أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العصا - جائزة نوبل للتعليم.. تكشف مكنونات فلسطين... -محمود داود سلامة- نموذجاً















المزيد.....

جائزة نوبل للتعليم.. تكشف مكنونات فلسطين... -محمود داود سلامة- نموذجاً


عزيز العصا

الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 00:43
المحور: الادب والفن
    


لأن لأستاذنا "محمود داود سلامة" (مربينا ومربي أبناءنا وأحفادنا) ديْنٌ في أعناقنا؛ بادرتُ نجله "م. وليد" بطلب الالتقاء مع هذه (الجوهرة التربوية) العريقة للتعرف على مكنوناته ومخزوناته. فكان لي ما أردت؛ فالتقيت به في الأول من أيار من هذا العام (2014) لأجده كما هو؛ قامة تربوية، محافظٌ على بشاشته التي تعودنا عليها، وابتسامته التي لم تَشِخ كما شاخ الجسد، وروح الدعابة التي ستبقى تشكل رمزية "معلمنا-سلامة".
وجدته ينتظر اللقاء؛ وقد جهّز أوراقه بطريقة منظمة، ورتب أفكاره، لدرجة أنني لم أستغرق ربع الوقت المخصص للِّقاء معه؛ فقد ركز على الأمور التي "تنبَّأ" بحاجتي إليها، فأدلى بالمعلومات تِباعاً. وقد جاء هذا على وقع استعداده للمنافسة على الجائزة التي ستنظم من قبل منتدى التعليم والمهارات العالمي بدبي، وهي بمثابة (نوبل عالمي) في مجال التعليم من دولة الإمارات.
كدت أن لا أصدق أنني أجلس مع من ينهي عقده التاسع؛ لما يتمتع به من سرعة في الإنجاز، وخفة حركة في تحضير أوراقه ووثائقه، وثقة عالية بالمستقبل الذي ينتظره في فترة ما بعد الجائزة الموعودة. أما الذكريات، الممتدة على مدى العقود التسعة من عمره،؛ فإن "معلمنا-سلامة" يتحدث عنها، ويسردها، بسلاسة ويسر؛ وكأنه يقرأ عن كتاب.
فقد وُلِدَ "معلمنا-سلامة" في 24/1/ 1925؛ أي بعد دخول بريطاني إلى فلسطين بحوالى ثمانية أعوام. بذلك؛ يكون "معلمنا-سلامة" شاهدٌ حيٌّ على الصراع العربي المزدوج: مع الاحتلال البريطاني ومع الحركة الصهيونية في آنٍ معاً، وشاهدٌ على الحرب العالمية الثانية بكل مآسيها. إنه شاهد على العصر الذي عاشته فلسطين وأهلها بنكباتها ونكساتها وما بعدهما وما بينهما، حتى تاريخه.
لأن هدفنا من اللقاء مع "معلمنا-سلامة" استخلاص العبر التربوية؛ فقد ابتعدنا عن السياسة وشئونها وشجونها؛ فركزنا على سيرته ومسيرته التربوية-التعليمية التي تمتد على مدى (سبعة) عقود من الزمن، أمضاها وهو يحمل الطبشورة؛ شارحاً، مفسراً بكلام بين لطلبته، دون كللٍ أو مللٍ. وتتلخص هذه الرحلة الشيقة في المحطات التالية:
أولاً: من التعلم إلى التعليم:
1) دَرَسَ "معلمنا-سلامة" في المدارس الحكومية؛ من الصف الأول حتى الرابع في بيت ساحور، ومن الخامس حتى السابع في المدرسة الوطنية ببيت لحم. أما الصف الثامن فشهد تحولاً هاماً في حياته؛ عندما انتقل إلى المدرسة الرشيدية بالقدس؛ لإنهاء المرحلة الثانوية. حيث كان الانتداب البريطاني قد فتح ثلاث مدارس ثانوية فقط في كل فلسطين: القدس (الرشيدية)، نابلس وغزة.
2) تخرج من الثانوية في العام 1944، فتم تعيينه "معلماً" من قبل حكومة الانتداب البريطاني في 14/10/1944، فعلم حصته الأولى في بلدة سلواد، التي استمر فيها لمدة عامٍ دراسي، ثم انتقل إلى بيت لحم، فأمضى فيها ما تبقى من حياته التربوية حتى العام 2010، في المدارس الحكومية والخاصة، ما عدا عمله، لمدة عام، مديراً لمدرسة في بيت صفافا؛ على الخطوط الأمامية، وعام آخر في صور باهر.
3) في 15/5/1948 تم تزويده بكتاب يحمل ترويسة "حكومة فلسطين" وعنوانه "شهادة خدمة"؛ بدا وكأنه شهادة خبرة وإنهاء خدمات، تضمن آخر راتب للموظف، والبالغ (140) جنيهاً فلسطينياً سنوياً، مبررها انتهاء انتداب بريطانيا على فلسطين. وعن تلك الحقبة يتحدث "معلمنا-سلامة" قائلاً: كنت أقبض راتبي بالجنيه الفلسطيني، والذي كان بمعدل يقارب الـ (12) جنيهاً شهرياً.
4) بعد ذلك، وبالرغم من كثافة النيران الناجمة عن القتال على أرض فلسطين، استمر "معلمنا-سلامة" في التدريس، ولكن هذه المرة تحت مسؤولية المتطوعين المصريين؛ القادمين للدفاع عن فلسطين، وكان يقبض راتبه من الحكومة المصرية التي ترسله عبر هؤلاء المتطوعين. في حين أن الجيش العراقي كان يتولى أمر شمال الضفة.
5) منذ العام 1949 تسلمت المملكة الأردنية الهاشمية زمام التعليم في الضفة الغربية حتى داهمها الاحتلال الاسرائيلي في العام 1967.
بشأن أثر الاحتلال على التعليم؛ يرى "معلمنا-سلامة" أنه كان يهدف إلى انتزاع الروح الوطنية لدى الطلبة الفلسطينيين؛ فكان يرصد كل كلمة تشكل مصدراً للمعرفة عن فلسطين والفلسطينيين: سياسياً، وتاريخياً، وجغرافياً. ويستذكر "معلمنا-سلامة" كيف قام "الاحتلال" عند حضوره في العام 1967 بإلغاء كتاب عن القضية الفلسطينية وإتلافه على الفور.
ثانياً: الوثائق تتحدث عن نفسها:
تتعدد الوثائق التي أطلعني عليها "معلمنا-سلامة" وفق تعدد السلطات المشرفة على التعليم في فلسطين، والتي تتلخص فيما يلي:
1) من 14/10/1944 إلى 15/5/1948 اعترف الانتداب البريطاني بعمل "معلمنا-سلامة" لديه وقد كان بمستوى مهني جيد.
2) تشهد سجلات مدرسة بيت لحم الثانوية أن "معلمنا-سلامة" كان أحد معلميها بين 16/5/1948 وإلى 31/3/1949، وكان يتقاضى راتبه من الحكومة المصرية.
3) في العام 1986؛ وافقت الحكومة الأردنية على تقاعد "معلمنا-سلامة" اعتباراً من 01/07/1986، وهو بمؤهل "امتحان المعلمين الأعلى" باعتبار تعيينه منذ 1/4/1949. أما الراتب التقاعدي فهو 192 ديناراً أردنياً.
4) بعد العام 1967 استمرت المملكة الأردنية الهاشمية في تحمل مسؤولتها اتجاه موظفي الدولة الذين كانوا على رأس عملهم قبل الخامس من حزيران من العام 1967. حتى أن المسميات بقيت كما هي، مثل: محافظة القدس/ لواء بيت لحم.
5) يتضح من وثائق "معلمنا-سلامة" أنه كان إسم على مسمى؛ فهو "محمود" إسماً وهو "محمود" مسمى؛ ويتجلى ذلك في وثيقتين: الأولى: وسام التربية لعام 1985؛ الذي أُنعِمَ به عليه بإرادة ملكية سامية تقديراً لإخلاصه وخدماته في حقل التربية والتعليم. والثانية: من أسرة "مدرسة" طاليثا قومي/ بيت جالا بتاريخ: 12/6/2010؛ وهي تذكار تعبر في أسرة تلك المدرسة عن حبها واحترامها وتقديرها لـ "معلمنا-سلامة".
بهذه الوثيقة أُسدل الستار على ستة وستين عاماً أمضاها الفارس التربوي "معلمنا-سلامة"، وهو يحتضن السبورة؛ ليغذيها بما جعل الأجيال المتعاقبة التي علمها الحرف والكلمة والجملة؛ يكبروا ويكبر بهم ومعهم وطن سعى الأعداء إلى طمسه، بل "اجتثاثه" عن الخارطة الجيوسياسية. لقد قد أوقد "معلمنا-سلامة" وزملاءه وطلبتهم الشعلة بعرقهم وآلامهم؛ وأبقوا عليها مستمرة، تتوارثها الأجيال المتعاقبة إلى أن يعود الحق إلى نصابه، بأن تعود فلسطين إلى أهلها كاملة غير منقوصة.
بقي أن نقول بأن "معلمنا-سلامة" واحدٌ من تربويي هذا الوطن الذين أبلوا بلاءً حسناً في تنشئة أبنائه، جيلاً بعد جيلٍ، مما يجعلنا نقف أمامهم، بمهابة واحترام عاليين؛ لدورهم في الحفاظ على الروح الوطنية العالية؛ متدفقة "بغزارة" رغم محاولات الاحتلالات المختلفة تجفيف منابعها ومصادرها. فكان "معلمنا-سلامة"، وهو معلم التاريخ واللغة العربية والتربية الإسلامية، يغني مع تلاميذه للوطن وينشد للوحدة الوطنية، ويحض على التسامح بين الديانتين الإسلامية والمسيحية؛ لكي تعلو فلسطين وترتفع في نفوسهم..
هكذا؛ كان لـ "معلمنا-سلامة" ما أراد؛ فها نحن نحمله على أعناقنا، ونتجول به ومعه بين أقطار الأمة وأمصارها، ونحن نزهو به بعد أن أمضى تلك الـ "66" عاماً بتواصل؛ كاملة غير منقوصة، يتنقل من صفٍ إلى صفٍ؛ وهو يلاحق طلبته، الذين تتراوح أعمارهم (الآن) بين (10) أعوام و(85) عاماً؛ ليكيل لهم من العلم والمعرفة ما يحتاجون، كما يتنقل من مدرسة إلى أخرى معلماً وموجهاً ومرشداً ودالاً معلميها على أفضل الأساليب وأقصر الطرق لصياغة جيلٍ واعدٍ ملتقٍ مع ذاته متمتعٍ بصحة جسمية وعقلية.
أما بخصوص الجائزة التي يسعى "معلمنا-سلامة" لنيلها فهي "جائزة فاركي جيمس لأعظم معلم في العالم"، إذ سيتم دعوة جميع دول العالم للمشاركة عبر ترشيحات وطنية، وسيتم تشجيع الشعوب على دعم مرشحيها ومعلميها اللامعين وذلك بهدف إيجاد أجواء عالمية مثيرة في اختيار أعظم معلم مما يحقق هدف الجائزة في رفع وتقدير مكانة المعلمين عالمياً. لذا؛ فإنني أتوجه إلى صانعي القرار في فلسطين بأن يرشحوه لنيلها؛ لأن لديه من البيانات والبينات ما يؤهله لأن ينافس أترابه على مستوى العالم وعلى مستوى الوطن العربي، ليكون هو فارس هذه الجائزة إن شاء الله.
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 20/05/2014م


[email protected]



#عزيز_العصا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب -نصب تذكاري- لمؤلِّفيْه أبو عباية والبيروتي: قصص بطولةٍ ...
- محمد أبو شلباية: فارسٌ ترجَّلَ.. فبقي صَهيلُ مؤلفاته
- بؤس الثقافة في المؤسسة الفلسطينية لمؤلِّفه د. فيصل درّاج: أف ...
- -أوراق متطايرة- (1)-الفلسطينيون في المنفى لكاتبها د. محمد فر ...
- جماعة الباب الادبية تعقد لقاءً أدبياً-تربوياً في مقر -جامعة ...
- رواية -البيت الثالث- لكاتبها صالح أبو لبن: وثيقةٌ تؤرخ للصرا ...
- قراءة -مختلفة- ل -عزيز العصا- في رواية: امرأة عائدة من الموت ...
- التاريخ السري لفارس الغبار للشاعر إياد شماسنة: ديوانٌ.. لا ي ...
- مَلحَمةُ -كَفْر توُتْ-: وَثيقَةٌ تَارِيخِيَّةٌ.. بِنَكْهَةٍ ...
- مراوغة الجدران.. للكاتبة -نَسَب حُسَيْن- صورٌ حيّة لحبٍ -لا ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العصا - جائزة نوبل للتعليم.. تكشف مكنونات فلسطين... -محمود داود سلامة- نموذجاً