أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - منصف القابسي - خواطر حول البيروقراطيّة والثّورة














المزيد.....

خواطر حول البيروقراطيّة والثّورة


منصف القابسي

الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 13:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تحيل البيروقراطية في الأدبيّات السوسيولوجيّة على وظيفة ضمن الإدارة ولكنّها كمفهوم علمي تؤكّد خاصّة على مستويات محدّدة كطريقة العمل وطريقة التفكير وطريقة التّنظيم والتّخطيط والاستشراف وطريقة القيادة وطريقة التفاعل مع المستجدّات ...
ومن خلال هذه المستويات تتفرّع مؤشّرات إجرائيّة ومنها خاصّة العقلانية في التخطيط والإدارة والاستشراف والتفاعل مع المستجدات. وقد كثر الحديث عن البيروقراطيّة باعتبارها في المعجم السياسي المتداول نوعا من كبح جماح الإبداع والخلق والابتكار وتنميط مسارات العمل والتّخطيط والبرمجة، لذلك فهي بشكل أو بآخر مسار يشلّ كلّ أشكال التّغيير لتغدو إلى نزعة محافظة ورجعيّة. والبروقراطيّة في المجتمعات الغربية استعملت العقلانيّة لتركيز أسس النّظام الرّأسمالي والمحافظة عليه بما يخدم استمراريّته وتواصل الميكانيزمات المسيّرة له، ولكنّ هذه العقلانيّة ليست مجرّد عقلانية أداتيّة توظّف كلّ الوسائل والطّرق لخدمة الهدف المباشر، بل هي أحيانا عقلانيّة تقودها نوع من القيم أو الأيتوس، فقد نحقق أهدافا واحدة من خلال تبنّي منظومات قيمية مختلفة، أو أنّ منظومة قيمية ما قد تكون مؤهّلة بفضل خصائصها القائمة لتحقيق أهداف لم تتحقّق ضمن منظومات أخرى.
أمّا في بلداننا، التي لم تتمكّن من التّطوّر الذّاتي لأنساقها الاقتصادية والاجتماعية والقيمية وذلك بفعل تداخل عوامل كثيرة لعلّ أهمّها ثقل التّدخّل الاستعماري العنيف لفترات طويلة تمتدّ إلى قرون قبل الاحتلال العثماني فالفرنسي المباشر، فإنّنا نجد من ضمن ما نجد منظومة البيروقراطيّة منظومة مريضة منهكة بعيدة كلّ البعد عن استعمال العقلانية وتوظيفاتها، وهي تشتغل كمنظومة للحفاظ على أركان النّظام القائم، نظام التّخلّف والتّبعيّة، نظام يمجّد كلّ أشكال الفساد وسوء التّصرّف في الملك العامّ، نظام يخدم الحاكم والزّمرة/العصابة التي تحيط به، نظام الرّشوة ونهب الثّروات، نظام المحسوبية والزّبونيّة...
ولكن بعد 14 جانفي 2011 مباشرة، وجدنا ارتباكا كبيرا صلب الإدارة، لأنّ المسيطرين على دواليبها، البيروقراطية الفاسدة، اعتقدوا فعلا في البداية أنّ ما وقع في تونس هو ثورة ستهدّد أركان النّظام القائم، لم يتصوّروا حينها أنّهم وكلّ من له مصلحة في بقاء النظام سوف يشتغلون ليل نهار للإيقاع بالثورة والثّوار واستدراجهم إلى المربّعات التي يريدون حتّى تموت شعارات الثورة قبل أن يتحقّق منها ولو الشيء اليسير. سارعت البيروقراطية التي لم تنجح الثّورة في اقتلاعها من جذورها (لأنّ المهمّة الأساسية لكلّ ثورة هي اقتلاع أركان النّظام الفاسد والعمل على وضع أسس نظام جديد) إلى تبنّي بعض من شعارات الثّورة، ولو بصفة وقتيّة وشكليّة، حتّى لا تستهدف من الثّوّار، وكان مثل هذا الفعل من قبيل ردود الأفعال الطّبيعية لأيّ جسم تجاه أي نوع من الهجومات التي تستهدفه.
إنّ الأمثلة الواقعيّة كثيرة وفي جميع المجالات، الأكاديمية والثقافية والاجتماعية وغيرها، ودون الغوص في التفاصيل أريد أن أبثّ رسالة إلى بعض من هؤلاء البيروقراطيين الصغار منهم والكبار، لأذكّرهم بأنّ من يحملون هموم الثّورة لا تهمّهم المناصب بقدر ما تهمّهم البرامج، وحين يقفون على برامج تهدف إلى النهوض بالوطن وبأهدافه السامية ينخرطون فيها دون تردّد، أمّا أنتم فلستم سوى متسلّقين تتمعّشون من النظام القائم، نظام الفساد والاستبداد، تعملون على تحقيق أهدافه اللاوطنية واللاشعبيّة وتأكلون على جميع الموائد، موائد الحكّام، لا يضيركم إن كانوا من اليمين أو من اليسار أو من الوسط، لكنّكم وإن نجحتم لحين فإنّنا نذكّركم بأنّ مسار الثّورة لا يزال متواصلا وبأنّ أركانكم ستدكّ، لأنّ ذلك من الشروط الضّرورية لتحقيق الأهداف السامية للثّورة، تلك هي عقلانيتنا، التي تقودها قيم ولكنّها قيم من نوع خاصّ يعسر عليكم فهمها واستيعابها.
منصف القابسي
صفاقس في 12 ماي 2014



#منصف_القابسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عفوا رفيقي الدّكتور ... يريدون إخراجنا وإغلاق الباب دوننا أو ...
- -معركة- النقاب: تحويل لوجهة اهتمام الشعب عن مشاكله الحقيقية
- دفاعا عن التعليم الديمقراطي الشعبي


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - منصف القابسي - خواطر حول البيروقراطيّة والثّورة