أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسام عامر - حقيقة التفاوت الصارخ في توزيع الثروة العالمية















المزيد.....

حقيقة التفاوت الصارخ في توزيع الثروة العالمية


حسام عامر

الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 08:56
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


جيسون هيكل/ ترجمة:حسام عامر.
(الفيديو الذي يشير اليه المقال موجود على موقع يوتيوب باسم "التفاوت في توزيع الثروة العالمية")

يبقى مدى التفاوت في توزيع الثروة العالمية غائبا عن معرفة الكثيرين. لذا قرننا نحن القائمين على حراك The Rules أن نصمم فيديو قصير(1) للفت الانتباه الى الموضوع.

على الرغم من أن المعلومات الواردة في الفيديو ليست جديدة, لكنه مع ذلك مذهل. نورد في الفيديو أن أغنى 300 شخص في العالم يملكون من الثروات ما يزيد عن ما يملكه أفقر 3 مليار شخص- أي تقريبا نصف سكان العالم. اخترنا هذه الأرقام لأنها تشكل مقارنة واضحة وسهلة التذكر, لكن في الحقيقة الوضع أسوأ من ذلك: أغنى 200 شخص في العالم لديهم 2.7 تريليون دولار(2), وذلك يفوق ما لدى أفقر 3.5 مليار شخص, حيث يملكون مجتمعين 2.2 تريليون دولار فقط(3). من الصعب جدا استيعاب أرقام كبيرة جدا كهذة بسهولة.

أردنا القيام بما هو أكثر من توضيح المدى الوحشي الذي وصل اليه التفاوت, حيث أردنا أيضا شرح حقيقة أن الأمور تزداد سوءا تدريجيا. يظهر تقرير منظمة أوكسفام الأخير(4) أن "دخل أغنى 1% قد أزداد بنسبة 60% على مدى العشرين سنة الأخيرة, وقد سرّعت الأزمة المالية العالمية من العملية بدلا من ابطائها", بينما شهدت مدخولات أغنى 0.01% نموا أكبر من ذلك.

يظهر الفيديو كيفية حدوث هذا التفاوت الأخذ بالاتساع بين الدول. اتسعت فجوة الثروة بين أغنى الدول وأفقرها خلال الفترة الاستعمارية من نسبة مقدارها 1:3 لتصل الى نسبة مقدارها 1:35(5), الى حد ما بسبب أن القوى الأوروبية كانت قد انتزعت قدرا كبيرا من الثروة من القسم الجنوبي من العالم, وكانت تلك الثروة على شكل موارد وعمالة. ومنذ ذلك الحين استمرت تلك الفجوة بالاتساع لتصل في الوقت الحاضر الى نسبة مقدارها 1:80. كيف أمكن حدوث ذلك؟

-تدفق الأموال من الفقراء الى الأغنياء-

الى حد ما, تتسع تلك الفجوة بسبب السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي فرضتها مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية على الدول النامية خلال العقود القليلة السابقة. صممت تلك السياسات لتحرر الأسواق عنوة ولتفتحها على مصراعيها من أجل منح الشركات المتعددة الجنسيات منفذا غير مسبوق لما هو رخيص من الأراضي والموارد والعمالة. لكن على حساب كلفة عالية: وفقا للاقتصادي روبرت بولين الأستاذ في جامعة ماساتشوستس, خسرت الدول الفقيرة حوالي 500 مليار دولار سنويا من الناتج المحلي الإجمالي(6) نتيجة لتلك السياسات.

ونتيجة لذلك نرى تدفقا واضحا للثروة من الأماكن الفقيرة الى الأماكن الغنية. صممنا هذا الفيديو لمساعدة الناس على تصور الكيفية التي يحدث فيها هذا التدفق, ولنعرض العملية التي تضخ فيها الأموال في القسم الشمالي من العالم على حساب كلفة مدمرة يتكبدها القسم الجنوبي.

القليل من الناس يعرف عن هذا الامتصاص المستمر للثروة. وأحد أسباب ذلك هو المساحة الكبيرة التي يشغلها خطاب المساعدات. ونظرا لدعاية المساعدات الهائلة التي يتولاها كل من جيفري ساكس ومبادرة الأهداف الانمائية للألفية, والمغنيان بونو وبوب جيلدوف, ودعاية الجمعيات الخيرية مثل مؤسسة انقاذ الطفل ومؤسسة الدعم المسيحي ومؤسسة آكشن آيد.

دائما ما تتغنى حكومات الدول الغنية بمقدار المساعدات التي تنفقها على الدول النامية, وتقوم الشركات المتعددة الجنسيات بملأ تقاريرها السنوية ومنتجاتها بالمعلومات التي تتعلق بالتزامها بالمسؤولية الاجتماعية للشركات CSR, بينما لا تصرح تلك الحكومات والشركات عن مقدار الأموال التي ينتزعونها من الدول النامية.

يسلط الفيديو الضوء على حقيقة أن دفعات المساعدات التي تتلقاها الدول الفقيرة من الدول الغنية تعتبر ضئيلة جدا مقارنة مع مقدار الأموال التي تتدفق في الاتجاه المعاكس. يصل مقدار التهرب الضريبي وحده الى أكثر من 900 مليار دولار سنويا(7), وهي أموال تسرقها الشركات من الدول النامية وتقوم باخفائها في ملاذات ضريبية (أو في ممالك اللصوص, وهو التعبير الأدق), والتي تشكل منطقة سيتي أوف لندن محورها العالمي. وتصل قيمة المبالغ التي تدفعها الدول النامية لسداد الديون وفوائدها الى حوالي 600 مليار دولار سنويا(8), وتدفع معظم هذه الأموال لسداد قروض غير شرعية وذات فوائد مركبة كان قد كدسها طغاة دكتاتوريون قبل خلعهم بمدة طويلة. كلا القيمتين المتدفقتين يمكن فهمهما على أنهما عملية نقل مباشرة للأموال من الفقراء الى الأغنياء.

هنالك أمور أخرى كثيرة كان بامكاننا ايرادها في الفيديو. مثلا موضوع الاستيلاء على الأراضي: يظهر كتاب فريد بيرس الجديد The Land Grabbers أنه وفي العقد الأخير وحده استولت الشركات على أراض في الدول النامية تتجاوز مساحتها مساحة أوروبا الغربية. لو كان بإمكاننا تحديد قيمة تلك الأراضي لكنّا أضفنا كمية أموال ضخمة لكومة الأموال التي يذكرها الفيديو والبالغة 2 تريليون دولار والتي تتدفق من الفقراء الى الأغنياء.

أو خذ مثلا قضية التغير المناخي: ان ازدياد معدل درجات الحرارة العالمية درجتين سيكلف أقاليم افريقيا وجنوب اسيا 5% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي(9), ويعد ذلك أكثر بكثير مما ستخسره الدول الغنية على الرغم من حقيقة أن الدول الغنية هي من تتحمل معظم المسؤولية في تسبيبها لهذة الكارثة. وخسارات بهذا المستوى تجعل من أموال المساعدات تبدو عديمة الأهمية.

تلك هي العوامل الرئيسية المسببة للفقر واللامساواة. وتلك هي المشكلات التي نحتاج الى علاجها.

-العجز الديمقراطي-

تجدر الإشارة الى أن الانقسام الجغرافي الذي يصوره الفيديو بين الشمال العالمي والجنوب العالمي لا يفهم بنفس الطريقة التي كان يفهم فيها سابقا. حاولنا اظهار تجسيد كل من الصين وروسيا لهذا الانقسام داخل حدودهم. لكن لو أردنا أن نكون أكثر دقة كان يجب علينا عرض ما تملكه مجموعة صغيرة وثرية من الشركات والأفراد الذين يمثلون طبقة عالمية مقابل ما يملكه أكثرية سكان العالم. لم يعد الانقسام الطبقي موجودا فقط بين الغرب وبقية العالم, بل هو الان انقسام طبقي على المستوى العالمي.

صحيح أن المؤسسات التي تتحكم في الاقتصاد العالمي (البنك الدولي, صندوق النقد الدولي, منظمة التجارة العالمية, والعديد من اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية أو غير الثنائية) محتكرة من قبل الدول الغربية. لكن ذلك لا يعني أن تلك المؤسسات تمثل مصالح الناخبين في تلك البلدان, لأن الأشخاص الذين يديرون تلك المؤسسات –محافظوا بنوك مركزية, وممثلين تجاريين ومن يعمل لصالحهم من أعضاء جماعات ضغط الشركات- لا يتم انتخابهم عبر أي عملية ديمقراطية.

يمتلك كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي القدرة على فرض سياسات اقتصادية على الدول النامية حتى وان رفض الناخبين والمسؤولين المحليين المنتخبين تلك السياسات بالاجماع. وفوق ذلك, تتمتع كلتا المؤسستين ب"الحصانة القانونية" التي تحميهم من امكانية رفع دعاوى قضائية ضدهم عندما تفشل قروضهم وعندما تسبب سياساتهم أزمات اقتصادية وكوارث بشرية.

وبعبارة أخرى, لا يقتصر الأمر على كون هذه المؤسسات غير ديمقراطية, بل أنها تزاود على الديمقراطيات المحلية وتلغي إرادة الناخبين في الدول المستقلة. ولا يوجد من يعين الشعوب المتأثرة بعواقب تلك السياسات لتحقيق العدالة.

ونرى نفس العجز الديمقراطي في الشركات. في الوقت الحاضر, لا تشكل الدول أغلبية أكبر الكيانات الاقتصادية العالمية بل الشركات(10). ويدير تلك الشركات رؤساء تنفيذيين غير منتخبين ولا يخضعون للمحاسبة من قبل أي مواطن, ولا يتحملون سوى مسؤولية المساهمين في تلك الشركات, ومطلوب منهم تحصيل أكبر قدر ممكن من الأرباح مهما كان أثر ذلك سلبيا على الحياة البشرية والكوكب.

غالبا ما تكون قوة تلك الشركات أكبر من قوة حكومات البلدان التي يعملون فيها. وأحد أسباب ذلك هو "اتفاقيات فض النزاعات بين الدول والمستثمرين" التي يفرضها صندوق النقد الدولي وأغلب اتفاقيات التجارة الحرة, والتي تسمح للشركات بمقاضاة الحكومات المحلية عند سنها لقوانين تقلل من أرباحها, مثل قوانين الحد الأدنى للرواتب أو قوانين الحد من التلوث.

-نحن بحاجة الى تغيير القوانين التجارية-

المحصلة هنا هي أن قوة الشركات تتعدى باستمرار على السيادة الوطنية. وعلينا أن نواجه حقيقة أن المؤسسات الديمقراطية التي عملنا جاهدين من أجل دعمها خلال القرن العشرين ما عادت قادرة على حمايتنا في هذا العالم الواعد.

نحن بحاجة الى تغيير القوانين التجارية, وعلينا أن نقوم بذلك بسرعة. ونظرا لوجود القوة الحقيقة في مستوى يتعدى الحدود الوطنية, علينا البدأ في بناء قوة ديمقراطية عالمية قادرة على ضبط الطمع المستشري والاستغلال.

ممكن أن يعني ذلك المطالبة بحد عالمي أدنى للضرائب المفروضة على الشركات مما سيضع حدا لسوء التسعير التجاري وللملاذات الضريبية. وممكن أن يعني ذلك المطالبة بحد عالمي أدنى للرواتب(11) مما سيخفف من الأثار السلبية الناتجة عن تنافس الشركات على تقليل كلف الإنتاج, والذي يضع العمال حول العالم بحالة تنافس وكأنهم يتسابقون نحو الوصول الى القاع. وبالتأكيد ذلك يعني انهاء تحكم مصرفيين صندوق النقد الدولي وخبراء منظمة التجارة العالمية بقوانين التجارة الدولية, ووضع تلك القوانين بأيدي مؤسسات جديدة تتمتع بالشفافية والديمقراطية.

طالما أن اقتصادنا عالمي فنحن بحاجة الى رقابة ديمقراطية عالمية عليه. هل بإمكاننا تحقيق ذلك؟ نعم. على أية حال, لا يوجد لدينا خيار, حيث يعتمد مستقبل البشرية والكوكب على ذلك. سيقولون أننا حالمون بسبب مطالبتنا بهذة التغيرات. لكن الحالمون هم الذين يتصورون أنه بإمكاننا تحمل وقبول الوضع الراهن.

(1) https://www.youtube.com/watch?v=q1Lxr8QRknk
(2) http://www.bloomberg.com/news/2012-11-01/the-world-s-200-richest-people.html
(3) http://www.theguardian.com/money/2006/dec/06/business.internationalnews_
(4) http://www.oxfam.org/sites/www.oxfam.org/files/cost-of-inequality-oxfam-mb180113.pdf
(5) http://hdr.undp.org/en/reports/global/hdr1999
(6) Contours of Descent: U.S. Economic Fractures and the Landscape of Global Austerity, Robert Pollin.
(7) http://iff.gfintegrity.org/iff2012/2012report.html
(8) http://data.worldbank.org/data-catalog/international-debt-statistics
(9) http://www.economist.com/node/14447171
(10) http://dstevenwhite.com/2011/08/14/the-top-175-global-economic-entities-2010/
(11) http://blogs.ft.com/economistsforum/2011/07/a-global-minimum-wage-system/
------------------------------------
الرسالة المرسلة مع المقال من قبل الكاتب:
النص المترجم جزأ من مقال للدكتور جيسون هيكل الأستاذ بجامعة لندن للاقتصاد, ومنشور باللغة الانجليزية على موقع الجزيرة انجليزي بتاريخ 14/4/2013.رابط المقال الأصلي: http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2013/04/201349124135226392.html



#حسام_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر النيوليبرالية: الثورة المختطفة


المزيد.....




- -أرامكو- السعودية توقع صفقة استحواذ ضخمة
- مشروع ضخم جديد بين مصر والسعودية
- مصر تستعد لبناء سفن جديدة مع الصين
- روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى
- بيسكوف: -عسكرة- الاقتصاد البريطاني -تمويه- لوضع اقتصادي صعب ...
- تقرير لصندوق النقد: مصر تعهدت بالكف عن الاقتراض المباشر من - ...
- الصين تقود سوق السيارات الكهربائية بالعالم
- شاهد.. أبرز تداعيات الحرب في غزة على اقتصاد كيان الاحتلال
- تطورات الدعوى لوقف صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل
- الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسام عامر - حقيقة التفاوت الصارخ في توزيع الثروة العالمية