أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية الغيرة والحسد














المزيد.....

ماهية الغيرة والحسد


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1265 - 2005 / 7 / 24 - 10:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحمل النفس الإنسانية قيم الخير ونقيضها، وتغليب أحداهما على الأخرى يعود إلى مدى تهذيب النفس المستند إلى مرتبتها المعرفية، فكلما زادت عملية الاكتساب للمعرفة كلما تخطت النفس مراتبها المتدنية نحو مراتب أعلى سمو ورقي والتي بدورها تعمل على تهذيب النفس من شرورها المتأصلة.
إن سمة الغيرة بحدودها المتوازنة يمكن أن تدرج ضمن قيم الخير، كونها تنزع أكثر نحو الاحتفاظ بالخاصة والخوف من فقدانها والحرص على أي شيء تحبه متخذةً كل السُبل للدفاع عنه وبذات الوقت فإنها تعني التمسك وحب الامتلاك وعدم التفريط بشيء أقرب إلى القلب منه إلى المصلحة.
تدفع الغيرة الفرد نحو التحفز والاستنفار للدفاع عن خاصته، فخسارتها تعني التقليل من شأن الذات وعدم المبالاة بالمشاعر والأحاسيس وما يؤل قدرها إلى القلب مركز الإحساس والعاطفة. فبروز الغيرة بحدودها المتوازنة تعني الحرص والخوف من فقدان شيء تحبه، وإظهاراً لعمق المشاعر والأحاسيس الكامنة. وإن تعدت حدودها المتوازنة أصبحت حالة مرضية تستبدل موقعها لتتخذ من أساليب الشر مسلكاً لتحقيق الرغبات وحينئذ تسبب الضرر للطرف الأخر.
في حين أن الحسد مسكنه في النفس المتدنية، الجاهلة بقدر الآخرين والساعية للانتقاص منهم لأجل إعلاء شأنها كونها تفتقد للقدرة على التنافس الحر لمجاراة الآخر. فتعمد إلى التقليل والحط من قدر الآخرين الأكثر نجاحاً في المجتمع، ساعياً لإعلاء شأنها المتدني.
هناك مراتب متعددة للحسد في النفس الجاهلة، ففي حالتها المتدنية تعمد للمقارنة بين نجاح الآخرين وفشلها. وهذا الأمر يشجع على السعي لتحقيق النجاح لمجاراة الآخرين، لكن حين تفتقد الذات للقدرة على منافسة الآخرين تتصاعد حالة الحسد لتصبح حالة مرضية تعكس الأوجه الشريرة من الذات الجاهلة للتعبير بوضوح عنها من خلال الحقد والكراهية واستغابة الآخرين للحط من قدرهم سعياً لإعلاء شأنها الحاسدة!.
يشخص ((الأمام جعفر الصادق-ع)) ثلاثة علامات للحاسد قائلاً:"أنه يغتاب إذا غاب، ويتملق إذا شهد ويشمت بالمصيبة".
تتخذ حالة الحسد أشكالاً متعددة تبعاً لمدى التنافس لتحقيق الرغبات فكلما زادت تعثرت مسالك الوصول إلى تحقيق الرغبات، وكلما تصاعدت مديات الحسد في الذات صرحت أكثر عن نفسها من خلال أظهار أوجه الحقد والكراهية ضد الآخرين.
وتشخص حالة الحسد أكثر بين أصحاب المهنة الواحدة، نتيجة احتدام التنافس بينهما لتحقيق المصالح. وتكون أكثر حدة بين الفئات النخبوية الساعية لتحقيق النفوذ، وبالتالي السيطرة غير المباشرة على التوجهات التي تشكل مراكزاً للقوى المتنافسة لبسط نفوذها المباشر وغير المباشر على الدولة والمجتمع. فكلما زادت حدة التنافس، كلما زادت حالة الحسد واستعرت نار الكراهية والحقد متخذةً من الأساليب غير المشروعة مسلكاً للحط من قدر الآخرين، تحقيقاً لتحقيق الرغبات غير المنضبطة.
كتب ((دعبل الخزاعي)) في هذا الإطار أبيات من الشعر قائلاً:
"وذي حسدٍ يغتابني حين لايرى...................مكاني ويثني صالحاً حين أسمع.
ويضحك في وجهي إذا ما لقيته...................ويهمزني بالغيب سـراً ويلسـع.
مـلأت عـليه الأرض كـأنما........................يطبق عليه رحبها حين أطلع".
تعتبر حالة الحسد في المجتمع، صفة غير حميدة وتعبر عن ذات حاقدة تشعر بالنقيصة من نجاح الآخرين نتيجة عدم قدرتها على خوض المنافسة معهم أو أنها أنانية مفرطة تحب الخير لنفسها وتحجبه عن الآخرين. كما أنها تعتبر صفة مذمومة في القيم الدينية والاجتماعية، لأنها غير مشروعة وتصيب الآخرين بالأذى المتعمد دودن وجه حق. فالحاسد مهما بلغ شأنه الديني والاجتماعي، ينظر إليه على أنه إنسان غير سوي تحتقن ذاته بالحقد والكراهية للآخرين لا لشيء سوى لأنه يعاني من حالة مرضية تحكم تصرفاته وسلوكه الشائن بحق الآخرين.
يدعو ((أبي العلاء المعري)) لنبذ الشر والحسد من الذات قائلاً:
"ما الخير صَومّ يذوب الصائمون له...................ولا صلاة ولا صوف على جسد.
وإنما هــو ترك الشـر مطرحـاً...................ونفضك الصدر من غَّل ومن حسد".
عموماً حالة الغيرة إن كانت في حدودها الطبيعية تعد حالة مشروعة للدفاع عن خاصة المحب وعند خروجها على حدودها الطبيعية تصنف كحالة مرضية تسبب الضرر لكلا طرفي معادلة الحب. إما حالة الحسد فإنها حالة مرضية إن أصابت مكامن الذات تقودها نحو مراتب متدنية كالحقد والكراهية للإلحاق الضرر بالآخرين والحط من قدرهم الاجتماعي لرفع شانها المنحطة تعويضاً لمركب النقص في الذات غير القادرة على خوض التنافس الحر في المجتمع.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استحقاقات الانتخابات وحكومة المحاصصة
- الطاغية والثقافة
- الدولة الاستبدادية
- أنين ومعاناة هيفاء بيطار
- دوافع الود والعداء
- الشرطي الوزير
- ماهية الخير والشر في الفلسفة
- طرائف من سيرة الفلاسفة
- الصراع حول المكانة والصدارة بين الفلاسفة
- ماهية الفكر
- النظرة الدونية للمرأة عند الشاعر أبي العلاء المعري
- العشق عند العرب
- العشق في الفلسفة
- التشريعات القانونية والمبادئ الدستورية
- الطاغية والسلطة
- ممارسات الطاغية
- شريعة الطاغية
- حاشية الطاغية
- الطاغية والاستبداد
- الطاغية ووعاظ السلاطين


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية الغيرة والحسد