أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الصحابة الأثرياء : المال والسلطة















المزيد.....

الصحابة الأثرياء : المال والسلطة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 20:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مثل أى منظومة سياسية مُستبدة تـُعتبر (الجماهير) أصفار على شمال المجتمع ، وأنّ من تعارف على تسميتهم ب (النخبة) أو(الصفوة) هم المُـعترف بهم ، ولأنهم يمتلكون (المال) فإنهم يتدخلون فى سياسة الدولة ، حتى ولو من خلف الستار. والمجتمع العربى (بعد الإسلام) لم يشذ عن تلك القاعدة التى تـُكرّس للفساد وضد مصلحة أغلبية المواطنين. وهذا الجانب المسكوت عنه فى الثقافة المصرية السائدة والبائسة ، هو ما كشف عنه أ. خليل عبد الكريم فى كتابه (الصحابة والصحابة- ج2- دار سينا للنشر- عام 97)
المعروف أنّ عبد الرحمن بن عوف كان واسع الثراء لدرجة أنّ محمدًا قال عنه أنه (لن يدخل الجنة إلاّ حبوًا) ورغم ذلك فإنه كان يحصل على (حصته) من (غنائم) الغزوات . ونظرًا لضخامة ثروته منحه محمد رخصة لبس الحرير، دون باقى (الرعية) وقد أراد ابن عوف أنْ يمد تلك الرخصة وذلك الاستثناء إلى ابنه ، فعارضه عمر. وبعد أنْ مات عمر مقتولا وتولى عثمان الخلافة ، تعمّـقتْ العلاقة بين عثمان وابن عوف الذى صرح علانية أنه هو الذى استعمل عثمان ، أى هو الذى سعى جاهدًا ليرسى المزاد على تعيين عثمان فى منصب الخليفة. وكانت تلك العلاقة بين عثمان وابن عوف وغيره من الأثرياء ، بداية تدخل (المال) فى السلطة ، وبالتالى السيطرة على جهاز الحكم . ولكن هذا لم يمنع نشوب الصراع بين (الأضداد) لأنّ بنى أمية غضبوا من مجرد تفكير عثمان فى منح ولاية العهد لابن عوف ، لأنهم اعتبروا خلافة عثمان بداية زمن بنى أمية، وأنه من المستحيل أنْ تنتقل من بعدهم إلى فرع خفيض من قريش . كما أنّ ما يفعله عثمان يُـشكل مخالفة صريحة لوصية جدهم سيد قريش (أبو سفيان) الذى قال لعثمان ((تلقفوها تلقف الكرة.. واجعلوا أوتادها بنى أمية)) وبذلك الصراع بدأتْ العصبية وبدأ التعصب يلعب دوره على مسرح الأحداث التى ستنتهى باغتيال عثمان . فرغم علاقة المال بالسلطة فإنّ هذا لم يمنع ابن عوف من أنْ يشن الهجوم القاسى على الخليفة ، رغم أنّ ابن عوف هو الذى ساعد فى جلوسه على كرسى الخلافة ، إذْ انتقد عثمان بعنف بسبب تخلفه عن شهود بدر الكبرى وبيعة الرضوان وفراره وانهزامه يوم أحد . فلماذا – إذن – رشـّـحه لتولى منصب الخلافة وهو يعلم بهذه (العيوب والمثالب) فى شخصية عثمان ؟ فهل تحالف المال والسلطة أقوى من المبادىء ؟ هذا التحالف الذى بسببه تمّتْ المؤامرة ضد على بن أبى طالبه بحرمانه من الخلافة. وكان من أكفأ المرشحين . ولكن مجلس (الستة) الذى كان عليه أنْ يختار الخليفة الجديد ، لم يكن ليرضى عن على لأنهم يعلمون أو يتوقعون أنه سيكون حجر عثرة وشوكة فى حلوقهم وسيحل دون تحقيق مطامعهم ، عكس عثمان الذى فتح لهم الأبواب جميعها ، حتى غدتْ ثروة ابن عوف تفوق الخيال ، الأمر الذى اعتبره أبو ذر أنه اكتناز. والاكتناز فى النار. كما أنّ عثمان اعترف أنه هو وبعض الصحابة فعلوا أفعالا ، ولا يدرى إنْ كان الله سيغفرها لهم أم لا.
وبسبب ثراء ابن عوف الفاحش تزوّج عشرين امرأة منهنّ خمس (أمهات ولد) والباقيات (حرائر) مع الحرص على الرقم (الشرعى) بالنسبة ل (الحـُرات) وهو أمر لا ينطبق على (العبدات فى منظومة ملك اليمين) إذْ أطلق (الشرع الإسلامى) العدد ، والمسألة تتعلق بثراء الشخص الذى يقتنى أكبر عدد من النساء بقاعدة (ملك اليمين)
وعلى عكس ابن عوف كان الزبير بن العوام من الفقراء وباعتراف زوجته أسماء بنت أبى بكر التى قالت أنها كانت تمشى ثلاثة فراسخ ذهابًا وإيابًا لتحضر النوى لعلف الفرس ، ولكن بعد الغزوات تغير الحال وأصبحتْ هى وزوجها من الأثرياء . وأصبح الزبير من أهل القمة لقرابته من محمد ، فهو ابن عمته وصهر أبى بكر وزوج أخت عائشة. ومنحه محمد لقب (الحوارى) وفى الأيام الأولى من دعوة محمد ، سمع أنّ (الكفار) قتلوا محمدًا فامتشق سيفه وخرج مهرولا. ثم قابله محمد وسأله : ما بك يا زبير؟ فقال سمعتُ أنك قــُـتلت . فسأله محمد : فما كنت صانعًا ؟ قال : أردتُ والله أنْ أستعرض أهل مكة وأجرى دمائهم كالنهر لا أترك أحدًا منهم إلا قتلته حتى أقتلهم عن آخرهم . فضحك محمد وخلع رداءه وألبسه للزبير. وكان تعليق أ. خليل ((كان من الطبيعى أنّ هذا الموقف من الزبير يُـقابل من السماء بالتحية والجائزة السنية إذْ نزل جبريل وقال لمحمد : الله يقرئك السلام واقرأ من السلام على الزبير. وبشره أنّ الله أعطاه ثواب كل من سلّ سيفـًا فى سبيل الله)) لذلك كان بسبب قربه من محمد (رمز السلطة الحاكمة) يمتلك ألف مملوك يؤدون له الخراج ويكدون ويعرقون . وذكر راوى الخبر أنه كان يتصدق بعرق هؤلاء (العبيد) ولا يدخل بيته درهمًا واحدًا من ذلك المال . فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يعتق هؤلاء المساكين الذين ظلمهم هذا الواقع اللا إنسانى ؟ وكيف يُوزع مال (الخراج) وفى نفس الوقت أرسل إلى عائشة أخت زوجته أسماء 180 ألف درهم بعد وفاة محمد ، فمن أين له بهذا المال إذن ؟ كما أنه أقرض عبد الله بن جعفر بن أبى طالب مليون درهم ، فكم كانت ثروته وقتها ؟
وفى الأيام الأولى من (الجهاد الإسلامى) اقتصر على زوجة واحدة هى بنت أبى بكر. وكان الوفاء يفرض عليه ألاّ يُصيبها بكارثة (ضرة) تـُنكــّـد عليها عيشتها وهى التى وقفتْ معه أيام (فقره) وتمشى الفراسخ لتحضر النوى لفرسه. ولكنه لم يصن الجميل وتتزوّج خمسًا عليها وهكذا لقيتْ (ذات النطاقيْن) على يد (حوارى الرسول) الجزاء : عدم الوفاء مقابل الجميل.
بلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار وألف فرس وألف عبد وأمة (= عبدة) ولأنّ الزبير كان مع تحالف (المال والسلطة) ولأنه يعلم أنّ معاوية هو الأصلح ليقود هذا التحالف ، لذلك وقف الزبير فى صف عائشة بنت أبى بكر وزوجة الرسول ، فى معركتها ضد على بن أبى طالب ، وهى المعركة الشهيرة بوقعة الجمل وسالتْ فيها دماء عشرات المئات من (المسلمين الموحدين) الذين قتلهم (مسلمون موحدون) مثلهم من الصحابة والتابعين (رضوان الله عليهم أجمعين) ومع مراعاة أنّ الحرب التى قادتها عائشة ضد على بالاشتراك مع طلحة والزبير، كانت المسمار الأول فى نعش خلافة على ، كما أنها (عائشة) هى التى شجّعتْ ابن هند (معاوية) وحفزته لمحاربة على وهى التى أنهكتْ جيش على . وفى تلك المعركة نبتتْ بذور الشقاق بين شيعة على الذين تحول بعضهم فيما بعد إلى ألد أعدائه (الخوارج) ورأى أ. خليل أنه ((لو لم تحدث معركة الجمل التى قادتها عائشة وطلحة والزبير، لكان فى ميسور على القضاء على معاوية ومن معه من الشوام بسهولة)) وهكذا كان تحالف (المال والسلطة) مع معاوية الحريص على مصلحة الأثرياء ضد الفقراء ، ومشترى الضمائر بالذهب أو قتلها بالسيف ، وتلك سياسة نقيضة لسياسة على بن أبى طالب ، لذلك انضم الزبير لجيش عائشة لمناصرة معاوية.
والثانى الذى انضم لجيش عائشة ضد على كان طلحة بن عبيد الله. وكانت بدايته من متوسطى الحال من الناحية المالية. وعندما جاء إلى المدينة كان خالى الوفاض . ثم أصبح من المُـتربعين على قمة الهرم الاجتماعى نظرًا لقرابته من أبى بكر والزواج من ابنته وبالتالى قرابته من عائشة أهم زوجات محمد وأقواهنّ شخصية. وبسبب كل ذلك نال رضا السلطة الدينية، فورد اسمه فى (كشف) العشرة المُبشرين بالجنة. كما نال رضا السلطة السياسية ، فورد اسمه فى (كشف لجنة الستة) الذين اختارهم عمر بن الخطاب لاختيار أحدهم لتولى الخلافة من بعده . وبذلك تحول طلحة من وضع اقتصادى متواضع إلى وضع مغاير تمامًا ، فجرى المال بين يديه متدفقــًا وامتدتْ مملكته المالية من العراق إلى المدينة تغل عليه مئات الألوف . فباع أرضًا له بسبعمائة ألف . وكان يحصل من العراق ما بين أربعمائة إلى خمسمائة ألف . وعندما رأته زوجته (سُعدى) مغمومًا سألته عن السبب ، قال لها عن كثرة الأموال المُـتدفقة عليه. فقالت له ابعث إلى أهلك وقومك وقسّم فيهم المال ففعل . وكان المبلغ أربعمائة ألف . وكان تعليق أ. خليل ((فكم كانت تبلغ ثروة طلحة الذى (يُبعزق) هذه المئات من الألوف ؟ ألم يكن (العلوج) الفلاحون الذين كدحوا لتجميع هذه الثروة أولى بها من أولئك الذين لا يعملون شيئـًا ، خاصة وأنّ جباية تلك الأموال كانت تتم بالقسر والقهر بل وبالتعذيب الوحشى)) وكان طلحة يُرسل إلى عائشة كل سنة عشرة آلاف . وهكذا كان يتقرّب من رموز السلطة. وقد أجمعتْ المصادر على أنّ غلته كانت ((كل يوم ألفـًا وافيًا)) وقال الواقدى (الوفى) وزنه وزن الدينار. والمسعودى نصّ فى الخبر الذى أورده أنّ الألف دينار الوافى اليومى كانت غلة أراضيه من العراق فقط . ولذلك كان طلحة يُمتــّع نفسه فتزوج عددًا من (الحرائر) كما تسرى بالإماء (أى العبدات) وكما فعل الزبير وانضمّ لجيش عائشة لمناصرة معاوية ضد على بن أبى طالب ، كذلك فعل طلحة ، ووضع سيفه فى خدمة نصير الأثرياء ضد الفقراء.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا فعل الصحابة ببعضهم البعض ؟ (3)
- ماذا فعل الصحابة ببعضهم البعض ؟ (2)
- ماذا فعل صحابة محمد ببعضهم البعض ؟
- مجابهة الأصولية الإسلامية (2)
- مجابهة الأصولية الإسلامية (1)
- شجاعة الشيخ على عبد الرازق وتناقضاته
- العداء الإسلامى/ العروبى للقومية المصرية
- الفرق بين (الجهل) و(الأمية)
- المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف
- قتل الفلاسفة بين المُحرّض والمُُنفذ
- مصر وكيف كانت البداية
- تيارالقومية المصرية قبل يوليو1952 (4)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952(3)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (2)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (1)
- الفن التشكيلى قبل يوليو1952 (2)
- الفن التشكيلى قبل يوليو1952 (1)
- نماذج من الكتب الصادرة قبل يوليو1952
- الصحافة المصرية قبل يوليو1952
- المجلات الثقافية قبل يوليو1952


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الصحابة الأثرياء : المال والسلطة