أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فوزي بن يونس بن حديد - الانتروبولوجيا الإباضية أو الانتروبولوجيا والإباضية















المزيد.....



الانتروبولوجيا الإباضية أو الانتروبولوجيا والإباضية


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 4467 - 2014 / 5 / 29 - 10:38
المحور: مقابلات و حوارات
    


حوار مع الأستاذ أسامة بوفريخة الأستاذ المبرَّز بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة بالجمهورية التونسية
أجرى الحوار: فوزي بن يونس بن حديد
هل سمعتم يوما بالانتروبولوجيا؟ إنه مصطلح جديد لم نتعود على سماعه ربما، إنه علم يبحث في الأصل الافتراضي للإنسان وتطوره ليس بيولوجيا أو نفسيا وإنما ثقافيا، كيف يتطور ثقافيا وكيف يصنع الحياة بأدوات علمية، وهي عبارة عن دراسة ميدانية يقوم بها الباحث للدلالة على المنظومة الفكرية لفرقة أو مذهب أو ظاهرة لا تزال تمارس حراكها الثقافي، وفي ظل هذا التحليل للمصطلح ارتأى الأستاذ المبرَّز أسامة بوفريخة الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة بالجمهورية التونسية أن يبحث في أصول المذهب الإباضي عبر الانتروبولوجيا ويوظف أدواته العلمية ومنهجه الخاص ليثبت أن الاباضية ليست فقها وعقيدة وتاريخا فقط بل ليقول إن الإباضية بحار من المعارف وكنوز من المقولات، قابلناه أثناء زيارته سلطنة عمان وأجرينا معه الحوار التالي:
سمعنا عن الانتروبولوجيا والإباضية، مصطلح حديث وكلمة جديدة على الساحة الثقافية لا سيما إذا التصقت بمذهب أو فرقة فما مفهوم الإنتروبولوجيا والإباضية؟ أو ما معنى الانتروبولوجيا الإباضية؟
بالنسبة إلى هذين المصطلحين يمكن تفسيرهما بشكل بسيط جدا، الانتروبولوجيا هي في الأصل علم دراسة الأصل الافتراضي الإنسان وتطوره، وهذا مبحث يخص العلوم البيولوجية والعلوم الفيزيائية والعلوم الطبية خاصة هذا هو أصل الانتروبولوجيا أن نبحث في الأصل الافتراضي وكيف تطور هذا الكائن البشري على سطح الأرض وفق العلوم الحديثة، العلوم الصحيحة، ولكن هذا المنهج بعد ذلك انتقل إلى الحقل الثقافي وأصبح هنالك ما يسمى بالانتروبولوجيا الثقافية، والانتروبولوجيا الثقافية هو مجال شاسع كثيرا وفيه الانتروبولوجيا الفرعية، وحافظت الانتروبولوجيا الثقافية على نفس مفهوم الانتروبولوجيا الأصلية علم الإنسان واستعارت منه مفهومه وهو أن الانتروبولوجيا الثقافية تهتم بأصل الممارسات الثقافية عند المجموعات البشرية وكيف تتطور هذه السلوكات بفعل التطور التاريخي والتطور التقني والتطور الحضاري والتطور الثقافي والتطور اللغوي إلى غير ذلك،وهي مجموعة من الانتروبولوجيات مثل الانتروبولوجيا الدينية وهناك من يتعامل معها وهناك من قدم إضافة وهذا محل إشكال علمي والانتروبولوجيا السياسية وهنالك انتروبولوجيا الجماعات وهنالك الانتروبولوجيا الرمزية وهنالك انتروبولوجيا كثيرة وتهتم أساسا مثلا بالبحث عن العائلات والعلاقات بين العائلات في المجتمعات القديمة مرورا إلى العصر الحديث كذلك التطور الثقافي في مسائل معينة عند هذه المجموعات فنحن نرى مجموعة من الانتروبولوجيات تشترك كلها في أنها تبحث في الإنسان من حيث ممارساته الثقافية هذا الأمر ما علاقته بالإباضية أو بالحقل الثقافي الإسلامي إجمالا، يرتبط بأن الدين باعتباره مكونا من مكونات الثقافة، والدين هنا الذي أتحدث عنه، الدين في العلوم الإنسانية ليس باعتباره ظاهرة دينية طبعا لها مجالاتها ولها ممارساتها فيها العقائد فيها الفقه فيها السلوك فيها المعاملات إلى غير ذلك.
طبعا الآن السؤال المركزي هو ما علاقة هذه الانتروبولوجيا بالمجموعة الإنسانية وخاصة الإباضية، الإباضية هي مذهب أو فرقة إسلامية شأنها شأن الفرق الإسلامية لها خصوصيتها وربما لها خصوصيات تميزها عن غيرها،فهمّي أن أقرن الانتروبولوجيا بالإباضية وأقرن الإباضية بالانتروبولوجيا هو أن أبحث في الممارسة الإبداعية الثقافية عند المسلمين من خلال نموذج هو الإباضية لأني أرى أو أزعم أن الإباضية توفي هذا التطور النظري حول التطور الثقافي عند المجموعات البشرية حقه ويمكن أن تكون ناجعة في حقل الدراسة الانتروبولوجية باعتبار أن الإباضية هي بحار من المعارف وكنوز من المقولات، وهنا أستعير مصطلح العلوم الإنسانية، والأجمل في هذه العقائد والمقولات أنها تُطبَّق وتُمارَس، وطبعا الانتروبولوجيا هي دراسة ميدانية لا تقتصر على الجانب النظري، فالنظرية مشروطة بتحققها في الواقع، فالواقع هو المنطلق لا النظرية هي المنطلق، عكس العلوم الإنسانية الأخرى مثل علم الاجتماع او علم الاجتماع الديني خاصة يأخذ النظرية ويطبقها، فهنالك نوع ما تعسف على الواقع، ولا ننكر أن علم الاجتماع ينطلق من الظاهرة ويعالجها، لكن الانتروبولوجيا عكس علم الاجتماع وإن كانت تشترك معه في أشياء كثيرة تنطلق من الواقع، فهمّنا هو أن ننطلق من الممارسات الإباضية لماذا؟ لأن الإباضية فيها فرادة الفضاءات التي توجد فيها: الصحراء ( وادي ميزاب) وجزر ( جزيرة جربة وجزيرة زنجبار)، وهي كذلك تجمع بين الصحراء والبحر مثل سلطنة عمان، فانظر هذا التشكل الطبيعي البيئي الذي لا يوليه الكثيرون أهمية يؤثر في الممارسات الثقافية ويجعل المذهب أو الفرقة تبدع ثقافيا وعقديا وفي العلوم الشرعية وفي كلامها وفي أصولها وفي نظرياتها وفي أدلتها وفي حججها فهي محصّنة بل مهمشة، وتهميشها ساعدها على أن تتطور وهذا هو حسب المعنى البراجماتي عند الباحث، فالباحث براجماتي يريد العينة التي تحقق اكتفاءه النظري وتُفعّله، فبالنسبة لأي باحث للاباضية هو اختيار دقيق وبراجماتي وعملي لنظرية من النظريات، ولكن المشكلة أننا لم نطبق المنهج، وهذا المنهج في حد ذاته هو منهج اتروبولوجي تأويلي الذي لا يخرج عن الحقل الثقافي العام وهو الانتروبولوجيا الثقافية، ولكن نحن سننطلق من هذه الممارسات ونصعد بها في التحليل والتأويل، لأننا سوف نركز على رموز الإبداع في المذهب أو في الفرقة الإباضية، وهذه الرموز الإبداعية تتحقق في مستويات كثيرة،في النصوص، في المدونات، في الرسائل، وفي الممارسات الثقافية اليومية في الصلاة في المسجد في المدافن في التحاور أو التبادل الرمزي اليومي بين الإباضيين وغير ذلك نصعد به إلى مستوى التأويل والتفكير، فهو بكل بساطة هو التفكير في بعض هذه الممارسات ونحاول أن نكيف الانتروبولوجيا مع هذه الممارسات، إذا سننهل من هذه الانتروبولوجيا التي ستساعدنا كثيرا ولكن في الوقت نفسه سنكيّفها حتى لا ننزلق في التطبيق الأعمى واللاموضوعي للانتروبولوجيا وهذا هو بصفة عامة ما معنى الانتروبولوجيا أو ما أصطلح عليه بانتروبولوجيا المذهب الإباضي أو الفرقة الإباضية.
ما أهمية هذه الدراسة حسب رأيك؟

هذه الدراسة تحقق رهانات ليست فقط فوائد بسيطة ذاتية أو موضوعية أو علمية، فيها رهانات، والرهانات مستوى ربما أرقى من الأهداف، فعندما نتحدث عن الرهان نتحدث عن استراتيجيا بعيدة المدى لا يمكن أن نحصيها ولكن إجمالا يمكن أن نتحدث في بعض الرهانات فقيمة هذه الدراسات أنها:
أولا ستزعم الإضافة للعلوم الإنسانية، ستفتح بابا جديدا أو بالأحرى هو باب مفتوح ولكن لم يهتم بموضوع الإباضية بالأساس ولكن ليس همه أنه سيفتح الباب إلى الدراسات الإباضية بالانتروبولوجيا وهذا رهان جميل لكن الأعمق أنه سيجعل باعتبار عملية التفاعل والجدل الواقعي أن الإباضية هي التي تؤثر في الانتربولوجيا مثلما أن الانتروبولوجيا ستؤثر في الدراسة عن الإباضية وهنا لا نتحدث عن الإباضية باعتبارها ظاهرة للدرس ليس باعتبارها عقيدة رغم أن من أساسياتنا أو من أدواتنا التي نشتغل بها هي العقيدة من حيث إنها ظاهرة فريدة من نوعها، فالرهان الأول سنفيد الانتروبولوجيا ونطوّر أدواتها لأن الانتروبولوجيا التأويلية الآن تُركت قليلا في الغرب وإن شاء الله سنعيد فتح ملفها ونطورها عن طريق الإباضية ونستفيد من أننا سنفهمها على حقيقتها، الحقيقة الثقافية التي تذهب بنا أو تحيلنا على الرهان الثاني.
الرهان الثاني وهو أن مقولة الفرقة الناجية أو الفرقة الواحدة الثقافية المسيطرة وهي التي تعكس الثقافة الإسلامية الوحيدة وما دون ذلك لا يعكس شيئا وهو إما ضلال بلغة المتحدثين بالعقيدة أو هي ظاهرة تافهة لا معنى لدراستها لأنها لا تحقق شيئا باعتبارها أنها قامت في عقيدتها على ضلال، سنقول إن هذا المذهب قدم للثقافة الإسلامية ويستطيع أن يقدم أكثر للثقافة الإسلامية، وسيقدم للثقافة الإسلامية، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى إثبات سوف يخرج التصور السائد للاباضية وغيرها من المذاهب المهمشة على أنها يجب أن تبعد ويجب أن لا تتناول بالدرس، فبالعكس سنثبت أن فيها هذا الجانب الثقافي، الجانب الديني الهام الذي لا ينكره أحد خاصة الجانب الثقافي الرمزي النزعة وحتى لا نسقط هذه الكلمة نقول النزعة الانتروبولوجية لهذه الفرقة وبذلك ستفتح الباب أمام الباحثين لكي يهتموا بهذه الظاهرة رغم أن هناك مدونات اهتمت بهذه الظاهرة إما بالتركيز على هندسة وادي ميزاب أو تاريخ جزيرة جربة أو تاريخ الإباضية في جربة أو تاريخ مساجدها أو البحث في المجتمع العماني المعاصر باعتباره مجتمعا إباضيا وكيف تأقلم مع كونه مذهبا ودولة لكن البحث الانتروبولوجي هو الذي ما زال لم يتحقق بعد.
والرهان التالي هو إضافة البعد الثقافي على مسألة الانتروبولوجيا، هنالك من الغربيين والمستشرقين من تحدث في بعض المقالات عن أسلمة الانتروبولوجيا والأمر بقي موجودا نظريا في الكتب المعمقة في هذا الأمر ولكن بقيت بلا دليل وانتم تعرفون أنه متى أسقط الدليل انتهى التصور أو الموضوع أو الدراسة، فنحن سنحاول أن نثبت عبر كل هذه الدراسات أن من تحدث البعض من أسلمة الانتروبولوجيا هي قابلة للتحقق بل هي متحققة أصلا ميدانيا وعمليا وحتى نظريا وبالتالي نخرج من الانتروبولوجيا باعتبارها المقولة الكونية الجامعة وهذا رهان من رهاناتنا أن هنالك أسلمة للانتروبولوجيا، يمكن دراسة الإسلام بالانتربولوجيا بل يمكن أن نتحدث عن انتروبولوجيا إسلامية أو أسلمة الانتروبولوجيا التي ستقدم الكثير للانتروبولوجيا في حد ذاتها بأن تطوّرها، وستقدم للإسلام خدمة كبيرة كي تخرجه من الدراسة السطحية إلى الدراسة التي تصبو إلى أن تجاري النسق الكوني في المعارف والأفكار والنظريات حتى نكسر تلك المقولة، مقولة أن الظواهر الإسلامية أو الإسلام عامة تراثي ومتخلف ويصطدم كليا مع الحدث، فنحن نقول أو يذهب بعضهم أو حتى النخبة ولا نعمّم يقولون إمّا التراث أو الحداثة، هناك علاقة صدامية، ونحن نقول تراث حديث وحداثة تنبع من التراث،يعني لا يصطدم الأمر يمكن أن نكيف الأمرين، بل إن في الفرقة الإباضية ما هو حداثي أكثر من الحداثة نفسها حسب دراسة فكرية وميدانية، هنالك رموز ثقافية والديناميكية لهذه الرموز وأنساقها أي كيف تتحرك وكيف تتطور وكيف تنشأ وكيف تتأقلم مع البيئات المختلفة التي توجد فيها، مع الأعراق المختلفة، مع البيئات المختلفة مع النظم السياسية كذلك الموجودة في المناطق بين المشرق العربي وفي المغرب العربي كيف أنها فعلا جديرة بأن نقول إنها عظيمة وإنها متطورة وإنها الشكل الأرقى لتماثل الإسلام.
لماذا اخترت الفرقة الإباضية رغم أن هناك فرقا أخرى موجودة على الساحة وهنالك ظواهر أخرى كظاهرة التصوف في المغرب أو غير ذلك، لماذا ركزت على الفرقة الإباضية؟ وما الذي شدّ انتباهك فيها حتى تكتب عنها؟

الإجابة تنفتح على معطيين: معطى ذاتي ومعطى موضوعي، فالمعطى الموضوعي هو أنه أنت عندما تعد دراسة أو الإطار النظري لدراستك يجب أن تختار عينة تحقق الجانب المادي أو الدليل المادي حول نظريتك هذا أولا من الناحية العلمية، وثانيا لا يمكن لدارس الانتروبولوجيا أن يتخلى عن الجانب الميداني، والجانب الميداني هو المحك، هو محك الظاهرة في حد ذاتها وهو محك النظرية كذلك، فالنظرية يجب أن تتصارع مع الواقع وكذلك الواقع أيضا سيتصارع مع النظرية، وفي علاقات الصراع هذه تتحقق المعرفة المنشودة لذلك أنا حسب اعتقادي النظري فيما أنجزته من بيئة نظرية ومن إعداد نظري ارتأيت أن الفرقة أو المذهب الذي يحقق النجاعة النظرية التي أريد والنجاعة الميدانية التي أبتغيها هي الفرقة أو المذهب الإباضي لأنه زاخر بالممارسات الثقافية، ليس مذهبا فقهيا شكلانيا يبحث في الحلال والحرام والحق والباطل بل هو رصيد من المعارف الشرعية التي تلبست بالمعارف الإنسانية وبعلوم المنطق وعلوم الكلام وأنتجت فقها أو شريعة أو تصورا فريدا من نوعه وجدير بأن يحقق الجانب النظري الذي يجب أن أثبته دون تنكر للخصوصية، وهذا الرهانات تجرني إلى الرهان الثاني وهو أن أعرف بالإباضية، أنا لست متخصصا في العلوم الشرعية ولكن أنا باعتباري متخصصا في الحضارة الانتروبولوجية أعرّف بها وعبر الانتروبولوجيا يمكن أن تعرف كل شيء وطبعا الانتروبولوجيا هي مثل ما فيها الاستعمالات الطيبة والجيدة تُوظّف كذلك لاستعمالات أخرى فأنا ضمن الاستعمالات التي استعملتها وهو الأهم أن أعرّف بها لأني عندما أنجح في أن أرتقي بهذه الظاهرة إلى الدرس الأكاديمي وأخرجها من الدرس التقليدي (العقائد الأدلة القياس الفقه) وبعض الفكر التعريفي العام ( لايؤمنون بكذا لا يقولون كذا ولا يعتقدون كذا يثبتون كذا) وهذه تعاريف وهذا التعريف سأعرفه ولكن بأدوات علمية سأعرف الاباضية وأنا قمت بتجربة ميدانية وأخذت عينة تتكون من 100 شخص حسب المناطق في تونس وسألتهم ما هي الإباضية؟ وأين توجد؟ فمرة وجدت صفر جواب وكان جوابهم لا لا لا وفي الوسط والجنوب وجدت إجابتين ومنها الإجابة التي تعرف الإباضية بأنهم خوارج ولا تعرف أين توجد؟ فيقول بعضهم هذا في القرن الأول أو الثاني للهجرة ولكنهم خوارج أو من فرق الخوارج في أحسن الحالات التي وجدتها وهذا الذي دفعني إلى أن أعرّف بالفرقة أو المذهب، بأعلامه، بأصوله، بعقائده، إلى غير ذلك عن طريق البحث الميداني الذي يرتكز على المدونات والمصنفات والمخطوطات والممارسات اليومية الثقافية، لأن الممارسات الثقافية ليست خارجة عن العقيدة هي تنبع من روح العقيدة فأنا يجب أن أدرس العقيدة وأبحث في المراكز الثقافية وفي المخطوطات إلى غير ذلك حتى نعرّف العالم الكون أن هذه الظاهرة جميلة تستحق الدرس وإن شاء الله يقبل عليها وهناك كبير من الدارسين والباحثين في الشأن الإسلامي وحتى دراسات المستشرقين الكثيرة والهامة لا ننكرها لكنها بقيت في حدود التعريف العام أو تحقيق بعض المصادر أو الرسائل ولم تخرج عن ذلك أو هنالك من أسقط هذا المنهج وتوقف عند دراسة المرحلة التاريخية وهذا في الجامعة التونسية على الأقل أتحدث عن الجامعة التي أعرفها كانت كلها حول الفترة التأسيسية للإباضية حول الامام جابر بن زيد وماهي مقولاتهم وعلاقتهم بالخوارج وتتوقف عند هذا وليس هناك بحث عن الإباضية وهي متواصلة، فلو انقرضت مثلا كالنجدات والأزارقة فلا بد أن ننبش في كتب التاريخ والمصادر عن عقائدهم وفكرهم وهذا جيد بالنسبة لنا كباحثين ولكن الإباضية موجودة اليوم في أكثر من منطقة كيف لا نعرفها وما الذي جعلها لا تموت هذا هو الرهان لماذا لم تمت فهذا هو ما يهمني، لكن لا أنكر أن الانتروبولوجيا هذه يمكن أن نستعملها ونستثمرها في فهم التصوف المغرب في فهم الحركات الإسلامية، ولكن حسب منهجي الخاص هي الأقرب إلى ذاتي وإلى عقلي وإلى روحي وإلى فكري وإلى نظريتي، والمشكلة أن الغربيين قاموا بهذا الأمر ومارسوا الانتروبولوجيا في فهم التصوف في المغرب، وفي أي جامعة المانية اكتب المغرب تجد الدراسات العقائدية والدراسات الاتروبولوجية والتاريخية والجغرافية فللأسف هم سبقونا.

وما هو السبب الذاتي حسب رأيك وقد ذكرت السبب الموضوعي؟ وهل اقتنعت بأفكاره وهل تنتمي إليه؟

السبب الذاتي هو أن أعرّف بهذا المذهب، إني أومن بهذا المذهب، فهو في البداية مهم جدا بالنسبة الي ومغر جدا لأنه وبدون تعقيد مختلف وأنا منذ صغري أبحث عن المختلف ولا أحب السائد أو المألوف ولا أومن به وهذا ما تربيت عليه فأنا لا أريد ثقافة المألوف بل أريد ثقافة الاختلاف. فالإباضية عندما اطلعت على قليلها أو كثيرها رأيت أنها الأقرب إلى المقاصد (الجانب العقلي) الذي هُمّش اليوم، فإسلام اليوم لا علاقة له بما يسوق له بالعقل وإنما علاقته بشيء واحد هو الدم فأنا لا أومن بذلك أنا أومن بعقلنة الإسلام فأنا مسلم من سأكون هذا هو التمثل الذاتي والموضوعي للإسلام مع أني مهتم كباحث، صحيح أن المحور الكبير للدراسة الانتروبولوجيا الإباضية وهذا حسب الجانب البراجماتي وباعتباري انتروبولوجي أعتبر أن الجامعة التونسية مجال خصب لبحثي مهتم بظواهر مختلفة في العالم الإسلامي حتى الحديثة ليست فقط مرتبطة بالفرق الإسلامية وبالمذاهب لكن أساسا هو هذا، المحور واضح وهو الإباضية في هذه المنطقة.
قبل الحديث عن المستشرقين، لقد ألحق التاريخ بالإباضية تهمة الخوارج، والخروج عند بقية الفرق الإسلامية الأخرى هو الخروج من الملة يكفرونهم ويدخلونهم جهنم كما حكم البغدادي بأنها فرقة ضالة في النار، فمن خلال هذه الدراسة الانتروبولوجية هل تستطيع أن توظف هذه الأدوات لبيان أن الإباضية ليسوا خوارج كما يدعي هؤلاء المؤرخون؟
هناك مداخل كثيرة جدا اعتبرها في هذا البحث منها المدخل الفكري كمقولة الإسلام الرسمي، والإسلام المحلي أو الإسلام الهامش ولكن الإسلام هو الإسلام ، فهذه الدراسات المرتبطة بالعام أو السائد والهامشي أو المهمش هي ما تهتم به الانتروبولوجيا لتثبته وتعطيه الفرادة حتى تخرجه من تلك المقولة، في البداية تُقوّض المفاهيم فأنا ماذا سأقوض؟ سأقوض مقولة أن هنالك الاسلام هذا الذي يُسوّق (الفرقة الناجية والأخرى الفرقة الهالكة ومقولة الإسلام الرسمي والإسلام اللارسمي والإسلام الهامشي وبلغة أهل الشريعة أهل الحق وأهل الباطل) فأنا عندما أدرس هذا الأمر سأثبت أن هناك فرقا بين الإباضية والخوارج حتى تاريخيا.
ثانيا أن الإباضية لم تكن قط خارجية بالمعنى الديني لذلك فهي حافظت على فرادتها وتواصلها، لأنها لو كانت بمعنى الخروج الديني لانتهى أمرها، فهنالك فرق انتهى أمرها كالنجدات والصفرية والأزارقة لماذا؟ لأن فكرها وعقلها لا يتلاءم مع الواقع فيه تطرف وغلو كبير فانتهى أمرها وبالتالي إذا أنت تخرج الهامشية منهم وتبحث في فرقة تبحث عن السيادة وحقها أن تكون سيدة وتقارع الآخرين في السيادة عندها ستُكسر تلك المقولات الإسلام الرسمي وطبعا أصحاب الإسلام الرسمي لا تعجبهم لأنهم يعرفون في عقولهم وبواطنهم أن مثل هذه الدراسات عندما تهتم بالهامشي واللامركزي سوف تظهرهم على حقيقتهم فالمطلوب تاريخيا كيف أن تاريخنا فهم فهما مقلوبا وكيف أن الرواية السنية الرسمية تاريخيا هي التي سيطرت وهيمنت بالدم وأقصت كل شيء، فالمسألة مسألة حقيقة تاريخية وهي ضمن مداخل الاتروبولوجيا التاريخ وهذه الحقيقة التاريخية سنعيد التفكير فيها ونصوت علميا وفق منهجنا للحقيقة التاريخية العلمية وكيف ننقدها الى غير ذلك ، لذلك سيكسر ذلك النسق، الإسلام الرسمي الصحيح والإسلام الباطل القديم.

متى تنتهي هذه الدراسة حتى تكون متاحة للجميع ويستفيد منها الناس؟
الدراسة هي بحث علمي فيها لجان للمناقشة لنيل درجة الدكتوراه بالتعاون مع جامعة في ألمانيا وأخيرا ستستوي في كتاب وسنبحث عن طريقة لطباعته وإن شاء الله ستترجم إلى لغة على الأقل فلا أريد أن أتحدث عن تواريخ ولكن حسب المعطيات التي عندي ستكون جاهزة في حدود السنة أو السنة ونصف على أقصى تقدير وربما حتى أقل هناك معطيات واقعية هي التي ستحدد فمثلا أنا ألغيت زيارتي لوادي ميزاب ثلاث مرات موضوع البحث بسبب الأوضاع التي تعرفونها جيدا وما يقع في وادي ميزاب، فالواقع أن الميدان هو الذي جعلني أؤجل أشياء كثيرة ولكن أنا عاهدت نفسي في المرة القادمة أني سأذهب في المرة القادمة حتى لو كانت الأوضاع غير مناسبة لأنه حان الوقت لكي أنجز العمل والزيارة هذه هي في إطار تذليل العقبات والاطلاع والفهم وربط العلاقات إذا نويت الذهاب إلى هناك إن شاء الله وكذلك الاطلاع على الظاهرة الإباضية في مضاربها كما تقول العرب، وفي ديارها وربما عمان ذات يوم تكون مجال بحث.
كثير من المستشرقين كتبوا عن الإباضية وانت تعرف ذلك لكن كما قلتَ قبل قليل كتاباتهم كانت دراسات تاريخية تتحدث عن المذهب كيف نشأ؟ وما هي عقيدته إلى غير ذلك ألا ترى أنه في كتاباتهم عن المذهب الإباضي ساعد ذلك كثيرا الباحثين الانتروبولوجيين كيف يستعينوا بها؟
هناك صورة مغلوطة عن الاستشراق عندنا بصراحة، فعندما نقول مستشرق يكون عندنا موقف منه ما قبل، فالمستشرقون هم دارسون فيهم من له أهداف علمية بحتة ويجب أن يحترموا وفيهم من له أهداف أخرى مثل أي مجال، وأنا أجزم حسب علمي أن حوالي 70% إلى 80% من المستشرقين لهم أهداف أكاديمية تستثمر طبعا وهذا سيجرنا الحديث عن رهان آخر لم أذكره، قد تستثمر ولكن إذا صدرت الدراسة في كتاب وتستفيد منه دوائر معينة؟ ألا ينشر الكتاب؟، والمستشرقون لهم الفضل الأكبر علينا في التعريف بما لم نكن نعرفه، وأنا أقولها ففي كل مرة أزور فيها ألمانيا أعود محبطا لأني أعرف شيئا جديدا لا أعرفه منهم، وهم لا علاقة لهم بالظاهرة، فالمستشرقون لهم الفضل في التاريخ خاصة بهذه الأركان التي لا نتحدث عنها كثيرا في الزوايا الإباضية، وأول من قدم تعريفات بدأ يخرج الإباضية من مجالها ويعرف بها هم المستشرقون الألمان خاصة والبولنديون وهم يحققون، ونحن ظلمنا الإسلام وأسأنا إليه ورغم ذلك فنحن نحذر منهم الآخرين، لا فالمستشرقون قدموا الفضل الكبير والكثير ونحن نعتمد على ما ينشرونه فعندما نتحدث عن الإباضية فلا يمكن أن تشتغل على هذا دون أن نطلع ما كتب عن الإباضية في العالم العربي وخاصة عند المستشرقين لأن فيها النوعية والجودة الأكاديمية المطلوبة، وإذا بنيت تصورك على شيء سطحي ساذج لن تصل إلى شيء أكاديميا، فمثلا المستشرق البيئي ؟؟؟؟؟؟ له تصور جميل حول الإباضية ومدهش جدا قلّ أن تجد مثله عند الآخرين في تصوره للثقافة والبيئة وغير ذلك ولكنها بقيت عند مرحلة التعريف باعتبار الإباضية مذهبا ضمن المذاهب ولكن يجب علينا نحن أن ننطلق، والرهان الذي أريد أن أقوله أو ربما لم أقله، في أوروبا لديهم مراكز للدراسات الاستراتيجية مثل الدراسات الدولية والدراسات الإسلامية والدراسات الاجتماعية وعليها يبنون سياساتهم، فأوباما نفسه تأتيه في كل فترة أحدث الدراسات حول الأوضاع العالمية إما حول المشرق أو حول المجتمع الأمريكي في هذه الفترة لكي تُتّخذ أو تُدبّر السياسات، فسياستهم ليست اعتباطية، أما نحن العرب فسياستنا اعتباطية لأنها لا تُبنى على الرصيد المعرفي، مرتجلة تحكمها ظروف معينة أو الايديولوجيا أو المنفعة السياسية المباشرة ليس هناك استراتيجيا بعد النظر، فأنا عندما أختص في هذا المذهب وأعرف اليومية والحراك الإباضي اليومي وأعرف خصوصية الإباضية في كل منطقة من المناطق، أعرف الإباضية في وادي ميزاب ما هي، والإباضية في عمان ما بها، في زنجبار إلى آخره، فهذه الدراسات تقدم للدول العربية أو للفرقة نفسها أو لشيوخ الفرقة ولمسؤوليها يجب أن يدرسوا هذه الدراسات، حتى يحددوا سياساتهم في هذه الفرقة حمايتها، في تطويرها، في كيفية الدفع بعلومها أكثر، ما مآزقها؟ كيف نتعامل؟ فالسياسي مثلا عندما يتعامل مع الجار ليس كمن يتعامل مع زنجبار أو مع جبل نفوسة في اليوم كما نشهده في عمان باعتبارها دولة، يجب أن نرسم سياسات، ولكن للأسف في دولنا لا يسيسون سياستهم وفق هذه الضوابط، فهمّي أن أكرس مجموعة من الرصيد المعرفي الذي يستفيد منه الجميع، ومن ضمن المستفيدين السياسيون وهذا دورهم، فأنت حينما يقدم لك إنسان دراسات عن الإباضية وحول حراكها اليومي وانشغالاتها في إطارها العلمي وليس في إطارها التعريفي أو الفقهي أو العقدي فأنت يجب أن تحسن تصرفك ويمكن أن تخط سياسة استراتيجية على 70 عاما اعتمادا على ما لديك من دراسات مثل أمريكا في حرب الخليج أو في غزو العراق جاءت بناء على دراسات أقيمت قبل 20 أو 30 سنة ماضية ربما وها ما يقع اليوم وما سيقع وحتى الربيع العربي فكل شي منظم، بدأت كلها حركات شبابية وغير ذلك ولكنهم هم مستعدون لتلك اللحظة بناء على دراسات وانا التقيت بباحثين كثيرين اشتغلوا على هذا الجانب ما قبل الثورة في أشياء معينة فيعرف متى يتحرك ومتى يأخذ القرار، يعرف تلك المنطقة، يعرف جربة ما فيها ومن يعيش فيها ويعرف الجهويات وكيف إن أردنا أن نفعل كذا وكذا،وحتى إذا وقعت تلك الدولة في إشكالية يعرفون ونحن لا نعرف.
لدى المذهب الإباضي مخزون كبير جدا في معارف كثيرة ومتنوعة في كل العلوم واشتغل الإباضية في علم المنطق وفي علم الفلك وفي علم السياسة وفي علم الاجتماع وعلم الاقتصاد في كل العلوم ألا ترى أن هذا المخزون كاف للدراسة بمعزل عن الدراسات الاستشراقية؟
ليست كافية البتة بصراحة، فيها دراسات هامة ولكن الأغلب حسب رأيي أنها دراسات كمية وليست دراسات نوعية ولما أتحدث عن الدراسات أقصد ما كتب عن الإباضية
أقصد المخزون الإباضي وليس ما كتب عنه من دراسات.
لا لا المخزون الإباضي نفسه يكفي المنتمين إليه بل يمكن أن يفيد الآخرين وهذا بصراحة الخطاب الإباضي الذي يُحمَّل فيه المسؤولية والذي يستطيع ان يحقق هذا الهدف هم الإباضية أنفسهم، ولكن هذا الأمر يجب أن لا يحول دون أن نجعل الاباضية باعتبارها رصيدا معرفيا لا يحول دون أن نفتحها على دراسات أخرى، لأنها ستساعد على التعريف بهذه الكنوز بجوانب معارفها بجزئياتها، إذا أردت معرفة الإباضية باعتبارك مستشرقا أو باعتبارك غير مستشرق يجب أن تكون لديك معرفة هامة بهذه المعارف وبكيفية تطورها إلى غير ذلك لان هدفك يجب أن تعرف بها وفق منهجك، فالإباضية يجب أن يتحركوا يجب أن يساهموا في التعريف عن الدعاة عن أصحاب المذهب عن شيوخها عن طبقات علمائها، هم الذين يجب أن ينهضوا بوظيفة التعريف وربما ولا أريد أن أطلق حكما وأقول ربما أن الكثير من الإباضية ليسوا على وعي بما لديهم، فهذه الدراسات سوف تفتح الباب يجب على الإباضية أن يعودوا إلى تراثهم وأنا أرى هناك علامات أو إشارات في هذا الجانب مثل جمع المخطوطات والتوثيق والتحقيق والإباضية أولى بالقيام بذلك فأيهما أفضل أن تأتي بمستشرق من أقصى الأرض حتى يحقق رسالة أو نصا أو غيره أو أن يقوم بهذا العمل إباضي وهو أقرب إلى اللغة وإلى روح المخطوط وإلى مذهبه، والمشكلة أن الخطاب الإباضي كما الخطاب الإسلامي عموما يجب أن يعي بما لديه وتلك الأعمال يجب أن تتحول إلى مشاريع وليس فقط تمجيد (نحن ونحن ونحن أفضل وأحسن)، الافضلية جيدة ولكن يجب أن تُفعّل واقعيا وميدانيا لماذا أنتم الإباضية لا تؤسسون مراكز بحث ضخمة حول العالم تهتم بإخراج المخطوطات وتحقق أو تساهم في تحقيقها لن تستطيع أن تحققها بمفردك لذلك يجب إنشاء مراكز فانظروا إذا ما حقق هذا التراث سوف نتعرف عليه ويتعرف عليه آخرون، لان المستشرق أو الباحث عندما يجد أي جماعة لديها مخطوطات جديدة وحُققت مباشرة سيذهب إليها ويقول هذه أرض خصبة أو هذه أرض بوار والباحث يهمه البحث عن الطرافة عما لم ينجزه غيره، فهناك من أخبرني أن هناك مخطوطات في أماكن لكن لم يسمح لهم بالوصول إليها، فلماذا يمسك هؤلاء بالمخطوطات أستغرب فعلا، هناك أشياء قادرة على قلب شيء ما على منظومة يجب أن لا نعيب زماننا ونقول إن العيب فينا ونتجاوب وليس فقط أن نجهد أنفسنا لكي نبقى، لا، لكي نتحرك وهو ليس مجهود أفراد بل هو مجهود جماعات ومجهود مراكز ومجهود انفتاح فيجب على التقليديين في المذهب أو في غيره من المذاهب أن ينفتحوا، أن يعرفوا أن الدراسة الشرعية وحدها ليست كافية رغم أنها كافية لأصحاب المذهب ليحسن إسلام المرء لكن ليست كافية للبشرية جميعا للتعريف بالمذهب والتصدي لكل من يريد أن يروج للإسلام على غير مقاصد الإسلام أو روح الإسلام.
ألا ترى أن الفكر السياسي الإباضي متناسق مع ما حدث في الثورات العربية؟
هذا سؤال جميل لأنه دائما أستعمل قناع الباحث، وهذا يمكن أن يكون موضوعا بحد ذاته، ما علاقة هذا الفكر بالوضع الراهن؟ ما هي ممكناته ومقولاته الفكرية؟ وهو سؤال ملغوم ويحتاج إلى دراسات ولكن أقول بصفة إجمالية وبكل جدية، لا أطلق الأحكام، في البداية نحن لم نقم بعد بأبحاث حول ما يجري حولنا أو أننا لم نفهمه بعد ولكن في الوقت نفسه أقول لما كنت مشرفا على طالب ألماني في تونس يعد أطروحة دكتوراه حول الثورة التونسية وأنا كلفت بالإشراف عليه وأوجّهه إلى بعض المناطق مهد الثورة إلى بعض الترجمات وهو يتكلم اللغة العربية الفصحى بصفة محدودة فكلفت بأن أساعده من حيث إعداد المادة وحمايته خاصة في الوضع الأمني الراهن، هم بدأوا ذلك وهم من يحدد هذه الدراسات وما يفعلونه في المستقبل، نحن في البداية نحتاج إلى فهم ما يقع الآن وربط الأقلية أو المذاهب الأقلية بالنسبة لما هو سائد كميا وإن كنت لا أحبذ هذا المصطلح ولكن ليس لدي بديل وهذا موضوع آني ولكن أنا أعتبر في هذه المرحلة يجب على الإسلام المهمش أن يكون بديلا ويجب اختباره في الواقع طبعا حتى تفهم هل يتلاءم هذا مع روح الشعوب أو عمّ تبحث عنه الشعوب ونحن لا ننكر أن هذه الثورات بدأت بإرادة شعبية، واين وصلت اليوم وما الذي وقع وما الذي سلب منها وما الذي وجد فيها فهذا موضوع آخر ولكن ربما هي قابلة للتأقلم مع الواقع وهذا مجال بحثي وليس الأمر هينا ويجب أن نفهم أن الواقع العربي مركب جدا وصعب أن تجد مثالا يمكن أن يطبق كما هو على هذا التعقيد، تعقيد اجتماعي، عرقي، لغوي، فكري، نفسي، روحي، وهذا يحتاج إلى بحث ولهذا ألوم الإباضية يجب أن يتحركوا، هاتوا البديل وهناك كلمة يستعملها أحد الباحثين هي لا تجوز علميا هي ايديولوجية ولكنها عميقة يخاف منها كثيرون يقول إن الإباضية هم بلاشفة الإسلام كلمة مستعارة من الحقل الماركسي ولكن ماذا يقصد؟ يقصد أن الإباضية هم الذين يحققون المقصد الثوري للإسلام، هم القادرون على تحقيق ثورة فكرية في الإسلام وهم بهذا المعنى بلاشفة بثقافتهم، بسلوكهم، بآرائهم الفكرية، بالفكر السياسي الذي له أصول واضحة هو فكر منظم يتابع التطورات لكن عمليا هذا يحتاج إلى دراسة لأنك لست أمام مجموعة إباضية متكاملة مفرّقة بين الدول مشتتة بين الاقليات بين مجتمعات ثابتة، بين مجتمعات متحولة فهذا يحتاج إلى هذه الدراسات في العلوم الإنسانية لفهم الإباضية حتى يحدد الإباضية ما يفعلونه في سياساتهم في سياسة الخطاب وسياسة المنطق وهذا ما يجب أن ينهضوا به ولكن بعلومهم الشرعية هذه وحدها مع احترامي الكبير لها لن تفي بالواقع، بل يجب أن تتطور وأنا أدافع عن تطوير الدراسات عن العلوم الشرعية المرتبطة بالإباضية ونشأة مراكز لأنه هناك من ينشئ مراكز مقابلة تبث الفكر الخرافي والوهمي والظلمي والرجعي فيجب أن تعرفوا وتدققوا وأن تفتحوا العالم على هذا المذهب العظيم مع أنه يجب أن تكون لك زاوية نظر أخرى تساعد في تحقيق هذا الشيء.
بماذا تنصحون الإباضية الآن سواء كان بالمشرق أو المغرب؟
أنا في البداية أريد أن أنصح نفسي بأن لا أنزلق في الفهم السطحي للإباضية وألا أنزع قناع أو صفة الأكاديمية الإنسانية وأستبدلها بخلفية أخرى، هي لا تضرني ذاتيا ولكن تضر تصوري ومنهجي فأنا قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق إما في هذا الطريق أو في ذاك، وزيارتي لعمان جاءت لكي أعرف مدى تقبل الإباضي لما أفعله وأرى بعيني وألاحظ فأنا باعتباري انتروبولوجيا أعتمد على الملاحظة فألاحظ كل شيء، وأنصح نفسي وأنصح الإباضية بأن يعوا بما لديهم، وثانيا بأن يتحرروا من التقليد ونحن نعيب على الإسلاميين الرسميين هذا التقليد الذي لم يأتنا إلا بالتفجيرات والقتل وبقتل المسلمين إلى غير ذلك فلا يمكن أن نكرر هذه المأساة وثالثا: يجب على الإباضية أن ينفتحوا على حقول المعرفة فعندما تجد أن هنالك مراكز فيها المستشرقون يتوجهون نحو الإباضية لأن لديهم الفقر المعرفي بهذه الفرقة ويريدون أن ينهلوا من ذلك لكن ما زالوا لأنهم يربطون ذلك بالوضع السياسي وغيره ورغم المخاض التي تسير عليه الدول العربية أعتقد أنه سيأتي النور والإشراق ويمكن أن يستغل بعضهم هذا الواقع ليحقق رهانات.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نام البابا واستيقظ
- غض البصر كيف نفهمه؟
- هل للعمال عيد؟
- اتفاق على المحك
- صبرا آل غرداية
- حمة الهمامي رئيسا لتونس
- المرأة لماذا لا تستر نفسها
- قمة خرجت بخفي حنين
- قمة في الوحل
- لعنة الجامعة تصيب العرب
- يا أطيب شعب
- الموت عظة
- المرأة في قفص الاتهام
- شاعر يغرد خارج السرب
- أمتي متى السفر؟
- الفكر الإباضي يشع من جديد
- هل يعقد جنيف 2؟
- ما السر وراء رجوع إيمان عياد لقناة الجزيرة؟
- فيصل القاسم وراء القضبان
- لقاء مع القمة


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فوزي بن يونس بن حديد - الانتروبولوجيا الإباضية أو الانتروبولوجيا والإباضية