أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مهند البراك - هناك . . عند الحدود (5)















المزيد.....



هناك . . عند الحدود (5)


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 14:21
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


و قد مرّ في تلك الفترة حدثان هزّا القاعدة هزّاً . . فقد انتشر خبر بين البيشمركة يفيد، ان اسطة رسول آمر فصيل بشدر و الشخصية المعروفة بين اوساط البيشمركة في منطقة بشدر " سطى على زوجة مام هندرين "، و فُسّر ذلك بتفاسير متنوعة تنوّع الأوساط الإجتماعية المختلفة التي انحدر منها البيشمركة في القاعدة، فبعضهم وصف ما يقوم به اسطة رسول بكونه اختطاف او سرقة امرأة من زوجها، وبعضهم قال ان ما يحدث هو قصة حب جارف جمعت بين اسطة رسول و فاطمة زوجة مام هندرين الشايب . .
حيث لم يُعرف جيداً ما كان يجري في فصيل بشدر، الذي كان يقع في مكان متقدّم و بعيد عن بقية الفصائل، وضمّ الفصيل مقاتلين شجعان، اضافة الى عدد من الطلبة و المثقفين من مدينة قلعة دزة، كان اغلبهم قرويين امتهنوا الرعي و الزراعة، اضافة الى مهنهم المتوارثة في التهريب، بحكم انتشار اهاليهم و عشائرهم على جانبي الحدود .
و كان العارفون و ذوو الخبرة بالمنطقة . . يعرفون ان عشائر منطقة بشدر اضافة الى تقاليدها المعروفة بالشجاعة و حب الحريّة ، فإنها عُرفت بخصوصية تقاليدها و عاداتها الإجتماعية و خاصة اقسامها التي تعيش في اعماق المناطق الجبلية المنعزلة تأريخياً عن بعضها البعض، و المنعزلة عن المدن الكبيرة و مراكزها . . التي لديها تقاليدها الخاصة بها في الحب و الزواج و الطلاق و البنوّة و الحلال و الحرام، و العلاقة بين الرجل و المرأة و الاطفال، التي لاتشبه التقاليد الشائعة في مجتمعاتنا، و هي تقاليد اقرّتها و تقرّها طرائقها الصوفية المسلمة و يسهر عليها شيوخها الدينيون .
و على ذلك فإن مكتب القوة لم يتدخل في امور اجتماعية ما لمنتسبي فصيل بشدر، الاّ ما يتسبب او يمكن ان يتسبب بتمزق القوة او يسئ الى سمعتها و مكانتها، و دورها النضالي السياسي و العسكري. و على ذلك و في خضمّ مهامه الشاقة في تلك الظروف و الأعباء الكبيرة التي كان يقوم بها فصيل بشدر بالذات آنذاك . . فقد طالب المكتب البيشمركةالأنصار بالهدوء و بعدم الإساءة الى سمعة احد من المنظمة، فسمعة و مكانتة المنظمة هي من سمعة و مكانة منتسبيها.
الاّ ان الموضوع اخذ منحى آخر، عندما اشتكى مام هندرين لدى مكتب القوة على اسطة رسول . . حتى اخذ يبكي لأنه " بسبب فقره، حتى مكتب قوة البيشمركة لايهتم لحقوقه" كما قال ، و اكّد على ان اسطة رسول يغوي زوجته التي قد تتركه و تترك اطفالهما الصغار الذين معهما بسبب ذلك، لأنها لاتزال (طفلة) تغرّها المظاهر ؟!
ثارت ثائرة " ابو جوزيف " و هو يشاهد مام هندرين الكبير بالعمر يبكي و هو يعرض حاله، و تصاعد صوته الغاضب من الخيمة و هو يصيح " احنا واجبنا ان نحمي حقوق بيشمركتنا . . ان لم نعرف حماية حقوقنا، كيف نستطيع حماية حقوق الشعب ؟ ". خرج مام هندرين من خيمة مكتب القوة و هو اهدأ من السابق ، بينما باشر مكتب القوة اجتماعه لمناقشة شكوى مام هندرين . و بعد حوالي الساعتين ارسل المكتب الى اسطة رسول، طالباً منه ان يأتي اليه في اليوم التالي بعد الفطور الصباحي.
في اليوم التالي بعد الفطور فاجأ اسطة رسول الجميع بمجيئه صحبة فاطمة الى مكتب القوة، و فيما لم يعرف حرس المكتب ما يجب قوله او عمله، جلس الإثنان في باحة خيمة مكتب القوة ينتظران الإذن لهما بالدخول . . عندها فتح الحرس باب الخيمة و اخبر ابو جوزيف بمجئ اسطة رسول و فاطمة زوجة مام هندرين .
تفاجأ ابو جوزيف بذلك، الاّ انه خرج اليهما و دعاهما الى الدخول فجلسا مقابل ابو جوزيف و السياسي ابو ئاسوس . . طلب اسطة رسول السماح مباشرة بالكلام ان امكن فسمحا له . . وقال :
ـ انا و فاطمة قررنا الزواج و سأعطي اختي الأرملة الى مام هندرين بالمقابل كزوجة، وقد وافق مام هندرين على ذلك و سيقوم بتطليق زوجته فاطمة . . اما الأطفال فسيعيشون في بيت ابوهم و اختي مع اطفالها . . واتفقنا جميعاً على ذلك، لأننا كلّنا اقارب . اعرف ان ذلك لاينسجم مع حياة منظمة البيشمركةالأنصار، لذا سأذهب انا و فاطمة الى بيوت القرية العليا المجاورة، ريثما ادبّر امور الطلاق و امور زواجنا بحضور الشيخ و سأذهب بعدئذ للسكن عند ابن عمي في سردشت وسيكون سلاحي معي لأنه ملكي الشخصي . . .
قاطعه ابو ئاسوس : و لكن يا اسطة رسول . .
تدخل ابو جوزيف بصوت عالي لينهي الموضوع فقال :
ـ عزيزي اسطة رسول . . تصرفك حكيم ان اتفقتم جميعاً و تذكّر ان لك دائماً رفاق و اهل .
ـ كيف انسى ؟؟ ستروني دائماً بخدمة المنظمة !
و هكذا انتهت القضية بتصرف اسطة رسول الحكيم، اثر حب جمعه بشابة اضطرتها الحياة للزواج بقريب لوالدها الذي امرها بذلك لأنه صديقه، رغم الفارق الكبير بالسن بين كهل ناهز عمره الستين و تساقطت اسنانه، و بين شابة كانت حينها في مطلع العشرين من عمرها !
و بقي اسطة رسول على موقفه المتين من البيشمركة و القضية كما شهدت السنين المقبلة. خاصة و انه بقي يعيش و يعمل في منطقة عشيرته الممتدة في مناطق بشدر و التي تقع فيها مدينتا قلعة دزة و سردشت، في مناطق الحدود و رغم الحدود المارة بين المدينتين !
اما الخبر الثاني الذي اهتزت له القاعدة فكان التحاق الكادر الحزبي الأربيلي المطرود نامو (1) . . ففي صباح احد الأيام شوهد نامو في نوزنك و هو يبحث عن فصيل اربيل، و ما ان شاهده عدد من بيشمركة الفصيل هناك، حتى القوا القبض عليه و ساقوه الى مقر الفصيل، الواقع في زاوية عميقة اسفل السوق، حيث يطلّ على النهر هناك .
و تسبب وجوده هناك بهرج و مرج كبيرين، حيث حاول بعض المتضررين و المعذّبين في سجون امن الدكتاتورية قتله، و انقذه آخرون على اساس انه ضيف جاء بنفسه و قال آخرون بأن حاله يشبه حال طالب التوبة و هم يرونه يقول انه اعتقل و عُذّب و كان يبكي بكاءً مرّاً ؟! فيما قام " ملا نفطه " (2) كاقدم كادر في الفصيل و اقدم مناضل فيه بحماية حياته بشرط ان يكتب ما يريده من فصيل اربيل برسالة يكتبها الى مكتب القوة في توزله باعتباره الهيئة العسكرية و السياسية المسؤولة هناك و قرارها ملزم للجميع ، فوافق .
و لم يستجب مكتب القوة الى طلبه باللقاء به، و لم يوافق على طلبه بالإلتحاق و طلب منه مغادرة القاعدة بلا قيد او شرط . . و ذلك ما حصل . و قد تسبب تركه بتلك السهولة الى غضب عدد من البيشمركةالأنصار و اعتبارهم المنظمة تتهاون مع من تسبب بقتل و اعتقال و تحطيم عشرات العوائل، و ان ذلك لايمكن السماح به . . فيما ترصّده احد ضحاياه ممن اعتقلوا و عذّبوا بسبب وشاية منه في محاولة لقتله . . الاّ انه اختفى !!
و تبيّن بعدئذ انه ذهب الى مدينة مهاباد، حيث قدّم طلباً للإنضمام الى حزب كوردستاني عراقي، و قد وافق ذلك الحزب على قبوله، و ارسله ككادر سياسي الى مناطق البيشمركة العائدة اليه في السليمانية، لحاجته له هناك و ليكون بعيداً عن المشاكل، فغاب اسمه عن ساحة نشاط البيشمركةالأنصار في اربيل (3).

دائرة بريد دولي

كانت منظمة البيشمركةالأنصار على اتصال مع منظمة الشام، حيث كان البريد متواصلاً بينهما، يحملة الذاهبون و القادمون من هناك. في احد الأيام استلم صاحب رسالة محمولة باليد جاءت مع البريد القادم من الشام . . كانت الرسالة من شقيقته سامية التي كانت حينها في الشام اثر هروبها من رجال امن الدكتاتورية في بغداد . . تخبّره فيها، ان بأمكانه مراسلتها على عنوان كتبته في جهة " المرسل "، و الإتصال تليفونياً بأخيه الذي حصل على بعثة دراسية الى فرنسا، وكانت الرسالة تحمل عنوان اخيه و عائلته و رقم تليفونه في مدينة تولوز الفرنسية.
كان ذلك مفاجأة كبيرة له، بعد ان انقطعت عنه اخبار عائلته بالكامل، وبقى القلق يأكله و هو يفكّر بهم و بما عساهم ان يلاقوا جرّاء مطاردة السلطة له و اختفائه . . اثر تخلّصه من محاولة جرت لإغتياله قرب المستشفى التي كان يعمل فيها، في ظروف كانت تطبق على كل الناشطين المعادين للدكتاتورية . . اضطر اثرها على الإنقطاع عن وظيفته و بدأ اختفائه عن حياته الطبيعية. كانت المفاجأة كبيرة جداً عليه و اثارت سلسلة من الأفكار و التساؤلات التي لم يجد لها تفسير و لا اجوبة . . كيف يعيش اهله الآن ؟ ماذا تعمل شقيقته في الشام ؟ هل هربت من مطاردة ما ؟ كيف هي احوال الإنسانة الثورية منى ؟ في وقت كانت تتالى فيه انباء اعتقالات جماعية شملت عوائل بكاملها . .
هل تصوّرت شقيقته ان العالم صغير الى هذا الحد . . اذ كيف سيتصل و اين يجد تلفوناً
ليتصل باخيه في أوروبا ؟ و لكن . . كيف عرفت شقيقته بوجوده في الانصار هناك ؟ و هي تقول في رسالتها انها قادمة و " لابدّ ان نلتقي " اين يمكن ان نلتقي ؟ و ان التقينا كيف ستعود و هو لايعرف بالضبط اين هي ؟ بل لايعرف بالضبط اين هو ؟ هو عند الحدود . . !!
و تعود اسئلة أخرى الى ذهنه . . و يتساءل لماذا هو قلق الى هذا الحد ؟ هل بسبب الإرهاب الذي يشلّ الناس عن التفكير ؟ ام بسبب الجهل الذي يجعل الإنسان تائهاً و قلقاً من المجهول لأنه لايعرفه و لايعرف ملامحه . . ؟
بعد تأمل و تفكير طويلين، قرر ان يفاتح آمر القوة، فلابد و ان يكون لديه شيئاً قد يفيد. تكلّم مع ابو جوزيف حول الموضوع في وقت وجده فيه مرحاً و متحرراً من المشاغل . و تفاجأ بجوابه الهادئ :
ـ ذلك ممكن في سردشت ! اكتب الرسالة و ستذهب مع اقرب فرصة مع ذاهبين الى سردشت للأتصال التلفوني من هناك . . تهيّأ اعتباراً من الغد ! . . . و اضاف :
ـ . . و اكتب ما تحتاجه من ادوية غير متوفرة لديك بأكثر من نسخة لنحاول توفيرها . . الضروري و العاجل منها يمكن ان نشتريه من هناك ما دامك ستذهب !!
بعد يومين اخبره آمر القوة بانهما سيذهبان معاً في ضحى اليوم التالي الى سردشت، وانه اي صاحب سينام ليلة هناك، حسب ترتيب الإداري سركوت في سردشت، الذي سيرشده الى ما يعمل، وانه جهّز اوراقاً بعدم التعرّض التي سيحتاجوها في الطريق .
خرج في ضحى يوم مشمس من ايام تموز برفقة ابو جوزيف الذي كان يمتطي بغلاً قوياً، و مام رسول سور (4) ماشياً و كان كلاهماً مسلحاً، حيث كان ابو جوزيف على موعد للقاء اصدقاء من البيشمركة الكورد الإيرانيين ( بيشمركة كوردستان ايران) . . كان صاحب يسير كالتائه معهما على ارض جبلية مجهولة لديه تقع في اقاصي البلاد، لايعرف شرقها من غربها حيث لم يتصوّر يوماً انه سيعيش فيها مع الثوّار الأكراد، رغم اعتزازه الكبير بهم و توقه لمعرفة حياتهم . .
كان الجميع بمزاج جميل، مزاج سفر . . زادهم اليوم المشمس ذاك حبوراً، رغم ان الجميع كانوا غرباء عن المنطقة ، عدا مام رسول لكونه من ابنائها و كونه يعود الى عشائر بشدر الممتدة في العراق و ايران عبر الحدود المقامة بين الدولتين . و كانوا يتحدثون في شؤون مختلفة من النكات الفضائحية الى النكات السياسية و جمال كوردستان الذي شوهته الحروب و عن سعي الحكومات لتحطيم اية انتفاضة كوردية ، التي دارت اعنفها و اطولها زمناً في الجانب العراقي من كوردستان، و لذلك السبب يبدو ذلك الجانب مفتقراً الى الأشجار الخضر العالية قياساً بالجانب الإيراني . .
حيث اتلفت الأشجار و احرقت بسبب سياسة الأرض المحروقة التي ووجه بها اكراد العراق لعقود طويلة. و لابد من القول ان القوانين التي صدرت في زمن الشاه و التي منعت قطع الأشجار في ايران منعاً باتّاً و يُعاقب المخالفون وفقها ان انتهكوها بعقوبات قاسية . . قد ساعدت على نمو غابات جميلة في الجانب الإيراني من الحدود .
استمروا بالسير ماريّن بقرى : كاني زرد، بنو خليف حتى وصلوا عصر ذلك اليوم الى قرية " بيوران " الإيرانية، حيث يبدأ طريق السيارات . و دخلوا الى مقهى التقوا فيه الإداري مام توفيق (5) و جلسوا على مقاعد صنعت محلياً من اخشاب اشجار الإسبندار و البلوط التي تنمو هناك، و بعد ان شربوا الشاي و قليلاً من اللبن . . توادعوا حيث ذهب ابو جوزيف برفقة مام رسول المعروف في تلك المناطق . .
لم يشعر صاحب بتفاعل مع الطبيعة الجميلة التي كان يراها . . كان يحسّ انه في ارض غريبة، و يرى الجبال و القرى و كأنها صور تتوالى توالياً يراه في حلم او في سينما، ولم يفهم ذلك الشعور. انه لم يستطع ان يتفاعل مع محيطه ذلك الاّ من خلال وجوده مع رفاقه البيشمركة الأنصار . . . كان يحبّ الناس و لكنه كان يشعر بغربة منهم و بغربة اكبر يمرّ بها لأول مرة في حياته . . هل لأنهم خارج الوطن الآن ؟ و لكن الأرض تبدو لعينيه واحدة و الناس على طرفي الحدود هم هم . . بعطفهم و حنانهم و طيبتهم، بل و حتى مكامن القسوة و الظلم هي هي . . المحبوبون هم ذاتهم و المكروهون كذلك . .
الاّ ان السبب الرئيسي لذلك كان عالمه الداخلي الذي صحى، هاهو قد قرأ رسالة شقيقته و هو الآن متوجه للحديث مع اخيه، و هو متوجس من اخبار قد لاتكون سارّة ابداً . . ان ذلك يعيده الى عالم عاشه بمشاعر عنيفة متصارعة، بين الحب و نكران الذات في سبيل مبادئ سامية و حياة افضل للجميع، و بين وحشية هائلة انطلقت بأكثر مما تصوّر و توقّع العديدون، رغم انواع القسوة و المرارات التي واجهوها في السابق . .
بعد ان ناما تلك الليلة عند عائلة صديقة في بيوران ، نهضا صباحاً و فطرا هناك، ثم استقلا الباص الأهلي الذي كان يتهيّأ للتحرك، و بعد سفرة ليست طويلة في باص كان يقطع طرقاً شديدة الإنحدار و كثيرة الميلان، تطلّ على قطوع عميقة، مراً بعدد من سيطرات البيشمركة الكوردية الإيرانية، ثم كان آخرها سيطرة تعود للجيش الإيراني . . .
حتى وصل الباص الى كراج سردشت، وذهبا الى مقهى يستعملها صاحبها كفندق حيث ينام المسافرون و منهم كاك سركوت في الطابق العلوي للمقهى . . حيث التقيا سركوت الذي اخبره مام توفيق بحاجة صاحب الذي لايعرف المدينة و لا اللغة، فسار الثلاثة الى مكتب البريد الذي يقع في طرف المدينة . .
عند وصولهم الى البريد، شاهد صاحب امامه بناية حديثة، بابها رباعي دوّار ، ترتيبها و اثاثها الداخلي و اخشابها حديثة و من النوع الفاخر و مكتبها على الطراز الأوربي في ترتيبه و في استعداد الموظف لخدمة الزبون و هو يقدم نفسه بالأنكليزية، و فيها كابينات دولية يستطيع المرء الإتصال منها بدول العالم مباشرة . .
و بدا له كلّ ذلك و كأنه في حلم . . و هو يردد مع نفسه " مدينة حدودية صغيرة تتمتع بكل ذلك ! و نحن في العراق معزولون حتى عن مدننا الكبيرة في البلد " . و بعد ان اخذ منه الرسالة التي كتبها الى شقيقته في الشام لترتيب ارسالها، اشار له سركوت بان بامكانه استخدام التلفون بشكل مباشر و ادارة الرقم كما كُتب في الرسالة بالضبط و بدون حذف او اضافة ارقام ما. فذهب صاحب الى الكابينة الفارغة و ادار الرقم المطلوب . . رنّ التلفون في الطرف الآخر و هو يحبس انفاسه و تتزايد دقات قلبه . . وصاح فجأة :
ـ عقيل !! عقيل . . انا . . صاحب . .
ـ الو . . آلو . . اهلاً اهــــــلاً . . !
واغلق سركوت باب الكابينة كي لايحدث صوت صاحب العالي ضجة لافتة في دائرة البريد، خاصة و انه يتكلّم العربية في مدينة كوردية ايرانية، يتكلّم اهلها بالكوردية و الفارسية فقط . و ذهب الى موظف البريد لأرسال عدد من الرسائل كان قد حملها معه، ثم الى صندوق بريد في الدائرة حيث جمع عدد من الرسائل كانت قد و صلت بالبريد . . ثم اغلق الصندوق بمفتاح كان لديه .
. . بعد ان انتهاء المكالمة . . خرج صاحب من الكابينة و هو محمرّ الوجه و كان العرق يتصبب منه بسبب الإنفعال و بسبب الجو الحار الخانق داخل الكابينة المغلقة تلك . . شعر و كأنه كان في عالم آخر، لقد اعاده صوت اخيه و كلماته القادمة من فرنسا . . الى جوّ عائلتهم و صفائه و الى ترابطهم وحنين افرادها بعض الى بعض، في غمار حياة شاقة عانت منها العائلة بسبب مواقفها و نضالها من اجل قضية الشعب ! لقد اعادت تلك المكالمة له هدوءً كان يفتقده و لايعرف ماهو ؟ حيث كان يحسّ بانه فاقد لشئ لم يعرف كيف يصفه . .
عادوا الى المقهى و جلسوا يتداولون اخباراً متنوعة، و اعطاه سركوت عنواناً في سردشت لأغراض استلام الرسائل من الخارج، و طلب منه قائمة الأدوية الضرورية التي طلب منه ابو جوزيف كتابتها بأكثر من نسخة . . فسلّمه ايّاها. و بينما هم جالسون، جاء الى المقهى البيشمركة برهان و كان قد وصل توّاً من مهاباد و يريد الذهاب عاجلاً حاملاً بريداً الى مكتب القوة في توزلة قبل حلول الظلام .
خرجوا يتمشّون في طرقات القسم القديم من المدينة حيث كانت المقهى، و كانت الشوارع خالية من المارّة . قال مام توفيق : المدينة جميلة و لكننا نتمشى في القسم القديم منها، حيث يقع كراج السيارات ! بعد احاديث متنوعة اتفقوا على ان يعود صاحب مع برهان الى توزلة قبل حلول الظلام، خاصة و انهما صديقان.
و لابد من القول ان عودة صاحب كانت سريعة لأسباب عديدة تأتي في مقدمتها، توجيهات المنظمة المشددة بعدم بقاء البيشمركة في المدينة، ان لم تكن له مهمة ما يقوم بها هناك، و خاصة من لايجيد لغة المنطقة،و تم التشدد في ذلك بعد حدوث صدامات مسلحة بين افراد من البيشمركة العراقيين مع افراد من البيشمركة الإيرانيين، بسبب خلافات قيل انها عشائرية، و قيل انها سياسية .
لم يشاهد صاحب شيئاً من المدينة التي اشتهرت كاقرب مدينة كوردية ايرانية للحدود في تلك المنطقة ، وهي مركز قضاء "سردشت" الكوردستاني ، و توجد فيها حامية عسكرية كبيرة، حيث ان معسكرها يغطي مساحة واسعة اكبر من مساحة بناء المدينة ذاتها كما كان معروفاً . ويضم القضاء عدداً كبيراً من القرى التي تكوّن بمجموعها ريفاً واسعاً تتناثر قراه و بيوته على سفوح و بطون سلاسل جبلية عملاقة، و في الوديان السحيقة بينها . . تسمى جغرافياً بـ "جبال سردشت " .
و قد لعبت تلك الجبال و منعتها و مثيلاتها المواجهة لها في الجانب العراقي من كوردستان هناك . . ادواراً كبيرة في حماية الثورات و الإنتفاضات الكردية، لتشكيلها ظهيراً اميناً يمكن التحصّن به في ظروف المخاطر، سواء كان ذلك قبل او في اثناء الحرب العالمية الثانية وجمهورية مهاباد بزعامة القاضي محمد والملا مصطفى البارزاني ، مروراً بالأنتفاضات الكردية الأيرانية بزعامة "سليمان معيني" ، وحتى الثورات الكردستانية الأخيرة في كردستان العراق، وكردستان ايران .
و بعد ان توادعوا، ذهب صاحب صحبة برهان الذي كان يعرف الطريق جيداً، لكثرة مروره به ذهاباً و ايّاباً، لنقل البريد بين مهاباد و توزله حيث كانت القيادة السياسية و الحزبية العليا لمنظمة الأنصار تقيم اثر انتصار الثورة الإيرانية، ومن هناك كذلك كانت القيادة تلك تتصل بالمنظمات الصديقة في العالم و في ايران عبر ذات الطريق .
و عندما مرّا بمقهى يقع في طرف المدينة تماماً، استأذنه برهان للذهاب الى المقهى للسلام على اصدقاء له كانوا يجلسون على مقاعد طارمة المقهى الامامية . . بعد مشاهدته ايّاهم قدّر صاحب من مظهرهم و طبيعة ملابسهم انهم من نوع المغامرين الشباب او عشاق بطولات، قد لايناسبون وضع منظمة بيشمركةأنصار، كما فكّر في سرّه .
كان صاحب قد تعرّف على برهان في مهرجان الطلبة و الشباب في برلين قبل ست سنوات، حين كان برهان اصغر اعضاء الوفد العراقي سنّاً، و رغم فارق العمر بينهما نشأت بينهما صداقة حميمة، حيث كان برهان يفوق في نضجه و سلوكه عمره، وكان اهتمامه بقضية شعبه الكوردي قد جعل منه باحثاً بوقت مبكر عن كلّ تطلعات الشعب الكوردي، من عاداته و تقاليده في عشق الحياة و الحرية و رفض الظلم و الإستعداد للثورة ضدّه . . كان جريئاً مباشراً محباً للمعرفة، كثير الأسئلة و الأستفسار ممن هم اكبر منه سنّاً او اكثر منه ثقافة و معرفة.
و لشعور صاحب بالألفة مع برهان، سأله عن طبيعة اصدقائه الشباب و صارحه برأيه حولهم ، فأجابه برهان :
ـ اتصور ان ماتقوله حولهم صحيح، هم ابناء خالتي وقد هربوا من العراق بسبب ظلم و جحيم الدكتاتورية من جهة ، و بسبب ضغوط والدتهم عليهم للإقتداء بسيرة والدهم الشهيد الذي قُتل على يد عصابات الدكتاتورية ذاتها . . انهم يريدون السفر الى اوروبا بأي ثمن، وهم يقيمون في سردشت و يقدمون خدمات مفيدة لمنظمة الأنصار على أمل ان تساعدهم المنظمة في السفر الى الخارج .
ـ هل يمكن لأحد ان يشترط على منظمة الأنصار ؟
ـ من تجربتنا كعائلة واجهت الكثير من المحن، اقول نعم لأنه ليس اشتراط مطلق، انما يوجد مثل هذا الشئ في البيشمركة، ولِمَ لا ؟ انا لا اقوله كشئ منطقي و لكني سمعت الكثير من والدي المعروف بنضالاته عن ذلك، و عشته بنفسي . و بتقديري ان ذلك صحيح ! لأنه مقابل ماقدّمه مناضلون ضحّوا بالكثير و يستحقّون، و بسبب وحشية الظلم في البلاد و كبر التضحيات التي تصل الى التضحيات بالارواح . .
تنوعّت احاديثهما و هما في الباص في الطريق الى قرية بيوران، ثم مشياً و هما يقطعان طريقاً طويلاً الى توزله، و توقفا عند منزل في قرية تقع على الطريق و كان الوقت بعيد الظهر . . حيث اخبره برهان بانهما يستطيعان تناول شيئاً من الطعام هناك لشعورهما بالجوع الشديد و لمعرفته باهل البيت . . و توجه الى ذلك البيت يتبعه صاحب و وصلا قرب الباب و صاح برهان " السلام عليكم " . .
فتحت الباب أمرأة شابة جميلة المحيا، بدا عليها و كأنها تعرف برهان و دعتهما الى الجلوس، فنزعا حذائيهما عند الباب و دخلا ثم جلسا على فراش ممدود على الأرض، و بينما ذهبت لتحمل شيئاً من الحطب، سبقها برهان ليحمله عنها . . و ادخل الحطب ماشياً اثرها الى الغرفة الأخرى في البيت . .
تأخر برهان قليلاً في الغرفة، وعاد محمر الوجه مبتسماً . . و بعد ان تناولا الطعام و شربا الشاي . . شكرا اهل المنزل و خرجا مواصلين سيرهما الى توزله. وفيما كانا يسيران مرّا على حقل كان صاحبه يحرثه بمحراث بدائي يجرّه ثوران، خفف صاحب من سيره للتمتع بمشاهدة الثورين اللذين كانا يظهران عظيما القوة بعضلاتهما التي كانت تبرز واضحة و هما يجرّان المحراث، وبقي صاحب يتأملهما . .
فجأة اوقف الفلاّح الحراثة و بقي واقفاً وهو يرمق صاحب بنظرات مجنونة، وكأنما يطلب منه الكف عن النظر الى الثورين، و لمّا لم يبالِ صاحب به . . تقدّم امام الثورين مادّاً كلتا ذراعيه و هو يحيط بمقدمة الثورين، مستمراً بنظراته المجنونة محدقاَ بصاحب الذي استمر واقفاً و هو لايفهم ما يدور، الى ان لكزه برهان بأن يكفّ عن النظر الى الثورين لأن صاحبهما يخاف عليهما من عين الحسد !! . . و ان مايقوم به و ردود فعل الفلاح على نظراته بتلك الصورة كثيراً ما تتسبب بصراعات تصل الى حد اطلاق النار و القتل لإطفاء و تدمير عين الحسد التي يؤمن الناس هناك بمخاطرها . . فتحرّكا مواصلين سيرهما .
فاجأه برهان بموضوع لم يخطر ببال صاحب . . حيث كان متعباً بتفكيره بالسياسة و آفاق حركتهم و الطبابة و تفاهة وجودها و هو بلا أدوية، و تفكيره بامور البلاد و افق الحياة و الشعور بالغربة التي قد تطول، لأن الدكتاتورية بدت له و كأنما كانت تتعزز و تتقوىّ، رغم كلّ اعمالها القذرة، فلا تضامن معلن مع شعب العراق بعربه و كورده و لا ضغوط معلنة للكف عن الأرهاب تتناقلها الإذاعات . . حيث سأله :
" بأعتبارك طبيب . . هل تعتقد ان الرغبة الجنسية للنساء في مناطق الحدود هي اقوى مما هي عليه في المدن ؟ أم ان السبب يعود الى جرأتهن في حياة كلّها تحديّ، من الطبيعة القاسية الى ما تتسبب به حياة المهربين من مشقات و مغامرة . . "
وفيما لم يعرف صاحب كيف يجيبه لشعوره بمسؤوليته كطبيب من جهة و لأنه عضواً في الهيئة السياسية للقاعدة و اكبر منه سنّاً، خاصة و ان لوائح البيشمركةالأنصار تشدد على احترام الناس و العادات و التقاليد، و بخلافه سيتعرّض البيشمركة الى عقوبات صارمة بل و صارمة جداً . . فالأمور لاتتحمّل المزاح .
لكنه شعر بحديث برهان ذلك . . ان الحياة لاتزال تتدفق و انهم يعيشوها، و ان الإبتعاد عنها و عن نبضها و مطالبها، لايعني الاّ الدوران في حلقة مغلقة لاعلاقة لها بالحياة، التي ان انغمر انسان في دورانها فقط، يجعله بعيداً في الواقع عن تحقيق اهدافه النبيلة، شاء ام ابى . . و احسّ بقوة ان الشعور بالحياة و التناغم مع نبضها هو الذي يحتاجه الجميع كبوصلة لتدقيق صحة اتجاه ذلك النضال . .
لقد جمعت مناطق الحدود كثيراً من المتناقضات التي لايمكن ان يحددها قانون ما. فقد كان واضحاً ان المناطق الحدودية كتلك التي يتواجدون فيها . . يحكمها صاحب القوة. ولمّا كان الجميع لديهم سلاح بوسائل و اسس كثيرة التنوع، فإن الصدام كان من السهولة ان يندلع و يؤدي الى مقتل كثيرين جرّائه .
و لكون القانون الحكومي لايسري بسهولة هناك لضعف الحكومات في تلك المناطق، فإن الحَكَم المعترف به هناك هو القرآن و بالتالي رجل الدين الذي يكون في العادة متكلّماً بأسم عشيرة او تحميه عشيرة ما. و كلّما كانت العشيرة اقوى كان رجل الدين العائد لها اقوى عادة في الفصل في النزاعات. الاّ ان هناك رجال دين ذاع صيتهم لتمسكهم الكبير بالدين و لإجتهادهم بأحكامه المنحازة للضعيف و الفقير و للحق و العدل و وفقها . . يبرز منهم من تتوسطه العشائر للفصل بينها لحكمته و سداد رأيه و لسمعته الكبيرة في مناطق شاسعة تتعدى العشائر و الجبال و الوديان . . و الحدود .
و من الواضح ان مناطق الحدود كثيراً ما يغيب رجالها لفترات زمنية طويلة او قد يقتلون او يُجرحون و يعتقلون لفترات ليست قصيرة بسبب عمليات التهريب و تبقى نسائهم وحيدات . . و عادة ما يحصل الكثير دون علم الزوج بغيابه، لأن الزوج نفسه يقوم بالكثير دون علم زوجته مبرراً ذلك بحاجته الى إمرأة و ان زوجته ليست معه او لأنه اصابه الملل منها . . كما يحدث في كل العالم .
و في الأماكن القصية من العالم الشرق اوسطي قد لاتتدخّل الزوجة بعلاقات زوجها، وتعتبرها حقّاً مشروعاً له، و تشعر نساء فيها بالفخر لأن زوجها محط انظار النساء، ففي كل مغامراته النسائية يثبت دائماً رجولته و فحولته و هو في كل الأحوال زوجها و رأس مالها و ابو اطفالها، فالرجل القوي تبحث عنه النساء و ذلك مايدعو الى فخرهن . .
و كما يختلف الناس في عاداتهم و طبائعهم و تختلف النساء عن بعضهن في ذلك، تختلف قرى عن قرى و عشائر عن عشائر. ولكن يبقى المهم و دائماً هو حفظ السر، فكثير من العلاقات غير معروفة، او تعرفها نساء و تبقى في دائرة مغلقة بينهن، و لكن الويل اذا انكشف ذلك علناً، لأنه قد يؤدي الى قتال بين افراد و عوائل، وقد يجرّ الى صراع بين عشائر قد يستمر اجيالاً و على مدى سنين.
و صراعات القرى بسبب النساء في تلك المناطق شبه دائمة . . حيث لم تأتِ الحكمة الكوردية في اعماق الجبال عبثاً من ان الفلاح الكوردي ان ربح مالاً، فهو امّا ان يتزوج على زوجته، او سيشتري سلاحاً ليقتل به خصومه . .
وكما تختلف النساء البدويات عن نساء المدن العربيات، تختلف نساء الجبال عن نساء المدن الكورديات . . حين تكون القوة الجسمية عاملاً حاسماً في تحديد الحق، وكثير من نساء الجبال يجيدن استخدام السلاح. و في خضم تلك العلاقات المعقّدة و المتداخلة، تبقى امور الحياة لا تؤثّر و لاتقلل من موقع الدين في حياتهم ، فالجميع متمسكون بدينهم لأنه المنقذ الوحيد و هو المجير . .
و لكن تبقى المرأة الكوردية اكثر حريّة من المرأة العربية في المجتمع، ضمن عادات و تقاليد و تراث أمة بكاملها . . و رغم اختلاف العشائر و احكامها و تشددها، الذي يعود في احيان كثيرة الى طريقة فهمها و تفسيرها للدين و الى تعدد مناهجه. فإن القتل غسلاً للعار غير شائع عموماً في المجتمع الكوردي مثلاً، كشيوعه في المجتمع العربي . . حيث تبذل انواع الجهود الى اصلاح الخطأ الحاصل ان وقع، بالتفاهم و الضغوط و ليس بالدم كما ينتشر في المجتمع العربي العشائري .
استمر برهان بالحديث عن مطاردة النساء ايّاه، و انه يتعجّب من انهن لا يشبعن من الجنس و يسخّرن كلّ فرصة لمضاجعته مرّات و مرّات حتى انهكنه و كيف انّهن لايستحين و يستغللن كلّ فرصة لأبراز مفاتنهن امامه، الأمر الذي يسبب له اثارات لا يستطيع الفكاك منها الاّ بمضاجعتهن . .
و فيما استغرب صاحب من حديثه و تمنى في داخله لو انه يصادف ما صادفه برهان . . . نبّهه الى انه شاب وسيم تتمنّاه كلّ أمرأة . . الاّ انه اخبره بأن المرأة العاقلة في مجتمعاتنا لا تستبيح نفسها لأي رجلٍ عابر، و ان عليه ان يدرك اية جماعة يخالط و عليه الحذر من مزالق كهذه فإن اثمانها قد تكون غالية عليه و على البيشمركة . .
استمرّا باحاديثهما المتنوعة الى ان وصلا توزله قبيل ان يحكم الظلام .

في تلك الأيام، عادت مفرزة كانبي الذي سمع به صاحب كثيراً من احاديث متنوعة للبيشمركةالأنصار الاّ انه لم يلتق به بعد . . و جلبت المفرزة معها اخباراً جديدة و ملتحقين جدد، كان بينهم طبيب يدعى شوان، و المساعد الطبي نوزاد، اضافة الى ستة ملتحقين جدد من اربيل، و النصير محمد الجامعي خريج بغداد و زوجته الكوردية القومية، وكان محمد لا يتوقف عن الكلام و الضحك و يحاول الحديث بالكوردية و فق منطق تعلّمه من احدى القرى باضافة (كا) لكل كلمة عربية، فتصبح كوردية ؟!
جاء الوجه الأنصاري المعروف في منطقة اربيل الى د. صاحب و حيّاه و قدّم اليه نفسه بكل تواضع و سلّمه كيساً متوسط الحجم من الأدوية التي استطاعت ان تجمعها المفرزة في جولتها . . كان طويل القامة و سيماً ذا وجه يحمل سيماء اليفة، و يتمتع بروح مرحة عكست طيبة اهالي سهل اربيل . .
و فيما كان الجميع منشغلاً بالأخبار التي حملتها مفرزة كانبي، وصلت مجموعة من الملتحقين برفقة سيد نظيف الذي تأخّر عن مفرزة كانبي لمساعدة ملتحقين آخرين ممن قدموا . . . و كانوا في غالبيتهم طلاب و موظفين ساعين الى السفر خارج العراق ؟! لتتسبب بزيادة النقاشات حدة حول جدوى الكفاح المسلح، وكيفية تعامل البيشمركة مع حالات كتلك .
كان موقف مكتب القوة واضحاً، بأن من يريد السفر الى الخارج يستطيع، و لكن المنظمة لاتتحمّل مسؤولية سلامته، و ليس لديها ما يغطيّ له مصاريف السفر و الحماية، و ان من يريد السفر الى خارج البلاد عليه الذهاب فوراً، لأن بقائه يعرّض المنظمة الى كشف ماهية الموجودين و ما في القاعدة . . و ادىّ ذلك الموقف الى مزيد من الجدل العقيم من جهة و الى بقاء اولئك الملتحقين في القاعدة ثم الى تزايد عدد مجموعة كسولة كانت تعيش على تعب الآخرين و تستهزئ بهم . . لأسباب و غايات متنوعة . .
جاء في احد الأيام حمه يوسف الذي لُقّب بمسؤول " النقلية الجبلية " الى خيمة الطبابة ، و كان يقود بغلاً جريحاً في ظهره بسبب احمال ثقيلة حملها لمسافة طويلة بشكل غير اعتيادي و تسببت باحداث جرح في ظهره، طالباً من صاحب و شوان معالجة جرح البغل . .
تلقى ذلك صاحب بعصبية كبيرة لشعوره بالإحباط، بسبب شحة و انعدام الأدوية، التي جعلته عاجزاً عن معالجة حالات عديدة، و الآن عليه معالجة بغل جريح و هو لايعرف شيئاً عن علاج الحيوانات . . في نفس الوقت غصّ دكتور شوان بالضحك المستهزئ مما يجري و هو يطيّب خاطر صاحب، و انسلّ مبتعداً كما لو كان مشغولاً بشئ . .
فاخذ حمه يوسف البغل و ذهب الى خيمة ابو جوزيف و هو يصيح " كيف ندبّر الأرزاق اذن ؟ " . خرج اليه ابو جوزيف و طيّب خاطره و اخبر حمه يوسف بأن يترك البغل عند خيمة مكتب القوة . . بعد ان ربط البغل قرب خيمة قيادة القوة، ذهب حمه يوسف الى خيمة الإدارة السفلى و هو يرمق صاحب بنظرات غير وديّة متمتماً بكلمات غير مفهومة . .
و بعد ساعات ذهب ابو جوزيف مقتاداً البغل معه الى صاحب و تحدث معه بصبر و هدوء قائلاً :
ـ عزيزي دكتور . . انت تعرف ان امكانيتنا المالية ضعيفة، و هذه البغال هي عصبنا الحسّاس و سرّ بقاء و صمود القاعدة حتى الآن. التموين بالنسبة للبيشمركة جبهة قتالية، تضم توفير الحاجات و البحث عنها، النقود، توفير الثقة بسلامة المواد الإدارية لصدّ تخريب الدكتاتورية ضدنا. و هذه البغال توفّر لنا الكثير من المال لنشتري به سلاح و عتاد، و نحن بفعل ضغط الحاجة مضطرون لأستخدامها المتواصل في نقل المواد الإدارية، من سردشت و من خري ناوزنك الى توزلة .
دكتور الرجاء الرجاء اهتمامك بها وعدم نسيان علاج وتضميد جراح حيوانات النقل، انها كنز لايعوّض الآن حيث بدونها سنكون مشلولين، و صدّقني بانها ستكون كنزاً حقيقياً لنا ان حصل اي هجوم شامل من السلطة على المنطقة !! هذا الجرح يتطلب تعقيمه بايّ معقّم يومياً لا اكثر، الحيوانات عادة مناعاتها عالية . . و اقول ذلك عن تجربة منذ صغري . .
ـ اذا الموضوع بهذه البساطة، هذه ليست مشكلة، و سأبدأ حالاً
ـ تسلم ايدك، انا ابقى جنب الحيوان لأقتاده الى حمه يوسف بعدئذ .
ـ و لكن . .
ـ عزيزي لاتقلق، انا اذهب الى خيمتنا و سأعود سريعاً، لأن ابو ئاسوس ينتظرني . .
اخذ صاحب علبة المعقم سافيلون، و نظّف الجرح جيداً و كان الحيوان هادئاً فعلاً، الاّ انه انتبه الى ان د. شوان قد سلّ نفسه بهدوء و ذهب . . ثم اخذ الحيوان و مرّ من جنب خيمة القيادة و صاح ليسمع ابو جوزيف . .
ـ ابو جوزيف لا داعي لمجيئك . . انا ذاهب بالحيوان الى حمه يوسف مسؤول النقلية الجبلية !
خرج ابو جوزيف من الخيمة يضحك و يقول :
ـ و الله تسلم ايدك . . امّا مسؤول النقلية الجبلية فهي رتبة في مكانها تماماً . . قوية . . قويّة !!
و استمر بالضحك و بصوت مسموع .
فرح صاحب الى ان الأمور انتهت بتلك الصورة . . ولكن المفاجأة جاءت في ضحى اليوم التالي، حيث ايقظ ابو شاكر صاحب و هو يقول له :
ـ انهض دكتور صاحب ! عزيزي، الحيوانات صارت تقطع الممرات بين الخيام، وصارت تملأها بقاذوراتها . .
ـ ماذا يحدث، عن اية حيوانات تتحدث ؟
ـ ايقظني الحرس الصباحي قائلاً ، انه ذهب لتحضير الفطور و لم يستطعْ المرور، لأن الممرات بين الخيام مليئة بالبغال . .
استيقظ صاحب و نظر من تحت رواق الخيمة الى الخارج، فشاهد عشرات البغال تملأ الممرات و اصحابها يجلسون الى مسافات حول الطبابة يدخنون و ينتظرون استيقاظ الطبيب، كما كان يفهم من احاديثهم . . فاسرع الى خيمة مكتب القوة و وجد ابو جوزيف متهيئاً للخروج و استقبال اليوم الجديد، فحدّثه عما يجري و ما يشاهده هو من تجمّع الحيوانات و اصحابها في ساحة مخيّم القاعدة . . فماهو الحل ؟
استدار ابو جوزيف ليرى ساحة المقر فوجدها فعلاً كما قال صاحب، وقال له :
ـ حسناً فعلت بمجيئك اليّ، سأنادي على حمه يوسف ، و اعطيه الكميّة الممكنة من المعقم و اشرح له طريقة التنظيف، و على اصحاب الحيوانات ان يحضروا قطع من الأقمشة او ما ممكن لديهم لتنظيف جروح حيواناتهم . . ولكن على الجميع ان لاينتظروا هنا، بل يذهبوا الى حيث حمه يوسف . .
ذهب احد حرّاس مكتب القوة و جمع اصحاب الحيوانات و قال لهم، بأن طبيب القوة هو طبيب يعالج الناس البشر و ليس الحيوانات، و ناداهم للذهاب معه الى حمه يوسف . . فذهب الجميع الى خارج ساحة القاعدة مع الحارس الكهل، الذي عند وصوله ارسل حمه يوسف الى د. صاحب ليريه كيفية تنظيف الجروح.
و عندما وصل حمه يوسف بملابسه المهلهلة الوسخة الى صاحب، سلّم عليه و هو يقهقه قهقهته البلهاء التي يعرفها الجميع :
ـ عزيزي دكتور، انا السبب . . هه هه هه ، لأنك مع الأسف لم تحترمني و انطلقت بعصبيتك معي علماً ان كلانا بيشمركةانصار نواجه الموت في خطواتنا . . لم تحترمني على الأقل لكوني اكبر منك سنّاً و انت بعمر ولدي، ولكنك يمكن لاتعرف كم عملنا متعب و شاق . . انا اساعد اصحاب الحيوانات لأنهم يساعدوني و يعرفون ايضاً معرفتي بعلاج جروح الحيوانات بالأعشاب . . وعندما جاء اليّ احدهم بحيوانه، اخبرته بأن عليه ان يذهب به اليك، ولم اتوقع ابداً هذا العدد، الاّ انه يمكن حكى لصاحبه و صاحبه حكى لآخرين فذهب الجميع الى الطبيب، لأن الطبيب طبيعي افضل من حمه يوسف البغّال (6).
و اضاف بأنه لايحتاج المعقّم و ان من الأفضل المحافظة عليه لعلاج الجرحى . . و بعد ان عانق صاحب معتذراً عن ملابسه الوسخة لكونها ملابس عمله، ذهب و هو يقهقه قهقهته الشهيرة . .
كان حمه يوسف من ابناء القرى الحدودية الغنية بزراعتها و حيواناتها و مراعيها الواسعة، اشتغل بنقل الأثمار الى قلعة دزة و خاصة الجوز و البلوط اللذين تنتشر اشجارهما في المنطقة، و لكونه بغّال استفاد من عمله ذلك في جلب و بيع و شراء المواد التي يحتاجها في مهنته بين مدينتي قلعة دزة و سردشت، ثم حمل السلاح للدفاع عن حدود البلاد بعد الثورة ضد الملكية و اعلان الجمهورية، شارك كبيشمركة شجاع في ثورة ايلول 1961 و جرح في معركة هندرين . . و استمر على دعم الثورة حتى انهيارها عام 1975 . . و انسحب مع المقاتلين الى ايران، وبعد صدور قرارات العفو، عاد مع العائدين الى قريته التي خرّبت قسماً منها الحرب بين الدكتاتورية و الثورة الكوردية .
بعد سياسة تهجير و حرق القرى للدكتاتورية . . تدمّرت قريتهم رزكة الغنية بالكامل، و بعد ان سيق اهلها الى مجمّع بست ستين بقوانين الدكتاتورية عاش هناك و عمل بنقل البضائع على الحيوانات بين بست ستين و سردشت ثم التحق بحركة البيشمركة ضد الدكتاتورية، عندما اعلنت ثورتها الجديدة . .
حيث التحق مع اقاربه و ابناء قريته الذين اشتهروا بالتهريب مهنة المنطقة، وكان قسماً منهم من " لصوص " البغال و الخيل التي كانت احدى مهن الرجولة و الشجاعة في المنطقة . . حيث كانوا يسرقوها من الوحدات العسكرية للدكتاتورية التي كانت ترابط في المنطقة و التي صادرت حيواناتهم و بغالهم مصدر رزقهم و عيشهم، معتبرين ذلك ردّاً على ظلم الدكتاتورية و مقاومة لها . .
و قد شكّل هو و اقاربه وحدة ضمّت البغال و حيوانات النقل و وفروا بالتعاون مع مكتب القوة ماتحتاجه عملية النقل بالحيوانات، من اسرجة ـ كورتان ـ و اربطة و نعل معدنية لها، اضافة الى تغطية تكاليف علفها الضروري. و قد كان هو و اقاربه يميزون عند الإتيان بالبغال، بين الحيوانات المملوكة و الحيوانات المتروكة او الهاربة من وحداتها العسكرية و التائهة التي لاتعود الى قرى المنطقة المهجّرة .
و كانوا يبذلون جهوداً كبيرة لترويضها و تهدئتها لتحمل الأحمال، حيث لم يكن الأمر سهلاً و تسبب عدة مرّات بجرح البيشمركة العاملين مع حمه يوسف، و ذلك ما لاحظه صاحب ذات يوم حين تفاجأ بسقوط بغل و مروضه معاً من علوٍ، و جلوسهما المضحك جنباً الى جنب قرب مجرى للماء في لقطة نادرة عندما كان البغل يظهر كالجالس و هو مستنداً على عجزه لتعبه جنباً الى جنب مع البيشمركة المروّض الذي استمر جالساً لتعبه ايضاً . . و كان اثباتاً قاطعاً له على صعوبة تلك الأشغال، التي قد لاينتبه لها اغلب البيشمركةالأنصار . .
. . . .
. . . .
لمّا لاحظ مكتب القوة ان نزول المفارز يقلل من مصروفات المقرات، و هو بوضع مالي ضعيف، لأن اكل انصارها و جزء من ملابسهم سيكون من اهالي المناطق التي تتجول بها المفارز . . فاتح انصاره بذلك، فيما اقترح البعض التقليل من قبول الملتحقين الجدد، لصعوبة اعاشتهم و لعدم توفر السلاح الكافي، كما تفعل منظمات أخرى . .
دفع ذلك الأمر المفارز الصغيرة المتجولة في مناطق العمق، الى محاولات متنوعة لإيصال ملتحقين يلتحقون باسلحة معهم، و الى محاولة البقاء في التجوّل و القيام بما من شأنه تحسين الوضع المالي . . و على ذلك نزلت مفرزة كانبي سريعاً و نزل معها سيد نظيف، وقد طلب كلاهما من صاحب تزويد المفرزة بالأدوية . .
و اكد سيد نظيف على تزويده بقائمة باهم الأدوية التي تحتاجها الطبابة، لأمكانية توفيرها من الداخل على ان لايزيد وزنها على كيلوين، و انه سيحاول ارسالها مع من يأتي الى توزله، فكتب له صاحب ما اراد بفرح، مع شعورة ببداية توفّر امكانية لتزويد الطبابة بالأدوية من العمق . . و فعلاً استلم صاحب بعدئذ الأدوية الضرورية التي كتبها على دفعتين . . الاّ انه وردت بعيدئذ اخبار حزينة افادت بأن الكادر المحلي المعروف سيد نظيف قد سقط شهيداً في صدام عنيف مع القوات الخاصة التي حاصرته في احدى قرى سهل كويسنجاق، و يرجحون انها قرية شاخه بيسكه . . الاّ ان الأدوية استمرت بالوصول الى طبابة توزله، من رجال تنظيم سيد نظيف .
(يتبع)





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. نامو، كادر في محلية اربيل لحشع ، طرد من الحزب لثبوت ارتباطه بالأجهزة الأمنية للدكتاتورية، و حاول العودة الى الحزب لممارسة نشاطه التخريبي اثناء الحملة الإرهابية الدموية ضد حشع في 1979 ، فابدى استعداده (!) لأيواء المطاردين من الرجال و النساء و ارسالهم الى مواقع البيشمركةألأنصار، الاّ ان محاولته تلك فشلت بسبب يقظة نشطاء في مدينة اربيل، و بعد ان ارسل مجموعة و لم يقبل اغلب افرادها. و قد (اعتقل) من قبل السلطات (بسبب نشاطاته تلك) بشكل اعدت و خططت له اجهزة الأمن بدقة . . لأجل استمراره في محاولاته التخريبية تلك . .
2. ملا نفطه، كادر شيوعي فلاحي معروف، احد قادة انتفاضة فلاحي سهل اربيل في الأربعينات (انتفاضة دزئي) ، لاقى السجن و التشرد و الإبعاد . . و كان كادرا بارزا في الجمعيات الفلاحية اثر اعلان الجمهورية عام 1958 و صار عضواَ في محلية اربيل .
3. ليظهر بعد سنوات على الساحة السرية مجدداً في مدينة اربيل و يبدي استعداده لمساعدة الأنصار الناشطين في المدينة، ممن ضاقت بهم سبل الخروج منها، و في غمرة التفاوض معهم، يستدرجهم و يتسبب بإيقاع اكبر ضربة وجهت الى قاطع اربيل في تلك الفترة، حيث خسر اقوى مفرزتين عائدتين له نشطت في داخل مدينة اربيل، ـ مفرزتي عباس و داود ـ بعد ان قتل من قتل و اعدم من اعدم . . في وقت قمة حرب اقتتال الأخوة عام 1984
4. رسول سور ، احد وجوه الأنصار المعروفين في منطقة بشدر في قلعة دزة، و قد التحق بالثورة الكوردية منذ اندلاعها عام 1961 و برز اسمه كاحد المقاتلين الشجعان البارزين في المنطقة . . معاون آمر سرية بشدر، استشهد في ربيع 1983 في حرب اقتتال الأخوة في بشت ئاشان.
5. توفيق حريري ، من اهالي شقلاوة ، احد قادة وكوادر البيشمركة منذ الستينات . عمل في الثمانينات في مجال تكوين الصلات الجديدة الاساسية للمنظمة بين القرى، و في مجال الأدارة لتوفير الأرزاق للبيشمركه . . ثم في مجال انشاء الصلات الضرورية لنزول مفارز الأنصار الى عمق مناطق اربيل ، في ظروف احكام الطوق عليها ومحاولات عزلها اعوام 1984 ـ 1986 . و اثناء تأديته مهمة نضالية من تلك المهام، حوصر من قبل مرتزقة السلطة ولم يستسلم، و استشهد وهو يقاتل في احدى قرى دشت حرير .
6. البغّال في تلك القرى ، هو من يقوم بتنعيل البغال و تصليح و خياطة سروجها، و يعرف معالجة جروحها اضافة الى معارفه بعلاج امراض حيوانات المنطقة المعيّنة، و غالباً ماتكون مهنة متوارثة .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هناك . . عند الحدود (4)
- هناك . . عند الحدود (3)
- ما معنى الإنتخابات و الى اين ؟
- هناك . . عند الحدود (2)
- هناك . . عند الحدود (1)
- ثمانون عاما من اجل قضيتنا الوطنية . .
- الشعب بين حقوقه و بين تقاعد الرئاسات
- 8 آذار و مخاطر مصادرة حقوق المرأة . .
- الى من يحاول تجميل جرائم 8 شباط الاسود (2)
- الى من يحاول تجميل جرائم 8 شباط الاسود (1)
- اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (2)
- اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (1)
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 2
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 1
- اعلان تحالف -كوردستاني ديمقراطي مدني-
- هل هو تخوّف من نتائج الانتخابات ؟
- المالكي : الشعب لايحب الحكومة !
- هل ستعود الإنقلابات العسكرية ؟
- هل هو حكم اوليغارشية طائفية ؟
- الاحزاب الكبيرة و الصغيرة، الشباب


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مهند البراك - هناك . . عند الحدود (5)