أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - حوار العقلاء:















المزيد.....



حوار العقلاء:


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4446 - 2014 / 5 / 7 - 22:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد إستوقفني أخ بمجموعة التعليقات المتتابعة عن بعض ما جاء بموضوعنا: "سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(هـ)"، وقد شدني إسلوبه المهذب، وأفكاره المرتبة وطرحه المنطقي العفوي،، بغض النظر عن قربها أم بعدها من الحقيقة،، فشخص بهذا الحضور جدير بالإهتمام.

لقد لمست في هذا الشخص صدق في الطرح والسعي للوصول لحقائق له حولها إستفسارات وإستيضاحات، وتشككات، كما لمست فيه (والله أعلم به)، أن هناك كثير من التناقضات في كثير من الخطابات الدينية للعديد من العلماء أو المدعين العلم، فإختلطت الأمور على البعض وتاهت عنهم الحقيقة وسط السلوكيات التي تفضي دائماً إلى مزيد من التشكك والإحتجاجات وفي الغالب إلى النفور والهروب من دائرة المنازعات والمناظرات والإحترابات الكثيرة والمغالطات التي أبتلي بها أهل الكتاب، والكثير من المسلمين.

لقد رأيت أن أتحاور مع هذا الأخ،، وأستجيب لطلبه المناقشة معي من خلال تعليقاته التي أحسست أن فيها شيء من الحيرة، لذا كان لزاماً عليَّ أن أشرك القراء الكرام معنا في النقاش، مما يقتضي "للضرورة" أن أعرض تعليقاته تماماً كما أوردها صاحبتها، ثم بعد ذلك أرد عليها بما يجود الله به علينا، كما أنني قد رأيت في أسلوب هذا الأخ نموذجاً طيباً معتدلاً يحتذى به في النقاش والحوار وحتى في الخلاف والإختلاف الكبير في المفاهيم والرؤى بيننا والتوجه،، ما دام أنه يتعامل بمثل هذا القدر من الإلتزام، وإحترام الطرف الآخر فكراً وخصوصية.

في الحقيقة،، لقد أثار هذا الأخ حزمة من الإشكاليات التي يعاني منها الكثيرون من جراء المغالطات التي تعقد الأمور ولا توصل إلى نتيجة مقنعة يمكن للشخص أن يبني عليها معتقداته ومفاهيمه. لذا أعتقد أن مناقشة مثل هذه الأفكار ستكون ذات قيمة عالية ومردود لا بأس به للكثيرين منا وستفتح الباب واسعاً للمشاركة الفعالة المفيدة بدلاً عن التعليقات الإستفذاذية الساخرة التي إعتدناها من البعض.

لقد قمت بترقيم أسئلته التي أوردها في تعليقاته لتسهل المتابعة ويسهل الرد عليها بصورة أوضح، حيث قال:
أولاً: (( -- بداية اود ان اتقدم بالشكر للمجهود الذي تقوم به لاثبات صحة معتقدك ولو ان مقالاتك تتسم في كثير من الاحيان بالطول المرهق بعض الشيء. --)):

نعم يا أخي، أنت محق بأن هذه المقالات تبدوا طويلة،، على الرغم من محاولاتنا إختصارها بقدر المستطاع،، ولكن المواضيع التي نتعرض لها فيها مغالطات كثيرة وتحتاج إلى معالجة كاملة، فإن تناولناها بموضوعية ومصداقية إحتاج الأمر التركيز على مقتضيات ذلك دون اللجوء إلى حرق المراحل، وإهمال دقائق الأمور التي تكون هي الأساس، فيكون الأمر فيه غبش،، أما إن كان الرد من وجهة نظري الشخصية لما إحتجت إلى تطويل.

لكن،، ألا ترى أنني بذلك أكون قد فرضت رأيي الشخصي على القراء والمتابعين، وسيكون ذلك إجحافاً مني في حقهم وخداع وتدليس عليهم. وكما تلاحظ - فأنت بنفسك - حتى مع كل هذا التطويل الذي تحدثت عنه وتحدث عنه آخرون،، فها أنت ذا الآن تعرض علينا مجموعة أسئلة هامة للغاية تحتاج إلى مزيد من الإيضاح،، فهل أعتذر عن ذلك؟ أم أختصر ما لا يمكن إختصاره؟ وهل إن إكتفيت برد موجز أكون صادقاً وأميناً معك؟ وأنت قد حملتني أمانة لا فكاك منها؟؟؟

ثانياً: قال الأخ: ((-- انا من خلفية اسلامية و لو سمحت لي اود ان ادخل معك في نقاش حول بعض ما تكتبه --)).

أقول له: حقيقةً يسعدني كثيراً أن تدخل معي في أي نقاش مفتوح وبلا حدود،، ما دام هذا النقاش يوفر لك قيمة معرفية قد تساهم في كشف بعض الأمور الغامضة أو تزيل بعض أو جل الشكوك أو الإلتباس الذي تواجهه أنت وآخرين معك، بل أنا أشكرك على ثقتك في معرفتي المتواضعة التي أرجوا من الله تعالى أن يوفقني لتقديم شيء ذا قيمة يحقق لك ما ترجوه وتصبوا إليه.

ثالثاً،، قال لي الأخ: ((-- انا لست مختصا باللغة حتى اقول ان هناك اخطاء لغوية ام لا و لكن ساتحدث من ناحية المنطق هل ما جاء في القران او في اي دين امور يقبلها العقل--))؟

أقول له: أما سؤالك إن كان بالقرآن أو أي دين آخر أموراً يقبلها العقل ..... أؤكد لك لك هنا أن التعميم لا ينفع في مثل هذه الأسئلة تحديداً،، إذْ لا بد من التحديد. فلا يجوز خلط الأوراق،، على أية حال نرد على هذا السؤال بما يلي:
1. إنَّ كلمة "دين" تعتبر كلمة عامة، فالدين الصحيح هو الذي أنزله رب السماوات والأرض وأمر به، فهذا يعتبر ملزم بالإيمان به "قطعاً" في كل زمان ومكان، ولكنه صالح للتطبيق فقط "في فترة صلاحيته"، مثل صحف إبراهيم وموسى،، فجاءت التوراة فأصبحت الدين المعتمد الذي يقبله الله تعالى، ثم جاء الإنجيل، فأصبحت التوراة مجرد إيمان بها وبالصحف الأولى، والدين الملزم للتطبيق هو "ما جاء به عيسى عليه السلام من توراة مصدقة وإنجيل موحى"، حتى جاء الإسلام، "الناسخ" لكل هذه الأديان مع الإحتفاظ بالإيمان بها.

2. هناك أديان من إبتكارات البشر أو إيحاء وتلبيس إبليس،، هذه أديان فاسدة، فالعبادة يجب أن تقتصر فقط على "خالق السماوات الأرض،، رب العرش العظيم"، فهؤلاء المعتدين قد حَوَلُوْا العبادة إلى غيره من أصنام وغيرها أو أشركوا معه غيره فيها،، فهؤلاء في حرب مباشرة ومفتوحة مع الله تعالى إلى أن يتوبوا ويستغفروا ويرجعوا إلى الحق.

3. هناك أناس لا دينيين لا يعبدون الله ولا غيره، فهولاء ألحدوا، وظنوا أن الله قد خلقهم عبثاً ولم يصدقوا بأنه قد خلقهم للإعتراف به وعبادته قال تعالى في سورة الذاريات: (وَمَا خَلَقْتُ « الْجِنَّ وَالإِنسَ » إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ 56)، («مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ » وَ « مَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ » 57)،، لذلك سيكون عقابهم عنده يوم القيامة أو إن شاء عجل لهم شيء من العذاب في الدنيا، ومع ذلك لم يعط لأي أحد غيره سلطاناً ليجبر به هؤلاء على عبادته "قهراً" فلكل واحد منهم أن يختار دينه كما يشاء ولكنه قد أعلمه بتبعة هذا الإختيار ليقيم عليه الحجة، ما دام أنه قد إرتضى لنفسه دفع الثمن.

4. هناك أيضاً مجوس يعبدون الشمس والكواكب والنار وغيرها من دون الله تعالى "صاحب العبادة الحقة"،، أيضاً أعطاهم الخيار،، ولكنه بين لهم العاقبة والعقاب، لكي لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

أما سؤالك إن كان في اي دين امور يقبلها العقل، نقول لك ما يلي:
أولاً: بالنسبة للأديان السماوية كلها (التوراة "قبل التحريف"، والإنجيل "قبل التحريف") ليس فيها شيء لا يقبله العقل،، بل كل ما جاء بكتب الله تعالى منطقي ويقبله العقل، لأنه أنزل أساساً ليخاطب العقول، ويحرك القلوب، ومن ثم كان حجة على الناس يوم القيامة،، فكيف يمكن أن يعاقب الله الناس عن أمور يستحيل عليهم فهمها؟ ثم يكون بعد ذلك "عدلاً"، "رؤوفاً"، "رحيماً"، "براً"، "تواباً"، "غفوراً"، "شكوراً".... الخ؟؟؟ الله تعالى لا يكلف نفساً إلَّا وسعها،، لها ما كسبت وعليها ما إكتسبت.

ثانياً: بالنسبة للقرآن الكريم،، كما ترى فهو معروض بكامله أمامك الآن وأمام كل الخلق، ليس فيه شيء مخفي أو غامض،، فقط عليك أن تشير إلى شيء منه غير مفهوم أو لا يقبله العقل. فإن إستطعت إيجاد شيء من هذا عليك به الآن وليس غداً!! ... وستعرف أنك كنت مخطئاً.

كما قال لي أيضاً: ((-- اولا جاء في مقالك هذا قولك (...الدين القويم الذي لم يناصب أحداً العداء لا في السابق ولا في الواقع ولن يكون بإذن الله في المستقبل ما لم يكن صَدَّاً لعدوان مباشر يهدد التوحيد أو الوجود...).. فهل هذا صحيح يا استاذ بشاراه هل الاسلام لم يناصب أحداً العداء الا يقوم بشتم والاستهزاء بمن لا يؤمن به حتى ولم يحاربه ذاك الغير مؤمن الا يصفهم باوصاف مهينة تارة كالانعام تارة كمثل الحمار يحمل اسفارا تارة انهم صم بكم عمي و لا يعقلون؟ --)).

نقول له في ذلك وبالله التوفيق:
أولاً: أرى كثير من الناس يتعاملون مع الله تعالى كأنه واحد منهم، له حق وعليه واجب. وهذا هو الغباء ذاته،، الله تعالى هو الخالق المهيمن المختار في خلقه وصنعته،، لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسالون. هو خلق الخلق كله من العدم، وله كامل الحق في أن يعيده إلى العدم مرة أخرى, "ولا يخاف عقباها".

مجرد السخط أو عدم الرضى بما يقضيه الله ويقدره يعتبر كفرٌ صريحٌ بواحٌ يستحق صاحبه عليه غضب الله وعذابه. فما بالك بالإعتراض والقول بعد قوله سبحانه؟؟
يقول الله تعالى في سورة الأحزاب: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا 36).

أتدري ما الفرق ما بين معصية إبليس ومعصية آدم عليه السلام؟؟؟ .....
أما إبليس فقد إعترض على حكم الله، وقد فصل تعالى ذلك في سورة البقرة، قال: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا « إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ-;- وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ » 34)، وبالرغم من هذا التطاول، والكفر والكبر، أعطاه الله فرصة للتوبة ولكن كان عذره أقبح من ذنبه،،، وقد بين الله ذلك في سورة ص، قال: (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ 73)، (إِلَّا إِبْلِيسَ « اسْتَكْبَرَ » وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ 74)، (قَالَ يَا إِبْلِيسُ « مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ » - « أَسْتَكْبَرْتَ ؟» أَمْ « كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ؟» 75)، فماذا كان رده العاجز؟؟؟: (قَالَ « أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ » - خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ 76).

إذاً،، فهو يحاجج الله ويستدرك عليه في خلقه سبحانه، فإستحق بذلك الطرد من رحمته: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا « فَإِنَّكَ رَجِيمٌ » 77)، (وَ « إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي » - إِلَىٰ-;- يَوْمِ الدِّينِ 78)، لأنه لم يستغفر الله تعالى ويرضى بحكمه. وهذا هو مصير كل من تكبر وتجبر وإعترض على الله أو سخط أو لم "يرض" من كل قبله ووجدانه بعدل الله وطلاقة سلطانه وإختياره. فهل إنتصر الله تعالى لنفسه،، أم إنتصر لآدم وذريته إلى يوم الدين من ألد أعدائهم من الجن والإنس وهو إبليس وأعوانه ودوابه من البشر؟؟؟

بل لخبثه وسواد سريرته وحسده قرر التمادي في العناد والعدوان حتى يُلْحِقَ به آدم وذريته في زمرة أهل النار، بالغواية والوسوسة وتزيين الباطل لهم، فطلب من الله أن يمكنه من آدم وذريته ليضلهم ويغويهم. وقد بين الله ذلك في قوله عن التعس إبليس: (قَالَ رَبِّ « فَأَنظِرْنِي » إِلَىٰ-;- يَوْمِ يُبْعَثُونَ 79)، (قَالَ « فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ » 80)، (إِلَىٰ-;- يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ 81). ثم أعلن عن برنامجه صراحة: (قَالَ « فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ » 82)، (««إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ »» 83).

إذاً،، هو قد يئس من رحمة الله تعالى، وعلم أنه قد بلغ مبلغاً من التجاوز لا رجعة بعده، فأراد أن ينتقم من آدم وذريته، وأن يعمل على تقليل عدد الناجين من النار والفائزين بالجنة بقدر ما يستطيع لذلك سبيلاً،، فكان رد الله عليه وتوعده له ولمن تبعه واضحاً قطعياً مؤيداً بالقسم المغلظ: (قَالَ « فَالْحَقُّ» - وَالْحَقَّ أَقُولُ 84)، («لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ » وَ « مِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ » 85).

أما بالنسبة لمعصية آدم كانت بسبب قيمتين أخفق فيهما عليه السلام:
1. وقع في الغواية سريعاً، مع أن الله تعالى قد حذره من الشيطان وبين له أنه سيسعى وراءه إلى أن يخرجه من الجنة ومن الرحمة إن إستطاع لذلك سبيلاً ولكنه نسي،
2. أنه كان لا عزم له، قد يكون ذلك لعدم تجارب سابقة تساعده على تجنب الغواية كإبليس اللعين الذي كانت له خبرات سابقة، بالإضافة إلى روحه الشريرة ومكره السيء,
فكان عقاب المعصية من الله تعالى هي الطرد،، ولكن آدم عليه السلام لم يعاند أو يغالط أو يكذب، بل إعترف بذنبه وحاول تبريره فلم يقبل منه الله ذلك التبرير لذا طرده من الجنة ومن معه. قال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا « فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ » - وَقُلْنَا اهْبِطُوا - « بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ » وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ « مُسْتَقَرٌّ » وَ « مَتَاعٌ » إِلَىٰ-;- حِينٍ 36)، ولكنه لم يحرمه من فرصة التوبة والإستغفار والرجوع إلى الحق. وقد تأزم أدم كثيراً من هذا الذنب، فقبل الله منه إستغفاره، قال: (فَتَلَقَّىٰ-;- آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ - « فَتَابَ عَلَيْهِ » - إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 37).

ولكن هذه التوبة لم تُعِدْهُ مرة أخرى إلى الجنة التي أخرج منها لغوايته،، فأبقاه الله على الأرض ليعمل هو وذريته للعودة إليها بالعمل والطاعات وإسترضاء الله تعالى لعله يرضى، وذلك يوم القيامة حيث تقييم العمل فإما جنة وإما نار. قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا « فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى » ...):
1. (... فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 38)،
2. (وَالَّذِينَ « كَفَرُوا » وَ « كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا » - أُولَٰ-;-ئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ «« هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ »» 39).
إذاً،، برنامج البشرية كلها، وخارطة الطريق واضحة بنجديها وسبيلها: فإما شاكراً وإما كفوراً. وقد أعذر من أنذر.

ثانياً: لن أرد عليك أنا برأيي الشخصي، حتى لا تظنني أبالغ،، بل سأعرض عليك بعض الآيات من القرآن الكريم لتسمع منه مباشرة،، وأدَعُكَ تحكم أنت بنفسك بعد أن تحدد من هو الظالم ومن هو المظلوم،،، ومن هو المعتدي ومن المعتدى عليه؟؟؟ وهل يستحق الله تعالى إسم "الصبور"، و "الحليم" و "الرحيم" ..... أم لا.

فلنبدأ مثلاً من سورة الزمر، من قوله تعالى لنبيه الخاتم، عن المشركين:
1. (وَلَئِن سَأَلْتَهُم « مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ » لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ...), على الرغم من أنهم يعبدون غيره من أصنام وتماثيل, وكواكب، وبشر، وأشياء. لذا قال له إسْئَلْهُم عن أصنامهم وآلهتهم تلك،،، هل تقدم لهم شيء أو تأخذ منهم شيء؟ قال: (... قُلْ أَفَرَأَيْتُم « مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ» - « إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ ؟» أَوْ « أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ؟؟؟» - « قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ » 38).

فهل طلب الله تعالى منه قتالهم أو سبهم أو تبكيتهم أو التضييق عليهم؟؟؟ ..... وهل خرج الموضوع من دائرة العرض ومخاطبة الفكر وتذكيرهم بأنه "في قرارة أنفسهم يعلمون أن الذي خلق السموات والأرض هو الله تعالى وليست تلك الآلهة الإفك. بدليل قوله له: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم « مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ » لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ...), إذاً المسألة ليست عدم فهم وإقتناع وإنما عند وإستكبار وعناد وكفر متعمد. ومع ذلك لم يعاقبهم من فورهم بل ترك لهم فرصة مراجعة النفس حتى نهاية الحياة، وقد أجَّلَ الثواب والعقاب لما بعد (إنقضاء فترة الإمتحان) بالموت ثم البعث. هل ترى في ذلك رحمة أم ظلم أو إعتداء؟

2. ثم قال لنبيه الكريم: (قُلْ يَا - « قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ-;- مَكَانَتِكُمْ » - إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ 39)... أرجوا أن تكون منصفاً،، لاحظ رقة الخطاب الذي أمر الله تعالى به نبيه ليخاطب به الكافرين والمكذبين له ولرسوله: (قُلْ يَا قَوْمِ)، تذكيرهم بما بينه وبينهم من صلة وعلاقة، ما دام هذا خياركم الذي إخترتموه لأنفسكم، إذاً (اعْمَلُوا عَلَىٰ-;- مَكَانَتِكُمْ)، لن يكون عليكم قهر أو إلزام بما لا تريدونه بإختياركم ومن تلقاء أنفسكم وقناعاتكم، أما بالنسبة لي شخصياً (إِنِّي عَامِلٌ)، ما أمرني به الله تعالى ولن أحيد عنه، ولكن تذكروا بأن الله سبحانه وتعالى قد وضع عقاباً على هذا العصيان يوم القيامة (إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) يوم القيامة من الفائز ومن الخاسر.

هل رأيت أي قهر أو تشنج أو نبرة غاضبة أو مهددة سوى العاقبية يوم القيامة التي من حقهم والعدل يقتضي أن يكونوا على علم بها، وقد أكد ذلك بقوله فسوف تعلمون يوم القيامة: (« مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ » وَ « يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ » 40).

3. ثم قال لنبيه الكريم: (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ « بِالْحَقِّ » - « فَمَنِ اهْتَدَىٰ-;- فَلِنَفْسِهِ » وَ « مَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا » ..... وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ 41)، واضح أن الموضوع هو مواجهة فكرية حوارية راقية، قُدِّمِتْ فيها الخيارات كلها وبَيَّنَ ما لكل خيار وما عليه، ثم ترك الأمر لهم لإختيار ما يريدونه لأنفسهم بمحض إختيارهم، وتحمل مسئولياتهم.

4. ثم ذَكَّرَ الله تعالى الناس بالموت، وربطه بالنوم، لأن النوم يتكرر يومياً أكثر من مرة، وبَيَّنّ أنَّ الفرق بين "وفاة النوم" و "وفاة الموت" هو أن الأولى لها رجعة ثانية، أما الثانية فهي بلا رجعة، لأنها حينئذ تكون "موتاً"، قال تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ - « حِينَ مَوْتِهَا » وَ « الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا » ..... « فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ-;- عَلَيْهَا الْمَوْتَ » وَ « يُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ-;- إِلَىٰ-;- أَجَلٍ مُّسَمًّى » - إِنَّ فِي ذَٰ-;-لِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 42).

فبين للغافلين من البشر أن النوم نوع من أنواع الوفاة،، فإذا صحي الإنسان منه كان ذلك "وفاة نوم"، وفرصة جديدة يجب أن يحمد الله عليها ويستغلها لمزيد من العمل الذي يثقل ميزانه يوم الحساب ولو التصدق بشق تمرة، أو بتبسم في وجه أخيك، أو إماطة الأذى عن طريق الناس،،،، وقد لا يكون بعده صحيان، فيكون "وفاة موت"، لا يقوم منه إلَّا يوم البعث والنشور والحساب. فتكون قد ضاعت عليه الفرصة لمراجعة النفس، وتصحيح المسار وترقية الأداء،، والقصد من ذلك أن يعيد الشخص حساباته جيداً وأن لا تَغُرَّنَّهُ الحياة والصحة والشباب، فالموت لا يعرف هذه المعايير بل يأتي في أي زمان ومكان ووضع وحال.

كما قال الأخ أيضاً أنني قلت في مقالي عن الإسلام: ((-- وإنما هو دينٌ عالميٌ بكل المعايير. أنزله رب العباد لسعادتهم وإعطائهم فرصة للحياة التي هي الحيوان، ولكن أكثر الناس لا يعلمون)..ترى يا استاذ بشاراه متى حقق هذا الدين او غيره من الاديان) السعادة للعباد) --))؟.

نقول له في هذا السؤال الهام المحوري ما يلي:
أولاً: ما هي السعادة؟؟
1. هل هي الشباب والفتوة والصحة؟؟ ... إذاً،، هذه سعادة بائسة تعسة إن كانت هذه القيم التي ينخدع بها الكثيرون، ولكنها في كثير من الأحيان تكون سبباً مباشراً للتعاسة والشقاء إذا ما صاحبها الفقر والحرمان، أو الظلم والقهر والإضطهاد،، أو إن إستثمرها الشيطان وإستعبد صاحبها فإنغمس في الفساد والإفساد من خمور وفجور وجور وسفور، أو صاحبها مرض عضال ثُقْبُهُ واسح فتتسرب الحياة منه عجلةً مستعجلة، فيكون الموت أسمى وأجل غايات وأماني صاحبها ،،، الخ.

2. هل هي الجاه والسلطان؟؟ ..... إذاً فهي سعادة أولها حلو المذاق، قصير الأجل، وآخرها علقم وضريع أمده غائر وليله عسٌّ حالك، فكم من عظماء كانت نهايتهم الهوان أو القتل الشنيع أو الإنتحار.

3. هل هي المال والعيال؟؟؟ ..... إذاً، هذه سعادة قلقة مقلقة، ما دام أن مفارقة هذا النعيم الزائف حتمي، فإما أن يتركَ صاحبه بإفلاس فجائي قد يعجل به، أو يفقده كل عناصر الحياة المادية والمعنوية، أو أن يتركه بإفلاس تدريجي يجعل الموت بطيئاً والطلب إليه ملحاً، وقد ينتهي به الأمر إلى تفجير رأسه أو قبلبه بطلق ناري يراه الخيار الوحيد الموفق.

4. من جهة أخرى،، ما نوع الشعور الذي يحرك شخصاً آمناً في نفسه وماله وبيته، ومن كل ذلك يرمي بنفسه في بحر لجي غاضب الأمواج، لينقذ غريقاً لا علاقة له به ولا رجاء له فيه؟؟؟ ..... فهل هذا الشخص المنقذ الذي لا أظنه قد غاب عن فكره لربما يكون هو نفسه غريقاً فيفقد حياته؟ ترى هل يجد في هذه النخوة والفداء شيء من السعادة، مع أن الثمن المرصود لها حياته ذاتها؟؟؟

5. ما نوع الشعور الذي يحرك الجندي ليلقي بنفسه في أتون المعارك، وهو يعرف أن إحتمال قتله أكبر من إحتمال عودته،، وهو يفدي وطنه ويدفع الثمن حياته، وهو يدرك بأنه لن يشارك الآخرين فرحة النصر أو الحياة الكريمة في ذلك الوطن بعد تحريره,, وما سر تلك البسمة والفرحة التي في وجه ذلك الجندي المحتضر، وهو يرفع أصبعيه إشارة للنصر؟؟؟ هل هذه سعادة حقيقية أم نفاق وتظاهر بالسعادة؟؟؟ فإن كانت سعادة حقيقية، كيف نفهمها ونبررها؟؟؟

الآن،، إقرأ ايات القرآن الكريم، وستعرف السعادة الحقيقية، وهذه السعادة التي تجدها متأصلة في كل بيت فقير معدم ولكنه مؤمن، وقد قال بعضهم (نحن في سعادةٍ لو علم بها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف). فهل هناك سعادة أكبر من الأمن والأمان بين الناس والتكافل والتعاون والتآذر؟ هل هناك سعادة أكبر من أن يتفشى السلام بين الناس، والصدق والإخلاص، والتعفف وخلو المجتمعات من السرقة والكذب والزنى وشرب المسكرات والمخدرات والمثلية والسحاق، وزنا المحارم وهتك الأعراض، وهل هناك سعادة أكبر من أن يطمئن الشخص على أعراضه وأمواله وعقيدته؟؟؟

هذه هي بعض المعايير والقيم الأساسية التي حرص الشرع على زرعها بين البشر وأرسل من أجلها الرسل من صفوتهم وكرامهم، ونادت بها كل الكتب السماوية، ليعيش الناس فترة حياتهم "القصيرة" وإن إمتدت إستعداداً للحياة الحقيقية التي تنحصر في عنصرين إثنين فقط (إما سعادة سرمدية)، و (إما شقاء وتعاسة سرمدية). لا موت فيها.

أما عن قولك لي: ((-- قل لي في اي عصر حقق الاسلام سعادة العباد و في اي مكان.. ثم لو سمحت ان تشرح لي ما المقصود ب (لو كانوا يعلمون) في تلك الجملة ما الذي لا يعلمونه --)):

نقول له في ردنا، وبالله التوفيق:
أولاً: السعادة شيء حسي وشعور في داخل الإنسان، ولكن يستحيل إخفاءه فهو نور بشع من الوجدان، وترى صاحبه دائماً راضياً قانعاً متفائلاً بشوشاً. رغم فقره وعوزه ولكنه عفيق،، كثير الصيام والقيام والعطاء، لا يشتكي ربه للخلق بالشكوى من الفقر والحاجة. ومثل هؤلاء قد إمتدحهم الله تعالى في سورة البقرة، لانهم أهل السعادة الحقة، قال: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ - « لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ » ..... « يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ » تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ « لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا » وَ « مَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ » 273)، فهم يجدون السعادة في الصبر والرضى والقناعة، والشكر.

كما أن هناك نوع آخر من السعادة، التي فيها الأغنياء، والميسرين،، فهم يشعرون بنعيم السعادة وسعادة النعيم، كلما وفقهم الله إلى توزيع أموالهم بسخاء مَنْ لَاْ يخشى الفقر، على المحتاجين والفقراء والمعوزين،، وحسبهم سعادةً وتوفيقاً أنْ مدحهم الله تعالى فقال فيهم: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم - « بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ » « سِرًّا وَعَلَانِيَةً » ..... فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَ « لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ » 274). فمثل هذه السعادة لا يستطيع الشخص العادي إدراكها أو فهمها، لأنها وسعادة الإيمان ونور اليقين.

أما قولك لنا ((-- قل لي في اي عصر حقق الاسلام سعادة العباد و في اي مكان --))؟؟
نقول لك وبالله التوفيق: إنَّ هذا السؤال كبير وهام للغاية،، وستعرف من القرآن مباشرةً أنه كلما إقترب المؤمن من الله تعالى كثرت عليه الإعتداءات والعدوان والإضطهاد والتشنيع دون أي مبرر سوى الحسد بدءاً من الشيطان الرجيم، الذي ناصب آدم العداء دون وجه حق،، فآدم عليه السلام لم يطلب من الله تعالى أن يجعله خليفة في الأرض، ولم يكن منافساً للشيطان اللعين في جاه ولا سلطان.

ولكن محرك العدوان والإعتداءات دائماً هو الحسد البغيض، الذي يفسد العلاقة والود والسلام حتى بين أقرب الأقربين وأكثر الأصدقاء صداقةً وحباً، ولكنه كالنار في الهشيم تحرق كل ما آتت عليه فتجعله كالرديم. وسأبدأ هنا القصة من أولها... فها أنت ذا الذي طلبت بسؤالك هذا "التطويل" فعليك تحمله إن كنت حريصاً على الجواب الكامل والسليم.

فلتكن البداية من قوله تعالى في سورة البقرة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ « إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً » ...)، يخلف ذلك المخلوق الذي فسد في الأرض وسفك الدماء قبل آدم فعلمت الملائكة حاله بالمشاهدة، وبعد أن فقد الأمل في إصلاحه، هذا مبلغ علم الملائكة الكرام، فخشوا أن يفعل الخليفة الجديد ما فعله سلفه، وفي نفس الوقت ظنوا أنهم هم أولى بهذه الخلافة لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لذا: (... قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ...؟)، نحن أولى بها، (... وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ...), وليست المعصية متوقعة منا، ولكن جاء رد الله عليهم بغير ما إشتهوا: (... قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ 30)، فهل آدم عليه السلام هو الذي طلب أن يكون هذا الخليفة، أم هو الله الذي خلقه أساساً لهذه المهمة؟؟؟

ثم بعد خلقه لآدم، أثبت للملائكة "عملياً" أن ظنهم لم يكن صحيحاً، فقال في ذلك: (وَعَلَّمَ آدَمَ « الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا » - ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ - « أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰ-;-ؤُلَاءِ » إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31)!!، فأثبت لهم أن علمهم محدود، وجعلهم يكتشفون ذلك في أنفسهم بأنفسهم، ومن ثم: (قَالُوا « سُبْحَانَكَ » - « لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا » إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 32).

هنا أقام الله تعالى الدليل المادي العملي على عدم علمهم بمراده من هذا الخليفة: (قَالَ « يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ » ..... فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ « أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ » وَ « أَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ » وَ « مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ » 33), فأنتم تبدون خشيتكم أن يقع هذا الخليفة في الفساد في الأرض وسفك الدماء، وتكتمون في أنفسكم رغبتكم في أن تكون هذه الخلافة لكم أنتم. ولكن الله يعلم سركم ونجواكم، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

الآن بدأ تتويج الخليفة الجديد بمبايعة الملائكة آدم، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ « اسْجُدُوا لِآدَمَ » ...), إعترافاً به ومساعدته في مهمته التي خلق من أجلها، (... فَسَجَدُوا ...), لأنهم لا يعرفون المعصية فضلاً عن أن يأتوها،، وما كان قولهم سوى أمنية ليس إلَّا، ولكن هناك مخلوق يمثل الشر والحقد كله، هو إبليس اللعين،، الذي قد إستصغر شأن آدم، ورأى نفسه أحق منه فحقد عليه وعزم على مناصبته العداء عياناً بياناً وبكل صراحة، قال تعالى فيه: (... « إِلَّا إِبْلِيسَ » - « أَبَىٰ-;- » وَ « اسْتَكْبَرَ » وَ « كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ » 34) ..... ما الذي فعله آدم لهذا اللعين حتى يناصبه كل هذا العداء المستمر والمتواصل حتى ضد ذريته إلى أن يشاء الله تعالى؟؟؟ هذا هو نفس الشر والحقد الذي يقوم به أعداء الله ضد أوليائه من الجن والإنس، وهم سبب شقاء وتعاسة البشرية كلها.

بعد التتويج، وقد أصبح آدم الآن الخليفة، وإنتهى أمر من سبقه. لم يسكنه الله تعالى الأرض ليشقى فيها، بل أسكنه الجنة مباشرة،، يؤكد ذلك قوله تعالى: (وَقُلْنَا - « يَا آدَمُ » - « اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ » وَ « كُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا » ..... وَ «« لَا تَقْرَبَا هَٰ-;-ذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ »» 35). ولكن،، لم يرض الشيطان اللعين هذا الكرم لآدم، فحقد عليه أكثر فإستخدم خبثه في غواية آدم وإضلاله ليوقعه في المعصية فيتغير حاله إلى الأسوأ، ولعل مراد الله تعالى أن يختبر عزم آدم فلم يجد له عزماً،، قال في ذلك:

1. (« فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا » ...), فألَحَّ عليهم بالأكل من الشجرة المحرمة، وإلحاحاً شديداً ، وقاسمهما بالله إنه لهم لمن الناصحين،، فصدقوه، ثم أكلا من الشجرة ونسي آدم وزوجه أن الله تعالى قد نهاهما من الأكل منها،،،
2. (... « فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ » ...), فغوى، فإستحق الطرد من الجنة لهذا الذنب،

وعليه، قال تعالى: (... وَقُلْنَا - «« اهْبِطُوا »» - بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ « لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ-;- حِينٍ » 36)، فالله لا يحابي، ولا يداهن،، ولا يظلم أو يضيع أيمان أحد، بل هم كانوا أنفسهم يظلمون. إذاً،، حتى الأنبياء والرسل سيعاقبهم إن إستحقوا العقاب ولكنه مع ذلك أنه تواب رحيم، وغفور شكور. فهناك مِئات الآيات والأحاديث التي تُؤَكِّد أنَّ الإنسان إذا تاب مِن ذَنْبِهِ غَفَرَ الله هذه الذُّنوب ولا يبالي حتى لو كانت مثل زبد البحر، كما ورَدَ في الحديث الشَّريف أنّ العبد إذا تابَ توْبَةً نصوحًا أنْسى الله حافِظَيْه والملائِكَة وبِقاع الأرض كلَّها خطاياهُ وذُنوبَهُ، عَبدي لو جِئْتني بِمِلىء السماوات والأرض خطايا غَفَرْتُها لك ولا أُبالي، قال تعالى في سورة الزمر: (قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 53).
وعَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا أَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِي الْإِسْلَامَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَنِي فَبَسَطَ يَدَهُ إِلَيَّ فَقُلْتُ لَا أُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى تَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي قَالَ،، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا عَمْرُو أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، يَا عَمْرُو أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ )؟
وقال تعالى في سورة الفرقان: ﴿-;-فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً 70﴾-;-، ويقول تعالى في حديث قدسي: (يَا ابنَ آدَمَ إنِّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقِرَابِ الأَرْضِ خطَايَا ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً). ولنرى تجلي هذه التوبة على آدم بعد الغواية والطرد من الجنة. قال تعالى في ذلك: (فَتَلَقَّىٰ-;- آدَمُ مِن رَّبِّهِ - « كَلِمَاتٍ » - فَتَابَ عَلَيْهِ « إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ » 37).
فبعد تلك الغواية، والطرد من الجنة، أصبحت خارطة طريق العودة للجنة واضحاً، بل هناك مسار آخر إلى النار للعصاة أصبح موازياً لمسار الجنة، وبلوغ أيهما يحدده الشخص لنفسه بإختيار وسلوكه الذي سُجِّلَ عليه، قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا « فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى » ...):
1. فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 38),
2. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰ-;-ئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 39).

ومع كل هذا البيان والحقائق، أنظر كيف كان سلوك بني إسرائيل، وكيف كانت رحمة الله بهم وصبره عليهم، بل وإعطائهم الفرصة تلوا الأخرى والمغفرة تلوا المغفرة:

قال تعالى مخاطباً رواد العند والمعصية والمناكفة لأنبياء الله تعالى التي تصل حد القتل والإخراج:
1. (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ - « اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ » - وَ « أَوْفُوا بِعَهْدِي » « أُوفِ بِعَهْدِكُمْ » - وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ 40). هل إستمعوا إلى هذا النداء؟؟؟

2. (وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ « مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ » وَ « لَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ » وَ « لَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا » وَ « إِيَّايَ فَاتَّقُونِ » 41) ... فهل قالوا سمعنا وأطعنا؟؟؟

3. (وَ « لَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ » وَ « تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ » 42)،

4. (وَ « أَقِيمُوا الصَّلَاةَ » وَ « آتُوا الزَّكَاةَ » وَ « ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ » 43)،

هذا هو خطاب الله تعالى مع الناس،، هل ترى فيه "غلظة؟"، أو إلزام بالقوة، أو أي تكليف لأي نبي أو رسول بأن يغلظ على الناس أو يجبرهم على خيار معين، أو يجري عليه أي نوع من العقوبة أو الإهانة؟؟؟ علماً بأنه قادر على إزالتهم عن وجه البسيطة، أو مسخهم جحارة،، فإنهم لا يعجزونه.

أنظر إلى هذا الرقي في مخاطبة العقول بمنطق وكل موضوعية،، يقول لهم: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ؟؟ - «« وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ »» - أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟؟؟ 44)، (وَاسْتَعِينُوا « بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ » وَ « إِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ » إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ 45)، (الَّذِينَ يَظُنُّونَ « أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ » وَ « أَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ » 46). فهل كانت لهم آذان صاغية؟ أو قلوب تعقل أو بصيرة تُرْجِع؟؟؟ .... للأسف لا هذا ولا ذاك إلَّا من رحم ربي، وهم قليل.

لذا ذكرهم الله تعالى ببعض نعمه عليهم:
1. فقال لهم: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ « اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ » وَ « أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ » 47)، (وَاتَّقُوا يَوْمًا « لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا » وَ « لَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ » وَ « لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ » وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ 48)،

2. ثم قال لهم: (وَإِذْ - « نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ » - يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ « يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ » وَ « يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ » ..... وَفِي ذَٰ-;-لِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ 49)،

3. (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ - « فَأَنجَيْنَاكُمْ » وَ « أَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ » وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 50)،

4. (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ-;- أَرْبَعِينَ لَيْلَةً - « ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ » وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ 51)، (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰ-;-لِكَ « لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » 52)،

5. (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى - « الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ » - لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 53)،

6. (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ-;- لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ « إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ » - فَتُوبُوا إِلَىٰ-;- بَارِئِكُمْ « فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ » ..... ذَٰ-;-لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ « فَتَابَ عَلَيْكُمْ » إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 54)،

7. (وَإِذْ قُلْتُمْ - « يَا مُوسَىٰ-;- لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ-;- نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً » - فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 55)، (ثُمَّ بَعَثْنَاكُم « مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ » لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 56)، ليس ذلك فحسب، بل: (وَ « ظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ » وَ « أَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ-;- » - كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ - وَ « مَا ظَلَمُونَا » وَ « لَٰ-;-كِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » 57)،

8. (وَإِذْ قُلْنَا - « ادْخُلُوا هَٰ-;-ذِهِ الْقَرْيَةَ » - فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا – وَ « ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا » وَ « قُولُوا حِطَّةٌ » ..... «« نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ »» وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ 58)...
فماذا كانت النتيجة؟؟؟ (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا « قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ » ..... فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ 59)، ومع كل هذا وذاك، كان كرم الله عليهم فياضاً، وقد كان عطاءه سخياً في كل ما سألوه عنه رغم كفرهم وعنادهم.

9. سألوه السقيا، فإستجاب لسؤالهم، قال: (وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ-;- مُوسَىٰ-;- لِقَوْمِهِ - « فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ » - فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا « قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ » ..... كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَ « لَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ » 60)، فهل غيرت كل هذه النعم شيئاً من قلوبهم القاسية المتحجرة؟؟؟

10. وسألوه التنوع في الطعام، فأجابهم على طلبهم،، قال: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ-;- - « لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ-;- طَعَامٍ وَاحِدٍ » - فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ « مِن بَقْلِهَا » وَ « قِثَّائِهَا » وَ « فُومِهَا » وَ « عَدَسِهَا » وَ « بَصَلِهَا » ..... قَالَ «« أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ-;- بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ؟؟؟»» - اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ - وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ « الذِّلَّةُ » وَ « الْمَسْكَنَةُ » وَ « بَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ » - ذَٰ-;-لِكَ بِأَنَّهُمْ « كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ » وَ « يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ » - ذَٰ-;-لِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ 61).

خلاصة القول، فإن المنهج واضح وكل الخيارات متاحة وحرية الإختيار مكفولة ومشدد عليها وتحت رعاية الله نفسه، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ-;- وَالصَّابِئِينَ « مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » وَ « عَمِلَ صَالِحًا » - فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ – وَ « لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ » وَ « لَا هُمْ يَحْزَنُونَ » 62).

ما هي مآلات خارطة الطريق بمساريه؟ وكيف سيكون الحال يومئذ؟؟؟:
قال تعالى في سورة الاعراف، موضحاً لمحة من حال الناس بعد أن حكم الله على العباد، وكل بلغ نهاية المطاف لبدأ حياة أبدية مستمرة بلا موت ولا فوت:
1. قال تعالى: (وَنَادَىٰ-;- - « أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ » - أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ « قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ » 50). ولكن،، من هم أولئك الكافرون؟؟
قال هم: («الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا » وَ « غَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا » ..... فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ « كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰ-;-ذَا » وَ « مَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ » 51)، فهؤلاء ليس لهم أي حجة أو مبرر، فقد أبلغناهم وأقمنا الحجة عليهم بالأدلة والبراهين المادية فإستكبروا، قال في ذلك : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم « بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ-;- عِلْمٍ » - هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 52)،

ثم يقول: («هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ؟؟؟» - يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ - « قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ! » « فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا ؟؟» أَوْ « نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ؟؟؟» ..... « قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ » وَ « ضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ » 53).

ثم ذكرهم الله بنفسه وفضله وخلقه وإبداعه الذي يشهد له بكل صفاة الكمال والجمال والجلال،،، فقال: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ ...):
1. (... الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...),

2. (... ثُمَّ اسْتَوَىٰ-;- عَلَى الْعَرْشِ ...),

3. (... يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ « يَطْلُبُهُ حَثِيثًا » ...), فكأنما النهار يجري وراء الليل ليبلعه، ولكنه لا يصل إليه لأن الليل هو الآخر كأنما يجري منه بنفس السرعة هرباً منه،

4. (... وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ...), كل يؤدي دوره الذي خلق من أجله دون كلل ولا ممل ولا تمرد ولا خيار،

5. (... أَلَا لَهُ - « الْخَلْقُ » وَ « الْأَمْرُ » ...), فكيف لخلقه أن يخرج من طوعه؟ وكيف يمكنه أن يعصي أمره؟؟؟ .... ما عدا الثقلين الجن والإنس الذين إبتلاهما بالإختيار وسيحاسبهما عليه بالحق والميزان،

6. (... تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ 54)، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء،

7. (ادْعُوا رَبَّكُمْ - « تَضَرُّعًا » وَ « خُفْيَةً » - إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 55)،

8. (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ - بَعْدَ إِصْلَاحِهَا – وَ « ادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا » ..... إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ 56)،

9. (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ - بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ - حَتَّىٰ-;- إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا « سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ » - فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ - « فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ » ..... «« كَذَٰ-;-لِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ-;- »» لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 57)،

10. وقد ذكرهم بأن الطاعة تحسن الرزق وتجوده، فقال: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ « يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ» ...), نباتاً سليماً معافاً كريماً، أما البلد الذي خبث، جازاه الله بمثل عمله، قال: (... وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ...), جزاءاً وفاقاً،، (... كَذَٰ-;-لِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ 58).

وإستمراراً لردنا على سؤالك إن كان في اي عصر حقق الاسلام سعادة العباد و في اي مكان، نقول لك أنظر إلى مقدار السعادة التي عرضتها كل الأديان السماوية حتى قبل الإسلام، ولكن الإنسان هو الذي يختار التعاسة بنفسه لنفسه، فلنتابع كل الأمم السابقة لنقف على الحقيقة كاملة، فيما يلي:

أولاً نبدأ من قوم نوح،، قال تعالى فيهم: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ-;- قَوْمِهِ فَقَالَ:
1. (... يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰ-;-هٍ غَيْرُهُ ...),
2. (... إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 59)، هذا كل شيء دون قهر أو إلزام أو ضغوط،

ولكن أصحاب الفيتو، والبند السابع، وأعضاء نادي أسلحة الدمار الشامل، دائماً هو في مقدمة المعارضين والمناوئين، هم الملأ في كل زمان ومكان،، قال تعالى فيهم: (قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ 60)، هذا الذي جئت به مخالف للقانون الدولي والميثاق، ومتعارض مع حقوق الإنسان والمرأة والطفل،،، الخ، هذا ضلال وإرهاب،،

أما نوح، من جانبه: (قَالَ يَا قَوْمِ « لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ » وَ « لَٰ-;-كِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ » 61)، كل الذي أفعله هو أنني: («أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي » وَ « أَنصَحُ لَكُمْ » - وَ «« أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ »» 62) ..... هذا كل شيء، ولكم أن تقبلوه أو ترفضوه وتتركون.

ولم يرد على إسلوبهم العدواني الإستفذاذي الخشن بمثله، بل إكتفى ببيان غايته في غاية الأدب والرقة وهدوء النفس، ثم خاطب عقولهم وإستحث فكرهم، فقال لهم: (أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ-;- رَجُلٍ مِّنكُمْ - « لِيُنذِرَكُمْ » وَ « لِتَتَّقُوا » وَ « لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » 63)؟ .... ولكن هؤلاء الجبارين لم يحرك لديهم هذا الخطاب الراقي ساكناً، بل، إستمروا في غيهم: (فَكَذَّبُوهُ - « فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ » وَ « أَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا » - إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ 64).

فهل صدر من نوح نفسه أي نوع من الخشونة أو التعنيف والتوبيخ، أو الضغوط والتهديد؟؟؟ ..... وهل على الله سبحانه وتعالى أن يترك هؤلاء الجبابرة في غيهم وعدوانهم على المؤمنين بعد أن فقد الأمل في إصلاحهم وهدايتهم التي إستمرت ألف سنة إلَّا حمسين عاما متواصلة ليلاً ونهاراً؟؟؟ .... إذاً،، هل ظلمهم الله تعالى أم كانوا أنفسهم يظلمون؟؟؟

ثانياً: فلنتدبر ما ذُكِرَ عن قوم هود،، قال تعالى عنهم: (وَإِلَىٰ-;- « عَادٍ » أَخَاهُمْ هُودًا - قَالَ « يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰ-;-هٍ غَيْرُهُ » - أَفَلَا تَتَّقُونَ؟؟؟ 65)،، مرة أخرى تَصَدَّرَ الملأ،، من أصحاب الفيتو، وألمعارضة المسلحة الجائرة، والنفعيين: (قَالَ الْمَلَأُ « الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ » - « إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ » وَ « إِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ » 66)، لاحظ نفس إسلوب الخطاب المهذب الرقيق الذي إنتهجه رسول الله نوح، هو الذي يخاطب هود به قومه، ونفس محاولة مخاطبته للعقول وتحريك الأفكار والوجدان: (قَالَ يَا قَوْمِ - « لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ » وَ « لَٰ-;-كِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ » 67)، تنحصر مهمتي في أمرين:
1. (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي ...),
2. (... وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ 68)،

ثم أيضاً خاطب عقولهم وإستحث فكرهم، فقال لهم: (أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ - « عَلَىٰ-;- رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ » ..... وَاذْكُرُوا « إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ » وَ « زَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً » - فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 69)، لم تُجْدِ كل هذه المحاولات الهادئة المقنعة نفعاً معهم، بل إزدادت قلوبهم تصلباً وغلظة وكبراً: (قَالُوا - « أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا؟ » - « فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا » إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ 70). فكان هذا قرارهم النهائي والأخير، فهو الكفر والعدوان مهما كانت القناعات.

فما الذي تتوقعه من الله تعالى بعد هذا التحدي السافر له ولأنبيائه ورسله، وعزمهم المضي في الظلم والعدوان والجبروت وإستعباد الناس وقهرهم؟؟؟ هل يتركهم الله تعالى ويخزل المؤمنين به والضعفاء والمساكين والمضطهدين؟؟؟ .... علماً بأنه قد أصبح ميئوساً من إصلاحهم،، هل هناك بد من إستئصالهم وإستبدالهم بقوم غيرهم أكثر منهم صلاحاً؟؟؟

لذا، رد عليهم هود: (قَالَ - « قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ » - أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ «« فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ »» 71). فهل كان من نبي الله هود أكثر من التبليغ والنصح بهدوء وسكينة وإلتزام بالصبر وإتباع منهج الحق في التبليغ والنصح كما أمره ربه تماماً دون زيادة ولا نقصان؟؟؟

هل إقتص لنفسه منهم، أو رفع صوته زجراً أو سخرية أو سباباً بالمثل؟؟؟ ..... وهل له يد في الرجز الذي وقع بقومه، أم أن العقوبة دائماً مصدرها وصاحبها هو الله نفسه ولم يتركها أو يكلف بها أحد غيره،، قال تعالى: (« فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا » وَ « قَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا » وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ 72). الا تلمح السعادة هنا وقد أنجى الله المؤمنين من العذاب وأهلك عدوهم؟ ألا يعتبر السلام والأمن وإيقاف المظالم والإعتداءات في المجتمع والقضاء على منابع الشر هو عين السعادة التي لا يمكن توفيرها إلَّا من الله تعالى عبر الأنبياء والرسل والرسالات العادلة المنصفة؟؟؟

ثالثاً: فلنتدبر ما ذُكِرَ عن ثمود قوم صالح، حيث قال الله تعالى فيهم: (وَإِلَىٰ-;- « ثَمُودَ » أَخَاهُمْ صَالِحًا - قَالَ ...):
1. (... يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰ-;-هٍ غَيْرُهُ - قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ « هَٰ-;-ذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً » - « فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ » وَ « لَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ » 73). هذا كل شيء، إختباراً لهم على السمع والطاعة،،، فهل كان تجاوبهم إيجابي؟؟؟

2. ثم ذكرهم بفضله ونعمه عليهم، و حذرهم من مغبة الفساد الذي كانوا فيه، وبما حدث لقوم عاد قبلهم بسبب ذلك الفساد والإفساد، قال: (وَاذْكُرُوا - « إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ » وَ « بَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا » ..... « فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ » وَ « لَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ » 74)،

ولكن مرة أخرى،، كالعادة تَصَدَّرَ الملأ،، أصحاب الفيتو، وألمعارضة المسلحة الجائرة والطابور الخامس وتجار السلاح والمافيا وغسيل الأموال،،،: (قَالَ الْمَلَأُ « الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ » - « لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ » - « أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟؟؟» - قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ 75)، أنظر هنا إلى سوء الأدب وإسلوب السخرية والإستفذاذ والكبر والتعالي، وسوء التصرف في الخطاب، في حالتي السؤال والرد معاً: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا - « إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ » 76)، ولم يقفوا عند الكفر والإستفذاذ بالقول فقط، بل جنحوا للعدوان المباشر، قال تعالى: («فَعَقَرُوا النَّاقَةَ» وَ « عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ » وَ « قَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ » 77).

ترى كيف سيكون حكمك في مثل هؤلاء إن حكموك فيهم؟؟؟ أتتركهم ليملؤا الأرض فساداً وإفساداً وظلماً وإستعبادا وإضطهاداً في المجتمع الآمن، أم ستضع لهم حداً ما دام أنه قد فُقِدَ الأمل في إصلاحهم؟؟؟ ..... ثم، كيف كان سلوك نبي الله صالح؟ هل قابل إستفذاذهم وسخريتهم وإعتداءهم بمثله؟ أم ترك الأمر لربهم يفعل بهم ما يشاء؟؟؟

على آية حال، قد جاء حكم الله تعالى العادل فيهم فزلزل الأرض تحت أقدامهم فأرداهم فيها، قال تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ « فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ » 78). فماذا فعل نبي الله صالح بعد ذلك؟ هل أظهر الشماتة فيهم أم الأسى؟ قال تعالى عنه: (فَتَوَلَّىٰ-;- عَنْهُمْ وَقَالَ « يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي » وَ « نَصَحْتُ لَكُمْ » ..... وَلَٰ-;-كِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ 79).
ألا تلمح هنا سعادة الذين آمنوا بصالح بعد أن أنجاهم من العذاب الذي أهلك الله به أعداءهم وكفاهم بذلك شرهم ليعيشوا حياةً آمنة بعد أن خلصهم الله تعالى من ذلك الكابوس الذي كان جاثماً على صدورهم؟؟؟ ..... فهل الأنبياء والرسل هم مصدر سعادة للناس أم شقاء؟؟؟ وهل يتقاضون من الناس أجر على تلك الخدمات الجليلة التي يقدمونها لهم والتي قد تصل في كثير من الأحيات إلى ثمن باهظ يدفعونه وهو حياتهم وبأبشع طرق القتل والتنكيل، كما فعل بأنبياء الله "يحي"، الذي قطعوا رأسه وهو في صلاته، وأبوه نبي الله "زكريا"، الذ نشروه بالمنشار، وغيرهم.

رابعاً: فلنتدبر الآن ما ذُكِرَ عن قوم لوط، الذين قال تعالى فيهم: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ - « أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ » - مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ 80)، (إِنَّكُمْ « لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ » - بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ 81). فماذا كان ردهم عليه؟ هل راجعوا أنفسهم وإستحوا على دمهم؟؟؟

لا هذا ولا ذاك ولا تلك،، بل تدخلت منظمات حقوق الإنسان وفعلت القوانين الحضارية للألفية # ، فمن الطبيعي أن يوصف نبي الله لوط بالتخلف والإرهاب، "هكذا تقول قوانين حقوق الإنسان"، فهو إرهابي حتى النخاغ،، فلا بد من تطبيق البند السابع عليه،، وقد صدر الحكم بالفعل عليه وعلى الإرهابيين الذين بلغ بهم إرهابهم حد الإيمان بلوط، قال تعالى: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا - « أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ » - إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ 82).

ترى،، من المعتدي، ومن المعتدى عليه في هذه الحالة؟؟؟ ..... فهل يترك الله هذا الفساد والإفساد بعد أن فقد الأمل في تغييره بالنصح والوعظ؟ أم يجب حسمه لإصلاح الكون وتصحيح مساره الحق، ورجوع الناس للفطرة السليمة؟؟ فهل أبداً رأيت "مثلية" أو "سحاق" بين الحيوانات أو الطيور أو الأسماك أو حتى القرود والخنازير؟؟؟

وماذا كان دور نبي الله لوط؟ هل حمل سلاحه وحاربهم، أم تولى الله الأمر بنفسه وحكم عليهم بالإستئصال، لإستبدالهم بمن هم أصلح منهم، قال تعالى: (فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ « إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ » 83)، فبين الله تعالى عقابه لهم قال: (وَ « أَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا » - فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ 84). الا تلمح هنا مقدار السعادة التي حققها الدين للذين آمنوا به حين نجاهم الله مع نبيهم، بعد أن أهلك عدوهم؟ ألم تر كيف أصبح المجتمع بعد أن عاد إلى فطرته السليمة التي أسس لها الشرع وأقامها المؤمنون مع لوط؟؟؟

خامساً: فلنتدبر ما ذُكِرَ عن آل مدين قوم شعيب، الذين قال تعالى فيهم: (وَإِلَىٰ-;- « مَدْيَنَ » أَخَاهُمْ شُعَيْبًا - قَالَ يَا قَوْمِ ...):
1. (... « اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰ-;-هٍ غَيْرُهُ » - قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ...),
2. (... فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ...), وقد إشتهروا بإخسار الميزال وتنقيص الكيل، فإذا إكتالوا على الناس "يستوفون"، وإذا كالوهم أو وزنوهم "يخسرون",
3. (... وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ...)، وقد تفننوا في أنواع المفاسد والمظالم،
(... ذَٰ-;-لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 85)، وعظ ونصيحة، وتذكير بالإيمان،
4. ثم حذرهم من الإعتداءات، أيضاً، قال: (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ ...),
5. (... وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ...), لا يرحموا ولا يدعوا رحمة ربهم تنزل، كما يقولون,
6. (... وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ...),
7. (... وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ 86)،
8. (وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ-;- يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ 87)، هل من إستجابة أو تصديق أو تغير في المواقف الفاسدة المفسدة التي كانوا عليها؟؟؟ ..... وماذا كان موقف الملأ هذه المرة؟؟؟

أيضاً هذه المرة،، كالعادة تصدر الملأ،، أصحاب الفيتو، وألمعارضة المسلحة الجائرة والإرهابيين بالفطرة، قال تعالى عنهم: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ - « لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا » أَوْ « لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا » - قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ؟؟؟ 88).

على كل منصف أن يقارن ما بين أسلوب وطريقة وخطاب هذا الملأ الإرهابي المتجبر، وبين رد نبي الله شعيب، الذي لم يجاريهم في حدتهم وإرهابهم، بل قال بمنتهى الوقار والهدوء والثقة في النفس وبالله تعالى: («قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا » وَ « مَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا » - إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا - « وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا» - «« عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا »» ..... رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ 89). أيضاً لم يُجْدِ هذا الرد المهذب نفعاً في تحريك هذه القلوب المتحجرة والعقول المغلقة، بل واصلوا في العدوان المتلاحق.

دخل ملأ الشياطين في حروب باردة وساخنة، بتحريض وتهديد ووعيد المؤمنين بالخسران، لأنهم سيواجهون حروباً سياسية وأمنية وإقتصادية لا قبل لهم بها، يبين ذلك قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ « لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ » 90). هل أمثال هؤلاء الإرهابيين المعتدين المتسترين بالمدنية والرقي والحضارة يتركهم الله تعالى يتحكمون في مصائر الناس وحرياتهم وعقائدهم، أم يتولى هو أمرهم بحوله وقوته وسلطانه القديم؟؟؟

وهل كان لنبي الله شعيب مليشيات مسلحة دخل بها في حرب مع هؤلاء الطغاة؟؟؟ ..... وهل إيمان شخص بعقيدة هو قبلها وإرتضاها لنفسه تجعل الآخرين ينازعونه فيها ويفرضون عليه ما لا يرضاه ويجبروه على تركها عنوةً ظلماً وعدواناً؟؟؟

على أية حال،، كالعادة الله وحده هو الذي يحاسب الناس ويحكم عليهم ولا يفوض ذلك لأحد غيره لا نبي ولا رسول،، لذا قال: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ « فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ » 91)، فماذا كانت النتيجة النهائية؟؟ ألم يَصْدُقْ شعيبُ فيما قاله لهم؟؟؟ قال تعالى: (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا « كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا » « الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ » 92)، وماذا كان موقف شعيب في ذلك، بعد أن أدَّى مهمته المحددة وهي البشارة والنذارة؟؟ قال تعالى عنه: (فَتَوَلَّىٰ-;- عَنْهُمْ وَقَالَ « يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي » وَ « نَصَحْتُ لَكُمْ » - فَكَيْفَ آسَىٰ-;- عَلَىٰ-;- قَوْمٍ كَافِرِينَ 93).
أرأيت كيف أن الله تعالى يرسل الأنبياء والمرسلين لخلاص الناس من شرور أنفسهم وسيآت أعمالهم بالنصح والوعظ والصبر عليهم والغفران إلى أن يصبح الأمر خارج نطاق الصبر، لإصرار المعتدين الظالمين على ظلمهم، فيكون الحكم لصالح المظلومين المضطهدين بوضع حد نهائي لمعاناتهم وبؤسهم وفتح باب الأمر في السعادة بالأمن والعدل والمساواة والإنصاف والقسط.

وأما عن طلبك منا شرح المقصود بعبارة: (لو كانوا يعلمون) في تلك الجملة، ما الذي لا يعلمونه،، نقول وبالله التوفيق:
قال تعالى في سورة العنكبوت عن الأمم الهالكة: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ - « فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا » وَ « مِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ » وَ « مِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ » وَ « مِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا » ..... وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ «« وَلَٰ-;-كِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ »» 40)، فهم الذين ظلموا أنفسهم بظنهم أن الله لن ينفذ وعيده بهم.

الآن،، تدبر معنا هذا المثل من الله تعالى جيداً،، لتعلم مدى غفلة وجهل هؤلاء الذي ظلموا أنفسهم. عادةً،، الذي يتخذ ولياً له، إنما يتوخى منه الرعاية والحماية والدفاع عنه ومؤازرته في كل كبيرة وصغيرة، ولكن ما هو ذلك الولي الذي إتخذه هؤلاء الحمقى ليؤدي لهم هذه الخدمة؟؟؟ ..... فقد إتخذوا أصناماً من حجارة نحتوها بأيديهم، صماء بكماء لا تضر ولا تنفع ولا تستطيع الدفاع عن نفسها،، فكيف تدافع عنهم؟؟؟

فهم بإتخاذهم هذا الولي الواهن، تماماً مثل العنكبوت، فقد صنع لنفسه بيتاً من خيوط واهنة ضعيفة لا يمكنها أن توفر له الحماية بأي حال من الأحوال. لذا قال في هذا المثال: (مَثَلُ الَّذِينَ - « اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ » - « كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا » ..... وَ « إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ » - لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ 41)، ولكنهم لغفلتهم لم يكونوا يعلمون بأن آلهتهم تلك أوهن من بيت العنكبون، وبالتالي لم تَذُبْ عنهم أو تدافع عن نفسها دونهم.
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ - «« مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ !!»» - وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 42). فكل ما يدعون من دونه يعتبر لا شيء يذكر لا قيمة له ولا قدر،، ولا رجاء فيه.

ثم جاء الأخ أيضاً، بهذا المقتبس من حديثي فقال لي: ((-- « فالقرآن ورب القرآن ليس في حاجة لأن يدافع أحد عنه ».. طيب يا استاذ لماذا اذن تجهد نفسك في هاته السلسلة من المقالات اعتقد انه اذا سالك احد المسلمين الرد على تلك الشبهات ما عليك الا ان تحيلهم الى القرآن اطلب منهم ان يقرؤوا القرآن و يتدبروه كلما وقعت اعينهم على شبهة ضد الاسلام فسيجدون فيه الجواب الكافي و لشافي.. لماذا ترد اصلا ما دمت لن تشغل نفسك بالقلق على القرآن و ما الداعي لردودك هاته ما دام يحمل في طياته آيات بينات كافية و شافية و مفحمة)).

ردي على ذلك أقول له وبالله التوفيق:
أولاً: كثير من الناس أكثر ذكاءً مني وأوثق وأكثر علماً وتجارب وتخصص،، فالمسألة أن الناس تتكامل مع بعضها البعض فتصل "بالثقة" و "التفاهم" إلى ما يعجز عنه الفرد مهما بلغ شأنه وعظم علمه وكثرت تجاربه،، فالقرآن الكريم ليس كلاماً "نصياً" كما يظن الكثير من الناس وبعضهم علماء أجلاء،،

فمثلاً عندما يقول الله تعالى في سورة يس: (وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ 37). فهل الآية "حقيقةً" هي فقط هذه الكلمات "التسع" المكونة لها، وهذا التركيب البياني البلاغي المبين؟ أم أن المقصود بها "الآية الكونية التي تصفها هذه الآية الكريمة العلمية الدقيقة المعجزة؟؟
إعلم يقيناً أنك لن تصل إلى إعجازها إلَّا إذا إستحضرت وتدبرت وتصورت عملية السلخ نفسها؟ وتفكرت في هذه الظاهرة الطبيعية التي تتم أمامك يومياً،

وكثير من الناس لا يفطن لها, ثم التدبر فيها حتماً سيقودك إلى الآية التالية لها مباشرة في قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَٰ-;-لِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ 38)، ولن تكتمل الصورة لديك إذا لم تصل إلى دور الشمس في عملية سلخ النهار من الليل ثم إعادة كساءه ثم سلخه،، وبالتالي فإن هذا سيقودك إلى فهم ما تعنيه عبارة (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا)، حينئذ ستقف على عمق معنى عبارة (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).

ثم بعد ذلك ستدرك علاقة قوله تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ-;- عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ 39)، بعملية السلخ والكساء أيضاً، وما هو وجه المقارنة بينه وبين الشمس من جهة وبين عبارتي (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا)، و(قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ-;- عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)،

كذلك الحال عندما تقرأ قوله تعالى (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)، فهل الإعجاز يكمن فقط في هذه الكلمات الست وتركيبها اللغوي البلاغي والبياني؟ أم أنها تلفت النظر إلى التفكر في خصائص وتميز الأبل نفسه كمخلوق أشار إليه تعالى بأنه آية من آياته الكونية؟ .... وهكذا

فكما ترى أنني لم أزد على التدبر لآيات الله تعالى شيئاً من عندي فالله تعالى هو الذي فصلها تفصيلاً معجزاً، لأن آياته المقروءة مربوطة مباشرة بآياته المشاهدة والمحسوسة بالكون كله، ومشكلة الناس أنهم يقرأون النص فقط ويغمضون أعينهم وفكرهم وقلوبهم عن تدبر الآيات التي يشير القرآن إليها في الآفاق وفي أنفسهم، تماماً كالذي تقول له أنظر إلى هذه الزهرة، فيغمض عينيه عنها ويكتفي بذكر إسمها، ويقول لك صفها لي.

فأنا لا أجهد نفسي لأدافع عن القرآن أو لأزيده بياناً (كما تظن)،، وإنما أجتهد في تدبر آياته المفصلة والميسرة للذكر فتفيض هي بياناً وتبياناً وتشع نوراً أحاول بقدر المستطاع أن أقتبس منه قبساً في حدود قدراتي المتواضعة المحدودة، فهذا التدبر أحاول بقدر المستطاع إشراك القراء فيه، وأنا على يقين أن هناك الكثيرون من بيهم الأذكياء وأصحاب البصيرة المتقدة الذين هم - عبر "التدبر" - سيصلون إلى ما لم أصل إليه ولم يصل إليه آخرون.

أيضاً عرض هذا الأخ هذا المقتبس من حديثي عن الذين يحاولون تحريف آيات الله من الحروف المقطعة، الذين قلت عنهم: ((-- وسيتحسروا كثيراً على ما بذلوه من جهد ومال وسهر الليالي حين يرون أن هذا المجهود كان مردوده عليهم مباشرة وأن الحصيلة النهائية هي تأييد وإقرار بأن هذا الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين).. اتمنى ان تشرح اكثر يا استاذ بشاراه ماذا يعني اقرارهم (ان حصل) ان هذا الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين هل هذا يعني انهم ))) سيصبحون مؤمنين بالوهية ذلك الكتاب ))).

نرد على هذه الأسئلة فيما يلي:
أولاً: لو قرأت موضوعنا السابق بعنوان (سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز))، في الرابط (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413385)، فإنك بلا شك ستجدنا بالفعل قد بدأنا في تسفيه أحلامهم وتكذيب إدعاءاتهم، ولا شك في أنهم الآن يعضون أصابعهم من الغيظ والخزلان،، أدخل هذا الرابط وستعرف ذلك بنفسك،، علماً بأننا حتى الآن في بداية المشوار. وكان المفترض مواصلة الموضوع،، ولكن وجدت أن الرد على أسئلتك لا يمكن تأخيرها، لذا سنواصل موضوع الحروف المقطعة بعد هذا الموضوع مباشرة بإذن الله تعالى.

أما المقصود بإقرارهم،، ليس المتوقع أن يأتوا على الملأ ويصرحوا بالهزيمة وأنهم كانوا على باطل، لأنهم بإختصار هم يعلمون هذه الحقيقة،، ولكنهم يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره المشركون. قال الله تعالى في سورة فصلت: (قُلْ « أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ » - مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ؟ 52)، ثم أكد بأنه لن يتركهم حتى يقيم عليهم الحجة "قهراً"، بأن يوصل إلى وجدانهم صدق آياته حتى يتيقنوا منها تماماً، حتى إن وضعوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا إستكبارا،، قال تعالى في ذلك: («سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ » وَ « فِي أَنفُسِهِمْ » - حَتَّىٰ-;- يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ..... أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ؟؟؟ 53). هل سعى المؤمن إلى الآفاق فذهب للكواكب والقمر لتكملة إيمانه بآيات ربه؟؟ وهل تركهم الله تعالى قبل أن يتفكروا في أنفسهم، فقد شاهدوا روعة ودقة خلقه في هندسة الجينات الوراثية، وبصمة العين،، وغير ذلك من الإعجاز العلمي، الذي قصد الله تعالى أن يوصله إليهم ليقيم الحجة عليهم،، ولكن مع ذلك لم يؤمنوا لأنهم إستحقوا بكفرهم "عن علم" الختم والطرد من رحمة الله.

فأنا لا أدافع عن القرآن ولا أقلق عليه كما تقول، ، فهو في الحفظ والصون، بل أدافع وأقلق على إخواني في آدم الذين يلقون بأيديهم إلى التهلكة بعنادهم وكفرهم ومعروف المصير الذي ينتظرهم عند ربهم إن غرغرت أرواحهم في صدورهم إيذاناً بقفل باب التوبة دونهم قبل أن تفارق تلك الارواح أبدانهم التعسة الشقية.
أما قولك (سيصبحون مؤمنين بالوهية ذلك الكتاب)، فالكتاب يا أخي ليس إلهاً، وليس له الوهية،، بل هو كلام الله تعالى ووحيه،، فالعبادة ليست للكتاب وإنما هي "مقصورة" على الله تعالى وحده لا شريك له ولا ند.

ثم قال لي أيضا:
مفتبساً من كلامي: ((-- الحرب الضروس من المكذبين إنما في السابق، من أعداء الله كانت موجهة ضد رب السموات والأرضين مباشرة))، فقال لي متسائلاً:.. هل يعقل يا استاذ بشاراه هل هناك انسان عاقل يحارب رب السماوات و الارضين؟. تصور معي لو انك مثلا شاهدت شخصا بجانب جبل يحاول دفعه ترى ماهو الانطباع التلقائي الذي سيخلقه لديك ذاك المشهد عن ذاك الشخص !! من ذا الذي سيجرء على محاربة رب السماوات و الارضين يا استاذي الكريم!!!!! --)).

نرد عليه بما يلي:
أولاً: لا تستغرب أن يكون هناك من يحارب الله تعالى مباشرة ليس في الأمم السابقة،، بل هم من بيننا الآن،، فإن أردت أن تتأكد من ذلك فلك أن تقرأ التعليقات التي يشيب لها الولدان.

ثانياً: ليس فقط "يعقل"، بل الآن بيننا من يحارب رب السماوات و الارضين،، أما إستفسارك إن كان مثل هذا الإنسان عاقل أم لا،، (بالطبع يستحيل أن يكون هذا الإنسان عاقلاً بأي حال من الأحوال) ولكنهم يظنون أنفسهم أعقل الناس،، لذلك قال الله تعالى عنهم (غلبت غليهم شقوتهم).

ثالثاً: إن تصويرك للشخص الذي يحارب الله تعالى كمن يحاول دفع جبل، قد أعجبني كثيراً هذا التشبيه لمثل ذلك الأحمق المعتوه، وصدقت في قولك مستنكراً (من ذا الذي سيجروء على محاربة رب السماوات و الارضين؟؟)،، ولكن للآسف الشديد عليهم يوجد مثل هؤلاء البؤساء،، ولم يبق لهم سوى ما بقي من عمر في هذه الحياة الدنيا، وسيلقون غياً إن لم يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الآوان.

ثم جاء الأخ بهذا الإقتباس من حديثي مع من تجرأ وخاض في الحروف المقطعة من القرآن، حيث قلت له: ((-- بل ستعرف أنك قد قربت البعيد ودخلت في دائرة لا تحسد عليها حين تدرك أن الله تعالى قد - إدخر- هذه الحروف المقطعة لمثل هذه المواقف)) ... فقال لي هذا الأخ الكريم: ارجو منك استاذ بشاراه لو تكرمت ان تساعدني على معرفة كيف ادركت انت ان الله تعالى قد ادخر هذه الحروف المقطعة لمثل هذه المواقف هل قرأت ذلك في كتابه ام اوحي اليك بهذا ام ماذا !! مع العلم انك طلبت من الباحث ان لا يعتمد كثيرا على التفسيرات

ردنا على هذا السؤال كما يلي:
أولاً: الجواب في منتهى البساطة،، هو أنني (قد إستغنيت بالقرآن عن كل ما سواه من كتب ومراجع)، فوجدت فيه هذه الكنوز "مزللة"، أوضح من أشعة الشمس،، ولم أبذل في ذلك كثير عناء،، فكتاب الله تعالى يتعرض إلى الإعتداء،، وعلمت يقيناً أن الله تعالى لا بد من أن يكون قد أودع كتابه كل ما يحتاجه المؤمن ليحاجج به المعتدين، فيكون الرد والإفحام والهزيمة النكراء من الله تعالى وليس من العبد، هذا كل شيء.

ثانياً: أما سؤالك لي كيف أدركت أن الله تعالى قد إدخر هذه الحروف المقطعة لمثل هذا الموقف،، فهذا ليس تخميناً،، وإنما واقع،، وقد رأيت كيف كانت (ألم – البقرة) قد فصلها الله تعالى تفصيلاً، ولعل السابقون لم يحتاجوا لها كما هي الحاجة لها الآن لمجابهة أعداء الله الذين قصدوا الدخول إليه من هذا الباب فأكبتهم، ولعل الله تعالى أراد أن يفحم هؤلاء عبر خلق ضعيف جاهل من خلقه، وقد رأينا كيف أن الله تعالى عَلَّمَ هابين كيف يواري سوأة أخيه عبر غراب, وقد يكشف الله تعالى سر آياته عبر جماد أو حيوان،، فليست المسألة فيها غرابة،، الآيات موجودة ومفصلة في كتاب الله تعالى ومتاحة لكل من اراد أن يذكر أو اراد شكوراً، فأنا لست بأفضل من ذلك الغراب، ولا بأعلم منه ما دام أن مصدر العلم هو الله تعالى الذي أنطق عيسى في مهده.

ثم قال لي أيضاً ((-- دعني اقول لك استاذ بشاراه مخطئ انت ان طننت ان عدم اتيان الناس بمثل ما جاء في القرآن يعد دليلا قاطعا على مصدر القرآن الالهي.. ما جاء في القرآن هو في نظري فلسفة محمد و نظرته الى الوجود فكيف تريد مني ان اقول ما قاله اللهم ان كان بالامكان تقمص شخصيته روحا و كيانا عندئك سارى الوجود كما يراه.. و كما قال مطرب تونسي في احدى اغانيه (لاموني اللي غاروا مني قالوا واش عجبك فيها.. جاوبت اللي جهلوا فني خذوا عيني شوفوا بها) يعني لما استغرب الناس اعجاب ذاك الشخص بفتاة هي في معاييرهم ليس اهلا للاعجاب اجابهم (((خذوا عيني شوفوا بها))) فلكي يشعروا بما يشعر به هو عليهم يكونوا هم ذاك الشخص.. --))

أقول له في هذا،،
أولاً: لست أنا الذي قال بأن هذا القرآن لن يأتي بمثله ليس الناس فقط،، بل حتى الجن ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً،، هذا قول الله وتحديه. أما بالنسبة لي "ليس ظناً"، وإنما يقين لا يشوبه أي شك ما حييت. فإن كان في مقدور الخلق كله ذلك لما جعله الله تحدياً مفتوحاً إلى يوم القيامة.

ثانياً: إن كان هذا القرآن الكريم هو فلسفة محمد و نظرته الى الوجود "كما تقول"، فما الذي يمنعه من أن ينسب هذا الإبداع لنفسه، وبذلك يصبح أبلغ من مشى على الأرض، لأن هذا القرآن قد حير العقول،، ولو كان من تأليف البشر لوجدت نماذج كثيرة مثله أو قريبة منه. فلو كان في إستطاعة البشر ذلك لقدر عليه اليهود والنصارى وهم يحاولون جهدهم عبر الأجيال دون طائل. وسيحاولون إلى أن تقوم الساعة والنتيجة هي نفسها فشل وإحباط مر.

ثالثاً: تقول ((-- إن لديك سورة كمحاولة و تقليد منك: وتظن أنها بنفس اسلوب وعبارات القرآن،، وتجزم انها بالنسبة لمن لم يطلع على القرآن بما فيه الكفاية قد لا يميزها عن سور القرآن بل قد يتشابه عليه الامر و يعتقد انها من القرآن --)).

نقول له في تلك المحاولة قبل أن نشاهدها،، في الواقع أنك رددت على نفسك بنفسك،، بقولك (بالنسبة لمن لم يطلع على القرآن بما فيه الكفاية)، فهذا تماماً كمن قام برص كلمات وعبارات في شكل قوافي،، ثم عرضها على جاهل باللغة والبلاغة والتفعيلة، فقد يراها شعراً ويعجب بها ويغنيها،، أما متى ما وضعها أمام شاعر أو ناقد أدبي، أبعدها من أمامه على الفور، وإستهجنها، وتقذذ منها وألقى بها في الأتون.

سبق أن قلنا أعلاه، إن آيات القرآن الكريم ليست نصوصاً أدبية وبلاغية من كلمات مؤلفة وفق معايير اللغة والإنشاء والبلاغة،، وإنما هي مرتبطة إرتباطاً وثيقاً مباشراً بالكون كله،، وبأحداثه التي وقعت قبل الخلق وعند الخلق وبعده، فأي محاولة يقوم بها مخلوق ستنتهي إلى أو تؤول إلى الصفر كما في التفاضل. فالقرآن ليس نظماً ولا شعراً ولا نثراً فإن كان من هذه الأنواع لحاول أهل الذكر عملية التقليد وهم يملكون أدواته،، وقد فعلوا ولكنهم فشلوا وووووووو سيفشلوا قطعاً.

رابعاً: وقولك لي: ((-- من ناحية اخرى و لو انني لا اعلم كيف قمت بترتيب ايات التحدي تلك و جعلت منها تتدرج من الاكثر الى الاقل من الكتاب الى سورة من مثله ما دام هذا الله العالم بخفايا البشر يا استاذ بشاراه يعلم مسبقا ان المكذبين لن يستطيعوا ان ياتوا و لو بسورة واحدة فقط ترى ما جدوى التدرج تارة بمثل هذا القرآن تارة بعشر سور من مثله تارة بسورة واحدة الم يكن بالامكان بل من المنطقي ان يصر من الاول على تحديهم بالاتيان بسورة واحدة ما دام هو علام الغيوب و يعلم انهم سيعجزون حتى عن سورة واحدة --)).

نقول له في ذلك:
أولاً: أنا لم أرتب هذا التدرج أو غيره،، فالترتيب كله من الله تعالى نفسه ولم يتركه للنبي الخاتم،،

ثانياً: لو نظرنا إلى التدرج في التحدي لدى البشر، عموماً، يكون بهذا المنطق،، مثلاً، تقول للمتحدى:
هل تستطيع أن تسبح عبر البحر الأحمر ثم تعود مرة أخرى في نفس الوقت دون أن تأخذ راحة؟ ... فإذا عجز عن ذلك (وأنت تعرف أنه سيعجز)، تعدل إلى صورة أخف في التحدي، ثم تقول له: هل تستطيع أن تسبع عبر البحر ثم تعود بالقارب؟؟ فإن عجز عن ذلك تعدل إلى ما هو أخف، فتقول له هل تستطيع أن تسبح حتى منتصف البحر فقط؟؟ وهكذا،
هذا المنطق في التدرج معروف للعامة والخاصة، ولا يحتاج إلى شرح. وفي ذلك تحفيذ للمحاولة لمعرفة الإستحالة في كل الصور المعروضة.
----------------------------------------------------------
ثم يقول هذا الأخ لي ((-- اليك السورة - سورة الآجلة))، ثم جاء بهذه المحاولة التي ظن أنها يمكن أن تشبه القرآن من قريب أو بعيد،، لم يكتف بعرضها، بل أطلق عليها إسم (سورة الآجلة)، وجاء نصها هكذا: ((-- هل أتاك حديث الآجلة (1)) قلوب يومئذ وجلة (2) تنظر عذاب ربها آملة (3) هل لنا في رحمتك سائلة (4) كلا قد كانت عن عبادتنا غافلة (5) تدعو إسافا و نائلة (6) و كانت عن الحق مائلة (7) لمال اليتيم آكلة (8) فاليوم أمها سافلة (9) و ما أدراك ما السافلة (10) نار هائلة (11) جزاء بما كانت عاملة (12)
اليك - سورة الغنائم-
انا احللنا لك الغنائم (1) فكبر ربك و اقتحم (2) ما كان ربك الكافرين ليظلم (3) --)).
----------------------------------------------------------

نرد على هذه الفقرة فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: ألهذه الدرجة هان كلام الله على لناس؟،، أيقارن هذا المسخ بقول الله الفصل الذي ليس بالهزل؟ (ربــــــــــي!!! ما أحــــــلمك وما أصـــــبرك؟؟؟)، أود هنا أن أذكر القراء بأن سامي الذيب أيضاً له مسح سماه "سورة الحمار"، فوجدنا أوصافه فيها، ثم رددنا عليه بما يتفق معها، فلعله قد سعد بها كثيرا.

ثانياً: فلنناقش الأخ في ما أعده لنفسه،، فنقول:
1. تقول: "هل أناك حديث الآجلة"،، فما هي هذه الآجلة في نظرك؟ هل تقصد أن تَسْجِعَ على وزن (هل أتاك حديث الغاشية)؟ نحن نعرف ما هي الغاشية،، فهي يوم القيامة، وحتى مقصودة بمشاهد وأهوال محددة بها وليست القيامة كلها؟ فهل هذه الآجلة هي أيضاً يوم القيامة؟؟؟ فإن قلت إنك تقصد بها أيضاً يوم القيامة تكون كاذباً مدلساً، لأنه لم يقل الله تعالى عنها بأنها "الآجلة"، وإن قلت بأنك لا تقصدها فما هي إذن؟؟؟ فهذه المحاولة تذكرنا بالذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك، والذي قال الله تعالى فيه في سورة البقرة (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي « حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ » - أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ - ...), وقد سأل إبراهيم عن ربه، من يكون؟: (... « إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ » ...), فما كان من ذلك الأحمق الجاهل: (... قَالَ « أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ » ...), أيضاً، فجاء بشخصين محكومين، فأطلق سراح أحدهم وقتل الآخر،، فعلم إبراهيم جهل هذا الدعي الغبي،، فجاءه بالإعجاز مباشرة لأنه ليس من الذين يعملون فكرهم: (... قَالَ إِبْرَاهِيمُ « فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ » - فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ!! ...), عندها أدرك هذا الطاغية الغبي أن المسألة ليست قتل وإطلاق سراح، بل إعجاز: (... فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ « وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » 258).

2. ثم تقول: (قلوب يومئذ وجلة)،، فما الذي تعنيه بكلمة "يومئذ؟". فهل هناك في الآساس "آجلة" حتى يكون لها "يومئذ" أو "حينئذ" و "وقتئذ"؟؟؟ ..... إذاً أنت تتحدث عن أوهام وأكاذيب مضحكة، أما قولك "وجلة"،، من أي شيء هي وجلة؟؟؟ وهل "الآجلة" هذه لها رب؟ فإن كان ذلك كذلك،، فمن هو هذا الرب المفترى؟ هل هو "إسافا" أم "نائلة" أم هما معاً؟؟؟
سأكتفي بهذا القدر،، فالمسألة "خربة" من أساسها،، وسأترك الباقي للقراء ليشاهدوا بأنفسهم كيف يكون التحدي مفحماً. ولكن لا بأس من أن نعرض عليكم سورة الغاشية فيما يلي ليروا إحكامها:

في سورة الغاشية،، يخاطب الله تعالى نبيه الكريم، يخبره بمشهد من مشاهد القيامة، أسماه "الغاشية"، فقال له عنها: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ 1)؟، أتعرف يا محمد ما الذي ينتظر الناس فيها؟؟؟ سيكون الناس حيالها يومئذ على نوعين من الوجوه لا ثالث لها:
1. (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ 2)، من شدة الذل والهوان والرعب، فهي، في شقاء دائم ونصب مستمر: (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ 3)، ثم بعد ذلك: (تَصْلَىٰ-;- نَارًا حَامِيَةً 4)، لا شراب يروي ظمأها فأصحاب هذه الوجوه التعسة: (تُسْقَىٰ-;- مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ 5)، ماءها بعيد في قعر جهنم يغلي، ولا شيء يسكت جوعهم لانه: (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ 6)، شوك مر حار لا يستساغ من نتنه وخبثه، ومع ذلك: (لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ 7).

2. (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ 8)، من كثرة الراحة والتنعم والسعادة: (لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ 9)، لأن سعيها يقودها إلى الترف والنعيم، (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ 10)، هادئة لا ضوضاء فيها ولا صخب، (لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً 11)، ماؤها عذب فرات زلال، (فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ 12)، طيبة باردة، (فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ 13)، للمتقين والأبرار والصالحين يرقدون عليها، (وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ 14)، فيها شراب طيب مزاجه مسك وكافوراً، (وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ 15)، مفروشة، وبسط وسجاجيد مبسوطة (وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ 16).

فيقول لنبيه الكريم: فالذين يوردون أنفسهم موارد التهلكة والعذاب، لماذا لا يعملون ما يبعدهم عن هذا المصير المشئوم؟ وأن يتدبروا أيات ربهم وهي بسيطة وواضحة، مثلاً؟ (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ 17)؟ ويتفكرون في من خلقها وأبدعها؟ (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ 18)، ومن الذي رفعها ولا يرى بها من فطور؟ (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ 19)؟ وهي تدل بشموخها على عظمة وقدرة وعلم من جعلها أوتاداً؟ (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ 20)، فلا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً؟

فإن لم تجعلهم كل هذه الآيات البينات يؤمنون بربها وربهم، فلا تتعب نفسك معهم، يكفي أن تذكرهم بهذه الآيات فقط: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ 21)، وأنت لست مسئولاً عن إيمانهم أو كفرهم، وليس لك عليهم سلطاناً أو سيطرة، بل تنتهي مهمتك بالتذكرة فقط: (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ 22)، (إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ-;- وَكَفَرَ 23)، فهذا أيضاً لا شأن لك به، لأن الله هو الذي سيتولى أمره ولست أنت: (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ 24)، وتذكر، (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ 25)، وليس إليك أنت،، (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم 26). ولست أنت الذي ستحاسبهم.

ثم قال لي هذا الأخ ((-- حقيقة ان تلك الفقرة التي ابتدءتها بالجملة (نرد عليه في هذه الجزئية فنقول بحول الله قوته، وقلوبنا تقطر دماً حسرةً عليه وعلى أمثاله .....) هي فقرة ظالمة مجحفة في حق من لا يؤمن بما تؤمن وانت الذي زعمت ان هذا الدين القويم لم يعتدي على احد.. غير المؤمن تعرض في فقرتك تلك للظلم من طرفك ومن طرف الله الذي تؤمن به فانت وصفته بالضلال و الاضلال و بالشقوة عن اي ضلال تتحدث يا استاذ اي ذنب ارتكبه حتى تكيل له كل تلك الشتائم ثم اين هذا الله لماذا ابعده و قلاه حتى و لو كان وجدانه خاويا من الايمان الا ترى معي انك في هاته الحالة ارحم من هذا الله على الاقل انت تسعى و لديك امل ان يهتدي هذا الكافر او هذا الملحد فينجو من النار في حين ربك ابعده عنه و قلاه و هو الذي يهدي من يشاء و يضل من يشاء ( حقيقة اغبط من شاء له الهداية يا ريت يشيء لي انا ايضا الهداية --)).

نرد عيه هنا فنقول وبالله التوفيق:
أولاً يا عزيزي،،، عادةً،، الناس قلوبهم تقطر دماً حسرةً على من يررونه في خطر داهم وهم يخافون عليه من الوقوع فيه، وليس العكس كما فهمت أنت. فالسلوك الذي سلكه هؤلاء بكل المعايير يوصل إلى غضب الله وبالتالي إلى جهنم وبئس المصير. فالفقرة تكون ظالمة ومجحفة في حق من لا يؤمن بالله إذا تمنينا لها الضلال وليس الهداية،، فأنا لا أؤمن بصنم أو بطاغوت، بل أومن برب الأرباب ورب العرش العظيم، الذي لا رب سواه ولا إله غيره،، أؤمن بمن ناصيتي بيده، من ماضٍ فيَّ حكمه، وعدل فيَّ قضاؤه. فهل الشعور بالأسى على الناس يعتبر عندك إجحاف في حقهم؟؟؟

ثانياً: الطريق إلى الله واحد،، وهناك طرق كثيرة يسلكها الناس كل حسب هواه،، فمن سلك الطريق الموصل إلى الله كان "مهتدياً"، ومن سلك طرقاً أخرى حسب هواه كان ضالاً لأن هذا الطريق لن يوصله إلى طريق الله تعالى. فكلمة ضال ليست شتمة، وإنما وصف حالة يكون عليها الإنسان. ألم يقل الله تعالى لنبيه الكريم (ووجدك ضالاً فهدى)؟ لأنه قبل أن يأتيه الوحي كان يتفكر في ملكوت السماوات والأرض يبحث عن أسرار النجوم والكواكب والشمس والقمر والجبال والوديان والزرع والحيوانات،،، الخ، فهداه الله إليه وكشف له أسرار الكون كله. فالضال هو الذي فقد الطريق الذي يوصله إلى غايته. فمن عبد غير الله فهو ضال، ومن أنكر عبادة الله تعالى فهو ضال. أما من تعمد عبادة غير الله أو عمل ما يغضب الله عليه فهو "شقي" قد "غلبت عليه شقوته"، هذه حقيقة لا جدال فيها لأنه "إن مات على ذلك دخل النار". فهل هذه شقوة أم سعادة في رأيك؟؟؟

أما عن قولك: ((-- اين هذا الله لماذا ابعده و قلاه حتى و لو كان وجدانه خاويا من الايمان --))، أقول لك بأنك مخطيء تماماً فالله تعالى من أسمائه الحسنى "الهادي"، وليس من بينها "المضل"، كما رأيت سابقاً كيف أن الله تعالى يعطي الناس الفرص المتتابعة ويغفر ثم يغفر ثم يغفر إلى أن يصر العبد على "السخرية" و "الإستهذاء"، والتكبر عليه والإصرار على الكفر،، حينئذ يغلق دونه باب التوبة لأنه يكون قد حكم عليه بالكفر.

لقد أدهشني وصفك لي بأنني ارحم من هذا الله ... (من أكون أنا أو غيري حتى أكون ارحم من الله ؟؟؟)، لو لا رحمة ربي لما ترك على وجه الأرض كافر واحد،، ولتعلم أن مجرد محاولة شخص هداية شخص آخر يرضى الله عنه كثيرا ويوفقه. الله تعالى لا ينصرف أبداً عن العبد مهما فعل إلَّا إذا إنصرف العبد عنه "كبراً وكفراً"، عندها ينصرف عنه ويقليه لأنه أساء الأدب معه.
إن الله تعالى يريد أن ينجوا كل البشر من النار لذلك يرسل إليهم الأنبياء والرسل.

في الحقيقة،،، كثير من الناس يفهمون هذه الآية بصورة مقلوبة،، من قوله تعالى في سورة النحل: (وَ « لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً » - وَلَٰ-;-كِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَ « لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » 93( ، معناها أن الله تعالى لا يغلب ولا يجبر على أمر أبداً،، له مطلق المشيئة, بدليل قوله تعالى (لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).

لقد هزتني هذه العبارة منك وأنت تقول: (حقيقة اغبط من شاء له الهداية يا ريت يشيء لي انا ايضا الهداية). أتدري لعلك بهذه العبارة فقط (إن صدقت النية فيها) قد قلت أعظم كلمة في حياتك كلها،، وأعتقد أن الكثيرين يغبطونك فيها،، لقد صرحت بكلمة الإيمان الكاملة، ولكن فقط يلزمك إحسان الظن بالله، وترك التسويف والإنطلاق إلى الأمام فلا وقت لدينا في هذه الحياة الدنيا القصيرة نضيعه في التشكك صدقني،، أنا نفسي أغبطك في هذه الكلمة التي - إن إستثمرتها بالطريقة الصحيحة - فالتوبة تجب ما قبلها، وتفتح مع الله صفحة جديدة ناصعة البياض. فيجب على التائب أن ينظر إلى الأمام و لينظر إلى تناقص النصف الفارغ من الكوب. وأن يناجي ربه ويستغفره حتى يحبه ويباهي به الملائكة مهما كان ذنبه في السابق.

لقد طرحت علي سؤال فيما سبق فقلت لي (كيف عرفت أن الحروف المقطعة قد إدخرها الله ...)، وأنا أطرح عليك سؤال مماثل (كيف عرفت أن إجابة أسئلتك عندي أنا ...)؟ هل هي صدفة أم بتدبير من الله تعالى؟؟؟
فلماذا لا يكون صدقك أنت في سعيك للهدى، هو الذي وضعني في طريقك، (بعد أن بارك سعيك وهداك ؟؟؟)، وأنت لا تدري. أما قولك بأنك قمت منذ سنوات بمحاولة للهدى وسعيت لها حثيثا لكن دون جدوى لم يهدك الله. أنا أصدقك في قولك،، ولكنني أختلف معك جملة وتفصيلاً للآتي:
1. أختلف معك في قولك أنك سعيت إلى الهداية ولكن الله لم يهدك،، من أدراك أنه تعالى لم يهدك؟؟ هذا قول مستحيل وسوء ظن بالله، فالله تعالى مجرد إلتفاتك نحوه تريده، أتاك هرولة وأقبل نحوك ووقف بجانبك وفرح بك،
2. أما شعورك بأن الله لم يهدك، فهذا تلبيس إبليس اللعين، لن يفرط فيك بسهولة بعد أن إستحوذ عليك وإستعمر قلبك،، وسيوسوس لك ويقاومك كثيراً ليشكك في إقبال الله عليك، وقبوله توبتك،، فعليك بقهر إبليس بالعمل الفوري والثقة بالله تعالى، فالله تعالى مع من كان معه ولن يتخلى عنه. فقط عليك بتغيير نمط حياتك وهجر جلساء السوء وإلتزام تدبر القرآن الكريم. ألم يقل الشيطان لله تعالى (وبعزتك لأخوينهم أجمعين)، (إلَّا عبادك منهم المخلصين)، فلماذا لا تكون أنت واحد من هؤلاء المخلصين؟؟؟

ثم يقول مقتبساً من حديثي: ((-- فما دام لم يظهر من يدعي خلق الكون غير الله صاحب هذا الكتاب المتضمن عشرات التحديات فتكون النتيجة الحتمية أن صاحب الكتاب هو الله الخالق وهو الذي أنزل التوراة والإنجيل والفرقان،،--))..
ثم يسألني قائلاً: ((-- وهل رايت هذا الله الخالق وهو ينزل الكتاب او بالاحرى الكتب يا استاذ بشاراه كل ما يعرفه الناس ان هذا الكتاب او تلك الكتب جاء بها اولئك الاشخاص المسمون -انبياء- موسى-عيسى- محمد و قالوا انهم مبعوثون من عند الله الخالق --))،

أقول له هنا:
أولاً: ما أدراك أن الروح هي سر الحياة،، وأن الموت يعني خروج هذه الروح من البدن؟ هل رأيت الروح من قبل، بالتشريح أو بالتحليل أو بالموجات الصوتية أو حتى بأشعة إكس،، الخ؟؟؟ هل شاهدت الروح تخرج من المحتضر أو لمستها أو أحسست بريحها أو بحرها أو بردها، أو صوتها؟؟؟ إذاً،، لماذا كل الناس على قناعة تامة بأن المسؤول عن الحياة والموت هي الروح. فإن كنت لا تستطيع أن ترى أهم شيء في حياتك، فكيف تستطيع أن ترى الله تعالى أو ترى وحيه؟؟؟

ثم قال أيضاً: ((-- اتساءل في بعض الاحيان مثلا ترى ماذا لو كان محمد قرء على قومه اياته دون ان يخبرهم انه مامور من عند الخالق المفترض هل كانوا ليعرفوا من تلقاء انفسهم انه (كلام الله) ام ان الجميع سيتفق على رميه بتلك التهم المذكورة في القرآن ( حينئذ ستكتشف أنك قد تعجلت إما في إتخاذ قرار الردة)..و هل الردة او الايمان قرار يتخذ يا استاذ بشاراه متى كان هذا اعطيني مثالا لشخص اتخذ قرار الايمان او الردة....... يا عجبا !!!
1. على أية حال هناك سؤال منطقي وبديهي: لو إتفق إنك قررت العودة إلى الإسلام (الذي كان في السابق ديانتك فزهدت فيها وتخليت عنه! )،
2. مرة أخرى ... ما هي ضماناتك بأن الله تعالى سيقبل تلك العودة منك مرةً أخرى؟؟؟ )... تعود مرة اخرى لما اسميته - اتخاذ القرار- انا نفسي اعرف يا استاذ بشاراه كيف تفهم مصطلح - الايمان- و - الكفر- و – الردة - .. قرر العودة الى الاسلام يعني حسب ما فهمت اقتنع مرة اخرى ان الاسلام حق كما يقال وآمن به مجددا.. ففي تلك الحالة خلاص هو آمن عاد اليه ايمانه مرة اخرى وبالتالي سيقوم بواجباته الدينية مثل اي فرد مسلم فما معنى ان لا يقبل الله عودته مرة اخرى و ما معنى - لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا- خلاص في تلك الحالة هو اهتدى او هداه الله فما محل تلك الاية هنا من الاعراب !!!!!!--)).
نرج على هذه التساؤلات بإختصار شديد فنقول له:
كثير من التساؤلات غير المنطقية والتي تدخل في الشأن الإلهي إنما هي من تلبيس إبليس العين، فهو سيكثر منها ليصد الناس عن إتخاذ خطوات إيجابية هو يعرف أن تدبيره كله في خطر إذا إستيقظت الفطرة الإيمانية في ضحيته،، لذا فهو يوسوس ويخنس ليشغلهم بالفارغة.

تحياتنا للقراء الكرام ولصاحب التعليقات المطولة

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(و):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء11:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء9:
- التقديم والتأخير - إن كنت تدري فتلك مصيبة:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء8:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء7:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء6:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء5:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء4:


المزيد.....




- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - حوار العقلاء: