|
نحن جيل الهزيمة
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 00:36
المحور:
المجتمع المدني
في عام 2003 ، و أثناء الهجوم الأمريكي على نظام صدام حسين ، لمع إعلاميا ، رجل الدين العراقي أحمد الكبيسي ، و هو معارض لنظام صدام حسين ، و يسكن في الإمارات منذ فترة طويلة ،و أثناء تحليله للواقع العراقي ، قال كلمة أعتقد أنها الكلمة المفتاحية ، ليس للمجتمع العراقي فقط ، بل لكل المجتمعات العربية و غير العربية في منطقتنا ، قال (لنعترف أننا نحن جيل الهزيمة). هكذا ، و دون لف أو دوران ، دون مراوغة و تبرير ، لنعترف أننا كمجتمعات قد هزمنا ،هزمتنا الأنظمة الإستبدادية ، و هزمنا التخلف و الفقر و الفساد و الضياع ، ربما يبرر أحدنا بأن هذه كلها نتاج الأنظمة ، لكن حتى الأنظمة هي نتاج مجتمعاتنا أولا و أخيرا . البلطجي ينتمي إلى المجتمع المصري ، و مهما حاولنا أن نبرر و ندافع عن الترابط الوطني و الأخلاق الوطنية ،لكنه بالنهاية مجرد كلام ينفيه الواقع ، و لا يعني شيئا أمام فقدان شاب أو فتاة واحدة ، و لا يعني شيئا لوالدة أو والد شهيد أو شهيدة سقط في محمد محمود أو ماسبيرو أو ميدان التحرير ، البلطجي مصري ، و من احتفل و شمت ، أو بأحسن الأحوال ، لم يكترث بموت آلالف المصريين ،هم أيضا من المجتمع المصري و ينتمون لذات التراب . الشبيح أيضا سوري ، سوري بالهوية ، و شريك لنا بوطننا ، شئنا أم أبينا ، و الشبيح هذا هو الذي يضرب القرى و البلدات ببراميل المتفجرات ، و هو الذي نفذ الأوامر بضرب الغوطة الشرقية بالكيماوي ، هم سوريون ، بل و بعضهم كانوا زملاء لي ،و قرأت لزملاء آخرين عبارات الشماتة و الفرحة بضرب الكيماوي ، حتى لو حاول البعض لصق هذه التهمة بالآخر الإيراني ، لكن السوري هو الذي استدعاه ، و هو الذي سهل له دخوله ، و هو الذي ساعده . و الإسلاميون المتطرفون هم سوريون أيضا ، حتى لو تواجد بعض الأفغان و بعض العرب ، و منذ بداية الثورة ، بل و منذ أول مظاهرة سلمية خرج بها شباب درعا ، قرأنا دعوات إزالة درعا عن الوجود ، و تحويلها إلى حديقة للحيوانات .و منذ عدة ايام فقط ، كتب أحد المؤيدين للأسد ، و أحد الشخصيات المشهورة جدا فيسبوكيا ، مطالبا جيش الوطن بتحويل الغوطة الشرقية كلها إلى ملعب غولف ، فعن أي هوية وطنية نتحدث؟؟؟؟ كيف يمكن أن نصف مجتمع استطاعت عائلة واحدة إفناؤه ،على الأقل من الناحية الرمزية ؟؟ هي عائلة واحدة ، و ليست طائفة أو جزء من مجتمع ، فهذه العائلة قتلت و اعتقلت من أبناء طائفتها أعدادا أصبح معها وجود الطائفة في سوريا برمته في خطر ، و إلا ماذا نسمي مقتل أكثر من خمسين ألفا من سكانها ،و من فئة الشباب الذي تترواح اعمارهم بين 18-35 ؟؟؟من عدد إجمالي لا يزيد عن المليون و نصف !!! عائلة واحدة تريد الإبقاء على عزها و سلطانها ، تريد التمسك بما تعتقد أنه تركة حافظ الأسد ،وتركته هي تقدر بوطن و شعب و تاريخ !! و هذا لا ينطبق على سوريا فقط ، ربما تكون سوريا هي الطالب الذي يعاقبه الأستاذ كي يلقن عبره بقية الطلاب دروسا في الأدب و الطاعة ،فليبيا لولا تدخل الناتو كانت ستصبح دمارا هي الآخرى ،و من كان سيقف في وجه عظيم الأمة ؟؟!! و حتى السعودية و البحرين و السودان....... و هل تحتاج الجزائر إلى واقع مر أسوء من هذا ، هل عرف التاريح كله رئيس ترشح للإنتخابات الرئاسية و هو على مقعد متحرك ؟؟ هل عرف التاريخ رئيسا فاز بالإنتخابات و هو عاجز عن أداء القسم الرئاسي ؟؟!! حتى بعض الجيوب التي ترسم بعض الديكور الديمقراطي في المنطقة ، هي ديمقراطية زائفة و مهددة بالزوال في أية لحظة. هل نعتبر واقع كردستان العراق مشرق مثلا ؟؟ ألا تحكمه أيضا اتفاقيات عائلية و عشائرية ، و يمكن أن تذهب جميع إنجازات الكرد إذا انهارت هذه الإتفاقيات ؟؟ ألم يقتل الكرد أخوتهم الكرد بمجازر رهيبة في فتنة 1997 ؟ ألم يذق الكرد الأمرين نتيجة الخلاف بين الزعيمين المبجلين ؟؟ و حتى دبي ، و هي الإمارة العربية الاكثر شهرة ، و الأكثر ثراءا ، هددت و كادت أن تذهب هذه التجربة الجميلة إبان الأزمة الإقتصادية في 2008 . بالمختصر ، نحن جيل الهزيمة ، أنا لا أدعو للتشاؤم ، بل كلي ثقة بمستقبل منطقتنا ، لكن ليس الآن ، بل في جيل لاحق ، و ربما لاحق اللاحق ، أما نحن البؤساء ، فعلينا أن نعيش هزيمتنا ، و أن نعترف بها ، و نتأقلم معها ، و نحاول تجاوزها نفسيا على الأقل ، و نحاول بناء جيل جديد غير مشوه ، عساه يبني بعضا مما هدمناه ....
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
-
فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
-
هيا بنا نلعب سياسة
-
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
-
الامة السورية بين الفكر و الحزب
-
بين خالد سعيد و رابعة العدوية
-
لكننا لم نعد اطفالا
-
ظاهرة الامام الصدر
-
الجنس في رواية ساق البامبو
-
الاسرائيليون و نحن........
-
بين معركة أحد و 25 يناير
-
المؤسسة العسكرية في سوريا؟؟؟
-
على الجسد السلام
-
حول ضعف الشخصية لدى المعارضة السورية
المزيد.....
-
المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل
...
-
مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها
...
-
أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
-
الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ
...
-
مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف
...
-
مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
-
اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو
...
-
مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي
...
-
مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
-
ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|