أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - السياقات المعززة لضرورة الحفاظ على التراث الشفاهي والتقاليد بحوض درعة بالمغرب















المزيد.....



السياقات المعززة لضرورة الحفاظ على التراث الشفاهي والتقاليد بحوض درعة بالمغرب


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 11:22
المحور: حقوق الانسان
    


إن تدوين التراث الشفاهي بالجنوب الشرقي، بما هو تقاليد شفاهية تتمثل في عادات اجتماعية، طقوس وشعائر وممارسات من جهة، أو بما هي معرفة، أشعار وقصص وأمثال تتداول شفاهيا، ومخطوطات غير محققة وغير منشورة، مرتبط أشد الارتباط بإعمال حقوق الإنسان الثقافية. ويندرج التراث الشفاهي والعبارات ضمن التراث غير الملموس المحدد في المادة 2 من اتفاقية باريس لسنة 2003 (اليونسكو)(1).
ولقد طرحت الشفاهية إشكالا كبيرا في الجنوب الشرقي عامة، وفي حوض درعة بشكل خاص، في السنوات الأخيرة، حيث عرض التراث الشفاهي للتدوين في بعض المناطق ونودي للتدوين بأوساط أخرى بصوت مرتفع. فهي ليست شفاهية محضة «Une oralité pure» غير ذات اتصال بالكتابية، ولكنها شفاهية مزدوجة نشأت في أوساط قبلية لاتزال تعتمد الكتابية في تدوين عقودها والتزاماتها، ومنها التي ذهبت بعيدا في تدوين الفتاوى والأذكار والأمداح والأعراف، في الغالب، ونسخ المخطوطات، إلا أنها لا تدون الأشعار غير الدينية والأمثال ذات الصلة بالثقافة غير العالمة، ولا تعتني بتقاليدها الشفاهية، أوساط يميزها أيضا أنها تملك القدرة على مقاومة النص الكتابي بتكييفه ليتلاءم وما تقتضيه الهوية الثقافية لمجتمعات الجنوب الشرقي.
وبفعل تفوق بعض المناطق في التكييف، تكييف النصوص المكتوبة لتتجانس والأنساق الثقافية، استطاعت أن تحمي نطاقا واسعا من التعود، يحتضن بعض التقاليد الشفاهية التي تعود إلى الماضي التاريخي القديم، ويزخر بتعدد الفرق الفنية، حوالي 14 فرقة بإقليم زگورة على سبيل المثال، واختلافها، بشكل يتناسب وتعدد العشائر الإثنية، ويتمتع أهله، في أحسن الأحوال، بسيادة مقاربات في التحصين والدفاع الذاتي وضمان أمن الحياة الثقافية، داخل قرى زراعية محصنة تطورت إلى قصور، وقصبات ولا تزال بناياتها تقاوم الدهر.
وإذا كانت بعض التقاليد الشفاهية ذات مرجعية دينية كتابية، طالما تأثرت بالفتوى، وامتثلت لثنائية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الثقافة الشفاهية المتمثلة في الأشعار والحكايات والقصص والأمثال، جلها فصول من الفن المحض والإبداع. ذلك أن التفكير ذا الأساس الشفاهي يكون، في الغالب، في شكل شعري، وإن لم يكن فإنه يميل «إلى أن يكون إيقاعا بشكل ملحوظ، لأن الإيقاع، حتى من الناحية الفيسيولوجية يساعد على التذكر»(2). وكل فصول الشعر والتفكير الإيقاعي منتظمة في أنساق ترتبط ارتباطا وثيقا بالهوية الثقافية للعشيرة (أو العشائر). إن الحفاظ عن الهوية الثقافية وضمنها التعدد الثقافي الذي يتناسب والتعدد الإثني في الغالب، مطلب حقوقي يتصل بإعمال الحقوق الثقافية وصيانتها من الانتهاك. ولبلوغ هذا الشأو والمتمثل في الاعتناء بالهويات الثقافية، لا بد من وسائل منها ما هو متاح، للآن، كالتدوين الكتابي ومنها ما يستدعي بعض الجهود كالتصوير الفوتوغرافي والتضمين في أفلام وثائقية وغير ذلك، دون إغفال أن مطلب إنجاز الحفريات في معظم المواقع، وتحقيق المخطوطات والتعريف بالأماكينية وتصحيح المسميات المشوهة منها، بات أيضا مطلبا حقوقيا قائما.
إن الحفاظ على الهويات الثقافية بما هو مطلب حقوقي قائم على سياقات متعددة منها ما يرتبط بالتاريخ الشفاهي المحلي للجنوب الشرقي، ومنها ما يتصل بالشفاهية ذاتها كمعرفة وكثقافة غير عالمة، وما يرتبط بالسياق الحقوقي الجهوي والوطني والدولي المرتبط بالتحولات، وما هو قائم على مجهود بعض المؤسسات كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي حل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على سبيل الحصر.
1- الشفاهية المحضة والشفاهية المزدوجة (إشكالية مقاربة مجال البحث بدرعة الوسطى)
كلنا يعلم تراجع الكتابية بالجنوب الشرقي الذي صادفت بدايته تراجع الدور القيادي للمنطقة القائم على ازدهارها الاقتصادي طيلة العصر الوسيط، بفعل دور الوسيط التجاري الذي كانت تقوم به بين حواضر المغرب شمال جبال الأطلس الكبير، وأفريقيا جنوب الصحراء، وقبله، إن نزعنا نحو تغليب الظن أنها - المنطقة - شهدت في القرن العاشر قبل الميلاد نشأة مملكة يهودية، تحولت من بعد إلى مملكة مسيحية، أو إلى مملكتين إحداهما يهودية والأخرى مسيحية(3)، لأن من الباحثين من لم يتفق حول هذا الافتراض(4) الذي يفيد وجود اليهود العريق والمنتظم في مملكة ذات شأن بحوض درعة (واد الزيتون). ويعنينا أن سوس الأدنى وسجلماسة، أو بالأحرى إقليم درعة الجغرافي وإقليم تافيلالت، كانتا بساطا للكتابية، منذ وقت مبكر من تاريخ المغرب. ولا يزال آثار الكتابية الدينية بارزا في الكثير من العادات (عاشوراء، تابيانوت، العنصرة).
صحيح أن المنطقة لم تخل من أوساط شفاهية محضة. وحسبنا أنه لم يثبت أن أخضعت الكونفدرالية القبيلة «أيت عطا» لأي سلطة مركزية، لذلك فهي وسط شفاهي محض في أجواء الاستقرار، لكنه في وسط الترحال والانتجاع عشائر كثيرة لم تكن بمعزل عن الأوساط الكتابية قبل إقدام بعضها على الاستقرار، لأنها لا تفتأ تحرر العقود لتضمين الاتفاقيات القبلية ولتوثيق المبيعات من الممتلكات والمشتريات منها شأنها في ذلك شأن قبيلة القصر المستقرة. وبعبارة أخرى، لئن كانت الكونفدرالية القبلية «أيت عطا» تطرح إشكال تحديد ارتباطها بالشفاهية المحضة أو الشفاهية المزدوجة فإن نزوعها نحو الاستقرار باحتلالها بعض المواضع بدرعة الوسطى وتافيلالت يجعلها تندمج في مجتمعات ما بعد تراجع الكتابية، وذات شفاهية مزدوجة أيضا. ذلك أن نزول «أيت عطا» إلى المنبسطات بدرعة وتافيلالت، دون إخلاء جبال الأطلس الصغير، وإن صادف ذلك بداية التدهور الاقتصادي للمنطقة، وتراجع الكتابية فيها جعل «أيت عطا» تندمج في مجتمع شبه كتابي. وفوق ذلك فالجنوب الشرقي، وإن لم تعد بعد منتصف القرن الثامن عشر الميلادي تلعب دور الوسيط التجاري، حيث نما الاهتمام بالمحيط الأطلنتي وعوضت السفن الشراعية الجمال بما هي من قبل سفن الصحراء، فإن ذلك لا يفيد بالمرة نزوعها نحو الانغلاق الثقافي. والقياس يصح بالخصوص على الكونفدرالية القبلية «أيت عطا» التي لم تنزع هي الأخرى نحو الانغلاق الثقافي، إذ ظلت تلقي دوما باللائمة على تحالف «أيت ياف المان» الذي حرمها من حقها من الهجرة من الجنوب إلى الشمال، شأنها شأن بني مطير، أيت عياش، بني وارين، أيت يوسي، عرب بني أحسن (الدخيسة)، زيان. ويعنينا أن «أيت عطا»، وإن كانت تطرح بعض الإشكال في تصنيفها ثراتها الثقافي بين الشفاهية المحضة والشفاهية المزدوجة، فإن شأنها الثقافي يستدعي التعاطي مع الكونفدرالية كوحدة سوسيوثقافية متجانسة تمتد من تافيلالت شرقا إلى بلاد درعة غربا أي أنها غير خاضعة لإكراهات التقطيع الإداري، أو بالأحرى لا يجب استحضار ذلك التقطيع في كل ما له علاقة بالشأن الثقافي. وبمعنى آخر، فتدوين تراث الكونفدرالية القبلية «أيت عطا»، لا ينبغي أن يحتكم للتقطيع الإداري الإقليمي، لأن القبيلة متواجدة في الأقاليم الأربع للجهة، والثابت أن من عشائرها التي راحت تمارس الترحال وتحمل نسقا ثقافيا شفاهيا محضا، ومنها التي استقرت منذ مدة ومكنها ذلك من أن تحمل شفاهية مزدوجة داخل فضاء القصر حيث يسود التدوين. فالكونفيدرالية القبلية «أيت عطا» تشكل، قبل كل شيء، وحدة سوسيوثقافية متجانسة فوق النطاق الإداري، وتحمل شفاهية محضة وشفاهية مزدوجة حسب الأوساط.
ولم تخل المنطقة من وحدات أخرى متجانسة إن على المستوى الثقافي أو المستوى السوسيوثقافي، وحسبنا أن سدراته «أيت سدرات»، عكس التحالف القبلي «أيت عطا» هاجرت من الشمال إلى الجنوب حسب ما ترويه بعض المصادر التاريخية، واقتنعت بمستوطنها الجبلي بالأطلس الكبير الأوسط وفي منبسطات جنوبه بحوض دادس، واستطاعت مع مرور الزمان أن تنشئ تراثا ثقافيا غير مطبوع بشفاهية محضة لأن «أيت سدرات» احتضنت الزوايا وتمتعت بالاستقرار في قرى زراعية محصنة على طول واد دادس. وغير بعيد عن هذه الوحدة السوسيوثقافية المتجانسة تقع واحة مزكيطة التي عرفت تجمعا من المستقرين يعود إلى فترات قديمة، وفترات لاحقة حيث استقرت فيها بطون من مصمودية (مزموطة) التي ناصرت الدولة الموحدية، ولا تزال قرية تمنوكالت تعبر عن ذلك الماضي الحضاري القديم، حيث ظهر أن للقرية شأنها السلطوي والقيادي في سوس الأدنى، إذ استطاعت أن تفرض نفسها على السلطة المركزية وتفرض صمودها إلى أن تآمر عليها القائد الكلاوي في عهد الحماية الفرنسية. ويمكن القياس على الوحدات السوسيوثقافية المتجانسة ذات أساس إثنوغرافي أو ثقافي متجانس، ففضلا عن «أيت عطا»، هناك عرب بني معقل الذين حاصروا السكان «المستقرين بمعظم الواحات»(5)، وسكان من أصل أفريقي متناثرون بواحات درعة، وأنشأوا أنساق ثقافية وفضاءات للتعود ذات ارتباط بعمق الحضارة المغربية. وهناك أقليات زناتية ومصمودية، ويمكن القياس على كل الوحدات السوسيومجالية بدرعة الوسطى، مزكيطة، تينزولينن، فزواطة، ترناتة، لكتاوة، محاميد، لبيان المتجانس منها من حيث الإثنوغرافيا والثقافة أوغير المتجانس.
فإذا كانت الوحدتان السوسيوثقافيتان المتجانستان الكونفدرالية القبلية « أيت عطا»، و«أيت سدرات»، تركنان للإثنوغرافيا التي تفرض قوتها على الثقافة، فإن الوحدة السوسيومجالية المتجانسة - ولا نقول هنا الوحدة السوسيوثقافية- مزگيطة علا فيها شأن الثقافي على الإثنوغرافي، وقس على واحات أخرى علا فيها شأن الثقافي. ولم يصمد الإثنوغرافي كثيرا أمام طغيان الثقافي الذي أضحى مدعما بالطرقية، لا سيما لما نجحت الطريقة الجزولية بدرعة «في تنصيب أحد أتباعها من زاوية تاكمادارت بفزواطة على رأس المجاهدين بسوس ثم الدفع بها إلى الاستيلاء على السلطة»(6)، وقيام الدولة السعدية. ففي تلك الأثناء انتشر تأسيس الزوايا فظهر ما يسمى (الزاوية – القصر)، حيث يحمل القصر اسم الزاوية التي يحتضنها، لما يلتهم الثقافي الإثنوغرافي. ذلك أن اللباس الصوفي لا يفتأ يخفي اللباس الإثنوغرافي القبلي، فوق أن الطرقية الصوفية ممارسة شفاهية في الغالب لأنها تستهدف السلوك والممارسات وتعتبرها سبيلا إلى بلوغ الاعتقاد السليم. ويعنينا أن التشبث بممارسة معينة والدفاع عنها «هو القول بأنها تشكل عنصرا في ثقافة الجماعة التي تمارسها»(7). ورغم ذلك، فالتوتر بين الثقافي والإثنوغرافي حاضر بمنطقة درعة، رغم جهود المتصوفة والمرابطين والشرفاء المنتشرين في الجنوب الشرقي من المغرب(8)، لأكثر من أربعة قرون، وتعبئة المجتمع المدني في العقود الأخيرة. و«ينحدر المرابطون من رجال معروفين بالورع والتقوى، عرفوا بصفة الأولياء الصالحين، ويكون أبناء هذا الولي الصالح مسؤولين عن رعاية ضريحه ويقبل الهدايا النقدية والعينية التي توهب له»(9)
وباختصار، يلتهم الإثنوغرافي الثقافي، وفي كثير من الأحيان لما يقوى دور الزوايا يزاح الإثنوغرافي جانبا فيكون النسب الروحي مقدما على النسب الطيني في المرتبة والأهمية، دون أن يُكرّه الإثنوغرافي على التقية أو التستر في تقاليد شفاهية يمكن إقحامها من المنظور الديني في مجال البدعة.
إن هذين المعلقين الإثنوغرافيا والثقافة، الثقافة الشفاهية -هنا- والتقاليد الشفاهية (العادات الاجتماعية) هما المحددان للهوية الثقافية بالجنوب الشرقي. والاعتناء بالهوية الثقافية حق من حقوق الإنسان، وإن كانت تخلق توترات مع الكثير من الحقوق الطبيعية فتلتهمها كالحق في المساواة في توزيع الثروات والمنافع على سبيل المثال. وكلما تخلفت التنمية وساد خصاص في بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يصبح الثقافي محددا ومهيمنا.
إن طغيان الثقافي، في أوساط تخلفت فيها التنمية لا يبرر إهمال الحق في تحديد الهوية الثقافية. فإذا كان الجانب الثقافي ينشئ وضعيات ذات مؤشرات حقوقية مخيفة بالأطلس الكبير الأوسط، كزواج القاصرات مثلا، فإنه في بلاد درعة غير ذي وقع كبير على الحقوق الطبيعية، إذا استثنينا التوترات التي تنشط في أوساط ذات التعدد الإثني حول الاستفادة من الأرض السلالية، والأمثلة كثيرة بأقاليم الجنوب الشرقي الإدارية.
ولأجل التحكم في الثقافي وتلجيمه لفتح المجال إلى إعمال حقوق طبيعية أخرى، لابد من الاعتناء بالهوية الثقافية، أو الهويات الثقافية في حال التعدد، وإدراجها في خطاطة أو كوكبة Constellation من التقاطعات بين المجموعة الإثنية والوسط الثقافي والمجال الجغرافي الإداري. وحسبنا أن أي شخص لا يستطيع أن «يصبح حرا سوى في المحفل الثقافي المناسب، حيث تحترم قيمه. ومن ثم يجب أن تكون كل أمة مستقلة»(10). ويعنينا هنا أنه في مجتمع متعدد الثقافات «يجب احترام الاختلاف الثقافي، بل وتعزيزه»(11)، بشكل لا يضر إعمال الحقوق الطبيعية الأخرى. تلك هي الإشكالات التي يطرحها جمع التراث الثقافي بالجنوب الشرقي، إشكال التوتر بين الفضاءات الثقافية ذاتها والإثنوغرافيا، وبين الثقافة وإعمال حقوق الإنسان من جهة، وإشكال الوحدة والاختلاف والخصوصيات في وسط يتمتع، في الغالب، بالتعايش بين الإثنيات من جهة ثانية.
2- السياقات المعززة لتدوين التراث الشفاهي
أضحى تدوين التراث الشفاهي بالجنوب الشرقي ضرورة ملحة، فهو مطلب حقوقي يُعززه السياق الدولي والسياق الوطني والجهوي والمحلي.
فأما السياق الدولي المدعم لمطلب تدوين التراث الشفاهي، فيرتبط، بالطبع، ببداية الاعتناء بالهويات الثقافية والأقليات العرقية بما هو عمل مشروع، في إطار التعدد الثقافي، في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. لكن الإحساس بوقع الأقليات العرقية، بما هي مسألة اجتماعية وسياسية وثقافية معقدة، كان اتضح مع نضج الدولة القومية في منتصف القرن التاسع عشر. وظلت الدول، طيلة أكثر من قرن من الزمان، تتعامل والتنوع العرقي وفق اختياراتها السياسية، وطالما طبعها الاضطهاد والقمع، أو أخذ الثأر، كما فعلت ألمانيا النازية لما غزت دول الجوار تحت ذريعة أنها تضطهد الأقليات الألمانية، أو اتسمت بالسماح بهامش لاعتماد العرف مرجعا للأحكام في الأحوال الشخصية وتنظيم توزيع بعض الثروات كالماء والكلأ، كما فعلت سلطات الحماية بالمغرب لما أصدرت ظهير 16 مايو 1930 المنظم للمحاكم العرفية. وكان من المنتظر أن يستمر تطور الاعتناء بالأقليات العرقية والتعدد الثقافي بوتيرة أحسن بعد الحرب العالمية الثانية، لكن سياسة الاستيعاب أزاحت هذه المسألة جانبا درءا لخطر الانفصال في أسوأ الأحوال، أو المطالبة بالحكم الذاتي في أحسنها، وذلك ما يخشاه الانضماميون كثيرا. ويعد المغرب من الدول التي شعرت بحرارة هذه المسألة. وتنبغي الإشارة إلى أن للتعدد الثقافي المغربي خصائص معينة، أهمها أن الأمازيغ يشكلون نسبة كبيرة من السكان لكن وضعهم يشبه وضع الأقليات العرقية الثقافية، لعدم تمتعهم وإلى الأمس القريب بالكثير من جوانب الحقوق الثقافية.
ومن جانب آخر، فإن الاستثناء المغربي يغير تعريف الأقليات العرقية، إذ لم تعد تعني بالضرورة جماعة من السكان التي تشكل إثنية واحدة، قليل عددها. ذلك أن تعريف الأقليات العرقية يستدعي استحضار وضعها السياسي والثقافي والحقوقي. فإذا كانت الجماعة عددها كبيرا وثقافتها مهمشة، أو بالأحرى لم تتمتع ببعض الحقوق، كالاعتراف الدستوري بهويتها الثقافية ولغتها، فيمكن أن يحكم عليها بحكم الأقليات العرقية والثقافية. نقول لا يزال المغرب يشكل استثناء ما لم يمض بعض الوقت على تنزيل الدستور الحالي المصوت عليه في فاتح يوليوز 2011، أي ما لم (يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجال الحياة العامة ذات الأولوية وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها بصفتها لغة رسمية)(12). ويعنينا أن الأقليات العرقية هي نفسها الأقليات الثقافية التي تدرج فيما يسمى التعدد الثقافي. ولما كان لكل إثنية نسقها الثقافي [نموذج المغرب]، فإن استعمال مصطلح الأقليات الثقافية يغنينا عن ذكر العرق، إن تعلق الاستشهاد بالمغرب.
يعود الوعي بمسألة الأقليات العرقية إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى حيث استحضرت في عصبة الأمم ميثاقها حماية الأقليات العرقية في أوروبا. لكن هذا الشعور عاد إلى الكمون، في أجواء ما بعد الحرب العالمية الثانية، لأن هذه الأقليات ترى أنها تشكل خطرا على الدول التي تحوي التعدد الإثني.
ولم تسمح سياسة الاستيعاب (Assimilation) التي يمكن فهمها من خلال أول نقاش في العالم حول تحرير الفصل 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالنظر أو بالأحرى طرح مشكل يكمن في ضرورة مناقشة حقوق الأقليات. ذلك أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبعده العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإن شملا بعض الحقوق، فهي حقوق يتمتع بها الفرد بقطع النظر عن أصله العرقي، أو انتمائه إلى جماعة ذات نسق ثقافي متميز. ولم تحو الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ولا الاتفاقية الأمريكية، ولا الميثاق الإفريقي الذي صدر في مطلع الثمانينات من القرن الماضي سوى الصمت عن حقوق الأقليات الثقافية. وما دام المنظور الجديد لحقوق الإنسان لم يعترف بالأقليات، أو بمعنى آخر، ما دام غياب مرجع يسمح لهذه الأقليات بالدفاع عن هوياتها والتعبير عنها باستخدام لغاتها في الحياة العامة وتوظيفها في المحاكم والمدارس قائمين فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتناسب في المبتغى وسياسة الاستيعاب. ويرى السيد حسن إذ بلقاسم في مداخلته في ندوة حول الحقوق الثقافية واللغوية بالمغرب يومي 08 من شهر يونيو 2010 و 09 منه بمقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، تفعيلا لاتفاقية الشراكة بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن «الهدف من السياسات الاستيعابية طمس اللغات والثقافات، أو بالأحرى تدمير البنيات الصامدة للشعوب التي تحمل ثقافات مختلفة، بمنطق أن تلك الثقافات تشكل خطرا على الوحدة الوطنية». وأضاف السيد حسن إد بلقاسم «أن اتفاقية 107 لمنظمة العمل الدولية لسنة 1957، هي التي كرست السياسة الاستيعابية تجاه الحقوق الجماعية بما فيها الحقوق الثقافية واللغوية للسكان الأصليين. وأضاف مؤكدا أن المادة 15 من العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمادة 27 من العهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية تتحدث حول حقوق الأقليات بما هي حقوق فردية».
إن عدم الاعتراف بالسكان الأصليين، وهم من مكونات التعدد الثقافي بيّن في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (107) بشأن حماية السكان الأصلين وغيرهم من السكان القبليين وشبه القبليين وإدماجهم سنة 1957. وفي الثمانينات من القرن الماضي تبينت ضرورة إعادة صياغة اتفاقية جديدة لمنظمة العمل الدولية، ونُزّلت سنة 1989، وهي تروم تجريدها من الطابع الاستيعابي وتضمينها بعض الحقوق، كالحقوق اللغوية على سبيل المثال(13). وفي مؤتمر فيينا حول حقوق الإنسان لسنة 1993، طرحت مسألة السكان الأصليين. ومنذ ذلك الوقت التحقت الحركة المدافعة عن الأقليات العرقية والتعدد الثقافي بركب المحتجين. وقبل هذا المؤتمر كانت منظمة الأمن والتعاون أول هيئة أوروبية تعترف بالأقليات سنة 1990. واعتنى الاتحاد الأوروبي بوضع الأقليات العرقية خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، وبداية القرن الواحد والعشرين. ويمكن استعراض مجموعة من الحقوق الثقافية واللغوية كالتالي:
- الحق في الهوية الثقافية (الهويات الثقافية) والاعتراف بها وحمايتها دستوريا وقانونيا.
- الحق في حماية الثقافة الأمازيغية والحفاظ عليها في كل المجالات...
- الحق في استعمال اللغة الأمازيغية وحمايتها وتطويرها والاعتراف بها كلغة رسمية في الدستور.
- الحق في الهوية الثقافية الأمازيغية والاعتراف بها وحمايتها دستوريا وقانونيا وتوفير الموارد البشرية والمالية.
- الحق في حماية الثقافة غير العالمة والحفاظ عليها في كل المجالات وبجميع مظاهرها.
- الحق في استعمال اللغة الأمازيغية وحمايتها وتطويرها والاعتراف بها كلغة رسمية في الدستور وحمايتها بنصوص قانونية مع تعليمها والتعلم بها في جميع المستويات مع توفير الموارد المالية والبشرية في إطار المساواة بينها وبين اللغات الأخرى.
وفي السياق الوطني نسجل بعض الإشكالات التي لم تسترع الانتباه، من بعد، في السياسة المغربية: لئن كانت الأغلبية الأمازيغية المغربية ضمن الأقليات الثقافية لأنها لا تتمتع بحقوقها الثقافية بفعل سياسة الاستيعاب، فإن هذه الأغلبية تستغرق عشائر مغلقة وإن شئت مجموعات سويسيومجالية مغلقة محافظة. ومرد ذلك إلى أن هذه الأوساط ترفض [ أو قل هي محرومة من ] الحداثة والانفتاح، لذلك فهي مضطرة للتشبث بالقيم والتقاليد الشفاهية، لأنها الأصل، إذا استحضرنا أن القيم تنمو وتتحول تبعا للتحولات الاجتماعية. ومما يعاب على هذه الأوساط أنها طالما تنخرط في ممارسة تبدو أنها انتهاك ضد حقوق الإنسان. وتحوي الأعراف كذلك التمييز ضد النساء والأقليات العرقية. فالنساء يحرمن من الإرث في بعض الأوساط ولا يسمح لهن بحيازة نصيبهن من الإرث عند هلاك أقربائهن بالدم، وأما الأقليات العرقية فلا يسمح لها، في بعض الأوساط في التمثيل في مؤسسة الجماعات السلالية، ولا حق لها في الولوج إلى مؤسسة الشيخ (أمغار). ولحسن الحظ نشأ الزجر الذي تشرف عليه القبيلة يختفي تدريجيا، من ذلك معاقبة الجناة بالرجم أو بالتهجير القسري، أو بتلطيخ منازلهم وخيامهم بالبرز. ولا تزال الأوساط التقليدية أعيانها تدافع على هذه الممارسات، بما هي تقاليد شفاهية موروثة رغم افتقارها لمواصفات المحاكمة العادلة من المنظور المؤسساتي الحديث، ومن منظور حقوق الإنسان. لكن إذا نظرنا إلى هذه الأساليب من منظور الحقوق الثقافية، بما هي حقوق جماعية لا فردية، فإنها تستحق الحماية والدفاع، أو على الأقل، درءا لكل لغو، فإنها تشكل مسألة للنقاش والدراسة، لذلك فجمعها وتدوينها مطلب حقوقي إن لم يكن أمرا ضروريا. ذلك أن من الأعراف ما يحمل قيما حقوقية مما يستدعي تثمينها وإبرازها مميزة في نصوص مكتوبة. وبالمقابل لا يجوز الدفاع عن ممارسات غير ذات مرجع دستوري أو حقوقي متعارف عليه دوليا بالتصديق والانضمام والتوقيع. وهناك دول في أمريكا اللاتينية سنت ما يسمى قوانين العرف عند السكان الأصليين. ولو جرى ذلك في المغرب لانقطع قضاة الجماعات المحلية لمعالجة القضايا المحلية وفق مرجع العرف. لكن سن قوانين العرف أو الحكم بواسطة العرف كان أثار ضجة عنيفة مع صدور ظهير 16 مايو 1930 الذي تعرض لأسوأ تأويل في التاريخ. ويبدو أن العمل بالعرف، وإن كان يخدم الهوية الثقافية للسكان في الأوساط القبلية المعزولة فهو مشروط بإعادة النظر في بعض المواد وتكييفها لكي لا تضرب في العمق مواصفات المحاكمة العادلة من منظور حقوق الإنسان، ولكي لا تشكل الأحكام الصادرة عن المؤسسة العرفية انتهاكا لحقوق الإنسان.
نشأ وضع الحقوق الثقافية بالمغرب يتحسن لما أقدمت المملكة المغربية على التصديق «على المعاهدات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان التي تتضمن أحكاما مهمة عن الحقوق الثقافية، وهي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة . وما زال على المغرب أن يصدق على البروتوكولين الاختياريين للعهدين الدوليين اللذين يسمحان لضحايا الانتهاكات بتقديم الشكاوى، وعلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة»(14). و« المغرب طرف أيضا في أهم المعاهدات الدولية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) التي تعتبر أساسية للتمتع بالحقوق الثقافية( (15). «ولم يصدق المغرب بعد على اتفاقية اليونسكو بشأن حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي» (16). و«شهد المغرب عددًا من الإصلاحات الدستورية والمؤسسية والقانونية في العقد الماضي، منها إدخال تعديلات رئيسية على الدستور في عام 2011، واعتماد مدونة الأسرة في عام 2004، وإنشاء عدد من المؤسسات لتعزيز الحقوق الثقافية، مثل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وقد خضع قطاع التعليم أيضًا للإصلاح»(17).
وعلى المستوى الجهوي شكلت جهة الجنوب الشرقي مطلب المجتمع المدني الذي راح ينظم بعض المناظرات في كل من إقليمي الرشيدية وورزازات داعيا إلى إنشاء جهوية متقدمة. وحسبنا أن الجنوب الشرقي، ظهر كجهة وهمية، أو بالأحرى كفكرة في خطاب المجتمع المدني بالأقاليم التالية، زاكورة، ورزازات، الرشيدية، فيجيج، في التسعينات من القرن الماضي. وابتداء من سنة 2007 بدأت الجهة الوهمية تتسع لتشمل إقليم طاطا وأعالي ملوية التي شكلت الآن الجزء الشمالي لإقليم ميدلت بعد إحداثه سنة 2010. إنها جهة وهمية لغيابها، فقط، في التقطيع الإداري، ولكنها كانت جهة فعلية لدى المجتمع المدني لأن المرافعة عادة ما تتم باسمها. ونسجل أن التنسيق بين جمعيات الجهة يقويه الاهتمام المشترك بمشكل التصحر والتدهور البيئي وقضايا الزراعة والماء والمسائل ذات الارتباط بالثقافة والأعراف، ويقويه أيضا الاهتمام المشترك بمنابع الأنهار التي يتوقف جريانها في الرمال الصحراوية، زيز، كير، درعة، غريس، معيدر، زوزفانة. ونسجل أن المجتمع المدني بجهة الجنوب الشرقي الوهمية، راح يشتغل على قضايا المرأة والمشاركة السياسية للنساء في الانتخابات، وينسق في تتبع مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وفي يوم الأحد 26 أبريل 2009 عقد لقاء تواصلي بين الجمعيات والأنسجة الجمعوية والتعاونيات بجهة الجنوب الشرقي بمدينة الرشيدية، للتداول في واقع الجنوب الشرقي في مستوياته المختلفة وبعد نقاش شارك فيه، وبقوة، الحاضرون والممثلون لمختلف الجمعيات والأنسجة والتعاونيات على مستوى الجنوب الشرقي أجمع الحضور على اعتبار منطقة الجنوب الشرقي منطقة منكوبة تعاني من تهميش اقتصادي واجتماعي وتنموي كاستمرار للاختلالات المجالية على مستوى المغرب،
واعتبار أن المناطق المشكلة لجهة الجنوب الشرقي تتموقع على هامش الجهات التي تنتمي إليها.
ونسجل أن الثقافة الجهوية تطورت في الجنوب الشرقي من خلال النظم العرفية أي الكونفدراليات القبلية، التي تعود إلى التاريخ القديم في المغرب. وهي نظم قبلية سائدة في الجهة الوهمية المذكورة إلى حدود عقود ما قبل الحماية الفرنسية. وهي نظم اتخذت الجنوب الشرقي مجالا وظيفيا لها. أساسها التشريعي الجماعة العرقية على مستوى القبيلة، ومجلس الأربعين على مستوى الكونفدرالية القبلية «أيت عطا» نموذجا. ويسهر على تنفيذ قراراتها شيخ المزرعة محليا وشيخ الشيوخ في النطاق القبلي الواسع. ونظن أن الاستشهاد بالنظم القائمة بالجنوب الشرقي المغربي والجنوب المغربي مفيد لبيان التجانس الثقافي(18). ولقد حافظت المنطقة إلى وقت متأخر على النظم العرفية في شكلها القائدي المؤسساتي المتطور، بفعل إحداث سلطات الحماية الفرنسية القيادات التقليدية، في إطار ما يسمى السياسة الأهلية Autorités indigènes، فنشأت قيادتان، قيادة لكلاوي، وقيادة عدي وبيهي نايت رهو لتتقاسمان التدبير العنيف لشأن المنطقة. أصبح حلم المجتمع المدني بالجنوب الشرقي حقا بعد ظهور التقرير حول الجهوية المتقدمة على الأنترنيت، مساء يوم الخميس 10 مارس 2011، وهي الآن جهة حقوقية معتمدة من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ومما حمله التقرير المذكور إقامة (أحواض من الحياة ألاجتماعية، ومن العمل الديمقراطي، المفضي إلى تدبير فعال لسياسات التنمية المندمجة ونشر العمل باللامركزية الفعلية المقرونة بلا تمركز مناسب)(19). ويبدو أن أضواض الحياة الاجتماعية هي على سبيل القياس الوحدات السوسيومجالية المتجانسة.
وبين السياق الدولي والسياق الثقافي المغربي الوطني والسياق الجهوي يأتي تدخل مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة لم تكن غافلة عن النهوض بثقافة حقوق الإنسان بالجنوب الشرقي وضمنها الحقوق الثقافية، وأن تدخلها ساهم في إنشاء السياق المحلي. وكلنا على دراية بأن المنطقة كانت من قبل ميدانا لانتهاك حقوق الإنسان، ذلك أنها حظيت باهتمام هيئة الإنصاف والمصالحة المحدثة سنة 2004 لتستغرق حولين كاملين في التحري بمواضع الانتهاك «التي عرفت أحداثا في الماضي وتميزت بوقوع انتهاكات جسيمة، أو تلك التي عرفت وجود مراكز للاختفاء القسري والاحتجاز السري غير القانوني. وبنفس الدرجة من مستخلصات الدراسات والأبحاث التي توفرت للهيئة والتحاليل والمناقشات المجراة بصددها، مما مكن الهيئة من تطوير آلية الوساطة في مجالات تهم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المعنية»(20). ولأن الهيئة اعتمدت المقاربة التشاركية «مع كافة المعنيين أثناء اشتغالها في المناطق المعنية»(21)، و«إشراك فعاليات المجتمع المدني...في تلك المناطق»(22) الشيء الذي «قوى مقاربة جبر الضرر الجماعي وما يرتبط بها من آليات الوساطة»(23). وحسبنا أن الفاعلين الجمعويين بإقليمي زاگورة كانوا نظموا بتنسيق مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبشراكة مع هيئة الإنصاف والمصالحة يومين دراسيين، يوم 10 من شهر شتنبر 2004 و11 منه بأكدز تحت شعار (نحو جبر الضرر الجماعي بأگدز وتگونيت ومن أجل تنمية مستدامة بإقليم زاگورة).
ويعنينا أن الهيئة أوصت، لما تبينت من علاقة الانتهاكات الماضية بالتهميش وتخلف التنمية، بجبر الأضرار الجماعية للمناطق التي طالتها الانتهاكات وذلك بالعمل على تعزيز «مشاريع قائمة، واقتراح مراعاة مجالات أخرى لم تكن واردة في المشاريع المبرمجة»(24). ولأن مواضع جبر الضرر الجماعي تمتد، أحيانا، لتغطي نطاقات جغرافية واسعة مما ييسر تمثيلها خرائطيا، فقد كان باديا في خريطة جبر الأضرار الجماعية المغربية، الذي يعد اختيارا أصغر من اختيار أكبر منه العدالة الانتقالية، ست مناطق بجهة الجنوب الشرقي الوهمية وقتها. وفي سياق مناقشة موضوع الانتقال الديموقراطي بالمغرب، الذي يعد خيارا أكبر يحوي العدالة الانتقالية، «انتهى المتناظرون إلى الأهمية الخاصة لهذه العدالة على مستوى الذاكرة وكتابة التاريخ»(25) في إنتاج الأرشيف و«مساهمة جلسات الاستماع في شروط إعادة كتابة التاريخ» وفي إعادة بناء الذاكرة(26)، الذاكرة الجماعية في الأوساط السوسيوثقافية المتجانسة التي طالها النسيان والتهميش طيلة سنوات الانتهاكات الماضية. وحسبنا أن هيئة الإنصاف والمصالحة كانت نظمت جلسة استماع بمدينة الرشيدية دعي لحضورها والمشاركة فيها جل ضحايا الانتهاكات الماضية بالجنوب الشرقي مساء يوم الأربعاء فاتح فبراير 2005.
ولما رفعت توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لمتابعة تنفيذها ابتداء من سنة 2006 وبعد إرساء هياكل للإشراف على تنفيذ برنامج جبر الضرر الجماعي على المستوى الوطني، طفق المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يشرف على تأسيس التنسيقيات المحلية لجبر الضرر الجماعي بالأقاليم التي مسها قرح الانتهاكات الماضية. وابتداء من شهر أكتوبر 2007 شرع المجلس يؤسس التنسيقيات المحلية بأقاليم الجنوب الشرقي، الرشيدية، وورزازات، وزاكورة(27) وبعد إحداث إقليم تينغير وتطور مطلب إحداث التنسيقية به فحق ذلك في يوم 27 أكتوبر 2010 حيث تأسست تنسيقية رابعة بالجنوب الشرقي. ومن المشاريع ذات الشأن، لارتباطها بالذاكرة، نجد الفقرات الأولى من مشروع يندرج في محور الذاكرة، حمله منتدى بني زولي للتنمية والتواصل بقصر (دوار) بني زولي بإقليم زاگورة، في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي، مشروع مجلة «ذاكرة حية». ويهدف المنتدى من وراء هذا الإصدار إلى (تربية الشباب على حقوق الإنسان والمواطنة)، وإلى مساعدتهم على التعرف على ما جرى خلال سنوات الجمر والرصاص التي عرفها تاريخ المغرب الراهن. ولقد أقدم المنتدى، بهذا المشروع، على مبادرة كبرى في معالجته الذاكرة موضوعها. والمنتدى المذكور جمعية تأسست يوم 27 مارس سنة 2005، لتحقيق (تنمية مستدامة بالمنطقة مع النهوض بقيم المواطنة وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين). وتفيدنا افتتاحية العدد المزدوج من مجلة «ذاكرة حية» في معرفة آفاق مشروع المنتدى، (نشر ستة أعداد من مجلة ذاكرة حية)، تجمع وتحلل كل (ما وقع من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالمنطقة)، وتأثير معتقلين سريين سابقين، أكدز وتكونيت على ساكنة [سكان] محيطيهما، مما يبرر جبر أضرار المنطقة. وباستقصاء غايات المشروع وتمحيصها والمضامين المبسوطة في أعداد مجلة «ذاكرة حية» يتجلى حضور الثقافي بامتياز. وإلى جانب عمل الجمعيات نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتعاون مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية بأكدز يوم السبت 31 يناير 2009 ورشة عمل حول الذاكرة انفتحت على الفعاليات المحلية والوطنية، ودعي إلى حضورها عدد من الضحايا الأحياء الذين استقبلهم المعتقل السري أكدز(28).
ونسجل أنه جرى، إلى جانب مشاريع برنامج جبر الضرر الجماعي تمويل برنامج آخر من لدن الاتحاد الأوروبي، أقدم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على تهييئه برنامج مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف، والتاريخ والذاكرة الذي ظل يحمل اختصار عنوان (IER 2) لتمييزه عن (1IER ) أي مشاريع الذاكرة المنجزة، للآن، في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي. ومن الأنشطة التي رام البرنامج إجراءها أنشطة تنصب حول الأرشيف المتوافر لدى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وضمنه موروث هيئة الإنصاف والمصالحة. ونضيف أن البرنامج المذكور لم يزغ عن دعم مؤسسة الأرشيف في المغرب التي هي، الآن، في طور البناء، تنفيذا لقانون الأرشيف الذي يعود صدوره إلى سنة 2007. ومن أنشطة البرنامج إحداث ثلاثة متاحف جهوية. وبعد إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان وجدت هذه المؤسسة برنامج مواكبة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الأرشيف، والتاريخ والذاكرة (IER2) قاب قوسين أو أدني من بلوغ مرحلة التنفيذ. فكان انطلاق تنظيم ندوة ورزازات حول موضوع، «واحات درعة وتافيلالت: الثقافة، والتاريخ، والتنمية، أي إستراتيجية جهوية مندمجة؟»، يومي 21 من شهر يناير 2012 و 22 منه «في إطار سلسلة من الندوات العلمية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان للتفكير في مسألة حفظ الذاكرة من خلال إحداث متاحف جهوية، حيث سبق للمجلس أن نظم يومي 15 من شهر يوليوز 2011 و16 منه، بمدينة الحسيمة ندوة دولية حول إحداث متحف الريف عقبتها ندوة دولية أخرى بمدينة الداخلة في 16 من شهر دجنبر 2011 و17 منه حول إحداث متحف الصحراء»(29). ومن توصيات تلك الندوة، «إعادة قراءة تاريخ الواحات وكتابته»، و« جرد مقومات الواحات الثقافية والتراثية»، و«تشخيص سبل الحفاظ على ثقافة الواحات وتراثها وتثمينه في إطار تنمية مندمجة»، و«وضع اللبنات الأولى للتوجهات الأساسية لمتحف الواحات الكفيل بحمل صورة دالة وقوية عن هذه المناطق بالإضافة إلى خلق دينامية مجالية ذات انعكاسات اقتصادية واجتماعية وثقافية».
ولقد تبين أن توصيات الندوة المذكور جزء من مجال ممارسة المجتمع المدني، فظهر تدوين التراث الشفاهي بإقليم زاكورة من بين الأولويات. لماذا وقع الاختيار على إقليم زاكورة؟
وقع الاختيار على هذا الإقليم لعدة أسباب:
- الرغبة في تمديد تجربة إقليم الرشيدية في جمع التراث الشفاهي، التي أشرف عليها اتحاد كتاب المغرب، فرع الرشيدية، لتشمل كل مناطق الجنوب الشرقي. ولما امتد جمع التراث الشفاهي إلى مشارف إقليم زاگورة، بعد أن غطى الجمع منطقة ألنيف(30)، كان من المفيد تمديد هذا العمل ليغطي جل قبيلة « ايت عطا » علما وحدات سوسيومجالية متجانسة ثقافيا جرى تغطيتها مؤخرا في منتوج تحت عنوان «هكذا تكلمت درعة».
- باستحضار محاور خطة العمل الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان فصيرتها(31) نلفى أنها تحوي ضمن المحور الثاني الحقوق الثقافية أو بالأحرى حظيت الحقوق الثقافية ضمنه بأهمية بالغة، وكل متفق أن جمع التراث الشفاهي يندرج ضمن الحقوق الثقافية والذاكرة.
- أنه مند سنة 2005 أعطيت «انطلاقة فعلية لتوثيق الفنون الشعبية الدرعية والدراسات المرتبطة بها»(32) بمناسبة أعمال ملتقى الواحات الأول ورقصاتها المنظم بزاكورة يوم 18 من شهر نونبر 2005، و19 منه، و20، نشرت تلك الأعمال جمعية تنمية وادي درعة في مارس 2006(33).
- ظهور بعض الدراسات ذات ارتباط بالتراث الشفاهي لمنطقة درعة والجنوب الشرقي عامة من حيث التقاليد الشفاهية، والتاريخ، والأعراف، من ذلك «الفنون الغنائية بواحات وادي درعة» للباحث محمد البوزيدي(34)، و«أعراف الجنوب المغربي، نموذج عرف أيت عطا الرتب بوادي زيز»(35) للمؤرخ امحمد احدى، والترجمة العربية لكتاب جورج سبيلمان(36). وموسوعة «التراث الشفاهي بتافيلالت، الأنماط والمكونات»(37)، و«ملامح من التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لقبائل أيت عطا من خلال أمثالها»(38)،
3- الأهـــــــــــداف:
فمن الأهداف المتوخاة من الاعتناء بالتراث الشفاهي بالجنوب الشرقي والتقاليد (إقليم زاگورة):
- المساهمة في تنفيذ توصيات ندوة ورزازات ليومي 21 من شهر يناير 2012 و21 منه، وتوصيات ندوة أرفود حول التعدد اللغوي والثقافي يومي 12 من شهر يناير 2013 و13 منه. كلتا الندوتين من تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
- المساهمة في الحملات الإعلامية لدرء التوتر القائم بين الحقوق الثقافية والهوية من جهة وحقوق الإنسان الطبيعية الأخرى، ببيان مكمن التوتر ضمن الأنساق الثقافية بالمنطقة، بعد تمحيص النصوص ودراستها.
- المساهمة في إثراء الفكر والحوار في مجال التعدد الثقافي والتوتر بين الثقافي والإثنوغرافي وما له من وقع على إعمال حقوق الإنسان، وذلك بتوظيف الثقافة غير العالمة كعامل موحد يعلو على اللباس الإثنوغرافي.
- الاعتناء بالهويات الثقافية في إطار التعدد الثقافي والإثنوغرافي بتدوين تقاليدها وأعرافها.
- بيان مواطن التحكم، بعد استثمار التراث المجمع، في الثقافي وتلجيمه لفتح المجال إلى إعمال حقوق طبيعية أخرى، كالمساواة في توزيع الماء والكلاء والانتفاع بالأرض، بين الجنسين وبين السكان بقطع النظر عن انتمائهم الإثنوغرافي.
- الوقوف عند بعض التقاليد الزجرية التي تنتهك حقوق الإنسان بتدوينها في أفق إثراء الفكر والحوار فيها وإدراج أنشطة تحسيسية تقلل من وقعها على إعمال الحقوق الطبيعية الأخرى.
- تدوين الأعراف، المضمنة لجرعات من القيم الحقوقية بعد تثمينها والتعريف بها، أملا في استثمارها وتثمينها وتوظيفها في ضمان الولوج إلى بعض الحقوق الطبيعية.
- المساهمة في كتابة التاريخ الشفاهي بالجنوب الشرقي والعمل على الحفظ الإيجابي للذاكرة الجماعية.
4- مجالات البحث ومناهجه
لئن كان الفعل المرغوب فيه « تمديد جمع التراث الشفاهي» فلن يبلغ شأوه ما لم ينطلق مما هو كائن قائم، لذلك لا بد من الاستئناس بما أنجز من الأعمال في هذا الشأن ست إصدارات ذات شأن مهم في الجنوب الشرقي موصولة بالتقاليد الشفاهية والثقافية غير العالمة، وأن ذلك كفيل برسم مسار السير وتحديد مجالات البحث في ثلاثة فصول:
أ‌- مجال التقاليد الشفاهية
صدر في هذا المجال كتابان سلفت إليهما الإشارة(39) كلاهما دراسة للتقاليد الشفاهية بما هي فصول من الفنون والأغاني والرقصات. وأما التقاليد الشفاهية الأخرى المرتبطة بالفرح والقرح والشعائر الدينية والأنشطة الزراعية، حفلات الزفاف كلها كالحناء والمشط والخطبة والدخول، وحفلة الختان، وطقوس الأضحى(40) والذبائح، ومناسبة المولد النبوي وعاشوراء والاستسقاء(41) والطقوس المرتبطة بمناسبات اليومية الشمسية بالتقويم الجولياني، رأس السنة الأمازيغية، و(تابيانوت)، والنيسان، والعنصرة، وتقاليد مواسم الحصاد والدراس وجني التمور، فلم تلق عليها الأضواء من بعد لذلك وجب تدوينها وحفظها، والاعتناء بها.
ب‌- مجال الثقافة الشفاهية.
صدرت في هذا المجال أربع دراسات:
- موسوعة التراث الشفاهي بتافيلالت، أنماط ومكونات
- أعراف الجنوب المغربي
- الفنون الغنائية بواحات وادي درعة الذي حوى نصوصا شعرية كثيرة صنفت حسب تصنيف الفرق الفنية التي تغني هذه الأشعار، ولم تصنف حسب المجالات الثقافية.
- ملامح من التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لقبائل أيت عطا من خلال أمثالها.
إن تصنيف عملية جمع التراث الشفاهي تصنيفا ثنائيا أي بما هي تقاليد شفاهية تتجلى في الطقوس والممارسات، وتحتكم لآداء منتظم ومتزن قائم على مرجعية عقائدية، وقد تطفو، وبشكل جلي أحيانا، في نسق من الرموز، المحصن للهوية الثقافية، أو بما هي ثقافة شفاهية سماعية غير عالمة ينقلها الفم إلى الأذن، يمكن من تحديد منهج الحفاظ على التراث الشفاهي.
فالتقاليد الشفاهية تقضي أن تحفظ وتكفل بالتدوين بالوصف الدقيق لخطوات الأداء ومراحله، والمقارنة بين الآداء لدى العشائر التي تمارس نفس التقليد، شعيرة عاشوراء على سبيل المثال، وإظهارها الرموز دون القيام بأي تمييز أو نقد أو تحليل أو إصدار موقف. ويجب ربط التقليد الشفاهي بالمكان الجغرافي الذي يمارس فيه وبالعشيرة التي تتبنى نفس التقليد. ولأن العمل شأوه الجمع والوصف فالحشو لا يضر المعنى ولا المبنى. ولا مانع من الاشارة إلى مرجعية الشعيرة بما هي ممارسة شفاهية إن تعرضت للتكييف مثل الوقوف عند حفلة «تابيانوت» بما هي تكييف للفصح المسيحي أو حفلة طعام الثواب ترحما على ضحايا سفينة نوح على عادة الصائبة(42)، كما هو الحال بتودغى على سبيل المثال. ومن الواجب الوقوف عند - تأثير- التقاليد الشفاهية اليهودية الأمازيغية مادامت اليهودية قد تفوقت في توسيع نطاق التعود. وباختصار، لا بد من «رصد الفنون الغنائية»(43) و«التعرف بها »(44) والطقوس الجنائزية وكل احتفالات الفرح والقرح والأنشطة الزراعية.
وأما الثقافة الشفاهية السماعية بما هي أشعار وقصص وأمثال فتستدعي «الانتقال بها من السياق التداولي الشفاهي والسماعي إلى عالم الكتابة والتدوين»(45) مادامت الجهات المسؤولة لم تستجب لتوصية «خلق مركز للتوثيق وتشجيع البحث العلمي»(46)، وما دام «تدوين وتسجيل التراث الغنائي»(47) لم يقطع أشواطا. ورغم ذلك «ينبغي ملاحظة أن الذاكرة الشفاهية تختلف اختلافا مهما عن الذاكرة النصية من حيث إن الذاكرة الشفاهية يدخل فيها مكون جسدي عال»(48) يتناسب وموسيقى الفرقة الفنية الحاملة لتلك الذاكرة الشفاهية. لذلك فالحفاظ على هذه الفرق وتشجيعها ودعمها عمل في الحفاظ على الذاكرة الشفاهية للمنطقة. لذا «فإن العنصر الوحيد الأكثر قوة في خلق هذه التقاليد والحفاظ عليها كان دائما هو الذاكرة على جميع المستويات انطلاقا من الفردي»(49) ويمكن القول إن هذه الفرق هي نفسها ذاكرة هذه الأشعار والفنون بإقليم زاكورة
ولكي يكون مشروع الاعتناء بالتراث الشفاهي بإقليم زاگورة ذا طابع موسوعي لا بد من ربط المنتوج المقتطف في الميدان بالهوية الثقافية كما جرى، لما ربطت بعض الدراسات السالف ذكرها المجموعات الفنية بأصلها الإثنوغرافي(50)، ويكمن الوقوف عند الفنون المشتركة لدى مجموعة من العشائر كالطحاني(51) ، أو «أمزيد» بالأمازيغية وهو فن مشهور لدى قبائل صنهاجة عامة(52). ومن الفنون المشتركة لدى القبائل أشعار السخرية (Sarcasme)، والابتهالات (Laitanie) (أهلل)(53) بالأمازيغية، ومختلف الصلوات الصوفية التي تذكر في طحن الحبوب خارج تقاليد الأعراس، وإعداد الكسكس، وفي الأعمال الزراعية كالحصاد مثلا، وجز الصوف، وهناك أشعار وصلوات مرتبطة بحفلات الحناء والدخول والشعر [بفتح الشين] والختان، وهناك شعر المقاومة المسلحة(54) لدى أيت عطا الذي يشتمل موضوع الهجاء. وكل هذه الأشعار وإن كانت شبه موحدة بين القبائل فإن هناك بعض الاختلافات تستدعي الوقوف عندها. وبمعنى آخر، لكل قبيلة أو عشيرة حق الاحتفاظ بمتن القصائد التي تغنيها وتسردها في تقليد شفاهي معين.
وهناك مجالات تكييف النقل الشفاهي من ثقافة إلى أخرى، وعلى سبيل المثال لما يروي شاعر أمازيغي قصيدة شعرية حول قصة النبي يوسف فإنه يروح بين عدد أخوات يوسف في(7) سبعة بدل(11) أحد عشر. ولما ينظم قصيدة حول قصة النبي يوسف وبلقيس فإنه لا يذكر الهدهد ذلك الطائر الذي بلغ النبي سليمان بخنبر الملكة بلقيس بل يذكر البومة [تووشت].
وهناك قصص وروايات يَسردها الناس منها ما يرتبط بالتفاح الذهبي أو التفاح الضاحك نقلا عن أسطورة هرقل الذي زار المغرب وبلغ في سيره المحيط الأطلنتي باحثا عن حدائق (الهيسبريس) حيث يوجد التفاح الذهبي. وهناك أساطير متعددة لا يزال يحافظ عليها الخيال الشعبي وهي في حاجة إلى الجمع والتدوين.
وفضلا عن جمع التراث الشفاهي المتداول في الأوساط القبلية بالجنوب الشرقي عامة وحوض درعة الوسطى خاصة، وعملا على النهوض بثقافة المنطقة يخصص مجال لمبدعي المنطقة في مجال الشعر، وفتح المجال أمامهم لتدوين منتوجهم وتشجيعهم على حفظ التراث الشفاهي ثم التحقيق والدراسة. ويمكن إجراء تحقيقات حول الأماكينية (الطوبونيميا) استئناسا بنداء أكادير(55)، وتصحيح المشوه من الأسماء بالقبائل التي سمتها لبيان المسار الدياكروني لإنشاء الأنساق الثقافية المحلية. ومن المفيد تخصيص مجال للمخطوطات بحفظها بالفهارس أولا، قبل الإقدام على التحقيق والنشر ثانيا، علما أن المنطقة بما هي مجال لشفاهية مزدوجة، في حاجة ماسة إلى فهرسة مخطوطاتها دون إغفال ذكر أماكن خزنها وتحقيق بعض الأعراف والاتفاقيات المنظمة لاستغلال المجال وتوزيع المنافع وحصص الماء. وللفلك المحلي مكانته في التراث الشفاهي بالمنطقة بما فيه قياس الزمان قبل ظهور الساعات الميكانيكية الإليكترونية، ورصد النجوم وبيان أسماء الكوكبات، وتحديد المنازل ومناسبات اليومية الشمسية والقمرية، مواسم الحرث والحصاد واحتفال رأس السنة والعنصرة كما سلفت إليه الإشارة ومناسبات الأعياد الدينية والمناسبات، الإسراء والمعراج، عاشوراء، المولد النبوي.
وتنفيذا لتوصيات ندوة ورزازات يمكن الاعتناء بالثقافة المتحفية وتشجيع المتاحف القائمة وإحصاء المواقع التاريخية بالجنوب الشرقي المغربي.
5- الشركاء المحتملون:
لتحقيق مطلب تدوين الترات الثفاهي بإقليم زگورة يبدو مفيدا اتخاذ المبادرة من لدن إحدى جمعيات المجتمع المدني التي تقوم بتعبئة الشركاء الذين يستهويهم التراث الشفاهي بما هو مرتبط باهتمامهم، او بما هو مساهم في تنفيذ أهداف مشاريعهم. فمنهم:
- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لدعمها تجربة جمع التراث الشفاهي بإقليم الرشيدية التي خاضها اتحاد كتاب المغرب، فرع الرشيدية. ويعد جمع التراث الشفاهي دعما للتنمية البشرية. ولما استمرت هذه التجربة بمنطقة الرشيدية فإن تمديدها إلى إقليم زاكورة الزاخر بالثقافة غير العالمة بإيقاع قوي سيضمن لتجربة جمع التراث الشفاهي عناصر التفوق.
- اتحاد كتاب المغرب: لما كان اتحاد كتاب المغرب مدعما لعملية التدوين والتوثيق بصفة عامة، فإن جمع التراث الشفاهي من اختصاصه. وإن اتخاذه شريكا سيضمن النجاح والتفوق لعملية جمع التراث الشفاهي بإقليم زاكورة.
- الجمعيات المحلية: هناك جمعيات محلية أقدمت على جمع التقاليد الشفاهية. وقد سلفت الإشارة إلى تجربة جمعية تنمية وادي درعة (ADEDRA) التي دونت التقاليد الشفاهية للفرق الفنية بوادي درعة سنة 2005.
- السلطات الإقليمية: لما كان من الصعب ربط التقطيع الإداري بالمجالات القبلية، فإن هناك قبائل تتواجد في أربعة أقاليم (أيت عطا)، أو في ثلاثة أقاليم (عرب بني معقل)، أو في إقليمين (أيت سدرات)، لذلك فالاستعانة بالسلطات الإقليمية مفيد لتسهيل عمل الباحثين.

■-;- لحسن ايت الفقيه
الهوامش:
1- د.م. جمال عليان، الحفاظ على التراث الثقافي، نحو مدرسة عربية للحفاظ على التراث الثقافي وإدارته، سلسلة عالم المعرفة، العدد 322 ديسمبر 2005، ص، 60. تشتمل المادة 2 من اتفاقية الحفاظ على التراث غير الملموس، باريس2003 (اليونسكو): أ- التراث غير الملموس يعني الخبرة والتمثيل والإظهار والمعلومات والمهارات وكذلك الأدوات والقطع المصنعة يدويا، وكذلك الفراغات الثقافية التي لها علاقة بالمجتمع والجماعات...... ب- إن المصدر الثقافي غير الملموس كما هو معروف في الفقرة الأولى آنفا يتمثل في الموضوعات التالية: - التراث الشفهي والعبارات وتتضمن اللغة كأداة للتراث الثقافي غير الملموس. – الموسيقى وفنون العرف. - العادات الاجتماعية، أحداث تعبدية أو أعياد. – المعرفة والتعامل مع الطبيعية والعالم. – الحرف والمنتجات.
2- والتر ج. أونج «الشفاهية والكتابية» ترجمة د. حسن البنا عز الدين، مراجعة د. محمد عصفور، سلسلة عالم المعرفة، العدد 182، فبراير 1994، ص94.
3- Juifs et chrétiens du Xe siècle av. J.C. Au XӀ-;- siècle
av.J.C. Extrait de : Jacques Meunié «Le Maroc saharien des origines au XVӀ-;- siecle», Librairie Klincksieck, 1982, pp175- 187.
4- لا يصدق السيد أحمد البوزيدي « من أن اليهود قد يكونوا وصلوا إلى درعة منذ القرن العاشر قبل الميلاد» انظر أحمد البوزيدي، التاريخ الاجتماعي لدرعة (مطلع القرن 17 مطلع القرن 20 / دراسة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال الوثائق المحلية، منشورات آفاق، 1994 ص 45.
5- حميد تيتاو/ محماد لطيف، ملامح من التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لقبائل أيت عطا من خلال أمثالها، مساهمة في تدوين الأمثال الأمازيغية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2003، ص20.
6- أحمد البوزيدي، المرجع السابق ص 124.
7- بريان باري، الثقافة والمساواة، نقد مساواتي للتعددية الثقافية، ترجمة كمال المصري سلسلة عالم المعرفة العدد 383 ديسمبر 2011، ص162.
8- روس إ. دا، المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي، المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912، ترجمة أحمد بوحسن، مراجعة: عبد الأحد السبتي، منشورات زاوية للفن والثقافة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2006،ص46.
9- المرجع نفسه ص45.
10- آدم كوبر، الثقافة: التفسير الأنثروبولوجي، ترجمة تراجي فتحي، مراجعة د. ليلى الموسوي، سلسلة عالم المعرفة، العدد 349، مارس 2008، ص 255.
11- المرجع نفسه.
12- الفقرة 4 من الفصل 5 من الدستور المغربي.
11 - تقرير الخبيرة المستقلة في مجال الحقوق الثقافية، فريدة شهيد أثناء بعثتها إلى المغرب من 5 من شهر شتنبر 2011 إلى 16 منه، المادة 8.
12 - بما فيها الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي ،1972 واتفاقية صون التراث الثقافي غيرالمادي 2003، واتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه 2001. وقبل المغرب أيضًا اتفاقية مناهضة التمييز في التعليم 1960.
13 الاتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 27 حزيران/يونيه 1989، في دورته السادسة والسبعين، تاريخ بدء النفاذ: 5 أيلول/سبتمبر 1991.
14 - تقرير الخبيرة المستقلة في مجال الحقوق الثقافية، فريدة شهيد أثناء بعثتها إلى المغرب من 5 من شهر شتنبر 2011 إلى 16 منه،المادة 9.
15 - المرجع المذكور، المادة 11.
قام نيهليل في عهد الحماية الفرنسية بجمع كل أعراف التجمعات السكنية بواد كير جنوب شرق مراكز كرامة عدا عرف أولا علي قرب بوذنيب. ولقد نشرت هذه الأعراف ضمن مصنف يدعى (أرشيفات البربرLes archives berbères).
15- الفقرة 31- 2 من الكتاب الأول من تقرير الجهوية الموسعة الصادر يوم الخميس 11 مارس 2011.
16- التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الثالث، الفصل الثالث، طبعة خاصة تكريما للمرحوم إدريس بنزكري (1950- 2007)، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ص 37.
17- المرجع نفسه، ص38.
18- المرجع نفسه.
19- المرجع نفسه.
20- المرجع نفسه.
21- المرجع نفسه، الكتاب الرابع، الفصل الثاني، ص60.
22- المرجع نفسه ص 61.
23- تأسست التنسيقية المحلية لجبر الضرر الجماعي بإقليم الرشيدية يوم 30 أكتوبر 2007، وفي اليوم الموالي تأسست التنسيقيتان، تنسيقية ورزازات، وتنسيقية زاكورة.
24- بني معتقل أكدز مابين 1948 و1952 حسب الرواية الشفوية، وهو في الأصل منزل في ملكية الباشا الكلاوي يضم ثلاث مرافق كل مرفق مكون من عدد من الغرف وصالون وفناء (المرفق الأول تسع غرف، والمرفق الثاني، خمس، والمرفق الثالث إحدى عشرة).

25- انظر البلاغ الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول تنظيم ندوة «واحات درعة وتافيلالت: الثقافة، والتاريخ، والتنمية، أي إستراتيجية جهوية مندمجة؟»، يومي 21 من شهر يناير 2012 و 22 منه بمدينة ورزازات.
26- أصدر اتحاد كتاب المغرب فرع الرشيدية موسوعة التراث الشفاهي
27- أغاني ورقصات الواحة الدرعية، إقليم زاكورة، منشورات جمعية تنمية وادي درعة، تنسيق الزينبي أحمد توفيق، مطبعة فوليو، تمارة مارس 2006، ص 5.
28- يعد المرجع السابق «أغاني ورقصات الواحة الدرعية » مؤلفا جامعا لأعمال ملتقى الواحات الأول ورقصاتها المنظم بمدبنة زاكورة يوم 18 من شهر نونبر 2005، و19 منه، و10.
29- محمد البوزيدي «الفنون الغنائية بواحات وادي درعة»، منشورات الثقافة الجنوبية،مطبعة Bj -print-، الطبعة الأولى 2012.
30- احدى امحمد، أعراف الجنوب المغربي، نموذج: عرف أيت عطا الرتب، سلسلة دفاتر الجنوب رقم1، منشورات مختبر الأبحاث في المجتمعات الصحراوية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أكادير، الطبعة الثانية 2012.
31- التراث الشفاهي بتافيلالت، الأنماط والمكونات، تصميم مؤسسة بفاس، طبع سنة 2008، يتكون من ثلاثة أجزاء، الجزء الأول والثاني خصصا للمتن العربي والجزء الثالث خصص للمتن الأمازيغي.
32- جورج سبيلمان، أيت عطا الصحراء و«تهدئة» درعة العليا، ترجمة وتقديم د. امحمد احدى، مطبعة Bj -print- ، الطبعة الثانية 2011.
33- كتاب أغاني ورقصات الواحات الدرعية، وكتاب الفنون الغنائية بواحات وادي درعة.
34- حميد تيتاو/ محماد لطيف، المرجع السابق.
35- تشمل هذه الطقوس كل ما له علاقة بالأضاحي (Paska بالأمازيغية والإغريقية ) والذبائح وثقافة الدم.
36- يجرى الاستسقاء إما بالطقوس والأمازيغية (الثلغنجا) أو الصلوات الصوفية (الأدعية).
37- أقدم اتحاد كتاب المغرب فرع الرشيدية على إصدار موسوعة التراث الشفاهي بتافيلالت أنماط ومقومات.
38- لحسن أيت الفقيه، فصول من الرمز والقيمة في بيئة طيور الأطلس الكبير الشرقي، منشورات أوداد للاتصال، ناداكوم، ص 33.
39- محمد البوزيدي، المرجع السابق ص 8.
40- أحمد توفيق الزينبي، المرجع السابق.
41- نفسه.
42- أحمد توفيق الزينبي، أغاني ورقصات الواحات الدرعية، معطيات عامة، مقال منشور ضمن «أغاني ورقصات الواحات الدرعية، إقليم زاگورة»، المرجع السابق ص 10.
43- المرجع نفسه.
44- والتر ج. أونج، المرجع السابق 141.
45- جون جوزيف، اللغة والهوية، قومية، إثنية، دينية، ترجمة د عبد النور حزافي، سلسلة عالم المعرفي، العدد 342، أغسطس 2007، ص60
46- حاول الباحث محمد البوزيدي ربط التقاليد الفنية الشفاهية ببعض القبائل حيث ربط النوع الفني «الهرمة» بقبائل أولاد جلال وكدارة والروحا، انظر محمد البوزيدي، المرجع المذكور ص 38.
47- محمد البوزيدي المرجع نفسه ص 40، ص 41 .
48- تمارس شعيرة أمزيد الأمازيغية بنفس الشكل الذي ذكره الباحث محمد البوزيدي.
49- Miloud TAIFI, Tradition et modernité dans la littérature berbère, in identité » culturelle au maghreb, série collogues et séminaires n19, publication par la faculté des lettres et des sciences humaines Rabat,1991, p, 187.
50- للاصفية العمراني، الهجاء في الشعر الأمازيغي، حول المقاومة المسلحة بالجنوب المغربي، سلسلة الندوات والمناظرات رقم 8، المقاومة المغربية عبر التاريخ أو مغرب المقاومات، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الجزء الأول،2005 ص487.
48- Appel d’Aga-dir- en faveur de l’Amazighité «L’Association de l’Université d’été d’Aga-dir- a organisé les 13, 14 et 15 juillet 2012 à Aga-dir-, lors de sa dixième édition, un colloque international au tour du thème : «La mise en œuvre de la constitutionnalisation de l’amazighe : défis et perspectives.»
Ont assisté au colloque des militants associatifs, des intellectuels et des chercheurs venus des quatre coins du Maroc et de l’étranger, notamment d’Algérie, de France et de Belgique.
Les débats ont duré trois jours et ont porté sur les questions d’actualité en rapport avec la situation de l’amazighité, ses enjeux, ses défis et les divers chantiers ouverts au lendemain de la constitutionnalisation de l’amazighe. Au terme de cette rencontre, les participants ont rédigé l’appel d’Aga-dir-, approuvé lors de la séance de clôture»



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق الانتقال الديموقراطي في المغرب في ظل توصيات هيئة الإنصا ...
- النساء وهول الحق في الاستفادة من الأرض السلالية بإقليم الرشي ...
- السينيما والذاكرة في العقود الماضية بمدينة الرشيدية بالجنوب ...
- «هكذا تكلمت درعة» بإقليم زاگورة بالجنوب الشرقي المغربي
- النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية بمدينة زاگورة يواجه بال ...
- قبيلة أيت موسى وأزمة الهوية السوسيومجالية بالجنوب الشرقي
- التنمية المحلية وحقوق الأطفال والشباب بإقليم زاگورة
- حقوق الإنسان بالجنوب الشرقي المغربي في مرآة الصحافة في عام 2 ...
- أفاق الشراكة بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزا ...
- أي تمثيلية نسائية في ضوء مشروع الجهوية المتقدمة وروح الدستور ...
- أكادير: ندوة حول «إعمال اتفاقية حقوق الطفل ببرامج الجمعيات و ...
- سياق التشاور بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان والمصالح الإقل ...
- برنامج تقوية لتأهيل الجمعيات بإقليم الرشيدية
- مهرجان بوعنان للثقافة الأصلية بالجنوب الشرقي
- الرشيدية: إعلان الجنوب الشرقي على هامش لقاء «الحركة الجمعوية ...
- النسخة الثانية من منتدى أرض الجموع بالجنوب الشرقي بمدينة ورز ...
- الأمازيغية في السياسة العمومية، أي حصيلة ؟ وأي أدوار للفاعلي ...
- ملوية العليا وإشكال أسس العلاقة بين الإنسان والأرض
- «من أجل مشاركة فاعلة للمتدخلين المحليين في تدبير الشأن المحل ...
- المناظرة الجهوية حول الحركة الجمعوية بالمغرب ورهانات البناء ...


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - السياقات المعززة لضرورة الحفاظ على التراث الشفاهي والتقاليد بحوض درعة بالمغرب