أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المبادرات الكونية والحوار الحضاري















المزيد.....

المبادرات الكونية والحوار الحضاري


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 17:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المبادرات الكونية والحوار الحضاري
عبد الحسين شعبان
باحث ومفكر عربي
كانت الأمم المتحدة قد وافقت على مبادرة الحوار بين الحضارات في إطارها الدولي التي جاءت من العالم الإسلامي، حين تقدّم مؤتمر القمة الإسلامي ورئيس دورته الثامنة السيد محمد خاتمي (رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حينها) بمخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة من على منبرها (الدورة الثالثة والخمسون في 21 أيلول/سبتمبر) 1998 باقتراح تسمية العام 2001 عام الحوار بين الحضارات. وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بعد شهرين وبتاريخ 16 تشرين الثاني (نوفمبر)1998 قرّرت فيه اعتبار عام 2001 " سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات".
وفي 11 كانون الثاني (سناير) 2001 صدر قرار أكّد على مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها وقيمها، ولاسيّما التسامح والسلام واحترام حقوق الإنسان على اختلاف المعتقدات والثقافات واللغات دون خشية أو كبت، والتشجيع على التفاعل والترابط بين الشعوب وحضاراتها وثقافاتها بما يغنيها جميعاً، غير أن أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 الإجرامية التي وقعت قبل 13 يوماً من انطلاق العمل ببرنامج السنة العالمية لحوارات الحضارات في 24 أيلول (سبتمبر) 2001، كانت قد حدّدت الطموحات العربية والإسلامية المنشودة، وهو الشيء نفسه الذي حصل لما بعد مؤتمر ديربن(جنوب أفريقيا) الذي أنهى أعماله قبل بضعة أيام من أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، والذي أدان الممارسات الإسرائيلية باعتبارها عنصرية، ولكن ما حدث ساهم في سرقة الأضواء منه مثلما حصل بشأن مبادرة مشروع الحوار بين الحضارات.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز قد أطلق مبادرة في القمة الاستثنائية للمؤتمر الإسلامي والتي انعقدت في مكة المكرّمة عام 2005م وحظيت بتأييد كبير وتتوّجت بإنشاء مركز عالمي متخصص في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، واختيرت فيينا مقرّاً له بتوقيع اتفاقية بين المملكة وإسبانيا والنمسا. وأعلن تدشينه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 بحضور أكثر من 850 شخصية دولية دينية وثقافية وسياسية، وانعقد مؤتمره الأول في فيينا أيضاً في 17-19 تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2013، بمشاركة فاعلة من جانب 500 شخصية متميّزة على المستوى العالمي.
عندما نتحدّث عن الإسلام كحضارة، فإننا نقصد القيم التي نادى بها، وهي قيم إنسانية مثل: الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية والعدالة والسلام والحق في الاختلاف والتنوّع والتعددية وغيرها، وما أشدّ الحاجة اليوم لإعادة فتح باب النقاش في مثل هذه العناوين ومنطقتنا العربية تعاني حروب متتالية ونزاعات أهلية حادة وأوضاع تمييزية قاهرة وعنف متواصل وهدر للحقوق والحريات، ناهيكم عن عدوان " إسرائيلي" مستمر، خصوصاً بهدر حقوق الشعب العربي الفلسطيني، ولاسيّما حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، الأمر الذي قاد إلى انتشار ثقافة العنف والاستئصال والإلغاء والتهميش والعزل والإذلال، ومحاولة التسيّد والمغالبة بحجج ومبررات مختلفة تارة دينية وأخرى طائفية وثالثة عرقية أو إثنية ورابعة سياسية واجتماعية وغيرها.
وإذا كان دور العامل الخارجي كبيراً فإن العامل الداخلي لا يقلّ أهمية إن لم يزيد عليه، لاسيّما في ظل التطرّف والتعصّب والغلو وعدم الاعتراف بالآخر وادعاء امتلاك الحقيقة، خصوصاً في زمن التناقضات الحادة، والصراعات التي لا تدور بين الدين ومعارضيه فحسب أو بين المتدينين وغير المتدينين، بل بين المتدينين أنفسهم، وأحياناً بين طوائف الدين الواحد وأخرى بين أتباع الطائفة ذاتها، بحثاً عن مراكز النفوذ وبهدف الحصول على الامتيازات.
وهكذا تظهر على مسرح التديّن المعاصر، حروب الدين ضد الدين، والطائفية ضد الطائفية، والعنف ضد العنف، حيث ظهرت السلفيات التكفيرية المتخصصة بقتل الآخر المخالف وتفجير المساجد والجوامع والكنائس والمقامات وامتهان حرمة الزوّار بالقتل العشوائي، وللأسف فإن كل طرف يرمي الطرف الآخر بالتهم الجاهزة، وبودي هنا القول إن تعصبيّن لا ينتجان اعتدالاً وعنفين لا يولدان سلاماً، وإن رذيلتين لا تنجبان فضيلة، وإن جريمتين لا تصنعان عدالة كما يقول صديقنا المفكر اللاعنفي وليد صليبي.
والمشكلة ليست في الدين وقيمه، فالدين حقيقة باهرة احتاجت إليها البشرية منذ الأزل، ولكن المشكلة في التديّن وطرقه وأساليبه واختلافاته ومصالحه وتناقضاته، ولاسيّما دور رجال الدين من المفسّرين والمؤولين الذين يلعبون دوراً سلبياً أحياناً، سواءً في الموقف من الظلم وهدر الحقوق والحريات، أو إزاء المجتمع والفرد، وذلك من بعض الفتاوى التي تدفع متعصبين ومتطرفين إلى مهاجمة الآخر، وأحياناً عبر أعمال إرهابية وانتحارية أو السعي لاستئصاله أو إلغائه أو تهميشه.
ويأتي البحث عن القيم الإنسانية في الإسلام مسألة ضرورية لمواجهة ظاهرة إصدار الفتاوى والأحكام والمواقف التي تؤلب ضد الآخر وتوثّم وتكفّر وتحرّم وتجرّم، في أجواء تشيع فيها الكراهية والحقد والكيدية واستخدام العنف والإرهاب، استناداً على ما يُضخ في العقول عبر وسائل الاتصال الحديثة مثل الانترنت والتويتر والفيس بوك وغيرها من وسائل الإتصال الحديثة في ظل الثورة التقنية- العلمية وثورة الاتصالات والمواصلات، ولاسيّما الطفرة الرقمية " الديجيتل"، فقد أصبح نشر الأخبار والأكاذيب والتلفيقات وبث المعلومة الجاهزة سلفاً والمحضّرة في مخابر وكواليس الأجهزة صناعة متقدمة، كما نرى في حروب الفضائيات نزعات العصبية المتخصصة بتأجيج الفتن ومصادرة الحقوق الإنسانية في الكرامة والمساواة وحق التعبير والرأي.
لعلّ الكثير من الفتاوى التكفيرية لا يربطها رابط بالعلم والتقدّم، وجزء منها يعود إلى الماضي، وهو ما كنّا نعرفه من كتب التاريخ في سياق الاضطهاد الديني والاتهامات الجاهزة بالهرطقة والارتداد والكفر والإلحاد ليغدو الإكراه في الدين لغماً موقوتاً في حقل الفتن العمياء، وليصبح العنف مسيطراً لإملاء الإرادة وإرغام الخصم على التسليم.
ولا شك أن العنف لن يولّد سوى عنف جديد، وهكذا تتوالد دورات العنف والعنف المضاد، وكلّ ذلك يتغلّف باسم الفقهاء ورجال الدين أحياناً، ناهيكم عن الساسة والمسؤولين، حتى وإن اتخذ شكل مكافحة الإرهاب الدولي أو ملاحقة الإرهابيين. ولكن في الكثير من الأحيان يتم التجاوز على حقوق الإنسان وحرياته وكرامته وأمنه، إذ لا ينبغي أن تستخدم حملات مكافحة الإرهاب للنيل من كرامة الإنسان وحرياته الأساسية، فالأمن يستكمل مع الكرامة، ولا كرامة حقيقية دون الأمن، وهما عنصران لا ينبغي أن ينفصلا، والتصدي للإرهاب مع احترام الحقوق الإنسانية مسألة جوهرية، وذلك بالعودة إلى جذر المشكلة والعمل على اجتثاث الأسباب الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والدينية والطائفية للإرهاب والعنف، وليس استخدام العنف ضد العنف، فالارهاب والعنف، مسألتان سياسيتان أولاً وقبل كل شيء، ولهذا اقتضى معالجة أسبابهما وتجفيف منابعهما تمهيداً لاجتثاثهما والقضاء عليهما.
وكانت محطة 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية الإجدرامية عام 2001 محورية بخصوص الإسلامفوبيا في اعتقاد أوساط غير قليلة من الباحثين والمختصين وارتبطت بالدعوة لمكافحة الارهاب الدولي، في ظل دعاية سوداء ضد الإسلام والمسلمين، باعتبارهم العدو الأهم بعد انهيار الشيوعية، لاسيّما وقد تولّد شعور غربي عام أن حركات الإرهاب في العالمين الإسلامي والعربي، يقف وراءها الإحباط الذي تشعر به معظم شرائح الشعوب الإسلامية والعربية، خصوصاً بين أوساط الشباب منهم، من حالة انعدام أو شحّ فرص الحرية والمساواة والعيش الكريم، وهو كلام حق، ولكن يُراد به باطل، بإلقاء تبعات كل ذلك على الإسلام باعتباره السبب الرئيس والمباشر للتخلف والاستبداد وهضم الحقوق الأساسية للمواطنين، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة انتقادية لما يتم باسم " الإسلام.
لقد اجتاحت الإسلامفوبيا العديد من بلدان أوروبا فضلاً عن الولايات المتحدة، حيث ارتفعت راية مكافحة الإرهاب بربطه بالإسلام والمسلمين، وكأن الإرهاب ماركة مسجلة باسمهم ديناً أو شعباً أو أمة أو جنسية أو لوناً أو لغة أو سلالة، الأمر الذي يقتضي تسليط الضوء على موقف الإسلام من مسألة حقوق الإنسان تاريخياً، لكي لا يُقال أن أصل الدين الإسلامي يحضّ على الإرهاب والعنف. وخلال الحملة الديماغوجية بدا لكثير من الغربيين المستشرقين، وغير المستشرقين، بمن فيهم الذين يميلون إلى الاغتراب، أن الإسلام دين ضد الحداثة وضد التقدم، وأنه ينفي الحقوق ويميل في حيثياته إلى ما يسمّى " إرهاباً"، لذلك لا بدّ من فكّ الارتباط به، أي بالإسلام، وظلّت وسائل الدعاية السوداء تعزف على هذا الوتر الحساس للعالم الغربي.
ولعلّ أهم ما نحتاج إليه لكشف هذا التضليل هو إظهار القيم السمحاء التي تمثل جوهر الإسلام مثل: التسامح والتعددية والاعتراف بالأخر والحق في الاختلاف في إطار المشترك الإنساني، وهو ما سبق للحضارة العربية الإسلامية والدين الإسلامي أن لعبا دوراً مهماً وتاريخياً فيه، خصوصاً في تطوّر وإنضاج وعي الإنسان بحقوقه وحرياته الأساسية، دون نكران دور الحضارات والأديان والفلسفات الأخرى التي كان لها رافدها أيضاً، بحيث تصبّ في الفكرة الكونية لحقوق الإنسان، سواء كانت الحضارتان الصينية أو الهندية أو الحضارتان اليونانية أو الرومانية، وبالطبع فقد كان هناك رافد مهم لحضارات وادي الرافدين ووادي النيل في الحضارة العالمية الإنسانية، على أن تؤخذ الأمور بسياقها وتاريخيتها، بعيداً عن محاولات إسقاط الحاضر على الماضي.


صحيفة اليوم السعودية 2/5/2014



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركيز: عزلة أمريكا اللاتينية وعزلتنا
- تراجيديا اختفاء المطرانين اليازجي وإبراهيم
- زمن الانتخابات!
- هيروشيما: الألم والجمال!
- - حالة حقوق الإنسان لا تسرّ أحداً-
- ديون العالم الثالث!!
- المصالحة الوطنية وتجربة إيرلندا
- مفارقات فنزويلا!
- أوباما – بوتين.. دبلوماسية القوة وقوة الدبلوماسية
- تونس: صراع ما بعد الاستعصاء
- الدستور والدستورية في الفقه العربي الحديث- استعادة مستقبلية! ...
- خليج ما بعد الأزمة
- ليس للحب من وطن!
- عندما تفقد روسيا أوكرانيا فإنها تفقد عقلها
- واشنطن والأمن الإنساني
- السلفادور وثورة صندوق الإقتراع
- المفكّر وحيداً .. لكنه جامع!
- جولات كيري المكوكية وحق تقرير المصير
- الهوتو والتوتسي ورسائل العدالة !
- مدينة تتعدّى المكان وتتجاوز الزمان


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المبادرات الكونية والحوار الحضاري