أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - موسوي عيسوى محمدي














المزيد.....

موسوي عيسوى محمدي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4446 - 2014 / 5 / 7 - 12:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"وكان جديرًا بالأديان الكبرى، وهي التي ثبت حقُّها بانتشارها ودوامها وقوة أثرها في المؤمنين، كان جديرًا بها ألا تختلف اختلافًا كبيرًا، فجميعها تصدر عن أصل واحد هو الإيمان بالغيب، وجميعها تؤدي إلى غاية واحدة، هي بلوغ الوادي المقدس. وسبيلها إلى ذلك واحدٌ، هو التطهُّر. ولكنها اختلفت مع ذلك اختلافًا شديدًا. وظن أهلُ كل دين أنهم وحدهم على حق، وأن غيرهم على ضلال. والواقع أن أمور العقيدة ليس فيها حقٌّ وباطل. فكلُّ ما تؤمن به إيمانًا قويًّا فعالا مُطهِّرًا يبلغ بك الوادي المقدس، هو الحقُّ بالنسبة لك. وليس هناك حق منفصل عن الإيمان به؛ يمكن البرهان عليه برهانًا حسيًّا مستقلا عن أثره في النفس. والإيمانُ جزء لا يتجزأ من الحق. كأنه البعد الرابع الذي لا يتم الحق إلا به. وإذا كانت الأديان تنبع من أصل فطري واحد، وإذا كانت غايتها واحدة ووسيلتها واحدة، وإذا كان الحق فيها جميعها قائمًا، ففيمَ اختلافُها وتطاحنُ أهلها وتقاتل المؤمنين بها؟!
الخلافُ بين أهل الأديان اختلافٌ في التركيب السيكولوجي للناس. والصور التي تعبّر بها النفوسُ عن تأثرها بالعوامل المطهِّرة تختلف. وبعبارة أخرى، تختلف مظاهرُ التدين باختلاف موقفنا من القوى العليا التي يهتدي بها من يؤمنون بالغيب، تختلف باختلاف موقفنا من الله. وموقفنا من الله لا يكون إلا: 1- خوفًا، أو 2- حبًّا، أو 3- أملا.
ففي نفس كل متدين شيءٌ من هذه الأمور الثلاثة. إنما تغلب إحدى هذه العواطف على غيرها في النفس الواحدة. ويتوقف ذلك على مِزاج الإنسان الخاص.
فإن كنتَ ممن يدفعهم إلى الخير ’خوفُهم‘ من الله وخشيتهم من عدله حين يبطش بالظالمين والخاطئين، وإن كنت ممن يمنعهم من الشر أن الله يعلم ما يُسرّون وما يعلنون، وأن عدله لا يخطئ المذنبين، إذا كنت من هؤلاء فأنت ’موسوي‘، مهما يكن الدين الذي تدين به.
وإن كنتَ تشعر في قرارة نفسك أن الذي يدعوك إلى الخير هو "حبُّك" لله، وحبُّك للناس الذين يحبهم الُله، وإذا كنت ترى أن تجنُّب الناس إثمٌ، لأن الَله يحبهم كما يحبك وإنك تفقد حبك لله حين تؤذي أحبابَه وهم ’جميع‘ الناس، إن كنتَ هكذا، فأنت ’عيسوى‘ مهما يكن الدين الذي تدين به.
وإذا كان الذي يدفعك للخير هو ’الأمل‘ في الله، و’الرغبة‘ في الجزاء الأوفى والنعيم المقيم، وإن كنت تشتاق للقرب من الله قربًا يكفل لك النعيمَ السرمدي والسعادة الخالدة، فأنت ’إسلامي‘ مهما يكن الدين الذي تدين به.
هذا التقسيمُ هو الأقربُ إلى فهم الواقع من تقسيم الناس إلى يهود ومسيحيين ومسلمين. ومن المسيحيين من هم موسويون، يؤكدون الخوف من الله. يتبعون أوامره ويقدسونها حرفيًّا، بل منهم من يرون أن عليهم أن يطهِّروا الناسَ بالقوة، وأن يحملوا الناسَ على العقيدة الصحيحة ولو بالقتل والتعذيب (مثل كاثوليك القرون الوسطى). هؤلاء موسويون نفسًا. ومن المسلمين من هم موسويون بطبعهم كالخوارج، الذين كانوا يؤمنون بالعدل مهما يكن في تحقيقه من قسوة. يطيعون أوامرَ الله كما يفهمونها، ولو خالفت روحَ الدين مخالفةً واضحة. ومن المسلمين من هم عيسويون في طبيعة مِزاجهم. فالشيعة يشعرون أنهم في حاجة نفسية إلى شهيد يقدسونه، يعتقدون أنه مات في سبيلهم فهم يحبونه حبًّا يدفعهم إلى حب من يحبون هذا الشهيد.
على هذا النحو نستطيع أن ندرس تاريخ التطهُّر الإنساني على أنه وحدة متكاملة. ظاهرها فيه خلافٌ كبير، وباطنها متسقٌ اتساقًا عميقًا. والإنسان حيوان يجاهد أن يتطهّر، وجهاده هذا موضع فخره، وله أن يتميز به على كل ما عداه من الكائنات. فهو وحده الذي يميز الخبيث من الطيب، وله وحده نفسٌ تهديه إلى معرفة الحق والباطل، وعقلٌ يفرق به بين الخطأ والصواب، وله وحده ضمير يعرف به ما يحل له وما يحرم عليه. التطهر قانون النفس البشرية الأكبر، لا تطمئن إذا أغفلته ولا تستقر إذا حادت عنه. فهو أصل من أصول كيانها السليم. ولو لم يغفل الناس الأصل النفسي للتطهر، ما اضطربوا في فهم أنفسهم ونزعاتهم. ولكنهم قسروا بحثهم على مظاهر التطهر ووسائله، وهي متعددة يكاد بعضها يناقض بعضه. فغمضت عليهم أمور هي في أصلها واضحة، وفي غايتها مستقيمة.”
هذا جزء من كتاب "الوادي المقدس" للكاتب د.محمد كامل حسين، (1901- 1977)، الطبيب والأديب والمفكر، الذي يحاول فيه أن يتأمل فكرة الدين والأخلاق ليثبت أن أصل الدين سيكولوجي، بينما أصل الأخلاق فيسيولوجي. ما أحوجنا أن نعيد قراءة هذا الكتاب الآن، لنعرف أن رحلة الإنسان فوق الأرض لن تستقيم إلا بمعرفة أنفسنا، ومعرفة الآخر. تلك المعرفة التي تنطلق من، وتصبُّ في، معرفة الله ذاته، جلّ وعلا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة النصف ساعة
- كيف نقيس أعمارنا؟
- شكرًا لكم أيها الزائفون
- المرأةُ العفريت
- مدحت صالح ربيعُ الأوبرا
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
- دستور برهامي
- برهامي هادم الدساتير
- كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
- حُلم المصالحة الطوباوي
- رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية
- رجلان يعرفان الله
- لقائي الأخير بالعصفور سلطان
- طريق الفرح
- هدفٌ في مرمى الحضارة
- الرئيس وأسئلة ديكارت
- عروسة لطفلة السماء
- لن أعزّيك يا صديقي ..


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - موسوي عيسوى محمدي