أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - الأحلام والانكسارات في - نوافذ الشر -















المزيد.....

الأحلام والانكسارات في - نوافذ الشر -


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 4483 - 2014 / 6 / 15 - 11:20
المحور: الادب والفن
    


الأحلام والانكسارات في " نوافذ الشر "
لعبد الهادي القادود
--------------
سعيد رمضان على
---------------
مدخل :
عبد الهادي القادود ، شاعر فلسطيني ، يقيم بغزة ، نرى في أعماله عمق الذاكرة الوطنية ، والتاريخ المهمش ، وإثناء بحثه عن هويتنا الذاتية المطمورة، يهاجم
وضعا شديد التعقيد، تضيع فيه الآمال والأحلام بالحرية، معبرا عن الإحباط من الأوضاع المقلوبة .
يملك عبد الهادي عين ناقدة ووعى حاد وعميق بإشكاليات الحاضر ، وأثناء البوح بالشعور بالقهر والسحق، في وطن أصبح غير الوطن، ينقد بمرارة وقسوة الأوضاع السياسية والاجتماعية .

-----
تمهيد :
--------

هذه القصيدة تحمل رؤيا مركبة ، من وعى واقعي وحلم بالتغير ، إلى انكسارات الحلم وضياع الآمال، هي تبدأ بالصفو وتنتهي بالكدر ، مجتازة بذلك – وهى تحمل أثقال المعاناة - عالمان مختلفان :عالم جمال الحلم والحرية، وعالم القيود والانكسارات ، عالم يحاول التحليق بجناحيه، وعالم يشد الأحلام إلى أسوار السجون والمعتقلات شدا وثيقا .

----------
وتبدأ القصيدة بالجماليات ..


هل الرَّبيــــــعُ وهللت أعيادي
والأرضُ كحّلها رمادُ زنــــادي

والطيرُ رفرفَ في الأصيلِ مغرداً
والفجرُ شمّر َســـاعديه ينادي

يا نشوةَ الأشعارِ في كفِّ الرَّدى
يــا فرحـــةَ الزُّرَّاعِ يومَ حصادِ


بجماليات غريبة ، يحدق شاعرنا في الحياة .. والحياة أن لم تكن نوعا من الحلم الاصلاحى وغد أفضل ، تكف عن أن تكون حياة، وهكذا بمقاطع متوهجة ، تعبر عن واقع جديد يظهر من الأحلام ، بعد طول انكسار وقهر ، مقاطع تعبر عن شاعر ظامىء للحياة والحرية .. لقد غدا هنا كائنا إنسانيا ، بعد أن استيقظ أخيرا وطنه من سبات الموت الطويل .


قد هدَّنا ظلمُ البغاة ِولم يــــــزل
شــوقُ النَّوارسِ راقصاً للضادِ

حملت حنينَ الخلقِ ناقةُ أحرفي
وتســــلقت ظلمَ العدا بــــودادي

يطفو على سطحِ الجراحِ شراعُنا
ويطلُّ من قاعِ البلاغةِ شـــــادي

باتت ثواني الحقدِ تخطفُ بسمتي
وتهزُّ في عينِ الجميعِ وســــادي


والنَّارُ أتخمها الجيـــــــاعُ بشامِنا
والقهرُ أطفأ بســــــــــمةَ الأولادِ
لكن الأحلام تنطوي كاشفة عن زاوية مظلمة ، يعيش فيها الإنسان بتاريخه المغطى بالدم والموت والنهب ..

ويفيضُ نهرُ الحزنِ بين عيونِنا
ونغيــــــبُ في وطنٍ بلا أمجادِ

فتحَ الغريـــبُ نوافذَ الشّـــَرِّ التي
فكتْ غيــــومَ القهرِ فوقَ بلادي

ومضى الدَّخيلُ يقصُّ أحلامَ الرُّبى
متعمداً بوســــــــــائلِ الأسيادِ


عالم تسيطر عليه الوحشية التي باتت تعيش على المادة متغلبة على الروح ، قاضية على الحب بالموت .. وحشية يؤكد الشاعر أنها من صنع الغريب وليس من صنع أبناء الوطن ، الغريب الذي يفتقد إلى الحب والجمال والمبادئ والأخلاق والضمير.. لقد جاء فاحرق البلاد والعباد ..


ما حيلةُ الأشعارِ حين شـــعارنا
دكَّ الغريـــــــــبِ بمنجل ِالأجدادِ

ويفيضُ نهرُ الحزنِ بين عيونِنا
ونغيــــــبُ في وطنٍ بلا أمجادِ

فتحَ الغريـــبُ نوافذَ الشّـــَرِّ التي
فكتْ غيــــومَ القهرِ فوقَ بلادي

ومضى الدَّخيلُ يقصُّ أحلامَ الرُّبى
متعمداً بوســــــــــائلِ الأسيادِ

إيهٍ بلاد الشــــــــــامِ إنَّا هاهنا
متآمرون بنظرةِ الأحفـــــــــــادِ

ملأ التناقضُ صفحةَ الصُّبحِ التي
رسمت ملامحَها سيــوفُ جهادِ

من كلِّ زاويــــــــةٍ يطلُّ مقنعٌ
يطوي رســـــــالةَ جارهِ بعنادِ

بتنا على ظهرِ الأثيرِ دعــاؤنا
كفرٌ يكفِّرُ مركزَ الإرشــــــــــادِ

والحقُ باتَ ضلالةً يــــلهو به
سوطُ الجهولِ ومنجلُ الأحقادِ

وتربّعت فوقَ الشُّهورِ صفاتُنا
كالمومساتِ نصبنَ صرحَ فسادِ

يحتلُّنا عارُ البطولةِ حين يك
تبها الرَّخيصُ بمذهبِ القوَّادِ

وتصير أرزاقُ العبادِ غنيمةً
للثائرِ المدسوسِ .. والأندادِ

ويلفُّنا شـــالُ الأنينِ بنابِهِ
وتمصُّ دمَنَا غولةُ الأصفادِ

في خندقِ التّحقيقِ ينزفُ والدي
والأمُّ تندبُ فلذةَ الأكبــــــــادِ

باتت على متنِ الليالي عزتي
عزباءَ تلفعُها ريـــــاحُ رمادِ

ماذا تُراها أن تكونَ قصيــدتي
والنَّارُ باتت خيـــمتي ومدادي

يا موطنَ الشُّجعانِ حسبي أنَّني
أعييتُ في سهلِ المساءِ جوادي

----------------


يتناول الشاعر الوطن من داخله.. مركزا في قصيدته على الشام ، الاسم التاريخي لسوريا - حديثا تضمن الاسم كل من الأردن ولبنان وسوريا وفلسطين - يتناوله كوطن مقيد يعجّز الأفكار الطموحة ويمنعها من الانطلاق , والتحليق في فضاء الحرية لتحقيق ّذاتها , ويحولها إلى أحلام موؤدة بفعل طعنات واقع كئيب ومسيطر , يسحق كل ما هو أنساني وجميل في الحياة .
فكأن الشاعر رأى في الواقع السوري ، رمزا قريبا لواقع وطنه فلسطين ،لنتأمل المشاهد الجزئية :
" متآمرون بنظرةِ الأحفـــــــــــادِ-من كلِّ زاويــــــــةٍ يطلُّ مقنعٌ
-يطوي رســـــــالةَ جارهِ بعنادِ- كفرٌ يكفِّرُ مركزَ الإرشــــــــــادِ
-والحقُ باتَ ضلالةً يــــلهو به- سوطُ الجهولِ ومنجلُ الأحقادِ
وتربّعت فوقَ الشُّهورِ صفاتُنا- كالمومساتِ نصبنَ صرحَ فسادِ
-يحتلُّنا عارُ البطولةِ حين يك- تبها الرَّخيصُ بمذهبِ القوَّادِ-
-وتصير أرزاقُ العبادِ غنيمةً- للثائرِ المدسوسِ .. والأندادِ"
ألا نرى في تلك المشاهد الجزئية ، المشهد الكلى العام قوامة الفوضى والقهر والاحتراق؟

أننا أمام مفردات تكرس المعاناة، و تكشف عن حالة وجدانية ترفض العفونة ومواطن الفساد .. وهى مواطن أحاطت بكل شئ وضيقت علية الخناق .. هو رفض لجدران سجن الوطن الضيقة وإدانة للواقع , و التمرد عليه .

وأمام الضياع والبحث عن الوطن ، تظهر القيم ، والأخلاق .. متضمنة في المقاطع ، معبرة عن البحث الإنساني الدائم أبدا عن القيم والأخلاق والجمال والحرية.
نحن لسنا هنا إمام وعى سلبي ، بل وعى قلق ، ولا يظهر الوعي القلق إلا بامتلاك الضمير . لكن الضمير محكوم بمعاناة .
-------
عتبة خروج :
----------
في القصيدة نرى أفكار واضحة ، بل نرى أمامنا قصة الثورة والانكسار مع لمحات من التاريخ ، واستخدم الشاعر حرف الواو ، ليجعل بين المقاطع نوع من التقارب في المعنى مانحا في نفس الوقت قصيدته طابع الحكاية .
لكن قدرة الشاعر الفعلية ، توضحت في تحويل الأفكار إلى إحساس سالكا مسلكا تصويريا جميلا .. مثلا :

هل الرَّبيــــــعُ وهللت أعيادي
والأرضُ كحّلها رمادُ زنــــادي
.............

والفجرُ شمّر َســـاعديه ينادي

يا نشوةَ الأشعارِ في كفِّ الرَّدى
يــا فرحـــةَ الزُّرَّاعِ يومَ حصادِ

ولكن إذا كانت اغلب كلمات القصيدة ومقاطعها تملك وهجها القوى ، مبتعدة عن الفتور، بقوة التصوير الفني، فالشاعر ياتى أيضا يصورا ورموزا مستهلكة مثل :
" كالمومساتِ نصبنَ صرحَ فسادِ"
ومثل"
" شــوقُ النَّوارسِ راقصاً للضادِ"
والنوارس التي ترمز للغربة والاغتراب والمغتربين عن الوطن ، استهلكت كثيرا في شعراء آخرين بطول العقود الماضية ، ولعل الشاعر محمود درويش احد الشعراء الأوائل الذين وظفوا النورس في قصيدته
" أرى شبحي قادما من بعيد "
تبعه بعدها العديد من الشعراء .. حتى بدا أن النورس، لصيق بقاموس كل شاعر يستدعيه وقت ما يشاء دون ابتكار أو تجديد .

--------------
هوامش وإحالات :
------------
1 نوافذ الشر – شعر عبد الهادى القادود – دنيا الوطن file:///C:/Users/k/Desktop/%D9%86%D9%88%D8%A7%D9%81%D8%B0%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1.htm



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قصة - ارتديتك غيابيا -
- قراءة في قصة هناء حمش
- اليرموك، بؤرة كاشفة للوطن
- ربط البحرين، والنووى، والقوة !!
- برافر... والهدف..!!
- حاميها حراميها بالجيش الإسرائيلي
- الأنفاق بسيناء صناعة إسرائيلية
- الفساد والانكسار والثورة ، بالورد والطواحين
- عندما تعزف انتصار أنشودة حب للحياة والوطن
- رفح المصرية الضائعة فى الظلام
- آه يا سيناء..
- بعث الوطن في أزمنة بيضاء لغريب عسقلاني
- العادلى والإبادة لسيناء
- ما بعد مبارك طليقا !!!!!!
- البرادعى، ضد حارس الديمقراطية !!
- الاعتصام : - الجريمة والعقاب-
- أنفاق غزة شرعية
- المجتمع كائن اخرس
- البعد الثوري والإنساني في رواية أمواج ورمال
- إشراقة أمل


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - الأحلام والانكسارات في - نوافذ الشر -