أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد حسام الرشدي - المُغيبون














المزيد.....

المُغيبون


محمد حسام الرشدي

الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 16:06
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما يروي الإنسان حادثةً ما فلن تكون هناك حقيقة مطلقة، ومهما كان الذي يرويه بسيطاً سيبقى مرهوناً بإطاره الفكري، وتبقى النسبية سيدة الموقف. فعندما نقرأ -مثلاً- خبراً عن قضيةٍ معينة يجب ألا يغيب عن أذهاننا إن ما قرأنهُ هو وجهة نظر الكاتب حول الموضوع والتي تكون مرهونةً بأمورٍ شتى، ومهما كان هذا الكاتب نزيهاً أو منصفاً فإنه سيبقى قاصراً عن تصوير الحقيقة كما هي بذاتها متجاوزاً رؤيته الشخصية بشكلٍ كامل.

لا أعتقد أن هذهِ المسألة جديدة على القارئ، فقد سبق وإن تطرق لها العديد من المفكرين والأدباء، وهنا سأتكلم عن قصةٍ قصيرة للأديب التركي عزيز نيسين تصور قضيةً من البديهيات ولكن من وجهة نظرٍ هي غالباً تُخالف وجهة نظر القارئ السوي. القصة عنوانها "تفضل إلى صلاة الميت" ضمن مجموعة "كيف قمنا بالثورة".

يتحدث نيسين بلسان عاملٍ ساذج، يعمل في مصنعٍ يملكه ثري اسمه "شاكر بيك"، ولآن صاحبنا العامل ساذج ولا يعرف من لهُ وما عليه، فهو ينظر إلى صاحب المصنع نظرةً ملؤها الإعجاب والشعور بالجميل، فيقول عنه: “شاكر بيك إنسان عظيم، يتمتع بمزايا مدهشة، ولكن المسكين لا حول له ولا قوة إذ أنه ولد في بلد متخلف. ماذا لو ولد في بلد من بلدان أوربا أو أمريكا؟ هل كان سيكتفي بما هو فيه؟ من المؤكد سيكون الجواب بالنفي، فلا شك مطلقاً بانه كان سيطوب البلد الذي يعيش فيه باسمه. بل ،قد يستأجر البلدان المجاورة. إن شاكر بيك من عمالقة رجال الأعمال".

بعد هذا الوصف لصاحب المصنع، يصف لنا العمل حياته في المصنع، فهي بنظره فردوس لا يقل روعة عن جنة عدن، وكما نغص أبليس على سكان جنة عدن حياتهم، جاء عامل جديد إلى المصنع ونغص على العمال فردسهم المفقود. كان اسمه "الاسطة نوري"، فما قصة هذا النوري يا ترى؟

الأسطة نوري عامل ذكي ومثقف، يكاد يخلو من العيوب إلا عيبٌ واحد، فهو كان يحرض العمال على المطالبة بحقوقهم وتحسين معيشتهم، كان يردد إن هناك قانون في البلد اسمه "قانون العمل"، وأن على شاكر بيك أن يدفع للعمال أجوراً عن الوجبة المسائية، ويجب أن المصنع بنظافة الحمامات، وغيرها..
العمال كانوا بسطاء وتربوا على مبدأ "العصى والجزرة" فلم يعجبهم كلام الاسطة نوري، بل وقفوا ضدهُ وشتموه، واعتبرهُ مغامراً مجنوناً وتعجبوا من صبر شاكر بيك على هذا الاسطة، وعللوا صبره عليه إلى قلبهِ الكبير، فهو يفكر بأولاد الاسطة نوري الذين سيموتون من الجوع لو طرد أبوهم.

القصة تنتهي بموت الاسطة نور، أثناء محاولته تصليح فرنٍ قد أنفجر عليه ولم يبقي منه إلا جزء قليل، مع فرحة المدير بموت هذا المشاغب، وإظهارهُ الحزن عليه أمام الناس.

القارئ للقصة سيقف موقفاً مناصراً مع الأسطة نوري بدفاعهِ عن حقوق العمال، وهو سيضحك من سذاجة راوي القصة وكيفية نظره للوقائع التي يرويها، وسيغضب -ربما- لأن الراوي كان هو المظلوم وهو المحامي على الظالم.

القصة بمجملها ليست غريبةً عن أسلوب عزيز نيسين الذي يعتبر من أهم أدباء الكوميديا السوداء، فهذا النوع الأدبي أشبه بالكاريكاتير المكتوب، فهو يضخم بعض التفاصيل، يهمل بعضها ليعرض واقعاً مراً باطار كوميدي، وليوصل رسالتهُ مغلفةً بسخرية مرة. ورسالة نيسين التي أراد لها أن تصل هي أن الجماهير الجاهلة والمخدرة التي يتلاعب بها هاجسي الخوف من العقاب والطمع في الثواب، هذهِ الجماهير هي التي تقود نفسها بنفسها إلى حتفها، بل الأسوأ من هذا إنها قد تقف موقفاً معادياً لمن أراد لها أن تستفيق.

هذهِ كانت قصة من خيال عزيز نيسين، ولكن ألا يمكن أن نجد لها أمثلةً من الواقع؟ أليست الانتخابات الأخيرة في العراق مثالاً عملياً لما كتبه ينسين؟!



#محمد_حسام_الرشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعاً يا غابيتو
- بعد عشرة سنواتٍ من الفشل الدولة المدنية هي البديل
- الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي
- فاوست يبيع نفسه من جديد..
- يوتيوبيا حمودي
- الغريب: نبيٌ وملعون


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد حسام الرشدي - المُغيبون