أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موسى ديروان - على هامش قضية مريم يحيى - حد الردّة وثقافة الإنكار















المزيد.....

على هامش قضية مريم يحيى - حد الردّة وثقافة الإنكار


موسى ديروان

الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 15:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على الرغم من أن هذا الحكم الهمجي لم يتوقف العمل به لحظة واحدة من تاريخ الإسلام حتى اليوم، إلا أن الرأي العام في المنطقة والعالم غالباً ما تحركه القنابل الإعلامية، كقضية السيدة مريم يحيى من السودان، ففي نفس الوقت الذي صدر بحق مريم ذلك الحكم الجائر الهمجي والمتوحش، هناك في أفغانستان والصومال والسعودية وغيرها – سوريا "المحررة"! ليست استثناء بالمناسبة! - العديد من النساء والرجال الذين يحكم عليهم بالقتل والذبح بتهمة الردة دون أن يسمع عنهم أحد، أو يدافع أحد عن أبسط حقوقهم في العيش وفق رؤيتهم وما تمليه عليهم ضمائرهم .
وفي عصرنا هذا حيث تتسع آفاق الحياة بشتى مناحيها، بفضل التطور التقني والعلمي ، وبفضل القوانين التي تحمي حقوق الإنسان بمختلف أنواعها في الدول المتقدمة، أخذ الفقه الإسلامي بدوره بسنّة التطور الكونية هذه فأصبح حكم كالردة مثلاً لا ينطبق كما كان قديماً على من أعلن خروجه عن الإسلام إلى غيره، لا، ذلك كان تخلف وشأن قروسطي! بل اليوم وفي خضم هذا التطور أصبح هذا الحكم ينطبق على الديمقراطيين والعلمانيين والتقدميين واليسار واليمين والمفكرين والمطربين وعلى مستحلي الاختلاط بين الرجال والنساء - إنظر في أحكام النظر للعامري " ثم قد اتفقت علماء الأمة أن من اعتقد هذه المحظورات وإباحة امتزاج الرجال بالنسوان الأجانب فقد كفر واستحق القتل بردته" هكذا إذن يحكم بردة شعوب باكملها!- كما أن التقدم في صناعة الأسلحة في الغرب واكبه تطور في الشرق وعند بعض العرب أيضاً في العقلية الإجرامية، فقد وفرت لهم الأسلحة الحديثة – بفضل ومنّة – القدرة على أن ينفروا خفافاً لقتال الكفار والمشركين في الغرب والشرق، بتفجير سيارة مفخخة هنا أو عبوة ناسفة هناك أو تفجير انتحاري في مقهى عراقي شعبي يؤمه المساكين من العمال والمقهورين أو في شوارع دمشق وحمص وحلب، وإمطار الأحياء المدينة الآمنة بوابل من قذائف الهاون وغير ذلك من الجرائم البشعة التي ترتكبها مجموعات الظلام يومياً بالاستناد إلى مبدأ الردة الفردية أو الجماعية..
وإن السخف بعينه هو الذي يدفع البعض إلى تدبيج مرافعات عن هذا الحد والحكم الجائر من قبيل : ".. الردة تعني خيانة المسلمين وكل خيانة تستوجب الحكم بالإعدام وفق كثير من القوانين الوضعية.." ويندرج في باب الخيانة هذا، ماشئت من التأويلات والتفسيرات كل بحسب رأيه وعصبيته وانغلاق محيطه وانحطاط أخلاقه وانعدام إنسانيته، ومصدر تمويله وأدلوجته، فتصل الأحكام إلى مستوى يعدم في ضوئه شاب بسبب تسريحة شعره كما حدث في العراق، أو طفل بسبب فلتة لسان كما في سوريا، وتتوالى المهازل لتصل إلى درجة إعدام فتاة بالرقة لامتلاكها حساب على فيسبوك، فعلى عاتق من تقع مسؤولية هذا التفشي والاتساع لهذا الحكم الهمجي؟ أليس من يحاول تلميع هذا الحكم أو تعطيله أو تأجيله أو تفسيره أو تأويله بغرض التستر والاختباء خلف الإصبع وتلميع الصورة أمام الغرب دون الاعتراف بصلاحيته المتاحة وفق النص والفقه على امتداد التاريخ الإسلامي هو مسؤول بطريقة أو بأخرى عن هذه الجرائم التي تحدث؟
كيف يكون المرء حنبلياً ومنكراً لصلاحية الفقه الحنبلي أو شافعياً أو حنفياً أو مالكياً أو إمامياً وكتب فقهه تغص بالنصوص التي تبيح قتل المرتد عن الإسلام ثم يحاجج ويتهرب بدل أن يشير بإصبع الاستنكار لهذا الفقه بالجملة بوصفه يستبيح كل القيم والأعراف الإنسانية البسيطة وأولها الحق في الحياة والاعتقاد. حيث يخرج البعض ليقول ".. هؤلاء الذين يطبقون حد الردة اليوم جهلاء ونحن نتبرأ من أفعالهم لأن حد الردة يستوجب قاض شرعي وهيئة شرعية متنفذة وحاكم عادل .." فهذا المنافق ينكر فعل القتل لعدم استيفاء شروط القتل! ولا ينكر الحكم في أصله !
مع أن كبار الفقهاء من مستحثات عصور الانحطاط والظلمة، لم يبدوا أي تحفظ على قتل المرتد، بل وعلى لسان الذهبي يورد قصة عن تنفيذ عشوائي للأحكام الفقهية مثل إحراق رجل نصراني في سوق الخيل بدمشق لشربه الماء في رمضان بصحبة امرأة مسلمة، فإذا بهم يقطعوا أنف المرأة بدل قتلها وذلك لملاحة وجهها! رغم أنها حكمت بالردّة (تاريخ الذهبي ج:54 : 21 ) والسرخسي وغيره يلخصون المسألة بأن أيما مسلم ارتد عن دينه فقد هدر دمه بموجب الأدلة القطعية من سنة محمد (إنظر مثلا : السرخسي المبسوط : 10 :106 – شرائع الإسلام 274 ) وهدر دمه يعني أبيح دمه ولا دية له ( انظر مختار الصحاح : ج 1 : 325 ) فأيما مسلم قتل مرتداً سواء بموافقة من الحاكم أم لا ، لا يقع عليه دية ولا يغرم ولا يحاكم، فهو عمل بموجب حديث محمد ( من بدل دينه فاقتلوه ( رواه البخاري.
ما أريد تلخيصه في عجالة هو أن المشكلة الرئيسية في ثقافة المنطقة عموماً، إنما هي إنكار المشكلة أو التحايل عليها أو حملها على غير وجهها الصريح والواضح، بغية الهروب من المسؤولية وتغييب الوجه خلف الإصبع بدل الوقوف بشكل حاسم في وجه مختلف الأحكام الظلامية البائدة والتي تتيح لهذا أن يذبح ابنته ولذاك أن يسرق أو يسبي أو يخطف أو يهدم كنيسة أو يفجر مقهى وهو مرتاح الضمير واضعاً نصب عينيه أنه مأجور على ذلك ومثاب، ومسؤولية إسقاط هذه الأحكام لا يمكن أن تعيها فئات مغيبة، شعوب تعتقد بأن الديمقراطية ليست تحرراً أخلاقيا ومعرفياً بالدرجة الأولى وقبول بالاختلاف وانتقال من العصبية إلى المدنية، بل إنما هي غزوة صناديق، ووصول الحاكم إلى السلطة كصعود الخطيب إلى المنبر، وإنزاله إنزال وحط من الدين يوجب الردّة.
إنما حد الردة في الأصل، ما هو إلا تمظهر بسيط لشريعة ديجورية يضرب الظلام أطنابه في كل مكان وركن فيها، قابضاً على أنفاس الحياة، مثبطاً أية محاولة لانتقال هذه الشعوب البائسة من هامش التاريخ إلى ميادينه.
وليس ما يجري في سوريا اليوم إلا حرب قذرة تجد لنفسها عشرات التبريرات الفقهية الظلامية، فقد تم تفسيق المجتمع السوري قبل مدة طويلة من الأحداث، ثم حكم بموت ثلثيه، والمضحك المبكي أن الكثير من مجرمي التيارات المتطرفة ممن يحاربهم النظام في سوريا اليوم استقت فقهها من مشارب مدارسه وجامعاته، ومن الكتب الصفراء التي تملأ رفوف مكتباته، وقد كان البوطي يلقي محاضراته عن الردة الجماعية و على مسمع مخابراته العلمانية! في كلية الشريعة، مؤكداً أن المجتمع يرتد إذا ارتضى في دولته تغليب القوانين الوضعية على السماوية، شارحاً رأي كبار علماء السلف الظلامي ( انظر : المبسوط – السرخسي : 10 :113 – المغني : ابن قدامه : 8 : 539 ) وهو يغمز مراراً من قناة الوضع في سوريا، ولذلك فمن الحق أن نقول حول سوريا : هذا ما جناه علينا البعث.. لذا كانت الثورة المعرفية أولوية بالتزامن مع الثورة السياسية، فإذا ما تخلفت الأولى عن الثانية، أصبحت ديموقراطية الصناديق مطية سهلة للتيارات الظلامية، وفي رأيي أنه وطالما ثمة من يدافع عن هذه الشريعة معتبراً أن أفعال المتطرفين لا تستند إليها، فسيبقى الحال على ماهو، فالخطوة الأولى لأي تحرر حقيقي الاعتراف بظلامية هذا التراث ككل، بأحداثه وحروبه وفتنه وأشخاصه وتشريعاتهم وفقههم وعاداتهم التي لا تمت للإنسانية بصلة..
فالثورة الحقيقة، الثورة المؤجّلة، الثورة المعلّقة، تقبع هناك اليوم منتظرة في زنزانة مريم.. هي ذي الثورة لمن أحب أن يثور.



#موسى_ديروان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصائر الوثنية الشرقية - بين الإنقطاع والاستمرار
- إختلاق الأمّة العربية - تحليل نقدي لمفهوم العروبة (1)
- تساؤلات حول نشوء الإسلام الأولي 1 - (دحية الكلبي) بوصفه جبري ...
- مناقشة ل -شهادة- الكاتب الآرامي (بر سرابيون) حول الصفة التأر ...


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موسى ديروان - على هامش قضية مريم يحيى - حد الردّة وثقافة الإنكار