أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سحر حويجة - انحسار النفوذ الإقليمي وأزمة النظام السوري















المزيد.....

انحسار النفوذ الإقليمي وأزمة النظام السوري


سحر حويجة

الحوار المتمدن-العدد: 1268 - 2005 / 7 / 27 - 08:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بعد حرب تشرين أصبحت التسوية خياراً وحيداً للنظام السوري، وأمام التلكؤ الإسرائيلي في إبرام اتفاق، تحقق فيه سوريا شروطها بالتسوية، كان لابد للنظام السوري أن يسعى لإبراز قوته، وأهمية دوره، وفرصته الذهبية آنذاك، كانت عبر البوابة اللبنانية المتأججة بكل ألوان الصراع والتناقضات، ودخل النظام السوري الصراع كقوة حاسمة، في ترجيح موازين القوى، بمباركة الدول الكبرى حيث كانت الساحة اللبنانية، مفتوحة على مشروع تأجيج الصراع مع إسرائيل، بتحالف القوى الوطنية اللبنانية، والفلسطيني ولعب النظام السوري، دوراً مركزياً في إدارة الصراع وتوجيهه، على الساحتين الفلسطينية - واللبنانية، عبر تطويع مختلف القوى اللبنانية - والفلسطينية، بقوة جهاز أمني عسكري بيروقراطي ضخم،كان مصير المعارضين لسياسة النظام السجن أو النفي أو الموت، من سوريا إلى فلسطين إلى لبنان، اجتاحت إسرائيل لبنان، لكسر ما بقي من قوة، وصار ت التسوية وفق شروط النظام السوري بعيدة المنال، فكان لابد من التصعيد مع إسرائيل، وفتحت الساحة اللبنانية جبهات الصراع مع إسرائيل، بتأييد سوريا وفرضت المقاومة اللبنانية نفسها لتكون الورقة الرابحة الأهم للضغط على إسرائيل، انسحبت إسرائيل من الجنوب، ولم تتحقق التسوية السورية، و تغيرت الظروف، وبصورة تلقائية تغير حجم النظام وأهميته، أولاً بسبب تغير اللاعبين الدوليين، التي توج بقيادة أمريكا لدول ا لعالم، التي أخذت على عاتقها توزيع الأدوار كما تريد، ثانياً : الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، أضعف ورقة المقاومة اللبنانية كقوة ضغط ضد إسرائيل، حيث أننا نرى أن العمليات العسكرية للمقاومة اللبنانية التالية للانسحاب الإسرائيلي، ليست مهمة ومؤثرة، وتحول حزب الله إلى موقع الدفاع عن لبنان، ومحاولة إبراز لبنانيته على حساب شعارات المقاومة الإسلامية، أو العربية، هذا أضعف موقف النظام السوري، سواء باستخدام حزب الله كورقة ضغط، أو في الدفاع عن مبرر وجوده في لبنان. إضافة لذلك التسوية الجارية على الساحة الفلسطينية والتي قطعت شوطاً، وشرط التهدئة الإسرائيلي، إذا التزمت به الفصائل الفلسطينية سيضعف دور النظام السوري، وهكذا نجد أنه تحت ضغط الواقع، وضغط المطالب الأمريكية الملحة والمتزايدة، التي اتخذت طابع دولي، وتحت وابل من الوعيد الكلامي، وبدون وعود، أخذ النظام السوري، يتراجع وينحني، دون نيل شهادات حسن السلوك، بل لا شكر على واجب . وخرج صفر اليدين حيث أن هذه سياسته ذهبت سدى، ولم تحقق هدف النظام في إجراء تسوية ضمن شروطه، وليس لديه خيار آخر، فهو ليس مستعد لفتح أي معركة على حدوده مع إسرائيل، للضغط عليها مباشرة، لأن الجيش السوري وخلال العشرين العام الأخيرة لم يهيأ لخوض معارك كبيرة، سواء من حيث الإعداد، أو العدة، ومنع النظام أي قوة مقاومة، الانطلاق من سوريا، ولا حتى مقاومة يصنعها هو . ورغم أن النظام وافق أخيراً على تسوية بدون شروط ، لم يتم الاستجابة لطلبه، لأن استمرار الضغوط على النظام يفسح المجال، أمام تسوية بشروط إسرائيلية وأمريكية.
إن الأوضاع الجديدة توجب على النظام، اتباع سياسة جديدة على الصعيد الداخلي، والإقليمي، لكن النظام السوري على ما يبدو غير قادر على تغيير جوهري في سياسته، لأنها مسألة تتعلق ببنية هذا النظام، فهو لا يعرف إلا لغة واحدة بالتعامل مع الآخر ين، هي لغة قائمة على مبدأ القوة، تبنى على الضغط والمساومة وإضعاف الآخرين، بالمقابل يعامل الأقوى منه بالمثل يخضع لضغوطه وإملاءاته.
على الصعيد اللبناني: مع أن مختلف الأطراف اللبنانية، أكدت على أهمية العلاقة مع سوريا ولكن بشرط أن تبنى، على أساس المساواة، وليس على مبدأ القوة، ولكن اللغة السورية مازالت كما هي الابتزاز والضغط، هذا ينسجم مع مصالح بعض مراكز القوى في النظام، مواقف تعكس ردود أفعال، ولا نعتقد أن سياسة الحصار تحوز على موافقة حتى المؤسسات الداعمة للنظام، مما يدل على أن القرار الأمني هو الحكم في السياسة السورية، ولعل الموقف من شاحنات البضائع اللبنانية عبر البوابة السورية، وتوقيف صيادين بحجة اختراق المياه السورية، فهي حسب توقيتها رسالة من النظام في سورية، إلى الشعب اللبناني و إلى الحكومة الجديدة، ولسان حال النظام السوري يقول إن محاكمة السياسة السورية في لبنان، عاقبته وخيمة، فالنظام السوري يريد من اللبنانيين، أن يعتبروا كل الأفعال السابقة عن الانسحاب من لبنان، جزأً من الحرب الأهلية اللبنانية، حيث تمت المصالحة بين اللبنانيين، بدون محاسبة الأطراف لبعضها البعض، و أيضاً يرغب النظام السوري في تعطيل أي سياسة، وأي قانون، لا ينسجم مع مصالحه، وهكذا تسعى سوريا لأن تقبض على عنق اللبنانيين على الحدود، مما يساهم إضافة للضغط على الحكومة سواء من حيث تشكيلها، أو من حيث برنامج عملها، أن يفكر اللبنانيون كثيراً قبل اتخاذ أي قرار يمس أو يعدّل المصالح السورية، في لبنان، يساهم هذا الضغط أيضاً بزعزعة الاستقرار، و تفاقم الأزمة الاقتصادية وإضعاف عملية بناء الدولة والمؤسسات، التي يسعى إليها اللبنانيون، هذا سيدفع إلى تعريب القضية، وتدويلها ، ويعرض سوريا لضغوط جديدة، أو أن تبحث الحكومة الجديدة على خيارات بديلة ،للعبور غير سوريا، ويكون الخاسر هو الشعب السوري واللبناني، ومن اللافت أن التصريحات الأمريكية ، هذه المرة لم تكن شديدة اللهجة إزاء السلوك السوري ، لأن أمريكا تحاول استغلال هذه الضغوط السورية على اللبنان لمصلحتها.
أما الورقة التي يستخدمها النظام في تبرير موقفه، وهي ورقة العمال السوريين المفقودين والمعاقين، واللذين قضوا، على الرغم من أهمية معرفة حقيقة الأمر، والدفاع عن حقوق هؤلاء العمال، فإن النظام السوري يستخدم هذه الورقة، لتعبئة واستثارة الرأي العام الداخلي في سوريا وأيضاً الرأي العالمي، وكأنها دفع مسبق لأي تهمة موجهة ضد السياسة السورية في لبنان، ومحاولة إظهار أن أي تهمة ستوجه لسوريا تكمن أسبابها في عداء بعض القوى اللبنانية للسوريين. ورد مسبق على مطالبة اللبنانيين بملف المخفيين، والمعتقلين في السجون السورية، ورفض التصعيد ، وفتح الملفات الأخرى، سواء المتعلقة بالفساد، أو غيرها من الجرائم، إن مواجهة الأخطاء، ومحاسبة المسؤولين إذا لزم ذلك، هذه ستكون خطوة هامة، ليس من أجل الإصلاح في لبنان فحسب، بل أيضاً من أجل الإصلاح في سوريا، الذي لن يبدأ ويكون فاعلاً وحقيقياً إلا بتأكيد حكم القانون، و محاسبة المسؤولين.
لكن النظام السوري مثله مثل أي نظام تسلطي يعيش على المديح الخادع، ويخشى الحقيقة، هذه الأنظمة ،تنمو بالتعارض والتناقض مع المؤسسات الديمقراطية، تبنى على إطلاق أيدي الأجهزة بعيداً عن الرقابة، لذلك في مجال تطبيق القانون الدولة التسلطية تتمكن من انتهاك القانون دون حسيب ورقيب، وأشخاصها يعتبرون أنفسهم فوق القانون ، ولا تقبل المحاسبة لأنه نظامها يعيش على حكم امتيازات لهؤلاء الأشخاص ، هذا فرق جوهري عن الدولة الديمقراطية التي تعني فيما تعنيه تطبيق المساواة، للجميع أمام القانون.
أما على الصعيد العراقي، نفذت سوريا المطلوب منها وهو ضبط الحدود وضبط الأشخاص، نعم إن سوريا التي لا مصلحة لها في نجاح المخطط الأمريكي في العراق، إلا أنها اتخذت موقف سياسي في العلن يقضي بدعم الحكومة الانتقالية، ثم دعم الانتخابات ودعم الحكومة الجديدة، أما من الجانب الآخر، حيث مصالح بعض مراكز القوى في النظام، أخذت منحى يتعارض مع موقف النظام المعلن، فهناك كثيراً من الأدلة التي تثبت تورط بعض المسئولين في الوضع العراقي، ولابد أن الحدود العراقية كانت فخاً، لإثبات أن سوريا تدعم إرهابيين، فعلى الرغم من أن مسؤولية أمريكا والسلطة العراقية، في مراقبة الحدود لا تقل عن مسؤولية سوريا، باعتبارها حدوداً مشتركة، أما تحميل سوريا المسؤولية فهي طريقة إضافية للضغط على النظام السوري، فكان أن تم إقصاء بعض المسئولين السوريين اللذين اتهمتهم أمريكا في التورط في العراق، تحت عنوان الإصلاح، أعقبها اعتقال أفراد ومداهمات لبيوت على أنهم شبكات إرهابية، على الأغلب هم أشخاص أتوا إلى سوريا أو من العراقيين الموجودين في سوريا ، بهدف السفر للعراق، فتم منعهم واعتقالهم. ومن هنا نشأ الهاجس الأمني عند النظام بأن يتحول هؤلاء إلى معاداة سوريا.
إن الأوضاع الجديدة تفرض على النظام السوري التغيير في سياسته الداخلية ولإقليمية، على أرضية واحدة، هي بناء الثقة بعيداً عن الاحتواء أو الاملاءات، أو الابتزاز والتسلط وانتهاج سياسة هدفها التقارب، بما يخدم مصالح دول وشعوب المنطقة، مبنية على اتفاقات مستندة إلى القانون، هذا بدوره يقتضي إصلاح داخلي حقيقي عبر إعادة الاعتبار للمؤسسات الاقتصادية، والسياسية والتشريعية لتقوم بدورها. إضافة لأهمية وضرورة إعادة الاعتبار للشعب، ومؤسساته، ومختلف القوى المعبرة عنه، لأنها المخرج الوحيد لحل الأزمات، التي ستتفاقم إذا استمر التعامل مع الوضع الداخلي بهذه الطريقة. حيث أن الشعب السوري تحمل كثيراً نتائج السياسات الفئوية، وهو وحده الذي يدفع ضريبة سياسات النظام في الداخل وفي الخارج، ويبقى من حق المواطن السوري، أن يعلم أنه ليس هكذا تبنى الأوطان، ولا هكذا تحرر الأوطان،كما يقول كلاوزفيتش: القوة العسكرية كقبضة اليد رهينة بصحة الجسم السياسي، وحيويته، وصحة المجتمع وحيويته ككل، أما المجتمع السوري يلفه المرض من جميع جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، كل شيء في سوريا يسير نحو الانحدار .



#سحر_حويجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق والاستحقاق الدستوري
- أضواء على بعض جوانب أزمة الماركسية
- الحركة العمالية من الماضي إلى الحاضر
- الديمقراطية ألد أعداء الأنظمة العربية
- السلطة الأمنية من سوريا إلى لبنان


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سحر حويجة - انحسار النفوذ الإقليمي وأزمة النظام السوري