أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد 60 أيار / مايو 2014















المزيد.....



طريق اليسار - العدد 60 أيار / مايو 2014


تجمع اليسار الماركسي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 4466 - 2014 / 5 / 28 - 09:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



طريق اليســـــار
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سورية / تيم /
* العدد 60 ـ أيار / مايو 2014 - [email protected] E-M: *


* الافتتاحية *
- ثلاث مواعيد في أيار 2014 -

في احتفالية جرت يوم الخميس1أيارمايو2014بالذكرى الثانية والثلاثين لاستعادة ايران السيطرة على مدينة خورامشهر(المحمرة)ومنطقة الشلمجة في خوزستان(عربستان) بعد أن أخذهما العراقيون في بداية الحرب مع ايران بأيلولسبتمبر1980،صرح الجنرال رحيم صفوي المستشار العسكري لآية الله خامنئي،والقائد السابق للحرس الثوري الايراني ،بالعبارات التالية :"الغرب يشعر بالقلق من توسع نفوذ وقدرات ايران من الخليج الفارسي حتى البحر الأبيض المتوسط......العمق الاستراتيجي للدفاع الايراني يمتد إلى البحر المتوسط...حدودنا الغربية لاتقف عند شلمجة...وهذه هي المرة الثالثة التي يمتد فيها نفوذ ايران ليصل إلى المتوسط" ("وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية"،"وكالة أنباء فارس"،"وكالة تسنيم الدولية للأنباء")في إشارة من الجنرال صفوي إلى وصول الدولة الأخمينية بزمن قورش وقمبيز لمد السيطرة الفارسية على الهلال الخصيب ومصر بين عامي(539-525ق .م)ومن ثم الدولة الساسانية على دمشق(613م) والقدس(614) ومصر(619) قبل أن يهزم الساسانيون من قبل البيزنطيين عام627،وهو صراع أنهك الدولتين العظميين:البيزنطية والساسانية، لايمكن بدونه تفسير هزيمتهما اللاحقة أمام الدولة الاسلامية في فترة بدأت بمعركة اليرموك(636م)وانتهت بأفول الدولة الساسانية عام651م.
يأتي هذا التصريح من الجنرال صفوي قبيل قليل من نهاية الاتفاق المؤقت بين مجموعة(5+1)مع طهران بشأن البرنامج النووي الايراني في24أيارمايو2014 بعد أن حددت مدته عند توقيعه بستة أشهر:في هذا الاتفاق رفضت ايران ربط الموضوع النووي بقضايا اقليمية تمتد على مجموع مساحة آسية العربية هي موضع نزاع وتصادم ايراني مع واشنطن والغرب الأوروبي.في نفس الخطاب قال الجنرال صفوي بأن "فشل استراتيجية أمريكا في سوريا جسد نجاحاً كبيراً للجمهورية الاسلامية الايرانية" بعد أن تحول النزاع السوري إلى ميدان رئيسي حاولت من خلاله واشنطن وقف وكسر المد الاقليمي الايراني البادىء منذ سقوط بغداد يوم9نيسانابريل2003. إذا ربطنا هذا وذاك مع تصريحات بعام2013سابقة للجنرال صفوي عن تحول ايران "إلى الدولة الاقليمية العظمى" و"صرنا قوة عالمية يجب أن يحسب لها حساب"،فإن هذا يعني بأن تحول الاتفاق المؤقت حول البرنامج النووي الايراني إلى نهائي ودائم مع انتهاء مدته يوم24أيارمايو سيكون مرفوقاً باستعداد ايراني لاتفاقات مع واشنطن وباقي الغرب حول خريطة المنطقة الاقليمية يقايض فيها تحديد سقوف البرنامج النووي الايراني باعتراف أميركي بالنفوذ الايراني في المنطقة ،حيث لايمكن فهم تصريحات صفوي بأنها أكثر من استعراض للقوة والأوراق الايرانية قبل المساومة.
لايمكن فصل الموعد الثاني عن هذا:في25أيارمايو ستنتهي ولاية الرئيس اللبناني. في ظل انشغالات دمشق بالداخل ،وواشنطن بعموم الاقليم وبالأزمة الأوكرانية وماولدته من مجابهة مع موسكو ،فإن لبنان قد أصبح محصوراً بتجاذبات اقليمية لاتتجاوز طهران والرياض،بخلاف فترة مابعد القرار15592أيلول-سبتمبر2004لماكانت بلاد الأرز محوراً لصراع أميركي- فرنسي مع دمشق الرافضة للعراق المغزو والمحتل،فيماكانت طهران مازالت منخرطة في تحالفها مع واشنطن أثناء الغزوين الأميركيين لكابول2001وبغداد2003،قبل أن يحصل الانشقاق الايراني- الأميركي مع استئناف طهران في آب أغسطس2005 لبرنامجها النووي،بعد أن جمدته عام2003باتفاق مع الغرب في فترة الوئام بين طهران وواشنطن.كان تأليف حكومة تمام سلام تعبيراً عن التقاء مصالح بين طهران والرياض على استمرار استقرار لبنان في ظل اضطراب سوري مجاور،وعلى عدم انفجار لبناني لاتستطيع المنطقة تحمله حيث لن يكون لبنان عندها سوى امتداد سيزيد زيتاً على اضطرام النار السورية. منذ تولي حسن روحاني الرئاسة في ايران بصيف2013،بدعم من خامنئي بخلاف ماحصل من قبل الأخير تجاه محمد خاتمي1997-2005،وبرنامجه يتمثل في انفتاح مزدوج باتجاه واشنطن والرياض .تجسد هذا في بيروت مع حكومة سلام،وفي صنعاء في لجم ايراني للحوثيين باتجاه القبول والانخراط في العملية السياسية- الدستورية التي يقودها الرئيس اليمني(منصور هادي) بدعم من مبعوث الأمم المتحدة كمال بن عمر. إن لم يحصل اتفاق على رئيس لبناني توافقي حتى يومها بين(8و14آذار)،وهما انعكاسان لطهران والرياض،فهذا يعني أن عوامل التقارب الايراني - السعودي مازالت أمامها عوائق كبيرة،وأن طهران تتجه لاستعمال ورقة "الفراغ اللبناني" ضد الرياض وضد واشنطن التي أصبحت اهتماماتها متركزة منذ 21شباطفبراير2014في كييف التي حدد فيها موعد الانتخابات الرئاسية في 25أيارمايو2014.
في نيسانابريل2012،وفي أثناء لقاء مع وفد من (هيئة التنسيق)السورية المعارضة بموسكو،صرح وزير الخارجية الروسي،في تبرير استعمال موسكو للفيتو مرتين يومي4تشرين أول2011و4شباط2012،ب"أننا ندافع عن موسكو في دمشق".كان الفيتوان قد أعلنا بداية أزمة روسية- أميركية ومجابهة هي لأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة عام1989. جاء الوفاق الأميركي- الروسي يوم7أيار2013حول الأزمة السورية لكي يفتح الطريق إلى (جنيف2)في22كانون ثاني2014.مع اشتعال الأزمة الأوكرانية في يوم21شباطفبراير2014لم يتحول فقط (جنيف2)ومعه الأزمة السورية إلى الثلاجة مع انهيار اتفاق7أيار2013بالكرملين،وإنما أصبح واضحاً بأن كييف تمثل خطاً أحمراً بالنسبة لموسكو مثلما بيروت بالنسبة لدمشق وكابول بالنسبة لاسلام آباد،وهو ماجعل بوتين منذ خطابه في18آذارمارس2014،وهو يضم القرم كتعويض عن سقوط حليفه يانوكوفيتش في كييف ،يدخل في مجابهة مفتوحة مع واشنطن عبر اشعال المناطق الشرقية الأوكرانية ذات الغالبية الروسية في وجه حكام كييف الجدد المدعومون من الأميركان.هنا،لم يصمد اتفاق جنيف في 17نيسان للتهدئة في أوكرانية،ولم يعبر عن عوامل كافية لتهدئة الحريق الأوكراني،ويبدو من حراك واشنطن وطريقة تعاملها مع الأزمة الأوكرانية بأنها لاتتجه فقط إلى التصعيد ضد بوتين بل وإلى رفض ربط الموضوعين الأوكراني والسوري،بخلاف الرغبة الروسية،ويبدو أن المواجهة الأميركية- الروسية في كييف ستجعل الموضوع الأوكراني له الأولوية ،وبالتالي إلى جعل الأزمات الأخرى درجة ثانية على سلم أولويات البيت الأبيض والكرملين،وبالتالي وضعها في الثلاجة أوفي الستاتيكو.هنا،سيكون موعد25أيارمايو2014بالغ الأهمية،إذا أجريت الانتخابات الرئاسية الأوكرانية وفق ماهو مقرر من السلطة الأوكرانية الجديدة الموالية لواشنطن والغرب أم أجلت باتفاق أوباما وبوتين أو نجح الرئيس الروسي في منع اجرائها رغماً عن إرادة واشنطن ومواليها الأوكران عبر اشعال الكرملين للداخل الأوكراني بشكل يمنع اجرائها، في تحديد مستقبل علاقات واشنطن وموسكو مما سيكون له انعكاسات كبيرة على المشهد الدولي القادم ليس فقط في أوراسيا وإنما أيضاً في الشرق الأوسط.

بيان توضيحي من
الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي

في يوم الإثنين 12أيار2014 اجتمعت بدمشق مجموعة من الأشخاص وانبثق عنها ماأسمي ب"هيئة العمل الوطني الديمقراطي في سورية"وقد صدر بيان ختامي عن المجتمعين يذكر بأن (الحزب الشيوعي – المكتب السياسي) ضمن الحضور في ذلك الاجتماع.
يهم (الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي)التوضيح في هذا الصدد بأن للحزب،بعد أن ترك أعضاء وقيادات مبنى الحزب وذهبوا لتأسيس (حزب الشعب الديمقراطي) في نيسان2005، قيادة منتخبة في مؤتمر جرى في تشرين أول 2007انتخبها من بقي في مبنى الحزب متمسكاً بالماركسية وبرفض نزعة المراهنة على الأجنبي،وبأن هذه القيادة هي الوحيدة المخولة بتقرير علاقات الحزب السياسية مع القوى والشخصيات الأخرى،وهي لم تفوض أحد حضور ذلك اللقاء،وأن الشخص الذي حضر ،وهو السيد بدران المخلف،هو شخص كان قد قدم استقالته من عضوية الحزب في11شباط2013ثم انضم لتنظيم آخر هو(هيئة الشيوعيين السوريين) في أيار2013وقام بتمثيل هذا التنظيم في اجتماعات جرت بدمشق صيف2013 مع شخصيات وقوى سياسية أخرى ثم قام بالتوقيع نيابة عن(هيئة الشيوعيين السوريين)على وثيقة أسميت"نداء وطن للإنقاذ والنهوض الوطني"في نيسان2014. لذلك هو لايملك صفة التمثيل للحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي بحكم استقالته من عضوية الحزب وانتقاله إلى تنظيم آخر ثم إن الجهة المخولة باعطاء صفة التمثيل للحزب في أي لقاء سياسي لم تعطه هذه الصفة،كماجرى لمافوضت أشخاص محددين لتمثيل الحزب في محادثات(الخط الثالث)بأعوام2008-2010وأعطت لأعضاء في الحزب صفة المفوضين للتوقيع على الوثيقة التأسيسية ل(هيئة التنسيق)في25حزيران2011ولتمثيل الحزب في المؤسسات القيادية والفرعية ل(هيئة التنسيق).
20أيار2014 الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي


سوريا
شادي مكرم حجازي

عندما كنت التقي بطلاب ماليزيين إبان إقامتي في اليابان مطلع هذا القرن، كان بعضهم يبدي لي امتنانه للنموذج الحضاري في سوريا، فقد اقتبس منه مهاتير محمد نموذج العيش المشترك، و دخل في تعليمهم دواء لتعدد الأعراق و الشعوب، و حجر أساس في نهضة ماليزيا الاقتصادية الكبيرة.
و ليس هذا الدور محدودا بهذه الحادثة، فدولة الأمويين كانت في عصرها نموذجا مضيئا بحركات الانفتاح على ثقافات و علوم القدامى و ترجمتها للمعاصرين، دون الخوف من هذه "الهرطقات ".
و دولة العباسيين كانت نموذجا مضيئا بمساهمة كل أبناء الحضارة فيها، دون الاقتصار على حملتها الأولين.
و دولة الأندلس كانت نموذجا مضيئا في الآداب و العلوم و الفلسفة و التسامح الديني، و هي المطلة على أوروبا مظلمة في ذلك الوقت.
في كل ذلك، لم يكن مصدر الفخر هو "التوسع الإمبريالي" للدولة العربية الإسلامية،بل قدرتها على ابتكار نموذج يسبق عصره و يتعامل مع مشكلاته، و في كل الحالات كان النموذج يصل إلى مرحلة مظلمة، ينبثق منها بعد حين نموذج مشرق جديد.
و في العصر الحديث كانت دمشق و بيروت و حلب طليعة العرب في الخروج من جهل و انعزال مريعين بعد تدهور الدولة العثمانية لأسباب خارجية من تامر الإمبراطوريات الأخرى على هذا الرجل المريض، و مرض الرجل أساسا بالاستعباد و الاستبداد و الفساد.
و كانت قاهرة عبد الناصر نموذجا لحركات تحرر من أقصى العالم إلى أقصاه، مقدمة نموذجا متطورا للمساواة و الكرامة، في عصر كان السود فيه اقل من البيض حقوقا في أمريكا "بلد الحريات".
ليس مرض سورية اليوم معزولا عن الهويات القاتلة التي تسود العالم كله، هويات يتبارى في تسويقها أعدائها و بعض من يدعي الانتماء اليها بهدف الوصول إلى سدة الحكم أو لمصالح دنيوية أخرى.
في عالم مأزوم كهذا، ليست النماذج البيوريتانية القروسطوية إلى حد الهزل المبكي مثل بوكو حرام أو القاعدة أو الدولة حلولا، فما هي إلا تجليات لمرض عالمي، قلب العالم يعاني منه كما العالم أجمع. كما أن الحل لا يكمن في تلبيس دولة لباس دين، يستوي في ذلك النموذج السعودي و النموذج الإيراني و نموذج "تطبيق الحدود" من نيجيريا إلى بروناي!
كما في كل مرة ستفيق سورية و شقيقاتها، و بعد أن تتعافى من آلام جراح غائرة، ستقدم للعالم، كما في كل مرة، نموذجا للخروج من دواماته.
و إن غدا لناظره قريب!
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

ملابسات كيلو وقرار مجلس الأمن 2118 !! أقرأ “ألم نشرح” فتقرأ لي “عبس” !!
مرام داؤد

يكتب الأستاذ ميشيل كيلو في مقاله بجريدة الشرق الأوسط –العدد 12937 بتاريخ 30 ابريل 2014- حول فهم كل من بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118,متجاهلاً بالطبع ما أصدره تنظيم سياسي معارض هو هيئة التنسيق الوطنية ساهم هو في إنشائه, من بيانات أوضحت فيه أسباب المقاطعة لمؤتمر جنيف المنعقد في 22 يناير2014 بعد أن كانت الهيئة صاحبة المبادرة وأول من أطلق فكرة مؤتمر جنيف 2 منذ مؤتمر الإنقاذ المنعقد في23سبتمبر2012وطالبت وبإلحاح عقد المؤتمر بأسرع وقت ممكن ليكون ترجمةً فعليةً لمقررات إعلان جنيف 1 الصادر في30يونيو2012 , وجاء–حسب مقالته- استناداً إلى قرار مجلس الأمن 2118|الصادر في 27سبتمبر2013| حول نزع السلاح الكيماوي في سوريا والذي يذكر صراحةً أن التفاوض بين وفدي النظام والمعارضة يكون حول هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية – الفقرة 16 من قرار مجلس الأمن 2118-
وبالتأكيد هذا أيضاً ما جاء أصلاً في إعلان جنيف 1 والقاضي بأن طريق الانتقال في سوريا يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالية تملك الصلاحيات التنفيذية كاملةً على أساس الرضا المتبادل – الفقرة (2) خطوات ملموسة على طريق الانتقال –
ولكن وأيضاً في الفقرة (16) من قرار مجلس الأمن 2218 هناك تأييد تام لإعلان جنيف 1 , ويشترط الأخير مناخاً ملائماً للتفاوض – الفقرة (4) الإسراع في الوصول إلى اتفاق سياسي ذو مصداقية – مبنياً على خطة البنود الستة لكوفي عنان وبالأخص الفقرتين (2,6) وهو ما لم يصر عليه وفد الائتلاف قبل انعقاد مؤتمر جنيف 2 , كما أن إعلان جنيف 1 يطالب بوحدة انسجام في العمل بين أطراف المعارضة تسمح لها بتعيين محاورين – الفقرة (10) من إعلان جنيف 1 – وهو ما خالفه صراحةً وفد الائتلاف عند قبوله الذهاب إلى مؤتمر جنيف 2 كطرف وحيد عن المعارضة السورية.
إن قرار مجلس الأمن 2118 يدعو في الفقرة (17) إلى عقد مؤتمر دولي حول سوريا في أقرب وقت ممكن لتنفيذ مقررات بيان جنيف , كما أنه يؤكد أن تكون الأطراف ممثلة تمتيلاً كاملاً للشعب السوري وملتزمة ببيان جنيف وصولاً إلى الاستقرار والمصالحة.
يجدر بالذكر أن هيئة التنسيق قد أطلقت بتاريخ 24 ديسمبر 2013 مبادرة ” وفد واحد,صوت واحد ,برنامج واحد” دعت من خلالها إلى لقاء تشاوري لقوى المعارضة لتشكيل أكبر وأوزن تمثيل للمعارضة السورية ,كما أنها أكدت على إجراءات بناء الثقة – كما أسماها الابراهيمي – والمنصوص عليها في إعلان جنيف ,وكانت المبادرة بعد لقاء السيد الجربا مع الأستاذ حسن عبد العظيم والدكتور هيثم مناع في القاهرة بتاريخ 8 ديسمبر 2013 للعمل على الوفد الوازن للمعارضة السورية.
وبذلك تكون هيئة التنسيق هي من التزم بإعلان جنيف ومقرراته وقرار مجلس الأمن 2118وخصوصاً بعد مبادرة الكيماوي التي أطلقتها الهيئة في 6 سبتمبر 2013 ثم أخذتها – بعد تعديل – الفيدرالية الروسية وكانت أساس الاتفاق الروسي- الأميركي في14 سبتمبر الذي انبنى عليه القرار2118 , في حين أن النظام اعتمد – وكما قال كيلو – نهجاً معاكساً للقرار 2118 ولمقررات إعلان جنيف محاولاً عرقلة الحل السياسي من منطقه الخاص القائل بأن من يريد نزع السلاح الكيماوي عليه الاعتراف بأنني أحارب الإرهاب, في حين أن الائتلاف رفض الحوار – والذي دعا إليه كيلو أيضاً – مع بقية أطياف المعارضة ليعرف ماله الائتلاف وما عليه !!
أضحى واضحاً للعيان أن مسألة توحيد المعارضة السورية ضرباً من ضروب المستحيلات ,بل وأصبحت عثرةً في تحقيق التوافق المنشود والذي يتطلع له نسبة كبيرة من الشعب السوري لإنجاح الحل السياسي للحفاظ على ما تبقى من سوريا, ولكن تبقى مسألة توحيد برنامج المعارضة السورية -وفق الحد الأدنى- عبر لقاء تشاوري يلتزم وثائق مؤتمر المعارضة في القاهرة مطلع تموز 2012 -والمتفق عليها- بحيث تشارك بإعداده كل قوى المعارضة خطوة أنجح في ظل استعصاء الحل السياسي.
—————————
سابقة اخوانية: " الباي " التونسي يتمرد على تحفظات "السلطان" التركي
- بشار العيسى – على صفحته على الفيسبوك :13أيار2014-

يتداول اصدقاء مطلعون على الحبال المشدودة والاجتهادات التي طرحها الزعيم الأخواني التونسي "راشد الغنوشي" بمداخلته في اجتماع قادة التنظيم العالمي للإخوان عقد أخيراً في اسطنبول.
أهي خلافات زعامة اعتيادية ام ان الشيخ الغنوشي يلاقي حيوية الشعب التونسي وإرثه التاريخي الى منتصف الطريق يقود بذلك حركة اعتراض اجتهادية استقلالية لفتح باب الاجتهاد الكبير وتحرير الحركة الاخوانية من ترسبات التنظيم الدولي المتكلس وفقا لمتطلبات العصر وحاجات التعددية والتوافقات السياسية التي يفترضها الواقع التونسي؟
" بدأت الخلافات بين قيادات الإخوان المسلمين في كل من تركيا وتونس ومصر في الظهور على السطح بشكل علني، وذلك عندما غضب راشد الغنوشي المتزعم لحركة النهضة التونسية، على تصرف رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الذي طالب بحجب مداخلة الغنوشي في اجتماع قادة التنظيم العالمي للإخوان عقد أخيراً في اسطنبول عن الإعلام، بسبب احتوائها على انتقادات لاذعة ضد إخوان مصر، إذ يرى الغنوشي في مداخلته أن الإخوان في مصر تصرفوا بطريقة صبيانية أدت إلى فقدهم الحكم.
ورد الغنوشي غاضبا على حجب "أردوغان"، بتوزيعها على قادة الإخوان بعد عشرة أيام من الاجتماع، رافضا قرار التنظيم العالمي بحفظها وكتمانها.
ووصف الغنوشي في بداية مداخلته، قيادة الإخوان في مصر وسياستهم بـ"المرتبكة والارتجالية والمتمردة والصبيانية". وبعد أن أسهب مطولا في الحديث عن التجربة المصرية، قال إنه "كان من حظ المصريين أن تجربة الربيع العربي سبقتهم، وكان لهم الوقت الكافي والمناسب لدراسة التجربة التونسية والتركيز عليها واستخلاص العبر منها، ليتجنبوا سلبيات تجربتنا في تونس، ويركزوا على الإيجابيات فيها".
لم يستشيرونا
واستدرك الغنوشي قائلاً: "لكن للأسف انطلق الإخوان في مصر وكأن شيئا لم يحدث في دولة شقيقة لهم بقيادة أشقاء، وإخوان يشاركونهم النهج نفسه والتجربة، ولم يكلفوا خاطرهم باستشارتنا. فرضنا أنفسنا عليهم، وراسلناهم وخاطبناهم ووجهناهم وحذرناهم وشجعناهم في العديد من المواقف، ولكن لا حياة لمن تنادي".
وأضاف الغنوشي: "كانت تجربة الإخوان في مصر مع بدايات ثورة الشعب المصري منذ الأيام الأولى لثورة يناير تعاني ارتباكا كبيرا وترددا عميقا يسود قيادة الإخوان في مصر، فجزء من القيادة يدعو للمشاركة في الثورة، وجزء يدعو للانتظار، والثالث يريد المراقبة، بينما نزل الشعب المصري بأسره إلى الشوارع من واقع الظلم والمعاناة والجوع والفقر.
وواصل الغنوشي: "وهنا لا أخفي أن جيل الشباب في الإخوان كان متحمسا ومنخرطا، وخالف قيادته في كثير من المراحل، ولم يكن هناك تقسيم أدوار، لأن أعين قادة الإخوان منذ البداية كانت منصبة على المساومات والمفاوضات. ومع أول دعوة وجهت من النظام للحوار نصحت الإخوة في مصر بعدم التجاوب معها، وبألا يكونوا طرفا في هذا الحوار. قلت لهم إن من سيذهب للحوار فلن يمثل أحدا، لأن هبّة الشارع تزداد، وعنوان إسقاط النظام أصبح الشعار الذي لا رجعة عنه، وأن أي حلول وسط هنا أو هناك سوف يسقطها ميدان التحرير فوراً".
رفضوا النصيحة
وقال الغنوشي: "أجابني البعض منهم، وقالوا يا شيخ راشد إن تجربتنا تختلف كثيرا عن تجربة تونس، فأهل مكة أدرى بشعابها، أي أن إخواني رفضوا مني حتى النصيحة وإبداء الرأي. سارت الأمور، وسقط النظام على صخر صمود الشارع المصري مع أن كل الأحزاب، وفي طليعتهم الإخوان، كانوا يساومون النظام على تغيير شكله وليس جوهره".
وأضاف: "بعد ذلك حصلت انتخابات مجلس الشعب 2011، ومنذ اللحظة الأولى أعلن الإخوان أنهم سوف يكتفون في هذه المرحلة بالتنافس على أصوات المجلس، وأنهم لا يفكرون مطلقا بالتنافس على رئاسة الدولة، قلت إن هذا موقف عظيم وحكيم، ورددت في نفسي خلالها أن إخوتي في مصر فهموا الدرس جيدا، وبدأوا يستخلصون العبر والنتائج بإيجابية، وما أثلج صدري أكثر هو عندما قالوا إننا لن ننافس على أغلبية المجلس، بل سوف نساهم مع بقية الأحزاب في تركيبة المجلس بثقل معقول".
وقال الغنوشي: "للأسف لكن الأمور سارت عكس ما قالوا، وجرت الانتخابات، وهيمنوا على الأغلبية هم وحلفاؤهم، ثم استفردوا في المجلس فشكلوا لجانه وفق رغباتهم ومصالحهم، ولم يراعوا للحظة باقي شرائح الشعب المصري التي صنعت الثورة، فلم ير المواطن المصري فيما حصل سوى استبدال الحزب الوطني المنحل بالإخوان، هذا يعني أنهم لم يكونوا قريبين من نبض الشارع، ولم يحققوا شيئا مما ناضل الشعب المصري من أجله، غايتهم كانت السلطة والمناصب، فاستأثروا بطريقة أكثر فجاجة من طريقة مبارك ونظامه، وسيطر عليهم الغرور".
واعتبر أن الإخوان "لا يعترفون بأن تجربتهم في إدارة الدولة هي محدودة، إن لم تكن معدومة كان بإمكانهم أن يستفيدوا من خبرات وكفاءات كثيرة موجودة، وستكون المحصلة لصالحهم ولصالح نهجهم. لم يأتمنوا أي طرف وعاشوا جو المؤامرة، وتقوقعوا على أنفسهم وانحصروا وتحاصروا، وابتعدوا كثيرا عن الشارع الذي كان ينتظر الكثير منهم، لكن للأسف انشغل الإخوان بأمور الدولة ليتمكنوا منها، وابتعدوا عن الشعب فعزلهم".
وقال الغنوشي: "كانت الصدمة الأكبر عندما أخذهم الغرور كثيرا، فأرادوا أن يحكموا سيطرتهم على مفاصل الدولة كلها بأدوات قاصرة وعلى كل الصعد، فقرروا المشاركة في انتخابات الرئاسة المصرية 2012. لقد جاءني الخبر وكنت في اجتماع لمجلس الشورى لحزب النهضة، فقلت لنفسي وللمجتمعين: الله يعوض عليكم في إخوانكم في مصر، قرروا بهذه الخطوة سرعة نهاية تجربتهم"."
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
ملف عن عبد العزيز الخيًر

عبد العزيز الخيّر: «حكيم» المعتقل والثورة الحقّة
ثائر ديب

لو جمعتَ مقاتلاً ماركسياً من الجيش الايرلندي إلى ليبراليّ من عصر نصاعة الليبرالية، لكان الحاصل صورةً شديدة القرب من صورة الدكتور عبد العزيز الخيّر، القيادي البارز في «حزب العمل الشيوعي» وفي «هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديموقراطي» في سوريا، الذي اختُطف الشهير الماضي بعد خروجه من مطار دمشق. يذكّرك عبد العزيز الخيّر بجيري آدامز، المناضل والقائد الايرلندي الشهير. يذكّرك بما في جسد هذا الأخير من طلقات الإنكليز وإصراره، رغم ذلك، على أن تكون للنضال الثوري سياسته وثقافته، بل ولياقاته أيضاً. والحال، إنَّ للصور قصّة ممتدّة مع عبد العزيز الخيّر، ربما بسبب تخفّيه واختفائه المديدين: 12 عاماً من العمل السرّي والملاحقة، و13 عاماً من الاعتقال، وصولاً إلى اختطافه الجديد. في الصورة الأشهر لما دُعِيَ «غزوة البيض» أمام مبنى الجامعة العربية في القاهرة، يبدو عبد العزيز مشيحاً بوجهه عن لكمة «ثورية» مسدّدة إليه، وقد أغمض عينيه أشدّ الإغماض عن رؤية «الثورة»، وهي تواصل ما لم يكفّ النظام عن ممارسته على مدى نصف قرن من سحق الرأي المخالف والمجتمع بأسره.
لم يكن قد بان جليّاً وقتها أنَّ ثمّة خطّين في الثورة الواحدة ذاتها، وأنَّ اليد التي ترمي «الحكيم» بالبيض صعبٌ أن تمتّ إلى الحرية بصلة، وأنّها يدُ كلِّ ما هو كفيل بأن يودي بالثورة، شأنها شأن اليد التي تعتقله وتعذّبه.
حين أسهم الخيّر في تأسيس «هيئة التنسيق»، وصولاً إلى الإعلان عنها في 30/6/2011، كانت الثورة السورية لا تزال عفيّة، تحدوها السلمية والمدنيّة وطلب الحرية والكرامة. لم تكن الثورة قد عبّرت، بفعل القمع الوحشي، عن آهاتها الرهيبة: حاجتها إلى وحدة المعارضة، وعون الخارج، والسلاح، وربما الطائفية. حينذاك، بدت «هيئة التنسيق» المكان الذي ينبغي أن يوفّر للثورة صمام أمانها ويضمّ قواها الوطنية والديموقراطية واليسارية جميعاً، من برهان غليون، الذي بقي فترة ممثّل الهيئة في الخارج، إلى «حزب العمل الشيوعي»، الذي يقف الخيّر على رأسه، ذلك الحزب الصغير الذي اشتهر بين أواخر سبعينيات القرن الماضي وأوائل تسعينياته، وترى الآن أبناء تجربته أنّى اتجهت في أنحاء الثورة المدنية المدينية، كأنهم يتدفقون من نبع لا ينضب.
على الرغم من السرّية التي أحاطت بتجربة هذا الحزب، الذي نشأ نشأةً نقديةً في سبعينيات القرن الماضي من حلقات ومشارب ماركسية شتّى تحت مسمّى «رابطة العمل الشيوعي»، وعلى الرغم من «القيادة الجماعية» وغياب ما يُدعى «الأمين العام» في هذه التجربة، يبقى مؤكّداً أنّ عبد العزيز الخيّر كان الرجل الأول في الحزب منذ بداية الثمانينيات حتى اعتقاله عام 1992، ثم بعد خروجه من المعتقل وإلى الآن. وعلى الأقل، كان قيادياً بارزاً، وعضواً في هيئات تحرير صحف الحزب ومجلاته: «الراية الحمراء» و«النداء الشعبي» و«الشيوعي»، التي بلغت مستوىً لافتاً على مستوى النظرية والنضال بمقاييس تلك الفترة، ومقارنةً بما كان يصدر عن الأوجه المختلفة للشيوعية البكداشية (نسبةً إلى خالد بكداش)، بما فيها تلك التي انشقّت عنه.
تحت ضربات القمع المتوالية على ذلك الحزب الصغير، اضطر كثير من كوادره ومناضليه إلى التخفّي. غير أنَز تجربة الخيّر على هذا الصعيد تبقى الأشهر، إذ دامت ملاحقته 12 عاماً، فضلاً عن ترافقها مع اعتداءات على أهله وأسرته بالضرب والاعتقال والاحتجاز كرهائن.
وعلى غرار تخفّيه وملاحقته، كان اعتقاله مميّزاً في الأول من شباط (فبراير) 1992، إذْ أُلقيَ القبض عليه في منطقة باب الجابية في دمشق القديمة، وكان ذلك مدعاةً لإطلاق النار احتفالاً في ساحة القلعة في دمشق. أُخضع الخيّر لتعذيب وحشي، وبقي معتقلاً من دون محاكمة حتى 1995، حين حكمت عليه «محكمة أمن الدولة» بالسجن 22 عاماً بتهمة «الانتماء إلى جمعية سياسية محظورة، ونشر أخبار كاذبة من شأنها زعزعة ثقة الجماهير بالثورة والنظام الاشتراكي». أمضى الخيّر 13 عاماً في سجن صيدنايا العسكري، قبل أن يُطلق سراحه بعفو رئاسي عام 2005، إثر حملات دولية للإفراج عنه.
في المعتقل، راح «الحكيم»، كما سماه المعتقلون، «يحمي الحياة بلا حدود، ويسافر في طبّه من عهد الطبيب البابلي... وصولاً إلى حقّ الحشرات في الحياة»، كما يقول معتقل أمضى بقربه ما يزيد على العام.
الطبيب الذي لم تُتَح له فرصة ممارسة الطبّ طويلاً قبل تخفّيه، والذي عاين في المعتقل آلاف الحالات، قبل أن يقنع إدارة السجن بتحويل إحدى الزنازين إلى عيادة تستقبل المرضى من السجناء، تبقى صورته الأشهر والأبقى هي التي رسمها له رفيق المعتقل هذا، وهو ينفخ في فم سجين ميّت «روح الحياة»، فقد نفخ حتى احمرّت عيناه ونفرتا حتى كادتا تخرجان من صدغيه، ثم انهمر في بكاء مرير.
خدماته الطبّية لم تقلل حرصه على أداء دوره في خدمات وضرورات السجن الأخرى، من الطبخ والتنظيف إلى التثقّف الذي يمضي في اتجاهات لافتة بالنسبة إلى شيوعي حزبي باقٍ على المتراس. ولعلّه، قياساً برفاقه الذين «تلبرلوا» بشدّة بعد «تمركسٍ» زائد، أحسن المطلعين على الفكر الليبرالي واقتراحاته المتجددة التي لم يكن أكثرهم قد سمع بها.
بعد خروجه من المعتقل، استأنف الخيّر نشاطه الحزبي مع بقية باقية من رفاقه. شارك في تأسيس «إعلان دمشق» وانتخب نائباً للرئيس. بعد انسحاب حزبه من «الإعلان»، أسهم في تأسيس «تجمع اليسار الماركسي» عام 2007، في عودة إلى عمل النمل الدؤوب الهادئ الذي اشتُهر به، واشتدّ إلى حدّ الإنهاك مع اندلاع الثورة في آذار (مارس) 2011.
ربما كان عبد العزيز الخيّر، كما دلّت إطلالاته الإعلامية باسم «هيئة التنسيق»، أفضل ممثّل لخطّ الثورة الوطني الديموقراطي المدنيّ، بعيداً عمّا دفع إليه النظام، ووقعت فيه بعض قوى الثورة، من عسكرة وطائفية وطلب للخارج. ولعلّه أول من لفت الانتباه إلى وجود قوى في قلب الثورة لا تريد سوى تغيير تحالفات سوريا الإقليمية والدولية، أو تتقبّل طائفية «الثورة» ما دام النظام طائفياً، أو تبرر جرائم «الثوار»، مكتفية بتسميتها أخطاءً لأن النظام مجرم، أو ترتمي في أحضان أميركا وتركيا مقابل ارتماء النظام في أحضان روسيا والصين وإيران.
كان عبد العزيز الخيّر، والتيار الوطني الديموقراطي اليساري عموماً، في قلب هذه الثورة منذ البداية ولا يزال. قد تحجب صورتَه ورشدَه الخطايا والمزايدات والديماغوجيا المسنودة بأموال النفط وإعلامه، فضلاً عن عقود الضعف والقمع المديدة، لكنه يبقى حاضراً و«مخيفاً» لكثيرين: من «الثوار» الذين قذفوه بالبيض، ووضعوا الورود على عنق برنار هنري ليفي وجون ماكين، إلى النظام الذي عامله كمجرم على الدوام، وصولاً إلى اختطافه، مع رفيقيه إياس عيّاش وماهر طحّان، بعد مغادرته مطار دمشق قادماً من زيارة إلى الصين للمشاركة في مؤتمر الإنقاذ الوطني.

عام على مُرِّ الغياب
صفوان عكاش *

مرارة الغياب حالة عادية في الحياة السورية، وهي حالة جد اعتيادية في حياة حزب العمل الشيوعي، أين عدنان الدبس الآن؟ وهذا المر أكثر من عادي في حياة عبد العزيز الخيّر.
ولكن للغياب مرارة العلقم في هذا العام الذي شهد فيه وطننا الصغير الكبير كل أنواع المحن والآلام والآثام، إنه عام الدم بكل جدارة الدم. عام يتسيده رجال الدم الباسمون على الشاشات اللامعة وتحكمه معادلة الدم. تقول المعادلة إن علينا سفك مزيد من الدماء حتى نوقف سفك الدماء. فكيف نعطل هذه المعادلة الخبيثة؟! ما أكثر القوالين لو كان الجواب في القول ولكن الجواب في الفكرة، نحن بحاجة إلى الفكرة، نحن بحاجة إلى عبد العزيز الخيّر.
كثيراً ما طرح السؤال: لماذا عبد العزيز الخيّر؟ وما أكثر الأجوبة المحتملة، إجابات سفيهة وأخرى عاقلة، ولكن الإجابة الصحيحة لن تخرج عن إطار الفكرة وقبولها. الفكرة، فكرة كيفية الخروج من معادلة الدم إلى رحاب دولة المواطنة، غير مقبولة. ورجال هذه الفكرة إبداعاً وتنفيذاً لا مكان لهم في عام الدم، لذلك يجب أن يغيب عبد العزيز الخير، ألسنا نتحدث من البداية إلى النهاية عن عصابة إرهابية مجرمة.
هناك أمل! يؤمن عبد العزيز الخيّر بأن زمن الدم وإن طال يظل بعض زمن الاستثناء، ولن يختفي الضوء في آخر النفق رغم آثام أمراء الدم على أنواعهم، لا بد من العبور ولا يمكن العبور إلا بمن يرى الضوء، إلا برجال الفكرة، وعندها لا بد من الحضور. وإلى أن يحضر عبد العزيز الخيّر من مر الغياب لن نكتفي بالانتظار.
* سياسي سوري معارض




اعتقال الخيّر ضَرْبٌ للقيم الوطنية والسلمية المدنية

أعلنت مجموعة من المثقفين اللبنانيين أمس تضامنها مع المعارض السوري عبد العزيز الخيّر ورفيقيه الذين اعتقلوا لدى وصولهم إلى سوريا من الصين قبل نحو أسبوعين. وفي ما يأتي نص البيان:
«نحن الموقّعين أدناه، مثقفين وفنّانين وسياسيين وناشطين ومواطنين لبنانيين، من مختلف المشارب والاتجاهات، نطالب بإطلاق سراح المناضل الوطني الديموقراطي، القيادي البارز في «حزب العمل الشيوعي» وفي «هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديموقراطي»، الدكتور عبد العزيز الخيّر، ورفيقيه المناضلين الصادقين، إياس عيّاش وماهر طحّان، الذين جرى خطفهم واعتقالهم في 21/9/2012 في منطقة مطار دمشق، إثر عودتهم من زيارة إلى الصين. إنَّ في اعتقال الدكتور عبد العزيز الخيّر، الذي قضى نحو ربع قرن متخفّياً أو معتَقَلاً، وفي اعتقال أمثاله، ضَرْباً للقيم الوطنية والقومية الديموقراطية، وللمُثل الحضارية والسلمية المدنية، التي لم يبق سواها صِمامَ أمانٍ في الوضع السوري. وقد يكون د. الخيّر ورفاقه المخطوفون من أفضل من يمثّلون الخطّ السوريّ الوطنيّ العربيّ، الحليف لفلسطين وللمقاومة الوطنية اللبنانية، والبعيد عن عسكرة الانتفاضة السورية وتطييفها واستدعاءِ التدخلات الخارجية.
إنّ الموقعين أدناه يحمّلون النظام السوري المسؤولية الكاملة عن عودة المناضلين الثلاثة سالمين إلى ذويهم ورفاقهم، لكي يستأنفوا نضالهم في بناء سوريا تعددية وطنية ديموقراطية معادية للصهيونية والإمبريالية.
الحرية للدكتور عبد العزيز الخيّر ورفيقيه
الحرية لجميع سجناء الرأي».
الموقّعون (ألفبائياً): إبراهيم الأمين، أحمد بعلبكي، أسعد أبو خليل، بول أشقر، بيار أبي صعب، جمال واكيم، جو باحوط، خالد حدادة، رائد شرف، زياد الرحباني، سليمان تقيّ الدين، سماح إدريس، شربل نحّاس، صقر أبو فخر، عبد الأمير الركابي، فوّاز طرابلسي، كمال حمدان، محمد دكروب، مرسيل خليفة، ميرفت أبو خليل، نجاح واكيم، نصري الصايغ، نهلة الشهّال، وليد نويهض.

في حضرة الغياب
فائق حويجة *

عام مر على غياب «أبي المجد»، عبد العزيز الخيّر؛ دون خبر!
وأبو المجد؛ إنسان من هذا الوطن «ولد ونشأ وترعرع» ناشداً الحرية.
في نشدانه هذا المطلق؛ غابت عنه حريته الشخصية: تخفى واعتقل ما يقارب الربع قرن...
هذا من طبائع الأمور في بلد يعاني ضروباً من الاستبداد والتخلف وضياع الحقوق.
عندما لاحت تباشير الحرية؛ ألقى أبو المجد نفسه في خضمها؛ ودخل التجربة من بابيها: باب الوطن؛ الذي لا يريد له الاستبداد أن يكون من دونه: إما أن يبقى الاثنان معاً أو أن يزولا معاً.
وتراجيديا الإنسان؛ الذي في توقه للحرية يحرص على الوطن ولا يريده دون حرية؛ في ذات الوقت يدرك أن حرية فوق دمار أو بقايا وطن؛ ستكون جوفاء... كذبة كبرى وأخرى في أحسن الأحوال!
لأنه أراد الوطن الموحد؛ سيد نفسه؛ مع الحرية والكرامة... وضع نفسه في مرمى كل مطلق نار... وما أكثرهم.
نيران الاستبداد التي اكتوى بنارها؛ وخبرها؛ وعاش مقاوماً لها من جهة؛
ونيران أخرى؛ «ليست صديقة» شعبوية؛ متنفجة؛ تافهة...
من جهة أخرى كان الخيار الأسهل له وهو «ابن الطائفة الكريمة» وصاحب التاريخ السياسي والنضالي الطويل أن يتصدر المشهد السوريالي: إما بالمداورة على خيار الحرية والكرامة ــ أي بالمداورة على كل التاريخ الشخصي على الأقل ــ أو باللحاق بالغريزة واختيار الصوت الأعلى، على علاته.
لكنه تذكر مع ابن المقفع أن أعلى الأصوات لا تصدر إلا عن الأشياء الفارغة.
لذلك فقد انحاز للأصالة التي تبحث في الجوهر: انحاز لسوريا المستقبل... سوريا الإنسان.
لم يكن أبو المجد وسطياً في يوم من الأيام؛ لا في بنائه المنطقي ولا في تصوره للانتفاضة السورية؛ لكنه كان، كما أزعم: جذرياً في الرؤية، عقلانياً في التحليل، وجدياً في الممارسة. الأمر الذي جعله ــ من وجهة نظر أصحاب الأصوات العالية ــ عرضةً لكل صنوف الاتهام التي تصل في كثير من الحالات حدود الابتذال والسفاهة. لكن هذا الأمر لم يثنه عن ضرورة إحكام العقل والتصرف بحكمة من يريد الحفاظ على وطن بعيداً عن الأوهام والأكاذيب.
لم يكن أبو المجد قديساً؛ لكن نظرته المتألمة والمتأملة بعد مهاجمته بالبيض في القاهرة؛ من قبل عتاة المعارضة كانت تحذر من أن الأفق الذي يرسمه الاستبداد؛ بمعية هؤلاء العتاة لن يقودنا إلا إلى كارثة؛ في أحسن الأحوال: إلى استبداد مكان استبداد.
كان يدرك أن الساكتين عن «غزوة البيض» قد شرعنوا «موضوعياً» كل الغزوات، التي طالت أهداف الانتفاضة في الحرية والكرامة.
إن تغييب عبد العزيز الخيّر، قبل اختطافه وبعده، ومن قبل جميع الأطراف باختلاف الدرجات، هو محاولة لقطع الطريق أمام حق الإنسان في التوق والحلم والحرية والكرامة. حقه في الذود عن اعتقاده وقناعاته حتى آخر صلب هو إيغال في الجريمة والنذالة حتى أبعد مدى.
إنه في غيابه، يمثل إدانة كبرى لضيق الأفق والهمجية والتفاهة التي تدعي احتكار الحقيقة في كل زمان ومكان.
أبا المجد، أدّعي أنك في غيابك، وفي خفوت صوتك، أكثر حضوراً وعلو كعب من كثيرين.
الحرية تليق بالشعب السوري. الحرية تليق بك.
* ناشط حقوقي وسياسي سوري
جريدة الأخبار العدد ٢١١٠ السبت ٢١ أيلول ٢٠١٣

أربع محطات
فاديا لاذقاني * آذار 1976، الشام، أبو رمانة

على درج بناءٍ أنيق ذي باب حديدي من الصناعات اليدوية مزخرف أسود اللون، ننتظر دقائق قبل أن يفتح عبد العزيز الباب تسبقه ابتسامته الواسعة، ينزل بكل هدوء العالم. لا شيء يستعجله. ببطء وشموخ وعلوّ ينزل الدرجات القليلة. نظرته تنتمي إلى تلك التي تسجلها الذاكرة مرةً واحدةً باقية. بالكاد يُسمع صوته يلقي السلام بأدبٍ أكثر من جمّ. كم كان وسيماً وجميلاً.
ـــ هاكما الأمانة.
كان الكيس يحتوي على أشرطة «كاسيتات» مهرّبة لأول شريط لمارسيل خليفة.
تشرين الأول 1985، مخيّم اليرموك

البيت يعجّ بضجة الرائح والغادي. كنا أكثر من عشرين شخصاً نتحرك في الاتجاهات كلها. نغني ونشرب ونعبث ونحن نُعدّ أطباق السهرة. رجلٌ واحد يقتعد الزاوية صامتاً يكاد الجدّ يبعث في معالمه بعضاً من عبوس. يبدو في سكينة أحاط بها نفسه، وهو يكبّ على قراءة ما في يديه، ثم يمسك القلم بين الفينة والأخرى، متابعاً عمله غير مكترث بالضجيج، كأنه في خلوةٍ عنا جميعاً.
أيار 2006، باريس، الباستيل
هل سأعرفه؟
العينان نفساهما وألق النظرة المطمئنّة المُطَمْئِنة نفسها. لم يعد أسود الشعر واتسع قليلاً فراغ شعره عند مقدم الرأس.
بعد حديث عن مشرّدي الرفاق والأصدقاء في أوروبا. قال لي: لم أر واحداً منكم سعيداً هنا، حتى المرتاحين مادياً منكم. يقتلكم الحنين، فلا أنتم هنا ولا أنتم هناك! كفاكم نظراً إلى الماضي. عيشوا الحاضر. قرِّروا مرة واحدة لا رجعة عنها. فإما البقاء في أوروبا والتعايش مع وضعكم وبناء حياة حقيقية هنا، أو عودوا. شجِّعوا بعضكم بعضاً على العودة. راح الماضي تعالوا نعمل المستقبل.
كأنّ لعبد عندما يتكلم سحر النبيّ على كل من شهدته يسمع له. طالما تساءلتُ في الجلسات عن سرّ حضوره الكثيف الطاغي وأنا أرى كيف ينظر إليه الشباب مسحورين مبهورين بإيقاع أدائه (ربما أكثر بمحتوى ما يقول؟). لا يستطيع قولُ عبد أن يتركك سالماً منه. يكاد يكون «معلّماً» كشيخ حلقة صوفيّة، يربط الآخرين إليه بحبل سرّي لا يُشاهد. يمضي سهرته يتلقى الاتصالات من كل حدب وصوب، تختلط التهانئ بحريتة الطازجة بالعمل يطرق عبد أبوابه مباشرةً. بلا تمهيد وبنبرة اللطف الغامر ذاتها. كأنْ ليس من وقت زائد يضيّعه، هذا الرجل المنذور للتفرد والبطولة. مذ كان في الابتدائية يحرر جريدة الحائط المدرسية، ولربما قبل ذلك!
كم يحترم عبد إيقاعه الشخصي الذاتي الذي يكاد أحياناً يستفز بعض ذوي الأمزجة النارية السريعة، لا تخلخل انتظامَه وتسلسلَه المصائبُ ولا الحادثات، فهو معه في أقصى درجات الانسجام. كأن عنده الوصفة السحرية مبطلة مفعول المفاجأة، فتراه دائماً جاهزاً لكل احتمال. هو هكذا في الحوار أيضاً، إذ يظن «خصمه» أنه (الخصم) في قولته الأخيرة، أتى بحجة الحجج دعماً لمنطقه. لا يتغير ملمحٌ من ملامح عبد، إلا أن تتسع ابتسامته ويزداد إشعاع نظرته الودودة شاملةً المكان كله. ربما يرشف رشفةً من كأسه، أو قد يشعل سيجارةً، ثم يبدأ الردّ والتفنيد دون أدنى مسحة للغضب والتأثر. تبقى نبرته واثقة هادئةً واضحة بطيئة، لا علاقة لها تماماً بنبض الحديث العام بل بنبضه هو.
مرةً أخرى يكرر «خصم» الحوار تساؤله عن هذا الرجل العجيب: عبد، وعن مصدر هذا الهدوء الداخلي الساجي في سكينةٍ تكاد تكون دائمة الوجود؟
اللاذقية، 2007
يحمل عبد «السياسة» إلى أقاصي الجبال والقرى وشطّ البحر. في تغنيه بالطبيعة سياسة، وفي تذوقه لفطائر السلق طازجة من أيدي صانعاتها على الطرقات سياسة. ما خسره على الصعيد الشخصي لم يعترف يوماً بكونه خسارة. «كل شيء له ثمن» هذا أقصى ما يمكن أن يقوله إن سمع تلميحاً عن «مجد» ابنه يكبر لأب غائب. يبلغ الانسجام، بين ما خطَّه لنفسه وما يعمله كل يوم، حدّاً يجعل بعض المقربين يتساءلون أحياناً إن كانت له «نقطة ضعف» يمكن أن يتسرب المرء إليه عبرها!
أوَلا يؤمن الأنبياء بأنفسهم وبرسالتهم إيماناً يشعّ من عيونهم وكيانهم كله، فبهذا يكسبون المؤمنين؟
يا عبد، قلتُ لماريا إنهم غيّبوك مرة ثالثة منذ عام. قالت إنها تنتظرك لاسترداد الشال الأبيض الحريري الصوفي الذي نسيتَه عندها في البندقية. لا أنسى تلك اللحظة النادرة التي شفّ من غلالتها حزنك عليه وأسفك على نسيانه. وكأنك ندمت على سماحك لهما بالظهور، وكأنما لم ترد أن تطول برهة الحديث، قلتَ لي بسرعة واقتضاب إنه من أغلى ما تملك، وإنه شال والدك.
* كاتبة سورية
جريدة الأخبارالعدد ٢١١٠ السبت ٢١ أيلول ٢٠١٣

عام على اعتقــال الضمير الوطني
منير الشعراني *

ساذج أو جاهل أو مغرض من ينظر إلى اعتقال الدكتور عبد العزيز الخيّر أو يحاول التعامل معه على أنّه حدث عادي في سياق الحراك الثوري في سوريا، أو أنه ليس مؤثراً أو ذا بال في سياق تطور هذا الحراك والصراع السياسي الذي رافقه واتخذ مسارات متعددة منذ بداياته إلى اليوم. فالنظام الذي اعتقل الخيّر ورفيقيه إياس عياش وماهر طحان، عبر إخراج رديء، حاول من خلاله حرف الأنظار عن مسؤوليته عن هذا الاعتقال وما يعنيه في سياق الصراع والحلول السياسية التي كان يجري العمل عليها ويؤدي الخيّر دوراً بارزاً ومحورياً في العمل على إنضاجها لإنقاذ الوطن من دوامة الصراع المسلح الذي بات يهدد كل مقومات وجوده. وساذج أو جاهل أو مغرض من يقول إنّ اعتقال الخيّر لم يبعث الارتياح في نفوس بعض خصومه السياسيين الذين نصبوا أنفسهم قيادة للمعارضة السياسية بدعم خارجي من أطراف إقليمية ودولية لا يشكل الحراك الثوري للسوريين بالنسبة إليها إلا ذريعة لتحقيق مصالح كل منها.
نعم هو ساذج أو جاهل أو مغرض من لا يرى أن اعتقال عبد العزيز الخيّر استفاد منه طرفان هما النظام لأسباب واضحة ومعروفة، وتلك «المعارضة» التي رهنت نفسها لدول وقوى خارجية لتتمكن من انتزاع سدّة الاستبداد من النظام لتجلس عليها، وإن كان ذلك على حساب الوطن ووحدته وسيادته، وإن كان الثمن الدمار والقتل والتهجير والتشريد لشعبه. هذه «المعارضة» التي قامت على دعاة التحالف مع الشيطان في سبيل الخلاص من النظام وعلى رأسهم الإخوان المسلمون وغلاة إعلان دمشق من حزب الشعب ـــ الليبرالي الجديد، الشيوعي سابقاً، وبعض حلفائه وأفراد شاركوا بحسن نية أو بسوء نية في استنبات نبت شيطاني على جسد الحراك الثوري سعى لاحتكار تمثيل الثورة وعمل على خنق الأصوات الثورية المخالفة لنهجه، وتخوينها والوقوف في وجه أي اتفاق يجمع أطراف المعارضة الوطنية ويوحّد جهودها لتغليب المصلحة الوطنية واستقلال قرارها. هذه «المعارضة» هي التي أفسحت المجال لدخول نبت شيطاني آخر من خارج البلاد تمثل في الكتائب السلفية الجهادية كالنصرة وداعش ليستطيل ويتمدد على أرضنا رافعاً ومنفذاً لشعارات لا تمت بأدنى صلة إلى أهداف شعبنا التي ثار على النظام من أجل تحقيقها.
أدرك النظام دوماً أن الخطر الحقيقي عليه يكمن في الوعي الذي يحمله مناضلون كعبد العزيز الخيّر رهنوا حياتهم من أجل وطنهم وشعبهم، وهو يدرك مكانة عبد العزيز الخيّر وحنكته وقدراته الفكرية والسياسية والتنظيمية والدبلوماسية. ويعلم دوره في العمل على توحيد جهود المعارضة في الداخل والخارج، وتابع النجاحات التي حققها من خلال لقاءاته مع أطراف فاعلة في الوضع السوري والأثر الذي يتركه حتى عند حلفائه، لذلك أراد قطع الطريق على أي تقدم يستطيع عبد العزيز الخيّر إنجازه على مستوى تجميع جهود المعارضة الوطنية لانتزاع مكانها في الصراع السياسي الدائر وصولاً إلى تحقيق الدولة المدنية الديموقراطية التي تساوي بين أبنائها، أو على مستوى التوصل إلى تغيير اقتناعات بعض الأطراف الدولية الداعمة للنظام بحل بديل للحل الأمني العسكري الذي ينعكس سلباً على صدقيتهم ومصالحهم.
اعتقل النظام عبد العزيز الخيّر لأنه يدرك تماماً أنه واحد من أبرز رموز العمل المدني السلمي الذين وقفوا ضد عسكرة الثورة لأنهم يرون فيها خطراً حقيقياً على الوطن والشعب فضلاً عن ثورته، وشكلوا عائقاً كان لا بد من إزالته عن طريق العسكرة التي سعى النظام منذ البداية إلى جرّ الثورة إليها لإدراكه أنها الطريق الوحيد الذي يجيد العمل فيه والذي يستطيع من خلاله إيجاد المبررات لعدم تقديم أي تنازلات لشعبه وتبرير جرائمه ومواجهته للثورة بصنوف الأسلحة وإشاعة الدمار والخراب في البلد. وكان عبد العزيز الخيّر إضافة إلى ذلك مناضلاً ذا صدقية يعترف بها الجميع ويتمتع بشخصية كارزمية قوامها هدوؤه واتزانه وتواضعه وثقافته ومرونته وحزمه، وكان قادراً على انتزاع احترام خصومه وثقتهم باحترامه لالتزاماته، وقد أهّلته هذه العوامل والصفات لأداء أدوار مستقبلية شديدة الأهمية. ولا عجب في أن نشاط هيئة التنسيق الوطنية قد تضاءل بعد اعتقاله كثيراً، ولا عجب في أن يعمد النظام إلى اعتقاله، ولا عجب في أن يتنفس أدعياء الثورة الصعداء لغيابه.
الحرية لعبد العزيز الخيّر الضمير الوطني، الحرية للأحرار جميعاً.
* تشكيلي سوري / جريدة الأخبار

ثقافة "السفير" تاريخ المقال: 16-10-2012 12:00 AM
«المجرم» عبد العزيز الخيّر
يوسف عبدلكي

ها هو المجرم عبد العزيز الخيّر وراء القضبان أخيراً. أثلج هذا الخبر السعيد صدور المواطنين الآمنين، وأدخل الطمأنينة الى قلوبهم، بعد أن روعهم عبد العزيز الخيّر بقمعهم، واعتقالهم، وإدخال المدرعات والدبابات الى شوارعهم وأحيائهم، وقصف بيوتهم بمدافع الهاون وطائرات الهليكوبتر والميغ، ناهيك عن إفلات العصابات المسلحة من شبيحته على مظاهراتهم، وإطلاق عناصر أمنه على بيوتهم ليقتلوا وينهبوا... ويغتصبوا إن توفر الوقت.
ستعلن ـ لا أشكُ في ذلك ـ السلطات الأمينة على أمن المواطنين وأرزاقهم سلسلة من تظاهرات الفرح بهذا النبأ، وستقيم الأفراح في الشوارع، وتبني سرادقات للغناء والرقص وإقامة الولائم، في دوما وحرستا ودرعا وداريا وحمص وعربين وحلب وحماة ودير الزور وكفرنبل والرستن وتل كلخ وخان شيخون والحسكة والتضامن والميدان وركن الدين!
يلّي استحوا ماتوا!
كيف يعتقل مواطن كعبد العزيز الخيّر سلاحه الكلمة، وأداته الحوار، وغايته الحرية والديموقراطية لأبناء بلده! ربما هذا ليس سؤالاً وليس استنكاراً قدر ما هو لائحة الاتهام الحقيقية لهذا المجرم الخطير.
الدكتور والصديق والرفيق عبد العزيز الخيّر وهب حياته لقضايا بلده العامة. دخل معترك السياسة باكراً، وفي بداية الثمانينيات تمت ملاحقته... غير أنه بقي عصياً على الاعتقال أحد عشر عاماً في ظروف أمنية فاشية يعرفها جميع السوريين آنذاك، واعتقل عام 1992 في الشارع وبالمصادفة، وقُدم الى محكمة أمن الدولة العليا العادلة، فحكم عليه قاضيها العادل الضابط فايز النوري حكماً عادلاً بالسجن 22 عاماً! وكان حظ عبد العزيز الخيّر أفضل من حظ العشرات أمثال أكرم البني وفايز الفواز وحليم رومية وجهاد مسوتي وعبدالله طعمة وبهجت شعبو وعبد القهار سراي... إلخ، حيث قضوا مدد حكمهم كاملة... وأكثر. إذ ترأفت الدنيا بالدكتور إثر حملات محلية ودولية لإطلاق سراحه، فأطلق... بعد 14 عاماً فقط! ويقولون إن السلطة لا رحمة في قلبها!
إثر خروجه عام 2005 من المعتقل انخرط ـ من دون أن يلتقط أنفاسه ـ في العمل السياسي مع المعارضين عموماً، وفي وسط رفاقه في حزب العمل الشيوعي خصوصاً؛ وكأن الأربعة عشر عاماً من الاعتقال لم تكن إلا أربع عشرة دقيقة ليس إلا! فيا لهذا الإيمان الصوفي بشعبنا وبقدرته على صناعة تاريخه! بعد انطلاق حراك السوريين الذي تحول إلى ثورة حقيقية، عمل الخيّر مع حسن عبد العظيم وحازم نهار على جمع كلمة المعارضين في الداخل وأثمر عملهم أول مؤتمر للأحزاب والشخصيات المعارضة عقد في حلبون قرب دمشق (17/9/2011) الذي انبثقت عنه هيئة التنسيق الوطنية التي تعرضت وتتعرض منذ ولادتها إلى حملات دهم إعلامية متواصلة بسبب استقلاليتها، ونأيها عن المحاور العربية المموِّلة؛ ورغم ما يمكن أن يساق من ملاحظات وانتقادات على الهيئة غير أنها صمدت أمام إرهاب السلطات، وإغواء دول الخليج، وثبّتت في وثائق المؤتمر الوطني لإنقاذ سوريا الذي شاركت فيه بدمشق (23/9/2012) مطالبتها بإسقاط السلطة برموزها ومرتكزاتها كافة، من جهة، ورفضها للتدخل الخارجي من جهة ثانية.
بعد خروجه من المطار في 20/9/2012 عند عودته من بكين مع وفد الهيئة، اعتقل عبد العزيز الخيّر مع صديقيه إياس عياش وماهر طحان على حاجز للأمن السوري! وما زال الثلاثة في قيد الاعتقال!
يحار المرء بهذه السلطة كيف يُصنفها، فلا المعارضة الوديعة تُرضيها، ولا المعارضة الجذرية تُدخل السرور الى قلبها، ولا المظاهرات السلميّة تُفرحها، ولا التسلح يُبهجها... لا الأصوات الزاعقة تُفحمها، ولا صوت العقل يُقنعها! سلطة يبدو أن لا شيء يطربها إلا صوت الكسر... كسر عظام المواطنين، كسر إرادتهم، كسر حلم الحرية في قلوبهم... وربما لم يبق أمامها إلا المتعة المازوشية بكسر عظامها هي.
أطلقوا سراح عبد العزيز الخيّر. استحوا.

الدكتور عبد العزيز الخير في السجن الاخير
احمد مصارع
الحوار المتمدن-العدد: 1113 - 2005 / 2 / 18 المحور: أوراق كتبت في وعن السجن

الدكتور عبد العزيز الخير في السجن:
أمضيت سنة أو يزيد , رفقته في زنزانة واحدة , وفراشي بجوار فراشه , فمن لا يفخر بمجاورته في السجن , وله حفظت أجمل عبارات سجن الحياة الثالثية :
لا تسألني كم سجنت , بل اسألني مع من سجنت ؟!
لأقول لك مفتخرا بالسجن الى جانبه , حيث يستوي الليل مع النهار , وفي حالة استنفار , من غار الى غار , ومن صدمة مع هذا الجدار وذاك الجدار .., وحقيبته المعدة وما أجمل العبارة النذلة : حالة طوارئ .
لا طوارئ , يمكن لها أن تكون نذالة صرفة إلا مع الحكيم : عبد العزيز الخير .
أبو المجد من أطرافه , سفير لطبيب السجن بلا حدود , من الصغير الى الكبير , من القزم الى العملاق , من الفقير الى الحقير ومن الراعي الى السفير , يحمي الحياة , بلا حدود , ويسافر في طبه من عهد الطبيب البابلي , من الخطيئة في حق الإنسان والوطن , وصولا الى حق الحشرات بالحياة .
كل الوسائل المتاحة في الطب , في سجن العدم , سجن الإيديولوجية الانقلابية التعسة , ووهم تصوير عباد الله الفقراء , بوصفهم سموزا , أو بول بوتا , أو بينوشي و كيوتو بلا توقيع أمريكي , في سجن متضع للغاية , في سجن بائس يصعب على جان جينيه تصويره ببراعة أدبية نفسانية , أو تاريخانية , أو اجتماعية جمعوية مبتذلة للغاية , فما الذي يمكن له , ومهما بلغت درجات عبقريته فعله و في واقع سريالي و وسرياني , وسوري , ليس له أي صلة شرعية , بأجواء عشرة آلاف ليلة وليال , مسوخ ومسوخ حتى آخر العمر , ولكن الحكيم يصر على تطبيع مالا يطبع , ويصر على تعميد الخطيئة , ونشر روح السلام بلا يأس و وبلا استسلام من شمس العصر العربي والإسلامي الغادر .
عيونه المتورمة من السهر , تقصف مهجعنا في حرص بالغ على أداء دوره الفني في إعداد عشاء فاخر , ويعتقد بصرامة بالغة و بأن إنقاذه لحياة إنسان على وشك الموت , لن يمنعه من أداء دوره الإنساني , وحياة تفاعله مع أبناء مهحعه العتيد , ولذلك يجري بحثا عن حالة طبخة أعدها وقد كلفني مراقبتها ريثما يعود ..!!
لقد حول مهجعنا الى عيادة شعبية , في وطن سجني غير اجتماعي وغير اشتراكي , في الداخل والخارج , فباب الزنزانة ثلاثي الأقفال , ولمجرد أن يفتح , سنقول للنوم السابع وداعا , فليس لدق الحديد على الحديد رنه , بل انتقام لحداد الدولة اللاعصرية .
ماذا أكتب ؟! ..
قل ماذا فعلت أولا , خذ نفسا وبعدها نم بعمق , بل تحلل من ملابس الاستنفار بلا حدود , وبعدها لكل حادث حديث , ولكنه يصر على سماع ماكتبته حلما بمستقبل بشري أفضل :
لقد كتبت عن القومندان تشي غيفارا , والدنيا التي ليست كوما من حجاره ...
ويصرخ بفرح مكبوت لك جائزة , وخلال ثوان يعد لي كأسا ذهبية يزيد إشعاعها على تماثيل بوذا الذهبية , ويقول في زهد كبير هذه جائزتك , ولم أكن أدري عمن يستحق جوائز العصر المجوسي , فلا أحد سواه , يستحق جائزة , الطبيب بلا حدود إن وجدت , لقد مات سار تر وقبله ألبير كامي , وصار الآخر هو الجحيم والعبث بلا حدود, وليحفظ الله عظام الجدود ..
مات أحدهم , وراح ينفخ فيه روح الحياة , أنه يريد استمرار الحياة , نفخ حتى لم يعد يقدر , واحمرت عيونه , الى درجة النفور و الخروج من الصدغين , بضع ساعات , ليس إلا ,وزاد عليها في بكاء مرير , وكان الضحية يحبه كما الولد وكما الأبوة , ولم يكن يدري أبدا أنه يبادله نفس الشعور , والحكيم ليس يدري , ولكنني أدري .
لقد حمل الشهيد مدثرا ببطانية لالشئ , سوى الحلم البعيد بكرامة مفقودة لوطن غير حر وشعب غير سعيد و وليس هناك أي أمل بحياته , وعودته من جديد ..
وطن الرعاة للأبد وطن من ليس له وطن , إلا ابن الوطن , ومأساة أن نمضي نحو المصير المجهول , وانقطاع الأرحام , وسخام وحمام , من تراثنا الشهير , شهرة التفاهة بلا حدود , وشهرة أوطان بلا جدود , وفي عصر الأطباء بلا حدود ...
هل الأبدية قدرنا ؟ وهل يدوم الاستبداد وظلم ذوي القربى , لمجرد فشلهم واتضاعهم , ونجاحنا , فهو مني , ولكنه ليس منا , وهل حتام علينا أن نسقط أجمعين ؟!
ويسألني ببراءة الأطفال :
ما لذي تقوله يا احمد ؟
فأقول : السجن ليس لنا نحن الأباة .... السجن للمجرمين الطغاة .
ويشعر طبيب السجن , وسفيره بلا حدود بالقدرة على التجدد بلا حدود .
وأتساءل ببراءة الى متى يعرش طغيان العشيرة والبداوة , والى متى يبقى وهم الأمن يتساوى مع أمن الوهم ؟!!
أطلقوا سراح الطبيب عبد العزيز الخير أيها اللؤماء بلا حدود , لكي يتواصل الأحفاد مع الجدود ...
احمد مصارع الرقه -2005




شهادة من حسين العودات حول اعتقال عبد العزيز الخير
– Posted on 2012/11/27Posted in: مقالات وتحليلات
حسين العودات : كلنا شركاء

اعتقل الدكتور عبد العزيز الخير ( الصورة) بتاريخ 20/9 من مطار دمشق الدولي ومعه إياس عياش وماهر طحان وهم قادمون من الصين مع وفد من هيئة التنسيق الوطنية دعي للحوار مع وزارة الخارجية الصينية، حول الأزمة السورية، وصدر بيان من وزارة الإعلام السورية، فور اعتقاله يقول أن من اعتقله هي عصابات مسلحة، وتبين فيما بعد أنه نزيل في أحد معتقلات جهاز أمني، مازال ينكر وجوده عنده حتى الآن.
عرفت عبد العزيز الخير عندما كنت عضواً في المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق، مناضل ومعارض من أهم معارضي الداخل السوري، فهو رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الهيئة، كان له الدور الفعال والأساس في صياغة بيان الهيئة ومنطلقاتها وثوابتها التي صدرت عن مؤتمرها الأول، وهو الذي اقترح في ذاك المؤتمر شعاراتها التي مازالت تتبناها حتى الآن وهي (لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الأجنبي) وهي القضايا الثلاث الرئيسة التي مازالت تتأثر بها الأزمة السياسية في سورية التي تزداد تعقيداً ودموية يوماً بعد يوم. وكان عبد العزيز في ذاك المؤتمر وما تلاه من نشاطات قامت بها هيئة التنسيق، أحد أعضاء قيادات المعارضة المعتدلين والفاعلين، وعامل اعتدال وتوازن، ويتصرف دائماً بملء المسؤولية الوطنية، ويتبنى المواقف الشجاعة، انطلاقاً من مصلحة القضية الوطنية دون أن يخشى المواقف الشعبوية، أو تهديدات السلطة وعسفها.
كان عبد العزيز الخير، مناضلاً ومثقفاً وديموقراطياً في مواقفه وممارساته، حاول جاهداًَ توحيد فصائل المعارضة السورية، وتوصل إلى الاتفاق الشهير بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق، في الأيام الأخيرة من العام الماضي، ذلك الاتفاق الذي سحب المجلس توقيعه عليه بعد يومين، واستمر عبد العزيز بتفائله المعهود وصبره غير المحدود، يعمل لوحدة المعارضة، وفي الوقت نفسه، لم يقطع التواصل والحوار مع ممثلي الدول الأوروبية وروسيا والصين والدول العربية، وكان صادقاً في نقل رأي هيئة التنسيق إلى هذه الجهات، ونقل رأيها إلى هيئة التنسيق، ونشّط الحوار بهدف الوصول إلى تفاهمات، كان يأمل أن تؤدي إلى اتفاقات أو تجنب سورية والشعب السوري أعمال العنف العمياء وسيل الدماء.
إن اعتقال مثل هذه الشخصية المعارضة، التي تحمل هذه المواصفات، الشخصية المعتدلة والفعالة والمحاورة، إنما هو مؤشر سوء واضح أو تعبير عن نوايا سيئة، فإذا كان من أمر باعتقاله لم يحتمل آراءه هذه، فكيف يمكن أن يحتمل آراء المعارضين الآخرين، وهو أكثرهم اعتدالاً؟. وكيف يمكن أن تصدّق المعارضة، مع اعتقاله، أن السلطة السورية جادة فعلاً في السعي للحوار، وهي لم تستطع كبح جماح نفسها عن اعتقال مناضل معتدل عقلاني علماني ينطلق في آرائه من موقف وطني مسؤول بعد أن مارس هذا الموقف طوال عام ونصف.
إننا أمام موقفين غريبين مستغربين: أولهما اعتقال عبد العزيز الخير، الذي يدل على أن السلطة غير جادة بما تطرح من آراء وأنها تعلن غير ما تبطن، وثانيهما أن هيئة التنسيق متهاونة بل ومتراخية في موقفها من اعتقاله. حيث اكتفت بالتعبير عن رأيها بالبيانات التي لم يقرأها أحد، حتى ظن البعض أنها متخاذلة والبعض الآخر أنها أكثر من ذلك.
الحرية لجميع المعتقلين، ومنهم المعتقل المناضل عبد العزيز الخير.
-------------------------------------------------------------------------------------------
مجلة الآداب » شتاء ٢٠١٢ » سوريا في المخاض: حوار مع عبد العزيز الخيّر
سوريا في المخاض: حوار مع عبد العزيز الخيّر
(شخصيّة قياديّة في هيئة التّنسيق الوطنيّ ـــ سوريا)
أجراه في دمشق: ناريمان عامر ويوسف فخر الدين

الآداب: قمتم بإنشاء "هيئة التنسيق الوطنيّة" من أجل المشاركة في الحراك الشعبيّ ومحاولة تمثيله. فلماذا قام هذا الحراك؟ ولماذا رفع سقفَ مطالبه إلى حدِّ إسقاط النظام؟ ولماذا غاب هذا المطلب عن بياناتكم، فأثرتم حفيظةَ بعض الشارع عليكم؟
ــ الحراك الشعبيّ هو، فعليّاً، ثورةٌ سياسيّةٌ، حصيلةُ تاريخٍ سياسيٍّ طويل. وقد اجتمعت الظروفُ الموضوعيّة لتنقلَ حركيّةَ هذا التاريخ من الفضاءِ الثقافيِّ السياسيِّ إلى فضاء المجتمع الذي قدّم ما طابقَ توقّعاتنا، وفي الوقتِ نفسه أدهشنا.
هو شيءٌ يشبه ما كنّا نحلم به، وإنْ أتى بصيغةٍ مختلفة تمثّلتْ في أنّ طبيعة الجمهور المتحرّك لا تنطبق عليها تصنيفاتٌ نمطيّةٌ أو تصوّراتٌ سابقة (فهي ليست ثورةَ عمّالٍ أو فلاحين أو قوًى سياسيّةٍ منظّمة...). وهذا الأمر أربكَ العقلَ التصنيفيّ، ولاسيّما أنّ تاريخَ الحراك السياسيِّ في سوريا هو تاريخُ الحركات المنظّمة لا العفويّة كما هي حال مصر. عفويّةُ الحراك الجديد كانت مفاجئةً للشعب السوريِّ كما للنظام والمعارضة، لأنّ أحدًا من هذه الأطراف لم يمتلك القناعةَ بوجود حركةٍ عفويّةٍ في سوريا: ولذا اعتبره النظامُ مؤامرة، وتعاملتْ بعضُ القوى السياسيّة معه بحذر، وتوجّستْ منه شرائحُ من المجتمع السوريِّ لم تحسم خيارَها بعد.
هي ثورةُ جمهورٍ من طبقاتٍ وسطى وشعبيّة. لكنّ الفراغَ الذي سبّبتْه عقودٌ من القمع، ومن عزلِ المجتمع عن السياسة، أدّى إلى ضعفٍ تنظيميٍّ ملموسٍ للأحزاب، أو لمن صمد منها أمام القمع الطويل (إذ تلاشى بعضُها فعليّاً)؛ كما أدّى إلى جهل الجمهور بهذه الأحزاب وبطروحاتها ونضالاتها. يضاف إلى ذلك غيابُ نقاباتٍ حقيقيّةٍ تعبّر عن مصالح أعضائها ووعيهم؛ فالموجود هو محضُ هياكل نقابيّة تخضع لهيمنة السلطة، تزيِّف إرادة أعضائها ووعيهم، ولا تدافعُ عن مصالحهم نفسها. وثمة غياب لمنظّماتٍ أهليّةٍ ومدنيّة، مستقلّةٍ وفعّالة، ولو وُجدتْ لأمكن أن تملأ بعض الفراغ الذي نتج من قمع الأحزاب، لكنّ القمعَ منعها هي الأخرى من الوجود بصورةٍ شبه مطلقة.
كلُّ هذا جعل الثورةَ، بالضرورة، ثورةً عفويّةً غيرَ منظّمةٍ، انفجرتْ لأنّ القمعَ عجز عن إلغاء توق السوريين إلى الحريّة (بل عزّزه)، وعجز عن إلغاء حلمهم بسيادةِ العدالة والقانون وإنهاءِ الفساد (بل قوّى إصرارَهم عليه)، رغم نجاحه في تحطيم أو إضعافِ أو منع الأطرِ السياسيّةِ والنقابيّة والمدنيّة المنظّمةِ التي تستطيع حمل ذلك التوق وهذا الحلمِ، وقيادة نضالهم نحوه.
نحن نرى أنّ المنابعَ العميقة لهذا الحراك تعود إلى سببين تاريخيّين:
1) ديكتاتوريّة النظام وفساده، بما يعنيه ذلك من قمعٍ معمّمٍ وشديدٍ ضدَّ كلِّ نشاطٍ أو تفكيرٍ سياسيٍّ مستقلٍّ؛ ومن رعبٍ ينتاب المواطنين كلّما تناولوا القضايا السياسيّة في جلساتهم الخاصّة أو العامّة؛ ومن ممارسةٍ للحكم على أساسِ مراسيمَ وأعرافٍ وأوامرَ كثيرًا ما تكون شفهيّةً وخرقًا للقانون المكتوبِ أو تحريفًا له أو استثناءً منه، بحيث تَخدم مصالحَ الموالين للنظام، وتضعُ ثرواتِ المجتمع في متناولهم أكثر من متناول غيرهم، أو دون غيرهم في كثيرٍ من الحالات. وهذا ما خلق حالاتِ تمييزٍ واضحةً بين المواطنين، شملتْ أبسطَ حقوق المواطن، مثل حقِّ العمل أو السكن أو السفر خارج البلاد، على مستوى قاعدة الهرم، ووصلتْ إلى المحاباة الفاضحةِ في الصفقات والاستثماراتِ الكبيرة، على مستوى قمّة الهرم.
2) السياسات الاقتصاديّة، وتحديدًا السياسات التي تمَّ اتّباعُها منذ بداية التسعينيّات، عندما تسارع تحريرُ نشاط رأس المالِ الخاصِّ، وبدأ فتحُ الأبواب للرأسمال العربيِّ والأجنبيِّ، في تجاوبٍ واضحٍ مع شروط صندوق النقد الدوليِّ ومراكزِ الرأسمال العالميّة الأخرى. وقد أخذتْ هذه السياساتُ دفعاتٍ قويّةً بعد عام 2000، وظهرتْ تعديلاتٌ قانونيّةٌ وعمليّةٌ للنشاط الاقتصاديِّ في البلاد ولدور الدولة الاقتصاديّ، فتراجع هذا الدورُ لصالح رؤوس الأموال الخاصّةِ والشراكات الجديدة بين النُّخَب المقرّبة من السلطة ورؤوس الأموال العربيّةِ والعالميّة، عبر انفتاحٍ اقتصاديٍّ انتقائيٍّ وأحيانًا عشوائيّ. وبدأ يتراكم تغييرٌ في بنية الاقتصاد، لا يبالي بقطاعات الإنتاج الحقيقيِّ، بل يخنقها ويضعفها. وهذا ما زاد من وطأة التشوّهات البنيويّة، القائمة أصلاً في الاقتصاد السوريِّ، وزاد من تبعيّته للخارج، ومن تكيّفه مع حاجات السوق العالميّة، لا مع حاجات التنمية والمجتمع السوريِّ، ولاسيّما حاجات الطبقات الشعبيّة والوسطى التي كانت القطاعاتُ الإنتاجيّة وقطاعُ الدولة تؤمّن بعضَها، وبخاصةٍ الحاجةُ إلى العمل. كلُّ هذا كان بالنتيجة على حساب الطبقات الشعبيّة والوسطى، وبعضِ فئات الرأسماليين غير المقرّبين من السلطة. وقد أدّى تسارعُ الفرزِ الطبقيّ إلى إنتاج نخبٍ ذات ثرواتٍ خياليّةٍ ورفاهيّةٍ غير مسبوقة، بينما انحدر المستوى المعيشيّ والاجتماعيُّ للشرائح الوسطى والدّنيا بشكلٍ قويٍّ، وتوسّعتْ دائرةُ البطالة بسرعةٍ كبيرة.
تضافر مع هذين العاملين عاملٌ آخر، هو العامل المعنويُّ الذي وفّره مناخُ الربيع العربيِّ (تونس، مصر، ليبيا، اليمن،...). هذا المناخ أنعش الأملَ بالتغيير، وقوّى الثقةَ بالنفس في إمكانيّة تحقيقه بقوى الشعب نفسها، وقدّم نماذجَ رغِبَ السوريّون في السير على هديها. فالشعبُ السوريُّ لا يعتبر نفسَه أقلَّ من غيره من الشعوب، بل على العكس؛ فهو شعبٌ معتدٌّ بنفسه، ويتباهى بتاريخه الحضاريِّ ومدنيّته العريقة ــ وهو محقّ في ذلك.
كان المناخ السوريّ يحوي جميعَ عناصر الانفجار، فجاءت حادثةُ درعا لتُطلقَ الشرارةَ التي فجّرت الثورة. والحقّ أنّ حادثة درعا ليست استثنائيّةً في ظلِّ الديكتاتوريّة؛ لكنّ اجتماعَ العناصر السابقة أدّى إلى غضب المواطنين وانطلاق حركةِ احتجاجٍ واسعةٍ بينهم، تجاوبتْ مناطقُ أخرى معها، وبدأت الحالة الثوريّةُ تعمُّ مختلفَ أنحاء سوريا. في البداية، تحرّك الجميعُ تحت سقف «الإصلاح،» ولم تكن المطالبُ في بداية الحراك جذريّةً بالطريقة التي نراها اليوم، بل كانت مصحوبةً بالأمل في أن تستجيبَ السلطة لمطالب الإصلاح. لكنّ ما حصل كان عكسَ ذلك تمامًا. فقد واجه النظام هذا الحراكَ مواجهةً أمنيّةً شديدةً، هي طريقته المعهودة في مواجهةِ مثل هذه الحالات، مصحوبةً كالعادة بجملةٍ من الاتّهامات الموجّهة إلى المحتجّين: مجموعات إرهابيّة، سلفيّة، فلسطينيّة، جهاديّة،...
ما طُرح من مطالبَ إصلاحيّة، وشعاراتٍ سياسيّة، اصطدم ببنيةٍ شديدةِ المركزيّة وبديكتاتوريّة يتميّز بها النظامُ السوريُّ حتى تجاه بنيته الداخليّة؛ فهو نظامٌ استبداديٌّ مركزيٌّ ليس فقط تجاه المجتمع، وإنّما تجاه بناه وهيئاته ومؤسّساته نفسها. ذلك لأنّ القرار عادةً محتكرٌ من رأس النظام، والآن يتشارك في صنع القرار مع فئةٍ قليلةٍ من الأفراد، تظلُّ فعليّاً ممسوكةً من قبله. والحال أنّ عدمَ السماح لجهاتٍ أو مؤسّساتٍ أو اتّجاهاتٍ جديدةٍ بالتفكير في التدخّل ضمن بنيةِ النظام نفسه أفقده الليونةَ والقدرةَ على التكيّف، وجعل تعاملَه مع المستجدّات تقليديّاً وميكانيكيّاً.
وقد ترافق هذا التصلّبُ مع دخول عنصرٍ تاريخيٍّ جديدٍ في البيئة والحياة السياسيّة، ألا وهي وسائلُ الإعلام الحديثة، التي شكّلتْ، من جهةٍ، أدواتِ تواصلٍ بين الناشطين مكّنتْهم من تبادل الأفكار والتنسيق في العملِ في ما بينهم، فعوّضتْ بذلك من آليّات التواصل والتفاعل السياسيِّ التقليديّة المحظورة في سوريا (الصحافة والاجتماعات المباشرة في النقابة أو الحزب)؛ وشكّلتْ، من جهةٍ ثانية، وسيلةَ إعلامٍ بديلٍ عجز النظامُ عن منعها، فأدّت دورًا رئيسًا في كشف ممارسات النظام القمعيّةِ لأوسع الجماهير وقطاعات الرأي العامّ المحليِّ والعالميّ، الأمرُ الذي قوّض تمامًا سياسةَ التعتيم على الجرائم، فأصبحتْ كلُّ ممارسات السلطة تتمُّ تحت أعين الكاميرات، وهو ما أخلَّ في العمق بآليّات عملِ النظام وأجهزة قمعه التي تعتمدُ مثل غيرها على الصمتِ والتعتيم على جرائمها لتضمنَ لنفسها حريّةَ التصرّف وتجنّبَ ردود الفعل.
هكذا أصبحتْ كلُّ عمليةِ قمعٍ تُفتضح محرِّضًا على المزيد من ردود الفعل الغاضبة، ودافعًا إلى رفع سقف المطالب السياسيّةِ للجمهور الغاضب الذي أخذ يشعر بالمزيد من المهانة والغضب لتجاهل مطالبه تمامًا ولمعاملته بالإخضاعِ والإذلالِ وسفكِ الدماء، حتى وصلت الأمورُ إلى المطالبة بإسقاط النظام.
أمّا عن سؤالكم عن غياب مطلب «إسقاط النظام» في بيانات «هيئة التنسيق،» فنردُّ بأنّ هذا السؤالَ محقٌّ من حيث الشكل، ويجانب الصوابَ في المحتوى. ذلك أنه حاضرٌ ضمنًا بلا شكٍّ في طروحاتنا وبياناتنا، رغم عدم استخدامِ التعبير حرفيّاً. فالقول بالانتقال من النظام الشموليِّ القائم، إلى نظامٍ تعدّديٍّ برلمانيٍّ ديمقراطيّ يتمّسك بالوطنيّة السوريّة، يعني حكمًا القولَ بإسقاط النظام... مع إضافةٍ نوعيّةٍ، تُعنى بطرح البديل. أي إننا نختلف عن غيرنا بأننا طالبنا بإسقاط النظام وحدّدنا أيضًا وصْفَنا للنظام المأمول. وعلى مَن لا يقتنعُ بهذا أن يقولَ لنا كيف تمْكن إقامةُ نظامٍ وطنيٍّ ديمقراطيٍّ، برلمانيٍّ وتعدّديٍّ، من دون إسقاط هذا النظام (رغم أنّنا امتثلنا لاحقًا لمطلبِ إبراز هذا الشعار بالتعبير الحرفيِّ الذي أراده الشارعُ الثائر)؟
يمكن القولُ إننا لم نوفّقْ منذ اللحظةِ الأولى في ترجمة الفكرة الصحيحة للتغيير الذي نريد إلى شعارٍ شعبيٍّ بسيطٍ وواضحٍ يناسب مزاجَ الحالة الثوريّةِ التي يعيشها المجتمع، ألا وهو شعار «إسقاط النظام» ــ وهذا ما استغلّه خصومُنا السياسيّون بتجاهلٍ تامٍّ لمصلحة الثورةِ والشعب. لكننا تجاوزنا هذا الخطأ بعد ثلاثة أشهر من تأسيس الهيئة، وبعد أن دفعنا ثمنه غاليًا.
* ما هي العواملُ التي أدّت إلى تشكيل «هيئة التنسيق الوطنيّة»؟ وما هي التيّارات المشاركة؟
ــ منذ سنواتٍ طويلةٍ، وحلمُ إنشاء تحالفٍ سياسيٍّ واسعٍ للتغيير الديمقراطيِّ يراود قلوبَ الناشطين والجمهور السياسيّ السوريّ نتيجةً للإحساس بعجزِ أيِّ حزبٍ بمفرده، أو بعجز أيّ تحالفٍ محدودٍ، عن تحقيق التغيير الديمقراطيِّ المنشود وإطاحة الديكتاتوريّة على امتداد العقود الماضية.
وقد جرت محاولةٌ أولى في هذا السياق في العام 2005 بتأسيس «إعلان دمشق للتغيير الديمقراطيّ» بين أحزابٍ كثيرةٍ وشخصيّاتٍ متنوّعةِ المشارب فعلاً، لكنّ هذه المحاولة فشلتْ خلال عامين لأسبابٍ لسنا في صدد الحديث عنها هنا.
وجرت محاولاتٌ لاحقةٌ لتأسيس تحالفٍ من هذا القبيل في العام 2009، لم تكلّلْ بالنجاح لافتقاد قوّة الدفع السياسيِّ اللازمة.
وعندما اندلعت الانتفاضةُ في آذار 2010 توفّرتْ قوّةُ الدفع المطلوبة، وتمَّ تأسيسُ «هيئة التنسيق الوطنيّة» في 30 حزيران 2011 بعد حواراتٍ صعبةٍ وواسعةٍ استغرقتْ ثلاثة أشهرٍ، شاركتْ فيها قوى وشخصيّاتٌ من كلِّ الاتّجاهات الفكريّة والإيديولوجيّة الموجودة في البلاد، القوميّةِ واليساريّةِ والليبراليّة والإسلاميّةِ المستنيرة، عربيّةً وكرديّةً وآثوريّةً، ومن كلِّ ألوان الطيف السوريِّ الاجتماعيِّ والدينيّ.
كان الدافعُ الأساس الذي حرّك الجميعَ هو تشكيل إطارٍ سياسيٍّ واسعٍ يعبّر بحقٍّ عن الطيف السياسيِّ السوريِّ، ويعمل على تحقيق التغيير الوطنيّ الديمقراطيّ بقوّة الشعب السوريِّ وثورته أساسًا، ويصون البلدَ من أخطار التدخّلِ العسكريّ الخارجيّ، والطائفيّة، وأخطارِ عسكرة الثورة والحرب الأهليّة. والتزمت المبادرة لإنشاءِ هذا التحالف برفض إقصاء أيِّ طرفٍ أو اتّجاهٍ سياسيٍّ، إلاّ مَن يقصي نفسَه، وبالعمل على تحقيق التغيير الديمقراطيِّ بالكيفيّة التي تضمنُ وحدةَ الشعب وسيادةَ البلاد ونقلَها في المحصّلة إلى وضعٍ تاريخيٍّ أفضل، لا بالسعي إلى تحقيق التغيير بصرفِ النظر عن وسائله وقواه وعن البديل الذي سيقومُ على أنقاض النظام.
من هنا بدأ التمايزُ السياسيُّ والبرنامجيّ يتبلور: فقد وُجِد من يدعو إلى التغيير بقوّةِ التدخّل العسكريِّ الخارجيِّ على الطريقة الليبيّة، وبصرف النظرِ عن البديل الذي سيحلُّ محلَّ السلطة القائمة، بحجّةِ أنه لا يوجد ما هو أسوأُ من السلطة القائمة، وأنّ أيَّ بديلٍ هو بالضرورة أقلُّ سوءًا منها، وبصرف النظر أيضًا عن أخطار العسكرة والحرب الأهليّة التي قد تُدفع نحوها قوًى بعينها (من داخل البلاد وخارجها) ــ وهو ما رفضته وترفضه قوى «الهيئة» وشخصيّاتُها بصورةٍ مبدئيّةٍ حازمة.
بالنتيجة، أعلنت «الهيئة» عن قيامها في 30/6/2011، وطرحتْ وثيقتها التأسيسيّة، وحرصتْ على إشراك قوى جديدةٍ من الحراك في بنيتها وهيئاتها. انضمَّ إلى الهيئة خلال ثلاثة أشهرٍ من تأسيسها خمسةَ عشرَ حزبًا وتيّارًا سياسيّاً، هي الغالبيّة العظمى من الأحزاب والمجموعات السياسيّةِ الموجودة في الخريطة السياسيّة السوريّة (أحزاب قوميّة عربيّة وقوميّة كرديّة وسريانيّة، وأحزاب وقوى يساريّة وماركسيّة معارضة متعدّدة، وشخصيات تعبّرُ عن اتّجاهاتٍ إسلاميّةٍ مستنيرةٍ، وشخصيات اجتماعيّة واقتصاديّة ليبراليّة، ونخبة من أبرز الشخصيّات العامّة في البلاد من مثقّفين وصحفيين وكتّابٍ وغيرهم).
*يبقى النفسُ اليساريّ حاضرًا في حديثك، وهنا يحضرنا سؤال: من موقعك القياديِّ في حزب العمل الشيوعيّ في سورية، كيف ترون في الحزب موقفَ القوى اليساريّة في المنطقة، وعلى الصعيد العالميِّ، من الانتفاضةِ السوريّة؟
ــ كان اليسارُ الحقيقيُّ في المنطقة والعالم مع الشعب السوريِّ ومصالحه على طول الخطّ. المشكلة كانت دائمًا لدى الأحزاب الستالينيّة أو التابعة للسوفييت، إذ كانت تُولي مواقف النظام من الصراعات الدوليّة الوزنَ الأهمَّ، بينما تقضي المبدئيّة اليساريّة بإيلاء الأولويّة في تحديد الموقفِ من الدول والأحزاب انطلاقًا من سياساتها تجاه شعوبها. لنا قراءتنا النقديّة تاريخيّاً من هذا التشوّه «اليساريّ،» ونعتبره من أسباب الهزيمة التي لحقتْ باليسار العالميِّ الذي كان متحقّقاً (النموذج السوفييتيّ)، بينما يراها غيرنا «واقعيّةً سياسيّةً» للأسف. حزبُ العمل ينتمي، من حيث النشأة، إلى اليسار الجديد الذي برز في نهاية الستينيّات من القرن الماضي، في لحظةٍ فارقةٍ في نهوض يسارٍ نقديٍّ للستالينيّة، مازلنا أمناء له وسنبقى.
الواقع أنّ النظام السوريّ كان على يسار الأنظمة العربيّة عمومًا في المسألة الوطنيّة (الموقف من قضيّة فلسطين والمشروع الصهيونيّ والمقاومة)، وفي بعض القضايا الاجتماعيّة. وكان موقعه هذا أحيانًا كثيرةً في ظواهر السياسات، لا في عمقها، وحرص ببراغماتيّةٍ عاليةٍ على أن يبقى في هذا الموقع من المشهد الرسميّ العربيّ ــ وهو ما استفاد منه كثيرًا عبر تاريخه. وحين انزاح المشهدُ العربيُّ كلُّه باتّجاه اليمين، انزاح معه بلا تأخّر، ولكنه حرص على أن يبقى على يساره في الوقت نفسه، وبذل جهودًا شبهَ مستمّرةٍ في إقامة علاقاتٍ جيّدةٍ مع أنظمةٍ وقوى يساريّةٍ في أمريكا اللاتينيّة مثلاً، ومع الصين وغيرها في آسيا، وأحسن استغلالَ هذه العلاقات عندما كان يحتاجها، ليهملَها عندما تخفُّ حاجتُه إليها. على أنّ هذا الوضع تغيّر بعد اندلاع الثورة الشعبيّة الراهنة ضدّ الديكتاتوريّة، ولاسيّما مع انكشاف ممارسات النظام الوحشيّة. وها هي سياساتُ النظام الداخليّة التي مارسها على امتداد عقودٍ في الخفاء، وغطّاها بسياسةٍ خارجيّةٍ أعجبتْ بعضَ اليساريين والوطنيين وخدعتْهم طويلاً عن حقيقته، ها هي تُفْقده أصدقاءه وحلفاءه واحدًا بعد الآخر، وتنقلهم إلى صفِّ المطالبين بضرورة أن يلبّي مطالبَ الشعب.
من الغريب حقّاً كيف يصمُّ النظام أذنيه عن كلِّ هذا، ويمضي في تصعيد القمع والوحشيّة، مشدّدًا الخناقَ على نفسه بيديه، حتى يكاد لا يترك لنفسه حليفًا أو صديقًا، متّهمًا العالمَ كلّه تقريبًا بالتآمر عليه، ومحرجًا أقربَ حلفائه إليه، وكأنه يدفعهم دفعًا إلى التخلّي عنه ونبذه!
*قمتم بإنشاءِ «هيئة التنسيق الوطنيّ» لتَلْحقكم الاتّهاماتُ منذ اللحظاتِ الأولى. قيل إنكم أنشأتم هيئةً للتفاوض مع النظام السوريِّ. وقيل إنّ موقفكم أقلُّ حزمًا من المطلوب في الشارع. إلى أيِّ مدًى تقارب هذه الاتّهامات حقيقةَ موقف الهيئة؟ وهل يشكّل «المجلس الوطنيُّ» ضمن هذا السياق النقيضَ الموضوعيَّ للنظام في تصلّبه من فكرة الحوار؟
ــ كلّ هذه الاتّهامات جاءت من أطرافٍ سياسيّةٍ تتميّز تاريخيّاً باعتمادها مفاهيمَ التخوين والإقصاء في صراعها مع من تعتبره منافسًا سياسيّاً أو خصمًا لها، بل مع من يختلف معها من أنصارها أيضًا. مثلُ هذه الأساليب بخلفيّاتها الثقافيّةِ هي بعضُ ما يثور الشعبُ السوريُّ ضدّه اليوم، لأنها هي بالضبط أساليبُ النظام الاستبداديّ وثقافتُه. ومن المفهوم أنّ احتكارَ النظام للحياةِ السياسيّةِ والنشاطِ الإعلاميِّ والثقافيِّ على مدى عقودٍ ترك آثارًا قويّةً في وعي الجمهور وثقافته السياسيّة أيضًا. ومن الأكيد أنّ تجاوزَ ثقافة الاتّهام المجانيّ والتخوين والإقصاء يتطلّبُ عملاً جادّاً وطويلاً في حقولٍ كثيرة، لتصلَ الحياةُ السياسيّة في سورية إلى مستوى الثقافة والسلوك الديمقراطيِّ المنشود. هذا وقد قامت جهاتٌ إعلاميّةٌ وسياسيّةٌ، عربيّةٌ وأجنبيّةٌ، ذاتُ مصالحَ وأجنداتٍ معيّنة، بالمساهمة في ترويج تلك الاتّهامات على أوسع نطاقٍ، وحرصتْ على أن لا تتيحَ «للهيئة» فرصةً عادلةً ولو بالحدِّ الأدنى لمواجهة تلك الاتّهامات والردِّ عليها. ونحن نفهم تمامًا أنْ تحاربَنا جهاتٌ غير سوريّةٍ تريد أن تخْلف النظامَ الديكتاتوريّ، وقوًى تكون مرتهنةً لها وخادمةً لمصالحها، ولا تبالي كما يجب بالسيادة الوطنيّة ولا بمصالح الشعب والثورة، فمصالحها تقودها إلى ذلك. أما الأطراف السياسيّة السوريّة التي تحارب مَن يتميّز عنها بمثل هذه الأساليب، فنرى فيها جزءًا من ثقافة التخلّف والاستبداد، ومن الماضي الذي يجب أن ينطوي عاجلاً أو آجلاً، لا جزءًا من الثورة وقواها الحقيقيّة... بل هي في الحقيقة جزءٌ من قوى الثورة المضادّة، ومن طبيعة النظام نفسه رغم معارضتها له!
إنّ «هيئة التنسيق» هي النقيض الديمقراطيّ الحقيقيّ للنظام، في برنامجها وفي ثقافتها وفي ممارستها. لكنها، خلافًا لغيرها، وبقدر ما تتمسّك بأن يكونَ بديلُ النظام نظامًا ديمقراطيّاً حقيقيّاً يلبّي مطالبَ الشعب والثورة، فإنها ترفضُ أن ترهن نفسَها للخارج تحت أيِّ ذريعةٍ أو تنظير، وترفض بوعيٍ وإدراكٍ وحزمٍ أن تندرجَ في أيِّ سياقٍ للتغيير يهدِّدُ بوضع البلاد تحت الاحتلال الأجنبيِّ، أو برهن مستقبل الشعبِ السوريِّ لجهاتٍ خارجيّةٍ أيّاً تكن، أو بزجِّ البلادِ في حربٍ أهليّة. وهي ترفض بالتأكيد «مشاريعَ تغييرٍ» تقود فعليّاً إلى بديلٍ للنظام الديكتاتوريِّ الراهن لا يقلُّ عنه ديكتاتوريّةً، وربّما يتفوّق عليه، ولا يقلُّ عنه تخلّفًا، وربما يزيد عليه!
ولأنّ «هيئةَ التنسيق» على هذا النحو، فإنها تحارَب وتحاصَر ولا تتوقّفُ محاولاتُ تشويهها والافتراءِ عليها من قبل كلِّ الذين يهتمّون بمصالحهم الأنانيّة فقط، على حساب مصالح الشعب السوريِّ وثورته ومستقبله الديمقراطيّ، وربّما على حساب وحدته المجتمعيّة وسيادته الوطنيّة وسلْمه الاجتماعيّ.
لقد تكفّلَ ثباتُ مواقف «الهيئة» على مرِّ الشهور في فضح كذبِ تلك الاتّهامات وزيفها. فها هو النظامُ يدعو منذ أشهرٍ إلى «الحوار،» لكنّ «الهيئة» تَرفض وتكرّرُ مطالبَها: بوقف القتل، وسحْبِ الجيش، ولجْمِ أجهزة الأمن، وإطلاقِ سراح المعتقلين، وإحالةِ المسؤولين عمّا ارتُكِبَ من جرائمَ وفسادٍ إلى المحاكم. وكلُّ هذا لتوفير مناخٍ يسمح بالحديث عن عمليّةٍ سياسيّةٍ لمعالجة الوضع تلبّي مطالبَ الشعب المشروعة، وتؤدّي إلى استبدال النظام الديكتاتوريّ بنظام ديمقراطيٍّ تعدّديٍّ برلمانيٍّ. وها هي أصواتٌ وقوًى دوليّةٌ وإقليميّةٌ تنضمُّ إلى الدعوة إلى «الحوار،» فلا تسمع من «الهيئة» إلا الإجاباتِ نفسها. فأين هي تلك الاتّهامات من حقيقة ممارسات «الهيئة» وطروحاتها، إذًا؟
هذا في حين أنّ سياسات النظام، وسياسات معارضيه الذين هم من جنسه حقّاً، تدفع البلادَ أكثرَ فأكثرَ نحو أخطار التدخّل العسكريِّ الخارجيِّ، وأخطارِ الحرب الأهليّة، وأخطارِ تفتّت وحدة المجتمع والصراعات الطائفيّة. فأين هذا من مزاعم السعي إلى نظامٍ ديمقراطيٍّ، ومن رفضٍ للتدخّل العسكريِّ الخارجيِّ، ومن رفضٍ للطائفيّة والعسكرة، ممّا يزعمه مهاجمو «الهيئة»؟
ليس «الحوارُ» في حدِّ ذاته قضيّةً يمكن اتّخاذُ موقفٍ مبدئيٍّ منها؛ فهو مجرّدُ واحدٍ من أساليب العمل والنضال، يمكن استخدامُه لخدمة أهدافِ الثورة أو عدم استخدامه، تبعًا لميزان القوى ولحاجاتِ اللحظة السياسيّة في مرحلةٍ معيّنة. وأنت تستطيعُ أن تجلسَ إلى طاولة الحوار مع عدوٍّ أو خصم، وتظلُّ جذريّاً ومتمسّكًا بأهدافك وعاملاً لتحقيقها، ويمكن أن تستسلمَ وترفعَ الرايةَ البيضاء في أرض المعركة أيضًا من دون أيِّ حوار. جرى كلُّ هذا في التاريخ في أماكنَ كثيرةٍ من العالم. فرفضُ الحوار أو قبوله ليس مقياسًا لجذريّتك، ولا دليلاً على قوّتك أو ضعفك. المقياسُ والدليل هو ما تفعله وما تتّخذه من مواقفَ على طاولةِ الحوار أو بعيدًا عنها، بحيث تخدم أهدافَكَ على أفضل شكلٍ ممكنٍ.
أمّا القول إنّ «المجلسَ الوطنيَّ السوريَّ» هو النقيض الموضوعيُّ للنظام، فردّي عليه هو أنه لا يمكن الحديثُ عنه وكأنه كتلةٌ متجانسةٌ لأنه أبعدُ ما يكون عن ذلك. في «المجلس» شخصيّاتٌ وقوًى تريد نظامًا ديمقراطيّاً ليبراليّاً؛ وفيه قوًى أبعدُ ما تكون عن مثل هذه الإرادة: بعضُها إسلاميٌّ أصوليٌّ متشدّد، وبعضُها طائفيٌّ صريح، وثمّة أشخاصٌ يصعب تصنيفُهم ومعرفةُ ما يريدونه سوى مصالحهم الشخصيّة الضيّقة، وثمّة من هو غيرُ هذا وذاك. وسلوكُ «المجلس» بمحصّلة قواه لا يدلّ حتى اليوم على أنه يجسّدُ نموذجًا ديمقراطيّاً صالحًا، لا في الفكر ولا في الممارسة. بل ثمّة خشيةٌ حقيقيّةٌ من أن تكون القوى المهيمنةُ في هذا المجلس من طبيعةٍ لا ترى في الديمقراطيّة سوى شعارٍ يجب استغلالُه للوصول إلى السلطة، ليجري بعد ذلك اعتمادُ نموذج حكمٍ لا علاقة له بالديمقراطيّةِ من قريبٍ أو من بعيدٍ، نموذجٍ قد يكون مجرّدَ طبعةٍ جديدةٍ من كتاب الاستبداد، مكتوبةٍ بحبرٍ مختلفٍ ولونٍ مختلفٍ، ولكن بمحتوى استبداديٍّ أكيد. على ضوء هذا لا أرى على أيِّ أساسٍ يمكن الزعمُ أنّ «المجلس» نقيضٌ موضوعيٌّ للنظام.
* يتمُّ التشكيكُ في تمثيل «الهيئة» للشارع المنتفض. كيف تنظرون لموضوعِ التمثيل؟ هل يعبّر عن وجهة نظرٍ حقيقيّةٍ؟ أيُّ حراكٍ شعبيٍّ يحتاج إلى نُخبٍ تتقدّمه، فما رأيكم بظاهرةِ اللحاق بالشارع سياسيّاً وأخلاقيّاً؟
ــ عندما تنزل الجماهيرُ إلى الشوارع والساحات تكون الحالةُ هي الديمقراطيّة المباشرة، لأنّ الجمهور يعبّر عن نفسه بنفسه من دون أيِّ توكيلٍ أو تفويضٍ لأحد كي يمثّله أو يتحدّث باسمه. لذا من الصحيحِ القول إنّ «الهيئة» لا تمثّلُ الشارع، ولكنْ بالقدر نفسه يصحُّ القولُ ذاتُه عن «المجلس الوطنيِّ» وأيّ نخبةٍ سياسيّةٍ أخرى. حكايةُ التمثيل المتداولة منذ فترةٍ هي لعبةٌ إعلاميّة ــ سياسيّة، لها غاياتٌ معيّنة. وعندما يقول جمهورٌ متظاهرٌ إنّ فلانًا «يمثّلني،» فالمعنى الحقيقيّ للعبارة هو أنني في هذه اللحظةِ أعلّق آمالي على فلانٍ، وأنه يعجبني. عبارةُ «يمثّلني» هنا لا تعني أنّ الجمهورَ يفوِّض هذا الطرفَ التحدّثَ باسمه والتصرّفَ وفق ما يراه مناسبًا لتحقيق مصالح الجمهور، كما هو الحال مثلاً في تمثيلِ قيادة حزبٍ لأعضاء ذلك الحزب وطروحاته، أو في تمثيل النائب البرلمانيّ لمنتخبيه الذين صوّتوا له بناءً على برنامجٍ محدّدٍ طرحه عليهم وقبلوه، وبناءً على إعجابٍ واختيارٍ يخوّلانه صلاحيّاتٍ محدّدةً بالقانون. ثمّة «عقدٌ» بين الحزبيين وقيادة حزبهم، وبين النائبِ البرلمانيّ وناخبيه، يخوّل هذه الجهات صفةَ الممثِّل ويحدّد صلاحيّاتِه ومدّتَها. أما الجمهورُ الثائر فلا عقْدَ بينه وبين مَن يدّعون تمثيلَه، وهو يسحبُ ثقتَه وإعجابَه وصفةَ التمثيل عن أيِّ شخصٍ أو جهةٍ بالسرعة أو السهولة نفسها التي يمنحها بها. هذه هي طبيعةُ الديمقراطيّةِ المباشرة وآليّاتها.
بالطبع تعمل القوى والأحزابُ والشخصيّات السياسيّة على كسبِ ودِّ الجمهور وثقته ورضاه، بطرقٍ مبدئيّةٍ أو غير مبدئيّةٍ، قد لا يكونُ التملّقُ والتدليسُ والخداعُ غريبًا عنها بالنسبة إلى كثيرين؛ وتجاربُ التاريخ تزخرُ بالأمثلة على هذا. وقد يترفّع بعضُ أصحابِ المبادئ عن مثل ذلك، ويراهنون على سلامةِ مواقفهم وانسجامها الفعليّ مع مصالح الجمهور وحاجاته، وعلى الثقةِ بأنّ هذا الجمهورَ سيكتشف مصداقيّتهم وسيكسبون احترامَه وثقتَه الحقيقيّة عندها، ليصيروا بعد هذا ممثّلين موثوقين له ولمصالحه. في هذه الحال تكون معركةُ النضال لكسب ثقةِ الجمهور معركةً طويلةَ النفس، أهمُّ أسلحتها هي الصدقيّةُ والاستمرارُ والإخلاصُ للشعبِ والنجاحُ في التواصل معه وتوضيح الحقائق له. وعلى هذا نراهنُ في «هيئة التنسيق.»
أمّا مسألةُ اللحاق بالشارع، والقول إننا «نريدُ ما يريده الشارعُ ونقولُ ما يقوله،» فهي ظاهرةٌ تعبّر عن مزيجٍ من الرغبةِ في تملّق الشارع، وعن تخلّي النخبة السياسيّة التي تقول هذا عن دورها ومسؤوليّتها في قيادة الشارع وتوجيهه (ربّما لعجزها) طمعًا في شعبيّةٍ لحظيّةٍ، قد تحقّقها وقد لا تحقّقها. هذه شعبويّةٌ مبتذلةٌ في الموقفِ والخطاب، لا علاقةَ لها بالسلوك المسؤولِ المفترض بالنخبة!
دمشق المقالة منشورة في مجلة الآداب, شتاء ٢٠١٢

حتى نلتقي .....
" إلى عبد العزيز "..
* الشيخ *


نريد تبغاً وخمراً وحرية

نريد تبغاً وولعة
لندخن سيجارنا الأخير
ونضيء ظلام الزنازين
ونحطم القيد الأخير

نريد خمراً وكأساً
لنشرب كأسنا الأول
ونحتفل بعيد الميلاد
ونغني للياسمين

نريد حرية
لندخن سيجارنا الأخير
لنشرب كأسنا الأول
نريد .....
ونريد ....
ونريد ...

حلمنا الأول .. ، والأخير ..


تجمع اليسار الماركسي " تيم "

تجمع لأحزاب وتنظيمات ماركسية . صدرت وثيقته الـتأسيسية في 20 نيسان2007.
يضم (تيم) في عضويته:
1- حزب العمل الشيوعي في سوريا .
2- الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي .
3- الحزب اليساري الكردي في سوريا .
4- هيئة الشيوعيين السوريين .
الموقع الفرعي لتجمع اليسار في الحوار المتمدن:
htt://www.ahewar.org/m.asp?i=1715







ملاحظة هامة :

هيئة التحرير تدعوكم للمساهمة في محاورها القادمة ومنها :

( قضايا اليسار الماركسي )

سورياً وعربياً

يرجى مراسلتنا على الإيميل الجديد :

[email protected]



#تجمع_اليسار_الماركسي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان توضيحي من الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي
- من أجل اللقاء التشاوري للمعارضة السورية في القاهرة
- تقرير سياسي لدورة المجلس المركزي المنعقدة بتاريخ14-1532014
- طريق اليسار - العدد 59 نيسان / أبريل 2014
- طريق اليسار - العدد 58
- طريق اليسار -العدد 57
- طريق اليسار - العدد 56 كانون ثاني / يناير 2014
- طريق اليسار - العدد 55
- طريق اليسار - العدد 54
- طريق اليسار - العدد 53
- طريق اليسار - العدد 52
- طريق اليسار -العدد 51
- طريق اليسار - العدد 50 تموز / يوليو 2013
- القرارات الصادرة عن اجتماع المكتب التنفيذي
- طريق اليسار - العدد 49
- طريق اليسار - العدد 48
- طريق اليسار -العدد 47
- طريق اليسار - العدد 46
- وثائق اجتماع المجلس المركزي
- طريق اليسار


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد 60 أيار / مايو 2014