أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أماني فؤاد - حوار حول الحب قيمة في حياة الإنسان















المزيد.....


حوار حول الحب قيمة في حياة الإنسان


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 17:31
المحور: المجتمع المدني
    



ــ بداية ما هو الحب من وجهة نظرك ؟

*** البداية الحقيقية لهذا الحوار ربما هو اتساع مداه عن مجرد التجربة الفردية؛ ذلك لأنه بحكم المجال النقدي والإبداعي الذي أعمل به، المتمثل في الاطلاع علي قدر كبير من الأعمال الإبداعية التي فتحت لي عوالم أكثر اتساعا وثراء من أن أحكم علي القيم والمعاني من خلال تجربة إنسان بمفرده، الإبداعات بكافة أنواعها تتيح للمهتم والمشتغل برياض الفن أن تتكثف أمامه كثير من المعاني والقيم البشرية، كثير من متناقضات الإنسان، كأنه يعيش في معرض تتوالي فيه وأمام نظره كل أصناف تجارب البشر بخصوصيتها، بحسبان أن الفن في ذاته تجارب شديدة الخصوصية والحميمية ، وبلا شك أن هذا المعرض الذي أتيح أمامي أثر في تكوين وجهات نظر خاصة برؤيتي بما يفوق طاقة تجربتي الفردية التي تبدو محدودة ، لكنها تعمقت بتجارب الآخرين وبحور مشاعرهم وتنوعها.
في ظني أن الحب هو أن نشعر باتساع ذواتنا وتحولها لبراح يسع حياة آخر، نمتد فيه، نحلم معه، ونفكر من خلاله ، ونتمني سعادته ونجاحه، نشعر بالشغف تجاهه والاهتمام بكل مايتعلق به ، نسعد بالقرب منه ونتوق إليه، ونشعر كأنه منحه من الوجود اختصنا بها ؛ لندرك ونعايش مشاعر وأحاسيس لم يكن يتاح أن نعرفها لو لم نحب ، كأننا ندرك ذواتنا والأخرين والعالم من حولنا إذا ما احببنا وخضنا تجربة حقيقية.
الحب بالمعني الذي استقر الأن في الثقافة البشرية هو صنيعة الإنسان وتطوره الفكري والوجداني بامتياز، لقد استطاع الإنسان في رحلة تطوره أن يحول ممارسة غريزة بقاء النوع إلي هذه العاطفة الجميلة الراقية، شديدة الحساسية والرهافة، ذلك بأن صنع لها وسطا مبدعا ينميها ويرتقي بها ، جعل الممارسات والفاعليات التي تتم لتهيئتها لتحقق هذه الغريزة رحلة ممتدة من الطقوس والعطاءات التي تكتنز الجمال في معايشة مفرداتها ، وربما تبقي جمال الرحلة الأن بفاعليتها أجمل من لحظة الوصول في هذا التواصل.
كما ابتكر الإنسان لتجدد العاطفة طقوسا تهب لطرفيها فرصة العطاء والتعبير عن مكنونهما ، فتغني نفوسهما تقديرا وعشقا يبقي الإنسان في أشد الحاجة إليه
يقول نزار قباني: الحب في الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه
وهو ما حدث بالفعل فلقد اخترع الإنسان هذه الجانب المرهف من العاطفة الصوفية وتفنن في طرق التعبير عنها، وتبقي فرادتها في خصوصية كل تجربة حب منفردة، مهما اشتملت تجارب الحب من مشتركات.
الحب هو أنا وأنت، ربما يكون أوله هزل ويتطور آخره لجد، الحب ممارسة وتجربة يمر بها الإنسان يثبت فيها جدارته بهذه الهبة التي منحت له، أو أنه أدني منها لا يستحقها .


للحب أيضا كقيمة ومعني مراتب ومستويات، ورحلة تطور، يتحول فيها معني الحب ذاته، أما أن يرتقي لمعني عميق لا يغادر الإنسان، أو يذوي ويكون مصيرة الموت والاندثار، ويتوقف هذا علي عوامل كثيرة ، تبقى أهمها إرادة الإنسان، طرفا العلاقة، فالحياة تظل اختياراتنا حتي لو شعرنا أننا مجبرون فيها بحكم الظروف أو الأقدار.

ـــ ماذا عن أهمية الحب في حياتنا ؟.. وكيف كان الحب في حياتك ناقدة وأديبة ؟

*** الحب يلون الحياة ويجعل لها مذاقا، يجعلنا نندهش ونتوق إلي آخر نرتبط به ونحتمل سخافات الحياة في ظل وجوده.
الحب في مفهومه الشامل الذي يبدأ من الحب بين المرأة والرجل، ويظل يتسع في القلوب والعقول ليشمل الوجود فيما حولنا، يغطي الطبيعة بكل ما تحويه .
يمثل الحب قيمة ومعنى جوهري في حياتي لا استطيع أن أحيا دونه ، دائما ما آمنت أن الإنسان الشجاع المنفتح علي العالم بكل موجوداته وقضاياه هو فقط القادر علي الحب ، لا الجبان المرتعش من خوض الحياة بكل معتركاتها .
الحب مسئولية وليس نزهة وقتية نسعد بها للحظات ، ثم عندما نمل منها نعود أدراجنا ، كل تجربة حب حقيقي تأخذ من أرواحنا وتعطينا فنعود منها وبها ونحن أكثر غنى وثراء بما عشناه وأعطيناه وأكتسبناه من تلك التجربة، لا كما كنا .
الحب لا يقتصر علي العلاقة الخاصة بين المرأة والرجل فهو أكثر اتساعا من هذا، أري أن علي الإنسان أن يتعامل مع كل مايحوطه أنطلاقا من الحب : فلا أسمى من عاطفة الأمومة تجاه أولادها ، الصداقة الحقيقية إن توفرت بحياة الإنسان ، حب كل ما يحيط بي: الطريق الذي أمشي فيه ، الطالب الذي أدرّس له ، المقال أو الدراسة التي أكتبها. أن تناولنا للحياة بحب يجعلنا أكثر صدقا مع ذواتنا والآخرين والعمل الذي يسند إلينا.

ــ هل تعتقدين أن الحب مازال موجودا بين الناس ؟

*** بالطبع سيبقى الحب علي الكرة الأرضية طالما بقي الإنسان ، الإنسان كائن اجتماعي يحتاج أن يشعر بالحب والتقدير ، كما يحتاج أن يهب الآخرين حبا وتقديرا وعطاء ، اتحدث هنا عن البشر الأسوياء غير المرضي بالأنانية والقسوة .
الحب ليس حاجة تقتصر علي البشر بل تنسحب على كل الموجودات ، لقد علمني وجود قطة بحياتي ــ رغم رفضي لها أول الأمرــ مالم أدركه عن الحيوانات قبل وجودها، فهي تهبني طاقة من الحب لا يمكن وصفها ، كما أنها بحاجة إلي الحب والحنان كالبشر تماما ، ربما تتبدي في البشر قسوة لا توجد في تلك الحيوانات الأليفة. في العطاء لذة وقيمة لا يدركها إلا أصحاب النفوس المرهفة ، عكس من يتقولون بالحب بلا إلتزام أو مسئولية ، أتصور أن من ينادون بهذا لا يشعرون بحب حقيقي .

ــ قصة الحب الأول في حياتك .. نجحت .. أم فشلت .. وماذا استفدت منها ؟

*** ما توهمت أنه قصة حبي الأول أستطيع أن أدعي الأن أنها فشلت ، لأنها مشاعر لم تخرج من داخلي ، لم أستطع أن أبوح بها حتى للطرف الأخر ، أحاسيس لم تأخذ حقها بأن تختبر بالحياة ، أو التبادل مع الطرف الآخر ، مثل تجاربنا الكثيرة ونحن لم نزل في طور عدم تحدد ملامح شخوصنا، أو ما نطلق عليه فترة المراهقة .
الجميل في الحب عندما يكون صادقا وحقيقيا أن الإنسان يشعر مع التجربة التي تستولي عليه أنها تجربته الأولي والأخيرة ، ورغم عدم إقتناعي بثبات الأشياء والمعاني وعدم تغيرها ، وتاريخيتها المستمرة ، إلا أن الحب الحقيقي عندما يجتاح الإنسان يشعر أنه ملاذه وخندقه، براحه الداخلي الذي يتمني العيش فيه طيلة الحياة ، ويرى بعض المفكرون أن تلك علامة حب حقيقي .

ــ الحب في حياة الأدباء هل يختلف ؟

***يظل المبدع إنسانا تتفق مشاعره مع البشر العاديين في مستوى من المستويات ، وتختلف في مستوى آخر ، يتمثل ذلك في رغبتهم في التجاوز وتجريب وارتياد كل كهوف الذات البشريه ودهاليزها ، خوض الغريب والمثير من العلاقات، والتساؤل المستمر في كنهها وتطوراته .
أتصور أن المبدعين أكثر حساسية وانفتاحا علي العالم من حولهم ، أكثر احتياجا لمشاعر الحب ، فهي تؤجج قدراتهم الإبداعية، وتجعلهم شديدي التوهج ، وهو ما قد يخلق حالة من الإبداع الجميل الحيوي ، الاختلاف يرجع هنا إلي الدرجة وطريقة التعاطي مع هذه الهبة الجميلة ، فالحب تجربة بشرية مثيرة .


ــ احك لنا قصة حبك للأدب والشعر ؟

*** بدأ تعلقي بالأدب في سن صغيرة للغاية مع أول القراءات التي تتاح للأطفال، وقبلها كانت البداية مع حكايات جدتي لأمي ، أتذكر أنها في ليالي الشتاء كانت تجمعنا في دفئها وحكاياتها الخيالية وتشغل عوالمنا بهذه الانطلاقات الغرائبية التي لم اصنفها وقتها ، هل هي خيال أم واقع ؟ ولم ينشغل ذهني بهذا في ذلك الوقت ، فنحن لا نبدأ تصنيف العالم والأحداث من حولنا إلا حينما نكبر وتتعقد تصوراتنا، نتلقى العالم في طفولتنا باساطيره ولا نبحث في معقوليتها من عدمه، وربما ذلك ما يبرر أزدهار الأساطير في طفولة البشرية إن استطعنا أن نطلق هذا التعبير.
البداية الحقيقية لما يمكن أن اسميه أدب كانت مع مكتبة والدي وعيون الأدب العالمي المترجم من الرواية، أما الشعر فكان مع ديوان أحمد شوقي حين أعارني مدرس اللغة العربية أياه في المرحلة الإعدادية لقراءته بعدما لمس ميلي للأدب، بعد محاولات مع الديوان لم يستهوني كل الشعر الذي كتب من أجل المناسبات ، وشعرت معه بغربة ، وجدت بحس الصبية الصغيرة أن هناك شيئا مصنوعا ، كما أن لغته أحتوت قدرا من الصعوبة، فعدت به إليه وشرحت له ذلك، ثم وجدته في اليوم التالي يأتيني بمجلد رائع الطباعة للجزء الثالث من الأعمال السياسية الكاملة لنزار قباني، قرأته وأعدت القراءة لمرات، وهمت به فرحا من الجانب الفني والعاطفي والفكري ، استهواني هذا الشعر الغيري والذاتي في الوقت ذاته ، وشعرت بتلقائيته ، ولم أجد صعوبه في فهمه ولم يكن عمري وقتها قد تجاوز الرابعة عشر ، وهنا يجب أن أشير إلي دور المدرس وأهميته في تفتح وعي تلاميذه ، لأنني أتذكر أنه بعد هذا الديوان الذي لم أكن أريد أن أعيده إليه ، وحرصت علي شراءه فيما بعد ، أحضر لي تباعا أعمال صلاح عبد الصبور منذ "الناس في بلادي "حتي أخر مسرحياته ، أتذكر أنني ذهبت إليه بعد قراءة الديوان لأقول له أن المفردات لا تتضمن صعوبة لكن المعني كثيرا ما لا اتبينه ، فإذا به يسعد بتعليقي ويشجعني ، ويقول أن المعاني ستتضح مع دربة القراءة وتراكم الثقافة والوعي بالعالم من حولنا ، وحثني علي قراءة كل ورقة تقع تحت يدي وهذا ما نفذته بالفعل طيلة حياتي. ولم يزل نزار ووعبد الصبور وأمل دنقل من أفضل الشعراء لدي، رغم دراستي لشعر الحداثة وما بعدها واستبطاني للجماليات الجديدة في التياريين الأدبيين، واستمتاعي بنماذج متعددة منهما .

ــ ما رأيك في الحب زمان والحب الآن ؟

*** الحب ذاته كقيمة لم يتغير، لكن تعامل الإنسان مع هذه المعنى وتقديسه له أو استخفافه بها هو الذي تغير، الوسط البيئي والثقافي والاجتماعي، والواقع الافتراضي الذي أصبح يتنفس فيه الحب هو الذي تغير، الحب منذ عقود قليلة كان يحظى باحترام هذه المشاعر وصيانتها والحدب عليها علي نحو أكبر، كما أن المناخ المجتمعي الذي كان يتنفس فيه كان أكثر تحفظا ؛ لذا اكتسب مايشبه الطقوس السرية، وهو ما وهبه نوعا من التقديس في نفوس الأحباء.
أما الأن فظروف المجتمع وصعوباته الاقتصادية والمجتمعية تجهض الكثير من قصص الحب، كما أن الانفتاح الثقافي وتعدد المذاهب الفلسفية وتراكم المعارف، ولدت الإيمان باللايقينيات، وقد تُفرغ بعض هذه النظرات الحب، وما ينتظره المحبون من ديمومة هذه العلاقة من محتواها ، وهو مايهدد وجود الحب بشكل ما ، ويجعل الإنسان لا يعول عليه وجودا دائما أو ممتدا في الحياة ، فيفقده قداسته وخصوصيته ، هذا عند طائفة من البشر، طبقة أخري قد تفسر النزوات والإعجاب وممارسة العلاقات الجنسية بالحب تحت دعوة الحرية، وهو بعيد عن جوهر الحب الذي ذكرت لك أنه مكون من طوابق متعددة، قد تحوي كل هذا، لكن الحب يبقي أكبر من كل ذلك، فهو يمتلك شيء لا أرادي يغزو جانب من الإنسان، وروحاني وغير مفسر، ولا مبرر وجوده بين هذين الشخصين بالضرورة .

ــ مفهوم الحب وتغيره مع تطور الإنسان وتقدم السن أو الثقافة ؟

*** أتصور أن احتياجنا للحب لا يتأثر بالسن أو الثقافة أو أي متغيرات، يظل الإنسان بحاجة إلي هذه العاطفة بكل أشكالها وفاعلياتها طيلة حياته، ربما ما يتأثر فقط شكل فاعليات الحب ، تتأثر بتقدم السن فتصبح في بعض الحالات أنضج ، كما تتأثر بالثقافة ويصبح الحب في علاقة طردية مع ارتفاع نوعية الثقافة، وعمق احساسنا بتجربة الحب ، المثقف الحساس ربما يوقف الزمان للحظات في مخيلته وعقله ؛ ليشعر بتفاصيل جمال هذه العلاقة المبدعة في حياة البشر التي لا تتكرر بحياة الفرد إلا نادرا ، حتي وإن اكتنفها وداخلها ما داخلها من عذابات ، الحب تجربة تصهر الإنسان بالفعل وتجعله يواجه ذاته والآخر والعالم من حوله فتثريه.



ــ ما رأيك .. هل يؤثر إلغاء دعم الحكومة للفقراء علي حالة الحب في مصر ؟

*** الفقر والجهل وغياب الحكومات وتقصير مؤسسات الدولة عن توفير حياة كريمة للبشر يؤثر بلا شك في تقبل الإنسان للحياة بصورتها الكلية، وهو ما سيؤثر حتما علي الحب ، هل يمكن للإنسان المطحون الباحث عن لقمة عيشه ، لتسد رمقة بالكاد أن يشعر بقدرته علي أن يهب حبا أو يتلقاه ، وإن حدث وهو وارد لأن الحب حاجة أساسية في حياة البشر، فسرعان ما يخفت تحت وطأة متطلبات الحياة، أو أن يعاش فقط نوعا من الغرائز التي لا تحمل بعدا روحيا ، بل تؤثر وقتها علي خلخلة منظومة قيم المجتمع، وتصنع حالة من عشوائية العلاقات كعشوائية وفوضي المجتمع .

ــ ما رأيك في أثر غياب الحب علي الحالة السياسية والاجتماعية بين الناس ؟

*** حين يغيب الحب تغيب الثقة في الآخرين ، ويحل محلها التوجس والريبة من الآخر وتوجهاته وأهدافه، وهنا تمارس كل جماعة إقصاء المخالف لفكرها والتشكك في أغراضة ونفتقد حينها الأرضية الواحدة التي ينبغي أن نقف عليها جميعا، وطنا واحدا يضم ويحتضن كل فصائله وطوائفة سياسيا ودينيا وعرقيا شرط عدم المساس بالدم أو التخريب المتعمد، يتجلي في مجتمعنا في اللحظة المعاصرة التي نحياها أثر غياب الحب والتفاهم والأهداف العليا المشتركة .

ــ ما رأيك في الشك – الغيرة ؟

*** يتضمن الحب فيما يتضمن من مشاعر شكا وغيرة، وقليلهما ممتع ومفيد شريطة أن لا يتضخما فيقضيا علي الحب من جوهر وجوده ، بل يصبح الشك أحيانا هو المقبرة التي تطوي الحب بلا رجعة ، لكن الحب في أحد مستوياته يحتوي قدرا من الشعور بالخصوصية والتملك، والخيط بينهما ــ الحب والملكية ــ رفيع وشديد الرهافة ، تشعر الأنثي وكذلك الرجل لأني لا أومن كثيرا باختلاف المشاعر بين الجنسين ، لكن الاختلافات تأتي فقط من ثقافة المجتمع الذكورية التي تهب الرجل حقوقا واستحقاقات للهيمنة والتحكم في مصير المرأة وخطواتها يشعرا بملكية من نوع مميز، وهنا أتصور أن مناخ من الشفافية والمكاشفة بين الطرفين يخلق تواصلا وتفهما يزيد من وهج هذا الحب ، وتلك العاطفة القابلة للتطور وأن تصير أكثر عمقا .

ــ ما رأيك في مفهوم المتشددين للحب وتحريمهم الاحتفال به ؟

*** قصور في منظور تقبلهم للحياة البشرية، وعدم وعي بها وعدم إدراك لعلوم النفس ، الحب هو التميمة السحرية التي تفتح مغاليق كل البشر حتي أعتي العتاة، وأشدهم غلظة قلوب .

ــ كيف كانت مواصفات شريك حياتك ؟
*** أرتبطت في سن صغيرة ولم تكن قد تشكلت لدي رؤية واضحة لمواصفات خاصة ، لكنني أتذكر أنني كنت منذ ارتبطت، ولم أزل ، يستهويني عقل الرجل عميق الثقافة ، صاحب الأفق المتسع ، الذي يستطيع أن يعبر عن إرادته حرة واعية ، يستهويني في الرجل رجولته، ودرجة استيعابة واحتوائه لامرأته، التي قد تتضمن نوعا طفيفا من هيمنة غير مباشرة ولا قهرية، تشعر المرأة بالأمان مع هذا الرجل المبادر والمحتوي.


ــ بالعقل أم بالقلب اخترتيه ؟

*** أتصور أنني أختار بالاثنين معا ، فأنا لا أومن بتلك الثنائيات والحدود التي اصطنعها البشر ليوصفوا حالات الإنسان المتطرفة، الذات البشرية أكثر تعقيدا وتداخلا من هذه الحدود ، هناك تقاطعات في حيواتنا وكثير من الأمور البينية المتداخلة، فنحن نتلقي العالم مركبا ، ولا نتعامل معه ونحن في حالة انشطار ، هناك حالات من الحب تقع وتعاش وفيها يشعر الإنسان أنه لو ترك تقييم الأمر لعقله لرفض هذه التجربة ، لكنها تحدث وأتصور أن الحب يتضمن في مجمله شيئا غيبيا ، ميتافيزيقيا لا نستطيع تحديده أو تأويلة ، لكنه موجود هكذا، ومن هنا قد تأتي عذابات الحب وهي جزء أساسي منه .

ـــ هل أنت رومانسية ؟ وما هي الرومانسية من وجهة نظرك ؟

*** هل ندرك ذواتنا علي هذا النحو القاطع الواضح بما يمكنني من الإجابة عليك مطمئنة !! أتصور أني عقلانية ورومانسية معا ، أنا هذه الاثنتين .
الرومانسية قد تتمثل في شعورنا بجمال الأشياء والعلاقات والبشر ، أن نلتقط المبهر والمدهش بالحياة ونوقف عندهما عجلة الزمن لنرتشف أنفاس هذا الجمال ، ونعيد تكراره حتي ولو كان محض خيال، الرومانسية أن لا نترك الحياة بوطأة مشكلاتها تلتهم سنين عمرنا دون أن نختلي بأنفسنا أو بأحبائنا لنعيش معهم لحظات سعادة ، ربما لو مرت الحياة من دونها لفقدت معني وجودها تماما.
تبقي العقلانية بداخلي في اختيار مع من أعيش هذه اللحظات ؟ وماهي مواصفات شخصية الرجل الذي يستحق أن أهبه هذا الوجود المفارق الصوفي الرائق؟ الذي لا يناله كل البشر بالحياة.

ــ ما رأيك في زواج الصالونات ؟

*** لا أفضله وأن كانت هناك تجارب ناجحة فيه ، لكنني لا أشعر بالراحة تجاهه ، بل أشعر كأن هناك عملية عرض مقصودة ومخطط لها ، كثيرا ما يكتنفها الزيف والإدعاء ، لكن الملاحظة التي أود أن أنبه إليها أن نتائج زواج العلاقات التي تأسست علي الحب لا يضمن لها النجاح بالضرورة مثلها مثل زواج الصالونات، ذلك لأن الزواج كمؤسسة في حد ذاتها ــ إن لم يتم التعامل معها بذكاء شديد ، ونوع من التضحيات من أجل كيانات الأولاد كيان يخنق الحب ويحوله إلي اعتياد وملل وواجبات مفروضة ، الزواج يتحول مع الوقت إلي نوع من الحب والتفاهم والتواصل القائم عل تحقيق أهداف مشتركة أهمها سعادة الأبناء ومن ثم الوصول بهم لحالة من الاستقرار.

ـــ ما رأيك في حب المراهقة ؟

*** جميل ويتضمن بكارة العواطف ونقائها ورومنسيتها ، لكنه يبقى مرحلة لا بأس أن يمر بها الإنسان، ذلك لأن كل تجربة نعيشها تصهرنا بشكل أو أخر وتترك فينا طبقة من تكويننا الإنساني وهو ما يثري حياتنا .
لكنه عادة ما ينتهي بعدم الاكتمال نظرا لقصور الخبرات الحياتية وعدم فهم ما تريده الذات لنفسها، وقصورالامكانات الاقتصادية.

ــ ما رأيك في الثورات العربية وعلاقتها بحب الأوطان ؟

*** لم تزل الثورات العربية في طور التشكل والانصهار ومن التسرع الحكم اليقيني الذي يتضمن رؤية واضحة لها الأن، لكن بلا شك أن الثورة المصرية منذ 25 يناير كانت تتضمن حلما وتوقا بالحرية والعدل والكرامة ، أسفرت عن طاقة حب لهذا الوطن لا حدود لها، أتذكر أنني في أول شهورها رأيت قدرا من الحب والحلم في عيون الشباب وجموع الناس لا سبيل لتزيفها أو وصفها بأنها مصنوعة أومخطط لها من آخرين . أتصور أن الحب لا يمكن أن لا يبين عن ذاته في عيون المحبين، أو أن يزيف .

ـــ مع من وكيف احتفلت بعيد الحب ؟

*** أحتفل عادة مع أسرتي، زوجي وولديي وأخوتي ، نجتمع أسرة كبيرة ونقيم مائدة من المأكولات كشأن المصريين الجميل ونجلس معا ، نتحاور ويمتد بيننا التواصل والود .

ــ ما هي رسالة الحب التي تريد توجهيها للشعب المصري ؟

*** الرسالة التي كتبتها وأعيد توجيهها مرارا: الوطن يسع الجميع و يجب أن نتقبل اختلافاتنا ونشعر بالجانب الإيجابي فيها ، والقيمة الثرية في تعدد الهويات التي تشكل مزيج الشخصية المصرية ، الحب طاقة فعل هائلة من خلالها يمكن تهيئة مناخ حوار ومراجعة مع من لم يرتكب جرائم الدم في السنوات الأخيرة ، علينا أن نسع خلافاتنا ونحاورها ونحاول الوصول لحلول تنهض بمصرنا جميعا ، نعلي من شأن دولة القانون والمواطنة ،وأن نعمل بإخلاص كل في موقعه.



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ...في جسد واحد -قصة قصيرة-
- الذاتية وتقنية القصة القصيرة في المجموعة القصصية -كل شيء محت ...
- يوسف القعيد ..مثقف الشعب وحكائه
- ماركيز.. لتنبعث طاقتك في عوالم أخرى
- جماليات الفوضي في الرواية المعاصرة..-نبيذ أحمر- نموذجا
- سرد الومضة في رواية -وصمة الفصام- للروائي حسين عبد الجواد
- تشظي الحبكة الروائية في -سيرتها الأولى- للروائي محمود عبد ال ...
- قراءة معاصرة لرواية -الحرب في بر مصر- للروائي -يوسف القعيد-
- كقطة مدللة .. - قصة قصيرة -
- حضور الكتاب .. غياب القارئ
- الأمل .. كيان امرأة - رؤية نقدية لرواية -زينة- لنوال السعداو ...
- لست بعورة ..
- السرد النفسي الشاعري في -امرأة ما- رواية لهالة البدري
- تداخلات السرد وفوضي العلاقات في رواية -هكذا يعبثون -
- إله حداثي يقوض الغيبي ..ويعلي العقل في - كتاب النحات -
- بحجم اللحظة .. بل أكثر .. - قصة قصيرة -
- الإنسان ..ونخبوية الفن
- أحلام - فرح - .. -قصة قصيرة-
- غطرسة البُندقية .. ورحابة المسرحية
- - هذا أنتَ .. - قصيدة نثر


المزيد.....




- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أماني فؤاد - حوار حول الحب قيمة في حياة الإنسان