أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - المجاوزة الرؤيوية في الشعر ... قراءة في الاعمال الورقية للدكتور مشتاق عباس معن .















المزيد.....

المجاوزة الرؤيوية في الشعر ... قراءة في الاعمال الورقية للدكتور مشتاق عباس معن .


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 4449 - 2014 / 5 / 10 - 14:02
المحور: الادب والفن
    


لا تكتسب الحساسية الشعرية اصالتها ما لم تكتسي رؤيا تؤطرها ؛ لتكون حينها الذات الشاعرة على بصيرة مما هو مرئي صعودا الى الامتزاج الوجودي مع الاشياء في حالتها الكلية , وبذلك يمكن القول ان الشاعر الرؤيوي تتجسد في هياماته براءة الطفولة مثلما تتجسد فيها حكمة الفلاسفة , بل لعله يكون اقرب الى البوهيمية منه الى التعقل المزيف ,واقرب الى الجهل الحكيم من الحكمة المفتعلة فالشاعر الحق ان جاز التعبير ميتافيزيقي كبير يرى الاشياء لا بعينه بل ببصيرته , لذلك فهو ليس بحاجة الى الكلمات لكي يكتبها بل هو يحتاجها لتكون اشارات ليس الا ,لكنها اشارات لا تقف على مدلول معين .ولا يفترض بها ان تقف على مدلول اصلا فالوقوف يعني الموات ,والنص الحي لابد ان يظل عرق الحياة ينبض في نسغه الى الابد ,لا يتوقف البتة ثم ان النص الرؤيوي نص لا يمكن ان يوضع على الرف كما قال بارت فهو نص متجدد لا يمكن ان يركن جانبا .
والبصيرة الشعرية الحية لا يمكن ان تكون عاملا مضادا للضرورة حتى وان كانت في اعلى درجات الانسجام الشعري ,لأننا لو سمحنا بذلك فإننا نحكم بإعدام الحرية كفعالية تنهض على علاقة الذات بالوجود .
وفي الاعمال الورقية غير الكاملة للشاعر الدكتور مشتاق عباس معن نجد هناك محاولة واعية وقصدية تنم عن تمثل للثقافة الادبية الراهنة واصرار عند الشاعر على ان يطأ ببصيرته الابداعية النافذة ساحة التجريب ليتجاوز المواقف السجالية الدائرة في الاوساط الادبية حول جدل المحلية والعالمية او جدل اصحاب الرؤى الحداثية وما بعد الحداثية وهو في سعيه هذا لا يني يتقصد مجسات الروح اينما حلت لتأتي نصوصه اغلبها صادرة من حدس دقيق ربما لا تعرف للزيف مكانا ,اذا ان تلك النصوص لم تكن في اي حال من الاحوال مجردة من الذات المهمومة بالشعر بل يمكن القول ان نصوص الدكتور مشتاق صور ذاتية متوهجة المعاني وحصيلة خبرة جمالية في ادارة الكلمة قد يحسد عليها الرجل .
ضمت الاعمال المذكورة ثلاث مجاميع : ما تبقى من انين الولوج , وتجاعيد , ونصوص اخرى , انطوت كل مجموعة على عدد من النصوص التي كتبت بطريقة ابداعية مبتكرة فيها الكثير من الاصرار على اجتياز حدود التجنيس القار , فهي اذا نصوص تتأبى التحديد وترفض الترسيم وتمانع الاسر في ايقونات ثابتة ... نصوص يمكن وصفها بدوال حائرة تبحث بدون جدوى عن مدلولاتها.
يفتتح الشاعر مشتاق عباس اعماله بقصيدته (الى المذبوح بحد الفرات ) ويريد به الامام الحسين (ع) الذي تربطه بالشاعر علاقة روحية شفيفة , يخاطب الشاعر الامام الحسين في نصه هذا قائلا :
توقظ في الفضا عرقا
لينبض في فؤاد الريح
صاعقة تكونك
فلم يجسد الشاعر في نصه هذا الالم بصورته التقليدية بل ان الالم عنده لابد ان يمتزج بالنشوة التي تبعث في الانفس الامل.
ولطالما استوحى الشاعر في عتباته النصية ,لاسيما العناوين الموروث الثقافي والديني , فقد وسم احدى نصوصه (اريقط) ووسم نصا اخر (لا بد لي ان الج ...ولو في سم الخياط ) والنص عبارة عن بيتين يضجان بالرفض :
معول ابراهيم انكسرا وكبير الالهة انتصرا
وازورت تزحف امنية تلعن من هاتيك القدرا
والملاحظ على اغلب نصوص الاعمال هذه انها مسكونة بالمغايرة على صعيد الشكل او المضمون ففي نصه (في فجر ما .............ستموت الولادة )نجد نفسنا امام حوارية فلسفية اشخاصها :الميت والفجر والذئب والراهب . وتشي بشيء من الامتلاء النصوصي المتخفي خلف الكلمات لتعبر عن امتداد اصيل للأرواح يتجلى في كلام الميت .
ونجد الامر ذاته في نصه (حكاية )التي تدور بين الراوي والقارئ والابطال , وهو نص اشاري يشير الى قاموس من المعاني المتخفية بين مستويات السطوح الظاهرة .
ويبدو ان نصوص الشاعر مشتاق عباس لا تفتأ تتواشج مع رؤى المتصوفة , ففي نصه (شهادتي بعد غيبة الحلاج ) ــ مثلا ــ يقول
يا كأس ...............اتعبه السكرى
ورسول .............اتعبه الله
_تذرف كل صباح ومساء
الف شريعة
تحلم كل صباح ومساء
بألف نداء
تطلب ان تكون صريعا
والنص عبارة عن تورية كبيرة ويبدو ان الشاعر في نصه هذا قد تجاوز ما تثيره الكلمات في توهجها الى الوقوف على منابع الرؤى الحقيقية التي تشعل الرغبة في البوح الصوفي فهي اذا ممارسة اصيلة , وخديعة جمالية تدعو الى الانبهار وربما الى التوحد او الولوج في تلك المساحات التي تركها الشاعر شاغرة لتحل الارواح الغاوية فيها .
واذا تجاوزنا المجموعة الاولى الى المجموعة الثانية من اعمال الدكتور مشتاق الشعرية _ولا يكون ذلك الا على مضض لشدة التعالق الذي تتركه نصوص المجموعة على صفحة الذات القارئة , فأننا والحال هذا لابد ان نهيئ ذائقتنا لأمر اخر, فنصوص هذه المجموعة (تجاعيد )كتبت اثناء تواجد الشاعر في اليمن عام 2003 لذلك يطالعنا منذ الوهلة الاولى بتجاعيد كلماته المتمثلة في مكابدات اناه مرورا بوجع الان وانتهاءا بتأرجح لا نعرف نهايته , وليس من الصحيح ان يذهب الظن بالقارئ ان نصوص المجموعة الثانية قد ارهقها الهم الواقعي بل ان الشاعر رغم وطأة ذلك الهم ما زال يتوسد همومه الوجودية العابرة لسياج ذاتيته على الرغم من الانطلاق في اكثر من نص من نصوص المجموعة من الانا لكن الانا هذه المرة تمثل كوة صغيرة تسمح للآلاف الذرات الضوئية المحملة بالوجدانات بالنفاذ من خلالها ففي نصه مكابدات انا نقرأ للدكتور مشتاق قوله هذا :
كنت اخلع جلدي
لئلا يراني ابي
فيزرع انيابه في متوني
هو اعتادها
مثل ظل الجفاف الذي
اناخ فينا
فأي اب هذا الذي يغرز انيابه حنقا في متون اولاده ؟؟ يبدو ان النص لا يختزل بهذا الشكل لنؤكد ثانية انه رؤية اكثر من كونه نصا يحتاج الى فعل قرائي مغاير بل وبما الى افعال قرائية مغايرة .
ويعود الشاعر ليعانق السؤال الوجودي من جديد في نصه (ريشة من سكون السؤال )ليجد فتحة السم تلج على جمله لتنفتق في يديه فوهات الصحاري ,وترقص اطيافه وتهتف احلامه :
وهناك بين سنابك الرمل
الممدد فوق اعطاف السنين
غفا طور سنين
خلعت فؤادي
جلدي
كلي
لعلي ارى ما أراه
__________ قطع ........
ويستمر النص بهذه النسيج المبتكر لنجد انفسنا بين مقطع واخر على اعتاب قطع ربما بشي بالدهشة الوجودية او الطلب من الاخر للأدلاء بدلوه , وقد يشي بأشياء اخرى .
وقد يعتمد الشاعر في صياغة نصوصه على آليات ابداعية اخرى مثل : ترك نقاط كما في نصه (عندما يستفيق المساء ), او استعمال البادئة الخطية (_) كما في (الطريق الى سبأ)ونصه (هامش ) , او استعمال العلامة (/) كما في نصه (هسهسة السعف ) , استعمال طريقة السيناريو كما في مجموعة من نصوص مجاميعه منها _مثلا _(من احاديث الغبار )الذي استعمل فيه ايضا طريقة القطع ونثر الكلمات على الصفحة والكتابة بأكثر من خط .
ولابد من الاشارة الى ان الدكتور مشتاق قد استعمل هذه التقنيات في اغلب نصوص المجاميع الثلاثة , وأرتأى الشاعر ان تضم مجموعته الثالثة نصوصا اخرى كتبت في مراحل متفرقة من عمر تجربته الادبية .
واللافت في هذه المجموعة اشتغال الشاعر على فن العنوان بصورة اكثر ان جاز التعبير بوصفه عتبة نصية تشي بمضمون الرؤية الشعرية للنصوص فقد جاءت عنوانات المجموعة : (نافذة امي , مدونة التاريخ بخور الناي , نصوص عابرة للمعبر) وتحت مظلة العنوان الاخير كتب الشاعر خمسة نصوص مرقمة بالشكل 0/1 و0/2 , و0/3 , و0/4 ,0/5 , وهي نصوص نثرية قصيرة اتسمت بالصور السوريالية المبتكرة يقول في النص (0/2)
ففائرتك الماكرة
مازالت تغري اصابعي المبتورة
فكم مرة قضمتها اسنة تدمي
واقسمت ان اجافيها عنوة
لكن ترافة جلدك الثعباني
يذكرني بآثام الحب
فأدنو اليك عنوة ايضا
لا صفف خصالك الحجرية
وادغدغ ازرارك العمياء لتبصرني
لكن ستائرك الجامدة
هدلت مرحى عيوني
وحدبت افقي كأقصى كرة ......
لقد طرح الشاعر في نصوصه هذه اقتراحه الرؤيوي في ان تكون الذات مكتوبة لا كاتبة وفي الوقت نفسه مقروءة لا قارئة , فأن الفعل مرآة للحرف لا العكس , وما دامت الكتابة ذات تتبدى على شفاه الاوراق فأنها ستلفظ حال خروجها مرسومة ؛ حينها لا يبقى هناك ادنى شك في نقاء الكتابة وعفويتها ,اذ كلما تم الافصاح عن الذات كلما ازدانت تلك الذات بالوجود اكثر فأكثر ....



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة السوابق واللواحق في ترجمة المصطلح
- ازمة الخطاب الموجه في الفضائيات العراقية
- غياب الإفادة من التطورات الحاسوبية لخدمة اللغة العربية
- المعجم العربي وازمة الدقة المصطلحية
- حلم ... (قصة قصيرة )
- جدل التراث والحداثة في النقد العربي ... ادونيس نموذجا
- في نقد العقل العربي التنظيري
- استقبال البنيوية عند المفكرين العرب ... قراءة في كتاب مشكلة ...
- الحداثة وما بعد الحداثة والتداخل المفاهيمي بينهما .
- الممارسة النقدية العربية ومشكلة التنظير
- من البحث عن النقد الى البحث عن الهوية المنهجية
- النقد والآيديولوجيا ... في النقد العربي المعاصر
- قراءة في كتاب نظرية البنائية في النقد الادبي
- في مصطلح الاجراء النقدي
- على حافة الحرف (نص)
- ادعاء (نص)
- فوكو بوصفه قارئا
- الحقيقة بين المنطق واللغة
- خصوصية التفكير الفلسفي
- فكرة الالوهية عند الفلاسفة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - المجاوزة الرؤيوية في الشعر ... قراءة في الاعمال الورقية للدكتور مشتاق عباس معن .