|
نازِحونَ خَمِس نجوم ، ونازحونَ عاديون
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4485 - 2014 / 6 / 17 - 20:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مثلَ أي أمرٍ آخر .. فأن أوضاع ( النازحين ) من الموصل وغيرها ، ليستْ مُتشابهة ، فأحوال بعضهم ، تختلف إختلافاً حّاداً عن البعض الآخَر . ففئةٌ إستقلتْ سياراتها الفارهة مُتوجِهةً الى أربيل او دهوك ، وحملتْ معها أموالاً طائلة ، تاركةً قصورها ومصالحها غير عابئةٍ بها ، لأنها تتوقع بأنها ستُعّوَض على أية حال ، سواء عادتْ الحكومة المحلية القديمة ، أم إستقَرَ الوضع لداعش والبعث ! . هذه الفئة القليلة .. تقوم بتأجير منازل فخمة أو تُقيم في فنادق راقية في الأقليم ، أو حتى تُسافر الى تركيا او لبنان أو أوروبا حتى يستقر الوضع . هؤلاء في الحقيقة ، يعتبرون ما يحدث ، فُرصة لمزيدٍ من الإستجمام والسياحة وتبديل الجَو ! . هذه القِلّة المُستفيدة في كُل وقتٍ وكُل عَهد ، لاترتبط إرتباطاً قوياً ب " الأرض " ، بل أن مصالحها فوق كُل إعتبار ، ومعظمهم لم تَكُن له مُشكلة ، في دفع " خاوة " أو ضريبة ، للمجاميع الإرهابية في الموصل ، طيلة السنوات الماضية .. ونزوحهم الحالي من الموصل ، ليس بسببِ إختلافات " جوهرية " مع داعش او البعث .. لكنهُ إبتعادٌ عن الفوضى وإحتمالات حدوث قلاقل في الأسابيع القادمة . الفئةُ أعلاه قليلة .. وهُم الأثرياء القُدامى والجُدُد والمُتنفذين والمُستفيدين من السُلطات .. معظم هؤلاء كانتْ علاقاتهم جيدة مع نظام صّدام ، ومع الحكومة الإتحادية الحاليةِ وفي نفس الوقت ، مع الحكومة المحليةِ أيضاً ، ومُتفاهمين كذلك مع المجاميع الإرهابية ! . أي كانتْ أوضاعهم " ماشية " بصورةٍ سَلِسة .. والمُفارقة ، ان أوضاعهم هُنا ، في الأقليم ، ممتازةٌ أيضاً ! . هؤلاء في الحقيقة ، لايُعانون من مُشكلة " نزوح " ، ويُمكن القَول أنهم نازحون خمس نجوم ! . المأساة تكمُن في أحوال الفئة الأخرى : أي عشرات الآلاف من العوائل الفقيرة ، المُستَضعَفة ، ومعظمهم لايملك سيارات لكي يهرب بها .. ولا أموال يستعين بها ، ولا أقارب يلتجأ إليهم .. الكثير منهم ، بقى في الموصل ، ليسَ حُباً بداعش والبعث ، ولكن لأنه لايملكُ خَياراً آخَر . أما الذين نزحوا ، فأن أوضاع معظمهم صعبة للغاية . لأنهم كانوا موظفين او مُستخدَمين ، يستلمون رواتب من الحكومة ، وليس عندهم مَوردٌ آخَر يعتاشون منهُ ، وفوق ذلك ان بعضهم مسؤولٌ عن إعالةِ مُعّوَقين او مرضى كِبار السِن .. إلتقيتُ قبل ثلاثة أيام ، بواحدٍ من هؤلاء ، كان على وشك البُكاء ، قال : هربتُ من قصف الهاونات المُكثَف على بيوت محلتنا ، ولا أدري من أين كان القصف .. ورغم ان حكومة الأقليم وّفرتْ لنا ، مشكورةً ،خِيَم وبعض الخدمات .. لكني أحتاج الى أدوية لوالدتي المريضة ، ورعاية مُستمرة لولدي المُعّوَق .. ونقودي القليلة أصلاً على وشك النفاذ ، ويُقال ان " الإدارة الجديدة " سوف تدفع الرواتب رأس الشهر ، لهذا فسوف أرجع اليوم الى الموصل ، وليكُن ما يكُن ! . عشرات الآلاف من الناس العاديين الأبرياء ، الفقراء البُسطاء .. الذين ليسَ لهم ناقةٌ ولا جَمَل ، سواء حكمَ المالكي الشيعي ، أم النُجيفي السُني .. هُم وقود هذه الحروب المُجرِمة وهُم مَنْ يدفع الثمن دائماً ، بسبب حماقات أُمَراء الحَرب وجشَع مافيات الفساد من كُل الأطراف . هذهِ الآلاف المُؤلَفة من الموصللين ، هُم نازحون بإمتياز ، بِكُل ما يُمّثِله النزوح من مأساة إنسانية .. ذلك النزوح الذي جّرَبتهُ شخصياً في 1991 . .......................... لايقتصر الأمر على نازحي الموصل ، فالحال نفس الحال ، في الفلوجة والرمادي وتكريت وبعقوبة وبغداد وغيرها . فدائماً هنالك نازحون خمس نجوم ونازحون عاديون .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموصل و - وثيقة المدينة -
-
على كُلِ تَلٍ ، صّدامٌ صغير
-
الرابحونَ والخاسرونَ ، مِما يجري في الموصل
-
إنهيار الموصل .. إنهيار ( قِيَم ) ما بعد 2003
-
الموصل تحت النار
-
بعض ما تَشهدهُ الموصل
-
عَفا اللهُ عّما سَلَف
-
الأشخاص أم الأفكار .. أيهما أهَم ؟
-
فولكسواكن
-
حلمٌ مُزعِج
-
حُسينية علي الأديب
-
السليمانية : حركة التغيير أمامَ إمتحانٍ صَعب
-
- دُنيا - التي غادَرَتْ الدُنيا
-
ماذا ينقصنا ؟
-
لَعَنُ اللهُ مَنْ إخترعَ السكايبي والفايبر
-
مُجّرَد إشاعات
-
سِكْراب
-
الغرور السياسي
-
نظرة على نتائج إنتخابات 30/4/2014
-
راتب - ليو ميسي -
المزيد.....
-
شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال
...
-
مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا
...
-
إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح
...
-
في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض
...
-
لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
-
3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
-
الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
-
مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال
...
-
كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
-
واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|