أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - وجيهة الحويدر - ربما تعود زهرة!














المزيد.....

ربما تعود زهرة!


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1267 - 2005 / 7 / 26 - 11:13
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    



حسنية امرأة تجر همومها المختبئة تحت عبائتها كل يوم لتعبر دروب حياتها الصعبة. الزمن لم ينصف كثير من الناس لكن شقاء هذه المرأة ذو سحنة مختلفة. حظيت برجل معاق او ربما اجبرها القدر ان تتزوج من رجل اصم وشبه كفيف، معدم من كل ملذات الحياة عدا الرضا، لدرجة ان من يراه لا يدري كيف ان الفقر والألم لم يسأما من العيش معه. حسنية ايضا لم تسأم ولم تتراجع ولم تنسحب من حياة زوجها البائس. فالعمر لم يعد يعني لها سوى ان تواصل المسيرة، لإنقاذ ما يمكن انقاذه من قبضة العوز القاسية. رُزقت مثل كل فقراء العالم بكومة صغار وتنتطر رزقهم من الله، لكن الحياة لم تخلف وعودها قط مع احد حتى مع اتعس النساء على هذه الأرض.

في يوم بلا نزعة اندسَ مرض خبيث في دماغ ابنة حسنية الصغرى زهرة، وتسلل كما يتسلل الثعبان الغادر في مكمن فريسته الآمنة. صار ورم السرطان ينهش طوال الساعة في خلايا الذاكرة. اصبحت زهرة تلك الطفلة المسكينة ابنة العشر سنوات، لا تعرف ليلها من نهارها ولا صبحها من مسائها من شدة الصداع والدوار والحمى التي ألمت بها. حسنية الأم لم تجد دموعا لتذرفها على ألم ابنتها. فكما غدر بها الزمن غدرت بها ايضا دموعها حين احتاجتها لتغسل بها صديد الأوجاع العالقة هنا وهناك..

حملت حسنية نفسها المهشمة من شدة الصدمة وهي ممسكة بأبنتها ذات الوجه الشاحب والملامح المنهكة، وفرّت بها الى المستشفى الوحيد في المدينة، وكان الرد من كل الأخصائين انه لا بد من فتح هامة زهرة لإستئصال الورم، ودون وعود بالشفاء الكامل، فالأعراض الجانبية لا تعلم بها سوى الأيام التي ستحملها بين طياتها. قد تُشل زهرة تماما، او قد تُصاب بالعمى.. كل ذلك في علم الغيب كما افهموا والدتها..ومرة اخرى تشح الدموع على حسنية بالسيلان وتصتعصي عليها المرارة، وتتصلب تقاسيم وجهها ليصبح كجليد سيبيريا الذي لا يوجد فيه اي بارقة دفء تنم عن حياة...

حسنية امرأة بقيت تعيش على أمل وحيد مترنح غير اكيد الحدوث..سعت بجمع مال من فاعلي الخير وجمعية الإعانة، لتذهب بأبنتها الى مستشفى خارج المدينة، لتسألهم عن حالة زهرة..تود ان تسمع وعودا اخرى..تريد ان تجد نورا في نهاية النفق المعتم الذي يحاصرها بظلمته من كل الجوانب..تحلم كل لحظة أن زهرة ستتعافي بعد العملية، وانها ستعيش مثل جميع صغيرات حارتها الفقيرة..بين الأتربة والبيوت المتهالكة..وستكمل دراستها في مدرستها العتيقة التي تكاد تتهاوى على التلميذات كلما عصفت بها الأمطار..ربما تعود زهرة لتداعب المعتوهات والمعتوهين المنتشرين في الأزقة كالوباء المزمن..وتمزح معهم وتلاطفهم وتساعدهم كعادتها..ربما ترجع زهرة للعب مع اختها الكبرى الصماء التي ورثت عاهة والدها، وتعينها على مشاغلها اليومية..ربما تعود لتقرأ لأخوتها الصغار من كتبها المدرسية وتسليهم..ربما تعود زهرة للدنيا ..لعبائتها.. وحجابها.. وملابسها الرثة لترتديها مرة بعد اخرى..ربما تعود لتكمل مسيرتها..ربما تعود وتهزم كل معالم شقاء والدتها..

وجيهة الحويدر
---------------------------------------------------------------------------------------------

زهرة طفلة بحرينية بفضل الدكتور أمين آل طه والاستاذ حمود العتيبي ستتلقى علاجا قريبا في المستشفى التخصصي في الرياض على نفقة حامي الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز.



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين الخمسة في المائة في مجتمعاتنا العربية؟
- الحياة لغز مؤلم جدا
- لماذا نحن شعوب لا تقرأ؟
- فضّوها سيرة!
- يا علي...
- استمطار السماء بدون صلاة استسقاء
- ماتت ليلى العراق...فهنيئا لكم ياعرب بإنسانيتكم
- لقاء بين سؤال واجابة
- سيدتان ثائرتان وبراكين تنتظر!
- خصوصية أم إرهاب مرضي عنه؟؟؟
- كفوا عن هذا الردح المبتذل..فقضايا النساء العربيات حقوقية
- متى بدأت الدائرة؟
- من أين تبدأ الدائرة؟
- ليلى في العراق مريضة ..فأين المداوي؟
- ما مدى بشاعة قهر الذكور للذكور!؟
- مَن سيكن بشجاعة هذا الرجل يا ترى؟
- مدننا -الآمنة-
- انا سوسنك يا والدي
- مناجاة بين طهران والظهران
- سُخف واستخفاف حتى الثمالة


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - وجيهة الحويدر - ربما تعود زهرة!