أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نورا جبران - صدمة انتحار الصغار















المزيد.....

صدمة انتحار الصغار


نورا جبران

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 10:40
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


بات انتحار الأطفال مشكلة حساسة جداً ومعقّدة، يزداد ظهورها على مستوى العالم، من دون أن تأخذ حقها في البحث والدراسة. ووفق دراسات حديثة قليلة أجريت في الولايات المتحدة وسويسرا واليابان، يتضح أنّ هناك تزايداً في انتحار الأطفال والسلوك المحفوف بالأخطار على نحو كان معروفاً سابقاً عن المراهقين فقط.
شهد هذا العام منذ بدايته حوادث مروعة لأطفال قرروا إنهاء حياتهم بطرق غريبة. والحديث عن الأطفال يعني أولئك الذين تبلغ أعمارهم 13 سنة وما دون، وفقاً لتعريف منظمة الأمم المتحدة للزراعة والسكان، التي تحدد عمر الشباب بسن 14 سنة، متداخلاً مع عمر الأطفال الذي تحدده «يونيسيف» بسن من يوم إلى 18 سنة.
واستناداً إلى أخبار الصحف العربية، بدأ العام بانتحار طفلة فلسطينية في سن الـ 13، بعد مشادة كلامية مع والدتها، شنقت على إثرها نفسها بمنديل علقته في مربط بسقف غرفتها. وأفادت الأم بأنها كانت تُدمن مشاهدة المسلسلات التركية وتأثرت ببطلاتها اللواتي ينتحرن.
وفي حادثة أخرى أقدم طفل سعودي في سن الـ 13 أيضاً على حرق نفسه إثر مشاجرة مع والده. وألقى طفل فيليبيني في العمر ذاته، نفسه من الطابق الـ 13 من منزله في الشارقة، بعد تهديد والده له بالضرب بسبب التدخين.
وفي شباط (فبراير)، شنق طفل فلسطيني (12 سنة) ويعيش مع أسرته في الجزائر، نفسه بسبب مشاكل بين والديه المطلقين وظروف العائلة المالية الصعبة. وكان هدّد أسرته بوضع حدّ لحياته، من دون أن يأخذ أحد الأمر على محمل الجدّ. وفي الشهر ذاته، شنق طفل مصري (11 سنة)، نفسه بحبل الحقيبة المدرسية، متأثراً بألعاب إلكترونية تحتوي على مراحل تنفيذ الإعدام.
كما أقدم طفل (9 سنين) وحيد لأسرته، الشهر الفائت بالمغرب، على شنق نفسه أثناء غياب والديه عن المنزل. ورجّحت أسرته تأثره بمسلسل تركي وتقليد أحد شخصياته. وفي المغرب أيضاً، وبالطريقة ذاتها، انتحرت فتاة ( 13 سنة)، من دون أن تفصح هي أو أسرتها عن أسباب ذلك. كما شهدت السودان محاولة طفل الانتحار بربط نفسه بعمود التوتر العالي، بسبب عدم قدرته على شراء الدواء لوالدته، إلا أنه تم إنقاذه.
كما شهد الشهر الماضي انتحار طفلين شنقاً في اليمن، أحدهما في الـ 13 من عمره، بسبب مشاكل أسرية، والآخر في سن الـ11 بعد أن قضى والده في حادث سير.
وآخر الحالات، الطفلة الفلسطينية رهف التي انتحرت في منزل أسرتها، فيما يخمّن والدها أن السبب هو شعورها بالإحباط والقهر نتيجة استهزاء المجتمع بشقيقها «المنغولي» الذي كانت تحبه وتعتني به.
يتساءل كثر ما الضغط الذي قد يعانيه طفل في السادسة أو العاشرة من عمره، لدرجة قتل نفسه، وحقيقة الأمر أن الأطفال أيضاً يتعرّضون للضغوط تماماً كما الكبار، كضغوط النمو والدراسة والإهمال العاطفي، لكنهم لا يستطيعون التعبير عنها، فيتحولون إلى أطفال عدوانيين أو عنيدين أو انطوائيين، إذا فشل الأهل في التعامل الصحيح مع الطفل ومساعدته في التعبير عن نفسه. والحادث الذي يتسبب بانتحار الطفل ليس تافهاً كما نعتقد، وهو غالباً القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إليه.
وتختلف أسباب انتحار الأطفال عنها عند المراهقين والبالغين. وعلى رغم أن القطع بأسباب ذلك لا يزال غامضاً نسبياً بالنسبة إلى الباحثين، إلا أن المشاكل التي قد تشكّل ضغطاً على الأطفال، وتدفعهم لإنهاء حياتهم، تنحصر في:
- الأعباء والضغوط النفسية التي لا يستطيع الأطفال التعبير عنها ولا يُحسن الوالدان مساعدة الأطفال في التعبير عنها.
- مبالغة الوالدين في توقعاتهم في شأن الالتزام الأخلاقي الشديد أو التحصيل الدراسي المرتفع.
- التعرّض للتنمر «البلطجة» من قبل الزملاء في المدرسة أو الحي، بالاستهزاء أو الضرب أو سرقة مقتنياته كما حدث مع طفل أردني (8 سنين) انتحر العام الماضي بسبب سخرية زملائه المستمرة من التشوّه الخلقي في يده.
- استخـــدام الــطــفل وسيلــــة للتفريغ العاطـــفي، فبعض الآباء يحمّلون أطفالهم عبئاً نفــسياً كبيراً بالحديث إليهم عن مشاعرهم السلبية، والتماس الدعم العاطفي منهم، لا سيما في حالة الخلافات الزوجية والطلاق والترمّل، كما في حالة طفلة انتحرت في مصر العام الماضي نتيجة عدم قدرتها على مساعدة والدتها في الخروج من أزمة الطلاق، ووقوع الأم في براثن المخدرات.
- تعرّض الطفل للتحرّش الجنسي أو الاغتصاب وعدم قدرته على البوح لوالديه بهذا الأمر، خوفاً من اللوم أو العقاب.
- رقابة الأهل الشديدة وتدخّلهم في خصوصيات الطفل، حتى تلك التي لا تشكّل خطراً عليه. فيفقد الطفل الثقة بوالديه، أو يصاب بالخوف الشديد من عقابهما، كما في حالة الطفل الذي ألقى بنفسه من الطابق الـ 13 خوفاً من عقاب والده بسبب التدخين.
- معاناة الطفل من اضطرابات نفسية أو مشكلات عقلية لم يستطع الأهل اكتشافها أو التعامل معها.
- تقليد مشاهد تلفزيونية أو أخرى مستقاة من ألعاب إلكترونية يكون فيها المنتحر بطلاً أو تقدّم فكرة الانتحار كفكرة سهلة يمكن تنفيذها، وكسبيل إلى الشهرة، كما في حالة الطفل السعودي (7 سنين) الذي طلب من شقيقته مساعدته لتقليد مشهد انتحار، فرفضت، فشنق نفسه بحزام ربطه في نافذة الغرفة، والطفل السوري (11 سنة) الذي شنق نفسه في حلب تقليداً لـ «نصار» وهو الدور الذي لعبه الفنان بسام كوسا في بطولة أحد المسلسلات.
- ولعلّ الانتحار وفق غالبية الحالات المذكورة بطريق «الشنق» على رغم السن الصغيرة جداً، تأكيد لهذا الافتراض. فهذه هي الطريقة الشائعة للانتحار في هذه البرامج، خلافاً لإطلاق النار على النفس فالسلاح غير متوافر للطفل، وطرق أخرى مخيفة جداً بالنسبة للصغار ولا يجرؤون على تنفيذها.
وهذا يقودنا إلى التساؤل عن الرقابة الأسرية على محتوى ما يشاهده الأطفال، إذ تعتبر هذه المشاهد أكثر خطورة من المشاهد الجنسية. فبينما يركز الآباء في مجتمعاتنا اهتمامهم على إغلاق عيني الطفل عن المشاهد الجنسية، فإنهم لا يولون أي اهتمام لمشاهد العنف أو الانتحار أو التحريض على الكراهية، أو الانتقاص من الآخرين. فتجد الأمهات يتابعن مسلسلات تركية تنتحر فيها البطلة، ويقتل السلطان أشقاءه، ويتزوّج النساء، وتمر فيها العائلات بظروف أسرية غير سويّة، أو تجد الآباء يتابعون أفلام العنف ومشاهد القتل والانتحار، أو يزاولون مع أطفالهم ألعاباً إلكترونية عنيفة، من دون الالتفات لخطورة ذلك.
كيف يمكن كشف نية الطفل الانتحار؟
السائد في عُرف اختصاصيي علم النفس والإرشاد النفسي أن تهديد المراهق بالانتحار ينبغي أن يؤخذ دائماً على محمل الجدّ. فلدى المراهقون الجرأة للقيام بهذا الفعل، وفي حالات كثيرة كان الأطفال هددوا والديهم بنيتهم الانتحار لكن الأهل استهانوا بقدرة الطفل على التنفيذ.
وإذا هدد الطفل بالانتحار أو ظهرت عليه العلامات التالية، يجب أخذ الأمر على محمل الجدّ:
- اضطرابات النوم ( قليلاً جداً أو كثيراً)، فقدان الشهية و/ أو الوزن، العزلة، فقدان الاهتمام بالأنشطة المفضّلة، التغيّب عن المدرسة، العدوانية اللفظية و/ أو المادية، تعاطي المخدرات أو الكحول، إهمال النظافة، ممارسة سلوكات خطرة كالقفز من أماكن مرتفعة أو اللعب بالسكاكين أو تقليد مشاهد عنيفة، الحديث المستمر عن الموت أو السؤال عنه، بث رسائل مقلقة عبر شبكة الإنترنت للأهل أو الأصدقاء، افتعال مشاكل غير معتادة منه في المدرسة، صعوبة في التركيز، الأفكار السلبية حول صفاته ومدى نجاحه.
ما ينبغي اتخاذه:
- إيلاء الطفل الاهتمام الكافي والإشباع العاطفي بالتعبير عن الحب والتواصل الجسدي معه، والاستماع إليه، والسماح له بالتعبير عن مشاعره ومناقشتها.
- استخدام أساليب تعديل سلوك غير عنيفة مع الطفل، والبُعد عن الشتائم وعدم الانتقاص من قيمته، ومناقشته في أخطائه ومنحه فرصة توضيح موقفه، واستخدام أساليب عقاب تتناسب مع حجم الخطأ الذي ارتكبه وليس مع حجم غضب الأب أو الأم.
- في حالة الترمل أو فقدان الوظيفة أو الخلافات الزوجية أو الانفصال، تجنّب الحديث إلى الطفل عن مشاعرك السلبية، وإشعاره بأنه مسؤول عنك ويمكنه مساعدتك. فالطفل يبقى طفلاً ولا يستطيع تحمّل عبء مشاعرك، لأنه لم ينضج انفعالياً بالدرجة الكافية للتعامل مع ألمك أو تحمّله عنك. وتعتبر إساءة نفسية كبيرة للطفل تحمّله عبئاً نفسياً لا يطيقه، وتقتل رغبته في الحياة.
- مراقبة محتوى ما يشاهده الأطفال في التلفزيون والألعاب الالكترونية والحديث المستمر معه في شأن ما يشاهد ويسمع.
- إذا لاحظت أياً من علامات الانتحار المذكورة أعلاه أو هدّد الطفل بالانتحار أو أبلغ أحد أصدقائه نيته ذلك، تحدّث اليه فوراً ولا تتركه وحده، وابحث عن اختصاصي ليساعدك في التعامل مع الموضوع.



#نورا_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفلي عنيد
- التعبير عن الحب .. أنقذ أطفالك من الاضطرابات النفسية والعلاق ...
- اختلاف الأبوين في أسلوب التربية وتأثير ذلك على الأطفال
- الخجل الشديد لدى الأطفال
- مشاجرات الأشقاء
- الإدمان الالكتروني لدى الأطفال والمراهقين
- كيف تجيبين على أسئلة أطفالك حول الموضوعات الجنسية؟
- اللعب والاستكشاف الجنسي عند الأطفال
- من دفاتر الطفولة
- خيانة الذاكرة
- أيّار الياسمين


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نورا جبران - صدمة انتحار الصغار