|
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 07:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع كل اتفاقية بين النظام الأسدي و جبهة النصرة يخرج هذا النظام بوجه أكثر سوادا ، و يظهر أمام العالم ، و أمام السوريين ، بشكل ضعيف ، و مهتز ، و غبي ، ولتكن لدينا الجرأة للقول : إن هذا الأمر لا يحدث أبدا إلا مع جبهة النصرة ، فهي القوة الوحيدة التي ظهرت إلى الأن بشكل يفوق النظام من ناحية التكتيك السياسي ، و أهانت النظام بأماكن عديدة ، و كلنا يذكر صفقة تبادل الراهبات و التي كان يتوقع النظام من خلالها نصرا إعلاميا مدويا باعتباره حامي الأقليات ، و المتاجر الأكثر ذكاءا بهذه الورقة ، و كيف ارتد الأمر عليه بشكل مثير للسخرية ، و آخر هذه الصفقات كانت إمداد مناطق النظام في حلب بالكهرباء مقابل وقف القصف ، فمن مدلولات هذه الصفقة 1ـ عجز النظام عن إعادة سيطرته على مناطق توليد الكهرباء ، و بالتالي فهو عاجز عن حماية مناطقه التي ما زال يسيطر عليها ، و رغم صمت العالم المطبق عن كل جرائمه في محاولاته للسيطرة على حلب ، فقد أقر النظام بإخفاق قواته عن التقدم على الأرض ، و من ناحية ثانية أظهرت شجاعة قوات النصرة في منع النظام في التقدم إلى أماكن يستيمت من أجل السيطرة عليها 2ـ إن النظام يستعمل كل الوسائل الوسخة من أجل إثبات هيبته ، و لا يتورع عن قصف السكان الذين هم حسب أعرافه و قوانينه ، مواطنين تابعين لدولته ، و بتوقيعه على معاهدة عدم القصف ، يظهر عاريا من كل خطاب أو تبرير آخر لتصرفاته ، فقهو يقصف بالبراميل ، و يقصف الأماكن المدنية ، و يقوم بوقف القصف مقابل اتفاقيات ، 3ـ اعتراف النظام بجبهة النصرة كطرف عسكري و سياسي ند ، ومجبر على التعامل معه عن طريق أطراف ثالثة ، والإعتراف بسيطرة هذا الطرف على ثاني المدن السورية ، و ليس السيطرة على مجرد طرف هامشي من البلاد ، و بالتالي لا يستطيع الإدعاء بعد اليوم أنه يحارب مجموعات إرهابية خارجة عن القانون ، 4 ـ من الملفت للنظر بيان جبهة النصرة ، الذي جاء بلغة رقيقة و تحمل قدر عالي من الدبلوماسية و الإحساس بالمسؤولية ، فنص البيان على ( نرجو من أهالينا في مناطق النظام أن يكونوا مدركين لضرورات قيامنا بهذا التصرف ، لحماية إخوانهم في المناطق المحررة من الأطفال و الشيوخ و النساء من براميل الحقد النصيرية ) 5 ـ رغم العنف و الوحشية التي يحارب بها النظام أهالي حلب ، من خلال البراميل التي تتساقط على رؤوس الناس يوميا ، لم يقم المجتمع الدولي بأي تصرف لحماية المدنيين و إجبار النظام على التوقف عن هذه الوحشية ، بل جاء رد الفعل الدولي باهتا و سخيفا ،و مقتصرا على بيانات الإدانة و القلق ، و منعوا وصول الأسلحة المضادة للطائرات ،و التي كان من الممكن أن تحمي المدنيين في حلب من براميل الحقد هذه ، ثم جاء الإنقاذ الوحيد عن طريق جبهة النصرة ؟؟!! ألا يتحمل هنا المجتمع الدولي عبئ الدفع بمزيد من الشباب نحو التيار السلفي الجهادي ، ألا يندفع الإنسان تلقائيا للجهة التي تدافع عنه و ترعى مصالحه ؟؟ ألم يكن بمقدور المجتمع الدولي الذي أجبر النظام على التعري تماما أمام اسرائيل و التخلص من أسلحته الكيماوية ، ألا يستطيع إجباره على التوقف عن القصف بالبراميل ، و لا نقل إيقافه عن الحرب و محاولته السيطرة على حلب ، فهو أصلا عاجز عن هذه المهمة رغم الدعم الكبير من قوات حالش و الميليشيات الشيعية في العراق ، لكن فقط التوقف عن قصف المدنيين بالبراميل ؟؟؟ و قبل أن أنهي المقال أود أن أقف قليلا عند كلمة النصيرية التي وردت في البيان ، فالكثير من العلمانيين ، ينظرون إلى هذه الكلمة بشكل سلبي جدا ، و هو أمر لا يخلو من بعض الصواب ، لكن علينا تذكر الحقيقتين التاليين 1ـ جبهة النصرة جزء من التيار السلفي بشقه الجهادي ، والتيار السلفي بشكل عام يعتمد على الكتب التراثية إلى جانب القرآن و السنة في التأصيل لكن معاركهم و حروبهم ، و كلمة النصيري هي الكلمة المتداولة في الكتب التراثية التي تشير إلى الطائفة العلوية ، فكلمة العلويين كلمة جديدة نوعا ما و ترجع إلى عشرينيات القرن العشرين ، و بالتالي فهذه الكلمة جزء من لغة و عقلية التيار السلفي دون أن تحمل أي معنى سلبي (بالمطلق و ليس ضمن صيغة البيان ) 2 ـ هناك رؤية سياسية لجبهة النصرة قامت على أساس تحليل عقلية النظام الأسدي و طبيعة المعركة الدائرة في سورية ، فالنظام الأسدي استعان بكل الميليشيات الشيعية من حالش و الحرس الثوري الإيراني و غيرهم من أجل القضاء على الثورة السورية ، مما دفع بالسلفيين الجهاديين أن يروا فيما يجري معركة دينية ، و هذا الأمر هو الذي دفعهم للتوافد إلى سوريا من أجل الدفاع عن السوريين ، و أطلاق اسم جبهة النصرة لأهل الشام على تجمعهم هذا ، و بالتالي نحن لا نستطيع لوم السلفيين الذين هيأ النظام لهم التربة الصالحة لإقامة الجبهة من خلال أسلوب تعامله مع الثورة ، بل نحمل النظام كل تبعات هذه الإثارة للنعرات الطائفية. من خلال تسريباته المقصودة و من خلال تصويره بنفسه لجرائمه ، و إضفاء الطابع الطائفي عليها ، و بالتالي الحل لا يكون بالقضاء على هذه الجماعات المتطرفة ، فهي صدى لتصرفات النظام ، و إذا كان الصدى مزعج ، فلا يكون الحل إلا بإخراس منبع الصوت .
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
-
الامة السورية بين الفكر و الحزب
-
بين خالد سعيد و رابعة العدوية
-
لكننا لم نعد اطفالا
-
ظاهرة الامام الصدر
-
الجنس في رواية ساق البامبو
-
الاسرائيليون و نحن........
-
بين معركة أحد و 25 يناير
-
المؤسسة العسكرية في سوريا؟؟؟
-
على الجسد السلام
-
حول ضعف الشخصية لدى المعارضة السورية
-
تحليل مخبري لطائفية الثورة في سوريا
-
فلسفة البوط العسكري في سوريا
-
السياسة السورية و البندول
-
يا عزيزي كلنا أقزام
المزيد.....
-
هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟..
...
-
شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
-
الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
-
-مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في
...
-
البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال
...
-
جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
-
القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ
...
-
الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
-
فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
-
إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|