أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد طولست - شعوب لا تقرأ !!!














المزيد.....

شعوب لا تقرأ !!!


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4450 - 2014 / 5 / 11 - 13:20
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


شعوب لا تقرأ
الزائر العابر لمعظم مدن بلدان الله المتقدمة ، وعلى رأسها مدينة النور وعاصمة الثقافة والموضة والجمال والفن والحلم والرومانسية "باريس ".. سيدهشه لامحالة حجم التغييرات السلوكية التي طرأت على مواطنيها خلال فترة زمنية قصيرة جدا لا تتجاوز بضع سنين ، وربما سيزعجه ويؤلمه ، كما أزعجني وآلمني ذاك التغير الخطير مس سلوكيات ركاب قطارات الأنفاق RER الذين كانت الغالبية العظمى منهم ومن كل الأعمار والأجناس ، سواء داخل القطارات أو في أماكن الانتظار ، يضعون أعينهم في كتاب أو مجلة أو جريدة – من المجلات والجرائد المجانية والتي كانت ولازالت توزع بالمجان عند أكثرية مداخل المتروهات – لتقديرهم للوقت جيداً واستثمارهم له في القراءة ، الشيء الذي قل ، مع الأسف ، بصفة فظيعة جدا ، حتى غدا من السهل ملاحظته بجلاء ، عند ركوب أي وسيلة من وسائل النقل الفرنسية العامة ، من حافلات ومتروات وقطارات أنفاق باريس وغيرها من القطارات RER وTGV السريعة الرابطة بين المدن ، حيث لن تجد إلا قلة قليلة من الركاب تقرأ كتابا أو جريدة أو مجلة وغالبا ما تكون تلك القلة من كبار السن ، أما غيرهم ، و خاصة الشباب والأطفال الصغار ، فتراهم وقد أمسكوا جميعهم بتليفونات ذكية أو يحملون بكومبيوترات متنوعة الأحجام والأشكال ، ويغرقون في لوحات "الآي باد" و"الآي فون" ، وكل ما أنتجته عوالم التقنية الالكترونية من آلات وأجهزة رقمية حديثة ، يشاهدون من خلالها الأفلام ، أو يلعبون الألعاب الإلكترونية ، أو يسمعون للموسيقى ، منضبطينً بقواعد من القوانين والسلوكيات تحمي من الإزعاج غيرهم من الركاب الآخرين الذين ربما لا يقرؤون ولا يستعملون تلك الآلات التي عوضت الكتاب والمجلة والجريدة في عالم كانت فيه القراءة هي الوسيلة الأولى للتثقيف واكتساب المعارف والمعلومات ، والتي بلغت حصيلتها عند الأوروبي الواحد - إبان هوسهم بالقراءة - ما يعادل ثقافة ٢-;-٨-;-٠-;-٠-;- شخص عربي ، يوم كان الفرد الإنجليزي مثلاً يقرأ ٣-;-٥-;- كتاباً في العام ، حسب إحصاءات مؤسسة الفكر العربي التي تقول عن معدل القراءة عند العرب "إن معدل قراءة العربي ٤-;- في المائة من قراءة الأوروبي ، بينما كل ٨-;-٠-;- شخصاً في البلاد العربية لا يقرأ سوى كتابا واحدا في العام لاعتماد الغالبية العظمى من البلاد العربية الجميلة في اكتساب معارفهم على السماع والمشافهة ، دون الوقوف طويلاً بعهد الكتاب ، ذاك العهد الذي لم يقفوا عنده قط ، لا طويلاً ولا قصيراً ، وانتقلوا مباشرة من عصر الثقافة السمعية ، المعتمدة في اكتساب المعارف ، والتعرف على التاريخ ، على المشافهة واستماع القصص عبر قاص أو حاكٍ –العيار عند المغاربة- إلى عصر معرفة الحدث عن طريق الصورة ، وفي كلتا الحالين يكون العقل فيها ساكناً يملى عليه ما يسمع أو يشاهد ، وذلك لأن العقل العربي في الغالب عقل بدوي بدائي ، يتعلم بالتقليد والمحاكاة والتكرار ، يحفظ ولا يدرس ، يتلو أقوال وأشعار الغير، لا يستوعب المعادلات الرياضية أو التفاعلات الكيميائية أو منطق عمل عناصر الحياة ، ولا يعترف بمنطق أو فلسفة ، عكس القراءة التي تحرك العقل وترجه وتحثه على التفكير والاستنتاج ، وتترك له مساحة من الفهم تخصه وحده.
حيث أنك كلما ركبت أي قطار من قطارات البلاد العربية والمغاربية ، فنادرا ما ترى راكبا من هذه البلدان يحمل كتابا ، أو أي شيء آخر يقرأ ، ومتى حمل أحدهم جريدة أو مجلة ، فإنما لتمضية الوقت والاستعانة بها من وعكة السفر ، وحتى إذا حدث وقرأ بعضهم ، فإنما يقرؤون الصحف من عناوينها فقط أو يملأون شبكات الكلمات المتقاطعة أو ألعاب السوكودو و.. ما جعلنا في مؤخرة الدول القارئة حسب إحصاءات مؤسسة الفكر العربي التي تقول بأن معدل قراءة العربي ٤-;- في المئة من قراءة الأوروبي ، وإن الفرد عندهم في إنكلترا مثلاً يقرأ ٣-;-٥-;- كتاباً في العام ، بينما كل ٨-;-٠-;- شخصاً في البلاد العربية لا يقرأ سوى كتاب في العام ، ولكنك بالمقابل ، تجد أن أكثرية الركاب والشباب منهم على الخصوص ، -والذين كانوا قبل هذه الثورة الرقمية ، خلال سفرياتهم يغطون في نوم عميق ، أو يقضون الوقت في "التبحليق" لأي فتاة تركب معهم حتى لو كانت منقبة وأحيانا لا يكتفون بالبحلقة ، بل يُتبعونها "بالبسبسة " وربما باللمس والاحتكاك كلما سنحت لهم الفرصة لذلك!! - وقد غرقوا في تلك الآلات الالكترونية الحديثة المستوردة -رغم أننا ما زلنا لم نضع أرجلنا في أول درجة على سلم ثورة المعلومات ولم ننتج منها منظومة أخلاقية وتعليمية وتثقيفية تتبع هذا المنتج الجديد على ثقافتنا الشفوية - يتلقون عبرها كميات هائلة من المعلومات المختصرة على مدار الساعة ، أو يسمعون عبرها موسيقاهم المزعجة والتي يذيقون كافة الركاب مرارتها حين يرفعون منسوب صوت أجهزتهم القوية ، رغم صغرها ، إلى أقصى درجاتها ، غير عابئين بمن حولهم من الركاب !!
سلوكيات غير سوية تجسد واقعنا تجسيدا حقيقيا وفعليا ينم على أن مجتمعاتنا مازالت تعيش تحت سلطة الذاكرة البدوية رغم انخراطها -مرغمة- في مسارات التحديث والتمدن الشكليين ، وذلك لأن العقل البدوي عندما يمتلك التكنولوجيا يسخرها بطريقته الخاصة ، وبأسلوبه في الحياة ، ويقصر استخدامه لها على الحد الأدنى من جهد الاستيعاب ، فيسيء استخدامها كما أساء استخدام كل مبتكرات العصر التي وصلته قبلها ، بما فيها السيارة التي يقودها كما لو كان يقود حصانا ، ويركنها كما يركن الحمير.
وأختم بالقول بأن قضيّة التمدن والتحضر، أو البداوة والتخلف ، ليست مرتبطة بالضرورة بمستوى استعمال التكنلوجيا الالكترونية الحديثة. وإنما بالمبادئ الروحيّة والعقليّة والامتثال للضوابط القانونية والأخلاقية في مجتمع حضاري أو بدائيّ
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة نكران الجميل !!
- بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !
- أيهم أكثر نضالية ، عمالهم أم عمالنا ؟؟
- فاتح ماي في فرنسا عيد مزدوج ، -رمانسية ونضال-.
- رد على منتقد -لولا الجنس لانقطع الجنس -
- لولا الجنس لانقطع الجنس (5)
- لولا الجنس لانقطع الجنس (4)
- لولا الجنس لانقطع الجنس (3)
- لولا الجنس لانقطع الجنس (2)
- لماذا فقدنا الابتسامة ؟؟..
- لولا الجنس لانقطع الجنس (1)
- لماذا تُذل المرأة نفسها وتتهم الرجل بذلك ؟؟
- حين تهان المرأة ممن يفترض فيه حمايتها !!؟؟؟؟؟؟؟؟
- الإنسان السعيد لا يشيخ !!
- الدراجة الهوائية وسياسينا !!
- لماذا أدمن ركوب القطار !! (5)
- لماذا أدمن ركوب القطار !! (4)
- الإعدام جزاء من جنس جريمة !!
- فضيحة الشكلاطة
- رد على اللواتي اتهمن حاسوبي بالتحامل عليهن!!


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد طولست - شعوب لا تقرأ !!!