أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - طلاء البيت من الخارج لا يعني التغيير















المزيد.....

طلاء البيت من الخارج لا يعني التغيير


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 21:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الباحث والمدقق فى التاريخ البريطاني أو الأمريكي أو الفرنسي أو حتى الروسي يرى بوضوح على ماذا يتشاجر أو يتعارك هؤلاء؟ وكيف أن نتيجة هذه المعارك أنتجت نظاما سياسيا جديدا؟ بعضها معارك على أمور شخصية تخص الملك وبعضها على طريقة الحكم ونظامه، ولكنها كانت معارك واضحة الملامح ومحددة .....على عكس معارك ثوراتنا العربية التي لا أدري حتى الآن على أي فكرة جوهرية نتعارك غير أننا نريد اعادة جماعة ظالمة تحكمنا مرة أخرى .....في التاريخ البريطاني هناك معركة من له حق التصويت هل من يملكون أراضي ذات قيمة أم حتى من لا يملكون؟ ثم معركة حقوق المرأة السياسية.... كلها معارك واضحة..... أما نحن ففي حالة ضبابية لا نعرف فيها لماذا نتعارك؟ ولماذا يقتل الشباب في الشوارع؟ وما القضية؟...فمثلا في القرن الثامن عشر دخلت بريطانيا في عصر النهضة، طبعا ليست نهضة «الإخوان»، كانت نهضة أفكار آدم سميث في الاقتصاد، وديفيد هيوم في فلسفة العلوم، واكتشافات جيمس وات التي دفعت بالثورة الصناعية حيث انتقل المجتمع البريطاني من مجتمع زراعي سكانه في المزارع والقرى إلى عالم المدن الصناعية....

ما زلت أقول رغم كم الخونة والعملاء أن 25 يناير ثورة ركبها الاخوان ولكنها صححت مسارها فى 30 يونيو.... لقد كنت في التحرير وأصبت فى ساقى وكنت حاضرا في زحام الثورة في مصر وفي زخمها، وكنت أظن أننا نتعارك على أفكار وعلى شكل نظام، ولما تبين لي أن البلطجية ونشطاء السبوبة قد سيطروا على المشهد، وأن نتيجة الثورة هي التوك توك لا السيارة أو الصاروخ قررت الانسحاب.... الانسحاب هو الحل لأننا لا نتعارك على شيء..... وكما قال كيسنجر ذات مرة وهو يتحدث عن الصخب الأكاديمي في الجامعات، قال: «يعلو الصخب وتزداد حدة العراك عندما تكون الجائزة المتعارك عليها تافهة أو ليست ذات قيمة»...... شاهدوا صخب فضائياتنا وضوؤها الأبيض اللامع يزداد كل يوم لأن الجائزة تافهة ... أو لأننا لا نعرف لماذا أو على ماذا نتعارك؟.....مع الأسف نحن لا نفهم من الحرية غير الفوضى،نشتم هذا ونسب ذاك ونقطع الشوارع ونغلق الساحات ونحرق البنايات !!! كل ذلك ليس من أجل هدف محدد وتخطيط استراتيجي بتطبيق الديمقراطية ومتطلباتها الأساسية.... وإنما من أجل الحصول على كعكة السلطة وما مقدار حصة كل واحد منها بعد أن حرم منها سنوات طوال، لأنها كانت لمبارك الذى لم يعطيها لغيرالمقربين منه وعائلته ....ومن يعترض يكون مصيره السجن الذي يعتبر أقل العقوبات، والانتخابات التي يتم اجرائها لأغراض حزبية واستغلال الأغلبية بالخطابات الطائفية وربط السياسة بالدين بشرعية وفتوى اختيار المتدين من غيره...نحن نعيش فى معارك صراعية .... والصراع مستمر ولا توجد في الأفق بادرة حل لتلك الطاحونة الدوارة من المعارك الصراعية على ما يبدو.....

وما زالت معركة فض الاشتباك على مستوى المفاهيم بين الإسلام كبرنامج تشغيل (بلغة الكومبيوتر)، وبين المسلم الذي يحمل في رأسه هذا البرنامج....لذلك يجب أن نفرق بين الإسلام كنص اجتماعي، أي بعد أن يدخل البرنامج رأس المسلم ويجري في عروقه مجرى الدم ومن ثم يتصرف على أساسه، وبين الإسلام كنص مقدس لا عيب ولا تلوث فيه ( حسب رأى التيار المتأسلم ).....إذا كان الإسلام هو برنامج التشغيل (سوفت وير) الذي يحمل في رأس المسلم.... وإذا كان هناك مسلمون أصحاء وأسوياء في سلوكهم، فمعنى ذلك أن المسلم الذي يتبنى العنف أو الإرهاب..... فهو إما قد حملت في رأسه نسخة ناقصة من البرنامج أو نسخة تجريبية غير مكتملة... ولكن لكي يكتمل التشغيل وتكتمل كفاءة البرنامج لا بد من شراء النسخة الأصلية، أو أن النسخة التي حملها المسلم في رأسه هي نسخة مصابة باحدى الفيروسات .....مما لاشك فيه أن النسخة المحملة في قلوب وعقول هؤلاء ليست نسخة مصابة باحدى الفيروسات وغير أصلية فحسب..... وإنما قد زاروا مواقع «البورنو الفكري» حيث عدد المواقع الإباحية لأفكار التطرف عندنا كثيرة وغير متناهية العدد، من قنوات التطرف التلفزيونية، إلى المواقع الإلكترونية الخاصة بجماعات التطرف، وهناك مساحات مشتركة أحيانا بين قنوات تلفزيونات الدولة ومواقعها مع مواقع التطرف، فيختلط الأمر على المستخدم في هذه الحالة.... وتزداد نسبة الفيروسات في برامج التشغيل.، فامتلأت نسخهم بفيروسات جماعات الإرهاب والتطرف، فيظنون أنهم على هدى رغم أنهم غارقون في الضلال.....هنا الخطأ في المستخدم وطريقة التحميل ونسبة الفيروسات التي لوثت الجهاز وبرامج التشغيل ذاتها !!...هنا إما نحتاج إلى إعادة فرمطة للجهاز كله أو نحتاج إلى تركيب برنامج مضاد للفيروسات ....

نحن هنا لا نتحدث عن الإسلام، بل نتحدث عن المستخدم أو المسلم الذي حملت في عقله تلك النسخ المفيرسة من النص المقدس وظن أنه قد وصلته النسخة الأصلية وظن أيضا أنه على طريق الهداية رغم أن الفيروسات تأخذه تسييرا لا تخييرا إلى عالم الضلال والعنف.....حيث يظن أنه يحسن صنعا وأنه يمشي حسب البرنامج رغم أنه يحمل في رأسه نسخة مضروبة ومشوهةومفيرسة .....هذا التشبيه الذي أطرحه يقربنا من فكرة الإسلام كنص اجتماعي متى ما حمل في رأس الفرد فالمسؤولية لا تقع على البرنامج أو الشركة المنتجة للتشغيل، ولكن على الفرد وعلى السياق الاجتماعي الذي يتحرك فيه......... فإذا كان الفضاء الاجتماعي ملوثا فلا بد أن ثمة فيروسات ستعلق بالبرنامج، ويكون مطلوبا من آن لآخر استخدام مضاد الفيروسات حتى لا يصبح الجهاز بطيئا أو ينحرف عن مسار تشغيله.....وجه مصر سيتغير من دون ذقون الاخوان ولحى السلفيين..... تبتعد مصر الآن بعد موجة الثلاثين من يونيو عن التدين كمظهر، والتركيز على الجوهر أو على الأقل نتمنى ذلك !!...تغيير في القيم الحاكمة من عالم المظاهر من اللحية والزبيبة والمسبحة إلى عالم القيم والثقافة الديمقراطية التي تعتمد على الفرد الحر وليس على الجماعة والأهل والعشيرة !!...الإسلام ليس لحية طويلة وزبيبة على الجبهة ....وكذلك ولا الديمقراطية صندوق وطوابير فقط..... الإسلام والديمقراطية ليسا مظهرين، وإنما لكل منهما منظومة قيمية حاكمة...... فى الديمقراطية الفرد الحر هو الأساس .... وفي الإسلام «لا تزر وازرة وزر أخرى»، أي أن المسؤولية فردية !!...مابعد الاخوان سينجح فقط لو كان التغيير قيميا وجوهريا قبل أن يكون مظهريا....

لذلك تعالوا معى ألخص لكم حال مصر فى أربع كلمات تعبر عن مراحل سياسية بعينها....هى : التزوير والتثوير والتدوير والتنوير..... التزوير الذى وصل إلى قمته في انتخابات البرلمان 2010 والتى أدت إلى انهيار نظام مبارك....لا أقصد بها فقط تزوير الانتخابات في الصناديق، وإنما أقصدها بالمعنى الأوسع من تزوير الوعي إلى تزوير المواقف، أو البضاعة المضروبة؛ التقليد أو الفالصو فى ادارة الدولة .....وطبعا محلب فاهم كلامى حيث اغرق الاسواق السياسية ببضاعته المضروبة التى لم تغير أى شىء فى حياة المصريين !!!...التزوير كثقافة لم يتغير ولم يحدث بيننا وبينه قطيعة بعد.....ثم التثوير في 25 يناير 2011 من أجل الوصول إلى صيغة حكم جديدة أو نظام جديد....مما لاشك فيه أن التدوير هو المعضلة اليوم، إذ يقف حائلا ما بين التثوير والتنوير؛ فتدوير الوجوه القديمة والأجندات القديمة في الثقافة والسياسة والإعلام يمثل صورة واضحة لفشل ما كان مرجوّا من عملية التثوير.....حركة التثوير لم تنتقل إلى حالة رشد بعد، بل تدنت إلى مراهقة الثورة على حساب رشد الدولة....ثم تدوير النظام القديم حيث تمت عملية استقطاب في المجتمع المصري بين من يؤمنون بالثورة على النظام القديم من حيث بنيته وقيمه ورموزه....وجماعات المصالح المتجذرة في المجتمع وفي بيروقراطية الدولة، التي تحاول إعادة إنتاج نفسها من أجل البقاء أو الاحتفاظ بما لها من مكاسب......حركة التدوير أكثر جرأة وسرعة وممولة بشكل أفضل.....في هذه المعركة بين التثوير والتدوير، لا مخرج من هذه الحالة إلا بالتنوير...التنوير الذي معه سوف يكون الهدف هو مصلحة الوطن لا الأشخاص، وتغيير منظومة قيم المجتمع العائلية اللاأخلاقية إلى قيم مجتمع ديمقراطي حديث....
الثورة عندنا لم تستند إلى أسس فلسفية تعلي قيما بعينها كالحرية والإخاء والمساواة....طلاء البيت من الخارج لا يعني التغيير، بل يعني تزويرا من نوع جديد...

المخالفون والمعارضون لعزل مرسي يدّعون عودة دولة مبارك، والحقيقة غير ذلك..... لكن الاستسهال في إدارة المرحلة الانتقالية قد يدفع بالبعض ليس إلى دولة مبارك وإنما إلى ما يمكن تسميته بـ«رجالات دولة مبارك».....القائمون على عملية التغيير لم يوسعوا دائرة الرؤية ليكون هناك تمثيل عمري شبابي أو مناطقي إقليمي أو حتى عقدي ديني، لكي يحس الناس بأن تغييرا فعليا قد حدث...... نموذج مرسي و«الإخوان» اعتمد على الأهل والعشيرة، ويجب ألا نعتمد نموذج دولة مرسي في هذه الفترة الحساسة ونعتمد على الشلة أو على من نعرف ممن حولنا من أهل وأقارب..... ما بعد بعد موجة 30 يونيو يجب أن تكون مرحلة تنقل مصر من عالم المكافأة إلى عالم الكفاءة، أي نختار الإنسان المناسب للوظيفة المناسبة بغض النظر عن علاقات الصداقة أو القرابة أو الشلليةأو الأهل أو العشيرة...
الأساس في المرحلة المقبلة في مصر ليس تغيير وجه مصر على طريقة أن يكون الوجه حليقا، بل تغيير مصر إلى عالم الديمقراطية بشكل جوهري، والدخول بجدية ومن حيث القيم والمفاهيم الحاكمة إلى عالم ما بعد الاخوان ....الديمقراطية البريطانية كانت نتيجة طبيعية لترك الناس القرى وانخراطهم في عالم الصناعة ليصبح الفرد هو المواطن وهو اللبنة الأساسية للديمقراطية لا القبيلة ولا العشيرة، الفرد الحر المستقل البعيد عن المؤثرات الخارجية...... لا أنكر أن ثوراتنا قامت في مجتمع حديث في بعض مدنه، ولكن الغالبية العظمى للمجتمع يمكن وصفها بالمجتمع ما قبل الحديث... الديمقراطية نتيجة حداثة ولا يمكن إنتاجها في مجتمعات بدائية ما قبل حداثية....

الديمقراطية البريطانية بنيت على تراث يقلل من سلطات الحاكم ولا يزيدها من الماجنا كارتا أو الوثيقة العظمى التي ضغطت بها طبقة النبلاء على الملك جون في 1215 للقبول بفكرة أنه «حتى الملك يخضع لسلطة القانون»....... وظهر البرلمان المكون من غرفتين (مجلس اللوردات ومجلس العموم) ..... ثم تلا هذا وثيقة الحقوق في عهد الملك المشترك لويليام وماري في 1689 والتي أنتجت الملكية الدستورية كنظام سياسي.....وحول كل هذا قامت حروب وتنافست أفكار لتصل ببريطانيا إلى ما هي عليه كنظام سياسي كتبت له الاستمرارية...... أما عندنا فلا حروب ولا صراعات أفكار......لقد قامت حرب طويلة في لبنان ولم تغير النظام بل جعلته أكثر طائفية......فى تاريخنا لا توجد معركة أفكار كبرى هناك إذ يبدو حالنا كثور الساقية ندور وندور حول الشيء ذاته، الفارق بيننا وبين ثور الساقية هو أن جهد الثور ينتج ماء يرتوي منه الزرع ونحن ندور وننتج أفكارا أشبه بتدوير النفايات..... لقد ضربت المثل بمعارك المجتمع البريطاني في العصور الوسطى لا الحديثة لأننا ببساطة نحيا العصور الوسطى دون أفكارها..... أي أننا في العصور الوسطى، ولكن في الجهة المظلمة منها..... إلى جانب إننا ببساطة ندفع ثمن سذاجة الغرب في التفكير في مصائرنا..... ندفع سذاجة الباحث الذي يقضي أسبوعا في دولة عربية ثم يؤلف كتابا عنها ويصبح بعدها خبيرا لدى إدارة أوباما في أميركا أو ميركل في ألمانيا.....

الدارس للتاريخ يعرف مدى تشابه مسار الربيع العربي أو العبرى ومسار الدولة الفاطمية، وربما في هذا دروس لا بد من التوقف عندها شكليا على الأقل...... الدولة الفاطمية كما الربيع العربي انطلقت من تونس ثم انتقل مركز الخلافة ومركز النشاط الإسماعيلي من تونس إلى مصر لتصبح مصر بمؤسستها العلمية الفاطمية الكبرى المتمثلة في الأزهر مركز ثقل الدولة الفاطمية وانطلاقتها، ويبدو هذا هو مسار الربيع العربي أو العبرى أيضا....لذلك هل ستكون أسباب فشل الربيع العربي أو العبرى هي ذاتها أسباب انهيار الدولة الفاطمية؟!!، وأولها غرق الأيديولوجيا الإسماعيلية في الصحوة الكبرى للإسلام السني في جزيرة العرب والشرق العربي.... أو انهيار الدولة في مواجهة تيارات أكبر قادمة من الخارج، الأتراك والصليبيين وغيرهم، والذي أدى إلى انهيارها في عاصمة الدولة في القاهرة، أم أننا نرى مسارا مختلفا حيث تكون أيديولوجيا الإخوان فيها مجرد قشرة للربيع العربي أو العبرى ويكون الدافع الرئيس فيه هو التحاق العرب بقطار الحداثة الغربية..... ويكون الثقل الجغرافي والديموغرافي لصالح تيار حداثي يمثله الشباب «المعولم» مقابل حركات تتخذ من فقه جانبي وهامشي في عالم الإسلام غطاءا لا يدوم تكشفه التيارات الكبرى من الخارج مثل العولمة وعالم المعلومات؟.... الربيع قد يكون اتخذ مسارا فاطميا ولكنه ليس في مواجهة مع الغرب الصليبي كما كان الحال في السابق، بل في محاولة للالتحاق بالغرب وقيمه.....

مما لاشك فيه أنه لم يكن يخطر ببال أحد أن كلمة الحل في شعار الإخوان «الإسلام هو الحل» تعني التفكيك وليس حل المشكلة.... فمشروع أخونة الدولة الذي نراه في كل من مصر وتونس بعد الثورة هو مشروع تفكيك للدولة وليس حلولا لمشاكل المواطنين، كما أنه مشروع إقصائي يفرق، وليس مشروعا احتوائيا يجمع القوى الوطنية حسب الحد الأدنى للتوافق الوطني، وهذا بالضبط ما أدى إلى فشل نموذج الحركة في كل من السودان وغزة....الدم الذي سال في ميادين وشوارع مصر في مواجهات بين الإخوان المسلمين والقوى الرافضة لأخونة الدولة وتفكيك مفاصلها، والرافضة أيضا لجماعة الإخوان، هو دم أخونة الدولة.....مما لاشك فيه أن لعنة الدم عند المصريين منذ الفراعنة هي نذير نهايات وزوال سلطةوسقوط الحاكم ..... فعندما يتخطى الحاكم عتبة الدم، لا يجد في المجتمع من يؤيده، ويترك ليسقط بجراء فعلته.... أن الذي أزاح مبارك عن الحكم في النهاية هو الدم الذي سال يوم موقعة الجمل، فقبلها بيومين وقبل الدم كان المجتمع المصري منقسما بين مؤيد ومعارض حول خطاب مبارك الثاني، وما إن سال الدم حتى انفض القوم من حول مبارك وتركوه يسقط...... الذي أزاح المشير طنطاوي وشلته عن الحكم، هو الدم الذي سال في شارع محمد محمود والتحرير ومجلس الوزراء، لذا وعندما نفخ فيهم مرسي وطاروا لم يجدوا من يقف معهم، فعتبة الدم عند المصريين هي الفيصل و الإخوان لم يتخطوا كذلك عتبة الدم التي تنقلب عندها الموازين......

أن هاجس الدولة العميقة المنقول من النموذج التركي، الذي سكن رؤوس الإخوان وقادتهم كما العنكبوت، ربما كان فيه بذرة تحويل مشروع الأخونة إلى مشروع فوضى محلية.... حيث كانت إقالة المشير طنطاوي وشلته هي الاختبار الأول لنجاح برنامج أخونة الدولة أمام أعتى السلطات !!... وعندما اكتشف الإخوان أن المجلس العسكري انهار أمام أعينهم في لحظة.... تشجع الإخوان على الاستقواء على السلطات الأخرى .... فقرر الإخوان أن يجربوا الشيء نفسه مع مؤسسة القضاء... و أعلن مرسي عزل النائب العام عبد المجيد محمود من منصبه وعينه سفيرا لمصر لدى الفاتيكان وقتها ..... مع العلم أن النائب العام حسب القانون المصري هو سلطة مستقلة لا يحق لأحد أن يعزله من منصبة بما في ذلك رئيس الدولة..... ورفض النائب العام قرار مرسى وتضامن معه قضاة مصر، وهنا دخل الإخوان في مواجهة مع مؤسسة القضاء التي بدت في أول مواجهة لها مع الإخوان أنها أكثر صلابة من المجلس العسكرى الطنطاوى .... وأصبح مرسى بيده جميع السلطات !!.. وأصبحت قضايا التوريث وعلاقات الدم سمة من سمات نظام الإخوان ...وأبرزها أن نائب الرئيس اثناء حكم الاخوان محمود مكي هو شقيق وزير العدل أحمد مكي.... علاقات الدم كانت نقطة الضعف التي أسقطت مبارك، ومعظم شبكة أخونة الدولة اعتمدت على علاقات الدم في المقام الأول، مما حول النزاع في مصر من صراع آيديولوجي إلى صراع بدائي وقبلي تحكمه علاقات الدم.... ولعنة الدم هي نذير سقوط الدول وزوالها....

المؤسسة العسكرية منذ جمال عبد الناصر وحتى مبارك ركبت على جهاز الدولة القديم وأقاموا شراكات مع بقايا نظام الملك وحتى مع الإخوان أنفسهم.... ولم يمسوا مفاصل الدولة وعصبها، لأنهم كانوا يعرفون مدى هشاشتها..... فالدولة في مصر ليست كما في تركيا دولة عميقة، بل هي دولة هشة!!.. ومتى ما تم العبث بها فقد تتطاير شظاياها في وجه جماعة الأخوان .... ما لم يفهمه الأخوان أن انهيار نظام قوامه أكثر من 90 مليون نسمة له تبعات كبرى على مصر وعلى الإقليم....ولذلك بعد عزل الاخوان جهز الجميع أنفسهم بحالة من العبث لإنقاذ برنامج الأخونة.... إما من خلال استخدام التنظيم الدولي في العبث بمقدرات دول غنية يتصور الإخوان أن فيها إنقاذا لنظامهم، أو من خلال مزيد من الدماء داخل كل دولة على حدة.... يجب أن يتعظ من خلال بعض الإشارات الواضحة في نماذج سابقة في غزة والسودان.... فهذا خالد مشعل يقول إن مشروع حماس قد فشل، ومن قبله أعلن الترابي فشل مشروعه، بعد ما دفعت فلسطين والسودان ثمن المراهقة السياسية للإخوان.... طلاء البيت من الخارج لا يعني التغيير !!..

حمدى السعيد سالم
صحافى ومحلل سياسي



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أشبه الليلة بالبارحة
- مجزرة استاد بورسعيد كادت أن تحدث فى استاد بيلا
- المغترب أيمن عطا الضادى
- قصص وحكايات مظلومة تاريخيا
- ابراهيم محلب بيلبسنا العمة وهو اخوانى
- ذي الخويصرة وأحفاده من الإخوان المسلمين خوارج العصر
- مشكلتك ايه مع السيسى
- الإعلام الجديد وكتاب الإخوان
- جريمة سرقة الآثار تعادل جريمة خيانة الأوطان
- رئيس مجلس مدينة بيلا ( كفرالشيخ) حرامى بدرجة شيخ منسر
- بأى منطق تحكمون وتفكرون!!!
- يا حمدين لقد وجدت الحمير لنركبها لا لتركبنا
- جابر نصار نصير التحرش
- ليمان ابو زعبل 2 حدوتة مصرية فى مجال حقوق الانسان والسجناء
- افهموا تصحوا...
- مستقبل العلاقات المصرية الامريكية الى أين؟!!
- الصراع الجيوسياسي و الجيوستراتجي بين روسيا وأمريكا فى الشرق ...
- السلاح النووي أكذوبة وحرب نفسية ضد العرب
- أين أهرب من حبها؟!
- جمعية تنمية المجتمع ببيلا مثل يحتذى به فى العمل الخيرى فادعم ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - طلاء البيت من الخارج لا يعني التغيير