أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - عودة ناصر في نسخة محسنة عبر صناديق الاقتراع















المزيد.....


عودة ناصر في نسخة محسنة عبر صناديق الاقتراع


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 18 - 00:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين ينتهي استطلاع لجامعة "ميتشجان"الأمريكية إلى أن 71% من المصريين يرون "أن الحكم العسكري والرئيس القوي مطلوبان في الظروف الراهنة" ..فكل الشواهد على الساحة المصرية تشير إلى أن المقصود هوالمرشح عبد الفتاح السيسي ..عشرات الملايين من المصريين البسطاء والناصريين الحقيقيين يرون في الرجل نسخة محسنة من عبد الناصر 52 " ..وهذا تحديدا ما نريده الآن ! ".
منذ عدة أسابيع توجهت إلى قريتي ..التقيت به ..دائما أحرص على لقائه كلما زرت القرية ..صديقي وزميلي في سنى الجامعة وماقبلها ..وكلانا نشأ في ذات البيئة الريفية القاسية بوسط الدلتا ..تدهشني ناصريته .. يراها فعلا وليس خطبا رنانة ..لذا حرص دائما على أن يفعل ما يتناغم مع فكر عبد الناصر .. مثلي خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة دفعة 1975 وارتضى بوظيفة أخصائي علاقات عامة في ديوان المحافظة .. وفي كل زياراتي للقرية نجلس نقتات ذكريات سنوات الجامعة ومظاهرات 72حين انفصل كعب حذائه ورجال الشرطة يلاحقونه ..فكان أمام خيارين أحلاهما مر ..أن ينحني لالتقاط الكعب المنشطر لإعادة تركيبه ..وفي هذه الحالة سيقبض عليه بعد أن يطحنوه بهراواتهم الغليظة .. أو ..يترك الحذاء بأكمله وينجو بجلده .. واستقرسريعا على الخيار الثاني ..لكن ذلك كلفه حذاء جديدا مما سبب له ارتباكا ماليا ظل يعاني منه شهورا ..ومع آخر يوم في امتحانات نهاية العام كنا نغادر القاهرة عائدين إلى القرية ..ليجرجرني معه في صباح اليوم التالي مباشرة في رحلة البحث عن مدرسة ! أسبوع أو أكثر نمضيه في مشاوير على الأقدام لإدارة التربية والتعليم بمدينة بلقاس - لأننا لم نكن نملك قروش المواصلات –كي نقنع مسئوليها بتسليمنا المدرسة الإعدادية بالقرية.. معركة شاقةتنتهي دائما باقتناص الموافقة بعد توقيعنا على أوراق بمسئوليتنا عن أثاث المدرسة ومحتوياتها..ونبدأ في حشد زملاء الجامعة من أبناء القرية الذين ينتمون مثلنا إلى أسر بسيطة وفقيرة ..لتتحول المدرسة إلى مركز لمحو أمية الفلاحين مساء ..وفصول لتقوية الطلاب صباحا..وما كان الأمر سهلا ..فكثيرا ما اتهمنا شباب من أبناء الأعيان بأن هدفنا من المشروع نشر الأفكار الشيوعية وتحريض الفقراء على الأغنياء ..افتراءات روجوها لتأليب الأهالي والمسئولين ضدنا .. ..والصحيح في ظل الهجمة الشرسة التي تعرض لها عبد الناصر عقب وفاته ومحاولة محو كل ما حققه من مكاسب للشعب ..كنا نضطر إلى تصحيح مفاهيم الطلاب ..ونحدثهم عما فعله عبد الناصر لمصر.. تم استجوابنا من قبل ضابط شرطة ..وكان على قدر كبير من الوعي ..وأدرك أهمية وسمو رسالتنا فتركنا..
خلال زيارتي الأخيرة للقرية التقيت بصديقي القديم كالعادة سألني:هتدي صوتك لمين في انتخابات الرئاسة ؟ فقلت ضاحكا : زيك ..لعبد الناصر !
وفهم ما أرمي إليه فقال : أيوه البلد فعلا محتاجة لعبد الناصر ..مش البلد وحدها المنطقة كلها مش هتظبط إلا بعبد الناصر ..
-أنا معاك ..خاصة إن عبد الناصر 2014 أكثر هدوء وحكمة ..
فسارع للتصحيح :
-مش معنى دا إن عبد الناصر بتاع الخمسينيات والستينيات كان متهور ومتسرع ..الظروف دلوقتي مختلفة ..ماينفعش إن عبد الناصر يقسم العرب لرجعيين وتقدميين ..وما ينفعش يقول للأمريكان إشربوا من البحر ..عبد الناصر بتاع 2014 شايف المشهد صح ..بيوطد علاقات مصر مع روسيا ..وفي نفس الوقت بيسعى إن علاقاتنا بأمريكا تستمر ..و أظنه هيقدر يكسب ثقة الأوربيين والصين ..كمان الراجل عارف إن مشاكل مصر هي مشاكل السعودية ..هي مشاكل البحرين والإمارات ومشاكل الأمة ..هو فاهم اللعبة اللي بتلعبها قوى إقليمية وعالمية ومدى خطورتها على العرب ..ولما كان وزير للدفاع أدار ملف العلاقات العسكرية مع واشنطن وموسكو بطريقة ذكية ..وكمان المناورات العسكرية اللي عملها مع الجيش السعودي والاماراتي والبحريني كانت رسائل لها دلالاتها العميقة ..ولما قال إن جيش مصر مش هيتوانى عن مساعدة أي دولة عربية بتتعرض للخطر ما كانش دا على سبيل الفرقعة الصحفية ..الراجل ما لوش في الفرقعات ..وما كانش بينافق لما قال قواتنا هتكون في أي دولة عربية مهددة.. يادوبك مسافة السكة..عبد الناصر 2014 زي عبد الناصر 52 مدرك إن مشاكلنا واحدة ولازم تتحل من خلال محور عروبي قوي ..بس الوسائل هتختلف .
-علشان كده الأستاذ هيكل أصاب لما وصفه بالرئيس الضرورة
ويسرح صديقي بعينيه عبر الحقول المترامية أمام منزله ..ثم يقول وكأنه يفكر بصوت مسموع :
-مصر الظاهر في حاجة دايما لزعماء مش موظفين ..ودي كانت مشكلة مبارك ..كان كبير الموظفين في الدولة ..والفرق كبير ..الموظف ماعندوش القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية ....يعني لو مبارك كان ضابط في الأربعينيات ماكنش هينضم لتنظيم الضباط الأحرار ولو جه مكان عبدالناصر ما كانش هياخد قرار تأميم قناة السويس .. ولو جه بعد عبد الناصر..ما كانش هياخد قرار الحرب في 73 ..ولاقرار زيارة إسرائيل ..وكامب ديفيد .. دا موظف تنفيذي بيشتغل تبع اللوائح ....وحتى مرسي كان موظف ..مندوب مكتب الإرشاد في الاتحادية ..بينفذ تعليمات المرشد ..ظروف مصر تحتم عليها إن يكون على رأس الدولة زعيم .. ولما بيبقى فيه زعيم بتبقى في زهوتها ..أحمس ..رمسيس ..إخناتون ..تحتمس .. محمد علي ..عبد الناصر ..السادات ....حتى لو اختلفنا مع توجهاتهم إلا أنهم كانوا بيملكوا صفات الزعامة ..والزعيم دايما عينيه بتبقى مفنجلة على اللي بيحصل في الجغرافيات المجاورة ..مش جغرافية بلاده بس ..وده متوفر في عبد الناصر الجديد ..
ألا يبدو هذا مدهشا ! ..صديق طفولتي من خلال منزله المطل على ترعة قريتنا في دلتا مصر يرى ..ربما ما لايراه نجوم الفضائيات والنخبويين في العاصمة ..
وتلك كانت واحدة من القضايا التي شغلتني عبر العقد الأخير ..ومازالت ..ولم أكف عن الكتابة عنها ..لكن ومثلي- قليلون ممن يقرأون خريطة المنطقة بشكل مغاير لما هو سائد- كمن يؤذنون في مالطة!
فالصراع في المنطقة هو في جذوره صراع قوميات وليس صراعا دينيا أو مذهبيا ..حيث يضم الإقليم ثلاث قوميات ..الفارسية ..والتركية والعربية ..وماالصراعات الأخرى مذهبية أو دينية ليست في معظمها سوى وسيلة لتحقيق أهداف ومصالح قومية.
وبالطبع لاينبغي أن نغفل هذا الكيان الصهيوني المصطنع الذي زرعته الكوليانية الغربية في الجغرافية العربية لتحقيق مصالحها ومانجم عن ذلك من صراعات وحروب مريرة..إلا أنه كيان لايملك مقومات الديمومة ..فهو يتكيء في بقائه على ظروف دولية دان فيها العالم للغرب الاستعماري ..والتاريخ يقول لنا دائما أن مراكز القوى دائما تتغير ..وخلال جيل أو عدة أجيال قد ينتقل مركز القوة من ضفتي الأطلنطي إلى ضفاف أخرى شرقا..كما أن إسرائيل تعاني من تهديدات تتعلق بالتركيبة السكانية والتركيبة الدينية ..تجعل من ديمومة الدولة العبرية على المحك !
كما أن مواجهة أطماع هذا الكيان المصطنع لن يكون من خلال إمارات إسلامية تزرع في قلب هذه الدولة العربية أو تلك ..فما الإمارت والحركات المذهبية سوى أوراق في أيدي القوميتين الفارسية والتركية لإضعاف وتقويض القومية العربية ..وليس للجهاد ضد إسرائيل ..بل أن سعي الفرس والأتراك ل"كنتنة " العالم العربي يتفق تماما مع المخطط الأمريكي ..والحلم الصهيوني ..فالخيار الوحيد أمام إسرائيل لتبقى تمزيق العالم العربي إلى دويلات دينية وعرقية ..تهدر طاقاتها ومواردها في الصراعات فيما بينها.
فالمذهبية الشيعية مجرد عباءة تتخفى فيها طموحات القومية الفارسية ..ولايخفى على أحد الدعم السخي الذي تقدمه طهران لجماعات مثل حزب الله في لبنان وتمرد البحرين و الحركة الحوثية في اليمن والتي تسمي نفسها ب" أنصار الله"" في عام 2012 ضبطت السلطات في صنعاء خلية من الجواسيس الإيرانيين..وفي 23يناير 2013 أوقفت البحرية اليمنية سفينة محملة بكميات كبيرة من الأسلحة الإيرانية في طريقها للحوثيين"
.. وأيضا لايخفى على أحد محاولة تخليق مد شيعي في مصر ..وثمة مركز دراسات يرأسه كاتب مصري ..مهمته الترويج للتوجهات الإيرانية ..ومن الأبحاث التي قدمت في إحدى ندوات المركز دراسة لباحث مصري يطالب بتدويل الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية ..والهدف بالطبع أن يكون لإيران وجود عبر قوات دولية إسلامية تشارك في حماية الحرمين الشريفين !!..والصراع المشتعل في العراق في جوهره صراع بين القومية الفارسية والقومية العربية ..حتى لو كانت الشعارات المرفوعة دينية مذهبية ..وتأجيج العنف الشيعي في العراق واليمن ولبنان وسوريا يدفع حركات سنية متطرفة كالقاعدة إلى أن تلقي بثقلها في الساحة لمواجهة المد الشيعي .
ومن المفارقات المثيرة للانتباه أن إيران إن كانت تستخدم ورقة المذهبية بما تنطوي عليه من عنف وإرهاب بهدف مد نفوذها في المنطقة فالجغرافية الإيرانية نفسها مهيأة لأن تكون ميدانا لصراعات مذهبية وعرقية..
فإذا كان الفرس يشكلون 51% من التركيبة السكانية في إيران طبقا للتقديرات الأمريكية ..فالأذريون "أتراك " يمثلون 24% ..والجيلاك والمازندرانيون 8% والأكراد 3% والعرب 3% بالإضافة إلى عرقيات أخرى ..وطبقا للتقديرات الأيرانية الرسمية يشكل السنة 10% ..بينما تؤكد مصادر سنية أنهم يمثلون 30% ..وتقدرهم مصادر مستقلة ..بحوالي 20% ..أي مايقرب من 18مليونا.
هذا يعني أن إيران يمكن أن تكون تربة خصبة للعنف العرقي والمذهبي ..خاصة مع نبرة التعالي الفارسية الشيعية في التوجهات الرسمية ..
ولايخفي المسئولون في طهران قلقهم الشديد ..فالعديد من التصريحات الرسمية خلال الأعوام القليلة الماضية تؤكد أن إيران لا تعتبر الإسلام السلفي أو الجهادي تهديداً لمصالحها في الشرق الأوسط فحسب، بل للأمن القومي الفارسي أيضا ..ً يمكنه أن يتحول إلى عنف في ضوء حالة الاستياء العرقية في بلوشستان ومحافظة كردستان الغربية في إيران.. وحالة القلق هذه عبر عنها رئيس السلطة القضائية الإيراني صادق لاريجاني في تصريحات له حين أبدى مخاوفه من أن يتحول إقليمَيْ كردستان وبلوشستان إلى أرض تدريب أو ميادين قتال محتملة للمقاتلين السلفيين الأجانب ! وقد شهدت الشهور الأخيرة تنامي الوجود السلفي المتطرف في كردستان وبلوشستان الإيرانيتين
ففي أكتوبر من العام الماضي نظمت مجموعة من الإسلاميين المتطرفين مسيرات في شوارع جوانرود في إقليم كردستان الإيراني، رفعوا خلالها أعلاماً سوداء وسيوفاً، ورددوا شعارات "الله أكبر" وأثاروا الرعب في نفوس سكان المدينة .وفي شهر نوفمبر أعلنت "كتائب عبد الله عزام" المرتبطة بـ تنظيم «القاعدة» مسؤوليتها عن هجوم انتحاري مزدوج على البعثة الإيرانية في جنوب بيروت، وهو الحادث الذي أدى إلى مقتل ثلاثة وعشرين شخصاً، من بينهم الملحق الثقافي الإيراني. كما أعلنت الجماعة ذاتها بأنها نفذت التفجيرين اللذين وقعا في بيروت في 19فبراير الماضي.. ويخشى القادة الإيرانيون الآن من أن يتسع نطاق الأعمال المناهضة للشيعة ليصل إلى الأراضي الإيرانية..:وثمة عمليات تمت بالفعل داخل إيران .. ففي 8 فبراير الماضي أعلنت الجماعة السلفية المسلحة "جيش العدل" التي تعمل في إقليم بلوشستان الإيراني، بأنها قد احتجزت خمسة جنود إيرانيين كرهائن. وفي 5 ديسمبر، قتلت الجماعة ذاتها ثلاثة أعضاء من "فيلق الحرس الثوري الإسلامي".
وقد تكون هذه العمليات في أحد أسبابها ردا على الدعم الهائل الذي تقدمه طهران لجماعات شيعية متطرفة في اليمن والبحرين وحزب الله في لبنان ..وهو الحزب الذي نشأ وترعرع في ظل أبوة فارسية مداعبا الجماهير العربية المحبطة بحلم التصدي للكيان الإسرائيلي الذي تقاعست الأقطار العربية عن مقاومته .!وماكان هذا أبدا هدف طهران من تأسيس الحزب ..إنما زرع كيان تابع لها ويأتمر بأوامرها في قلب دولة عربية ..وهذا ماتحاول أن تفعله في اليمن وعلى الحدود السعودية .. وهو أمر يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي .
وكما نرى فالدولة الفارسية ليست بمنأى عن ألسنة لهب التطرف الديني ..ومع ذلك تسعى إلى تغذيته في الجغرافيا العربية لتفتيتها وإضعافها مما يسهل عليها تحقيق مصالحها القومية في المنطقة ..
و من جانبها تكابد القومية التركية لأن تجد لها مكانا في ميادين الصراع تلك من خلال تقديم الدعم المادي والسياسي والاستخباراتي لتنظيم الأخوان المسلمين ..مداعبة أحلامهم بإمكانية احياء الخلافة الإسلامية ..الأمر الذي يمثل محورا أساسيا في أدبيات الجماعة ..ومن المؤرخين من يربط بين سقوط "الخلافة " العثمانية عام 1924و ميلاد جماعة الأخوان بعد ذلك ب4سنوات ..وكأن تأسيس الجماعة جاء لاعادة إحياء دولة الخلافة..وماكانت دولة آل عثمان بخلافة إسلامية ..بل إمبراطورية استعمارية ذاقت فيها الشعوب المغلوبة على أمرها مثل المصريين أشد وأقسى ألوان الذل و الاضطهاد..,وقد انكشف زيف إدعاءات آل عثمان بأنهم أحيوا مجددا دولة الخلافة ..مع الهزائم المتلاحقة التي مني بها الجيش العثماني أمام جيش محمد علي في ثلاثينيات القرن ال 19 والذي كان يقوده إبنه إبراهيم حيث توغلت القوات المصرية في الأناضول ودخلت كوتاهية ..وأصبحت على بعد أيام من الآستانة..فاستغاث العثمانيون بالقوى الأوربية "الكافرة " لانقاذها ..فكانت اتفاقية لندن عام 1840 التي ألزمت محمد علي بسحب جيوشه والتقوقع داخل الجغرافية المصرية...
.
وهل من شيم خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الثاني أن يوصم مجاهدا مسلما مثل أحمد عرابي بالعصيان والتمرد لأنه قاوم "الكفرة " الانجليز حين سعوا لاحتلال مصر عام 1882؟.
ومانراه الآن ببساطة أن رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان.. وبعد فشل بلاده في الانضمام للاتحاد الأوربي اتجه شرقا ليحاول أن يحقق أحلامه عبر عباءة أخرى ..عباءة الخليفة ..وصدقه الأخوان ..هم أيضا يحلمون بعودة دولة الخلافة ..سواء كان الرأس الأعظم رجب طيبب أردوغان أو كيم آيل سونج ..المهم أن يقول أنه مسلم ..وليس مهما أن تتفتت الجغرافيا العربية إلى ولايات كل مايربطها بدولة الخلافة في الأستانة ..وجود وال ..مهمته الرئيسية وربما الوحيدة جمع الضرائب ولو بالسياط وإرسالها إلى السلطان "الخليفة" لينفق منها على حريمه وخصيانه ..
وما لايعرفه عشرات الملايين من بسطاء المسلمين في العالم العربي أن الاستعمار العثماني كان وبالا على الأمة العربية ..فقد سعى سلاطين بني عثمان إلى تفريغ الحواضر العربية من الصناع والحرفيين المهرة والفنانين والمعماريين ..ومن مصر وحدها نقل السلطان سليم الأول أرباب 51 حرفة إلى الأستانة
كما فرض هؤلاء السلاطين نظام لجباية الضرائب هو الأسوأ عبر التاريخ ..وكان ضحيته الأولى ملايين الفلاحين في الولايات .. حيث كانت تلك الضرائب تحصل مقدما من "الملتزم " والذي يلهب ظهور الرعية لاستعادة ما دفعه أضعافا ..لتصل بعد تقليصها من قبل الوسطاء اللصوص إلى الأستانة ..فتنفق في سفه على شراء الجواري والخصيان ..ويقال في هذا الصدد أن ثلث ميزانية الدولة التي كان أحد مواردها الرئيسية الضرائب التي تنتزع من لحم فقراء الرعية يخصص للانفاق على قصور السلاطين .. وقد أدى هذا النظام الوحشي إلى هروب أعداد كبيرة من الفلاحين وتركهم أراضيهم الزراعية لتتعرض للبوار
فإذا كان النظام الضرائبي مسئولا عن انتشار الفقر والظلم ..فالنظام التعليمي أيضا كان مسئولا عن تفشي مظاهر التخلف والجمود ..
حيث أهمل السلاطين التعليم المدني ..بينما كثفوا جل جهدهم في نشر التعليم الديني المنغلق ..وشاعت حالة من التوجس إزاء الانفتاح الفكري والعلمي الذي شهدته بلدان غرب أوربا..ونظر المحافظون في الدولة العثمانية إلى الكثير من أوجه التقدم في الغرب على أنها بدع تمثل تهديدا للقيم الإسلامية ..لقد اخترع الألماني جوتنبرج حروف الطباعةعام 1453..وكانت نبراسا أمام الطامحين من البشرية نحو عالم أكثر فهما ومعرفة وتواصلا ..ومن بين هؤلاء من ذوي الفكر المستنير عرب ومسلمين ..الا أن الغلبة كانت لفريق آخر في الدولة العثمانية أخافوا الأمة بفتاويهم التي حرمت المطبعة .. ومن وجهة نظرهم أن جوتنبرج ما اخترع حروفه الشيطانية تلك الا لتحريف القرآن الكريم والسنن النبوية الشريفة !
وظلت المطبعة محظورة على العالم الاسلامي لأكثر من ثلاثة قرون الى أن أدرك أولو الأمر ..خاصة مع طباعة كتاب " وصف مصر " باللغتين العربية والفرنسية في مطلع القرن التاسع عشر من خلال المطبعة التي أتى بها نابليون بونابرت أثناء حملته على مصر "1798 - 1801 " أن اختراع جوتنبرج وسيلة حميدة لنشر المعارف ..بما فيها الكتب الدينية ..وما حدث مع المطبعة حدث أيضا في مجالات شتى..حيث كان المتشددون مثلا يرون في الترجمة من اللغات الأخرى خطرا على المسلمين ..
وقد تضافرت هذه العوامل مع انتشار الفساد إلى وصول الخدم والخصيان والطباخين إلى مناصب رئيسية في دولة الخلافة ..ليزداد الجهل والتخلف انتشارا.
فهل دولة هذا حالها ..حتى لو لم تكن أساليبها في تسييس أمور الرعية مشابهة لأساليب الكوليانية الغربية ..جديرة بأن نتباكى عليها! إن أردوغان لايعنيه سوى إحياء المجد التركي ..مستخدما الآخوان المسبلمين حصان طروادة ليتسسل منه إلى قلوب المسلمين البسطاء ..وأحد أسلحته ..تقويض الأمن القومي العربي ..بل وتفتيت الجغرافيا العربية إلى إمارات كما يحدث الآن في ليبيا ..وكما حدث في قطاع غزة ..ومن خلال عملية الكنتنة تلك واستغلال جماعة الإخوان التي أعمتها شهوتها المتأججة للسلطة ..يصبح من السهل لأردوغان تحقيق حلمه القومي العثماني
ومن خلال تلك الرؤية ندرك أن الإرهاب الذي تعاني منه مصر ..المستهدف به الأمن القومي العربي ..والعديد من القادة العرب يعوون ذلك جيدا ....وهم يدركون أن سقوط مصر تحت وطأة الإرهاب ضربة موجعة للأمن القومي العربي ..وبالتالي لهم ..وهم يدركون أيضا أن مصر القوية اقتصاديا ستكون خط الدفاع الأول عن العروبة في وجه المتربصين بها داخل الإقليم أو خارجه ..
لذا..
لايتوانون عن تقديم الدعم السياسي والاقتصادي وبسخاء لمصر ..
لذا..
يأملون أن يفوز هذا المرشح الذي أثبت في ثورة 30 يونيو ..ومن خلال مشاركته في إدارة الصراع ضد جماعة الأخوان والجماعات الإرهابية ..وتلبيته لنداء الدول الشقيقة المدركة للمخاطر التي تحيق بالأمن القومي العربي بإجراء مناورات عسكرية مشتركة ..وإدارته باقتدار لملف العلاقات العسكرية مع القطبين الولايات المتحدة وروسيا .. أنه الرئيس الضرورة !
لكن صديقي ..إبن قريتي ..الناصري بالفعل ..وليس بالميكروفونات يهاتفني منذ عدة أيام مفزوعا ..حاولت تهدأته ..دون جدوى ..بل ويستنكر هدوئي : ألا تشعر بالقلق ؟..المطبلاتية يحاصرون الرجل ....يروجون في الفضائيات أنهم رجاله وسدنة معبده ؟ هؤلاء ينتقصون من محبة الشعب له .. ألا يعرف تاريخهم ؟ ألا يعرف أنهم كانوا أيضا رجال مبارك وصفوت الشريف ..ومنهم من كان في لجنة السياسات!!
قلت بهدوء :
-يعرف.كل هذا وأكثر مما لاتعرفه ولاأعرفه ..ولاأظن أنه سيكون لأي من هؤلاء وجود في دائرة السلطة .. بعد نجاحه بإذن الله ..



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درويش وعزة بدر وأنا ..يالها من قصيدة خالدة !
- الصبر ليس الحرف الوحيد في أبجدية المصريين
- سؤال أماني فؤاد الصعب وإجابتها الموجعة
- أفكار عضو منتسب بوشائج الحب لجمعية الكتاب العمانيين
- هل ينصف مهرجان مسقط موسيقى الأفلام ؟
- الزدجالي ..الأب الروحي لمهرجان مسقط محاصر دائما بالشكوك
- هل مازالت حواء العربية مزنزنة في علبة مكياجها ؟
- مالم تقله النساء
- المصالحة الوطنية بين الحتمية والإمكانية ..في ندوة بجريدة الم ...
- سيدي الرئيس المرتقب ..عليك الاختيار ..إما شعبك الذي يحبك أو. ...
- لماذا يكره الأخوان الجيش المصري؟
- أكذوبة كافكا الصهيوني
- مؤامرة الشعب ومؤامرة الجماعة
- فضيلة التساؤل التي تغيب عن ثقافتنا العربية !
- العروبة المنبوذة صيتا..
- اعدامات الحلم المشتبق لينا
- كلمات مجمد انساغها
- تكسرات الاوابد
- سيميائية الصمت بين رمزية الدليل و عنف التاويل
- نزيف وحي الليل...


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - عودة ناصر في نسخة محسنة عبر صناديق الاقتراع