|
حكم الاغلبية و موزائيكية المجتمع العراقي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 11:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يخف عن احد شكل و تركيبة المجتمع العراقي و الترابط بين افراده و الخصوصيات المختلفة لكل فئة عن الاخرى من العديد من النواحي و لحد يمكن ان لا نجد انسجاما او توافقا ما بين العديد منهم . التاريخ و الجغرافية و العرق و الدين و المذهب و العادات و التقاليد المختلفة تجدهم مختلفين حد التضارب او التقاطع بين الاعراق و الطوائف المختلفة التي يتكون منها الشعوب العراقية. الواقع التركيبي للشعب العراقي هكذا الان و كانه تركب من جمع مجموعات مختلفة و متباعدة بقوة و عبر تاريخه الطويل المليء بالاحداث، و جاءوا من الاصول و الانساب المختلفة و من منشا و منبع و مواقع او جغرافيا مولد مختلف . لذا نجد الفروقات الواضحة في تفصيلات الحياة المعيشية بين طيف و اخر و فئة و اخرى و من مكان لاخر، رغم وجود خيوط ترابط عديدة بين المختلفين . الثقافة العامة لابناء الشعب المختلفة التركيب بمستوى معلوم، و لا اخفي انه شعب يتصف بالاختلافات و الخلافات المتعددة في كثير مما يخص الفكر و التوجهات و الاعتقادات المترسبة في كيانهم. و الاختلاف الكبير بين معيشة الناس في المدينة عنه في القرية واضح للعيان، و نلمس التعصب متجذر في من لم يختلط او يتفاعل مع الاخرين و منعزل لحد ما في مساحة معينة. نجد من السمات المختلفة في الفئات و الطوائف المختلفة نتيجة تاثيرات و افرازات الاديان و المذاهب و الشرائع المختلفة. و هذا بدوره اثر على نظرتهم للاخر و كثيرا ما نرى توجها عدوانيا لاخر نابعا من اختلاف الدين او المذهب و من اناس لا يملكون اقل مستوى من الثقافة العامة . تاثيرات الدول الاقليمية و مجتمعاتها على تركيبة و شكل المجتمع العراقي واضح للعيان، بحيث هناك مجموعات تتشابه مع قريناتها في خارج الحدود الى اقصى حد و منها مختلفة تماما عنها ايضا . و عليه انعكست كل تلك الاختلافات الشكلية و الجوهرية على طبيعة المجتمع العراقي و به نتجت حالة و فرزت منها وضعا سياسيا معلوما لدينا، اي الاكثرية المتشابهة في الدين و المذهب و العرق اصبحت اكثرية سياسية و في المقابل الاقلية المجتمعية المذهبية كانت ام عرقية افرزت و اخرجت منها اقلية سياسية . اي، لو فرضنا جدلا بان الاغلبية التي تحكم العراق و التي اوتوماتيكيا نابعة من الاغلبية المجتمعية، فان هذا النوع من الحكم بالنتيجة سيسبب في الشرخ الكبير بين المجتمع على اختلاف تركيبته، و سيؤدي في النهاية الى انقسام بدون شك، الا اذا فرض الحكم بالقوة على الاخر المختلف المعارض، و هذا ليس لخير الشعب كله لان المرحلة تتطلب الحرية و الديموقراطية والتراضي و العيش بسلام و امان لجميع الفئات، و سيفرز من التسلط بالقوة ما فرز اثناء حكم الدكتاتورية و اكثر . لذا، لو اريد للشعب العراقي بجميع فئاته و مكوناته ان يعيش في جو من التعايش السلمي و التقارب مع البعض لابد ان ينعكس الشكل و النوع و التركيبته المجتمعية على النوع و شكل السلطة و الحكم لتجنب التحارب و التصادم المستمر، و الا في النتيجة و كتحصيل حاصل على خلاف ذلك سيكون الحكم و السلطة بيد مجموعة مجتمعية معينة دون اخرى و ستضرر بها، لاننا لسنا بدولة مؤسساتية و يتدخل الاجتهاد الشخصي و العوامل الاجتماعية الثقافية و الخلفية الشخصية و الحزبية في كيفية الحكم و مسيرة البلد. اذا حكمت فئة سياسية او حزب او كتلة سياسية معينة فان الكتل الاخرى ستكون معارضة، اي ان مذهب و دين و عرق معين سيحكم و الاخرين سيكونوا معارضين على الارض، و هذا سيؤثر على الارض وسيدخل في ثنايا المعيشة العراقية و سيصبح من عوامل التفرقة و سيدخل في صلب اسباب الشقاق المجتمعي من كافة النواحي . و عليه، يمكن ان نعتقد بان الاغلبية السياسية يمكن ان يسيطر بالحديد و النار على المجموعات المخالفة و المختلفة، و لكن هذا ما عانى منه الشعب العراقي بكافة فئاته و هو ما وصلنا الى اليوم و يمكن ان نعيد التاريخ و نعود الى نقطة الصفر مرة اخرى بشكل او اخر. اي حكم الاغلبية السياسية في هذا الوقت بالذات هو بداية الدكتاتورية و التفرد في الحكم على حساب السلام و الامان و المستقبل الزاهر و التعايش السلمي لجميع فئات المجتمع . و هو ليس الحل المناسب للفوضى الموجودة، و عليه ان اردنا الحل الجذري لابد ان ننظر الى الاختلافات المجتمعية من النواحي الثقافية و الاجتماعية و العرقية و الدينية و المذهبية، ان اردنا ان نكون واقعيين و نريد ان نستحصل على حكم مناسب من المجتمع و يلائم خصوصيات كل طيف او فئة موجودة في المجتمع العراقي .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين المثقفون في تقييم اداء السلطة الكوردستانية
-
البرلمان الكوردستاني و تضليل الشعب
-
من المحق في الخلافات بين حكومة اقليم كوردستان و المركز العرا
...
-
اين نحن من الديموقراطية الحقيقية
-
شاهدت ما لم يشهده غيري
-
كيف يكون تاثير الصراع الاقليمي على اقليم كوردستان
-
تحقيق الهدف المشترك يحتاج الى التعاون و الاخلاص
-
الوفاء سمة الانسان الاصيل
-
الحركات السياسية الصغيرة و نتائج الانتخابات في العراق
-
العراق الى اين و ما يحل به من مصلحة الشعب ؟
-
اليس عودة روسيا الى القمة من مصلحة العالم ؟
-
هل تفرز الانتخابات العراقية ما تتمناه النخبة ؟
-
العنف ضد المراة في اقليم كوردستان فقط ام .....؟
-
هل المراة تظلم نفسها ؟
-
اليس من حق روسيا الدفاع عن مصالحها
-
الاحساس بالاغتراب و انت في قلب الوطن
-
العراق يختار الخيار اللاخيار
-
صحيح ان ما نعاني منه في منطقتنا من عمل يد امريكا فقط ؟؟
-
هل مسعود البرزاني ارهابي حقا ؟
-
الصدق مفتاح النجاح في الحياة الاجتماعية
المزيد.....
-
ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي
...
-
صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
-
CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
-
إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
-
-تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
-
هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
-
دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل
...
-
وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
-
صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات
...
-
انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|