أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم سوزه - فرانكشتاين في بغداد .. مسخ على قدر الألم














المزيد.....

فرانكشتاين في بغداد .. مسخ على قدر الألم


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 09:16
المحور: الادب والفن
    


قرأت "فرانكشتاين في بغداد" مؤخراً، ورغم بساطة اللغة التي استخدمها الروائي العراقي احمد سعداوي في هذه الرواية التي حازت على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية قبل اسابيع، الاّ انه كان بارعاً في خلق مستويات متعددة للصورة المراد اظهارها لوحشه الفرانكشتايني. هناك صورة مركبة، يفهمها كلٌ منا حسب رؤيته وتفسيره للأشياء.

لقد ترك لنا سعداوي نحن القراء حرية فهم رمزية فرانكشتاين او "الشِسْمَة" كما تسمّيه الرواية. انه رمز ينفع لأي صورة نراها مناسبة. شخصياً اقرؤوها على انها العراق. فرانكشتاين هو العراق. العراق الذي يحضر معنا في السوق والشارع والمدرسة والمقهى والجامع، العراق الذي يقتلنا فرداً بعد آخر، العراق المخلوق المسخ الذي خيّطت الاقدار اجزاءه من بقايا جثث ابنائه وصار عاملاً للقتل اكثر منه رحمة ووطن. ربما احتاج الى شيء من التحديد هنا. فرانكشتاين المسخ هو عراق ما قبل التاسع من نيسان عام 2003 بالنسبة لبعضنا او هو ما بعد هذا التأريخ بالنسبه للبعض الآخر. هو مسخ لكليهما معاً لكنه وطنهم بالنهاية.
اعذروني على هذه السوداوية في الوصف فليس ثمّة وصف افضل من هذا على بلد صار فيه حلم العيش سويةً جنوناً وهذيانا.

كيف لا وسعداوي نفسه يصف فرانكشتاينه البغدادي في الصفحة 335 ما نصه: "ظلت صورته تتضخم، رغم انها ليست صورة واحدة. ففي منطقة مثل حي الصدر كانوا يتحدثون عن كونه وهابياً، اما في حي الاعظمية فإن الروايات تؤكد انه متطرف شيعي. الحكومة العراقية تصفه بأنه عميل لقوى خارجية، اما الاميركان فقد صرح الناطق باسم الخارجية الامريكية ذات مرة بأنه رجل واسع الحيلة يستهدف تقويض المشروع الاميركي في العراق. ولكن، ما هو هذا المشروع يا ترى؟ بالنسبة للعميد سرور فإن مشروعهم هو خلق هذا الكائن بالتحديد، خلق هذا الفرانكشتاين واطلاقه في بغداد. الاميركيون هم مَن وراء هذا الوحش. الناس في المقاهي يتحدثون عن رؤيته خلال النهار، ويتبارى الجميع في وصف ملامحه البشعة. إنه يجلس معنا في المطاعم، ويدخل الى محال بيع الملابس، او يركب معنا في باصات الكيا. أنه موجود في كل مكان." انتهى

اننا نخلقه ثم نتبرّأ منه ، هذا ما يريد قوله سعداوي.

فكرة قيام كائن يتكون من اجزاء بشرية مختلفة لاموات ليست بفكرة جديدة. هي فكرة قديمة شغلت مساحة لا بأس بها في المخيلة السينمائية الامريكية لكن الروائي العراقي احمد سعداوي استطاع توظيفها في سياق مختلف قليلاً عمّا وُجِدَت قصة فرانكشتاين الاصلية من اجله. واعجب من اتهام الروائي العراقي نجم والي لصاحب "فرانكشتاين في بغداد" سعداوي وقوله بأن الاخير قد "سرق" الفكرة بالكامل واقتبس التفاصيل كلها من فيلم "سبعة" وبالانكليزية se7en. ذلك الفيلم الذي مثل بطولته مورغان فريمان وبراد بيت عام 1995. ولأني احرص ان اكون دقيقاً في حكمي، شاهدت الفيلم يوم امس مرةً ثانية بعد مشاهدته الاولى قبل اعوام، ولم اجد ما تحدّث عنه والي اطلاقاً. الفيلم مختلف تماماً عن رواية سعداوي وحزين على نجم والي تلك الكبوة الكتابية التي ستبقى وصمة غير جميلة في سجله الشخصي.

لقد قدّم لنا سعداوي عملاً يستحق الاحترام، حبكة مميّزة وسرد خصب لاحداث ووقائع وشخصيات تتداخل اقدارها بعضاً مع بعض. بناء قصصي عمودي تتحرك الاحداث فيها صعوداً ونزولاً حسب كل فصل من فصول الرواية، اذ لا تسلسل منطقي للاحداث احياناً او هكذا تبدو. تُترك بعض التفاصيل ناقصة وغير مكتملة ثم تكتمل فيما بعد تباعاً لتصبح الصورة اكثر وضوحاً. انه لعمري اسلوب ما بعد الحداثة في كتابة الرواية.

لم يمت فرانكشتاين في آخر الرواية، انه حي لا يموت، يحيا فينا ويتقوّى بنا. انه صنيعتنا المسخ وجزؤنا الشيطاني فحسب.



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن المرجعية الدينية وعلاقتها بالمجتمع الشيعي الجديد
- زعيمنا
- ما بعد الطائفية
- لحظة التغيير
- العراق ميريتوقراطية مشوّهة
- الرجل القوي
- عن المجتمع الروحي والمجتمع المادي
- قصة شعبنا المنهار ... الجزء 2
- قصة شعبنا المنهار
- السعودية تحتضر
- كسبنا البزّاز وكسبتم القاعدة
- الحرب على داعش
- عن المسيرة الحسينية وزيارات المشي المليونية
- ماذا يريد رجل -السُنّة- في العراق؟
- اما السيد المالكي او الفوضى والتقسيم
- رئيسنا حي
- العراق ورقة امل
- السلاحف تستطيع الطيران .. بهمن قوبادي، اسبرين عالج الوجع الك ...
- قراءة في رواية -حزن الحرب-
- باب علي وضلع الزهراء


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم سوزه - فرانكشتاين في بغداد .. مسخ على قدر الألم