أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان سالم نمر - احلام نملة















المزيد.....

احلام نملة


احسان سالم نمر

الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 16:19
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة....
احسان سالم نمر
(alex tiger)

أحلام نملة....

اجتمعت عدة رفيقات من النمل قرب نبتة حبق خضراء في شرفة السيد فرايك لتنظيفها من الحشرات العالقة بها بعد ان علت استغاثة منها في ذلك اليوم الربيعي الجميل..
النبتة الجميلة الوارفة المتعالية بشموخ تبعث اريجها في جوانب الشرفة وتضفي عليها جمالا رائعا...
بعض الصغيرات رأين الفراشات تحلقن بأجنحتهن الملونة فغرن منهن على غير عادة النملات العاملات..
قالت واحدة منهن لرفيقاتها: كم اتمنى ان اكون كتلك الفراشة احلق بجناحين جميلتين بهدوء ومحبة..
قالت لها رفيقتها: وأنا كذلك واتمنى ان اكون فراشة وليس نملة، والجميع ينظر اليها هكذا.. ولا يخشاها أحد.. قالت الثالثة: لكن الفراشات الجميلات لسن بأفضل منا، وما هن الا "دودات" لا قيمة لهن، لكن نحن نقوم بتنظيف البيئة والحفاظ عليها جميلة، فلا ندع الحشرات تتكاثر وبالأخص على النباتات الجميلة..
اتت اعداد كبيرة من النمل واستمعت لحديثهن- حيث كانت المسؤولات عن الفوج مشغولات في اعدادات اخرى ومنهمكات في مكان اخر من الخلية المتنامية....
تركت الشابات الجميلات العمل المحتم عليهن انجازه وبدأت كل واحدة منهن تطرح امنياتها وافكارها على البقية، فسعدن جدا لهذا الحديث الذي قلما يتحدثن به في فصل الربيع أو الصيف حيث يتطلب منهن الالتزام بالقوانين الشاقة...
معظم النملات الصغيرات تتمنين الطيران كفراشة جميلة هائمة بسلام، كالتي كانت بالأمس تحلق فوق الشجرة التي صعدن اليها لتخليصها مما علق بها من حشرات صغيرة..
قالت احداهن: رأيت نملة حجمها اكبر من احجامنا مرة تطير أيضا وكانت تترنح بسعادة بين نسمات الهواء.. قالت اخرى: لكن اثناء الرياح الشديدة قد تتعرض للخطر وتفقد حياتها.. فقالت اخرى: لا يهم فأنا أعشق السماء واتمنى الطيران مثلها..
قالت رابعة: أنا أحب الطيران أيضا وارجو رؤية الدنيا كما تراها الطيور ذوات الاجنحة...
اشتركت معها في هذه الامنية العديد من النملات اللواتي توقفن عن العمل لتتداولن هذا الخطب السعيد، فالحياة تحتاج لشيء من الأبهة والرفاه.. فالعمل طيلة الوقت أمر شاق ومرهق...
واحدة اخرى قالت: لا اعرف لماذا معشر النمل لا يفتأ العمل طيلة الوقت ولا يتوقف للراحة كبقية خلق الله..؟ فأنا سمعت ان التماسيح تأكل مرة كل عدة شهور فقط...
فلم تصدقها التي بقربها فقالت لها: ولماذا نحن نحتاج أكثر منها للأكل رغم اننا أصغر منها بكثير...؟!
الحديث شيق وجميل بين النملات الصغيرات الدؤوبات اللواتي تعملن بجد ونشاط دون انقطاع، سوى هذه المرة، بعد ان رأين الفراشة الجميلة التي تحلق حولهن...

عادت الفراشة التي جاءت بالأمس اثناء الحديث فتعالى صراخهن... فأتت النملة المسؤولة عن الفوج عند سماعها لهن، شاعرة بأعداد كثيرة لا تعمل كالعادة.. فاقتربت منهن وأمرتهن مواصلة الواجب.. فأثناء الشتاء لن يكون هناك الطعام الكافي لهن ولرفيقاتهن الجديدات اللواتي اقترب موعد ظهورهن للحياة... سعدت بعضهن لهذا الخبر وتخلفت الاخريات اللواتي يفضلن اللعب والمرح قليلا، وطلبن منها يوم اجازة على الاقل في الاسبوع أو تقنين ساعات العمل، فالحالة تبدو متعبة وتلك الفراشات لا يعملن بنفس الطريقة وحياتهن على أحسن ما يكون..
قالت النملة المسؤولة: لا هم عليكن سأتداول الامر مع الرفيقات الكبيرات في جلسة خاصة، وسنبحث الامر وسنجد حلا طيبا، فلا نريد التذمر الآن، وعليكن بمواصلة العمل لهذا اليوم قبل مغيب الشمس. فقد تمطر فيما بعد كما سمعت في الاخبار من النملات اللاتي تراقب الاجواء، ولهذا عليكن باتخاذ الاجراءات اللازمة قبل سقوط الامطار، وليس هناك في المستودعات الا عدة سنتمترات مكعبة من العلف، ونحتاج للكثير من الطعام، فالجو سيتغير فجأة وستبدأ العواصف الكبيرة، ولا نريد التعرض للخطر.. ففي المرة السابقة لم ننتبه للتعليمات فخسرنا في عدة ثوان أكثر من مئة الف نملة...فقالت واحدة صغيرة: فقط....!؟
قالت: نعم حوالي ربع القطيع الذي يعمل في الاجواء الخارجية في شتى الانواء.. وهذه الكمية نحتاج لتعويضها عدة أيام وربما اسابيع، فالملكة الام لا تبيض مؤخرا كل الوقت، فهي حزينة، ولهذا فعليكن بالحذر الشديد بعد الظهر عند تغير الجو.. فلا اريد أي منكن في الخارج..
علينا ترتيب البيت من الداخل وتوسيع المخازن قليلا.. فأرى صاحب المنزل الذي أمامنا يأكل الكثير من الفواكه ويرميها على الشرفة لأنه رآنا نحبها ونجتمع عليها.. فـ يا له من رجل طيب...؟!
قالت واحدة: لكن رأيته اليوم يرش الماء حيث كنا مجتمعين على عظمة ديك طولها عدة امتار، فتطاير الرذاذ إلينا وكدت أترنح من شدته.. فقالت التي قربها: وأنا كدت أغرق بعد ان رمى بعض الماء من كوب بيده بالقرب مني تماما فشعرت باقتراب الاجل.. لكنه يحبنا ولا يؤذينا كبعض الطيور التي لا يهمها إلا بطنها...!
قالت التي بقربها: وأنا احبه أيضا.....
فهن يتكلمن تقريبا بالدور.. وتحترم الواحدة منهن رأي الاخريات ويمتثلن للنظام، لكن اليوم يبدو ان الثورة على الابواب وتحتاج النملات لشيء من الحريات المفقودة.. فهن من الطبقة العاملة طيلة الوقت ولا يكترث بهن أحد الا الملكة الأم، فتقوم وتعتني ببعض الصغيرات وتقدم لهن الترياق دليل محبتها لهن والحنو عليهن..
قالت واحدة ذكية: "اليوم خمر وغدا امر".. لا اريد العمل اليوم فقد تعبت ساقي وأريد التنزه في الشجرة الطويلة التي بقربنا، فقد مضى لي عدة أيام لم اعتل الاماكن المرتفعة.. وزهقت روحي..
اعجبت بالأمر عشرات الرفيقات وقررن السفر معها للشجرة العالية قرب الشرفة بالجهة الاخرى، فهي الأعلى ويمكن منها رؤية الشارع الذي تمر منه السيارات والمكنات التي اصواتها تعلو لمسافات بعيدة...
فقد رأت إحداهن موتورا يسرع براكبه جدا منذ أيام حين اعتلت الشجرة تلك واخبرت رفيقاتها...
قررن الصعود اليوم للشجرة العالية وبدأت التي اختارت أولا الصعود، فلحقن بها بصف كالعادة، ولم يتزاحمن واحترمن رأيها وافكارها، والبعض منهن قررن جعلها مساعدة لرئيسة العمال فيما لو مرضت الرفيقة التي صحتها بدت ليست على ما يرام في الآونة الاخيرة...لكن واحدة قالت: "أنا اراها ممتازة وتصلح للقيادة فنحن على ابواب ثورة (كالربيع العربي) ونحتاج لقائد ولا نريد التشتت كما صار مع الثوار في الربيع، لانهم خرجوا كالقطيع دون قيادة.. فعليكن الانتباه لهذا الامر، فالحالة لا تحتمل أكثر....والدنيا كلها قامت بثورات الا نحن.. نريد ساعات عمل اقل وبعض الوقت للتنزه فأنا منذ ان رأيت الحديقة من أعلى الشجرة في المرة السابقة تاقت نفسي للطيران والتحليق عاليا كالحمامات اللواتي يطرن ساعة تشأن ويذهبن للحديقة ويعدن دون حرج...
ما أسعد الحمامات..؟"

الجموع تريد تغيير الاجواء والرأي- والرأي الآخر يبدو انه في تقارب، والامور تسير على ما يرام، وما على الفتيات الصغيرات الا ان يهيئن انفسهن للانتفاضة الجديدة في وجه عناصر امن الملكة التي لا تريد تمرير الا بعض الطلبات للملكة التي تعتقد الامور على اكمل وجه، فهي لا تعرف الا ما يصل اليها من اخبار، اغلبها لا علاقة له بالوضع العام في ارجاء البلاد.. لكن الاخبار وصلت للملكة الكبيرة بسرعة هذه المرة، فخرجت لترى الحالة على ما هي بالتحديد، وقالت لهن عند سماعها تذمرهن:" بالتدريج.. لا يمكن القفز مرة واحدة كما تقفز العنزة فرحا بأمها فتتزحلق وتقع أرضا.. فالحياة تحتاج لحكمة..."
قالت الفتاة المتمردة:" لا نحتاج الا لثورة والثورة لا تعرف هذا الذي تريدون فرضه علينا، ونحن سنستغل الوقت ونتعلم من أخطاء الآخرين.. فالأمن لا يحترم آراءنا طيلة الوقت ويتصرف بعنجهية تامة، فالثورات التي امامنا قامت بعد الكثير من المعاناة، ولن نترك الأيام تمر سدى كما حدث عندهم، ونتركها للأقدار، "فلا يحك جلدك غير ظفرك"، وسنصل إلى ما وصلت اليه الحالة من احتقان قبل ثوران الربيع المبجل.... ولن نقع في مطبات نحن بغنى عنها.. نريد التغيير الآن....!"
رأت النملة الكبيرة الصياح يعلو فخشيت قيام مع وضد.. فتتقاتل القطعان وتفني بعضها بعضا كما حصل في السنة الماضية مع المملكة القريبة منهن، فأخبرتها الملكة الثالثة التي زارتها مع لفيف من الوصيفات عن حجم الخسائر التي وقعت لهن.. فقالت: "لا بأس سنبدأ بالتغيير من الآن رغم اننا مستهدفون...
قالت بعض النملات بهلع: "ومن مـَن نحن مستهدفون..؟".. قالت بوقار: "هناك الاعداء الذين لا تعرفوهن انتن، ولا تظنن ان كل الذين حولنا كالسيد الذي يرمي لنا الفتات باستمرار ويرعانا... فقد اخبرتني اليوم النملة "سونا" انه انقذها من الطوفان الذي حدث جراء سقوط الماء من الكوب بالخطأ من يد ابنه الصغير...ولهذا عليكن بالحذر..." فقالت واحدة: وكيف صار هذا..؟
قالت لها: وضع قشة امامها وصعدت اليها فنجت وعادت بسلام..

الاحداث يبدو انها تنبئ بثورة والفتاة النملة "سينو" الثائرة تتهيأ للقيادة ولن تترك الأيام تمر سدى.. بعد ان اختمرت بفكرها القناعة بالبدء، فقررت عبر وسائل سرية البدء بالثورة إذا لم تبدأ الملكة السماح لهن بالتحرك بحرية أكثر...

في اليوم الثاني يرمي السيد "فرايك" سمكة صغيرة جدا لا يتجاوز طولها الخمسة سنتمترات فتجتمع عليها جموع النمل كي تأتي أحد الطيور وتأخذها....
كان الجو جميل والنهار في منتصفه، والنملات لا تقدر تحريك السمكة الصغيرة من مكانها الا قليلا، ولن ينفع تحريكها بالأصل، فالخلية بعيدة وهي خلف اطار الشرفة الخارجي الذي يرتفع لعشرة امتار بالنسبة لمقاسات النمل وعشرة سنتمتر بالنسبة للبشر... فكان من المستحيل جر السمكة فوقه مهما بلغت قوة النمل وجبروته... ووزن هذه
السمكة لا يتعدى الغرامين أو ثلاثة غرامات.

آلاف النمل لا يمكنها جر سمكة والصعود بها.. ففكرت الثائرة سينو طلب الدعم من احدى الممالك القريبة منهن ، فقالت بعض الرفيقات لها: " الافضل الاعتماد على النفس .. فقد يأخذوها منا ويتركونا بلا سمك لهذا الموسم..."

هناك بعض الطيور التي لا تحب النمل ومن الصعب التعامل معها بسهولة.. لكن بعض النملات الصغيرات لديهن افكار ثورية...والبعض الآن يحلمن بالطيران...غيرة من الكثير ممن يطير حولهن..
مئات بل آلاف النمل تأكل من هذه السمكة الصغيرة التي رماها السيد فرايك لهن ليوم كامل، ولا تزال تبدو السمكة كما هي بالنسبة له.. لكن النملات شبعن جدا ونام بعضهن من الفوسفور الذي تحتوي عليه الاسماك.. وسعدن جدا اثناء العمل ورأين احلاما وردية اثناء النوم لأول مرة بهذا الشكل. "ما اطيب السمك".. تقول الواحدة للأخرى..

لاحظ السيد فرايك تضاريس السمكة الصغيرة كيف تغير جدا في اليوم التالي.. ونقص منها ربع غرام أو أكثر بقليل من وزنها الكلي..
اجتمعن في اليوم التالي حول السمكة بطريقة أكثر تعاونا وأردن اخفائها عن بقية الطيور التي قد تحملها من الشرفة الكبيرة جدا، وتذهب بها لصغارها...
الجو جميل.. اخبرت النملات البقية عن الفائدة المترتبة من تناول السمك النيء أو المشوي الذي يجدن منه احيانا على الشرفة....
سمعن النملات النصيحة وتجمعن بكثرة فوق السمكة وبدأن الأكل، ونقل ما يمكن نقله للداخل بعد تجفيفه... فلا يمكن وضع شيء رطب داخل البيوت، فقد تتعرض للبرد في الليل أو في الفصل الجاف..
اتت كلبة السيد "فرايك" لتطرد حمامة تحط على الشرفة لتقتات بعض الفتات، فصفقت جناحيها خائفة من الكلبة، بالقرب من السمكة، فتبعثرت جموع النمل المحيطة بالسمكة وهرعت خوفا وبدا عليها الهلع والارتباك كالعادة، فجاء العصفور "سمروق" الذي كان يراقب الحالة من شرفة بأعلى البناية المجاورة ..
العصفور الجميل "سمروق" يحب السمك ويريد إطعام صغاره في العش السمك للذته، فهم لا يعرفون طعمه بعد، ويتشوقون له بعد ان قص عليهم قصة الصياد والسمكة يوما قبل النوم... فقال له ابنه الزغلول الصغير: وما هو السمك بابا.؟ قال له: انه مخلوق يعيش في البحار والانهار..
لكن الصغار كانوا لا يزالوا في العش ولا يعرفون البحر بعد ولا حتى المياه كيف هي.. حتى التي يأتي بها إليهم الاب والام ويضعونها في أفواههم فلم يرونها بعد...... فقال لهم الاب: قد احضر لكم يوما شيء من السمك وسترون كم هو طيب ونافع...
حتى العصافير تحب السمك... شيء لا يصدق، فالسمك يحتاج للصيد والعصافير تجده هنا وهناك وتأكله دون الحاجة لصنارة...
وما ان قالت نملة، نحن سعداء اليوم أيضا.. حتى أتت حمامة اخرى من المجهول فأثارت بجناحيها عاصفة حولهن، فهرعن الاختباء، خوفا من حدوث ما ليس بالحسبان...
فبدأت الجموع بالهرب خوفا من الاسوأ، وانكشفت السمكة. فأتى العصفور "سمروق"- الذي كان يراقب من سقف شرفة من أعلى، وخطف السمكة دون الانتباه للنمل المتبقي حولها العالق بها، الذي لم يتسن له الهرب والاختباء بعد، فتمسك بها.. فسقطت بعض النملات مباشرة، ولم يصبن الا برضوض طفيفة، فقدوم الطير، كان مفاجأة غير متوقعة...
لكن البعض كن في اماكن مختلفة من السمكة فلم يلحقن الهرب فتمسكن ببعض جوانبها وارتفعن مع العصفور في الفضاء.. وكانت من بينهن الثائرة "سينو" التي تهوى رؤية العالم من فوق أيضا، فهي تحب الخير وتتمنى الصعود كسواها من المخلوقات التي قدرت الارتفاع ....
ترى نفسها مع بعض الرفيقات في السمكة قرب منقار العصفور فلا تصدق ما تراه... فهي تطير ورفيقاتها، ولكن دون جوانح.. فكيف تحقق الحلم بسرعة فائقة..؟
بدأ اللغو يعلو بينهن.. لكن العصفور لا يعرف لغة النمل، ولم ينتبه لما جرى لهن ..

الرحلة كانت جميلة رغم سقوط البعض منهن في الطريق الذي تمر منه السيارات والدراجات النارية المسرعة معظم الاحيان.. لكن لم يتأذى منهن أحد تقريبا بأعجوبة..

الطير سمروق يسكن في عمارة لا تبعد كثيرا من الشرفة التي كن يأكلن بها السمكة، فرأين خلال الطيران العمارات والشوارع والناس والسيارات والحياة كيف تسير.. فظنوا انهن في عالم اخر أو كوكب ليس هنا... فالرحلة للعش استغرقت اقل من دقيقة فقط، لكنها شاقة ومخيفة رغم جمالها، وتحيقها الاخطار من كل جانب..
رأين خلالها الكثير من العوالم التي لا يمكن رؤيتها ولا في الحلم، وشعرن بسعادة لا توصف واعتقدن انهن لسن على الأرض... لكن الطير كان لطيفا ولم يؤذ أي منهن هذه المرة.. فانسللن من العش بعد قليل بهدوء، ونزلن للدور الأخير من العمارة الحديثة البناء، حيث يسكن سيد آخر وعنده الكثير من النباتات على الشرفة الجميلة. فبدأت تقول الواحدة للأخرى: نحن الآن لوحدنا في هذا العالم الجديد على الاغلب، وربما هو كوكب قائم بذاته، وليس هناك نمل سوانا، فعلينا البدء بتشكيل أول خلية هنا، وسندعوه كوكب النمل..... فقالت سينو ما اسرع الطيور وما أقواها في سبر أعماق الكون والفضاء..؟! ففي مدة وجيزة جدا قطعنا آلاف الأميال والفراسخ...
فالمسافة إذا ما قيست بسرعة وحجم النملة، فهي كبيرة جدا بالتأكيد..
صدّقت النملات هذه الدعابة وفرحن لهذا، رغم بعدهن عن الرفيقات اللواتي كن يحلمن معهن بالأمس بالثورة والطيران والنزهة في الأماكن المرتفعة....

ارتاحت الملكة من النزاعات لمدة قلية بعد هجرة الفتاة الثائرة "سينو" ورفيقاتها بهذا الشكل القدري.. وتمنت لهن السعادة والنجاح اينما كن...وابتهلت جموع النمل في الخلية بالصلاة لأجلهن، بصلاة مودة... لكن بعد الجلسة الطارئة تلك مباشرة تحركت السيدة الكبيرة المسؤولة عن أمن الخلية وبدأت تعد العدة لتغييرات هامة في المملكة كي لا تحدث ثورة... "فدرهم وقاية خير من قنطار علاج"..
فالقيادة الحكيمة تحاول الالتفاف على الاحداث قبل وقوعها!! ولولا ان العصفور "سمروق" - جازاه الله خيرا- جاء واخذ السمكة ومعها الثائرات لتغير الوضع في هذه المدينة التي يقدر اعدادها بمئات الالاف فقط والتي تتميز بميزات لا يستهان بها، لكن الاوقات تتغير والاحوال تحتاج لتجديد.. فقد انتبهت الملكة لهذا الخطب وكانت الفتاة الثائرة على حق أيضا..
اما النملات اللاتي وقعن في الطريق فرأين السيارات والضجيج والناس في الشارع، فاعتقدن انهن في هوة صاخبة وحاولن الهرب لأي زاوية قرب السيارات والارصفة، فنجا منهن من نجا وفقد من فقد... لكن القريبات اشتممن رائحة الخلية وعدن للمجموعة بعد عدة أيام، ففرحن بهن الرفيقات، لكنهن أخبرن البقية عن ان اللواتي علقن بالسمكة لا يعرف مصيرهن أبداً.. فذاع الخبر بين الجموع في غضون دقائق فقط.. واعتقدن الرفيقات في عالم الغيب أو ربما في عالم جديد بعد الذي رأينه في الشارع من عجائب تشيب لها الولدان...
فالسيارات تزمجر والدراجات النارية التي يعتليها اشخاص شكلهم كالجنادب شيء لا يسر أبدأ، والارصفة يعلوها الغبار والنفايات، والناس منهم من يتكلم بصوت عالي جدا، ومنهم كاد يدوسهن، فرأين أشكالا وألوانا من البشر جديدة عليهن.. لكن السيد "فرايك" هو الافضل برأيهن حتى الآن، وسعدن العودة لشرفته........... لكنهن قررن المضي قدما على خطى "سينو" الثائرة بعد ان اجتمعن مع الكثير من المؤيدات الناجيات، وقررن بناء صرح يخلد ذكراها قرب باب الخلية، فشعرت الملكة بأهمية الحدث وبدأت تعد العدة مع الحاشية السياسية المقربة لاجتماعات مكثفة بحضور المجلس الاعلى للمستشارين، لتشعر البقية باقتراب الآمال المعلق عليها مصير القطيع في هذه الخلية التي ستكون سباقة في التطور والحريات التي لم يشهد لها مثيل في عالم النمل المثير للجدل...!!
>>>>>>>>>>>>>>>>>

ملاحظة: النملات من النوع الصغير حجما.. وقد تكون هذه الجموع من أكثر انواع النمل الذي ينظف الاشجار والنباتات من الحشرات نفعا، واصغرها حجما..
‏الثلاثاء‏، 20‏ أيار‏، 2014 مساء التاسعة...العشرين من ايار مساء أول مرة...
احسان سالم نمر
كاتب واعلامي وفنان...
.........................



#احسان_سالم_نمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان سالم نمر - احلام نملة