أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - لماذا أكتب ؟














المزيد.....

لماذا أكتب ؟


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 12:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أكتب لأننى منذ الثانية عشرة من عمري أحببت القراءة بمعناها المعرفي الواسع، وأدركت أني ربما أكون كاتبا يوما ما لأن القراءة تلبى حاجاتى الروحية فألقيت بكل نفسي فيها حتى امتلأت وكان ضروريا أن أعبر عما تحتشد به أعماقى.
أكتب لأني مبكرا أحببت الأنثى فتوجهت نحوها مثل عباد الشمس محمولا على محفة الكتابة .
أكتب لأن بداخلى بحر متلاطم حيث تضرب عقلى أمواج الفكر بينما سماوات روحي ملبدة بالهواجس و قلبي تعصف به رياح هائجة من الانفعالات والمشاعر وأنا بكل حواسي زورق صغير يجدف بقوة ولا يقبل الاستسلام ولا التمسك بالضفاف كطفل يمسك بتلابيب أمه خشية الضياع .
أكتب لأنى أحب أن أفكر في الأشياء وأتحاور معها ، وبالكتابة يفتح الوجود كنوزه
أكتب لأنها لذة لا مثيل لها أن تعمل وتذوب
أكتب لأنى أشعر لأقل الأسباب بعدم التكيف والحصار والقهر وتعذر القدرة على أن أكون على طبيعتى .. أكتب لأنى أود أن أكون صادقا أبوح بكل ما يخطر ببالي ويتجول في أعماقي كأسد يعيش هانئا في الغابة وتم صيده وحشره في قفص لذلك لا يفتأ يبحث عن سبل الانطلاق ليستنشق نسمات الحرية وهي عبير الحياة في المعرفة .. معرفة الكون والجمال والحب .. معرفة المجهول الذي لا ينتهى.
أكتب لأنى مولع بكشف أسرار الحقائق وأحاول دوما أن أخلع عنها هويتها وأغيرها ، فهى على صورتها البدائية مستفزة ومضجرة .
أكتب لأننى شخصيا كائن غير منظور وغير موجود ولا متعين ..أنا وهم وخيال ولا أثر لعقلى ولا جسدى أو روحي ولا دليل على أنى مررت من هنا غير كتابتى .
أكتب لأن الحياة كما أتصورها مدينة فيها الكثير من الحب والجمال وأحيانا الخير والسلام والأحداث المدهشة فضلا عن اللذائذ والمتع ، ولابد أن أكتب تعبيرا عن سعادتي وانتشاء روحي وعن إعجابي وتعاطفي ، ولأن الحياة عامرة في الوقت ذاته بالقبح والنذالة والكثير من القسوة والكذب والخيانة ، فلابد إزاء هذه الحالات من التعبير عن الاستياء والرفض وتمنى زوال كل ما يؤذى مشاعر الناس .
أكتب لأن الحياة لا تكف عن التغير فلم تطالعنى على مدى عشرات السنين بصورة واحدة .. ليس في الدنيا ما يتغير قدر الحياة ، فهي ترتدي شكلا جديدا كل يوم وكل ساعة وأحيانا كل دقيقة .. الحياة قد تبدو مرة كأم ومرة كأخ ومرة كصديق ،وقد تظهر كأنثى وأحيانا مثل إعصار ومرة مثل بحر عميق ومرة عاهرة ومرة كملاك ومرات كسوق وحرب ومستشفى وسجن وجبل وبئر ومطر وبرق وغابة وحضن دافئ وجدول عذب وشجرة صبار أو توت والكتابة محاولة لاستنشاق العبير الحقيقي للحياة.
أكتب لأننى وحيد ولا أريد أن أكون وحيدا والكتابة عالم رائع من الأصدقاء.
أكتب لأنى بالكتابة أقترب من الله ، وكلما كتبت اتضحت تدريجيا ملامحه.
أكتب لأنى أحب الوجود رغم حماقاته وأحاول من خلال الكتابة أن أعيده إلى صوابه حتى أراه جميلا وجديرا بأن نستمر فيه وعلىّ أن أتركه جميلا .
أكتب لأنى كثير الأحلام في النوم واليقظة ..أكتب لأنى هائم في البرية وكائن بلا قواعد ولا نظام ولا تحدنى حدود وقابل للتغير والتحول إلى عصفور وفهد أو حصان ونملة وقبعة وبيانو ومظلة ومرمى لكرة القدم وعشة فراخ وبانيو ، وفي الأغلب قصيدة تكتب نفسها وتفيض بالنور وتعانق القمر ثم تتحول مجددا لتصبح قلبا أبيض له عيون سوداء واسعة و شعر طويل ناعم تتبدل عليه ألوان قوس قزح.
ولهذا السبب وغيره أكتب كي أحاول فهم نفسي المرسومة أمامى من مئات الأسئلة المعلقة دون إجابات وبعضها حصل على إجابات منتجة للأسئلة ، حتى أيقنت أحيانا أنى مخلوق على شكل علامة استفهام كبيرة .. نعم .. يبدو أن هذا صحيح ..أنا علامة استفهام كبيرة .
أكتب لأنى إذا لم أكتب حتما سيصيبنى الجنون أو يُزج بي في السجون وربما تهاجمنى رغبة عميقة وملحة لمفارقة الدنيا بأية طريقة. وقد حاولت ذلك بالفعل لكن الحياة كانت تتمسك بي ..لا أدرى لماذا.
الكتابة إذن هي الوسيلة الوحيدة القادرة على تخليصى من براكين داخلية مَوّارة لا تتوقف عن إنتاج الحمم وأنهار النار ..إنها الحبيبة التى تغمرني بحنانها وتربت على حنايا قلبى وتغسل أبهاء روحي برؤاها وآفاقها وخيالها اللانهائي .
الكتابة ..الساحرة المالكة لأسرار غريبة وناعمة ..هي التى تستطيع تحقيق التوازن بين ذاتي والعالم الغارق في الالتباس.
الكتابة رتق لشراع التواصل الممزق .



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا نريد من السيسي ؟
- قلبى حمامة شقها سكين
- هل حقا هناك احتلال إسلامي وشيك لأوروبا؟
- هل طرد عبد الناصر اليهود من مصر ؟
- أحزان شجرة البرقوق
- رجال ضد الإنسانية - أبو حمزة المصري
- الكتابة .. زوجتى الحقيقية
- ملامح المشهد الثقافي في مصر الواقع والمأمول
- وقائع موت معلن - لرجل عجوز جدا بجناحين عظيمين - بعد أن عاش ط ...
- سقطة فادحة لتشومسكى أهم مثقفي العالم
- الفكرة المدهشة والنص البديع رواية- حُسن الختام - نموذجا
- رصاصات قليلة تمنع كوارث كثيرة
- الحدأة ابتلعت سحابة
- قوس قزح يغازل أماني فؤاد
- المثقف المصري .. طموحات وأشواك
- شذوذ قطر (2)
- شذوذ قطر (1)
- سد الفراغ
- جراتسي
- الناصرية ضد الهزيمة


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - لماذا أكتب ؟