|
على كُلِ تَلٍ ، صّدامٌ صغير
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4481 - 2014 / 6 / 13 - 21:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبلَ يومَين قُمتُ بمعية أحد الأصدقاء ، بجولةٍ طويلة في عددٍ من القُرى المحيطة بمدينة دهوك ، من جهاتها الثلاث ، الشمالية والشرقية والجنوبية .. ومعظم هذه المناطق ، لم أزُرها منذ أكثر من عشر سنوات . حقاً تفاجأتُ من كَم المُنتجعات والقصور المَبنِيةِ على التِلال والسفوح .. إندهشتُ من الشوارع وأعمدة الكهرباء التي تصل الى كُل قصرٍ ومُنتَجَع .. فرحتُ وإنتابني شعورٌ بالراحةِ ، وصارحتُ صديقي قائلاً : بأني أحسُ بشئٍ من تأنيب الضمير ، لأنني كنتُ دائم الإنتقاد للحكومة طيلة السنوات الماضية .. في حين أنها أي الحكومة تقوم بهذا الجُهد الكبير والعمل المُثابِر ، في تهيئة كُل هذه المرافق السياحية الجميلة ، المُمتدة على طول القرى المحيطةِ بدهوك .. ضحكَ صديقي كثيراً ، من إنطباعي الساذج هذا ، ومن حُسنِ نِيتي ، وقال : ان جميع هذه القصور ، هي لأشخاص ولا علاقة لها بالسياحة ، وغالبيتها العُظمى ، لللذين إغتَنوا حديثاً أو للمسؤولين والفئة المستفيدة القريبة من السُلطة ، فَسّيجوا أراضي الدولة وبَنوا فيها ما تراه !.. بل ، لايوجد الآن مكان ، في كُل المناطق التي زُرناها ، يتيح للعوائل ، الإلتجاء إليها ، في العُطَل والمُناسبات .. فجميع الأراضي ، كما ترى وحتى المُحاذية للشارع العام ، مُسّيَجة ومُسيطَر عليها ! . وفوق كُل ذلك ، ان حكومتنا ، وبالذات ، دوائر الطرق والجسور والكهرباء والآبار ، قامتْ بتعبيد الطُرق الفرعية المُؤدية الى هذه المنتجات والقصور ، واحداً واحداً ، وعلى حساب الميزانية العامة ، أي على حسابي وحسابك .. وأوصلت أعمدة الكهرباء والأسلاك اليها ، وحفرتْ في العديد من الأماكن آبار أيضاً .. كُل ذلك ، ليسَ ، من أجل ( المصلحة العامة ) ، بل من أجل حفنةٍ من الطبقة المستفيدة ، والموغلة في دهاليز الفساد ! . ولأعطيكَ مثلاً بسيطاً : منذ سنوات ، والحكومة تتحدث وترصد الميزانيات الكبيرة ، من أجل تحسين الطريق بين دهوك وأربيل وجعله ذو إتجاهَين ، وكذلك طريق دهوك العمادية .. ولكن السنين مّرتْ ولم تزَل هذه الشوارع غير مُكتَمَلة وغير مُنجَزَة .. إذ كما يبدو ، فأن بعض الجهات الحكومية ، تستخدم جُزءاً من هذه الميزانيات ، لتعبيد الشوارع وإيصال الكهرباء ، للمئات من المنتجعات الشخصية والقصور القابعة على التلال وسفوح الجِبال ! . في نهاية الثمانينيات ، كُنّا كّلما ، نمُرُ من سرسنك وإينشكي .. ونرى من بعيد ، القصور التي بناها ، صدام على جبل كارة وغيره .. نستاءُ ونمتعض ويزداد حقدنا ، على صدام وعلى نظامهِ .. ونشعر بأنه يستولي على ( أراضينا ) .. أصبحتْ في ذلك الوقت ، مساحات شاسعة ، من المناطق السياحية ، ممنوعةً علينا ، لأنها تحولتْ الى مُنتجعات لصدام وحاشيته وضيوفه . واليوم .. إذا سارتْ الأمور بهذه الوتيرة الحالية [ من إستحواذ المتنفذين ، على الأراضي وبناء المنتجعات والقصور الخاصة وتسييجها ] والتي لايقيمون فيها ، بل هي فقط للمُباهاة وقضاء يومٍ أو يومَين فيها كُل شهر . فأنني أخشى ، أن يعجز الناس ، بعد سنواتٍ قليلة ، عن إيجاد مُتنفَسٍ في العُطَل والأعياد ومناسبات نوروز وغيرها .. فأينما توجهتَ ، فأن كُل الأماكن ، مُسّيَجة . ........................... صّدام كان قد إستولى على مناطق محدودة ولا سيما ، في جبل كارة وإينشكي وبنى فيها منتجعات رئاسية ( هدمناها أبان الإنتفاضة ونهبنا مُحتوياتها ، بدلاً من المُحافظة عليها وتحويلها الى منشآت سياحية جاهزة ! ) .. لكن اليوم ، أدتْ السياسة الخاطئة لحكومة الأقليم ، وخاصةً في ملف [ الأراضي ] ، الى هَدرٍ كبير في أراضي الدولة ، والتغاضي عن التجاوزات طيلة السنوات الماضية ، مما أفقَد السياحة ، بُنيتها التحتية وأفرَغها من مُحتواها " العام " .. وإذا لم تُعالَج هذه المسألة جذرياً ، وبأثرٍ رجعي .. فأنه لن تكون هنالك أية آفاق ، كي تصبح السياحة مصدراً من مصادر الدخل في الأقليم ، ولا الزراعة أيضاً . بل لن تبقى مساحات وأراضي تمتلكها الدولة ، للمشاريع المُستقبلية أيضاً . المُشكلة ، ان هذا الأمر لايقتصر على دهوك فقط ، بل يشمل أربيل والسليمانية أيضاً . وكما قال صديقي ، في مسألة الإستحواذ على الأراضي وبناء القصور والمنتجعات : باتَ عندنا ، على كُلِ تَلٍ وسَفحِ جَبَل ، صّدامٌ صغير ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرابحونَ والخاسرونَ ، مِما يجري في الموصل
-
إنهيار الموصل .. إنهيار ( قِيَم ) ما بعد 2003
-
الموصل تحت النار
-
بعض ما تَشهدهُ الموصل
-
عَفا اللهُ عّما سَلَف
-
الأشخاص أم الأفكار .. أيهما أهَم ؟
-
فولكسواكن
-
حلمٌ مُزعِج
-
حُسينية علي الأديب
-
السليمانية : حركة التغيير أمامَ إمتحانٍ صَعب
-
- دُنيا - التي غادَرَتْ الدُنيا
-
ماذا ينقصنا ؟
-
لَعَنُ اللهُ مَنْ إخترعَ السكايبي والفايبر
-
مُجّرَد إشاعات
-
سِكْراب
-
الغرور السياسي
-
نظرة على نتائج إنتخابات 30/4/2014
-
راتب - ليو ميسي -
-
لقَد فَضَحْتَنا يا إبن الكَلب !
-
توزيع الأراضي
المزيد.....
-
صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة
...
-
صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
-
وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية
...
-
-بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب
...
-
قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا
...
-
بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في
...
-
وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية
...
-
هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
-
غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر
...
-
أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|