أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى عبد الرحمن الهيتي - من التأرجح الى الدهشة قراءة في عبقرية النص اللبناني -جوزيف دعبول- إنموذجاً















المزيد.....

من التأرجح الى الدهشة قراءة في عبقرية النص اللبناني -جوزيف دعبول- إنموذجاً


مصطفى عبد الرحمن الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 17:47
المحور: الادب والفن
    


من التأرجح الى الدهشة
قراءة في عبقرية النص اللبناني "جوزيف دعبول" إنموذجاً
مصطفى عبدالرحمن الهيتي

لا ريب ، ما دمنا مؤمنين بأحقية طرح مواقفنا وخطاباتنا ورؤانا الفكرية المتمثلة بالفلسفية الشعرية او الشعرية الفلسفية.. وهي انطلاقة استقرائية من الداخل الى الداخل او من الداخل الى الخارج او من الثابت الثابت الى الثابت المتحرك .. صورة لتثبيت شواخصنا التي تعطي انطباعاتنا عن كل الموجودات في الكون الموجود .. بدأ من الانسان والمجتمع والاشكال والالوان والاشياء .. وان كانت تلك الرؤى والطروحات محضورة او مغيبة .. فلها مذاهب عديدة ومنها أما ان تكون انطباعية ، لها تكوين وتشكيل وتأمل مستقل في ذواتنا او تجريدية من خلال تجريد الأشياء والاشكال والالوان وتعريتها وكشف عوراتها وعورات الواقع واعادة صياغتها صياغة تأملية تأخذ على عاتقها اعادة تشكيلها تشكيلا نسقيا .. لإقامة طقوس واجواء افتراضية لصناعة غد ومستقبل مشرق حافل بالإنسانية واعتبار "الاخلاق هي المبدأ" والسبيل الوحيد .. والاحترام والحرية هي الغاية المرتجاة والمنال المتمنى .. المبنية على اساس نظرتنا من خلال تمرير تلك الافكار بصورة شعرية .

والمذهل .. المدهش .. الممتع ، ان نرى وبدقة عالية من يحاول عكس الواقع والبيئة والمواقف الحياتية العامة بصورة سيكولوجية الكشف التي انتجها في مختبره الابداعي الشعري الى صياغة شعرية تظهر اكثر رونقا وجمالا من حيث الاسلوب .. وذلك من خلال برمجتها برمجة تأملية ادراكية وعيية حسية ليستخلص لنا كم هائل من الاشارات الدلالية التي التمسها من خلال المشهد المرآوي اليومي .. وبمصداق عالي وباحترافية تجعل له استقلالا شعريا فلسفيا متفردا يختلف اختلاف جذريا عن الشعراء .. سميا شعراء الحداثة الذين نهجوا نهج المحدثين في الشكل والبنية .. وهذا (برأيي) تمرد على الأنطولوجيات القديمة سيما الوجودية الإلتزامية ، والماركسية الاشتراكية .. محاولة لكسر الروتين والجدار المألوف لفرض (موديل) جديد .. مبتدئة شعلة الحداثة في المشهد الثقافي اللبناني على يد الشاعر الراحل الكبير "انسي الحاج" و "أدونيس" و " يوسف الخال" .. الذين اسسوا صرحا كبيرا ، الا وهو اصدار مجلة (شعر) اللبنانية عام 1956 ..
ومثالنا .. وانتقاءنا الاجمل ، والابهى ما دمنا منقبين في حضارة الاسماء حقبا طويلة ، عاقدين العزم والحزم والهمة لتحديد من هو الشاعر الذي سيكون تمثالا ساطعا .. حاصل تحصيل .. خلاصة دامت عقود من الزمن .. يتفرد في الصياغة والتكنيك والاسلوب الشعري النفيس .. شاعرنا " جوزيف دعبول " .. الذي حاول تكوين فضاء جميل لإعادة ترتيب الاشياء والاشكال والالوان ليبعث فينا روح الاطمئنينة والسكينة والامان والحب والجمال .. ما دامت كل قيم الجمال اساسا متينا ومتماسكا في نسيجه التكويني لبناءه الشعري .. المكلل بروحية الحب وحب الروحية بالتقديس والتبجيل والتمجيد ، وهذا ما اضفى لمعانا وبريقا لأسلوبه الاخاذ ..

وشاعرنا جوزيف .. المتأثر بتلك البيئة والاجواء والطقوس والتراتيل والترانيم والاجراس التي تغدق بنا المحبة والسلام .. قد تجلت به اسمى آياتها بالنزعة الانطباعية الروحانية ، وهي تشير في بادئ ذي بدء الى حب الانسانية بالتعظيم والتمجيد لا الكره والحقد والضغينة .. وأنا استقرأ بوجل متلمسا حروف قصيدته ناظرا في الافق البعيد عن بعده الثالث الهادف الى المراد المرتجى .. وهي بالأصل محاورة مع الذات .. محاورة تتغنى بشفافية الحوار وحوار الشفافية .. من خلال الحب للقيم والاخلاق والادب التي تعطي للإنسان انسانيته الحقة نحو المجد والسلام..

ولي الان ، ان اتعامل مع ثلاثة قيم مهمة .. تبدو في جسد قصيدته البكر اكثر وضوحا وفعالية .. وان هذه القيم افتراضية .. محاولة للتفلسف بها من خلال الامعان بها وادراكها ...

اولا : الانزياح والفوتوشعرية .. الممثل بالانحراف عن المعيارية فيما اذا كانت لفظوية من خلال الصعقة والمفارقة اي - بكسر التوقع - والاتيان بالتصور بما لا يتصور .. التصور المبني على اساس التكنيك الاشتغالي بفكرة النص -وهذا برأيي- يعطي كثافة عالية وغزارة في المعنى .. فتبدو للوهلة وكأنها عبارة عن انثيالات صورية متدفقة لا شعورية / وعيية – معرفية – ادراكية / تكون بشكل نسيج متكامل ومتلاحم من حيث السبك والتراص المفرداتي البنيوي المفترض ضمن هيكلية الفكرة ذاتها .. وانزياح بعض ابيات شاعرنا - جوزيف – انزياحا معياريا اسلوبيا .. وفق تصوري ..

ومثالنا قصيدتيه – الاولى - " جسدك نبض رائحة البحر الهائج وجمر الشيطانات اللعوب" - والثانية - " قديستي الجميلة " .. وانتقائها كان انتقاءا عشوائيا لا التحديد ، لا التخصيص ..
• من قصيدته الاولى :

- " على نداء / اجراس نهديك /
ومجامر بخور جزرك و/ خلجانك البكر /"

والانزياح والتصوير فارضا هيبته .. فمن غير المتوقع ان تكون للنهدين اجراس وهنا الاستحالة , وكذلك النداء ، وهنا من الممكن لشاعرنا بالجواز له ان يخرق كافة التصورات ويأتي بتصور غير مسبوق .. الا ان حنين النهدين والاحساس بالطفولة والحياة والولادة لفجر جديد يجعل شاعرنا يقدسه ويحتفي به ويحب هندسته .. فهو تصور تسحبنا ابعاده من خلال تأمله الى حنان الام الانساني والحبيبة وهنا –برأيي- من باب التعظيم والفضل والجميل لها ، وحتى الخلجان كانت فتية باكرة لم ترسو بها سفن الكره والخراب والموت وانما خلجان للراحة والانشراح وهذا هو الملاذ والسكينة.

• ومن قصيدته الثانية :

- " عندما / اراك لا اراك / وعندما اراك اراك "
- " / ألمس همسك / اصبح شفافا "
- " انت / سنابل الشمس / عندما تصبحين خبزي اليومي "

• في الاقتباس الاول ، يستخدم شاعرنا لغة عالية في الانزياح والتصور .. من خلال تثبيت الثابت والنفي الجازم .. فهو يستخدم ببساطة هذا النفي، وبرأيي من باب التوكيد .. فبالرؤية تكون عدم الرؤية والبصر ، ولقداسة القديسة ذاتها عن طريق بركتها وشفاعتها عند الرب .. يعتبر هذه الرؤية لم تكون رؤية بقدر ما هي منح الايمان لا الشك منه ، ويثبت لنا بعد الوعي برؤيتها انها رؤية سكينة وأمان وشفاعة له بالصلاة والخشوع.
• في الاقتباس الثاني : المس همسك .. انا ارى ان شاعرنا يحاول ان يوظف السهل الممتنع .. وهل من الحقيقة لمس الهمس ؟! أنا اسأل واجيب .. فهنا غير ممكن الا من باب واحد يعتبر الهمس مادة محسوس بقدر ذلك الايمان والصدق المسبوق بهاجس الخوف وهنا القضية اصبحت سايكولوجية بحد ذاتها .. فيحول المسموع الى محسوس ملموس وهنا هو الجميل برأيي .. لذلك يعتقد انه يصبح شفافا .. على اعتبار انه وصل الى الصفاء من خلال الالتماس المتحول من المسموعية الى الملموسية المحسوسية .
• في الاقتباس الثالث : انت سنابل الشمس .. وما دمنا ندرك ان الشمس هي الحياة والسنابل والحقول والبساتين والماء هي الحياة وان سلسلة الحياة تكتمل بضوء الشمس بالمنحى البيولوجي .. ادرك الشاعر ان بزوغ قديسته الجميلة الموصوفة بالشمس هي الحياة وان السنابل المتمثلة بنا هي حياة مخضرة تمثل الديمومة والاستمرارية بالعيش والتنفس .. وان اختيار السنابل لمدلولها على الخير والكثرة والبركة وانها تتدلى كلما زادت حباتها وخيراتها .. وهذا توظيف رائع .
وهنا شاعرنا - جوزيف – قد تمرد على المألوف والمتوقع وبكل بساطة حاول ان يصعقنا بما لا نتصور ان يكون نهاية بيته الشعري - وهذا برأيي - يتأرجح على الارجوحة ماسكا عصا المفردات فيحاول ان يرتبها كما يشاء هو ترتيبا جميلا لتأخذ تلك العبارات معنى متكاملا ..
ثانيا : حالة التناقض .. بأبسط صورة .. يمثل صراع قائم مستمر بين قوتين او وضعين مختلفين ، صراع داخلي ناتج من تراكم كم كبير من اضداد يتوازى مع قوة التشكيك .. معتمدا على استنكار الاختلاف والتفاوت بين تلك الاوضاع من شأنها التماثل والتجانس .. فهو بالأصل تكنيك فني يتقارب مع المفارقة .. ويستخدمها الشاعر محاولة منه لخلق حالة تواقة يبين حالة توأمية من ذلك القلق او الهاجس الابداعي بين هوية الذات الواقعية وهوية الشعر الخيالية التأملية ، فالخيال يمنح الذات القدرة على استباق الواقع وانكاره الممثل بأي حالة من حالاته .. مثلما نقول .. التناقض بين الخير والشر .. والظل والضوء .. والجيد والسيئ ووو الخ ..
ومثالنا ..
• القصيدة الاولى ..

- " بك / ابتدئ / حياتي و / انهيها /"

• القصيدة الثانية ..

- " لا اراك .. اراك "
- " اشبع ولا اشبع "
- " يغفو الزمن فيها ويصحو "


• يأخذ الشاعر على عاتقه حالة التناقض في قصيدتيه .. ففي / الاولى / يأخذ التناقض مناحه الفلسفي وكأنه عبارة اشغال يمثل تكوين حياة الشاعر .. من خلال /الابتداء/ .. الممثل بـ /الولادة/ و /البزوغ/ و /الحياة/ .......... و/الانتهاء/ .. الممثل بـ/الغياب/ .. /الرحيل/ .. /الموت/ .. وهنا قد حدد موقفه الفلسفي ببدايته ونهايته ..
• اما قصيدته /الثانية/ .. فتبدو حالة التناقض اكثر كميائية في سياقه البنيوي ، فهو يكرس حاله من الصراع والتضاد للذات الممزوجة بالواقع والمتأثرة بالاحداث والمواقف والاشياء والاشكال والالوان ...

• فمثلا .. /أراكِ/ .. فهي آتية من الرؤية /النظر/ والبصر .. لأصل اللغوي .. /أرى/ فعل مضارع .. بمعنى انا /أرى/ .. والكاف /ضمير متصل/ .. تقديره /انتِ/ .. فهي بالأصل .. /أنا ارى انت/ .. وبما ان الجملة منفية بـ/لا/ النافية العاملة .. فتبدو الجملة لو جزئت .. (أنا /لا/ أرى انتِ) .. ويعود الشاعر ليؤكد لنا .. الرؤية من خلال تناقضها بالنفي /لا/ .. بـ (أراك) ذاتها .. فلولا عدم رؤيتها بـ (الجملة المنفية) .. لم يراها بـ(التوكيد) .. فتصبح .. لا اراك (جملة منفية) .. اراك (جملة مثبة) .. فهنا اتزان لغوي عميق وقوي ..

• وايضا .. البيت الشعري .. / اشبع ولا اشبع / .. لأصل لغوي .. /اشبع/ .. بالعين المضمومة .. فعل مضارع .. والفاعل ضمير مستتر تقديره /أنا/، فتصبح .. (اشبع أنا) .. ثم ينفيها ... بـ (لا اشبع) .. لا : النافية العاملة .. و/اشبع/ (بضم العين) .. فيصبح الفعل هنا مضارعا مضموما .. وهنا التناقض .. من خلال التثبيت والنفي ..

• وايضا البيت الشعري الاخر .. /يغفو الزمن فيها ويصحو/ .. /يغفو/ هنا .. (فعل مضارع) .. والفاعل هو /الزمن/ .. فهي بالأصل .. (الزمن يغفو فيها)، وكذلك (يصحو) .. /فعل مضارع/ .. فتصبح الجملة .. (يغفو ويصحو الزمن فيها) .. فالتناقض هنا يكون .. بعكس الحالة للحدث .. وعملية تأرجحها واتزانها من خلال جعل احد الوضعين احدهما في بداية الجملة والاخر في نهايته .. ومثلما ورد في القصيدة الاول /بك ابتدئ حياتي وانهيها/ ..

ان من دواعي فلسفة اللغة واشتغالها من خلال التكنيك بالجمل المتناقضة (المنفية) او (المثبتة) .. او بعكس الحالة للفعل .. تبدو اكثر اتقانا وحبكة عند شعرنا من خلال توظيف المفردات في نسيج ابياته الشعرية وكانها مطاوعة لقلمه كما يريد .. وهي من سمات العبقرية في امكانية التفلسف بالجمل والعبارات .. فيستخدما ويسلط عليها ادواته الشعرية في مختبره الابداعي الشعري .. لينتج لنا صفوة جميلة من الابيات.. ربما يستخدمها غيره ، لكنه لا يوظفها .. كما وظفها شاعرنا توظيفا ادهاشيا جميلا.

ثالثا : دلالة الضمير .. يعرف الضمير بأنه خاصية يصدر بها الإنسان أحكامًا مباشرة على القيم الأخلاقية لأعمال معينة ، فإن تعلق فيما لم يقع بعد فقد يكون أمرًا بالفعل أو نهيًا عنه. شرح المصطلح وقد عنى به من الفلاسفة أصحاب المدرسة الحدسية ، واعتبروه قوة فطرية يميز بها الإنسان بين الخير والشر تلقائيًا دون خبرة مسبقة أو توجهيه من الآخرين، أما أصحاب المدرسة الطبيعية /المادية/ فقد أرجعوا أحكام الضمير إلى التجربة أي الخبرة السابقة وربطوا قيمة الفعل الأخلاقي بنتائجه دون غيرها .. وهكذا نستقرأ قصيدتا شاعرنا ولنلتمس امكانية توظيف دالة الضمير بأسلوب قوي جدا هذا ما يدل الى قوة اشتغاله باللغة وفلسفتها ضمن مساحة صغيرة .. مستخدما التخاطب حينا والتكلم والغائب حينا اخر .. مما تأخذ شكلا (ايقونيا) دلاليا جميلا ..
ونستقرأ الدلالة حسب نوع الضمير ..
• عند الضمير المتكلم : بنوعيه .. البارز المنفصل او المتصل و المستتر ، فنجد الشاعر .. يستخدم الضمير المتكلم /أنا و نحن/ ..

وكما وردت في الابيات الشعرية التالية :
- /امنح/نا/ بركة النشوة/ .. وبمعنى ، (امنحنا /نحن/ بركة النشوة) .. فيعتبر ضمير متصل في محل رفع فاعل ..
- /صارخا في آخر الدهور/ .. وبمعنى ، (صارخا /انا/ في اخر الدهور) .. وهنا يعتبر الضمير مستتر في محل رفع فاعل ..
- /قولي لي لماذا/ .. وبمعنى ، (قولي لي /انا/ لماذا .. هكذا جزئت الجملة .. وها الضمير مستتر في محل نصب ..
- /كأنني جنين رحمك/ .. وبمعنى ، (انا جنين رحمك) .. وهنا الضمير متصل في محل رفع فاعل .

• عند الضمير المخاطب .. ورد هذا الضمير في سياق الكثير من الابيات الشعرية . سميا في قصيدته (قديستي الجميلة) ، لأنه كان يخاطبها خطابا روحانيا ادبيا .. حوارا شفافا ليكتسب منها البركة والشفاعة .. وهو خطاب الترجي وطلب العون والاستنجاد ..


وكما في الابيات الشعرية التالية :
- /وامتلاء الدنان بخمر جسد/ك// ، غلالتك ، همسك ، وانوارك .. وهنا الضمير مخاطب /انتِ/ .. وهنا الضمير متصل في محل نصب مفعول به ..
- /تصبحين خبزي اليومي/ ، وبمعنى ، /تصبحين /انت/ خبزي /أنا/ اليومي) وخبزي اليومي .. ضمير متصل في مرحل رفع فاعل .
- /وتكونين انت ظلالها/ .. وهنا ضمير منفصل من باب التوكيد .. في محل رفع فاعل .

• عند الضمير الغائب .. ورد الضمير الغائب في بعض الابيات الشعرية في قصيدته مشيرا اليه الفعل للحدث ..

وهنا ورد في بعض الابيات الشعرية ..
- /بادئا قداس/ـه// و /رافعا يدي/ـه// .. وبمعنى ، (بادئا قداس /هو/) .. وهنا الضمير غائب في محل نصب مفعول به ..
- /متناولا النبيذ والخبز/ .. وبمعنى ، (متناولا /هو/ النبيذ والخبز) .. وهنا الضمير الغائب المستتر .. في محل نصب مفعول به ..
- /بعضه ، كله ، جنونه/ .. وبمعنى .. ( بعض هو و كل هو و جنون هو) .. وهنا الضمير الغائب المتصل .. في محل نصب مفعول به .
- /اباركهما/ .. وبمعنى .. (ابارك /هما/) .. وهنا الضمير الغائب متصل في محل رفع فاعل .

ان الاشتغال بمدلول الضمير يعتمد على امكانية الشاعر بتكنيك اللغة ، وهذا ما يعطي امكانية لذات الشاعر في صياغة الابيات الشعرية .. فنجد ان الشاعر يوظف الضمير المتكلم حينا والغائب والمخاطب احيانا من خلال لغة سليمة متكافئة من حيث المخاطبة والتحدث ضمن سياق الحوار وكأن حواره درامي جميل سميا في قصيدته (القديسة الجميلة) ، وهي برايي من مظاهر التفلسف اللغوي الفوتوشعري المعتمد كليا على التكنيك البنيوي لفكرته ليخرج لنا بنسق جديد خاص به وهو عالمه الابداعي.



الخلاصة ..
يعتبر الشعر وليدة من حالة قلق .. وهذا لا يدل على ان شاعرنا قلقا، وانما يعيش الحدث المرآوي اليومي الممغنط بروحانية انطباعية بتأثير البيئة والاجواء .. فهو يحاول مرارا وتكرارا على تكريس تلك الاحداث مسلطا عليها ادواته الشعرية ليخرج لنا بدراما مصورة بعدسة رؤيته من منظور معين وبعدة التقاطات وهي ما سميتها الفوتوشعرية .. الا انه يحاول برمجتها وترتيبها بمفارقات غير متوقعه فمثلا من خلال الاثبات والنفي او صياغة الجمل بغير المعقول بالمنحى المعياري الاسلوبي ممثلا بالانزياح .. ثم يحاول تفعل اللغة باحترافية تكنيكية من خلال توظيف الضمائر وعملية اشتغالها فهو يتأرجح بها على خيط الاتزان ماسكا عصاه الابداعية كي نعيش ذلك الحوار بإصغاء حافل بالخشوع وهذا برأيي هو الادهاش والدهشة التي تلمسناها برفق في قصيدتين فكيف اذا استقرأنا مجاميعه الشعرية كاملة ؟!!!! .

هذه نصوص .. الشاعر اللبناني جوزيف دعبول


جسدك نبض رائحة البحر الهائج وجمر الشيطانات اللعوب

أيتها القديسة الطيبة

امنحينا بركة النشوة
وامتلاء الدنان بخمر جسدك.
هكذا يصلي الكاهن العاشق
بادئاً قداسه الليلي تحت غلالتك الأرجوانية
على نداء أجراس نهديك
ومجامر بخور جزرك وخلجانك البكر
رافعاً يديه كي تدوم وتدوم وتطول وتطول تلعثماته في الكتاب الجديد
متناولاً النبيذ والخبز من رخام ساقّي هيكلك الملائكي
هاتفاً: أيها الكتاب الجديد أيتها الصلاة الجديدة أيها القداس الجديد
بك أبتدئ حياتي وأنهيها تحول (الضميرانا)
صارخاً في آخر الدهور تحت سمائك النبيلة الحمراء: "ها قد أتممت رسالتي".
ويرتفع نشيد الكنائس:
هلليلويا هلليلويا
السلام لجسدك الرائع على الأرض
وشبق خمرك الإلهي في السماء. ..............



"قديستي الجميلة"

قولي لي لماذا عندما أراك لا أراك وعندما لا أراك أراك
وعندما ألمس همسك أصبح شفافاً كرفّة هواء، أصبح الهواء بعضه، كله، جنونه، شرذمته، و عطفه،
هل لأنك حينما تكونين النور أصير ظلك، وحينما أصير ظلك أصبح نوري
كوني أمسيتي أو فجري
منابع روحي إليك ومنابع جسدي المشدوه بكِ
أنتِ سنابل الشمس عندما تصبحين خبزي اليومي،
أشبع ولا أشبع، وأجوع، حتى أنني لا أقرب مائدتك كي لا أجوع من شبعي،
من نافذتي أطلّ عليك وأصغي إلى صوتك النافذة في قلبي،
متى كان قلبي يسع غير صوتك وصوتك يعيد تشكيل قلبي كأنني جنين رحمك.
صوتك المرتّل كالقرابين في هيكل كنيستي،
خميرة لخيالي كي يبصر ما لا يبصر ويتكلم بما لا يتكلمه راءٍ،
هل تحملين أنوارك وترحلين، وعندما ترحلين، أكون أنا أنوارك وتكونين أنت
ظلالها كيلا تحترق عينايّ،
بئران متلازمان يغفو الزمن المعتق فيهما ويصحو،
أباركهما
وأتبارك
وغمام وجودك، وجودي، الذي لن أكتمل إلا به،
هل أكتمل؟
أخاف أن تكوني الغيمة التي تعبر، وأعبر معها، لكن، هل أتساقط مطراً من
لفتة لكِ إلى الوراء، بها، تحنيّن إلى سديمك الأول، فأسقط وأسقط يا قديستي الجميل .



#مصطفى_عبد_الرحمن_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفوتو-لونية وعبقرية توليف الالوان
- هذيانات كروزو
- الاستقلال الفوتوشعري الفلسفي / مروان سليم الهيتي انموذجا
- قراءة فلسفية في عبقرية النص اللبناني .. فاطمة منصور انموذجا ...
- فلسفة ذكريات
- تجليات غودو للسلحفاة
- قصيدة .. ضياع الاقتراب
- اللاوعي لدى الشباب
- ابتهالات الوجع
- في وضح الجراح
- قصيدة


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى عبد الرحمن الهيتي - من التأرجح الى الدهشة قراءة في عبقرية النص اللبناني -جوزيف دعبول- إنموذجاً