|
إشكالية العلاقة بين حزب البعث وحافظ الأسد ،
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4466 - 2014 / 5 / 28 - 22:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سببان يقفا وراء توقفي عند هذا الموضوع ، الأول ، هو تلك المسرحية الهزلية التي بدأها النظام هذا اليوم ( الأربعاء 28.05.2014 ) ، وأعني بذلك مسرحية الانتخابات الرئاسية (!!) ،التي أخالف من يظن أن روسيا ومشتقاتها هم فقط من يقف خلف بشار الأسد ومشتقاته ، وبالتالي وراء مثل هذه المسرحيات " الديموقراطية !! " المضحكة ــ المبكية . لا ، ليست روسيا وحدها ، وإنما هو المجتمع الدولي ، وعلى رأسه الرؤساء الأقزام في دول كل من العرب العاربة والعرب المستعربة . والثاني ،هو الأوضاع والمستجدات السياسية والاجتماعية والميدانية المؤلمة ،التي تحصد فيها أسلحة بشارالأسد وأسلحة حماة نظامه ودياره الفتاكة كل يوم بل وكل ساعة أرواح عشرات المواطنين السوريين ، ولا سيما النساء والشيوخ والأطفال،الذين لاذنب لهم سوى أنهم لايسبّحون بحمد هذا الخب ، لأنهم تعودوا ألاّ يسبحوا إلاّبحمد من خلقهم . وبما أن لحزب البعث ( العربي الاشتراكي ) حصة ما فيما وصلت إليه الأوضاع المفزعة والمؤلمة في سورية ، بغض النظرعن نوع وعن حجم هذه الحصة ، فقد وجدت أن من واجبي ــ كبعثي سابق ــ أن أقول شيئاً حول هذا الموضوع . وبداية أودّ أن أورد الواقعة التالية المتعلقة بهذا الموضوع ، كنوع من الشهادة للتاريخ : كنت وعائلتي نعيش ، في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي في بغداد ، حيث كنت أعمل في كلية التربية هناك استاذاً لمادة علم الاجتماع ، وكان أحد أبنائي يتابع دراسته المتوسطة في إحدى المدارس في منطقة " الصليخ " حيث كنا نسكن ، وكان في نفس المدرسة ، بل وفي نفس صف ابني ابنا المرحومين ميشيل عفلق والياس فرح . ولقد كان النظام التعليمي في بغداد يسمح للتلاميذ غير المسلمين بمغادرة قاعة الدرس ، في درس " الديانة الإسلامية " . ومما أخبرني به ابني آنذاك ، أن ابن الأستاذ المرحوم ميشيل عفلق لم يكن يغادرالقاعة مع التلاميذ الآخرين من أتباع الدين المسيحي ، وإنما كان يتابع درس الديانة الإسلامية مع أقرانه من التلاميذ المسلمين . إنها شهادة للتاريخ . وبعد : إذا كان عام 1947 ، يعتبر عام الانطلاق الرسمي لـ " حزب البعث العربي " وعام 1953 هو عام الإندماج بين البعث العربي والعربي الإشتراكي وبالتالي تشكيل " حزب البعث العربي الإشتراكي " ،فإن عام 1958 ، يمثل بنظرنا ، عام بداية النهاية لهذا الحزب ، ولا سيما في بلد المنشأ " سورية " حيث تم حل كافة الأحزاب في سورية عام 1958، ومنها حزب البعث ، وذلك في إطار ج ع م . وبعد أن استأنف الحزب نشاطه التنظيمي والسياسي في سورية ، جزئياً في مرحة الإنفصال ، وكلياً بعد الثامن من آذار 1963 ، بدأت الإشكالية الحقيقية في مسيرة الحزب والتي كانت من وجهة نظري بداية المسيرة التراجعية للحزب . هذا و كانت أبرز المحطات في مسيرة البعث التراجعية ، من وجهة نظري ، هي : + تراجعه ( أي الحزب ) عن تبني الوحدة مع مصر ( ج ع م ) ، بل ودعمه الإنفصال عام 1961 سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وبغض النظر عن التفاوت في مواقف قادته الثلاثة ( ميشيل عفلق ، صلاح الدين البيطار، أكرم الحوراني ) من هذا الإنفصال. هذا مع العلم أن هذاالصراع قد أخذ داخل الحزب صورة صراع حول مسألة الأولوية في ثلاثية ( الوحدة والحرية والاشتراكية ) ، وهل هي للوحدة أم للحرية أم للاشتراكية ؟ وأدّى بالتالي إلى انقسام الحزب وتفتته ( بين ميشيل عفلق ، وصلاح الدين البيطار ، وأكرم الحوراني ، وجمال عبد الناصر ، ولاحقاً صدام حسين وصلاح جديد وحافظ الأسد ، وبعث اليمن الجنوبي ) . + تراجعه عن شعار الديموقراطية ، بعد الثامن من آذار 1963 ، حيث تم التخلي عن الديموقراطية لصالح نظام حكم الحزب الواحد ، ولصالح استمرار العمل بقانون الطوارئ الذي سبق أن سنّه الإنفصاليون عام 1962 ، + استخدامه قانون الطوارئ في قمع " الرأي الآخر " ، والذي تجلى في أوضح صوره في طريقة تعامله مع أحداث حماه الأولى 1964 ، ومع إضراب تجار دمشق في تلك الفترة ، +انقلاب القيادة القطرية العسكري – نصف الطائفي ، على القيادة القومية ، في 23 شباط عام 1966 ، تحت ذريعة ادعاء الصراع بين اليمين واليسار في الحزب ( !! ) . + انقلاب حافظ الأسد العسكري ـ الطائفي على رفاقه في حركة 23 شباط 1966 ، ( 16.11.1970 )وزجه معظم اعضاء القيادتين القومية والقطرية في السجن ، أكثر من عقدين من الزمن ، دونما سؤال أو جواب ، + تصفية حافظ الأسد لكل من اللواء محمد عمران ، واللواء صلاح جديد ، لكي يظل هو المرجع الوحيد للطائفة العلوية مدنياً وعسكرياً ، + محاولة حافظ الأسد ، المزج بين " اليسار " و " الطائفية " ،والذي كان عبارة خلطة سياسية عجيبة وغير مسبوقة أدت إلى تذويب اليسار السوري ، ولا سيما الحزب الشيوعي (خالد بكداش ويوسف الفيصل ) وجزء من الناصريين في أتون ديكتاتورية عائلة الأسد ، تحت ستارماأطلق عليه " الجبهة الوطنية التقدمية " ، + حرب حزيران 1967 ، والتي انتهت باحتلال إسرائل لهضبة الجولان ، ولعاصمتها مدينة القنيطرة ( البلاغ العسكري المشبوه رقم 66 الشهير) ، وباعتراف النظام باسرائيل المتضمن في القرار 242 ، الصادر عن مجلس الأمن الدولي ، بتاريخ 22.11.1967 ، وأيضاً في القرار 338 تاريخ 22.10.1973 والذان ينطويان بصورة لالبس فيها على هذا الإعتراف تحت مسمى " الأرض مقابل السلام " ، ولعل هذا هو مايمثل السبب الرئيسي من جهة لصمت النظام على احتلال إسرائيل لهضبة الجولان منذ 1967 وحتى اليوم ، ذلك أن الشعب السوري ليس جاهزاً بعد ، لتقبل رفع العلم الإسرائيلي فوق مآذن دمشق عاصمة الأمويين . ومن جهة أخرى وراء صب بشار الأسد ومعه ملالي طهران وحسن نصر الله وموسكو جام غضبهم على تلك المآذن طيلة السنوات الثلاث من عمر ربيع دمشق ، بسبب رفض هذه المآذن أن يرفع ( بضم الياء ) فوقها علم الاحتلال الصيوني لفلسطين ، وبالتلي للمسجد الأقصى ولكنيسة القيامة ، ويذكرني موقف هذه المآذن الدمشقية الشامخة هذا ، بقول نزار : ( وللمآذن كالأشجار أرواح ). + لقد وضع المؤتمر القومي السادس 1964 ( بعض المنطلقات النظرية ) ، حجر الأساس لانقلاب حركة 23 شباط 1966 ، التي وضعت بدورها حجر الأساس للحركة التصحيحية الانقلابية التي نفذها حافظ الأسد ضد هذه الحركة في 16.11.1970 ( ماسمي بالحركة التصحيحية ). أي أن الصراع في الفترة بين 1963 و1966 ، كان صراعاً أيديولوجياً وسياسياً وتنظيمياً بين المدنيين والعسكريين في الحزب ككل ، ثم تحول بعد 1967 ( حرب حزيران ) إلى صراع على السلطة بين العسكريين والمدنيين ، ولكن في إطار حركة 23 شباط 1966 ذاتها . + تعتبر حرب حزيران عام 1967 ، الحلقة الأخيرة التي كانت تربط بين حافظ الأسد وحزب البعث ( حركة 23 شباط 1966 ) ، حيث بدأ الصراع الحزبي العلني بين الطرفين ، والذي كانت نها يته انقلاب حافظ الأسد العسكري عام 1970 ، على حركة 23 شباط ، وإنهاء دور الحزب بصورة كاملة ، وتقع مسؤولية الاستمرار في العملية التراجعية ، بعدهذه المراحلة ، على عاتق عائلة الأسد وحدها ولاسيما : + الممارسات الأمنية الوحشية لحافظ الأسد خلال فترة تفرده بالسلطة في الفترة من 1970 وحتى وفاته عام 2000 , والتي كان ضحاياها عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء ، والتي اختتمها بتسليمه راية هذه الوحشية لولده بشار، والذي يقوم الآن من خلالها بتدمير الدولة والمجتمع اللذين ورثهما عن أبيه (!!) ، + النظام العائلي الوراثي ، الذي قلب النظام الجمهوري في سورية ، رأساً على عقب بحيث أنه بات من الصعب على المرء التفريق بين صفة الرئيس وصفة الملك في هذا النظام " الجملكي " ’ بالرغم من احتفاظ كل من الأب والإبن بالإسم الأصلي للدولة ( الجمهورية العربية السورية ) ، وبالرغم من إعطاء الحزب دوراً شكلياً في هذه اللعبة العائلية المكشوفة ( المادة 8 في دستور 1973) ، وبالرغم من تخلي بشارالأسد شكلاًعن هذه المادة الدستورية وأيضاً عن قانون الطوارئ ، تحت ضربات أبطال ثورة 18.03.2011 المجيدة ، + الأسلوب الهمجي ، غير الوطني وغير الأخلاقي ، الذي جابهت به عائلة الأسد ثورة آذار السلمية منذ 2011 وحتى اليوم ، والذي أدى وبالتعاون الكامل مع روسيا بوتن ، وملالي طهران ، و حسن نصر الله ، ومن ورائهم وأمامهم اسرائيل نتنياهو إلى تدمير سوريا ، بشراً وشجراً وحجراً ، تدميراً يكاد يكون كاملاً ، اللهم إلاّ من إرادة الصمود ، والصبر، عند شباب الثورة وتصميمهم المطلق على الاستمرار بالثورة حتى النصر ، مهما كان الثمن ،
+ وتمثل مسرحية " الانتخابات " التي ، انطلقت هذا اليوم بين خرائب ماسلم من براميل بشار ومن طائراته ومن صواريخه ، ومن مقابره الجماعية ، الخطوة الأكبر والأقذر في هذه المسيرة الدموية التراجعية المؤلمة التي شهدتها وتشهدها سورية منذ ستينات القرن الماضي وحتى هذه الساعة . إن من حق كل من يسمع بأمر هذه الإنتخابات التي تجري في سورية اليوم ، أن يفغر فاه ويصيح : يالوقاحة مثل هذا الوريث ، وصدق من قال : " إن الولد سر أبيه " !!.
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الساكت عن الحق شيطان أخرس
-
الثورة السورية والخيار الثالث
-
ماذا جرى ويجري في حمص؟
-
الثورة السورية وإشكالية الأقلية والأكثرية
-
بشار الأسد بين فقه الأزمة وفقه الفتنة
-
مرة أخرى عود على بدء
-
على سبيل النقد الذاتي ، الصبيانية اليسارية في حزب البعث
-
الثورة السورية بعد ثلاث سنوات الإشكالية والحل
-
خواطر حول ثورة 18آذار 2011
-
رسالة أخوية إلى الائتلاف
-
الأسد المالكي السيسي .. تعددت الأشكال والمضمون واحد
-
من وحي مؤتمر مونترو حول سورية - السبب الحقيقي لانقسام المعار
...
-
مؤتمر جنيف 2 والانتصار الممنوع
-
الثورة السورية بين المجلس والائتلاف
-
العروبة والإسلام والطائفية
-
خواطر حول: إشكالات صندوق الاقتراع ، والثورة السورية
-
مقترحات محمد الزعبي لوفد المعارضة الذاهب إلى جنيف
-
الثورة السورية ومؤتمر جنيف2 - أمران أحلاهما مرُّ
-
العلاقة بين العرب والغرب جدلية السيد والعبد
-
خاطرتان حول الأسد والربيع العربي
المزيد.....
-
اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
-
وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم
...
-
البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ
...
-
كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري
...
-
بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض
...
-
السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم
...
-
وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس
...
-
-حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|