أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رفقة رعد - ذاكرة بطعم العشب














المزيد.....

ذاكرة بطعم العشب


رفقة رعد

الحوار المتمدن-العدد: 4476 - 2014 / 6 / 8 - 18:07
المحور: الادب والفن
    


تحت رحمة عين شرهة وما تحمله لنا مِن العالم إلى موقع الخزن الصغير فينا، رصيد من الصور المكدسة بعضها بتاريخ والبعض تناسينا تاريخها، فنقدس لونا ما أو ملمسا ما يرتبط بذاكرة اللون أو بذاكرتنا مع اللون، لا يهم هنا من اختبر في من؟ حينما نفقد استشعارنا الأول فيه، لنقل عنه كان يا ماكان.
ربما هذا العجوز تمسك بملمس العشب لأطول مدة ممكنة من تجربته، لتدوم البداية إلى بدايات النهاية، لكن يا ترى هل احصى عدد السنين تحت اقدامه كما احصى عدد العشب؟ وهل فارقته البراعم كما فارقت اشجارها؟. لا يهم فكم يطول عمر الشجرة وهي واقفة في مكانها كما يقف رجل اختار التماهي مع اشجار الصنوبر واختار الحب مع صنبور الماء.
كانت الحكايات تسردها ملابسه وحزام الخصر عن رحلته بين غابات الحشائش البرية للبحث عن حلم نما يوماً في احشاء الزمن الماضي ليأكل من سرة القناعة القليل القليل، و ليفسح المجال لعشبة أو عشبتين بالتمرد معلنة سيطرتها على عجوز... لم يكن في ردائه إي موضع لمستقبل، بل كانت كل رقعة منه تحكي عن تاريخ وحدث مارس خطيئته على هذا الرداء. وذلك الحزام انسلخ من جلدهِ، لتغرس اوتاره الخيطية بحنينها الظهر من دون رادع يتخذ من اللون انفه.
إنسان يخضر صيفاً ويصفر خريفاً، وشتاءً يبقى بالأغصان عاري من غطاء الرأس.. فحُمى الوحدة تحمي من الصقيع... يهب من عمرهِ لحديقة موجود اليوم (هو) بوجودها، لكن هل وجودها مقترن بوجودهِ؟ هو هذا السؤال... فهل تأنسنت هي كما تحدق هو ؟ هل ورثت جيناته كما ورث جيناتها هي؟ صحيح ان براعمه ما عادت للظهور والماء اكتفى من جريان السواقي، لكنه مكتف بمعسكرات النمل الأحمر التي تسكن شعره النعس الرمادي، وسعيد بعنكبوت النخيل ينسج بخيوطه بين الأصابع.
اختلفت في تعريف هذا الرجل حينما كان يحدق في زوايا غابتهِ يتمتم مع صنبور الماء ويرفع ببقايا ملابسه متوجسا خيفة من قدمه، يخاف ان توقظ عشبة نائمة أو شجرة تكاد تغفو في حضن زنبقة عذراء لم يمسسها الندى بعد.
كم استغرقت من وقت كي تَقنع بالقليل؟ ام ان عادة القليل امست عادتك؟! خانتك الحياة وانتَ اخترت ان تصمد بوفائك للشجر، في منجلك الخائف شعور بالذنب مما تحصده بيديك، فليس كل حصاد هو حصاد، هناك حصاد نجزه من صوفنا وهناك حصاد يحصدنا.
تنحني على وقفتك في لوحة خضراء ساقكَ فيها تصرخ فتكتم صرختك، الا تعيب الجذوع سلطانها الهاوي؟ فنهاية كل اخضرار التراخي وانحناء فيه يتقوس العدم، وجلد الجبين سميك صاحب الشمس دهراً، اكترثت هي بسطوعها وهو لا يكترث فقد اتخذت عينه وضعيتها الدفاعية وامست خناديقها حكاية للزمن.
نادراً ما نلتقي بالوجه الحكيم للرجل في ان يصاحب الطين على بني جنسه، هو صاحب الأصل ذلك الصلصال يطاوعه بين كفيه، فماذا يحتاج لكي يدرك عجوز ان حقيقة الإنسان تكمن في فخاره؟
فأجده يستمتع بهذيانه الممزوج بذرات تراب وماء، يستمتع بلزوجة الحقيقة وبساطتها و توفرها بين يد كهلة، تباغت النخلة في هدوئها متحسساً جذعها مبتسماً لخصرٍ شرقي على قدر قوته، تجده حساسا يميل اذا ما عكر صفوه غصن رمان، هو الحب لديه كفرط الرمان يدبغ الجروح حبة حبة.. وهذا ماؤك يمازحك كلما اخترت يابسة للجلوس تدنى اليك فبللك.. من يرتاح غيرك على صدر زيتونة أنجبت محاصيلها زيتاً، يورث هماً للجبين، من غيرك يصطاد البذور يربيها كالضنى.
هل كان علينا ان نختار مصيرنا ؟ هو من اختار مصيره في حتمية خضراء يستنشق فيها هروين تدرجات الأخضر، مخدر اللذة منتشية للربيع القادم.
كان كلما تأمل استنفذ الكثير من الوقت كأن سقراط في احدى شطحاته يطرد الخطأ ليبحث عن صواب النفس، فيأخذ من الزمن الكثير لينهي غفوته الواقفة، حينها صحى مباغت احد اركان الحديقة بالنظر، فما تلك العاطفة التي جمعت بين الارض وبين رجل؟
اتراه يعوض خسارته النسائية بحفنة زعتر بري؟ أو ربما ما زال له القدرة على المساومة فيزايد على حب شجرة ويترك كل امرأة إلى رجل خارج المزاد.
هو لا يجد في الارض (الأم) ولادة للحياة، هو له وجهته التي تقنعه ان ما يقف عليه هو هو، فلا تحتاج الذات هنا ان تبذل جهداً لتكن مرئية أو لا مرئية، هنا الكل روحاني يتعامل بحدسه مع السقوط ويهتز بهبة ريح.
في زاوية الحديقة العبيد والسلطان سواء، ففي ردائه الأبيض المطين عبد، وفي نعلهِ ذي وضعية الراحة سلطان، يقف يراقب بمسؤولية الماء يؤنب جريانه بقطعة طين، فيضيق شريان المملكة أو يزيد اتساعا حسب رغبات المحراث تجري السواقي.
عبأ حقيبته الميتة برؤوس الأعشاب المحصودة وبعض من ثمار الخوف في فراق يومي ثقيل، بعد ان اسند بجبهته للعصى واتكأ بالنصف من همه الثقيل، فإنحنى عمراً إلى اليمين من الجذع... حان موعد الرحيل التفت إلى ما كان كينونته... سكت، تذكر انها لم تعطيه قبلة الوداع عاد إليها وأنا رحلت.



#رفقة_رعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق إلى شارع المتنبي
- العدم في دقائقهِ الاولى
- الضياع بين اربع جدران
- نوايا السلاميات
- السلم وحتمية الانصياع للدولة عند اسبينوزا
- بعد صوت الباب
- ذاكرة بطعم الخبز
- خارج اطار مشروع السلام الدائم
- ذاكرة بطعم التمر
- أمنية فخارية
- ما زال هناك ثلج
- حمراءُ الشَعر
- حكاية لحظة
- أهداء الى كل نساء الثورة
- لما أنا بنية العينين
- السلام وضمان الطبيعة له عند الفيلسوف كانط
- رمالُ أنا
- أمنيات رجل
- صحوة صوت
- الموقف الأسطوري من طبيعة الحرب:


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رفقة رعد - ذاكرة بطعم العشب