أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الواحد مفتاح - حول تجربة الشاعر المغربي رشيد الخديري















المزيد.....

حول تجربة الشاعر المغربي رشيد الخديري


عبد الواحد مفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 4475 - 2014 / 6 / 7 - 17:02
المحور: الادب والفن
    




في الطريق إلى الجحيمْ ، تجرأتُ
وسألت رعاة مروا يوماً في مخيلتي :
كيف نموت كي نحيا؟
أسماءهم،
أشياءهم الحميمة ،
يكتبون على صفحة الرمل
خطاياهم،
ويرحلون
في اتجاه اليباب
نخاف من الموتْ
لكن ، لماذا
نلعن – في سرنا-موكب الحياةْ؟

البهاء هو أول ما تتصف به الكتابة عند رشيد الخديري الذي يكتب قصيدته بأفق خاص ومغاير أفق لا يركن فيه إلا للبحت الدءوب والتجريب الخلاق ..من هنا تنفتح القصيدة أمام قارئها خارج التعاليم /داخل الشعر ..تخط نارها الأبدي
هادئة كنيسان
صافية كأول النهار
غزيرة كحب تحقق وقته
صحيح أن النص الخديري أحدت خلخلة داخل المتن العام للقصيدة المغربية لكنها خلخلة مصقولة باشتغال لا كسل وراءه ولا افتعال
متن يفتح غصونه على توليف تلقائي للصور والأخيلة ، بعيدا عن كل تأليف ذهني بارد وشكلانية مفرطة
نص مطرز بإلتمَاعات عارية ومغرية هو نفسه النص الذي يتسع باتساع ما يفيض منه من سؤال وأغنية هي كل النشيد
النشيد الذي يرمم بماء الفردوس ما يتساقط فينا من يومي وعربي
أبوسع الشعر أن يَتحتمل كل هذا؟
لا مجاز أقول الشعر قوة نستضيء بها
والحب كله
به نحاور روح الطبيعة
نفتح أفق هذا النهار
الشعر هو عود الثقاب النفيس الذي تستطيع أن تشعل به غابات الدواخل
أو هدنة مع التيَاع وطن يحبُ دمك
رشيد الخديري الذي صرخ مثل صوفي تعددت مسالكه ذات قصيدة :
ما حاجتي للشمس
وكل جسدي منافذ ضوء
الضوء صنو الشعراء ..والشمس قصيدة باردة
أما الجسد رغوة الطين فوحده يعزي سكانه
كل جسدي منافذ ضوء يقول..أليس الضوء هو ما يحترق بلا ندم في أول النهار /الحب أم هو بُعد ضاق عن أي تشبيه والقصيدة مؤنثه في كتاب السماء
كل هذا يدلل على طفل يتسلق أعالي المعنى ليطل من شرفة كلمة ..هي شطح الصوفي.. قصد القصيد..غنائية النشيد ..وكل شيء كل شيء ..حين تصير إلى شارع يفضي إلى ما في القلب من شبق وسؤال
ما نفع الشمس
إن لم تضئ عتمة كل هذا

الخديري شاعر القصيدة التي تقطر فتنة ضوئية فادحة، هل صحيح أنه لوصف الشعر علينا أن نقول أنه ليل باهر الصفاء؟ لا مجاز ولا مناص الشعر هو وَثبة المراهقة الأبدية
ورشيد الخديري شاعر يُسلمك لفضاءات هذه الَوَثبة.

طالما تخيلت أنه لكتابة قصيدة كونية عليها أن تكون كبيرة وبدينة كراقصة شعبية
تصوري هذا كان بعيدا جدا ..- وقريبا مما تخيلته حينها - عن الكونية كبعد باذخ ومَطمع واضح به تحقق القصيدة انتمائها وبهائها حيتُ كانت دائما السقف العالي الذي حاول الشعراء المغاربة اجتراحه كمحمد بنيس ،وفاء العمراني ، عبدالله زريقة.. وآخرين رائعين
هذا السقف يصير الآن إلى نسق به يدلل نص رشيد الخديري على نفسه وبه يَتغيا قرع الأجراس العميقة للإنسانية عبر الشعر الذي يعري عن نفسه هنا كأداة وباب للمعرفة، إلى جانب مناهج أخرى كالفلسفة والسسيولوجيا والهندسة.
ما يميز النص الخديري إلى جانب بُعده هذا تناصه الفلسفي وتقاطعه مع قطبها الميتافيزيقي في نَقاء - جهد الاشتغال عليه واضح -

ما أشبهني بترانيم الطبيعة يقول
تشبيه رائع هذا كنسي المهارة والدلالة.. ترانيم الطبيعة ..الشاعر هنا يصطفي ماء الحياة للكتابة،سفر عبر زقاق الشمس، بمراكب المجاز نحو الشعر في صفائه وطبيعته الأولى
ما أحوجنا للشعر بلا اصطناع ولا انتماء لمدارس العبث
الشعر قوة والطبيعة فيضه
يشبه الشاعر نفسه بترانيم الطبيعة ، في استعادة واضحة لنضارة خيط الضوء الشفيف، الذي يسدل القول الشعري /المعادل لما يصبو إليه الإنسان من بهاء واكتمال،
ترانيم الطبيعة هنا جملة شعرية لا أجد مؤنث مُرادفها، فدلالتها العميقة والتَاوية في عمق المُنجز الإلهي في الكون، واضحة واشتعال هذا المقطع الشعري/ الشدرة ونقائه، لا يذكرني إلا بقول الشاعر الفرنسي المرموق أندريه فلتر:
“ نحنُ بضعة أناس وُلدنا على سفر . كنا أحرارا مثل الطيور . كنا متحررين من غُبار الجذور والشفرات . زادُنا الوحيدُ، كان، حليبَ الغيوم . وكان بعضُنا الآخر يجري فرحا في أرض الله الواسعة . نسقط على ترابها . نتدحرج مَوجا فوق حَصاها . نخترعُ ممالك بعدد النجوم من أجل مُتعة تبذيرها . لا توجدُ الإمبراطوريات إلا بين أيدينا . لا توجدُ غزواتٌ إلا هنا والآن . كبرياء زائدة . حماسة . غفلة .طاقة مفترسة في آخر المطاف“
تتقاطع نصوص رشيد الخديري وأندريه فلتر في مهارة التصوير وقدرته على تجسيد الضعف الإنساني في تَمظهرات تصبو إلى نقاء هذا الأخير ومعانقته الجمالي والنبيل في النفس البشرية والطبيعة .
فالطبيعة تيمة رئيسية في متن رشيد الخديري إلى جانب الأسطورة التي تحضر كنظام خاص داخل حقله الشعري، نظام عصي عن الضبط والتحديد كرؤية مكتفة لا ضباب فيها تتيح لنا أن نتأمل شيئا أخر وراء النص كلغة تبتدئ حين تنتهي لغة القصيدة:
وقل لأبي
ما قاله يوسف في سره
وقل لهيلين كل الأشياء التي لم أقلها
سأحيا يا يوربيدس كي أستورق الموت

يوسف، هيلين،يوربيدس، رموز من أزمنة وحضارات مختلفة ولغات مخالفة
تحضر هنا كَنسغ ميتولوجي، يخلق تجادبات مرجعية تعطي للنص تعددا مُكونا ومضيئا، يدلل على وحدة الإنسان في قصيدة تصطبغ بالكونية .
هنا تبرز الأسطورة التي عرفت قديما كالجزء الناطق من الشعائر البدائية وكخلل رائع في اللغة اصطدم به الإنسان حين حاول التعبير عن دهشة الذات، أمام ما يتعرى أمامها من العالم، لغة يستردها الشاعر كإقاع جمالي قادر على توسيع أفاق اللغة الشعرية، عبر الحلم والتخييل ، كنظام رمزي عميق يعمل على الإيحاء والتأويل والكشف عن ما ورائيات النص في تكريس لفلسفة الشعر، وتفرد لغته، كإشراقة خاصة وكأفق فد يفاجئنا دائما بإنسانيتنا، وأن الإسمنت دائما ليس كافيا لبناء مدينة .

فيما تعتقد أيها العشب العجوز
في معنى الموت
أم في صورتي
كن عادلا أنا لااشبه الماء
بل صورتي حين أتمزق

فالنص الشعري عند رشيد الخديري، هو نص طليق تأملي يطبعه التجريد تماما كما في الموروث الصوفي حيت الكتابة باب إلى الله ، وضله العلوي والمعرفة كشف وسلم اليه
لا كلمات شاردة والإيقاع كمنجات ترتجل سنفونية هي سنفونية الشعر حين يصير شارعا يتقاطع فيه السؤال مع الجمال
ركام من فرح وكلام
فرح لأني هنا أتكلم عن قصيدة مغربية بعافية الضوء تخرج من مطلق أزرق وأفق جمالي لا ضفاف له
مند ديوانه الأول "حدائق زارا" مرورا بديوانه "خارج التعاليم"، وما تلاهم من إصدارات شعرية فارقة تنم عن غزارة خصبة في الكتابة وحسن التلقي، حيت فاز الشاعر بجائزة الملتقى العربي لقصيدة النثر بالقاهرة و بجائزة المتكأ البحرينية للقصة القصيرة جدا، بالإضافة إلى تَتويجات أخرى خارج المغرب وداخله .
ذلك أنه إلى جانب أسماء شعرية عربية وازنة، صنع الشاعر رشيد الخديري عملا شعريا لا يدين في إلا لأصالته الخاصة، كصوت شعري له ما يميزه يحمل مشروعا جمالي، هو عبور وامتداد لتجارب شعرية كونية في مطلقها الإنساني والمرجعي المرتكز على قيم الحب والجمال، وقرع لأجراس السؤال
فقد استطاع أن يضبط لنفسه، معجما خاصا واسعا تحس كأن الشاعر يغرف من بحر ولا يقف عند ضفافه، وعمل على تطويع اللغة التي تصير على مستوى قصيدة النثر في حد ذاتها قصيدة، معنى وفضاء،فالتحام اللغة/القصيدة بتجربة الشاعر مرتبطان متداخلان كما يتداخل الوعي واللاوعي روح وجسد بينهما اشتعال.

أحاول هنا أن أرسم معالم قصيدة لها مناخها الخاص، تقود الأبجدية إلى ما لم تعتده اللغة وتكسر صقيعها، نحو الحياة في مواجهة العالم وما يَتصدعُه من خلل وجودي، وهي تحاور السماء التي صادرتها خيبات اليومي والعربي على امتداد ما يتساقط فينا من ألم وسؤال.
لم أتكلم هنا عن رشيد الخديري المتشح دائما بابتسامة لم أرى له خيانة لها مد عرفته، مُسَيرًا ومُؤطرًا جادا لملتقيات ثقافية عدة داخل المغرب
يرفع القول إلى أفق قول ما يجب أن يقال
بحسه الرهيف وحركيته العالية، التي أدت إلى خلق مجموعة من المبادرات الثقافية داخل الدار البيضاء كان الصدى الطيب الذي عرفه اشتغاله وسط جامعة المبدعين المغاربة إحداها.
لن أتكلم عن رشيد الخديري الذي طالما وصفه أصدقاء عن بُعد أنه شاعر وكتدرائية من أخلاق حميدة ..- لا أجد حرجا في الكلام عن هذا - فل أرجع إلى الشعر

الشعر رحيل دائم نحوالمجهول أما في هنا فهو رحيل دائما نحو المعنى والمضيء من شغف بالحياة والجمال
الخديري شاعر استطاع أن يجعلني أتكلم عن قصيدة مغربية دون أن أستحضر ذلك الطقس الجنائزي المستهلك الذي يحضر كلما تكلمت عن الثقافة المغربية وهذا مهم



#عبد_الواحد_مفتاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول تجربة الشاعر عبد الله زريقة
- حوار مع القاص عبد الإله الخديري
- قصيدة المعنى في ديوان قحطان جاسم - تجليات العزلة
- حوار مع الشاعر المغربي رشيد الخديري
- لم يحالفني الحب
- قراءة في تجربة الشاعر محمد بنميلود
- قراءة في تجربة عبد الرحيم الصايل
- قرائة في تجربة الشاعر رشيد الخديري
- باقة الزهور
- كلمة
- حوار مع حميد العقابي
- حوار مع الشاعر محمد اللغافي
- عن الكتابة عند عبد الله زريقة
- مطرزات شعرية / حول تجربة الكتابة الشعرية عند إيمان الخطابي
- ديوان تعب المسافر
- امرأتي الحبيبة
- ألليل
- حب
- قصيدة
- توقيعات


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الواحد مفتاح - حول تجربة الشاعر المغربي رشيد الخديري