أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - نوابغ ومجانين العرب














المزيد.....

نوابغ ومجانين العرب


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 15:41
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


منذ أيام وأنا أشاهدُ صورةً في كثيرٍ من الهواتف المحمولة، في جيوب كثيرين ممن أعرفهم، يتبادلونها، في شبكة الإنترنت، صورة تستدعي الواقع المرير الذي يعيشه عربُ الألفية الثالثة، إنها مقياسٌ دقيق للحالة الثقافية والفكرية، ومؤشرٌ مضبوطٌ أيضا لحالة تأخُّر وانحدار بقايا أمة العرب، صورةٌ، يكتفي مَن يشاهدونها بفتح أفواههم استغرابا، وسرعان ما تمَّحِي في ظل الواقع المرير الذي يعيشه عربُ اليوم.
هذه الصورة المشهورة جدا، هي لعالِمٍ عراقيٍ مُشرَّدٍ في شوارع بغداد، دكتور، ليس ككل من يحملون اللقب، بل إنه أستاذ في أكثر علوم الأرض نفعا في الألفية الثالثة، إنه أستاذ في علم الفيزياء، وليس دكتورا في علوم اللغة والفقه والتاريخ والجغرافيا مع الاحترام للجميع!!
لقد أكَّد لي أحدُ مَن عاشوا في العراق، بأن الصورةَ حقيقيةٌ، وهي لعالم الفيزياء المشهور في المجال النووي حميد خلف!!
في البداية قد يكون الحادثُ أمرا فرديا، ومرضا يُصيبُ كثيرين، غير أن هجرة العقول المبدعة من العراق منذ احتلاله تدفعُنا إلى التساؤل:
هل هذه قضية فردية، أم أنها مؤشرٌ على ظاهرة خطيرة؟
نعم إنها تقع ضمن مسلسل تفكيك منظومة بقايا العرب، ليس بالاحتلال والقتل والتهجير فقط، بل بإفقار الأوطان ثقافيا، ونزعِ عقولها المبدعةِ ، وتشريدِ آخر المبدعين، بالتحريض ضدَّهم، أو حتى باتهامهم بالجنون، لأنهم يشذون عن القواعد القبلية في المجتمعات العربية، لأن المبدعين مختلفون في أفكارهم وآرائهم عن السائد والمعتاد، لذلك فهم مرفوضون في المجتمعات التي غاض فيها الفكر، وانزوت العلوم،واندثرت فيها الإبداعات!
ما أكثر المبدعين الهاربين إلى البلاد التي تفهم عقولهم، وتقدر إبداعاتهم!! وما أكثر الذين يتهمهم أهلهم بالجنون والشذوذ، وما أن يخرجوا من إطارهم القبلي والأسري حتى يحظوا بالاحترام والتقدير!
حينئذِ يندم أهلُهم على التفريط بهم، لأن غيرَهم قد اعترف بنبوغهم للأسف!
فالعربُ أسرى للمقولة العربية التقليدية( لا نبي في قومه)!!
ومن أسوأ ما في المجتمعات القبلية التقليدية التي ينتمي إليها بقايا العرب، هو براعة هذه المجتمعات في قتل الإبداعات، ووأد نُطف الإبداع منذ الولادة، وتقليم أظافر المختلفين في الفكر والعقيدة، ويتم ذلك كلُّهُ خدمةً ( للحاكم) أو شيخ القبيلة، أو أدعياء الدين، من الجاهلين، مِمَن يخشون العلومَ النافعةَ،لأنها تُفقدهم سلطتهم، وتُقلل من عدد العَوامِّ الذين يتبعونهم، فيقلُّ دخلُهم المادي!! فهم يُرددون صباح مساء المقولة القاتلة:
[ إن شر الأمور محدثاتُها، وكلُّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلُّ ضلالةٍ في النار]
والغريب أنهم يتجاهلون عن قصد وعمد وترصُّد أقوالا وأحاديثَ جميلةَ تنقضُ حكمتهم السابقة، ومنها قولُ الرسول:
"مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهَا، وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا."
ما يزال العالِم أحمد زويل رمزا على هذا الواقع العربي المرير، فهو يصف سرَّ نبوغه، وحصولَه على جائزة نوبل في الكيمياء، 1999 كأول عربي يحصل على هذه الجائزة، ينسبه إلى الجوِّ الذي وفَّرَهُ لهُ مَن يفهمون الإبداعات، فقد منحته أمريكا جنسيتها أولا، ثم منحته جامعةُ كاليفورنيا كل الإمكانات المطلوبة للإبداع، بعد أن لم يجد هذا الجو في وطنه، فهو قد اعتاد أن يرى في شبابه قِفلا على باب معمل العلوم في مدرسته، خشية أن يُكسرَ إناءٌ أو دورقٌ من دوارق المعمل، أثناء التجارب! فيُضطر أمينُ المعمل أن يدفعَ تكلفة الكسر من راتبه الشهري، لذلك فإن إغلاقَ معامل التجارب في الوطن العربي خطةٌ مدروسةٌ لإقصاء الكفاءات، وتحويل العلوم التجريبية إلى محفوظات ورموزٍ تعجيزية !!
معظم دول العرب لا ترفض فقط، منح الجنسيات للمبدعين، بل إنها تمنعهم من المرور في أراضيها، خشية أن تُصيب عدوى إبداعاتهم، بعض المغمورين والمقهورين، فينتفضون على الحكام الطغاة الجاهلين، ويزول ملكُهُم ، ويتقوَّضَ حكمُهُم!
إليكم بعض مقاييس دول المستقبل:
الاهتمام بالبنية الأساسية للتربية والتعليم، واعتبار المُدرس أكبر ثروات الوطن، فهو أعلى درجةً وتقديرا من كل الزعماء السياسيين!
التنافس في مجالات البحث عن الإبداعات، وذلك بتأسيس مركز أبحاث ودراسات، ومعاهد لنشر الثقافات في كل دول العالم!
الثورة على البيروقراطيات التي تقتل الإبداعات، وأبرزها البيروقراطيات المتبعة عند العرب؛ عدم الاعتراف إلا بالشهادات الورقية، وسنوات الخبرة، وعدم التمرد على الرؤساء،كأساس للترقيات، ونيل العلاوات، بدون أن يكون هناك قانونٌ يُعطي المبدعين حقوقا أخرى، كالترقيات والعلاوات، تُضاف إلى مرتباتهم، بغض النظر عن شهاداتهم ومراتبهم الوظيفية!
استقلال الجامعات ومنحها الحرية الكاملة في وضع لوائحها وقوانينها، وتشجيعها على أن تتولى مسؤولية البحث عن الإبداعات والكفاءات واستقطابها لمصلحة الوطن!
وكل ذلك لا يتحقق بالطبع إلا في ظل جوٍّ ديمقراطي حُرٍ في كل مجالات الحياة!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أسرار زيارة البابا
- إسرائيل الوريث الوحيد للجنس السامي!
- أين نحن من إفريقيا؟
- اغتيال وتصفية عاموس عوز
- عميل الإنترنت في كوبا
- قصص نساء يهوديات معنفات
- نضال فلسطيني حضاري
- انتحار الآباء من مناهج الأبناء
- غشني في السعر، لا البضاعة
- هل بوتفليقة أسدٌ حطوم؟
- الفتاة السوداء إيهود باراك
- وجه آخر للنضال في غزة
- أوباما يتسول في السعودية
- حكاية عجين نتنياهو النجس!
- الغش في الأبحاث الجامعية حلالٌ
- أول كتيبة مالية صهيونية
- روج على شفاه عربية مشقَّقة
- إبداعات وتخاريف وجهالات
- الحرب السايبرية وحروب الألسنة العربية
- زعيمان وسفينتان


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - نوابغ ومجانين العرب