أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - من كيتشاري الهند لابو دقة المصري















المزيد.....

من كيتشاري الهند لابو دقة المصري


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 08:30
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


جلست إلي الحاسوب أحاول أن ألملم أفكاري لأكتب المقال الجديد المطلوب مني قبل صدور الجريدة. رحت أفكر وأفكر علني أجد موضوعا مناسبا أحدث به قرائي الأعزاء دون أن أسبب لهم الملل أو الإحباط, فكل ما يحدث الآن في بلادنا المنكوية بالعلل السياسية والأمراض التكفيرية الإرهابية متكرر حتي تعودنا عليه وأصبح لا جديد. يوميا قنابل بدائية الصنع تنفجر في جنود وضباط الشرطة. مظاهرات أعضاء المحظورة متجددة وكل يوم لهم ضحايا وهم لا يتوقفون. الطلبة والطالبات المنتمون للمحظورة تركوا العلم وامتهنوا البلطجة والفجور بلا خجل. تكرر تفجير خط الغاز بسيناء اكثر من 22 مرة. معارك الجيش وأمن الدولة مع حسالات بيت المقدس وجراببع القاعدة وإغلاق وغمر الأنفاق بين غزة ومصر عرض مستمر. إختفاء المسيحيات القاصرات علي قدم وساق. خطف الشباب والأطفال المسيحيين وطلب الفدية وبعد الحصول عليها يلقون بجثثهم في الطرقات يحدث كل يوم خاصة في المنيا ونجع حمادي. مللت الحديث عن السياسة وعن سباق انتخابات الرياسة الغير متكافئ, أُغلقت الأبواب فلا شيئ جديد يستحق أن أكتب فيه, فقررت أن آخذ استراحة محارب وأكتب في شيئ آخر حتي لوكان تافها ولتعذرني قارئي العزيز فأنا مثلك محيط ومفروس حتي النخاع.
وحبث أني أشعر الآن بالجوع والحاجة الملحة للطعام, سيكون حديثي اليوم عن الطعام وأعتقد أنه سوف يسر القارئ ولكن لن يشيعه. ويسعدني أن ألقي بقعة من الضوء علي بعض الأطعمة التي توارثناها عن أجدادنا الفراعنة وما زلنا نأكلها حتي اليوم مثل العجّة وشربة العدس والبيصارة والفول الحراتي (كان يعرف بنفس الإسم) والمدمس (المتيمس), فقد كانت البقوليات كما هو الحال الآن هي الطعام الشعبي المأثور لدي أجدادنا, وكانت تقدم للآلهة كقرابين ولكنها كانت محرمة علي الكهنة (خوفا من الإصابة بالغلزات) ولكنهم كانوا يأكلونها سرا وفي تكتم شديد. ومن المأكولات الفرعونية أيضا الرقاق الغطاسي – الزلابية- والجين القريش. والاحتفال بعيد شم النسيم (عيد الحصاد) عاده فرعونية قديمه، حيث تخرج الأسر فى هذا اليوم إلى ضفاف النيل للتنزه والاستمتاع بجو الربيع يحملون معهم الأسماك المملحة ( وهى ترمز إلى الرزق الوفير) والخس ( وهو يرمز إلى النماء والخصوبة ) والبيض الملون رمز إله الشمس الذي خرج من بيضة كبيره معلنا بدء حياه الأنسان. ومن المشروبات الشعبية الجعة ومنقوع الخروب والدوم, والينسون والحلبة. وبما أنني عاشق للكشري, بحثت عنه في طعام أجدادنا فلم أجده, ربما لأنهم لم يعرفو الأرز ولم يصنعوا المكرونة في أيامهم.
وأول من ذكر الكشرى في التاريخ المدون هو ابن بطوطة (1303 - 1377 م) في تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار, ففى وصف الهند قال عنه "يطبخون المُنج مع الأرز ويأكلونه بالسمن ويسمونه كيتشاري, وعليه يفطرون في كل يوم. وكلمة كيتشاري مشتقه من اللغة السنسكريتية وتعنى ارز مطبوخ مع اشياء أخرى.
وعلى الرغم من ارتباط الكشري (أبو دقّة) المصنوع من الأرز والمكرونة والعدس أبو جبة والمحلي بحيات الحمص ورقائق البصل المحمص المقرمش (الورد) وعليه صلصة الطماطم المشطشط بالمصريين الذين صدروه لمناطق عديدة في العالم، وحصدوا بسببه شهرة كبيرة في مجال الأطعمة الشعبية نتيجة لطريقة إعدادهم له، إلا أن التاريخ يؤكد أن الكشري ليس طبقا مصرياً وأنهم ليسوا من اخترعوه، فهم لم يعرفوه في تاريخهم القديم أو الحديث إلا عند اندلاع الحرب العالمية الأولى عندما تزامل العمال المصريون في العمل مع العمال والجنود الهنود في كامبات القوات البريطانية التي أعلنت فرض الحماية على مصر عام 1914، ولاحظ العمال المصريون أن الهنود يطبخون الأرز مع العدس أبو جبة، وكانوا يطلقون عليه «كيتشاري». ونتيجة لاختلاط المصريين بالعمال والجنود الهنود في العمل، عرف المصريون هذه الوجبة وأحبوها. وبدأ البعض في افتتاح محلات لتقديمها في أحياء القاهرة الشعبية ومنها انتشرت إلي الأحياء التي كان يسكنها إلى جانب المصريين أقليات إيطالية. أحب الطلاينة هذه الأكلة وأضافوا لها المكرونة التي يعشقونها، وللمرة الثانية أحب المصريون تلك الإضافة، إلا أنهم قرروا أن يضيفوا لهذه الوجبة شيئاً من إبداعهم فكانت الصلصة الحمراء الحارة، و«الدقّة» التي تتكون من مزيج من الثوم المهروس والخل والشطة الحمراء، كما أضافوا لها البصل المحمر الذي قاموا برشه على وجه طبق الكشري، بالاضافة الى الحمص، ومن يومها صار الكشري علامة من علامات المطبخ المصري.
زمان واحنا في المرحلة الجامعية لما كان يضرينا السلك آخر الشهر نلجأ لطبق الكشرى اللذيذ والمشبع بقرش واحد والكمالة بتعريفة "نصف قرش" وكانت أشهر محلات الكشري التي يأمها السواح من مختلف القارات تتواجد بحي السيدة زينب وحي الحسين. أما في هذه الآيام فقد وصل طبق الكشرى إلي خمسة جنيهات ويزيد, وأشهر المحلاته الآن منتشرة في منطقة وسط البلد والأحياء الراقية وأشهرها محلات سيد حنفي والطريف أن شعاره "سيد حنفي في الكشري ما بـ يهزرش", ومحل الخديوي بمنطقة المؤسسة بشبرا الخيمة, ومحلات توم آند بصل وهي سلسلة محلات فروعه موجودة في المهندسين وطريق مصر إسكندرية الصحراوي وشبرا ومدينة الرحاب ومدينة نصر ومساكن شيراتون ووسط البلد وشارع السودان كمان, ومحل أبوطارق وهومشهور محليا وعالميا يأتي له السواح من كل البلاد هو أشهر اسم للكشري في مصر الناس بـ تروح له على السمعة ومع ذلك ليس له فروع أخر غير محل واحد فقط في 16 شارع معروف المتفرع من شارع شامبليون لكنه مبني كبير وضخم حوالي خمسة أدوار, ومحل الإمبراطور وهوموجود بشارع بورسعيد بالسيدة زينب، وأنت عنده يمكنك مشاهدة جامع السيدة والمحل مكون من أربعة أدوار, ومحل سحس بشارع عماد الدين والطريف أن شعاره " من أجل رفع مستوي الكشري".وهناك العديد من المحلات النصف مشهورة.
وفي الشام يسمىون الكشري المجدّرة ويطبخ ويقدم بطريقتين, الطريقة الأولى وهي البرغل المخلوط بالعدس الأسود المسلوق ويقدم حارآ أو باردآ والثانية وهي طبخ الارز والعدس ويؤكل ساخنا أو باردا وقد يستخدم زيت الزيتون بدلآ من السمن البلدي فعندها يفضل تناوله ساخنآ. من المعتاد تناول الكشري مع اللبن الرائب. أما في العراق يطبخ لكشري بالأرز والعدس الأصفر المجروش ويقدم عادة مع كبة الحامض ويعتبر مكملاً لها

ووصل الكشري مع المهاجرين لبلاد المهجر, فقد تحدثت صحيفة "الجارديان" البريطانية الجمعة، 10 مايو 2013 عن افتتاح مطعم للكشرى بأحد شوارع لندن، وقالت إن "الأكلة" التى أشعلت ثورة قد وصلت إلى بريطانيا، فالكشرى أكلة شعبية فى مصر وتعد من الأطباق الوطنية، ووصلت إلى لندن من خلال مطعم جديد هو "كشرى ستريت" وهو أحد المطاعم الصغيرة التى تقدم تلك الوجبة.
وفي المقاهي المصرية يلقبون الشاي الغير مغلي بالشاي الكشري, وبمناسبة الشاي الكشري أختم مقالي بنكتة قديمة لكنها ظريفة قد ترسم الابتساهة الغائبة علي الوجوه. اقتربت مذيعة علي الناصية من شاب يقف بجوار مقهي .. وقالت له: قدم نفسك لمستمعي علي الناصية. قال: محسوبك بلا فخر السيد الطُحش. قالت: وبتشتعل فين يا سيد طُحش؟ قال: أنا بشتغل في دين أم القهوة دي.. سألت: بتشتغل إيه؟ أجاب: بلا فخر أنا اشبيشياليشت في عمل الشاي الكشري. قالت: ممكن تشرح لنا طريقة عمل الشاي الكشري؟ رسم علي وجهه ابتسامة عريضة وقال: أحط دين أم السكر وديم أم الشاي في دين أم الكباية وأصب عليهم دين أم الماء المغلي..ثم أقدمه لدين أم الزبون. سألته: تحب تسمع إيه يا طحش؟ أجاب: أحب اسمع دين أم أغنية ما اشربش الشاي أشرب كازوزا أنا.
وفي نهاية الحلقة قالت المذيعة: وبعد أن استمتعنا بطريقة عمل الشاي الكشري , نشكر دين أم ضبف الحلقة بلا فخر السيد الجحش.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بئس الفتاوي للعميل ياسر برهامي
- عيد العمال بين هايماركت ومصنع كفر الدوار
- أسباب معروفة وخفية لمجزرة الهلايل والدابودية
- النصب المحظور وتدني الأجور
- الوضوح والأسرار في كتابة المقال
- نظرة ولفتة لتحول الفيروسات إلي كُفتة
- من غير ماتزُق الزبون على حق
- فتاوى الشنكحاوى
- الفيدرالية في اليمن
- بني أموية بين الورع والعدالة, والفسق والنذالة
- الإله الذي أعرفه
- وقالت الصناديق نعم
- مصر ناقة حلوب للغزاة العرب
- الخمر في الأديان والله الديان
- عمرو بن العاص وغزو مصر
- أنا لا أعبد الله
- الغزو العربي وإهانة مصر
- الفيدرالية هي الحل
- ثورات المصريين ضد الرومان
- التدني العربي حتي في الرياضة


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - من كيتشاري الهند لابو دقة المصري