أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - داود سلمان الشويلي - ذكريات - 1 -: - ابن المدينة الحارة في مدينة الثلج-















المزيد.....

ذكريات - 1 -: - ابن المدينة الحارة في مدينة الثلج-


داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)


الحوار المتمدن-العدد: 4443 - 2014 / 5 / 4 - 18:31
المحور: سيرة ذاتية
    


ذكريات " 1 ":
" ابن المدينة الحارة في مدينة الثلج"
داود سلمان الشويلي
تختلف المجتمعات فيما بينها من حيث العادات والتقاليد والقييم والاخلاق ، وتختلف من منطقة الى اخرى ، فثقافة المجتمع المسمى شرقي يختلف عنه ما يسمى بالمجتمع الغربي ، وفي ثقافة كلا الموقعين – الشرقي والغربي – مجتمعات تختلف فيما بينها ولكنها تتفق فيما هو عام واساسي من تلك الصفات المعنوية والمادية التي يتصف بها.
انا من مجتمع شرقي اولا ، وعربي / اسلامي ،ثانيا ، وعراقي ثالثا ،وجنوبي رابعا ، والخصوصية التي اتصف بها هي انني من محافظة عراقية جنوبية لها خصوصيتها الدقيقة في كل شيء ، على الرغم من اشتراكها مع محافظات الجنوب بخصوصيات عامة ، ومع محافظات العراق الاخرى بخصوصيات عامة اعلى من الاولى يتصف بها مجتمع العراق ، وهكذا الى ان نصل الى ما هو شرقي من مواصفات يتصف بها المجتمعات الشرقية .
والمجتمع الشرقي هو مجتمع زراعي كما قال عنه ماركس في كتابه ( المسالة الشرقي ) ، فيما الغربي ومنذ اكثر من اربعمئة عام هو مجتمع صناعي ، ولما كانت روسيا – احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق – تقع في قارة اسيا ، وانها كانت مجتمعا زراعيا اقطاعيا ، الا انه انتقل في حقبة الشيوعية الى ان يكون مجتمعا صناعيا ، ويتثقف بما يتثقف به المجتمع الغربي ، لهذا يمكن عده مجتمعا غربيا وهذا ما لاحظته عند زيارتي له عام 1979 .
في عام 1979 ذهبت في دورة تخصصية كمهندس جوي على احدى طائرات النقل العسكرية الى الاتحاد السوفيتي ، روسيا بالتحديد ، والى مدينة " ايفانوفا " التي تقع شمالي موسكو بحوالي 300 كم ، وكنت الوحيد في سفرتي هذه لان بقية الزملاء قد سبقوني الى هناك قبل اسبوع ، وفي مطار " شيرميتييفو الدولي " وعند التفيش سالني العسكري الروسي عدة اسئلة ولما كنت لا اجيد التحدث باللغة الروسية ساعدني احد الطلاب العراقيين الذي كان موجودا في المطار ،وعند سؤاله عن امتلاكي روبلات روسية ( العملة الروسية ) اجبت الطالب العراقي بنعم ظانا انه يسالني عن عدد الدولارات الامريكية التي بحوزتي ، فكرر الطالب العراقي ذلك اجبته بنعم ، فاجاب الروسي بكلمة " دا = نعم " فقال لي اخرجها فاخرجت الدولارات ، عندها انتبهت لاجابتي السابقة ، فقلت له انني املك دولارات ، لم يقتنع الضابط الروسي، اخذني وحقيبتي الى غرفة جانبية وتعاون مع امراة عسكرية روسية وطلبوا نزع ملابسي فامتثلت لذلك ، فتشوا كل ملابسي حتى كفة ذيال ( الحاشية ) المعطف والسترة وحقيبتي ، ولما تاكدوا انني لا املك روبلات سمحوا لي بالمغادرة ، وكان هناك بانتظاري الملحق العسكري ومنتسب اخر من الملحقية .
***
عند وصولي الى موسكو كانت السماء ترسل ثلجها الابيض كندف القطن الى الارض وما عليها ، الا ان الجو لم يكن باردا، لانه لا رياح تهب ، كنت دافئا بمعطفي.
لقد اتيت من مدينة حارة – الشهر الثالث - ، وهي تعج بالغبار ، حيث انها مشهورة كمدينة لندن "مدينة الضباب" مدينتي " مدينة الغبار " ، انتقالة من الجو الحار، الى الجو البارد الثلجي.
اوصلني الملحق العسكري ومن يرافقه الى فندق يقع في شارع غوركي قريبا من الساحة الحمراء، كان الوقت ظهرا وعلي ان اتناول وجبة الغداء ، نزلت الى مطعم الفندق ، لا اعرف التحدث باللغة الروسية ، نظرت امامي الى المأكولات من وراء الزجاج ، الاكلة الوحيدة التي اخترتها هي مايشبه ( الفوح = ماء التمن بعد طبخه ، او ما يسمى ماء البزل ) وفيه شيء يشبه اللحم ، حيث شاهدت الدجاج وقد استطالت رقبه كأنه مخنوق خنقا فكرهته ، اخرجت دفتري الصغير وقرات كلمة " خنزير " باللغة الروسية وسالت احد عمال المطعم عن اللحم الذي في الفوح اخبرني انه ليس لحم خنزير ، عندها اخذت طاسة وقد جمد فيها الاكل فاصبح مع ( المحلبي ) وجلست لاكل ، واول ملعقة تذوقتها ( جزت نفسي) لم استسيغ اكله ، كأنه ( زواع بزازين ) تركته وتركت المطعم وخرجت من الفندق ... ورحت اسير لا اعرف الى اين ، ووصلت الى كشك خشبي يبيع العصير والكيك ، وعليه " كيو = سره " فوقفت في " السره " حتى جاءني الدور فاخرجت ما معي من نقود روسية واشرت لصاحبة الكشك على نوع من الكيك ونوع من العصير، اخذت بعض المال واعادت لي الفكة واعطتني العصير والكيك ، كانت الكيكة محشوة باللحم ولا اعرف مصدره ، اكلته وعدت مرة اخرى الى الوقوف في " السرة " واخذت العصير والكيك ، وفعلت مرة ثالثة حتى شعرت بالشبع ، ورحت الى الساحة الحمراء ودخلت متاجر ، وانا اسير شاهدت بناية مكتوب عليها " كينو " وفي دفتري الصغير تعطي معنى " سينما " وعليها لافتات تشير الى انها سينما فعلا ، دخلت وقطعت تذكرة ، عرض الفيلم وانتهى وكان كل الحضور يضحكون الا انا حيث لم افقه ما يقوله الممثلين الهزليين في الفيلم .
***
في اليوم الثالث وصل من مدينة " ايفانوفا " كبيرالضباط العراقيين ، واحد الضباط ، وهو صديق لي ،واتفقنا على ان التقي بهم في الساعة العاشرة مساءا الى فندف " كرويينا " .
ذهبت في الموعد المتفق عليه ، كانوا قد حجزوا طاولة في مرقص الفندق ، جلسنا ، سالني كبيرالضباط العراقيين المسؤول ( المقدم ...) : ماذا تشرب ؟
اجبته : كلا لم ولن اشرب؟
سالني : من اي محافظة انت ؟
قلت له : الناصرية.
عندها قال لي : اتريد ان تقنعني انك لم ولن ولا تشرب والناصرية حسب احصاء الذي اجرته مجلة " الف باء " المدينة الاولى في صرف الخمور .( كانت المجلة في منتصف السبعينات قد اجرت احصاء عن شرب الخمور بين المحافظات وقد كان ترتيب الناصرية الاول ).
قلت له : ليس هذا موقف دينيا او اجتماعيا ، الا انني وجدت نفسي هكذا وكل اصدقائي يحتسون الخمر الا انا .
قال : اين جوازك وبطاقة العودة ؟
قلت له : في جيبي .
قال: اذن غدا تعود الى الناصرية ، انك لا تفيدني بشيء .
اعرف انه يهزء ويتنذر غي كلامه، ولكنني كنت مهيئا لاحتساء الخمرة ، حيث ان الاجواء الجميلة التي اعيشها في هذا المرقص تدعوني الى ذلك ولا شيء يمنعني عنه .
قال : اذن تحتسي معنا.
قلت : نعم ... ارسل لي شراب لا يسكر.
اجابني : اذا سكرت احملك على اكتافي .
شربت ، عزفت الموسيقى ،قاموا هم ورقصوا مع فتيات روسيات ، وعندما عادوا سالني : لماذا لم ترقص ؟
اجبته : لا اعرف الحديث بالروسية .
قال : اسمع عندما تعزف الموسيقى اذهب الى تلك الفتاة التي تجلس مع والديها ، ( كانت في السابعة عشرة من عمرها ، فتاة جميلة هادئة ) اطلبها من والدها للرقص ، واشر على الفتاة ، اخرجت دفتري الصغير وقرأت الجملة التي ساقولها لوالدها ولها، وعندما قلتها لابيها ابتسم واسمعني شريط طويل من الكلام ، واومأ لي بانه يسمح لها بالرقص معي، فرافقتني الى حلبة الرقص ، بعد ان اسمعتها الجملة المعهودة المسجلة في دفتري الصغير ، ورحنا نرقص على انغام موسيقى روسية جميلة.
وهكذا شربت انواع المشروبات في تلك الليلة ، اذ كلما اعود من الرقص مع هذه الفتاة اطلب من الضابط الاقدم " المسؤول" ان يطلب لي شرابا اقوى من الاول .
في الساعة الثانية عشر ليلا ذهبنا الى محطة القطار ، ركبنا العربة ، تحرك القطار عندها شعرت بدوار في راسي ، ناديت على الضابط الاقدم "المسؤول " واخبرته ، اعد لي سرير نومي ، ونمت ، لم افق الا على صوته وهو يقول: استيقظ ،وشاهد هذه المناظر .
كان الصباح ، والقطار يسير داخل غابة بيضاء من الثلج المتساقط بكثافة على الاشجار وارض ، بياض في بياض ، لا شيء سوى البياض وانا ومرافقيّ والقطار.
"للسطور صلة باقية تتبعها"



#داود_سلمان_الشويلي (هاشتاغ)       Dawood_Salman_Al_Shewely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الشمري للاحوال الشخصية الشيعية وعمر البنت
- ليس دفاعا عن المرأة ( مناقشة حديث نبوي )- ( ملف بمناسبة 8 ما ...
- ذكريات : 4
- العراق تحت احتلالين
- السياب والذكريات الاولى
- ذكريات مع الشاعر رشيد مجيد - 3
- الشعر خارج منطقته - ليس دفاعا عن الشاعر سعدي يوسف -
- هل مات مانديلا ؟
- ذكريات مع الشاعر رشيد مجيد - 2
- ذكريات مع رشيد مجيد
- - عاشوراء - الذكرى والتأسي
- رسالة حب الى المثقفين والادباء والفنانين
- رحلة في الذاكرة - ما الأدب ؟ - شهادة ابداعية-
- عيد بأية حال عدت يا عيد (المتنبي ومصيبة العراقيين)
- الاحزاب الدينية والحريات
- حرية الرأي - ج 1
- حرية الرأي - ج 2 - المناهج الحديثة في دراسة وتحليل ونقد النص


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - داود سلمان الشويلي - ذكريات - 1 -: - ابن المدينة الحارة في مدينة الثلج-