أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم سوزه - عن المثقف العاجي والمثقف الروزخوني














المزيد.....

عن المثقف العاجي والمثقف الروزخوني


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 12:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم تكن معركة الانتخابات العراقية الماضية معركةً سياسيةً فحسب، بل كانت معركةً ثقافيةً ايضاً، معركة بين صنفين من المثقفين. صنف يراه بعضنا يعيش في برجٍ عاجي ولا ينتمي الى عالمنا هذا. يصر على استخدام لغة نخبوية متخشبة لا تجد لها صدىً عند عوام الناس، وصنف آخر اسمّيه مثقفاً روزخونياً، وهو ذلك المثقف الذي امتهن لغة منبرية وظيفتها تأجيج عواطف الناس والتماهي مع الجمع فكراً وموقفاً. 

ومثلما نذم الصنف الاول ونطالبه ان ينزل من برجه ذاك ليشارك الناس همومهم ومشاكلهم، اجد من الضروري التعرض للخلل الذي يقع فيه الصنف الثاني، فاللغة التي يبدأ بها المثقف الروزخوني حديثه من قبيل مثلاً "مَن قال اننا كذا وكذا" او "مَن هذا الذي يعيّرنا ونحن شعب كذا وكذا" ما هي الاّ لغة عاطفية غير بريئة اقرؤها رسالةً وضوءاً اخضراً للعوام أن يبدأوا هجومهم وليس رغبةً منه ان يدافع عن مسألةٍ ما. لغة يحاول صاحبها جمع اكثر عدد ممكن من الآراء المؤيدة دون ان يكون لها بعداً نقدياً لظاهرةٍ ما او سلوكٍ معين، وتلك لعمري محاولة مفضوحة يزحف فيها المثقف على بطنه ليتحاشى مواجهة الجموع الرافضة. 

النقد هو رأسمال المثقف وبفقدانه يفقد المعول الذي يفكّك فيه الظواهر الاجتماعية البارزة، اقصد بها تلك التي تقف في طريق السكون نحو الحركة. 

مَن يستقتل على مداراة الجمع وجذبهم حوله كمَن يجمع الدبابير في خليّته. سيهجمون عليه ويلسعونه كلما استفزهم الاقتراب من عشّهم. عليه ان يبقى انيساً لطيفاً معهم للأبد، محباً لهم من بعيد، والاّ لن يكون في مأمن من لسعاتهم حتى مع كل ما فعله من اجلهم سابقاً. هكذا هو الجمع الهستيري.  

بصراحة لا احسن النيّة في هكذا صنف من المثقفين. اعتقد إنهم يحاولون بشتى الطرق الابقاء على العلاقة ممدودة بينهم وبين المجموع مهما تطلّب الموقف من مكاشفة ونقد. فهم مثقفون ايديولوجيون بارعون في تبرير ما لا يُبرَّر، يوظفون ادوات الثقافة الحديثة التي وُجِدَت اصلاً لانتقاد الركود والسكون في تجميل ما يؤمن به الجمع الهستيري. إنهم ينقذون الجمع من ورطاتهم واحراجاتهم من خلال تسخير تلك الادوات لخدمتهم. كإنهم يقولون اذهبوا ونحن من ورائكم نصد عنكم هجمات "العاجيين" بأدوات يتقنها نحن وهم. 
بئس المثقف الذي يقف خلف الهستيريا الجماعية بدلاً من نقدها ومساعدتها على رؤية مصالحها ورقيّها. 

ثمّة مفارقة مضحكة حين يلقي المثقف الروزخوني اللوم على المثقف العاجي ويحمّله مسؤولية الخراب الفكري الذي يعيشه المجتمع، فهو لطالما سخر من العاجي عدم قدرته على الفعل او التأثير بالمجموع لأنه لا يملك القناة المناسبة للوصول الى اذنهم، نسي ان يقول لنا ما الذي فعله هو بمخالطته وانتمائه لذلك المجموع. أليس هو مَن عرف الخلطة التي اوصلته لقلوب هؤلاء؟ فما الذي فعله معهم؟ واين تأثيره فيهم قبل ان ينقد تأثير العاجي؟

لا اعرف ما الذي يريده الروزخوني من المثقف بشكل عام. هل يريد منه الذهاب الى المقاهي او اللعب في ساحات الكرة او النوم في باحات الجوامع كي "ينزل" الى الارض ويحرّك العوام؟ ام مطلوب منه السكوت على سلوكيات الفرد واخطاء الجماعة حتى يحافظ على تلك العلاقة الطيبة بينه وبينهم؟

لست مع العاجي ولا مع الروزخوني. انا مع المثقف الحقيقي الذي لا يركن الى برجه العاجي في تحليل الظواهر ولا يخضع لحماسة المقاهي في تبرير النكبات. مع المثقف التنويري الذي لا يكل ولا يمل من النقد الايجابي سعياً وراء الاصلاح.



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة السلطة والمعارضة في العراق
- فرانكشتاين في بغداد .. مسخ على قدر الألم
- عن المرجعية الدينية وعلاقتها بالمجتمع الشيعي الجديد
- زعيمنا
- ما بعد الطائفية
- لحظة التغيير
- العراق ميريتوقراطية مشوّهة
- الرجل القوي
- عن المجتمع الروحي والمجتمع المادي
- قصة شعبنا المنهار ... الجزء 2
- قصة شعبنا المنهار
- السعودية تحتضر
- كسبنا البزّاز وكسبتم القاعدة
- الحرب على داعش
- عن المسيرة الحسينية وزيارات المشي المليونية
- ماذا يريد رجل -السُنّة- في العراق؟
- اما السيد المالكي او الفوضى والتقسيم
- رئيسنا حي
- العراق ورقة امل
- السلاحف تستطيع الطيران .. بهمن قوبادي، اسبرين عالج الوجع الك ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم سوزه - عن المثقف العاجي والمثقف الروزخوني