أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل قرقطي - النص والأيديولوجيا















المزيد.....

النص والأيديولوجيا


فيصل قرقطي

الحوار المتمدن-العدد: 1259 - 2005 / 7 / 18 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


النص.. والأيديولوجيا: لعبة التقاصي والتداني بينهما
هل النص أيديولوجيا؟!
أم الأيديولوجيا نص؟!
ومن منهما يا ترى يشكل نتاجا للآخر؟!
ثم ما هي حدود العلاقة والتشاكل بينهما؟!
وما مدى الارتباط الوثيق بينهما، أو حدود الفكاك والتماثل؟!
بداية، لا بد من الإقرار أن ثمة علاقة ملتبسة بينهما، وهذه العلاقة يتفرع عنها ومنها تناقضات، وإشكالات عسيرة على الفهم أحيانا.
إلا أن بداية الفهم تنطلق أساسا من تفحص المصطلحين كلُّ على حدة، وكيف نظر إليهما أهم نقاد القرن العشرين، لكي يتجلى لنا حدود التباين.. والتقارب بينهما، وما يكتنف هذا التقارب- التباين من مفارقات تفرض جدلاً حتميا في ماهية هذه العلاقة الملتبسة بينهما، بل وبين مختلف الأجناس الأدبية الأخرى.
فالنص ليس نتاجا أيديولوجيا، بل هو ضرورة أيديولوجية، لأن عصر التخيل هو المصطلح الذي يمكن أن تطلقه على أكثر أشكال الأيديولوجيا امتلاءً أي الفن.
هذا على الرغم من أن التمزق الحاصل بين الفكر والواقع لن يشكل، أو يكون ضمانة لمعرفة.. رغم أنه نوع من أنواع المعرفة. وبالتالي يحق لنا طرح السؤال على نحو مغاير نسبيا.
هل يعكس الفن أيديولوجيا ويعرضها في شكل فني، أم أن الفن يكشف الأيديولوجيا ويميط اللثام عنها إذ يعطيها شكلاً وبنية؟!
في هذا السياق يتقدم منظوران متعارضان يسوقهما الناقد البريطاني "تيري أيجلتون" في كتابه النقد والأيديولوجيا (ترجمة الناقد فخري الصالح) على النحو التالي/: الأول يرى في الأدب (والفن بعامة) مجرد أيديولوجيا أخذت شكلا فنياً. وبالتالي فإن الأعمال الأدبية جميعها سجينة "الوعي الزائف" وهي غير قادرة على تجاوز حدود الأيديولوجيا للحصول على أعتاب الحقيقة. ويسمي ايجلتون هذا النقد الذي يتبنى هذا الموقف نقدا "ماركسيا مبتذلا" وهو بالتالي لا يستطيع أن يفسر كيف يمكن للأدب أن يتحدى الافتراضات الأيديولوجية لعصره.
أما المنظور الثاني فهو يتمثل في عمل واحد من أكثر النقاد الماركسيين براعة وهو "أرنست فيشر" الذي يرى في كتابه "الفن ضد الأيديولوجيا" أن الفن الأصيل يقوم دائما بتصعيد حدود الأيديولوجيا لعصره، مانحا إيانا تبصرا بوقائع تعمل الأيديولوجيا على إخفائها عن ناظرينا.
ثم لا يلبث أن يعود "إيجلتون" ليرى، ويتبنى منظور "التوسير" الذي يرى أن الفن لا يمكن اختزاله إلى ما هو مجرد أيديولوجيا.. أن له علاقة بالأيدلوجيا، ولكنه ليس مجرد انعكاس لها.
إن الأيديولوجيا دلتنا على الطريق الخالية التي يختبر الناس بوساطتها العالم الواقعي، وهذا بالضبط ما يفعله الأدب، حيث يشعرنا بأننا نعيش ظروفا معينة بدلا من أن يقدم لنا تحليلا مفهوميا لهذه الظروف. ورغم وقوع الأدب في فخ حبال الأيديولوجيا دوماً، إلا أنه يعمل دائما على إبعاد نفسه عنها إلى درجة ندرك فيها المنابع الأيديولوجية التي يصدر عنها. وبذلك يعمل الأدب والفن عموما على تمكيننا من معرفة الحقيقة، تلك التي تحجبها الأيديولوجيا لأن المعرفة بالنسبة ل "التوسير" هي المعنى الدقيق للكلمة "المعرفة العملية".
ولعل الفارق الكبير بين العلم والفن لا يكمن في كونهما يعالجان موضوعا واحدا بطريقتين مختلفتين، إذ يقدم لنا العلم معرفة مفهومية بالوضع الراهن، في حين يذهب الفن إلى تقديم التجربة الخاصة بذلك الوضع، وهو ما يساوي بالضبط ويعادل الأيديولوجيا في نظر "التوسير"
ويذهب "التوسير" في جنونه الرحيم والبارع أكثر من ذلك ليصل إلى حد اعتبار الوهم يعادل الأيديولوجيا: "الوهم هو التجربة الأيديولوجية المألوفة للبشر. هو المادة التي يعمل عليها الكاتب، ولكنه بعمله عليها يحولها إلى شيء مختلف ويمنحها شكلا وبنية".
ولعل الفارق الكبير بين الفن والأيديولوجيا يكمن هنا بالضبط في هذين المفردتين "الشكل والبنية" وما يمتد بينهما من مساحات.
وانطلاقا من هذا الفهم يطور "أيجلتون" علاقة الأدب بالأيديولوجيا ، فيرى فيرى أن "الحوامل الفعلية للأيديولوجيا في الفن هي الأشكال لا المحتوى المجرد في الأعمال الفنية وأن التطورات الدالة في الشكل الأدبي تنتج عن التحولات الدالة في الأيديولوجيا على نص مشدود ومأسور بمقولات الواقع الحياتية اليومية التي تسعى إلى ترجمة القيم الإنسانية والاجتماعية والسياسية على نحو أرقى مما هي عليه بالدراسة والتحليل والتركيب.
وكلما اقتربت الأيديولوجيا من بلاغة الحلم في اللغة كلما جاورت النص وتلاقحت معه، لكن النص الإبداعي يسعى دائما إلى خلق بون ومسافة بينه وبين الأيديولوجيا حتى لا يتحول إلى رطانة مقولات جامدة، رغم تمسكه وإيمانه العميق والحاد بمقولات وأسس هذه الأيديولوجيا أو تلك.
وطالما هو نص مبدع يلعب الخيال دورا أساسيا على صعيد نسيجه الفني الخالص على العكس تماما مما هو حاصل في الأيديولوجيا التي تتبنى المعرفة العلمية وتعتمد التحليل والتركيب لتفسير الظواهر والأزمات الحاصلة في المجتمع.
من هنا فإن وحدة الموضوع بين النص (الفن) والأيديولوجيا تعمل على جسر الهوة أو لي عنق المسافة الحاصلة أساسا بينهما، لكن اعتماد كل منهما أسلوبا مغايرا، يجعل من حدود العلاقة والتشاكل بينهما، أكثر من علاقة شد وجذب كوحدتي مغناطيس تماما. فمن كان لديه القوة الأكبر لصالح نسيجه الداخلي والبنيوي طوَع الآخر بامتياز.
ولا يكمن الخوف على الأيديولوجيا، أبداً، في حدود هذه المعادلة، لأنه كلما استطاعت تطويع الأدب كانت أكثر رصانة وقدرة على التحليل والتركيب وفهم الأزمات.
إنما الخوف يتمثل على النص (الفن) إذا ما تجاوز حدود وأبعاد فنية متخليا عن براهينه الحميمة في تطويع الخيال ولحمه اللغة تحول إلى مباشرة فجه وخسر الكثير من مقوماته التي ينبني عليها وجوده أصلا.؟
إنما هل يوجد نص خارج دائرة الأيديولوجيا؟ وبمعنى آخر هل نستطيع أن نلغي تفسيرا معينا لنص باعتباره لا يعبر عن شيء، عن همٍ ما وأبعاد حياتية ما؟!
لا يبدو الأمر منطقيا على الإطلاق، خاصة أن اللغة وعاء الأفكار، ولا يوجد صوغ لغوي ليس له بنية دلالية ومعنى.. من هنا يظل النص (الفن) يشاكس الأيديولوجيا، ويغازلها.. ولا يندمج معها، يخطب ودها ويرحل خطوات بعيدا عنها.. وأعتقد أن المسألة ستظل هكذا ما دامت هناك لغة، وما دامت هناك أفكار.



#فيصل_قرقطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسار فريد .. كيقضة حلم مؤكد
- النص .. والبنية الابداعية
- الخطاب الروائي محاكاة.. أم تجريب كلاسيكي؟!
- في اللغة والتفكير


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل قرقطي - النص والأيديولوجيا