أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل شاكر الرفاعي - عن الخلق والدهشة في رواية - فرانكشتاين في بغداد -















المزيد.....

عن الخلق والدهشة في رواية - فرانكشتاين في بغداد -


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 4442 - 2014 / 5 / 3 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


1 ــ
اشعر بمساحة كبيرة من الحرية وانا احتفل بمناسبة فوز الروائي العراقي أحمد سعداوي بجائزة ادبية معروفة ومحترمة .. أقول أحتفل لأنني لست ناقداً أدبياً يتوجه لقراءة نص ما ــ وبين يديه ــ مباضع ومناشير نظرية أدبية يشرّح بها النص الادبي كتشريح الاطباء الجراحين لجثة ما .. قد تنفعنا النظريات الادبية كقراء ، ولكنها قتلت لدى الكثير من المبدعين مواهبهم حين سجنوها في قفص تلك النظريات ، وضغطوا نصوصهم لتجئ مطابقة للحدود الجغرافية الحادة التي رسمتها تلك النظريات ولا تخرج عليها ..
وعلى طريقة المحتفلين ابيح لنفسي ان اطلق مشاعري وعواطفي لا مقولاتي ونظرياتي ، التي انطلقت مني في لحظتين : لحظة قراءة الرواية ، ولحظة سماعي بفوز النص بالجائزة ، لكأنني ابارك وعيي وذائقتي الجمالية بهذا الفوز الذي منحني ثقة بانني اعي تماماً ما أقرأ وما أختار لقراءتي .. فقبل قراءة هذه الرواية ، منعتني نفسي وذائقتي من اكمال قراءة روايتين عراقيتين صدرتا حديثاً ...
2 ــ
اذن انا احتفل على طريقتي الخاصة كذات انفعلت بالنص وتفاعلت معه ، لكن ما جعل هذا الانفعال يخرج الى العلن على شكل مقال ، هو غياب الابداع عن المجالات التي نحن بأمس الحاجة اليها في ايامنا العصيبة هذه .. وهذه الرواية الرائعة اوقدت لنا ضوءً يشير الى اننا ما زلنا أحياء ، وما زلنا قادرين على فك سلسلة التحديات التي تواجهنا .. لقد زرعت هذه الرواية في اعماق اعماقنا املاً في اننا نستطيع ان ننهض مجدداً ، وان نمارس الخلق والابداع في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية التي يتوجب تقديم مشاريع مبدعة فيها ، فمن غير الابداع فيها لا يمكن ان نفك ونحرر اعناقنا مما نرزح تحت ثقله من : السلاسل / الازمات ....
3 ــ
شدتني الرواية اليها منذ صفحتها الاولى وفرضت علي سطوتها . وهذه هي العلامة الاولى من علامات الادب الرفيع الذي يقوم منطقه الخاص على الدهشة.. لم تكتف رواية أحمد سعداوي بالدهشة عنواناً على بلوغها ناصية الادب الرفيع بل ربطت الدهشة بالصدمة : انها تصدم وعيك .. تصدم مسلماتك التي كونتها عن الحدث الذي ترويه الرواية ، وفي هذا اختلفت هذه الرواية كنص : عن النص الآخر الذي يسوقه لنا السياسي والمحلل السياسي الذي يلهث وراءه ، وكذلك الشاعر الذي لم يخلص ادواته بعد من الموروث ( في ثيمتيه الاساسيتين : المدح والهجاء .. ) ...
4 ــ
حدث الرواية : العنف ، الذي يتحول الى كائن خرافي لا قدرة لأحد عليه .. في البدء خاط جسده هادي العتاك من لحوم ضحايا التفجيرات ، ولكنه استقل في الاخير بقانونه الاخلاقي الذي أباح له القتل لترميم ما يتساقط من جسده من لحوم .. العنف أو هذا الكائن الخرافي يشغل الآن سكنة مساحة جغرافية في اتساع مستمر ، فبالأضافة الى العرب والمسلمين الممتد سكنهم على أكثر من ثلاث قارات اذا ما شملنا بهذه الخارطة ضحايا العنف من الذين اضطروا للهرب منه وتركوا أوطانهم وهاجروا ويهاجرون الى اوربا والى بلدان العالم الجديد كامريكا وكندا وغيرها : يصبح الحدث الذي تقاربه رواية سعداوي حدثاً عالمياً بامتياز .. ( يمكن للقارئ الاستنارة أكثر عن هذه الخارطة الجغرافية المستمرة بالاتساع لضحايا العنف بمطالعة رواية عراقية رائعة هي " طشاري " للروائية أنعام كجة جي ) ...
5 ــ
العنف الذي تروي أحداثه روايه أحمد سعيدي يمتد على مساحة جغرافية متقاربة ومعروفة في بغداد ، واذا ما توسع الراوي قليلاً في المساحة الجغرافية فأنما للاشارة الى خلفيات بعض ابطال الرواية النازحين هم أو آبائهم من محافظات أخرى .. مثلما تخرج الرواية أحياناً عن حاضرها السردي الى ماض ليس بالبعيد ومنه ماضي الحرب العراقية الايرانية التي فقدت فيها احدى شخصيات الرواية الاساسية ــ هي العجوز ايليشوا ــ ابنها ، ولكنها على عكس بناتها وعلى عكس الآخرين من أقاربها الذين اضطرتهم دوامة العنف الى الهجرة خارج العراق ، لم تهاجر وظلت تؤمن بأن ابنها لم يمت وسيعود يوماً ، وهذا ما جعل جيرانها من سكنة حي البتاوين يتهمونها بالخرف والجنون ( وسيعدلون عن هذا الرأي لاحقاً ) ، وما جعل العجوز ايليشوا تمعن في التمسك بهذه الرؤيا ، وتجاهر لاحقاً بعودة ابنها هو زيارة الشخصية الخرافية المتكررة اليها التي تلبست روح ابنها : " الشسمه" كما يسميه المؤلف في متن الرواية ، او : " الذي لا اسم له " كما يسميه كبير المنجمين في دائرة المتابعة والتحقيقات ، وهي وظيفة حكومية اعيد العمل بها بعد سقوط النظام السابق من قبل الضابط المسؤول عن هذه الدائرة ، أو فرانكشتاين كما اطلق عليه رئيس تحرير مجلة الحقيقة ، ورصع به المؤلف اسم روايته ، ولكنه يظل اسماً مستعاراً من الفلم الذي يحمل الاسم نفسه : فرانكشتاين للمخرج ..
6 ــ
فرنكشتاين ، او الشسمه ، او الذي لا اسم له ، هو البطل الاساسي في الرواية صنعته عبقرية حكواتي هو هادي العتاكَ الذي يمتهن مهنة بيع وشراء العتيق من الاشياء .. يسميه رواد المقهى التي يرتادها بالكذاب لكثرة مروياته التي تدور حول احداث يراها مستمعيه بانها مختلقة.. زاره في مقهاه المفضلة الكثير من الصحافيين .. احدهم ــ وهي صحفية المانية ــ قالت لمترجمها بعد ان استمعت لرواية هادي العتاك بأن هادي يشاهد الكثير من الافلام الاجنبية ، وانه يستل مادة حكاياته منها ، لكن صحافياً شاباً كتب عنها تحقيقاً مطولاً في مجلة الحقيقة التي كان يعمل فيها استبدل رئيس تحريرها عنوانها بعنوان مثير هو : فرانكشتاين في بغداد ، جعلت الضابط المسؤول عن دائرة المتابعة والتحقيق يستدعيه ...
7 ــ
نجح أحمد السعيدي في تقديم نص روائي بخلطة عجيبة ولكنها مقنعة ، فكما أقنعنا غارسيا ماركيز بحدث طيران الفتاة مع مظلتها في رواية مائة عام من العزلة ، كذلك أقنعنا سعداوي برواية أحداث ــ يقوم بها كائن خرافي ــ تتحكم بولادتها قوى فوق واقعية في متوالية عنف متفلت تاه في رحابها الجميع : الامريكان والحكومة والناس ...
8 ــ
توجد اذاً قوة خفية غير مرئية تنساب بخفة وفق ايقاع خاص بها ، وتدلف الى ما تختار من أمكنة في الاوقات التي تشاء ، وتقتل وتدمر من وما تشاء ، فتأخذ بخناق الجميع ، من غير ان يتمكن الجميع ، او البعض منهم ، كالحكومة مثلاً من الايقاع بهذا الشبح الهائم المنفلت ..." قال لها ان فكرة الفلم وقصته ستكون حول الشر الذي نشترك جميعاً في امتلاكه ، في الوقت الذي ندعي اننا نحاربه ... اننا سنكون جميعاً هذا الكائن الشرير الذي يجهز على حياتنا الآن ... ص 272



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعاية الانتخابية / 6 ... العبور من الديني الى الدنيوي
- الدعاية الانتخابية / 5 ... التغيير
- السارد والعالم
- الدعاية الانتخابية / 4 ... في خطاب الدعاية الانتخابية
- الدعاية الانتخابية / 3 صور المرشحات وثقافة الحجاب
- الدعاية الانتخابية 2 وجه الصورة الانتخابية الآخر
- الدعاية الانتخابية... 1 انهم يشبهوننا
- هل في هذا دفاع عن المالكي ؟
- ثقافة القتل بدم بارد
- ما الذي يجري ؟
- بعض المفاهيم السيافقهية الارهابية
- المراوحة في مرحلة التأسيس
- هل كان الملك فيصل الاول رؤيوياً ؟
- لا أحد / رسالة الى سماحة السيّد مقتدى الصدر
- مواجهة مصر لعصرها
- بداية نهاية مرحلة سياسية
- نيلسون مانديلا
- مشاهدات بغدادية _ بغداد بين طوفانين
- ماذا يعني ان نسمي كاتباً بعينه مفكراً ؟
- اضاءات / 4 انتخابات كردستان


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل شاكر الرفاعي - عن الخلق والدهشة في رواية - فرانكشتاين في بغداد -