أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال محمد - أعادة البريق لماركس و الماركسية مهمتنا نحن















المزيد.....



أعادة البريق لماركس و الماركسية مهمتنا نحن


جلال محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4478 - 2014 / 6 / 10 - 04:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن اعادة البريق الى الماركسية – مقابلة مع جريدة الى الامام

الى الامام: لقد مرعقدان من الزمان منذ 1989 عندما جرى على عجل الحكم على كارل ماركس بالنسيان، ولكنه عاد مجددا الى دائرة الضوء ، بعدان تحررمن دور "اداةالحكم" ، ذلك الدور الذي اسنده اليه الاتحاد السوفييتي ، وايضا من قيود "الماركسية – اللينينية". انه لم يحظ فقط خلال السنوات الماضيةبالاهتمام الفكري من خلال اعادة نشر اعماله، ولكن اصبح ايضا موضع اهتمام متزايد على نطاق واسع ...وعلى الرغم من ان محاولات اعادة احياء ماركس مازالت ضعيفة والى حدما مبهمة، ماهي في رأيك اسبابها؟ هل من الممكن ان ينحصر الاهتمام باعماله في دائرة المتخصصين والمثقفين، فتقدم في الدراسات الجامعية كـأعمال كلاسيكية عظيمة من اعمال الفكرالحديث ، التي يجب ان لا تندثر وتنسى؟ أم ان من الممكن ان يظهر في المستقبل " طلب على ماركس " من الجانب السياسي ايضا؟

جلال محمد: السؤال واسع ومتشعب، سأحاول الاجابة باختصار على المحاور الرئيسية الواردة فيه. في البداية يجب ان أذكران محاولة نسيان او تناسي ماركس ومؤلفاته ليست جديدة وما تشير اليه في السؤال عام 1989 أي مع انهيار الكتلة الشرقية واعلان البرجوازية بان ذلك هو نهاية التاريخ، لم تكن المرة الاولى بل قد تكون الاخيرة فالبرجوازية و اجهزة اعلامها حاولت منذ ايام ماركس وتصاعد نشاطه الثوري و الفكري تناسيه لدرء خطورة افكاره ونشاطه، في هذا الصدد أشير الى مايذكره انجلس في احدى مقدمات الراسمال الى " الصمت " الذي قابلت به الصحافة البرجوازية صدور الطبعةالاولى من اهم مؤلفات ماركس. المحاولة الثانية والمؤثرةالى حد بعيد هي التي جرت في الاتحاد السوفييتي بعد نجاح كتلة ستالين في الصراعات التي جرت داخل قيادة الحزب البلشفي على مسائل البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي والتي انتهت باقرار الخطة الخمسية الاولى عام 1928 تحت شعارالبرجوازية الليبرالية الروسية قبل الثورة" روسيا صناعية متطورة". في هذه المرحلة من تأريخ الاتحاد السوفيتي وبعدان سيطرت البروليتاريا على السلطة السياسية وأسست الحكومة العمالية واجهت الطبقة العاملة و الحزب البلشفي ، بعد الانتصار في الحرب الاهلية، مهمة البناء الاقتصادي و الاجتماعي الاشتراكي . الا ان فقدان البلاشفة لهكذابرنامج مكن البرجوازية الروسية من العودة الى السلطة من شباك البناء الاقتصادي والذي تجسد في الخطة المذكورة . لايسعني الخوض هنا في تفاصيل هذه المسألة ذلك ان الشيوعية العمالية وخاصة الرفيق منصور حكمت بحثا هذه المسألة في كم كبيرمن الادبيات و الابحاث القيمة ، الا انني أشير الى ان المهمة الراهنة، انذاك، كانت تتجسد في تغير العلاقات الاجتماعية الاقتصادية الرأسمالية التي كانت سائدة في المجتمع الروسي وبناء العلاقات الاجتماعية الاشتراكية في سياق تطوير روسيا افتصاديا.فالاشتراكية كما هي الرأسمالية، عبارة عن علاقة اجتماعية ،وليست تطويرا صناعيا فقط والبناء الاشتراكي يتطلب تغير العلاقة الاجتماعية الراسمالية السائدة الى اخرى اشتراكية حيث الطبقة العاملة هي الطبقة المهيمنة على الانتاج الاجتماعي وعلى التوزيع من خلال الاشكال الاجتماعية لادارة الانتاج الاقتصادي ومرافق توزيع ناتج الدخل ، الا ان ماحدث هو توسع سيادة الدولة على الانتاج من خلال تأميم كل المشاريع الصناعية و الاراضي و اجبار الفلاحين ، المالكين الصغار و المتوسطين، على الدخول في تعاونيات خاضعة للدولة، هذا الواقع ادى الى الاستعاضة عن دورالطبقة العاملة المنظمة في الدولة و المنظمات العمالية الجماهيرية بدولة بيروقراطية والى تحكم الحزب البلشفي بقيادة الدولة وبذلك تم سلب السلطة من الطبقة العاملة وحلت محلهادولة بيروقراطية تحت ادارةقيادة الحزب البلشفي وزعيمها الاوحد ستالين. على ذلك جائت ضرورة التغيرات الايديولوجية و الفكرية لتنسجم مع واقع التغيرات الجديدة للواقع " الاشتراكي" و جائت اطروحات ستالين المبتذلة و تشويهاته للماركسة لتكمل مسيرة البرجوازية الروسية على الصعيد الايديولوجي و الفكري . ان البرجوازية الروسية لم تتمكن من التخلي الصريح عن الماركسية الا بعد 70 عاما تقريبا نظرا لعمق تاثير ثورة اكتوبر في المجتمع الروسي وعلى الصعيد الدولي ايضا، ولذلك كان التزام الدولة الستالينية بالماركسية التزاما شكليا تماما الانها اضطرت على تحريفيها و اعادة صياغتها وفق مصالح البرجوازية القومية الروسية الحاكمة ولعب ستالين في هذا الميدان دور البطل الاول بامتياز، على سبيل المثال أشير الى احدى موضوعاته الواسعة الانتشار " اللنينية هي ماركسية عصر الامبريالية" هذه المقولة الستالينية ادت في الواقع الى التخلي عن ماركس و ابحاثه الاساسية والى الاستعاضة عنها باللنينة حسب مفهوم ستالين والتي كات لاتعني سوى الستالينية في الواقع . ان هذا التعريف يعني بان اللنينية تعوض، في هذا العصر، عن ماركس و الماركسية وهذا ما طبق في الواقع ليس في الاتحاد السوفيتي فقط بل في اوساط جميع الاحزاب التي تاسست ووقعت تحت تأثير الخط السوفيتي . ان اللنينية بما تجسده من ادامة للماركسة على صعيد الممارسة العملية للبروليتاريا وبما تجسده من الارادة الثورية للطبقة العاملة وجرأتها على التطاول على الملكية الخاصة البرجوازية ونزوعها نحو تنظيم المجتمع الاشتراكي، ليس بامكانها ان تحل محل الماركسية لا في عصر الامبريالية ولافي أي عصر اخر. وفي هذا السياق يجب ان أشير الى ان تشويهات ستالين لماركس ولنين ايضا التقت مع المحاولات الدائمة للبرجوازية الليبرالية في الغرب لتناسي ماركس او تصوير افكاره وكتاباته بانها معقدة وصعبة الفهم على الناشطين " البسطاء" من الطبقة العاملة وقادتها الشيوعيون وحصرتهابمجموعة من "المنظرين" سواء في جامعات الغرب او في " المعاهد الماركسية – اللنينية" في بلدان اوروبا الشرقية و صارت اطروحات ومؤلفات ستالين ماوتسي تونك، جيفارا وكيم ايل سونك … بديلا للايديولوجية الالمانية و الغروندريسة والراسمال و البيان الشيوعي.....الخ.
برأيي، ان محاور هوبساوم، مارشيليو موستو، يشير بحق الى ان تحرر ماركس من كونها اداة للحكم ،ايام الكتلة الشرقية ومن قيود الماركسية - اللنينية فتح افاقا رحبة امام عودة الماركسية مجددا الى ميدان الصراع الطبقي بين البروليتارياو البرجوازية.
العودة الراهنة التي يتحدث عنها هوبسباوم تعكس برأي مسالتين: الاولى انحسار وتراجع تأثير الدعاية البرجوازية التي رافقت انهيار الكتلة الشرقية والتي كان مضمونها ان الشيوعية ماتت بانهيار الكتلة الشرقية و ان الرأسمالية ستخلد خلود البشر وان المصائب التي حلت بالبشرية سابقا انما كان مصدرها الشيوعية وان العالم سينعم بالرفاه والرخاء والحرية والسلام منذ الان ، هذه الدعاية التي اثرت بشكل واسع في اوساط الطبقة العاملة العالمية والحركات الاجتماعية الاخرى بحيث فرضت تراجعا كبيرا على اهداف التحررو المساواة و العدالة الاجتماعية في اذهان الملايين من البشر ، الا ان عقدين من السيادالمطلقة للديمقراطية و اللبرالية علىى البشرية وما رافق هذه السيطرة من حروب دموية ومذابح جماعية ونشوء حركات فاشية و عنصرية ودينية رجعية اثبتت بطلان هذه الدعاية وكان تتويج السيادة المطلقة للبرجوازية خلال هذين العقدين بالازمة الاقتصادية العميقة التي تعصف بالنظام الرأسمالي وما رافق ذلك من هجمة متعددة الجوانب تشنها البرجوازية على الطبقة العاملة و الفئات الاجتماعية الكادحة عاملا اخرا قويا لتراجع اثاردعاية البرجوازية واجهزة اعلامها الضخمة.هذا الامر ادى في الواقع الى البحث عن تحليل للواقع الراهن ومن افضل من ماركس حلل النظام الرأسمالي ومن بحثه وتعمق في نشوئه، حركته و وقوانينه الاساسية افضل من ماركس ومن ارشد البروليتاريا العالمية وقادتها الشيوعين وعلمهم سبيل التحرر من ظلم الراسمالية افضل من ماركس ؟ من هنا فان العودة الى ماركس في الاوساط العمالية و الجماهيرية هي مؤشر لبداية نهوض شبح الشيوعية بوصفها الحركة الثورية للبروليتاريا رغم ان هذا النهوض لايزال بطيئا وليس بمستوى الهجمة البرجوازية على الطبقة العاملة والبشرية.
المسألة الثانية، هي ان البرجوازية ومؤسساتها الاعلامية واجهزتها الدعائية تشم رائحة تململ الشبح الشيوعي مجددا ولذلك تعمل على وأده منذ البداية او على الاقل التخفيف من خطر نفوذه من خلال العمل على تشويه ماركس بوصفه قائدا ثوريا للبروليتاريا العالمية وتحويله الى اقتصاديا بارعا ومفكرا فذا انتجته المانيا..!واستطاع التنبوء قبل 150 عاما بمجموعة من الاحداث الراهنة وباختصار حصره في الميدان الاكاديمي والتصدي لانتشاراثاره في الاوساط العمالية و الاجتماعية. برأي ان الفقرة الاخيرة من صيغة السؤال معكوسة فا( الطلب السياسي) على ماركس قد نشأ فعلا وان بشكل محدود ، في اوساط الطبقة العاملة والشيوعيين الثوريين ذلك ان وقائع الحياة الاجتماعية والسياسية بعد انهيار الكتلة الشرقية قد فرضت هذه العودة وزوال او تراجع القيود الفكرية التي فرضتها المدارس الاشتراكية البرجوازية على ماركس قد تراجعت ، هذه الوقائع هي التي ادت الى طرح ماركس ونشر عدد من مؤلفاته في الاعلام البرجوازي وليس العكس. الام ستستمر هذه المحاولات وماهي مسارات تطورها المحتملة ؟ هذا يتوقف على نشاط القادة الشيوعيين والقادة العماليين السياسي والفكري في صفوف البروليتاريا في كل بلدان العالم وليس على قدرتهم الى العودة الى ماركس ونشر ادبياته وافكاره فحسب بل على استخدام منهجه الثوري للاجابة على المسائل الراهنة التي طرحها ولايزال مجريات الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية.

الى الامام: كان ماركس، طيلة حياته ، باحثا قديرا لايكل، ادرك وحلل، افضل من غيره من معاصريه ، تطور الرأسمالية على المستوى العالمي. لقد فهم ان مولد الاقتصادالدولي المعولم امر ملازم لنمط الانتاج الرأسمالي ، وتنبأ بأن هذه العملية ستولد ليس نموا ورفاهية فقط، كما كان يبشربه المنظرون و الساسة الليبراليون، بل ايضا نزاعات عنيفة وأزمات اقتصادية ومظالم اجتماعية على نطاق واسع. لقد شهدنا في العقد الاخير الازمة الاقتصادية الارجنتينية في 1999-2002. وشهدنا قبل كل شئ بداية أزمة الرهن العقاري التي بدأت في الولايات المتحدة الامريكية في العام 2006. وأصبحت الان أكبر ازمة مالية في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية، فهل يصح القول بان عودةالاهتمام بماركس تعود أيضا الى الازمةالتي يعاني منها المجتمع الرأسمالي وكذلك الى قدرة ماركس الدائمة على تفسير التناقضات التي يشهدها العالم اليوم؟

جلال محمد: ان كون ماركس قد ادرك وتوقع بان الرأسمالية ستؤدي في سياق تطورها الى نشوء الاحتكارات والعولمة والى ان ذلك سيترافق مع نشوء الازمات والمظالم الاجتماعية هي مسألة صحيحة و واقعية ، الا ان حصر اهمية ماركس في هذا الاطار ليس صحيحا من وجهة نظري وهي تعكس فهما اكاديميا لماركس يجرده من ثوريته البروليتارية بوصفه قائدا فذا للبروليتارياالعالمية .يضاف الى هذا ان حصر العودة الراهنة لماركس و نشر كتاباته بهذه المسألة فقط هي رؤية معكوسة الى مايحصل في الواقع وهي تعكس رؤية طبقية لن تفيد نضال الطبقة العاملة بشئ كما اشرت في جواب السؤال الاول.
بقدر تعلق الامربالمظالم والنزاعات والازمات الاجتماعية لم تقتصر ابحاث ماركس وخاصة في كتاب راس المال على المراحل المتطورة من الراسمالية ، فهو يبحث في فصل، التراكم الاولي، من كتاب الرأسمال، وبتفصيل واسع و دقيق عمليات سلب الملكية من الفلاحين في انكلترا بشكل خاص وعمليات السلب و النهب و القتل و الابادة التي مارسها المكتشفون و المستعمرون الاوروبيون في العالم القديم ، خارج اوروبا وعمليات خطف السكان في افريقيا وسوقهم عبيدا الى مزارع القطن في امريكاويفضح دون هوادة البربرية التي مارستها البرجوازية الصاعدة بحقهم حتى يصل الى نتيجة مفادها " ان تاريخ الرأسمالية كتب بالدم و النار" وهو يبحث كذلك الى ايام العمل الطويلة وظروف العمل القاسية و الصعبة التي كان عمال الورش و المعامل الانكليزية يتعرضون لها و هو يبحث بالتفصيل الازمات الدورية التي يتعرض لها النظام الرأسمالي وحتمية هذه الازمات استنادا الى القوانين الاقتصادية الذاتية لحركة النظام الاقتصادي الرأسمالي.
ان كل هذه المسائل و الامور التي وردت في ( الراسمال) هي نتاج مسألة جوهرية شكلت محور اعمال ماركس عبرعنها بنفسه في احدى مقدمات ( الراسمال) حيث يقول بانه " يدرس القانون الاقتصادي لحركة المجتمع المعاصر" وهو استند لدراسة هذا القانون ليس فقط على المنهج المادي الجدلي الذي طوره عن هيغل وفيورباخ فحسب بل على " جبل من الوثائق" كما يشير لنين في كتاب " من هم أصدقاء الشعب" ، وقد اكتشف ماركس في سياق دراساته قانون القيمة وفائض القيمة، قانون المنافسة و نشؤء الاحتكار ، ميل معدل الربح نحو الانخفاض ، الازمات الدورية …. حتى توصل الى نتيجة مفادها ان الرأسمالية بقضائها على المجتمع الاقطاعي انما تخلق، ظروف موتها هي وهي تخلق، مجبرة، حفارة قبرها أي البروليتاريا.
الا ان الاهم من كل ذلك هو المنهج الذي كان ماركس يعمل ويبحث وفقه في دراساته التي ، لاتعرف الكلل، فماركس الذي يقول بان :” بان الفلاسفة مافعلوا حتى الان سوى تفسير العالم ولكن المهم هو تغيره" وان هذا التغير لايحصل بقدرة قادرجبار ، بله ينتج عن توفر شروط موضوعية يخلقها المجتمع الراسمالي بنفسه وان البروليتاريا هي التي ستخلق هذا التغير ان هي ادركت ، بوصفها طبقة اجتماعية ، ضرورة هذا التغير وعملت على اجرائه وقد صرف ماركس جل حياته من اجل توعية البروليتاريا بهذا الامر وتوفير مستلزماته.ولذلك ليس من الصحيح ان يتم حصر كتابات ونشاط ماركس وخاصة فيما يتعلق بمسألة العودة الراهنة اليه، في انه : تنبأ بتطور الاقتصاد الرأسمالي على الصعيد العالمي ، رغم اهمية هذه المسألة.
واخيرا يمكنني القول بان مسألة العودة الى ماركس هي مسألة نسبية تماما بمعنى انها قابلة للنظر و التحليل من زوايا مختلفة وحتى من زوايا طبقية مختلفة ، فهي بالنسبة للمثقف و الاكاديمي و اليساري الذي لاتربطه رابطة جدية بنضال الطبقة العاملة متعلقة بكون ماركس اقتصادي عبقري وباحث موسوعي استطاع التبأ بكذا وكذا من المسائل التي سبقت عصره ، الا انها بالنسبة للناشط الشيوعي و القائد العمالي مسالة نضالية تتعلق ليس باستنتاجات ماركس وابحاثه فحسب بل بمنهجه الذي يعمل على تغير العالم " الوقف على رأسه" واعادته الى وضعه الصحيح وان البروليتاريا هي القوة الاجتماعية التي بامكانها ، ان حزمت امرها، و استعدت له، ان تنجز هذا التغير.

الى الامام: هل تعتقد بان القوى السياسية والفكرية اليسارية العالمية ، التي تسائل نفسهافيما يتعلق بالاشتراكية في القرن الجديد، ستخسر دليلا أساسيا وجوهريا في دراسة الواقع الراهن وتحويله، اذا هي تخلت عن أفكار ملركس؟
جلال محمد: “ القوى اليسارية" تعبير مطاطي غير محدد ومن الممكن ان يضم في صفوفه قوى سياسية وفكرية متعددة وحتى متناقضة. الا ان عبارة " التي تسائل نفسها فيما يعني بالاشتراكية في القرن الجديد " قد تشير الى القوى المتراجعة امام الهجمة الدعائية البرجوازية بعد انهيار الكتلة الشرقية وهي بصدد مراجعة : ماركسيتها" بعد انهيار تجربتها التي تسميها هي ب" الاشتراكية الفعلية او المتحققة". برأيي هذه القوى لاتخسر شيئا لانها لم تلتزم بماركس ولايعنيها شيئا ان تخلت عنه وهي ليست معنية بدراسة الواقع الراهن وتغيره وفق منهج ماركس ، اي تغيره ثورياو اشتراكيا. اما بالنسبة للتيارالشيوعي الثوري الذي هو جزء من نضال الطبقة العاملة فانه ليس بامكانه التخلي عن ماركس الى ان يبرزانسان اخر بوسعه ان ( يكشف القانون الاقتصادي لحركة المجتمع المعاصر) افضل من ماركس وان يرشد نضال البروليتاريا العالمية للقضاء على الاستغلال و الظلم الطبقي والماسي البشرية الاخرى افضل من ماركس وهذه فرضية شبه مستحيلة في الوقت الراهن. ذلك ان ماركس ومنهجه في نقد الرأسماية والسبل التي طرحهالتطوير نضال البروليتاريا هي هوية ومكون التيار الاكثر وعيا وحزما في صفوف الطبقة العاملة ، فافكار ماركس وتعاليمه بوصفها الراية النظرية للحركة الشيوعية للطبقة العاملة لايمكن الاستغناء عنها ، انها تعريف بهوية هذه الحركة ومكونها الايديولوجي و الفكري السياسي وهي اداتهاووسيلتها النظرية التي تفسر وتغير العالم والمجتمع و الفكرالانساني الا ان الالتزام بماركس يعني الالتزام بمنجهه النقدي و ادراك ان الرأسماية لاتسقط من تلقاء نفسها، ذلك ان ازمات النظام الرأسمالي لاتؤدي بالضرورة ودون تدخل العنصر البشري الواعي ، البروليتاريا الواعية و المنظمة، الى سقوطه التلقائي و ان الحتمية التاريخية لن تتحقق اذا كفت البروليتاريا عن التدخل لان هذه الحتمية ليست سوى امكانية موضوعية بحاجة الى تدخل العنصر البشري.

الى الامام: ان احد كتب ماركس االذي أثار اكبر اهتمام في اوساط القراء والمعلقين الجدد هو كتاب " أسس نقد الاقتصاد السياسي". لقد كتبه ماركس في الفترة ما بين عام 1857و 1858، وهو المسودة الاولى للنقد الذي قام به ماركس للاقتصاد السياسي ، وبالتالي فهو العمل التتحضيري الاولي لكتاب " رأس المال". انه يحتوي على العديدمن الافكار حول قضايا لم يطورها ماركس في اماكن اخرى من أعماله التي ينهيها. لماذا برأيك أستمرت هذه المخطوطات من أعمال ماركس تثير جدلا أكثر من غيرها، على الرغم من انه كتبها كي يلخص أسس انتقاده للاقتصاد السياسي؟ ما السبب في رأيك لجاذبيتها المستمرة؟

جلال محمد: أسس نقد الاقتصاد السياسي او "الغروندريسة " عبارة عن سلسلة من سبعة دفاتر اومسودات اولية تحضيرية صاغها ماركس عام 1857-1858 ولم يكتبها او يعدها للنشر.( انها الذروة في نهاية رحلة طويلة) كما يقول نيكولوس ، احد دارسي ماركس الاساسيين، انها نتاج خمس عشرة سنة من البحث الفلسفي والاقتصادي . ( ان الغروندريسه ليست عملا اقتصاديا فحسب ، بل لعل بعدها الفلسفي يحظى بالاولوية في تناول ماركس. الدكتورزيد بن محمد الرماني) و ( اعتبر ماركس محتويات هذه الدفاتر اول صياغة علمية للاسس النظرية للشيوعية وبالاضافة الى قيمتها التاريخية ، اهميتها في فهم مسيرة حياة ماركس فهي تضيف مادة جديدةغزيرة، وتمثل المخطط الوحيد لمشروع ماركس السياسي الاقتصادي بكامله- وهي تكشف العناصر الاساسية في تطور ماركس و تجاوزه للفلسفة الهيغلية، كما تلقي ضوءا على المنطق الداخلي للراسمال وهي ذوقيمة لاتقدر لدراسة اسلوب ماركس في البحث--- نفس المصدر).
لوبحثنا أي من كتب ومؤلفات ماركس لادركنا جانبا مهما من جوانب الحياة الاجتماعية والاوضاع الفكرية السائدة انذاك والتي كان ماركس يتصدى لها مناضلا من اجل ترسيخ اسس الشيوعية و اهدافها في اوساط الحركة العمالية في العالم الرأسمالي.ولذلك ارى بان مقارنة كتب ماركس بعضها ببعض ووضع قائمة باهميتها ليست سوى منهجا اكاديميا يتعامل مع ماركس اما بوصفه فيلسوفا بارعا او اقتصاديا من الطراز الاول الا انه لايرى فيه مفكرا و قائدا شيوعيا رسخ مع انجلز اسس الشيوعية وكتب ما كتب من اجل صياغة اهداف حركة واقعية وتوضيح معالمها و اهدافها من الصعب مقارنة مؤلفات ماركس حسب اهميتها لان لكل واحد منها اهميته الخاصة في الاجابة على جانب من جوانب الحياة الاجتماعية و الفكرية ، ففي مخطوطاته الفكرية يعرض الخطوط العامة للشيوعية على الصعيد الفلسفي وفي الغروندريسه يدرس المكونات و المقولات الاقتصادية وفق المنهج المادي الجدلي الذي طوره مع انجلز في الايديولوجية الالمانية وفي راس المال يدرس القانون الاقتصادي لحركة المجتمع الرأسمالي وفي ثلاثية الثورة الفرنسية يحلل الاوضاع السياسية السائدة وبعد ثورات 1848 التي عصفت باوربا وخاصة فرنسا وفي البيان الشيوعي يستعرض مع انجلز افاق واهداف الحركة الشيوعية بعد بروز الشبح الشيوعي في ثورة 1848 في اوروبا.
باختصار ارى من الصعب اجراء مقارنة بين كتب ماركس من حيث اهميتها وقيمتها الفكرية و السياسية ، فكل واحد منه يجيب على مجموعة من المسائل المحددة المطروحة امام لثورة لاشتراكية ، هذا اذا نظرنا الى ماركس بوصفه قائدا شيوعيا والى مؤلفاته بوصفها مرشدةللعمل وليس بوصفه مفكرا اكاديميا هز عصره بما اضافه للفكرالبشري.
الى الامام : في المقدمة لهذا الكتاب ، الذي ألفه عدد من الخبراء الدوليين وصدر للاحتفال بالذكرى السنوية المائة و الخمسين لانتهاء ماركس من تأليفه، كتب أريك هوبسباوم يقول: “ لعل هذه هي اللحظة المناسبة للعودة الى دراسة " أسس نقد الاقتصاد السياسي " دون قيود تفرضها الاعتبارات المعاصرة للسياسة اليسارية ، بين هجوم نيكيتا خروتشوف على ستالين وسقوط ميخائيل جورباتشوف. بالاضافة الى ذلك قال اريك هوبسباوم، كي يؤكد على القيمة الهائلة لهذا النص، " ان اسس نقد الاقتصاد السياسي" يحتوي على تحليل ورؤى بشأن التكنولوجيا ، على سبيل المثال ، تنقل معالجة ماركس للرأسمالية الى ابعد من القرن التاسع عشر بكثير، والى عصرمجتمع لايعودالانتاج فيه بحاجة الى عمالة كثيفة، الى الاتمتة، وتوفر امكانية اوقات الفراغ ، وبالتالي التحول من الاغتراب في ظروف كهذه. انه النص الوحيدالذي يتخطى الى حدما تلميح ماركس الخاص بالمستقبل الشيوعي الوارد في " الايديولوجية الالمانية". باختصار، لقد جرى وصفه بانه " قمةتفكير ماركس واغناه" بالتالي ماذا ، ستكون نتيجة اعادة قراءة " أسس نقد الافتصاد السياسي"؟

جلال محمد: نتيجة اعادة قراءة الغروندريسه تتوقف على الذي يقوم بهذا العمل وليس من السهل ان احدد نتيجة محددة يتوصل اليها كل من يعيد القراءة. فالمنطلق و الهدف من القراءة و الارضية الاجتماعية و الفكرية التي يقف عليها القارئ تحددان النتيجة التي يتوصل اليها هوبساوم يعتبر نفسه ماركسيا وهو مؤرخ اقتصادي ممتاز توصل الى النتيجة المذكورة التي يطرحها في اجابته و المتعلقة بتنبئوات ماركس المتعلقة بعملية ( الاتمتة) التي ستؤدي الى الاستغناء عن اعداد من الايدي العاملة ، يستنتج هوبسباوم من هذا احد جوانب عبقرية ماركس وفكره النفاذ ، الا ان نفس هذه النتيجة تؤدي بناشط شيوعي ان يحذر الطبقة العاملة من خطورة محاولات البرجوازية لزيادة اعداد العاطلين او احتمال استغلال البرجوازية لاستغلال النتائج الواقعية لهذا التطور التكنولوجي و العمل على رص صفوف العمال وتمتين وحدتهم وكذلك درج مطالب اضافية محددة بوجه اصحاب المعامل كتخفيض ساعات العمل من 8 ساعات الى 6 ساعة لان للطبقة العاملة ، ايضا حق الاستفادة من نتائج التطور التكنولوجي .

الى الامام: لماذا من المهم اليوم قراءة ماركس؟

جلال محمد: التيار الشيوعي ونضال الطبقة العاملة يعانيان من غياب منهج ماركس ومن سيادة السنن و التصورات و الافكار غير الماركسة فالحاجة الى ماركس والى اعادة قرائته بالنسبة لناشطي البروليتاريا الشيوعيون ضرورية ، بل ملحة ولكن ليس من اجل اكتشاف عبقرية ماركس بل من اجل العمل بمنهجه وترسيخه في صفوف القادة الشيوعيين للطبقة العاملة . ان النشاط النظري او الاصح النضال النظري هو احد الميادين التي يجب ان يركز عليها القادة والمثقفين الشيوعيين و العماليين ويجب ، بقدر تعلق الامر بالسؤال، ان يؤدي الى كنس غبار التشويهات و الانحرافات التي تراكمت على ماركس و الماركسية نتيجة لسيادة التيارات الاشتراكية البرجوازية منذ اواخرعشرينات القرن الماضي.
واخيرا فان من المهم ان ندرك ان اعادة قراءة ماركس ضرورية ليس من اجل اغناء فكر الناشطن العماليين والشيوعيين فحسب ، بل ومن اجل التصدي للمسائل الفكرية و الايديولوجية التي تطرحها الماكنةالدعائية البرجوازية باستمرار، ان غياب افق العدالة الاجتماعية وقيم المساواة والتحرر والتقدم قد فسح المجال امام نمووانتشارمختلف التيارات الفكرية البرجوازية في المجتمع ولذلك فان التصدي لهذه التيارات على الصعيد الاجتماعي بالاستناد على ماركس يستوجب اعادة قرائته .

الى الامام: هل بامكاننا اعادة البريق لماركس و الماركسية؟

جلال محمد: ما افهمه من اعادة البريق الى الماركسية هو حضورها في ميدان الجدل الاجتماعي بعد ان حاولت مختلف كتل البرجوازية طي صفحات النسيان عليها ، الماركسية ليست مجموعة من افكار ونوايا انسانية طيبة مجردة عن واقع النزاعات التي تجري بشكل يومي في كل مجتمعات العالم ، انها وكما أشرت، الراية النظرية للحركة الشيوعية او التيار الشيوعي في صفوف الطبقة العاملة والتي يولدها، نضال البروليتاريا ضد الراسمالية وهي موجودة طبعا جنبا الى جنب التيارات العمالية الاخرى كالنقابية و الفوضوية....الخ. حضور هذا التيار في الوقت الراهن ضعيف للغاية لاسباب تاريخية معروفة المحنا الى بعضهافي الاجوبة السابقة وقد كان قوياحتى ثورة اكتوبر وهوالذي فجر وقادثورةاكتوبر وعدد من الثورات الاخرى في بلدان اوربية تزامنا مع ثورة اكتوبر ، الاانه بدأ يتراجع بفعل عوامل عديدة لايسعنا بحثها هنا . الماركسية بوصفها الاطار النظري او الايديولوجي السياسي لهذا التياريستمد بريقه من حضور هذا التيار وهذا البريق، كماواضح من السؤال ايضا هو خافت في الوقت الراهن والسبب هو غياب او ضعف حضور التيار الشيوعي العمالي . لذلك من المنطقي ان نقول ان اعادةالبريق الى الماركسية يتوقف على حضور التيار الشيوعي العمالي الى صدارة النضال ضدالبرجوازية وقيادةالاحتجاجات العمالية ضد النظام الرأسمالي وكذلك قيادة الحركات الاحتجاجية الاخرى التي تخوضهاالفئات الاجتماعية ضد اشكال الظلم الاخرى التي تمارسهاالانظمة البرجوازية بحق هذه الفئات .بهذا المعنى هل يمكن اعادة البريق الى الماركسية؟ جوابي هو نعم هذا امر ممكن ويجب ان يقوم الشيوعيون بانجاز هذه المهمة.
اشرت قبل قليل الى ان البرجوازية تمكنت من فرض التراجع على التيار الشيوعي في صفوف الحركةالعمالية وعلى الطبقة العاملة بالتالي لتقوي عدد من التيارات الاصلاحية و النقابية من اجل الابقاء على نفوذها الفكري و السياسي لمنع تطور نضال الطبقة العاملة باتجاه يهددالنظام الراسمالي. ان هجوم البرجوازية هذا لم يقتصر على الطبقة العاملة لوحدها بل كان في نفس الوقت هجوما على كل الفئات الاجتماعية الكادحة الاخرى في المجتمع ولم يكن هجوماعلى الشيوعية والماركسية لوحدها بل على كل قيم التحرروالمساواة العداة الاجتماعية فالبرجوازية عندمافرضت التراجع على الطبقة العاملة انمافرضت التراجع على المجتمع كله من حيث نزوعه نحو التحرر و المساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة اشكال التمييز العنصري و الجنسي وهاهي البشرية تعاني منذ عقود من تاثير التيارات و السنن و الافكار الوحشية نتيجة غياب التيار الشيوعي . باختصار ان اعادة البريق الى الماركسية يتطلب امرين ، الاول هو تقوية التيار الشيوعي في كل بلد وعلى الصعيد العالمي من خلال نشر تعاليم وافكار ومنهج ماركس في صفوفه وتوحيد نضال هذا التيارحول ماركس و الماركسية والثاني هو التصدي للتيارات و السنن الفكرية و الايديولوجية البرجوازية المتعددة التي تروج لها البرجوازية وتغذيها فالليبرالية والليبرالية الجديدة ، الحداثة وما بعدها ، الاسلام السياسي ، اشكال الفاشية الجديدة ومختلف التيارات الفلسفية الاخرى تشكل موانع جدية اما تطور نزعة المساواة و التحررومطلب العدالة الاجتماعية وبدون سيادة هذه النزعات و الطموحات على الفكر البشري لايمكن تصور تقدم او نجاح الثورة الاشتراكية .
واخيرا فان انجاز هذه المهمة تقع على عاتق الشيوعيين ومثفقي الطبقة العاملة. ان النضال النظري والفكري ضد البرجوازية ومدارسها الفكرية والفلسفية هو احد الميادين الاساسية التي يجب ان يتصدى لها الشيوعيون لانه يشكل احد المستلزمات الاساسية لنجاح الثورة الاشتراكية ، وهذا مافعله ماركس، انجلز، لنين ومنصورحكمت والقادةالشيوعيين الاخرين وما اروع ما انجزوا وهذا ما يجب ان يفعله الجيل المعاصر من المثفقين الشيوعيين.

الى الامام: اين يقف ماركس اليوم و الماركسية في العراق وما مهمة الشيوعيين لانهاء الاوضاع المأساوية من الطائفية و القومية والفساد والقتل اليومي و البطالة؟

جلال محمد: بعد مرور اكثر من عشرين عاما على تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي وبعد حضور علني لسنوات طويلة ، لازال حضور ماركس والماركسية على الصعيد الاجتماعي والسياسي والفكري ضعيفا وغير محسوسا وهذا امر يدعو الى الاسف و الاسى.

صحيح اى مجرد وجود حزب كهذاالحزب يدعي ويلتزم بالعودة الى ماركس و الماركسية ويقف بوجه التيارات الاشتراكية البرجوازية المتعددةهوايجابي ولكن مجرد هذا الاعلان لايكفي ، فهذا الحزب هو احد احزاب الشيوعية العمالية ، هذا التيار الذي ااثبت فعلا التزامه بماركس وبمنهجه خاصة على يد رفيقنا الراحل منصور حكمت وفر لنا " جبلا" من الابحاث والدراسات التي يمكننا الاسترشاد بها في عمل الحزب ونضاله السياسي و الفكري ورغم ذلك فان تجربة الحزب في التصدي للاوضاع المأساوية الراهنة في العراق تحمل الكثير من النواقص و الاخطاء .قد تكون هناك عوامل متعددة دولية ومحلية غير مساعدة ومعرقلة لنمووتطور هذا الحزب ولكن من قال ان طريق نضال الشيوعيين " مفروشة بالورود".
برأي، ان معضلة الحزب الشيوعي العمالي العراقي الرئيسية تكمن ؛ في ان عمله ومشغلته الاساسية ليست موجهة نحو الطبقة العاملة وتيارها الشيوعي حتى وان كان هذا التيار ضعيفا . والحال ان الطبقة العاملة العراقية سواء في جنوب العراق او كوردستان برزت ، بعد 2004، في ميدان مواجهة السلطة الحاكمةمن خلال العديد من الحركات المطلبية الكبيرةو الصغيرة وكشفت عن قدرة نضالية كبيرة وواسعة للتصدي للسلطة البرجوازية الحاكمة وبرز في صفوفها قادةمعروفين، الاان الحزب لم ينجح حتى الان في ان يؤثر بشكل جدي وملموس على مسارهذا النضال. ان الحزب الذي ينوي تنظيم الثورة الاشتراكية وفق منهج ماركس و الماركسية عليه ان يتحول الى اداة لتوحيد نضال الطبقة العاملةتحت قيادة التيار الشيوعي الموجود في صفوفها ،هذا مالم يفعله الحزب الشيوعي العمالي العراقي . ان هذا الحزب يقف اليوم ، عمليا،خارج نضال الطبقة العاملة العراقية ، همه الرئيسي ومشغلته الاساسية ليس توحيد نضال الطبقة العاملة العراقية ولا التصدي للمعضلات التي تحول دون ذلك ، وان تدخل في هذا الامر فهويفعل ذلك بشكل دفاعي.
انه منشغل بالحركات الاحتجاجية الاجتماعية الاخرى اكثر من انشغاله بنضال الطبقة العاملة ، الحركة النسوية المساواتية ، الشبابية و الطلابية ، الحركة العلمانية و المدنية ، مواجهة الطائفية و...الخ. التدخل في نضال هذه الحركات ضرورية ولاشك ولكنه يجب ان لايتحول الى بديل لنضال الطبقة العاملة ، ذلك ان الطبقة العاملة هي الطبقة الوحيدة التي بامكانها دك اسس النظام الراسمالي وتنظيم المجتمع الاشتراكي وان هذه الحركات وبقدرقربها وتأثرها ببرنامج واهداف البروليتاريا الثورية تحوز على امكانية انتصارها وتحقيق اهدافها. يبدو لي ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي وبعد مروراكثر من عقدين من السنوات على تأسيسه يقف بازاء نضال الطبقة العاملةوعلى الصعيد الاجتماعي بوصفه تيارا فكريا ماركسيا اكثر من كونه حزبا سياسيا

ان اعداد الطبقة العاملة للثورة الاشتراكية هي المهمة الاساسية لاي حزب ماركسي جدي ، وحل المعضلات السياسية و الفكرية و التنظيمة التي تحول دون هذا الاعداد ، وفق خصائص تطور الطبقة العاملة في كل بلد هو مايجب ان يتمحور حوله النشاط الرئيسي و الاساسي لهذا الحزب ، ان العمل على تقوية التحزب الشيوعي ورص صفوف العمال النضالية يجب ان يتحول الى مهمة دائمة وروتين يومي للحزب الشيوعي العمالي ، سواء كانت الاحتجاجات العمالية قوية اوضعيفة ، كانت هناك احتجاجات ام لم تكن.

ليس شيوعيا( مادياعمليا- ماركس) من يفكر بقيام الثورة الاشتراكية ولاتتحول مهمة تقوية التحزب الشيوعي في صفوف الطبقة العاملة الى مشغلة يومية له و لايعمل على ابراز التيار الشيوعي وبديله السياسي و الاجتماعي على الصعيد الاجتماعي بوجه البدائل البرجوازية الاخرى ، ان تحقيق الثورة الاشتراكية في بلد راسمالي تابع كالعراق يرتكز من الناحية الذاتية على توفر عامل واحد هو الوجود المستقل لقادة الطبقة العاملة في حزب سياسي اجتماعي وانجاز هذا العمل مستحيل دون عمل مداوم، دؤوب ويومي للحزب الشيوعي العمالي وكوادره واعضائه وهيئاته المختلفة.
امابصددالشق الثاني من السؤال فانني ارى بان ولوج الطبقة العاملة و الشيوعية العمالية مع القوى و الحركات التحررية الاخرى الى ميدان التصدي لهذه ااوضاع،هي الوسيلة الوحيدة لللخروج من الوضع الراهن .
ان المأساة الراهنة التي تمر على العراق من سيادة الطائفية و الاسلام السياسي و الاوضاع الكارثية ليست سوى نتيجة لصراع الكتل البرجوازية المختلفة المحلية و الاقليمية و الدولية ، ورغم الصراع الدموي بينها الاانهالاتختلقف على نتيجة واحدةهي فرض بديل رجعي استبدادي على جماهير العراق من اجل ضمان الاوضاع الراهنة و المستقبلية لصالح الطبقة البرجوازية ولذلك فان الحل الوحيد للخروج من هذا المازق ليس سوى ولوج الطبقة العاملة وقوى الشيوعية العمالية الميدان من خلال بديلها الواضح ، المتوفر براي ، و المرتكز على طبقة عاملةمنظمة مستقلة .ليس هناك بديل ثالث ، فامااستمرار هذه الاوضاع المأساوية واما دخول الطبقة العاملة بكل قوتها الاجتماعية و بحزبها المقتدر و اسقاط السلطة البرجوازية الدينية القومية الراهنة واقامة الحكومةالعمالية ، فهل يتحول الحزب الشيوعي العمالي العراقي الى الحزب الاجتماعي الذي ينجز هذه المهمة ؟

سيدني 7/6/ 2014



#جلال_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية
- السلطة السياسية في كوردستان و مسالة الحرية السياسية
- اليسار وانتفاضة اذار 1991
- التحرش الجنسي بالمرأة في الدول العربية
- ثورات الشرق الاوسط : شبح الثورة ينهض ...!
- وداعا رفيقة ليلى
- انتخابات كوردستان و احتمالات التغير....!
- إلامَ سيقود فوز قائمة - التغير-، جماهير كوردستان..!؟
- اتحاد المجالس العمالية: بين مطرقة الحركة العمالية و سندان ال ...
- بيني و بينك ..! رد على السيد محمد العبدلي
- القتلة..!
- رسالة طفل في العاشرة من العمر الى الله
- في ذكرى عمليات الانفال و قصف حلبجة : تسقط القومية ، يسقط الا ...
- هوامش على حرب الاحزاب الطائفية في العراق
- زوبعة حماية مشاعر المسلمين ام هستيريا الدفاع عن الاستبداد ال ...
- اقتراحات سليم مطر لليسار العراقي : الشوفينية القومية تتحدث! ...
- توجيهات سليم مطر لليسار العراقي: الشوفينية القومية تتحدث! 1
- حول الاعتداء الاخير على مقر الحزب الشيوعي العراقي
- جلال الطالباني رئيسا للعراق!
- بعد جريمة البصرة: قائمة السيستاني تطالب بمكافأة عصابة الصدر!


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال محمد - أعادة البريق لماركس و الماركسية مهمتنا نحن