت ان الصباح موعد هجراتي مع مدن الغيوم والنجوم وكورسات اللغة الاجنبية ، لأعود الى المرايا واتخيل مشهد الالم في احتراق المتصوفة ، احتراق روحي ، احتراق الذكريات كلها على خازوق العدم ، على اجفان نعاس طفلتي وهي تكمل سعادتها مع سعادة ( سالي ) فيما الاسماء التي كانت تنتهي كلها بالياء والهاء والتاء تتشكل اساطيرها مع حناء الضفائر وقراءات محو الامية والزواج بدون معرفة مسبقةبين الزوجين.
ذات يوم ...تأملت وجه المرآة في وجهي ، فوجدت المناديل تتشفى بها .
وذات يوم تأملت وجهي في المرآة ، فوجدتها تهمس لي : امسحني بناديل اجفانك لأشعرك بالتفاؤل ..!
وقتها شعرت إن المناديل فقط صُنعت للعطاس ولحطات الوداع واكتشاف دم البكارة.....!
هذه قصتي ...
معقدة كثيرا في تفاصيلها ، ربما بسبب ثقافتي ، وولعي بأمتلاك من أحسه يرتقي معي في فضاء من غنى المال ونعومة الجسد حيث كانت طفولتي تتمنى ذلك.
الآن يشاركني متصوفة سمرــ قند المذبوحين بسيوف التتار ، بمفخخات داعش ، والملثمين من ميليشيات الشوارع ، حيث المكان هناك يعيش محنة الاستلاب الدائمة ، وانا الذي نفدت بجلدي، الخازوق أتخيله الآن هذا الأسى لما لحق بالمساءات الرائعة لذلك الجنوب وتلك البساتين حيث حمل الغبار والملح رسائل اليباب ليعلن حربا أخرى...
قصتي ...
مع الأستلاب ، هي قصة أبي مع التبغ الردئ الذي نخر رئتيه ، ومات وهو يئن من فقره وآثار عصي مكانس البلدية بين أصابعه الهرمة ، وعليَّ ألان أنا ولده الذي اخفى كآبة الشهوة في تعدد أمطاره على الوسائد الآثيرة لممثلات السينما واغلفة المجلات ، وأمضي أفتش مع الحياة الجديدة عن عناوين لكتب وزاوية هادئة للخمسين من عمري.
زاوية أكتب فيها وأعد الثلاثين يوميا من الشهر لأذهب الى ماكينة الصرف الآلي أسحب راتبي وراتب أولادي واتوجه فورا الى فرن الصمون كي لا ابقى جائعا واولادي ساعة واحدة ، بعد أن كان ابي يبقى من اجلنا جائعا لأكثر من ثلاثة أيام.............!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش لاتشبه مراكش ..ولا تشبه العش ..
- فاجينتي مالا.. اللون الأحمر والعنبر ..!
- الناصرية.. شهيدٌ من دير متي والزقورة وبطن الحوت..!
- خوذة الله وخوذة العباس.وخوذة الجندي المنكسر ..!
- الناصرية تبكي من أجل نينوى ..!
- ملاكٌ على شكل قصيدةٍ ونهدْ.......!
- النشيد التأريخي لمعدان باريس
- الله وروح الشاعر والرسام والموسيقي والصائغ..!
- أحتمالات الغيب في شهوة الكأس
- وجه المونليزا قراءة جديدة في رؤى الجمال والعولمة
- الناصرية ... ألأطفال الفقراء شهداء شموع زكريا
- رسالة رثاء إلى ماركيز وأحمد المظفر وأنكيدو.............!
- أساطير الناصرية والسينمات الصيفية..!
- أسطورة غرام سومرية ( حكاية ، يوسف الناصري )
- الناصرية سطور ، وعطور ، وخبز التنور .........!
- السفرُ إلى الفضاء البعيد ............!
- فضاء العبادة ، ومساحة القلب..!
- المدينة وما تبقى من ذكرياتها.............!
- أحمر شفاه ..وألف آه .................!
- رؤيا معاصرة للحظة الأغراء بين يوسف وزليخا


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - ( الموت بالخازوق فقراً ومنفى )