أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - يسار تحت حذاء عبد الفتاح السيسى!















المزيد.....

يسار تحت حذاء عبد الفتاح السيسى!


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 4462 - 2014 / 5 / 24 - 01:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إندفعت بعض فرق اليسار )الرسمى( فى مصر والسودان فى تأييد الإنقلاب العسكرى للجنرال عبد الفتاح السيسى، وإندفاعهم يتم بمنطق "كل شيئ يجوز" ومقاربة الاحداث كيفما اتفق بدلاً من تحليل الواقع وإمتلاك المنهج المعرفى القادر على التعبير عن هذا الواقع بشكل موضوعى. وبلغ الحماس بهذه الفرق الى تصوير قائد الإنقلاب بأنه منقذ مصر والمبالغة فى تاييد خططه الرامية لتوطيد دعائم إنقلابه العسكرى. وهذه التيارات اليسارية أصبح قاموسها لفهم الاحداث هو، كما وصفه أحدهم، الإسلام السياسى وعليه جاءت دعوتهم للدولة المدنية ذات المفاهيم المجردة. إن مجرد غلاف الدولة المدنية لا ينفى القمع والاستغلال الاقتصادى فى المجتمع. إن الافكار السائدة في اي مجتمع هي افكار الطبقة الحاكمة، ولهذا فالتغيير لا يتم على مستوى الافكار باستبدال الافكار البالية بأخرى جديدة، ولكن بالتنوير الذى يؤدى لإدراك ضرورة التغيير الإجتماعى.

اليسار المزيف، وهو يضع نفسه تحت حذاء السيسى، ينطلق من قاموسه الخاص بالاسلام السياسى وياتى تحليله لظاهرته ليس بوصفها تعبيراً سياسياَ تلجأ له القوى المتنفذه للحفاظ على تدوير العلاقات الإنتاجية القائمة، بل بالثبات عند شكلها كإسلام سياسى تماماً، كما يصفها دعاتها، وعدم سبر غور جوهرها ومحتواها، والاستغراق في عالم المحاججات العقيمة التى لا طائل من ورائها.

و السيسى، مرشح الجيش للرئاسة، الذى إرتمى منتسبى اليسار المتزلف (الإنتهازى) فى حضنه سوف يهوى بهم الى قاع مستنقع (آخر) هو مستنقع عمالته التى تسببت فى صعوده الى السلطة، وفجاجته التى بانت فى لقاءاته الإعلامية؛ ويالها من نهاية بائسة. فالسيسى بإعترافه أن أمريكا هى مْن دفعه لإحداث الإنقلاب، وهو الذى رد على سؤال عن مشكلة البطالة المستشرية (25%) قائلاً إنه سيوفر " ألف عربية خضار للشباب".

مصر دولة تابعة تحكمها طبقة قوية وراسخة فِي المجتمع تتكون من الكمبرادور جذورها ضاربة فى مؤسسات الدولة وفى طليعتها الجيش الذى يسيطر على حوالى 40% من اقتصاد البلاد. والجنرالات الذين يتحكمون فى النشاطات الإقتصادية للجيش يشكلون جزءاً من الطبقة الحاكمة. وكما يعلم القارئ المحترم فإن الجيش ليس طبقة، وإذا كان جنرات الجيش المصرى يصنفون كجزء من الطبقة المتنفذة فإن صغار الضباط وضباط الصف والمجندين والجنود التابعين لهذا الجيش ينتمون للطبقات الكادحة بإمتياز.

ولأن الطبقة الحاكمة فى مصر تستمد قوتها وإستمرارها فى التسيد السلطوى بإسناد من الخارج الذى يكرس التبعية، فإن التحدى الاساسى الذى تواجهه الثورة المصرية يتمثل فى مسالة التحرر الوطنى وتحقيق الديمقراطية بمعناها السياسى والإقتصادى وهو ما اختار ثوار 25 ياناير التعبير عنه بشعار ” عيش.. حرية..عدالة اجتماعية“.

الدينامية التى قامت على انقاض الاستحواذ الكامل للجيش على السلطة السياسية، بعد فشل شعارات عبد الناصر المزيفة (الاشتراكية العربية)، تمثلت فى تماهى النظام بشعارات دينية في العمل السياسي منذ 1971 حتى إنتهى الأمر الى معادلة أخذ الحكم فيها بصيغة شراكة بين الجيش والاخوان المسلمين الذين سُمح لهم بتمثيل معتبر فى مجالس السلطة التشريعية المزورة.

بعد صعود الاخوان المسلمين للسلطة السياسية عقب إنتفاضة ياناير2011 إتسعت الإحتجاجات على إعاقة الرئيس محمد مرسى إنشاء نقابات العمال المستقلة وفشله فى تحقيق أى مكاسب للحركات الشعبية المطلبية؛ هذا بجانب الاعتراض الشعبى على تركيزه سلطة التشريع فى يده. ونتيجة لهذا فطِن الجيش لضرورة تحركه للسيطرة على جهاز الحكم. فالجيش هو الأقدر على تقييد الحراك الشعبى وفى جعبته خبرة ستين عاماً فى هذا المضمار، وكان شعاره هذه المرة التصدى لمواجهة الإرهاب الذى ألصقه بالأخوان المسلمين لخلق دينامية سياسية جديدة يستأثر فيها الجيش بالحكم. ولهذا ليس غريباً أن يكون أحد شعارات السيسى الأساسية التى لها دلالتها هو التقشف وصراخه عبر أجهزة التلفاز بان الدولة ليس لديها ما تمنحه للشعب. والمفارقة، الجديرة بالذكر، أن السيسى حرص على تقديم نفسه كاسلامى يعتبر، بتأييد من رجال الدين المؤيدين للإنقلاب، أن التيارات الإسلامية الموجودة لا علاقة لها بالاسلام وإنه يدعو للدفاع عن صورة الإسلام الصحيح.

لم يكتفى اليسار المزيف بالتهليل للسيسى، بل إختار تفصيل الديمقراطية لتناسب انقلابه العسكرى. وأغرب عملية تنظير للديمقراطية هى تلك التى إقتبسها اليسار المعنى من أفكار حول الموضوع لرئيس الوزراء السابق تونى بلير ضمنها فى بعض محاضراته مؤخراً. يقولون أن الإنقلاب العسكرى المصرى أفرز "مواضعات حديثة" لا ترى غضاضة فى أن يتدخل الجيش فى سياسة الدول. ومن أبرز أصحاب هذه "المواضعات" على حسب اؤلئك اليساريين ليس شخصاً آخر غير مجرم الحرب تونى بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، الذى ذكر أن الديمقراطية مهمتها تتمثل فى إختيار أو تحديد مْن يتخذ القرار وهو إجراء لا يكون بديلاً عن عملية إتخاذ القرار نفسه! فإن الشعب من خلال تظاهراته الإحتجاجية يستطيع إحداث التغيير دون إنتظار دورة الإنتخابات القادمة (شايفين كيف ينبجس فيض العبقرية). لقد كان محقاً الكاتب الصحفى البريطانى الكبير باتريك كوكبيرن (Patrick Cockburn)، الذى يكتب فى صحيفة الاندبندنت البريطانية، عندما وصف تونى بلير بالمخبول المتخلف وذلك فى مقال له خصصه للتعليق على أفكار رئيس الوزراء السابق حول الديمقراطية. والمقال بعنوان:

Demented Tony Blair recites the Saudis creed in his latest speech, The Independent, 27 April 2014.

لا أريد أن اعلق هنا على افكار بلير الساذجة التى لا تخرج عن نطاق الترويج للديمقراطية والتلاعب بتعريفها من قبل الزعماء الغربيين بذريعة التدخل فى الدول الفقيرة والنامية والسيطرة عليها حتى إذا إقتضى الأمر تدميرها كما فعل "التافه" تونى بلير فى حالة العراق العظيم. طلاب المدارس العامة يدركون هذا. ولكن كيف أصبح بقدرة قادر ممثلى رأس المال العالمى الذى يرتبط بقائه وازدهاره بالتمدد عنوة فى أنحاء المعمورة، حجة فى الديمقراطية. ولابد من الإشارة الى أن بؤس اليسار الفكرى يتضح فى هذا الموقف من عدم قدرته على رؤية الإنقلابات العسكرية والتغيير الذى يحدث على تركيبة السلطة السياسية بشكل عام، فى إطار الصراع السياسى (الصراع الطبقى)؛ فالنقطة هى كنه ومحتوى التغيير أولاً ثم البحث فى لماذا يأخذ هذا الشكل أو ذاك.

وكل ما ذكرناه يستدعى التفكير والحديث عن الديمقراطية الحقيقية, وهذا موضوع آخر.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى ذكرى أول مايو: التناقض بين رأس المال و العمل فى أمريكا
- أوكرانيا: النفاق الامريكى ومطامع القياصرة الجدد
- دولة جنوب السودان: الملهاة والمأساة
- الطرابيلي والحسينى ومغزى عبارة هيكل
- خواطر حول معوقات الديمقراطية الليبرالية فى العام السابق
- السودان دولة يحكمها دستور عرفى دائم!
- مانديلا : مكانته فى السياق التاريخى للثورة فى جنوب أفريقيا
- سد النهضة: نذير الفوضى فى التعامل مع مياه النيل
- رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية (3)
- حول الديمقراطية(4-4) مفهوم الديمقراطية الجديدة وراهنيتها
- حول الديمقراطية(3-4)
- حول الديمقراطية ( 1-4)
- كلمة عن وفاة جياب
- رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية (2)
- رواية مزرعة الحيوان وحقيقة أورويل كمُخبر معاد للاشتراكية
- حول سؤال -من أين جاء سيسى مصر؟-
- مهزلة ميدان التحرير وامارة العدوية الاسلامية
- التغيير وبادئة -خطرت لى فكرة-
- ثمن قتل وتعذيب الماوماو حفنة جنيهات إسترلينية
- ضرورة اتفاق السودان مع إثيوبيا حول سد النهضة


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - يسار تحت حذاء عبد الفتاح السيسى!