|
المشكلة الغذائية – مشكلة كونية شاملة : مظاهرها ، أبعادها ( 1 - 4 )
كريم شكاكي
الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 11:47
المحور:
الصناعة والزراعة
كمدخل:- ماهية المشكلة الكونية الشاملة و ماذاتعنى !؟ حققت البشرية عبر قرون طويلة من تطورها الديناميكى المتواصل منجزات علمية و تكنولوجية عظيمة لا سابقة لها .قبل بزوغ فجر الراسمالية فى منتصف القرن الخامس عشركانت البلدان الأوربية تعيش فى ظلمات النظام الأقطاعى الذى ساد هذه البلدان منذ القرون الوسطى ومؤسساته و احكامه و قيمه و علاقاته الإجتماعية , الذى كان قائما على الإستبداد و الإسعباد للإنسان.و خلال هذه الفترة كانت الشعوب فى اوربا الغربية تشهد حركة نشطة من الرحلات و الاكتشافات لأسواق جديدة و ذلك ابتداءا من عصر النهضة ، عصر اليقظة فى الفكر و الفلسفة .
فبدأت خلال النصف الثانى من القرن الثامن عشر تظهر الأفكار الليبرالية كما بجانبها الإقتصادى و هكذا الإجتماعى و السياسى ولتعبرعن المتطلبات و الشروط الموضوعية لبناء العلاقات الراسمالية لتحل محل العلاقات الإستعبادية – للنظام الإقطاعى القائم بمؤسساته و قيمه الإجتماعية على استعباد الفرد و حرمانه من حقه و حريته الطبيعية كفرد..كان الفكر الليبرالى الناشىء يستند بالأساس على الحق الطبيعى للإنسان و حريته و بهذه الصورة يكشف قدرة الإنسان للتطور و الإرتقاء ، بحيث يكون قادرا على التأثير على الطبيعة ، .تحققت منجزات هائلة فى العلوم و الفنون و الأخلاق و الأدب و الفلسفة و فى مجال الفكر الإحتماعى- السياسى و القانونى . و فى نهاية الأمر تمتلك البشرية وبالتحديد البلدان الراسمالية المتطورة ثروة هائلة من المعارف و الخبرات والمهارات العلمية و التقنية و التكنولوجية , التى هى ثمرة ثلاث ثورات صناعية منذ 1750 - 1850 حتى الوقت الراهن حيث يستمر التقدم العلمى- التكنولوجى فى جميع نواحى المجتمع المعاصر.بما فى ذلك فى منظومة العلاقات الإحتماعية و الإقتصادية و اشكالها التنظيمية القائمة بين الناس من خلال منظومة عملية الإنتاج- الإستهلاك النهائى للمنتوج المحقق . فنتيجة عملية جتمعة الإنتاج و العمل لم تعد ملكية الراسمال الفاعل و المنتج متمركزة فى الأقلية الإحتكارية. فقاعدته الإجتماعية لتملكه قد توسعت من خلال منظومة الأسهم التى تشكل هذا الراسمال المنتج , يحق للعمال و العاملين الآخرين ان يمتلكوا هذه الأسهم للمشاركة فى الرأسمال الفاعل . فيحصل حاملى الأسهم على حصة من الأرباح المحققة فى مؤسستهم العاملة . كما حققت الرأسمالية المعاصرة مكتسبات إجتماعية و حقوق اقتصادية و اجتماعية فى مجال خدمة العمل و التأمين الصحى و التقاعد . ان التطورات والتغيرات الإرتقائية الجارية فى طبيعة الراسمالية المعاصرة فرضتها الحركة النضالية الجماهيرية فى ترسيخ المنظومة الديمقراطية فى ادارة المجتمع و الدولة فى سبيل احترام حقوق الأنسان و توفير ظروف حياة امنة و هادئة. بالرغم من ان الراسمالية المعاصرة فى العديد من جوانبها الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية , تتمسك بالقيم و المعايير و المثل الإنسانية, و هذا لا يعنى انها قد حققت العدالة الإجتماعية و ازاحت عنها التمايز الطبقى العميق فى التملك و الأنتفاع من ثروة المجتمع . فالراسمالية المتمثلة بالرأسماليين الكبار , الذين يسيطرون على مفاتيح الإقتصاد و المالية يستغلون ظروفهم لزيادة ثرواتهم على حساب إسغلال الآخرين . فالتمايز الإجتماعى الطبقى فى ظل هذه الرأسمالية التى اشرنا اليها, يزيد من صرخة و أنات و آهات خارجة من افواه ثمانمائة و اربعة و خمسين مليون شخص فى العالم و بالإضافة الى 200 مليون طفل جائع , الى جانب آلاف المشردين بدون مأوى و المصابين بعاهات إجتماعية مزمنة . كما نشاهد و عبر قنوات العولمة و غيرها كيف أن بلدان رأسمالية متقدمة لم تتخلى عن نزعتها الإستعمارية فى إستعباد البلدان , مستغلة قنوات العولمة الإقتصادية لتنقل بعضا من صناعاتها الملوثة للبيئة لتستوطنها فى بلدان نامية مثل كوريا الجنوبية و تايوان و هونغ كونغ و سنغافورة و البرازيل. وان اغلب هذه الصناعات متميزة بكثافة قوة العمل الحى فيها , فنقلها يصبح اكثر إقتصاديا بسبب انخفاض مستوى الأجور فى مناطقها الجديدة . الجدير بالإشارة الى ان العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين بدأ إنتشار ظاهرة الإرهاب متعدد الأبعاد و تحت واجهات دينية و اثنية و قومية ، الى جانب الجريمة المنظمة و انتشار المخدرات و غسيل الأموال . أ ن هذه المظاهر لم تعد تشكل تهديدا خطيرا على الأمن الوطنى و الأستقرار فى بلد معين فقط ، و أن مسألة الأمن و الإستقرار ليست محصورة فقط فى حدود جغرافية معينة ، بل أنها تتكامل إقليميا ودوليا. و بالإرتباط بهذه المسائل و المعضلات الأخرى المذكورة اعلاه ، فمسالة الد يمقراطية و سيادة القانون و احترام حقوق الإنسان و حرياته الطبيعية ، و مبدأ حق الأمم و الشعوب فى تقرير مصيرها كجزء من حقوق و حرية القوميات و الأقليات القومية و الأثنية و المذهبية فى الدول المتعددة القوميات و الطوائف أصبحت من العوامل الهامة فى تامين الأمن و الإستقرار و تحقيق التنمية الشاملة المستديمة ليس فقط قطريا و بل اقليميا و دوليا. ولهذا فان خرق و انتهاك حقوق و حريات الفرد و لأية مجموعة قومية و اثنية كانت و باي شكل كان لا يمكن النظر اليه كمشكلة داخلية مجردة تخص هذا البلد او ذاك ، بل ينبغى معالجة المشكلة هذه من خلال التعاون الدولى و فى إطار منظمة الأمم المتحدة . لأن إقامة الديمقراطية و وترسيخها عامل هام فى فتح المجال امام التنمية المستديمة ولكن لاتزال مصالح و أهداف متناقضة لأطراف دولية و أقليمية مختلفة تقف عائقا كبيراً فى إقرار وتنفيذ الحلول الصائبة لأية مشكلة من هذه المشاكل فى الأمد القريب و المتوسط . لقد إهتمت اوساط علمية مختلفة كل واحدة حسب تخصصها لدراسة هذه المشاكل واسبابها و عواملها التاريخية و عواقبها الإجتماعية و الإقتصادية و وضع حلول حسب رؤيتها المنهجية لها ،تنشرها فى ابحاث و دراسات منشورة او تطرحها فى عقد ندوات محلية و إقليمية و دولية يشارك فيها علماء و خبراء من مختلف الإختصاصات العلمية . ونتيجة لهذا الإهتمام الواسع بالبحث العلمى ، صيغت تسمية علمية اصطلاحية " غلوباليزم" أو " غلوباليستيكا "لهذا النشاط البحثى العلمى .
و اطلق على الخبراء و الباحثين - العلميين فى هذا المجال اسم " غلوبا ليستسك ". أصبحت هذه الدراسات جزءأ هاما من الإرتقاء النوعى الموضوعى للفكر الإجتماعى و الإقتصادى و حتى السياسى المعاصر ، فى دراسة المسائل المتعلقة بمشاكل و آفاق تطور الكون و مجتمع البشرية جمعاء ، يعكس رؤى منهجية علمية ، بالمشاكل الكونية الشاملة من حيث جوهرها و و مضمونها الإجتماعى و الإقتصادى و السياسى و اسباب نشأتها ، وسبل و وسائل معالجتها . و اغلبها تجد منشاءها فى التفاعل المتبادل بين العوامل الثلاثة القائمة موضوعيا – البيئة الطبيعية – المجتمع – الإنسان . و على هذا الأساس تصنف الخبيرة الروسية ماكسيموفا هذه المشاكل الكونية الشاملة الى مجموعتين اساسيتين :- 1- المشاكل الكونية الشاملة الناجمة من التفاعل المتبادل بين العوامل الثلاثة – الطبيعة- المجتمع- الإنسان. كما هى مشكلة الموارد الطبيعية المستهلكة غير قابلة لتجديد الإنتاج – منها الموارد الطاقية و بعض الخامات المعدنية . و ثمة موارد طبيعية قابلة تجديد الإنتاج بمساعدة الإنسان مثلا المواد الغذائية ، المياه العذبة حماية البيئة الطبيعية ، الإستخدام العقلانى الفعال لموارد البحار و المحيطات . إن هذه المجموعة لها اهمية متميزة بإرتباطها المباشر مع الحاجات المتنامية للإنسان ككائن حى لضمان استمرار نشاطه الحيوى المعتاد . 2- المشاكل الكونية الناجمة من التفاعلات الجارية داخل المجتمع . وهى مشاكل معقدة و متناقضة مع مصالح هذه الفئة الإجتماعية او الأخرى داخل المجتمع ، أو بين دول مختلفة. كما هى مشكلة إنتاج وإنتشار الأسلحة الفتاكة ، مشكلة السلم و الإستقرار فى العالم ، مشكلة التخلف العام فى البلدان النامية ، مشكلة التحضر و النمو السكانى ، و التعليم و الرعاية الصحية .* *2- -مجلة الإقتصاد العالمى و العلاقات الدولية- موسكو 1981 –العدد الأول- و البعض الآخر يحصر اسبابها فى تناقضات منظومة –" الطبيعة – الإنسان ". ويظل الفكر الإجتماعى والإقتصادى و خاصة فى الغرب فى مجال البحث العلمى ، حول تفاقم هذه المشاكل الكونية و آثارها المزمنة على البشرية ، يتخبط بين أمواج التصورات الرؤية التشائمية المهلكة ، و التصورات التفاؤلية. فالتصور الأول يستند على تنبوءات متشائمة عن إمكانية إستنفاد الموارد الطبيعية الضرورية لإدامة حياة الإنسان و خاصة تلك غير قابلة تجديد إنتاجها ثانية ، و بالتالى وقوع كوارث هائلة تصل الى حالة الدمار الشامل للحضارة العصرية ، أو الى إندلاع نزاعات شاملة تكون عواقبها مدمرة على البشرية . هذه الرؤية تعكس رؤية مالتوس بمدارسها المختلفة. اما الرؤية الثانية تستند على تصورات و موديلات تكنوقراطية ، بما انجزته الثورة العلمية-التكنولوجية و آفاقها المستقبلية من إيجاد وسائل فعالة لحل المشاكل الكونية . فى اواخر عقد الثمانينات عقدت ندوة علمية تحت رعاية الأكاديمى الروسى غفيشيانى ، لقد شخصت الندوة مجموعتين من المشاكل الكونية ذات الأهمية المشتركة و حددت كالأتى:- 1- المشاكل العمومية:- تعنى الظواهر والتفاعلات الخاصة و الجارية فى اطار بلدان معينة ، يمكن ضبطها و إدارتها على المستوى القطرى ، كما هى مشكلة التحضر و بدرجة معينة مشكلة الموارد المائية و بعض جوانب مشكلة حماية الموارد البيولوجية، و مشكلة حماية و إستخدام الثروات فى باطن الأرض . 2- المشاكل الكونية الشاملة - تحمل جميع خصائص المشاكل العمومية ، و لكن عواقبها لا تنحصر فى الحدود المحلية ( القطرية) فحسب ، و بل تتجاوزها إقليمياً و دولياً . بعضها تعود الى عوامل و أسباب تأريخية لحقبة النظام الإستعمارى الذى ساد عقود طويلة مناطق واسعة من العالم ، كما هى البلدان النامية . إن الحلقة المركزبة التى تربط المركب الإجمالى للمشاكل الكونية تتمثل فى المدى البعيد فى الإنسان نفسه ، مستقبله و تطوره. ترى القوى التقدمية و الديمقراطية فى ظروف حماية حقوق و حرية الإنسان- يعنى ترسيخ منظومة الديمقراطية فى إدارة المجتمع والدولة ، الضمان الأكيد لمعالجة الظواهر الخطرة التى تهدد مسيرة التقدم . لأن سيادة الديمقراطية تعنى سيادة الأمن و الإستقرار الإجتماعى و السياسى كما على المستوى الوطنى و هكذا الإقليمى و بالتالى الدولى . وهذا يتوقف على إيجاد التضامن الدولى فى إطار منظمة الأمم المتحدة مع توفير توازن مصالح جميع الأطراف الموجودة . تتطلب دراسة و بحث المشاكل الكونية الشاملة أن تحدد المنهجية ( ميتودولوجيا) العلمية لكشف وتحليل ماهية كل مشكلة بانفراد ، حتى يمكن أن تبين جوانبها الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية . ثمة مراكز علمية و إجتماعية مختلفة تتباين او تتقارب و تتشابه فى رؤيتها بكل المسائل المتعلقة بمشكلة من هذه المشاكل . ولكنها بخصائصها و عوامل نشاتها و اثارها السلبية مختلفة النواحى تجعلها ان تعتبر كمشاكل كونية شاملة بشكل مباشر او غير مباشر تمس البشرية ككل للأسباب التالية : 1- أن ميزة الكونية الشاملة للمشاكل المذكورة تحددها خاصية العالم المترابط كمفهوم معرفى إستخدمه ماركس و إنجلز فى تفسيرهما لعملية تطور المجتمع البشرى ، و أشارا الى ما سميت " التبعية الكونية الشاملة" التى تجسد العلاقات الإجتماعية و الإقتصادية و حتى المصالح المتبادلة التى تنشأ بين الناس خلال عملية الإنتاج المادى والذهنى . فالعالم المعاصر يمر بتغيرات ديناميكية عاصفة ناجمة من الثورة العلمية-التكنولوجية الهائلة تتطلب تعميق هذا الترابط ، هذه التبعية المتبادلة بين مختلف اجزاء عالمنا ، كنظم إجتماعية وإقتصادية و سياسية مختلفة و حتى متناقضة ، ولكن فى حركتها و وجودها ليست ذاتيات منعزلة عن بعضها تعيش لذاتها ، او فى ذاتها ، بل أنها تتواجد فى تفاعل متبادل اي فى تبعية متبادلة مع بعضها البعض .هذه الخاصية المميزة التى رافقت تكوين المجتمع الإنسانى تمتد على طبيعة الكثير من الظواهر و العمليات و المشاكل التى يواجهها المجتمع . هذه المشاكل التى تعتبر كونية شاملة بمخاطراثارها ليست منعزلة عن بعضها البعض بل تاريخيا و هى مترابطة كمفهوم السبب- النتيجة بجوانبها الإجتماعية و الإقتصادية ، و عوامل نشأتها و تفاقمها . 2- ان التصور السائد لأسباب و لعوامل نشأتها و إستمرارها يعكس المصالح السياسية و الإقتصادية لأطراف محلية أو بوجه خاص دولية ، يجنبها تحمل مسؤوليتها التاريخية، لإيجاد حلول جذرية لها . 3- بحكم طبيعتها المعقدة و خطورتها الشاملة يعتمد حلها على توحيد جهود جميع البلدان و الدول فى العالم ، بأعتبار أن حلها ينصب فى مصلحة جميع البلدان و الشعوب تتوفر الأمكانيات لظروف مناسبة لتوجيه مواردها نحو تنمية مستديمة لبناء حياة مزدهرة لأجيال المستقبل . 4- يكمن الأساس المادى لحل كل واحدة من المشاكل الكونية فى تطبيق مبدأ " نزع السلاح الشامل من أجل التنمية" .يعنى ذلك توجيه الموارد المخصصة فى صناعة الأسلحة و تسويقها و تجارتها الى استثمارها فى التمية الإجتماعية و الإقتصادية . المشكلة الغذائية: رغم كل المنجزات التى تحققت فى مجال العلم و التاكنيك و التكنولوجيات المعاصرة ، فلا تزال البشرية تواجه مجموعة مشاكل خطيرة لم تنحصر عواقبها فى حدود قطرية أو إقليمية معينة ، بل تجاوزت و إكتسبت طابعا كونيا شاملا تشكل معضلة خطيرة على البشرية جمعاء . بالرغم من إنتهاء الحرب الباردة فلا تزال مشكلة إنتاج و إنتشار مختلف انواع الأسلحة التقليدية و الجديدة قائمة بشكل واسع ، بحيث اصبحت تجارتها الرسمية و غير الرسمية تشكل إحدى الفقرات الهامة فى التجارة الدولية للبلدان المنتجة وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية و البلدان الأوربية و روسيا و الصين . و تشير دراسات جدية الى ان ما تنفقه الأوساط العسكرية فى الولايات المتحدة الأمريكية على بعض برامجها لإنتاج أسلحة جديدة ، لو استثمرت فى مجالات مدنية ، تستطيع أن توفر التعليم لحوالى 700 مليون أُمى ، و زراعة مساحات واسعة لإنتاج المحاصيل الغذائية تلبى حاجة 500 مليون شخص ، و بناء سكن حديث لـ200 مليون إنسان ، من الأحياء الفقيرة، و توفير الأغذية الضرورية لـ 200 مليون طفل جائع. . و من سخرية القدر هى أن البلدان النامية إضافة الى جميع مشاكلها الخاصة و الكونية المزمنة ، تستورد كميات كبيرة من الأسلحة و التى تشكل عبء كبير على دخلها الوطنى وعلى ديونها المتزايدة بإستمرار، بدلا من إنفاق هذه الموارد المالية على تطوبر التعليم و الخدمات الصحية و معالجة أسباب الفقر السائد فيها . كما هناك مشكلة صيانة البيئة والإستخدام العقلانى للموارد الطبيعية و بوجه خاص تلك غير قابلة تجديد الإنتاج ، مشكلة التخلف الإجتماعى والإقتصادى و حتى السياسى فى بقاع واسعة ، و مشكلة التخلف الإجتماعى و الإقتصادى و حتى السياسى فى بقاع واسعة من العالم ومشكلة الديون المتفاقمة للعديد من البلدان النامية . كما تشير بعض الدراسات الى مشكلة ازمة نقص المياه فى مناطق واسعة من العالم حيث كما يشير بعض الباحثين بان القرن الحادى و العشرين سوف يشهد نزاعات مائية بين بلدان مختلفة . بعد أن تمكنت البشرية من تلافى خطر نشوب حرب عالمية ثالثة باستخدام الأسلحة النووية ، رغم إيجاد بؤر توتر أخرى فى بقاع مختلفة تهدد الإستقرار و الأمن فيها ، إلا أنه اصبحت البشرية تواجه بإستمرار المشاكل الكونية الشاملة التى اشرنا اليها فى المقدمة. و كهدف لبحثنا نركز الإهتمام على المشكلة الغذائية كإحدى أكثر القضايا خطرة ومعقدة ومتعددة النواحى والأبعاد و المظاهر ولا تزال تتفاقم بشكل حاد بين حين و آخر، فتترك آثاراً مأساوية على البشرية تتجلى فى آرتفاع عدد ضحاياها من الوفيات والمرضى تصل الى الملايين من الأطفال و المسنين. و لهذه الأسباب تختل مكانة هامة من إهتمام الرأي العام الدولى من خلال منظماته المحلية و الإقليمية و الدولية و الأمم المتحدة لدراسة أسباب وعوامل هذه القضية بجوانبها الفنية ، الإجتماعية ، الإقتصادية والسياسية . توجد مراكز و أوساط علمية وإجتماعية تعتمد فى تفسيرها لظاهرة المشكلة الغذائية على رؤية تشائمية الى آفاق إمكانية إيجاد حل جذرى لها . يستندون على آراء المالتوسية و المالتوسية الجديدة القائمة على الحتمية الديموغرافية- أي أن المشكلة الأساسية هى فى الوتائر السريعة للنمو السكانى التى تفوق كثيراً إمكانية نمو و زيادة وسائل العيش . و بسبب عدم قدرة الأنسان ان يسيطر على هذا الأختلال التناسبى فيؤدي ذلك الى كارثة انسانية على شكل حروب جماعية شاملة بالأسلحة الفتاكة. استنادا على افاق منجزات الثورة العلمية- التكنولوجية ، تؤكد الدراسات العلمية ذات النزعة التفائلية عن المستقبل على افاق أزدهار المجتمع البشرى دون مظاهر التخلف و المجاعة و انتشار الأمراض و النقص فى مصادر الطاقة و المواد الأولية و المواد الغذائية الضرورية لحاجات المجتمع و الإنسان . و يمكن تحقيق ذلك بالتنمية المستديمة أي " التمية التى تلبى حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة فى تلبية حاجاتهم. و هى تحتوى على مفهومين اساسيين:- مفهوم الحاجات و خصوصاً الحاجات الأساسية لفقراء العالم ، والتى ينبغى أن تعطى الأولوية المطلقة . و فكرة القيود التى تفرضها حالة التكنواوجيا و التنظيم الإجتماعى على قدرة البيئة للإستجابة لحاجات الحاضر والمستقبل . لذلك ينبغى أن نحدد أهداف التنمية االإقتصادية و الإجتماعية بمفهوم الإستدامة فى جميع البلدان- نامية و متطورة."*3 *3 اللجنة العالمية للبيئة و التنمية " مستقبلنا المشترك بالعربية الكويت 1989 ص83 ان التنمية المستديمة ببعدها الإقتصادى و الإجتماعى و الإيكولوجى تمثل عملية ديناميكية فى الإستخدام العقلانى للمنجزات العلمية و التكنولوجية المعاصرة فى مجال البيئة ليس فقط فى الإطار القطرى وبل الإقليمى و العالمى كأهداف ستراتيجية محددة . و من أجل تحقيق ذلك ينبغى تركيز الجهود المشتركة نحو المهمات التالية:- 1- توجيه الموارد البشرية و العلمية و المالية المستثمرة فى إنتاج و إنتشار الأسلحة الفتاكة والتقليدية المتطورة نحو تطوير الإنتاجات المدنية التى تؤمن وسائل الحياة الأفضل للإنسان المعاصر فى جميع البقاع العالم. لكن لا نزال الدول الرأسمالية الكبرى و روسيا الإتحادية تضخ إستثمارات هائلة فى صناعاتها العسكرية لإنتاج منتوجات حربية حديثة لدفعها الى الأسواق العالمية . و على سبيل المثال تعتبر منطقة الشرق الأوسط من الأسواق المهمة لتصريف المنتوجات العسكرية فخلال " فترة 1979-1988 إستوردت المنطقة أسلحة لا تقل قيمتها عن 154 مليار دولار . و فى عقد الثمانينات كان الشرق الأوسط هو الجهة التى ذهب اليها ما يقرب من ثلث جميع الأسلحة التى جرت المتاجرة بها"*4 * 4- يحى .م. صادوسكى " الصواريخ أم الخبز" القاهرة 1994 ص.18 2- إن تحقيق هذه المهمة يعنى إزالة التخلف و القضاء على مظاهر الفقر والمجاعة والأمراض المزمنة التى تجسد أقسى مثال للجور الصارخ لفقدان العدالة الإجتماعية الإنسانية فى توفير ظروف الأمن و الإستقرار و القضاء على العديد من عوامل الإجرام و الإرهاب فى العالم. 3- وعندئذيمكن تطبيق سياسة متوازنة لضبط العملية الديموغرافية غير المنظمة ، خاصة فى المناطق التى تواجه مخاطر الإنفجار السكانى ، بسبب فقدان أو ضعف التعليم و الوسائل الصحية والمعرفة بالتخطيط العائلى . ولكن المعطيات العلمية تدحض التصورات غير العلمية فى معالجة المشكلة الغذائية فى العالم و تشير هذه المعطيات الى انه وبفضل التقدم العلمى- التقنى " ينتج العالم اليوم غذاء لكل فرد من السكان اكثر من اى وقت مضى فى تأريخ الإنسانية"* *5-اللجنة العالمية للبيئة و التنمية "مستقبلنا المشترك" الترجمة العربية- الكويت 1989 ص-179 ( يتبع ) الدكتور / كريم شكاكي - صوفيا - بلغاريا
#كريم_شكاكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الكوردية و معاهدة سيفر
-
الأشكال التنظيمية للأنتاج الزراعى و تطور العلاقات الزراعية ا
...
المزيد.....
-
-انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا
...
-
لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
-
ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة-
...
-
أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال
...
-
سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها
...
-
مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو
...
-
مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا
...
-
علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
-
إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
-
مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية
المزيد.....
-
كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس)
/ صديق عبد الهادي
-
الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي.
/ فخرالدين القاسمي
-
التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل
...
/ فخرالدين القاسمي
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق
/ منتصر الحسناوي
-
حتمية التصنيع في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام
...
/ عبدالله بنسعد
-
تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا
...
/ احمد موكرياني
المزيد.....
|