أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى خطاب - سيد القمنى يقول :















المزيد.....

سيد القمنى يقول :


مجدى خطاب

الحوار المتمدن-العدد: 1260 - 2005 / 7 / 19 - 10:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى مقال هام للدكتور سيد قمنى فى مجلة أدب ونقد – العدد 203 يوليو 2002
سيد القمنى يقول:
أي إسلام تقصده مواد الدستور ، أو كل من ينادي بعودة الإسلام الأصلي ؟ هل هناك إسلام أصلي ؟ يجب علينا العودة إليه بعد طول بعاد بحسبانه الكمال التام المطلوب لخلاص الأمة والعباد ؟
سيجيبنا هنا أحد البارزين بتنظيم القاعدة ( أبو حفص الموريتاني ) ليؤكد لنا أن هذا الإسلام الأوحد الصحيح الأصلي موجود بل ومطبق أسلم تطبيق في نظام طالبان الإسلامي الأفغاني المخلوع ( الجزيرة في 30 / 11 / 2001 ) ، هذا بينما يرى الدكتور عبد الله التركي أمين عام رابطة العالم الإسلامي أن الإسلام الحقيقي الأصلي موجود ومطبق في النظام السعودي ( الجزيرة في 25 / 11 / 2001 ) .
ورجال الأزهر عادة ما يقومون بمهمة تقديم الإسلام الصحيح في مواجهة إسلام المتطرفين ، وجميع الدول العربية والإسلامية تعلن أنظمتها الحاكمة بكل ثقة إن إسلامها الرسمي الدستوري الصحيح الأصلي هو المطبق فعلاً بعد قول . ورغم ذلك فما أبعد المسافات بين الإسلاميات في هذه الدول والأنظمة ، وما أبعد القول المعلن عن الواقع السافر .. مما يشير إلى خلل أصيل في حكاية الدين الرسمي والإسلام الأصلي ، ويطرح السؤال نفسه : هل ثمة ما يمكن تسميته إسلاماً صحيحاً مطلقاً أصلياً ؟ وإذا كان ذلك كذلك فماذا إذن كل هذا الاختلاف والتناقض ؟
يبدو لنا أن الحديث عن إسلام حقيقي أصلي إنما يندرج ضمن خطابنا المخادع المخاتل الكاذب حتى على الذات ، لأنه لو كان هناك إسلام واحد تتطابق كل العقول في فهمه على التوازي والتجاور والتطابق ، ما أفرز هذا الإسلام ذاته فرقاً وشيعاً وطوائف كل منها ترى نفسها الإسلام الصحيح وتنبذ ما عداها من فرق وتكفرها وترفضها بوصفها بدعة وضلالة ، وتحتسب ذاتها الفرقة الوحيدة الناجية دون سواها ، الناطقة باسم الإسلام الصحيح الأصلي لذلك هي المؤتمنة على الرسالة والحقيقة والحارسة لهما ، ومن ثم تطالب الناس باتباعها لأنها تضمن لهم الخلاص الصادق .
حتى على مستوى المفكرين الإسلاميين نجد ذات النغمة المخادعة ، فهذا الأستاذ هويدي في كتابه المذكور أنفاً ، يأتي بقول الأستاذ محمود العالم : " إن الأسلمة لا تعني أن يصبح النص الديني من قرآن وحديث مرجعاً وحيداً بذاته للسلطة والمجتمع والعلم . إذ لا سبيل إلى ذلك ، إنما يتحقق ذلك بالضرورة بقراءة النص وتفهمه وتفسيره وتطبيقه وفق هذه القراءة ، وهكذا تصبح القراءة الخاصة لدعاة الحركة الإسلامية هي المرجع الذي يحتكر تطبيق الإسلام " .
وبدلاً من أن يتفق الأستاذ هويدي مع هذا الكلام البسيط الواضح ، فإنه لا يقبل أي اختلاف مع لوحته الخلفية عن الإسلام الحقيقي الأصلي ، فيرد قائلاً : " أيهما أقرب إلى الصواب : أن نحاكم الإسلام بممارسات المنسوبين إليه فندمغه وندينه ثم نستعيده ، أو أن نحاسب هؤلاء بقيم الإسلام وتعاليمه " ، وإذا سألناه عن هذا الإسلام المقياس المعياري الذي سنحاسب به الفهم المغلوط كفهم المتطرفين ، فإنه يرد بأنه " الموقف الصحيح والفهم الصحيح للإسلام والمصدر الأساسي الذي يرجع إليه في تحديد موقف الإسلام هو القرآن والسنة النبوية الصحيحة / ص 91 / المفترون " ..
لا تجد بين يديك شيئاً بعد أن شرح الماء بالماء ، فلا أحد يختلف على مصادر الدين المدونة ، والمصادر شيء ، وتعدد الأفهام حولها شيء آخر لا يعترف به الأستاذ فهمي . مع الأخذ في الحسبان أن مسألة العثور على الاتفاق بين المسلمين حول السنة النبوية الصحيحة مسألة دونها خرق القتاد ، بل إن القرآن نفسه محل تفسيرات خلافية حادة ، لأن النص لا يفعل بذاته إنما يخضع لقراءة عقول مختلفة ومفاهيم متباعدة بحسب الأوضاع الاجتماعية للقارئين ، واختلاف البيئات والفروق الزمنية والمعرفية فكل واحد يفهم النص بحسب مصالحه ورغباته ومطامعه والأيولوجيا التي ينتمي إليها تاريخياً يحدثنا عن الاختلاف حول القرآن ونصوصه بعدد المدارس الكلامية من معتزلة إلى أشاعرة إلى ما تريديه إلى مجسمة إلى مشبهة إلى منزهة إلى معطلة إلى مرجئة إلى صفائية ، كما اختلفت المذاهب في القراءة والفهم والتفسير والتطبيق والتأويل باختلاف المذاهب الفقهية ، وفي الفقة تجد مناهج تتباعد ما بين الرأي والاجتهاد والنص والسمع والإجماع والاستحسان والاستصحاب ، بل هناك إسلامات معلنة لها اتباع كثر ، تتباعد رؤيتها وفهمها لدرجة النقيض إزاء النص الواحد ، فهناك السني والإثنى عشر والإسماعيلي والأباضي والأيدي، وهناك إسلام العوام وإسلام الخواص وإسلام الفقيه وإسلام الفيلسوف ، مما يعين أن لا وجود لإسلام واحد حقيقي أصلي يمكن اعتباره إسلام الدولة الرسمي ، إلا في النص المكتوب في شكل أحرف وحبر وورق ولون ، أما عدا ذلك فمختلف باختلاف الأفهام لأنه لا يفهم بذاته بل بالقارئ ، بالإنسان ، لذلك ستجد حتى على مستوى الأفراد أن لكل واحد إسلاماً يختلف عن الآخر قليلاً أو كثيراً ، بل أنك يمكن أن تجد عند الفرد الواحد أكثر من إسلام حسب الظروف والمواقف التي ينتقل فيها من النقيض إلى النقيض ليقوم بتشغيل الإسلام لصالحه لنكتشف إنه يؤمن بإسلامين أو أكثر حسب الأوضاع المطلوب فيها انتهاز الدين وتخديمه للمصلحة والمنفعة ، أو لحسم خلاف أو سجال .
ويمثل الأستاذ هويدي في كتابه المذكور أكثر من إسلام يصل كل منها إلى حد مناقضة الآخر ، ومثال واحد لذلك عندما وقف الأستاذ موقفاً يستدعي منه إبراز الاستنارة والاعتدال ، فرأي الإسلام الحقيقي لا يعرف أكليروساً ولا مشايخ ولا وساطة بين العبد والرب ، بل رأى أن الإسلام الحقيقي هو في هدم سلطة رجال الدين ، وذلك في قوله : " لقد كان محمد عبده أصدق تعبير عن حقيقية الإسلام حين أعتبر قلب السلطة الدينية هو أصل من أصول الإسلام .. ولم يدع الإسلام لأحد بعد الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد ولا .. سيطرة على إيمانه / ص 93 " .
لكن الأستاذ هويدي ينسى ما قال في موقف سجالي آخر وقف يدافع فيه عن سلطة رجال الدين ضد العلمانيين الذين يستهدفون حسب قوله : " ألا يعلو للإسلام صوت ولا تبقى لرموزه ورجاله هيبة أو كرامة .. وإن مقام أهل العلم واجب التوقير لأن العلماء هم ورثة الأنبياء / ص 60 " ، وهكذا تجد إسلامين ، إسلاماً لا يعرف سلطة دينية ، وإسلاماً لا يعترف فقط بالسلطة الدينية بل يعتبر رجالها رموزاً للإسلام لأنهم ورثة الأنبياء " (؟!) .
وإعمالاً لكل هذا فإن حكاية الدين الرسمي والإسلام الأصلي هي من قبيل الخداع والتوهم ، خداع الآخر وخداع الذات وخداع المسلمين أنفسهم الذين هم مادة الإسلام الأصلية حقاً وصدقاً . وإن الضرر الناجم عن استمرار الخداع والتوهم فادح على الوطن وعلى الناس وعلى المسلمين أنفسهم ، لأنها تفرز موقفاً اصطفائياً عنصرياً طائفياً ، وعلى المستوى المعرفي لا تعبر إلا عن خداع معرفي نهايته نفي المختلف من ثم الاضطهاد الديني والإرهاب الفكري الديني . وهو أمر لا يحتاج إثباتاً فلدينا هو تاريخنا التليد ، وتاريخ عموم الشعوب ، وما امتلأ به من أنهار دم سالت في حروب دينية وفتن مذهبية ، حيث اعتقد كل فريق أن فهمه يتطابق مع حرفية النص ومراد الله صاحب النص ، وأنه من وضع يده على المعنى الأصلي والحقيقي للنص ، وصدق الإمام علي في قولته المعلومة "إن القرآن لا ينطق بلسان لكن ينطق به الرجال" معبراً عن كون النص أبداً لا يفهم ولا ينطق بذاته ، لذلك وبالضرورة لا بد أن تعدد حوله المفاهيم والمذاهب ، ولا يبقى ثمة نص واحد صاف أصلي إلا على مستوى الحروف والأحبار . وذات التاريخ يحيطنا بتفاصيل حول تمترس كل فريق وراء فهمه وليس وراء النصوص ، ليشن على المختلف حربه باسم النص .
وهكذا يظهر جلياً أن كل من يتحدث عن إسلام حقيقي صاف أصلي دستوري دولتي إنا هو يحل في الحقيقة محل النص ليصير هو الأصل . هذا ناهيك عن كون حكاية الإسلام الأصلي تجرد الإسلام من مزيته الخاصة بين الأديان التي عبرت عن ذاتها في جدل وتفاعل مع الواقع زمن الوحي ، والتي عبرت عنها ظاهرة النسخ في الوحي أبلغ تعبير . إضافة إلى تجريد الإسلام من ناسه وبشره الذين أسهموا تاريخياً في صناعته زمن الدعوة بفهمهم وانتصاراتهم ونكساتهم ورغباتهم وأسئلتهم وإجابات الوحي عليها وتفاعله معهم أخذاً ورداً . فالإسلام ليس مجرد وعاء نجد في داخله كل الحلول والإجابات التامة النهائية في كل شأن ، بقدر ما هو نسيج تاريخي يرتبط بحركة المجتمع والبشر في زمنه مما لم يجعله واحداً مصمتاً أحداً بالتكوين والنشأة ، بل ما حدث كان العكس تماماً ..
أن الأخطر في النهاية عندما يكون الدستور طائفياً والفكر مخادعاً مختالاً ، وعندما يتصور فريق أنه امتلك الحق وحده دون الناس بتكريس دستوري ، فإن ذلك لابد أن يعني نفي المختلف ، يعني عنصرية طائفية ، يعني إصطفائية ، يعني قتل الآخر معنوياً بحسبانه غير موجودة ، وأحياناً قتله جسدياً كما تفعل فرق أخرى تنطلق من ذات الموقف ، لأنها تملك حقيقة الإسلام .
باختصار شديد أن حكاية الدين الرسمي والإسلام الأصلي هي المفرزة الواضحة لمنتج ينتهي بالإرهاب ، ويبقى تساؤل برئ : إذا كان المسلمون طوال تاريخهم حتى اليوم لم يتمكنوا من التطبيق الرسمي للإسلام الأصلي ، فهل ترانا نحن قادرون ؟





#مجدى_خطاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعودية وخراب العالم
- الهوس الدينى بين المسلمين
- ذبح أقباط مصريين فى اميركا
- هل هذا هو المعلوم من الدين ؟
- السعودية : المنع والحجب .. خطوات سهلة
- وهابى وصاروخ صينى


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى خطاب - سيد القمنى يقول :