أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد ع محمد - الفحيح النخبوي














المزيد.....

الفحيح النخبوي


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4486 - 2014 / 6 / 18 - 14:58
المحور: الادب والفن
    


الفحيح النخبوي

"السلالة الاسوأ من الرجال، هي تلك التي تخفي
خلف رصانتها ووقارها كل عقد العالم وقذارته"
أندريه جيد
الكاتب: ماجد ع محمد
دأب الناس في بلادنا أن يؤخذوا أغلب الأحيان بكلام من ينتمي إلى الفيلق النخبوي في أية مسألة أو موضوعٍ أو ظاهرة من الظواهر التي تداهم حياتنا على غفلةٍ منا، بينما قول أو تصريح أو آراء الفُجار من الناس فلا تكون ذا وقعٍ يُذكر بالنسبة لباقي فئات الشعب، حتى لو تطلب الموقف أحياناً الالتفات للمشكلة التي بسببها ظهرت بذاءة وقيح ذلك الطالح تلك اللحظة، لذا فعندما يُعبِّر الشخص السوقي عن ردات أفعاله الفجة والغليظة على موقفٍ أو حدثٍ ما عادةً لا يؤخذ بمضمون ما يقول، بل ومن المعروف أن تصرفه الأخرق لن ينعكس كثيراً على المحيطين به، لأن سيرته اليومية وتاريخه الملطخ بالقاذورات السلوكية تمنعان الغير التعاطي بجدية مع ما يصدر عنه أو إعطاء محتوى ملافظه أدنى أهمية، بل وعلى الأغلب يُعامل على أساس أن قيمة لغته المستخدمة تدل على مكانته، لذا يرميه القوم سريعاً في زاويا الإهمال وهو متشح بكامل الاستحقار، لكن المهم في العملية أن ذلك النموذج يُلفت الناس الى مقامه المرذول وهو بكامل وعيه، ولا يحتاج الأمر أدنى جهدٍ لمعرفته أو أية حاجةٍ للتحري عنه، بما أنه خير من يُعبر عن مكنون ثقافته، فحقيقةً هو صادق مع نفسه ولا يدَّعي خلاف ما هو عليه، إنما يتصرف بشكلٍ طبيعي في العالم الذي يعيشه من دون تمثيلٍ أو تزويرٍ سلوكي، وقط لا تحتاج درايته إلى سوقه لمواقف الاختبار كما هي حال المثقفين، لأن من إحدى حسنات ذلك السوقي أنه لا يلجأ للتلحف أو التزيي بقشور المعرفة أو ما شابه، بينما عندما يُعبر صاحب المقام الثقافي أو الفكري في مجتمعٍ ما عن حدثٍ مماثل للذي تعرض له نظيره الشارعي بنفس السوية، فعادةً ما يقوم بتظريف صديده بطريقة حداثوية وحُلةٍ فنية تستوجب الانتباه، لأنه غالباً ما يعمد الى تمرير النتانة وهي مغلفة بقوالب جميلة وذلك من خلال مقالة أو قصيدة أو قصة، وهي حاملة في جوفها كل دناءة وترسبات الجهل ومخلفاته، عند ذلك قد يبلغ المتابع منتهى استغرابه من الارتكاس القيمي لدى هذا أو ذاك الذي ينتمي الى جوقة الأعلام، فيجعله المدوَن مصدوماً في البداية، ولكن بعد إعادة القراءة التفكيكية للمنُتج، ربما يكتشف المرء الكثير من الكلمات المفخخة وهي مصطفةً على قارعة كل قصيدةٍ أو مقالة، بل وتزداد وتيرة اندهاشه عندما يجد بأن ذلك الفلطح يُزين نتانة أحقاده المتوارثة والمبطنة بكلماتٍ قشيبة تخلب عواطف المتابعين، وذلك لعلها تُعبر أولاً عن بُغضه الدفين الذي تم إخفاءه في أعماق الذاكرة سنيناً، وحيث جاء أوان طرحها أو الإدلاء بها ولو بصورة غير جريئة، وثانياً عسى فحيح تلك المفردات يقوم بمهمة توصيل سمومه الى الأذهان المهيئة لتلقف كل ما كان ذا منبت طائفي أو عنصري بغيض، وطبعاً هو يفعل ذلك بدهاء المبدع الذي يُغلف مواقفه النتنة بالرمز والايحاء والإشارة، ولكن يبقى بأن المرء مهما حاول إخفاء ما يستبطنه سيظهر المستتر على صفحة وجهه أو من خلال فلتات لسانه حسب تعبير الامام علي، وهنا في حال هذا أو ذلك المبدع، فرائحة التفسخ القيمي تفوح من بين ثنايا مواده أي منتجه الإبداعي، لذا ونحن نتمعن ونعمل المقارنات بين الجهتين، أي أهل العلم وأصحاب الجهالة، ربما نقول ما أظرف ذلك المبتذل أمام هذا الذي يُعد بمثابة قامة في الفكر أو الأدب أو الشعر، إذ من المؤكد أن تغليف الأحقاد المتراكمة بمكلمات بديلة لا يقل أذىً ودناءةً عن المفردات القميئة لأبن الشارع، بل تكون جُمل ذلك النجم أكثر ضرراً على المجتمع وأكثر تأثيراً وخطورة على الرأي العام، بما أن قائلها من رجالات الإبداع أو الفكر أو السياسة، بينما تبعات شتائم من ينتمي لفئة الحثالة فتكون في مجمل الأحوال أخف وطأة من نفثات الكاتب، لأن الملافظ النجسة للشخص العادي السافل لا تتجاوز بتأثيراتها منطقته الجغرافية، وبهذا الصدد قد يتنطع أحدهم ويرفع عقيرته قائلاً أليس المبدع أيضاً إنسان له عواطف وأحاسيس ومشاعر، وله ردات أفعال كأي مواطن عادي؟ نقول بلى هو كذلك، ولكن إذا كان في كل لحظةِ غضب سيُكشر النجم عن أنيابه ويُخرج كل نتانته المركونة في أعماقه، فما الفرق حينها بينه وبين ذلك الذي يُقال عنه بأنه ساقط أو منحط؟ وإذا كان كل عِلم وفن وفكر ذلك القُطب لم يحسنوا تطهير مكامنه، ولم تُخلصه كل تلك العلوم والمعارف من دناءاته وأحقاده، فما الذي يُفضله أو يُميزه عن أي شخصٍ مُشبعٍ بالقرف والخسة والوضاعة؟ ونحن بكل تأكيد لا نُطالب المبدع بأن يكون نبياً، ولكن على الأقل أن يتبع خطاه، بما أنه في الكثير من الأحيان لا يُقارن نفسه إلا بالعمالقة الذين وقف على أكتافهم أمثال نيوتن، بل ويُطالب مجتمعه كبيراً وصغيراً على أن يقروا بأهميته وعظمة شأنه، باعتباره لا يزال هو الكائن الوحيد من بين مجمل الكائنات الحية من لديه الجرأة لمزاحمة الخالق في اختصاص الخلق والإيجاد.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة والتغيير من قلب أوروبا


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد ع محمد - الفحيح النخبوي