أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منال داود - العشوائيات بين الوضع الانساني والخطر الداهم














المزيد.....

العشوائيات بين الوضع الانساني والخطر الداهم


منال داود

الحوار المتمدن-العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 20:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بينما كنت اقلب بضجر محطات التلفاز استوقفتني احدى القنوات المحلية فرايت منظرا تقشعر منه الابدان رجل يمزق ملابسه ويهرع الى صندوق سيارته ليخرج منها قنينة تحتوي على مادة البنزين فيضرج بها جسده ويحاول الانتحار وسط محاولات بعض الاشخاص لمنعه والتهديئ من روعه ومنهم مراسلي القناة نفسها الذين نجحوا في نزع القنينة من يديه فجثا على ركبتيه ليدخل في نوبة بكاء مرير اصبت بالدهشة فلو كانت مراة لكان الامر طبيعي ولكن ان يبكي رجل فتلك هي الفاجعة .. جمدت ملامحي وانا احاول ان افهم سبب هذا المشهد الدرامي عندما تمالك الرجل نفسه وبدا يتكلم مع الصحفيين عن انه يسكن في احدى العشوائيات وان هناك لجنة من امانة بغداد جاءت الى موقع العشوائية وطالبته باخلائها فورا مع لفيف من المواطنين الذين يقطنون هذا المكان منذ اكثر من عشر سنوات !!
عندما يقتل الفقر شعور الانسان بانسانيته نراه يرضى بادنى مراتب العيش ليس عن رضا و قبول و انما لتجلد مشاعره كانسان فنراه يختار مرغما العيش في اكواخ من الصفيح و يمارس كافة فعاليته الحياتية علها تمنحه شيئا من ادميته السليبة دون أي ذنب سوى انه ولد فقيرا في بلد يتربع على عرش المرتبة السادسة في العالم من حيث الغنى تلك هي ثقافة الحوسمة التي انتشرت بعد عام 2003 والتي ادت الى ظهور العشوائيات فلم يعرفها العراق الى عهد قريب فضلا عن التهجير والنزوح الذي ادى الى تضخم المدن والاستيلاء على الاراضي وتشييد احياء ومحلات كاملة عليها بالاضافة الى السكن في المؤسسات الحكومية والمنازل بحجة عائديتها للنظام السابق ..
ان الخطر الحقيقي الذي تخلفه هذه العشوائيات ليس فقط انتشارها السرطاني الذي طال احياء مهمة في بغداد كانت تحمل بعض لمسات الجمال قبل ان تحولها العشوائيات الى مشاهد مزرية مشوهة قضت على اخر رمق جمالي فيها اقول ان خطرها بات يستفحل ويفتك بالجسد الاجتماعي للمجتمع ليقوضه فقد اصبحت تلك العشوائيات مرتعا للجريمة وحاضنة للعصابات المنظمة لا سيما ان علمنا انه يغلب عليها الطابع العشائري فاغلب تلك العشوائيات اقيمت على اساس التنظيم القرابي في ظل غياب القانون او تغييبه كما ان البعض الاخر اعادنا الى عصر الشقاوات فنراها نشات محمية من قبل شخص واحد يكون هو الزعيم الآمر لسكانها وكانها دولة قائمة بذاتها يحكمها قانون خاص موضوع من قبل ذلك الشخص المتصرف والمتحكم في شؤونها.
وقد عرفت هذه الظاهرة من قبل خبراء التخطيط العمراني " على أنها المناطق الواقعة ضمن الحدود الإدارية للنطاق العمراني للمدن والتي نشأت بدون مخططات تقسيم أراضي سابقة معتمدة على أملاك عامة أو أملاك خاصة مما أدى إلى توسع عمراني عشوائي غير مخطط "
وتعزى الاسباب الرئيسية التي افضت الى هذه الظاهرة هي ارتفاع معدل النمو السكاني حيث ان ذلك يؤدي الى تضخم في الاحياء السكنية مع عدم وجود ما يقابلها من خدمات ، وكذلك النزوح والهجرة من الريف الى المدينة بسبب البحث عن فرص عمل ساعد كثيرا في نموها بشكل متزايد فضلاً عن الكوارث الطبيعية من فيضانات الانهار وغيرها. وكذلك فقد ساهمت الاوضاع الامنية المضطربة وعدم الاستقرار والفوضى التي ادت الى نزوح عدد غير قليل من العوائل التي كانت تسكن المدن اصلا الى اطرافها والاستقرار في تلك العشوائيات التي بدات بالزحف على المدن بحيث أصبحت تتشكل في مواقع مهمة في وسط المدينة وفي أماكن حيوية وبارزة فيها ، وهناك اسباب اخرى غير مباشرة منها انخفاض متوسط دخل الاسرة وارتفاع قيمة ايجارات العقار في المناطق المنتظمة داخل المدن الامر الذي وسع كثيرا من هذه الظاهرة وساعد على انتشارها بعيدا عن عيون الرقابة .
ومع كل الاخطار الداهمة التي تفرزها العشوائيات بصفتها بؤر للانحراف والجريمة بكل اشكالها بالاضافة الى انها عرضة لانتشار الاوبئة و الامراض بين سكانها لكونها تشكل بيئة خصبة بسبب عدم توفر الخدمات والشروط الصحية في مساكنها الامر الذي يجعلها قنابل موقوتة يمكن ان تؤدي الى كوارث مجتمعية وصحية ورغم كل السلبيات التي افرزتها هذه الظاهرة الا اننا نجد ان اجهزة الدولة الامنية لم تلق بالا لخطورتها ولم تتخذ أي اجراءات للحد منها منذ البداية مما خلف مدنا كاملة من العشوائيات بل ان مايثير الاستغراب حقا ان هذه العشوائيات كانت تغذى وتشجع من قبل بعض العناصر لاغراض انتخابية او لصالح جهات حزبية !
لذلك وازاء هذا الوضع لا بد من وضع حد لهذه المشكلة التي اضحت ظاهرة بل خطرا محدقا يهدد صفو حياة المدن من كافة النواحي الامنية والاجتماعية والعمرانية والحضارية ولكن معالجة هذه الظاهرة يجب ان لا يكون بازالة العشوائيات وترك ساكنيها في العراء لان هذا ليس حلا وانما زيادة وامعان في استفحال المشكلة فالعوائل التي سكنت العشوائيات سكنتها مرغمة حيث لا ماؤى لهم غيرها فالضرورة خيار من لا خيار له لذلك لا بد من استئصال المشكلة من جذورها عن طريق توفير سكن نظامي وصحي ملائم لساكني تلك العشوائيات وهذا يتطلب تظافر الجهود ومضاعفتها ان كنا حقا نريد حل لهذه المشكلة .
ولكن هذه الحلول تبقى مؤجلة وتبقى هذه الظاهرة تدور في حلقة مفرغة من الوعود والشعارات الرنانة دون تطبيق فعلي على ارض الواقع وان طبقت فانها لا تعدو ان تكون حلولا ترقيعية مؤقتة لا تساهم في حل المشكلة او حلولا نظرية لا تتعدى حزمة من الاوراق تبقى حبيسة الادراج دون تطبيق لذلك فمن الضروري اتخاذ خطوات جدية وايجابية للقضاء عليها او تقليصها على اقل تقدير وغيرها من المشاكل والظواهر التي باتت تنذر باخطار متنامية قد يصعب ان لم يستحيل حلها على المدى القريب .



#منال_داود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الفساد في العراق
- المشروع الديمقراطي في العراق


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منال داود - العشوائيات بين الوضع الانساني والخطر الداهم