أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مهند البراك - هناك . . عند الحدود (4)















المزيد.....



هناك . . عند الحدود (4)


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 4439 - 2014 / 4 / 30 - 12:06
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الفصل الثاني
توزلة . .

في الصباح الباكر لليوم التالي وصلت قافلة الأعور الى طريق حيوانات ضيّق يمتد على حافة مرتفع من مرتفعات جبل شاهق واسع القاعدة هو جبل " مامندة " لينعطف بشكل حاد الى اليمين في طريق يمتد نزولاً . . . و مرّت القافلة في بداية الإنعطاف بعدد من المسلحين على طرفي الطريق، كانوا من بيشمركة نقطة الكمرك القائمة قبيل دخول قرية نوزنك . . . حيث نزل الأعور و سلّمهم كيساً مغلقاً استلموه منه بهدوء، ثم عاد الى حيوانه و واصلت القافلة المسير .
وفي العادة لاتقوم نقاط الكمرك باستلام ضريبة الكمرك فقط، و انما تستلم رسائل مغلقة معنونة الى اشخاص معروفين في البيشمركة او الى جهات حزبية بعينها، اضافة الى رسائل و اغراض شخصية من اهالي الى ذويهم الموجودين في البيشمركةالأنصار، اضافة الى صحف و مطبوعات حكومية عادة ما تنظم ارسالها التنظيمات السرية الموجودة في المدن . و على ذلك فإن نقطة الكمرك تلك تتكون من افراد متعددين من قوات البيشمركة، و للنقطة غرفة مبنية من الحجر، تستخدم للخزن و لأستراحة افراد الكمرك .
و قرية نوزنك من القرى الحدودية التي هجّرت اثر اتفاقية الجزائر عام 1975 (1) ، تمتد بيوتها على جانبي جدول ذي خرير مسموع يسمى (خري نوزنك ) الذي يتكون من ذوبان ثلوج جبل مامنده . . حيث تتوزع المقرات الشتوية لأحزاب معارضة الدكتاتورية الكوردية والعراقية ـ التي لم تكن على وئام دائماً ـ على جانبي الجدول المنحدر وفي قطوع واعطاف منحدرة لجبل "مامنده" ، اضافة الى انتقال قسم منها الى المناطق المقابلة عبر وادي عميق خلف الجبال في منطقة تسمى "دولي تو" ،
و تقع نوزنك ضمن الأرض الحرام للشريط الحدودي الذي حرّمت فيه الحياة و اعتبرت كل الأحياء المتحركة هناك من بشر و حيوان، اضافة للنبات اهدافاً عدوة يحق للجيش و للطيران الحربي تدميرها، و قد استطاع عدد من رجال البيشمركة الذين كوّنوا وحدات منهم بعدئذ التشبث بها، وترميم غرفها المدمرة و الأحتماء في اركانها الشديدة الوعورة . . رغم قصف المدفعية والطيران الحربي والسمتي المستمرين والأنزالات وتقدمات وحدات جيش صدام من جهة ، وجيش الشاه من جهة ثانية ، لمحاولة (تطهيرها) والقضاء على البيشمركه فيها، الاّ ان بؤرة البيشمركه الثورية فيها استطاعت ان تثبّت نفسها و تحتمي بارضها و تتوسع رغم كل الصعوبات . .
اثر ثبات البيشمركه هناك وبنائهم مقراّت شتوية ضرورية لتأمين الارزاق و العمل الإداري والأذاعة ، والطبابة للعناية وايواء الجرحى الخطرين ، وتأمين الدفاع الضروري المضاد للجو (دوشكات) . . . عاد بعض اهالي القرية المدمّرة محتمين بالبيشمركة، و رمموا بعض الدور واعادوا بناء عدد منها في مواقع اكثر اماناً . ولمّا كانت القرية واقعة على احد خطوط التهريب بين "قلعة دزة" و مجمّع " بست ستين " من جهة العراق، و "سرد شت " مروراً بقرى "بيوران" ، "بنوخليف" و " كاني زرد " من جهة ايران ، فأن الحياة سرعان ماعادت اليها نشيطة ، اثر الثورة الشعبية الأيرانية حيث ضعفت و اختفت الرقابة الشاهنشاهية في ذلك الجزء الحدودي الكردستاني العراقي ـ الأيراني .
و اصبح "عبد الله اغا " الذي كان من اغوات المنطقة، وزوجا ابنتيه مسؤولي الكمرك في تلك القرية ، فكانوا يجبون الضريبة عن كلّ حيوان محمّل يمر، وقد اتّهموا من البيشمركة الآخرين مراراً بالأختلاس وعوقبوا بسبب ذلك و تمت تنحيتهم لفترة ثم أُعيدوا . . . و بسبب تعدد الأحزاب هناك فإن الحزب القوي هو الذي يسيطر على نقطة الكمرك تلك لجباية الأموال له او يُتفق على تقسيمها، كما في نقاط الكمرك المتعددة الأخرى، في وقت بلغ فيه عدد الحيوانات المحمّلة المارة ، بضعة مئات يومياً . .
وكان ذلك الكمرك سبباً لكثير من المشاكل بين الإتحاد الوطني ـ اوك ـ و السوسياليست ـ حسك ـ الذي كان يجبي الضرائب من نقاط اخرى، و وصلت تلك المشاكل مراّت متعددة الى صدامات مسلّحة راح فيها قتلى و جرحى من الطرفين، حيث كانت واردات ضرائب الكمارك هي التمويل الداخلي الأساسي الذي تعتمد عليه الثورة في حياتها و استمراريتها
كان طريق الدواب الرئيسي يقطع سوق القرية ـ الفروشكاه ـ متجهاً الى الجانب الإيراني، و امتاز بعدد الماريّن الكبير من العراق عبر القرية، و ضمّ مهرّبين و حيواناتهم المحمّلة بالبضائع، صحبة كروانجية يحملون اشخاصاً من قوميات مختلفة . . عرب، كورد، فرس ، كلدانيين حيث يسمع المار من هناك عدة لغات يجري الكلام و التعامل بها في السوق بحرية. و يرى شباباً، نساء و عوائل ، اطفال، و هم يلبسون ملابس مدنية ، كوردية عموماً، واحيانا عربية، و يشاهد نساءً بعباءات ، و بدونها . .
كان الكثير من الموجودين في السوق مسلحين باسلحة اميركية، روسية، ناتو، بنادق برنو، برشوت، او بمسدسات تتدلى ظاهرة على جوانبهم و من مختلف الماركات : مكاروف ، جوارده خور، ابو البكرة . . وكان الكلاشنكوف سيد الأسلحة الظاهرة، بانواعه؛ اليوغسلافي ، العراقي ، الصيني ، وقليل من الروسي الأصلي.
و يُشاهد بعض الماريّن و هم يحملون اقفاص دجاج ، وقلة تحمل اقفاص "القبج" الذي ينطلق بتغريده احياناً لدى رؤية مثيله و هو محمولاً بقفص ايضاً، مثيراً انتباه وابتسامات الماريّن والمتمددين في زوايا القطوع غير بعيد عن حيواناتهم المتمددة ايضاً، التي تهرش جلودها بعد حُلّت امتعتها و احزمتها . . اثر سفر شاق، و بعد شعور بالإطمئنان اثر سلامتهم ونفاذهم من كمائن السلطة العراقية وجحوشها . .
كان عديد من الكروانجية في رواحهم و مجيئهم في السوق . . يحملون المسجلات ذات البطاريات، و عادة ما تكون مفتوحة على اعلى صوتها و هي تبث الأنغام العالية، فكانوا وهم راكبين على ظهور حيواناتهم ، يسمعون اغاني حسن زيره ك ، محمد عارف جزراوي ، محمد جزا ، ئايشة شان ، مهستي ، كوكوش ، اضافة الى اغاني ؛ بنات الريف و اغاني ريم و حضيري ابو عزيز بالعربية، التي تعشّقوها عندما كانوا مبعدين ومهجّرين الى مناطق اهوار الجنوب و عموم جنوب العراق و احتضنتهم العشائر العربية هناك، اثر الإنهيار المؤسف للثورة الكردية . . كما قال كثير منهم آنذاك .
و يشاهد المرء " محلاّت " السوق تبيع من البضائع المهرّبة من الجهتين بأسعار لابأس بها كما قيل و انتشر آنذاك، حيث كانت تبيع الطحين ، السكر ، شاي "بغداد" الشهير ، الدهن والزيوت النباتية ، الالبان وحليب الاطفال المجفف، و غيرها .
و لاحظ صاحب عند مرورهم بالسوق ان هناك حركة غير طبيعية في السوق، فإضافة الى تقاطر قوافل الحيوانات المحمّلة بالبضائع من الجهتين، و الإنشغال بتفريغها و بعمليات البيع و الشراء بالدينار العراقي و بالتومانات الإيرانية، و تعاملات كبيرة بالدولارات ايضاً . . كان كثيرون منشغلين بتنظيف غرف مهدّمة من السابق و تستخدم حالياً كمحلات للبيع، و آخرون منشغلين بترميم و بناء سقوف لغرف اخرى . . بينما كان قرويون يسحبون جثة بغل ميّت كانت في باحة السوق . .
و عرف بعدئذ ان قصف جويّ عنيف وقع نهار اليوم السابق على المنطقة و السوق، كما قال الأعور . . حيث كان ذلك القصف جزءاً من محاولات الدكتاتورية لقطع الطريق على الخارجين عن سلطتها، و منعهم من الإلتحاق بمنظمات البيشمركة في جبال كوردستان، و منع قيام اي تجمّع جديد لها . . بالكمائن العسكرية والقصف الجوي المركّز العنيف بالقنابل والصواريخ والمدفعية، الذي تفقد فيه دائماً اعداد من المدنيين الأبرياء حياتهم من جراّئه . . اضافة الى ارسالها المخربين والقتلة واجبارها من ضعفوا امام جلاديها ومن تم شرائهم وخانوا او اجبروا على الخيانة . . للقيام باعمال اغتيال و تخريب و تسميم في مناطق البيشمركةالأنصار .

عند السوق افترقوا عن الأعور . . و بقي معهم الرجلان المسلّحان السريّان اللذان اخبرهم مام بيرووت سراّ عنهما . حيث خرجوا من السوق من طرفه الآخر و استمروا صعوداً ماريّن بين مرتفعات جبلية تصل الى سمت يشبه حائط جبلي، عبروه و استمروا في مسيرتهم نازلين نحو وادي انفتح امامهم مغطىّ باشجار جوز كبيرة . .
ثم وصلوا الى خيمة كبيرة مشرّعة كما بدا على حائط واطئ مبني بالحجر و الطين بشكل مربع، بني لها . عند وصولهم نزلوا من الحيوانات كما فعل مرافقاهما المسلحان . . في وقت خرج فيه من الخيمة صدفة المناضل العمالي " ابو شاكر"(2) بملابسه الكوردية، و الذي حملق بنظارته الطبية في وجه صاحب لبرهة، ثم عانقه عناقاً حاراً، وشعر صاحب و هو يعانقه بالفة كبيرة مع المكان، وشعر به كما لو انهما يلتقيان في احد احياء بغداد، كما كانا يلتقيان و هما جاران، صاحب مع اهله و " ابو شاكر " مع زوجته في بيت اهلها .
و تصافح ابو شاكر مع الصحفية (3) و زوجها حسن بحرارة و قال لمن كان واقفاً قرب مدخل الخيمة، ان يرافقهما الى فصيل بغداد ؟! ودعى صاحب للذهاب معه الى خيمته بعد ان يتركا خيمة المخزن الكبيرة . . حيث دعاه الى شرب الشاي . وكانت ضيافة دافئة حميمة في خيمة كانت تقابل خيمة منصوبة في مكان اعلى قليلاً ، سميت بخيمة القيادة .
و قد خصصت خيمة ابو شاكر للأدارة والمكتبة اضافة الى احتوائها على صناديق من المقوى رتبت بعضها فوق بعض و كأنها رفوف، وضعت فيها ادوية متنوعة كطبابة . . حيث كان ذلك التجاور ضرورياً لأن من كان يأتي الى الموقع من مجاميع الأنصار التي انتشرت كفصائل في اخاديد الجبال المحيطة، كان يستطيع تسليم رسائل مكتوب فيها، حاجات الوحدات للمواد الإدارية و العسكرية المطلوبة و استلامها عينياً، وانجاز عدة مهام في وقت واحد، لأن اتمام ذلك يمكن ان يتم في مكان واحد . . مكاناً يضم مقر مكتب القوة .
و قال ابو شاكر بأنهم في المنظمة ينتظروه لحاجتهم الماسة الى طبيب في مقر الأنصار، و اخبره بأن آمر القوة هو المناضل توما توماس " ابو جوزيف " ، و ان الموقع يدعى " توزله " على اسم القرية المهجّرة التي يشغلون بيوتها بعد ان اصلحوها . . و قد التقى صاحب للمرة الأولى بـ " ابو جوزيف " بعد ان سمع الكثير عن نضاله الأنصاري و مواقفه، وكان لقاءً حميماً وكانه يلتقي بصديق يعرفه من زمان بضحكته المشرقة و هو يرحّب به قائلاً :
ـ اهلا وسهلاً بك بين اهلك من جديد ! تحتاج شوية راحة في البداية . . . سيكون مضيفك " ابوشاكر" .
و تحدث توما توماس لصاحب بأن تجمعهم ذلك يعني تجسيد لأرادة رفض ارهاب الدكتاتورية و السعي لمواجهتها بالدفاع عن النفس اولاً بتشكيل ملجأ آمن للمناضلين المطاردين من جحيم الأرهاب، ممن ضاقت بهم السبل لمواصلة الحياة في بلادهم، والعمل على رص صفوفهم ثم معاودة مواجهة ظلم السلطة المنفلت، من موقع المساهمة في الثورة الكردية في جبال و ارياف كردستان العراق، و الأنطلاق من هناك نحو عموم العراق، بمختلف الطرق التي من الممكن ان تناسب تلك المرحلة الغاية بالصعوبة .
و قد ساعد في ذلك الهدف من امتلك خبر الكفاح المسلّح وساهم في فصائل الثورة الكوردية القومية التحررية، منذ الستينات ضد انظمة الحكم الفردي . و الآن تتكون المنظمة من مناضلين و مناضلات سواءً من المدن الكوردستانية او العربية، اضافة الى من قدم من الخارج لأصراره على النضال من اجل اسقاط الدكتاتورية تدريجياً، وفق ظروف ومعطيات تلك الفترة وموازناتها وبتشجيع القوى الوطنية العراقية الكردية والعربية آنذاك.
شجعهم في ذلك، انتصار الثورة الأيرانية عام 1979 التي قبرت والى الأبد نظام الشاه الدموي، وتسببت بنهضة شعبية واسعة في عموم المنطقة، و ضربت المثال الكبير على نجاح المواجهة الشعبية وامكان انتصارها مهما كانت السلطة الظالمة مدججة حتى الأسنان بالسلاح في مواجهتها للشعب .
و قد تشكلت قاعدة توزلة و ركائزها في الأرياف المهجرة لمحافظات منطقة سوران في قضائي قلعة دزة و جوارته، اضافة الى المفارز الجوالة في مناطق كرميان ودشت اربيل وكويسنجق. وسط ترحيب ودعم القوى القومية التقدمية الكردستانية التي بدأت في النضال المسلّح في كردستان قبل خروج الحزب الشيوعي الى المعارضة المسلحة .
وبعد عدد من الفعاليات العسكرية الأولية الناجحة التي استهدفت استقبال الجدد من الداخل (اضافة للقادمين رجالاً ونساءً من الخارج) واقامة العلاقات مع ابناء الريف والقرى الكوردستانية وتوضيح سياسة الحزب وموقفه لها، واقامة وتأمين الأتصالات بين القواعد، والتغلب على صعوبات متنوعة، استطاعت تلك النواتات ان تتصل وتنسّق ( وان تشكّل مكتب عسكري وادارة موحدة بعد ذلك).

ساعد وجود صاحب بالقرب من ابو جوزيف على ان يلتقي به كثيراً، و كانا يتحدثان و يتناقشان في امور لاحدود لها وخاصة حول ما كان يدور من احداث آنذاك في موقع " توجلة " و حوله و كان كثير الأصغاء لآرائه وحكمته من تجربته في البيشمركة وتصوراته المتفائلة لآفاق الحركة، في تلك الظروف القاسية الدموية التي كانت فيها النظريات تتهاوى امام قساوة ودموية ماكان يجري .
كانت صورة انصار الجبال والغابات في مخيلة صاحب ككل طلبة اواخر الستينات، حين كانوا متأثرين وبشكل رومانسي بنضال حركات الأنصار التحررية في العالم التي شكّلت آنذاك المثال الملهم لشباب تلك المرحلة، حين تصاعد فيها نضال الحركة التحررية في كوردستان العراق واستطاعت ان تحقق جزءاً هاماً من برنامجها، اضافة الى تصاعد نضال حركة المقاومة الفلسطينية في المنطقة آنذاك . . حين كانوا متأثرين بشكل خاص بمآثر القائد الأنصاري الطبيب جيفارا، الذي حصل صاحب على مذكراته الأصلية للمرة الأولى من المناضل حبيب المالح (4).
لم يكن في الموقع آنذاك الاّ بضعة قطع سلاح لم يتجاوز عددها اصابع اليدين لأعداد من الملتحقين ناهزت المئتين . . وكان ابو جوزيف يقول " لاتقلقوا من ان لاسلاح عندنا الآن . . نحن في بدايات حركة انصار ككل بدايات حركات الأنصار، التي عندما تكون مع الحق سيأتيها السلاح " ، " املي ان ترون قطعان النظام وهي تفرّ فرار الجبناء، بل وبسرعة بحيث لانستطيع اللحاق بها !! . . وسنتسلّح من الغنائم التي نحصل عليها منهم او سيتركوها عند فرارهم !! " .
و فيما كان صاحب يرى في تلك الأحاديث احلاماً خيالية . . الاّ ان احاديث ابو جوزيف تلك، حين كان يتحدث بهدوء واحترام وجدّ، كان لايترك لديك الاّ الثقة بانك امام رجل عركته الحياة وعرك حياة الأنصار، و انه يعرف مايريد . . منطلقاً من الواقع الحقيقي للأمكانيات وكان يدلّ من حوله على طريق تطويرها بصبره في الحديث معهم، بعيداً عن المبالغة وعن الكذب (الأبيض) .
كانت الحياة اليومية في توزله بالنسبة للأغلبية من اهل المدن، تسير بشكل رتيب، فاضافة الى النهوض الصباحي فجراً كي يتسنى تناول الفطور الذي تكرر كجوز و خبز و شاي ثم تطور الى تعزيزه بيومين لبن بدل الجوز. . ثم الإنتشار للوقاية من مخاطر القصف الجوي، و كثيراً ماكان يذهب الأكثر انسجاماً معاً لتبادل الحديث، البعض مع كتاب او اي مطبوع ليقرأ، او لزيارة صديق في فصيل ما بعيداً عن مقر توزلة بعد اخذ الإذن من مسؤول الوحدة . .
و عادة مايبقى النصير الخفر للقيام بأعمال الخفارة ـ اعداد الطعام و الشاي ـ، حيث تبدأ الخفارة بالإستيقاظ قبل الجميع بنصف ساعة، كي يتسنى عمل نار الموقد من الحطب المُعد للخفارات، لإعداد الشاي و الفطور . . و يستمر في طبخ طعام الغداء الذي يتكوّن عادة من تمن احمر و تمر و شاي واحياناً مرقة فاصوليا او اية بقوليات مجففة اخرى قد تتوفر، وعادة ما كان قسم ينام بعد الغداء و لاحظ صاحب ان النوم تحت اشجار الجوز يكون في العادة عميقاً، و بعد الإستيقاظ منه يشعر المرء بأنه منحل الجسم قد لايقوى على الحركة، وكان ذلك امراً معروفاً للقرويين . . بسبب الزيوت المنوّمة التي تتقطّر قطرات دقيقة تنزل كخيوط لامرئية من اشجار الجوز، الخيوط التي يمكن رؤيتها فقط بزاوية نظر محددة في مواجهة الشمس.
ثم يأتي العشاء المتكون في العادة من جبن معلب و خبز و شاي، الى ان حلّ العدس فبدأ طبخ شوربة العدس لسد اي نقص في اي وجبة من وجبات الطعام . . و بعد العشاء يذهب الجميع لجمع الحطب الذي كان يتوفر في وادي قريب من المنطقة المهجرة من اهاليها منذ اربع سنوات . .
كان اداري القوة، الشخصية الموصلية المعروفة ابو احمد (5)، الذي كان اداريا ناجحاً و كان حريصاً على ان تكون هناك وجبة لحم او دجاج او علبة سمك اسبوعياً، و كان حريصاً على اطعام المرضى و الجرحى وفق الإرشادات الطبية .
و قد غطّت مصاريف القوة ما كانت تحصل عليه من دعم مالي من قوى البيشمركة المتواجدة الأخرى كقرض او ديون يجري تسديدها في العادة من الدعم الأممي من منظمات شقيقة و صديقة و من منظمات انسانية دولية تدعم اللاجئين . .
لم يكن وضع البيشمركةالأنصار في القاعدة وضعاً منسجماً، ويمكن ان حالة الجلوس في المقر دون حركة قد لعبت دوراً هاماً في ذلك، و يعود ذلك الى قلة عدد المدربين او من اصحاب الخبر و بسبب عدم وجود السلاح، و عدم توصّل قيادة الحزب الى قرار موحد بحمل السلاح كما عبّر اكثر من كادر و قيادي عن ذلك . . في الوقت الذي تتواصل فيه عودة عدد يزداد وضوحاً من المناضلين الشباب كمتطوعين لمنظمة الأنصار من الخارج، وهم مدرّبون و مستعدون لممارسة العمل المسلّح، بعد ان تهيّأوا لذلك سياسياً ومعنوياً وتدربوا على انواع الأسلحة، بل و ان عدداً منهم مارس العمل المسلح فعلاً، سواء بالاشتراك في المقاومة الفلسطينية او اللبنانية و غيرها و قدّموا عدداً من الشهداء . . والأهم من كلّ ذلك انهم قرروا العودة والنضال بالسلاح .
في حين لم يكن المناضلون القادمون من الداخل، موحدي الوجهة، حيث كانوا خليطاً من مناضلين مصممين على مواجهة عنف الدكتاتورية بالعنف للدفاع عن الشعب، ومن آخرين كانوا يريدون مكاناً آمناً بعيداً عن يد السلطة المجرمة ولكن بدون التزام بواجبات تتطلبها المنظمة لكي تعيش وتناضل، وكان آخرون يريدون الخروج من العراق والهروب من جحيمه لاأكثر، و قد نجح عدد بوقت مبكّر في الخروج من العراق الى الدول المجاورة ومن هناك الى بلدان اوروبا الشرقية التي استقبلت قسماً منهم و ليس جميعهم، لمن استطاع الوصول اليها بداية، و لم تعد تقبل المزيد بعدئذ . .
كان بعض الأنصار من النوعين الأخيرين قد وجدوا طريقهم الى قواعد الأنصار الأولى، بطرق فردية، بسبب تعاطف الجماهير مع المناضلين ضد الدكتاتورية من جهة، الاّ ان الأمور تعقّدت بعد ان التحقت اكثر من مجموعة عبر محطات ملغومة برجال المخابرات ، الأمر الذي اوقع قاعدة توزلة ـ نوزنك في صعوبات هائلة لفرز العناصر الأمينة عن المرسلة والمخرّبة، لأن عدد منهم كان قد اعتقلته السلطة و اطلق سراحه، ومن كان يزكيه قبل الأعتقال لم يستطع ان يزكيّه بعد اطلاق سراحه .
الأمر الذي تسبب بارتباك و اختلاف بين من كانوا يريدون مقاومة الدكتاتورية والتهيؤ لمواجهتها بالسلاح، ووجهة اخرى لاتريد ذلك بسبب عدم قدرتها و عدم قناعتها، او عدم الثقة بقيادة القوة الحديثة التشكّل . و اضافة الى ذلك الإرتباك، غلّف البعض طموحاتهم المتنوعة بالمزايدات السياسية والسخرية والأستهزاء بالأنصار الجاديّن، و بالتحريض ضد مسؤولي القاعدة بل ووصلوا الى محاولة تشكيل قاعدة ومنظمة مستقلة لهم وطلبوا من احدى الجهات السياسية الكردستانية اسلحة و ما يمكن لبناء مخيّم لهم . . و استفسرت تلك الجهة من مسؤولي القاعدة عن فلان و فلان . .
وما زاد تلك التعقيدات حدة، ان عدداً من مسؤولي القاعدة و مسؤولين حزبيين آنذاك كانوا نموذجاً غير مقبولاً امام الأنصار و بعضهم لعب ادواراً انانية في توظيف الأختلافات بين الأنصار لصالحه ومناصبه بدلاً من المساهمة على حلّها واججوا الخلافات وافتعلوا الأخرى، مستفيدين بشكل غير مشروع من حصانة مواقعهم واسرارهم.
ورغم كل تلك الصعوبات والتعقيدات المذكورة، كان هناك عمل متفاني لعديد من اعضاء وكادر المنظمة لبناء منظمة بيشمركةانصار جديرة بما يكنّ الناس لها من حب واحترام ولأيقاع الضربات الموجعة بالدكتاتورية .فبعد ان كان سلاح المنظمة يتكون من الأسلحة الشخصية للبيشمركة الأوائل، استطاع عدد من البيشمركةالأنصار الحصول على السلاح بطرق شخصية و فردية متنوعة، اثر سقوط عدد من المعسكرات في كردستان ايران بيد الجماهير الثائرة هناك حينما اندلعت الثورة الشعبية في شباط 1979 ، و تركت العديد من قطع السلاح و العتاد بعضها نُهب من فقراء و بعضها الآخر من سماسرة و بيعت باسعار بخسة في شوارع المدن الكوردستانية الإيرانية آنذاك . .
حيث استطاع عدد من البيشمركةالانصار الحصول على اضافة لعدد من الأسلحة الخفيفة، اخرى ساندة وكميات كبيرة من العتاد اضافة لأجهزة اتصال لعبت دوراً هاماً في البدايات رغم موديلها القديم وثقل وزنها وصعوبات نقلها الى سلاسل الجبال الشاهقة و البعيدة، حيث نقلوها مواصلين الليل بالنهار وسط انواع الكمائن والنيران والقصف المدفعي والصاروخي العراقي والأيراني . .
ومن ناحية أخرى حصل عدد من الأنصار على اسلحة على سبيل الأعارة من بيشمركة الأحزاب الكردستانية المتواجدة هناك، وخاصة الأتحاد الوطني الكردستاني والسوسيالست ـ اضافة الى الحصول عليها اعارة من الحزب الديمقراطي الكردستاني في بهدنان ـ ، بواسطة اقاربهم واصدقائهم الناشطين فيها، واعادوها لهم بعد حصولهم على اسلحة واعتدة جديدة كغنائم في المعارك الأولى ضد مرتزقة السلطة الدكتاتورية.
لقد كانت شحة السلاح والعتاد احدى اكبر المشاكل في البداية وكان مكتب القوة المعينة يجمع الأسلحة اينما توفرت لدى انصاره لتسليح اية مفرزة انصارية كان يقرر نزولها، ثم تعاد الأسلحة لمالكيها، بعد عودة المفرزة من واجباتها.
ثم توفّر السلاح والعتاد بطرق متعددة بعدئذ منها المصادرة، الشراء باسعار رخيصة من الأهالي الذين كانوا يحيطون بميادين الصدامات و اماكن انهيار المعسكرات الشاهنشاهية اثر الثورة الإيرانية ـ و تبعها لاحقاً شراؤها من الأهالي و ممن كانوا يحيطون بميادين معارك الحرب العراقية الأيرانية، و جمعوا الأسلحة المتساقطة ليبيعوها بسرعة و احيانا بأي ثمن ـ ليكون المصدر الأساسي بعد ذلك ، الحصول عليها كغنائم من المعارك ضد وحدات الدكتاتورية المسلحة، اضافة الى طرق اخرى متعددة في بلد امتلأ بانواع الأسلحة ـ .
كلّ ذلك ادى الى ان يضع مكتب القوة برنامجاً لتدريب البيشمركةالأنصار و إشغالهم بأعمال تفيد المنظمة، فأقرّ القيام بدورات عسكرية على الأسلحة الخفيفة، و على المدفعية . . نظرية و عملية، التي اتخذ لها فصيل جمع الشباب و شغل موقعاً سانداً لموقع قيادة القوة، كمقرٍ للمدفعية . .
و اقيمت دورة لتعلّم اللغة الكوردية لمن لايجيدها من الأنصار العرب و لغيرهم. و نظّمت حملات واسعة يومية لجمع الحطب بما توفّر من المنطقة المحيطة . . اضافة الى حملات لتعلم تقطيع حطب الطبخ و المواقد في الأماكن البعيدة عن المقرات . .
و اقام صاحب دورة طبية لـ : تعليم زرق الأبر ، قطع النزيف، انقاذ الحياة، معالجة الحروق . . و كانت الدورة على درجتين، درجة للمعلومات العامة لعموم البيشمركة، و درجة اعلى لمن تشخصهم الفصائل ليكونوا مضمدين فيها، حيث تتضمن الأخيرة مواداً اوسع و تتطلب معرفة اولية باللغة الأنكليزية لمعرفة عدد من الأدوية و طرق استخدامها . .
في تلك الفترة طلبت قوى بيشمركة كوردية ايرانية برسالة الى ابو جوزيف، امكانية دعمه لها في عملية عسكرية لمهاجمة معسكر شاهنشاهي ايراني استمر آمريه على سياستهم السابقة في محاربة و قمع الشعب الكوردي في ايران، في زمن كثير التشابك و التغيّر في مناطق كوردستان العراقية و الإيرانية . .
فاستجاب و بقرار من قيادة القوة لدعمها، وشكّل لذلك الغرض قوة بيشمركةانصار بحدود خمسين مقاتل، استكمل تسليحهم من تلك القوى . . و بسبب تحقيق النجاح بوجود قوة ابو جوزيف اساساً، اهدت تلك القوى منظمة الأنصار كمية غير قليلة من السلاح و العتاد و السلاح الساند . . الأمر الذي حسّن تسليح منظمة الأنصار بشكل ملحوظ .

كان صاحب يزور الفصائل كلما توفّر لديه الوقت، ليتفقد البيشمركة المرضى، سواء من كانوا لايستطيعون القدوم الى الطبابة بسبب ضعفهم البدني، او من كان يسمع باحوالهم من رفاقهم، حيث كانت مراجعات القرويين بنسائهم و اطفالهم اكثر بكثير من مراجعات البيشمركة، الأمر الذي افرح الجميع لأنه يعني التفاف الناس و القرويين هناك حولهم و استعدادهم لمساعدتهم في اوقات المحن، و ذلك ما كان يجري .
و مما كان يؤلمه ان الأدوية التي تحت يديه كانت محدودة و تنعدم في حالات ليست قليلة، فكان يكتب الوصفات الطبية بالإنكليزية لأهالي القرى الذين كانوا يرسلون لشرائها بيد اقاربهم و معارفهم ممن كانوا في القوافل الذاهبة الى سردشت و القادمة منها، و كانوا بدورهم يشترون الأدوية التي يحتاجها الأنصار بكميات قليلة . . و لكن بصورة متواصلة، و اغلبهم تبرع بها ولم يأخذ ثمن شرائها .
و لكنه كان يواجه حالات مرضية او اصابات يتطلب علاجها ارسال البيشمركة الى اختصاصيين او الى مستشفى في مدينة لإجراء تحليلات مختبرية و تشخيصات شعاعية و غيرها، الأمر الذي تطلّب امكانيات للصرف و للذهاب الآمن الى المدن الإيرانية و الرجوع منها . . كحالة بيشمركة اصيب بقذيفة فوسفورية متشظية في اطرافه السفلى، كانت شظاياها ماتزال تحرق الأنسجة المصابة بها مسببة حروقاً كيمياوية . .
و كان عدد من الجرحى و المرضى الخطرين من السوسيالست يأتي بهم مرافقوهم بشكل سرّي من حسك، بسبب العداوات و الصدامات الدموية بين الأطراف الكوردستانية آنذاك . . . في وقت كانت فيه طبابات قوى البيشمركة الكردستانية تتعاون حقاً بينها لصيانة و انقاذ ارواح عموم البيشمركة . . الأمر الذي لعب ادواراً هامة في التأثير على منظماتهم المتنوعة لسلوك السلوك نفسه تجاه حالات الخطر الذي يستهدف الجميع معاً . . في خضم صراعات لم تستفد منها الاّ الأنظمة المعادية لقضية الشعب الكوردي . .

و لاحظ صاحب ان الغالبية الكبرى من الأمراض التي عانى منها البيشمركةالأنصار آنذاك، كانت لأسباب نفسية و عصبية كنتائج للأرهاب و المطاردات و الإعتقالات و التعذيب، ثم الإنتقال الى حياة في الجبال بعيداً عن الأهل و الأصحاب و عن الحياة المنزلية و العائلية الطبيعية . . خاصة و ان البيشمركةالأنصار كانوا من اصول و معاناة و انواع حياتية كثيرة الإختلاف، وهي امور كانت معروفة للبيشمركةالأنصار القدامى و ذوي التجارب الطويلة، الذين امتازوا بالصبر و طول النفس في مساعدة رفاقهم المصابين بتلك الحالات . .
و كانت مشكلة المشاكل في ذلك المجال مشكلة البيشمركة الشجاع " خالد باديني " ، الذي انفجرت آلامه النفسية و العصبية و معاناته، و دخل في حالات صعبة من تداخل الوعي و الكآبة و الحب و الكراهية و الرغبة في الإنتقام من الأعداء، فيما امتاز بقوة عضلية و تصميم كبيرين . . اديا به الى الصعود الى الجبل و مهاجمة رفاقه الذين عسكروا في احد قطوعه الصخرية العميقة بالقاء الصخور عليهم بعد ان ترائى له انهم اعدائه، و هم لايستطيعون ايقافه وفي اوقات مفاجئة سواء في الليل او في النهار . . و تسبب بجرح عدد منهم بجروح و اصابات ليست بسيطة . . الأمر الذي ادىّ ببيشمركة فصيله ان يربطوه على سرير، و صراخه و عويله لاينقطعان . .
الى ان حصل صاحب على ادوية مهدّئة قوية و زرقها له في الوريد و بقي تحت تأثيراتها مستعيداً هدوئه و اخذ يعتذر لرفاقه مما عمله معهم . . ولكن تلك الحالات استمرت تعاوده بين حين و آخر . . الى ان تم تدبير طريق له للسفر الى الخارج، ليعود بعد عامين شاباً جريئاً قاد بنجاح عدة مفارز و دخلوا في معارك انتصروا فيها بأمرته . .
و لمواجهة تلك الحالات الطبية و معالجتها احتاج صاحب كتابه الثمين الذي جلبه معه كتاب الأمراض الداخلية بالأنكليزية، فكان يقرأ بشكل يومي متواصل فيه لمراجعة معلومات و متابعة ما هو مفيد فيما لايعرفه لمواجهة الحالات المعقدة التي تمرّ عليه ، و لمّا لم يكن لديه وقت في النهار لكثرة المراجعين من البيشمركة و الأهالي، كان يبقى ساهراً مغلقاً باب الخيمة منكباً على كتابه الطبي و الكتب الطبية الجراحية الاحدث حول جراحة الاصابات . . على ضوء الفانوس. و قد فوجئ يوماً بهدية من وحدة الإدارة حملها اليه الإداري النشيط سركوت (5) و كانت مصباحاً يعمل على البطاريات الجافة، وشعر بفرح كبير لأهتمامهم به و بما يقّدم من خدمات .
و فيما ازداد حماساً و رغبة في القراءة على ضوء المصباح ذي البطارية الذي جلبه معه سركوت كهدية من الإدارة، وانحلت بذلك مشكلة ظلام الليل الطويل . بقيت مشكلة " ابو شاكر" الذي لم يستطع الكف عن الحديث بشؤون ماضٍ لم يعد ذا اهمية في ذلك الوقت، وهم يواجهون حياتهم الحالية ويتحدون نظاماً مدججاً حتى الأسنان باحدث تكنولوجيا الحروب و السلاح . .
و ببقائه مستيقظاً في الليل، تعلّم اشياءً جديدة عن الليل في الجبال، فعرف من مواء القطط ان قططاً برية تعيش في الجبال، و شاهد احداها يوماً و هي تتسلل بجنب قطع صخري ظليل، كانت بنيّة اللون مرقطة بالأسود الفاقع المختلط بالبني، وشاهد يوماً بوماً متوسطة الحجم . .
وسمع صرير تصوره صرير افعى الاّ انه كان صرير فئران جبلية . . فيما كان يسمع في ليالي متباعدة الحان و اغاني فيروز الذي عرف ان ابو جوزيف كان يسمعها من الراديو المخفّض صوته من خلال برنامج اسبوعي لأحدى المحطات العربية، حين كان يجلس في الظلام وحيداً متّكئاً بظهره على القطع الصخري، المقامة عنده خيمة مكتب القوة في الفسحة التي امامها.
و ذات ليلة خريفية ، حين كان نشاط السرطانات النهرية (ابو الجنيب) في اوجه في مقر توزلة العلوي الذي تخترقه قنوات متعددة سببت تجمعات مائية صغيرة متفرقة في ساحة المخيّم المقام بين الأشجار ، اضطر " ابو شاكر" لقتل احدها بعد ان احس به يدبي على صفحة وجهه وهو نائم فاستيقظ مذعوراً . .
و بسبب الضجة التي احدثها، استيقظ صاحب و انشغل معه في البحث عن قرينه (قرينته) في الخيمة، و اضطروا الى اخراج الأغطية والصناديق محاولين تثبيت حافة الخيمة على طولها بادخالها في الأرض . . بعد ان اصر " ابوشاكر " على ذلك على الفور، لأن السرطانات تتحرك في العادة ازواجاً ازواجاً وليس فرادى كما قال . . و ذلك يعني انه عندما قتل واحداً فإن قرينه سيبقى طليقاً و سيأتي نحوه الى الخيمة ايضاً، الأمر الذي يستوجب البحث عنه و قتله . . الاّ انه ارجع السبب في تلك المشكلة الى وجود الضوء في الليل الساكن، لأنه هو الذي يجذب تلك السرطانات . .
كانت الكتب السياسية و الروايات الموجودة في المكتبة التي بعهدة ابو شاكر محدودة . . رغم ان بعضها كان هاماً بمعلوماته و خرائطه عن المنطقة و الناس، بل و حتى الخرائط التي توضح مواقع الأشجار الكبيرة و عيون الماء ، قيل انها من خرائط الناتو التي وقعت بايدي الناس اثر انهيار المعسكرات الشاهنشاهية الحدودية، و كان بعضها بالأنكليزية و بعض آخر بالفارسية و العربية و التركية . .
لم يكن واجب الطبيب في ظروف البيشمركة تلك، بدون أدوية اساسية و بدون مساعدين فنيين، بالأمر الهيّن، خاصة و ان الطبيب صاحب كان يعيش مع الأداري والنصير القديم "ابوشاكر" في خيمة مشتركة للأدارة و المكتبة والطبابة ، خيمة احتوت فراشين كان من الضروري طويهما الى جانب من الخيمة لفسح المجال للأنصار الذين يراجعون لأمور اطعام الفصائل و المكتبة او . . لأمور الطبابة التي استمرت طويلآً بكونها ليست اكثر من صندوق كرتون متوسط الحجم يحتوي على عدد من اللفافات والقطن وانواع محدودة من الحبوب المسكّنة وبعض زجاجات البنسلين و المقويات و المراهم الموضوعة في علب الكرتون المرتّبة بهيئة رفوف اضافة الى السماعة الطبية التي جلبها معه صاحب وكتاب الأمراض الداخلية بطبعة حديثة كان قد اشتراه من بغداد، اضافة الى الكتب الجراحية التي وصلت من اطباء يساريين من ايران .
رغم انه تم بتعاون الجميع وارشاد الطبيب، جمع ما امكن جمعه و وضعه في الطبابة بمرور الوقت ، من الأدوية واللفافات وادوات التضميد المتفرقة التي كانت في مقرات الفصائل السبعة المتباعدة، التي جمعها الأنصار بعدة اشكال وفق حاجاتهم وتقديراتهم و امكانات الحصول . .
بعد ان أُكملت و تُركت ادوية و مواد طبية ضرورية في الفصائل التي كان لديها مضمدين او ذوي خبرة ما في العلاج . و بدأ اهتمام الجميع بتحسين الطبابة يتزايد لسد حاجة الجميع الى معالجة ما يعانون منه، بعد ان صار في القاعدة طبيب، و لكي تتمكن الطبابة فعلاً، من انقاذ الجرحى ومعالجة المرضى والحفاظ على لياقتهم الصحية للعمليات العسكرية القادمة، اضافة الى تقديم الخدمات الطبية لأبناء القرى المحيطة، التي كانت مهمة اساسية لبناء وتمتين صداقة و تعاون، لا يمكن لأية حركة بيشمركة ان تقوم و تنجح في نضالها دونها .
و قد ابدت الطبابات العائدة للقوى المتعددة الموجودة هناك، التي كان بعضها اقدم واوسع كطبابة الإتحاد الوطني الكوردستاني . . ابدت استعداداً طيّبا لدعم د.صاحب بالأدوية، مقابل فحص وتشخيص مرضاها في حالة عدم وجود طبيب لديهم او لإنشغال طبيبهم بانشغالات تبعده عن موقع وحدته . . ثم بمرور الوقت و بتتالي الأحداث المختلفة ، تطوّرت العلاقة الطبية بين القوى لمنفعة الجميع .
و من ناحية اخرى و لكونه طبيب و عضو الهيئة السياسية في القاعدة، كان يشارك في اللقاءات مع ممثلي القوى الأخرى وخاصة تلك التي يدور فيها النقاش عن قضايا الطبابة و الادارة و التعاون و التكاليف .
فشارك باللقاء الذي تم عندما زار موقعهم مام جلال السكرتير العام للإتحاد الوطني . . الذي كان يقود اقوى منظمة بيشمركة في منطقة نوزنك آنذاك، حين دعاه ابو جوزيف للمشاركة في المجلس معهم حيث كان ملازم عمر المسؤول العسكري و ملا بختيار عضو قيادة الأتحاد الوطني . . و كان من منظمة الأنصار المسؤول العسكري ابو جوزيف و السياسي ابو ئاسوس (7) . . حيث نوقش عدد من الأمور الهامة في ذلك المجال و تم الإتفاق على مراجعة مرضى و جرحى الأتحاد الوطني د. صاحب في طبابة توزلة مقابل تزويد طبابة الإتحاد له بما يحتاجه من ادوية و مواد طبية . . للمرضى و الجرحى لمن يراجعه حيث كانت طبابة الإتحاد تحوي على كثير من الأدوية . .
و في اوقات فراغه . . كان صاحب ينظم الى مجلس ابو جوزيف و المسؤول السياسي ابو ئاسوس عند المساء، الذي كان يضمّ في العادة البيشمركةالأنصار الساكنين في الخيام المتجاورة، منهم ابو احلام، علي مالية . . المسؤولين في أمور الإدارة و الحسابات و غيرهم ، اضافة الى جوزيف الذي كان يهتم بضيوف والده ، حيث كانت تدور احاديث متنوعة تناولت ذكريات و نقاشات و رواية تجارب واقعية عن حروب البيشمركة و الأنصار في البلاد و في العالم، وكانت مفيدة فعلاً لإستيعاب الواقع بشكل افضل .
اضافة الى ذلك كانت تروى النكات لتعديل الأمزجة، و لعب الشطرنج الذي كان لديه وقع خاص لكونه لعبة تعرض تجربة لحرب، وفيها من الحِكَم و الأفكار الممتعة في تلك الأجواء . كان اللاعبون على العموم متقاربي المهارة في الربح و الخسارة، امتاز عنهم " ابو حكمت " (8) الذي كان الأقوى، والذي اتخذه صاحب كنموذج تعلّم منه الكثير من فنون اللعبة، و كان هو متهيأ بشكل شبه دائم للعب و لشرح ما يلعبه لصاحب .

كان ابو جوزيف في احاديثه لصاحب و للقريبين منه يؤكّد دائماً ويحذّر من مخاطر الأستهانة بالمدنيين لأن " قوتنا تتحقق بحب والتفاف الناس حولنا اينما كنا ومهما واجهنا من صعوبات " و كان يحذّر من التفكير بتحقيق (انتصارات) من دون مبالاة بارواح المدنيين العزّل، لأن ذلك " هو الإرهاب الذي ندينه !! " و تحدّث عن موقفه الثابت ذلك وكيف جسّده في رفضه توجيهات وجهت اليه من قيادي سابق في الخمسينات اشتهر بتصرفاته المتهورة ، حين وجّه بنسف منشآت لضخ النفط في انابيبه كجزء من اعلان الكفاح المسلّح ضد الحكومة في الخمسينات . ." لأن ذلك ضد مصلحة عموم البلاد من جهة، وسيخسر بها مدنيون ابرياء ارواحهم و يخسر مئات وظائفهم وتجوع مئات العوائل من جهة اخرى، ان كنا جاديّن حقاً علينا مهاجمة المؤسسات المعادية للشعب ولحريته ومن يدافع عنها " .
و كان يؤكد بلا انقطاع على التحلي بالأخلاق السامية وعلى احترام العائلة والنساء واحترام تقاليد المجتمع . . و الأنتباه الى ان حمل السلاح يعرّض حامله الى مخاطر قد تفسد السلوك ان لم ينتبه المناضل . . لم يكن عاشقاً للعنف بل لم يكن مع العنف !! وانما كعسكري كان مع التلويح بالعنف و" محاولة تحقيق نجاحات عسكرية دون اراقة دماء لاداع لخسارتها مهما كان المقابل " ولكنه كان يردد " كن حذراً ولاتدع الخصم يصيبك بالشلل او بالتردد فتكون ضربته مميتة لك ". . على اساس ان الهدف هو الأكثار من الأصدقاء وليس الأعداء . و قد قطع حديثه يوماً مع صاحب، قائلاً : " لنذهب بعيداً عن شجرة العرموط المثمرة هذه كي لايعتقد صاحبها الذي يطيل التحديق بنا . . اننا واقفون هنا لأننا نريد سرقة عرموط ؟! . . وبالمناسبة نستطيع ان نطلب منه ان شئنا وسيعطينا بكل سرور . . صدّقني ! " .
كان محباً للحياة وللنكتة وجعل كثيراً من المواقف الجافة، مادة للفكاهة التي تجرّ الى الضحك، وكان ضحكه معدياً، حيث بقي صاحب يتذكر عبارته الفكاهية كلما التقيا ( أسمعت اغاني لولوش ؟ )، كما دعاها مرة ابو شاكر واصرّ ان اسمها كذلك، عند احاديث جمعتهم ذات مساء بعد العشاء في مجلس خيمة مكتب القوة عن جمال الألحان الفارسية وعن المنولوجست الأيرانية " كوكوش" . .
ومن المواقف الفكاهية التي لم ينساها صاحب، و التي رطّبت اجواء العلاقات . . حين قدم ملازم عمر (9) الى مجلس ابو جوزيف وطلب بكل هدوء وجديه كعادته :
ـ ابو جوزيف . . اعيرونا الخبير الألماني الذي عندكم لبضعة ايام لنستفيد من خبرته.
قال ابو جوزيف مستغرباً وبكل ادب :
ـ اي خبير تقصد ؟
ـ ياعزيزي يعني هو ليس سراً ، انه يتحرّك بشكل حرّ وجميعنا شاهدناه . . رجل ضخم احمر اللون واللحية . . هاهو قادم نحونا شوف !!
نظر الجلسون و كان بينهم صاحب الى الجهة التي اشر اليها ملازم عمر ولم يكن الاّ البيشمركة " جوزيف " حين كان قادماً يحمل الشاي لملازم عمر . .
ـ اخ ؟! انه ابني جوزيف !!! (10)
انفجر الجميع بضحك لم ينقطع الاّ بعد فترة ليست قصيرة و بعد وضوح حسن النيات ، حيث ان ملازم عمر من جهته كان يجيد النكته اجادة اهل السليمانية الأصليين لها وكان ضحكه معدياً ايضاً للآخرين وبشكل لايقاوم .

من جانب آخر لم ينقطع فصيل بشدر عن ارسال مفارزه الصغيرة بعد اكمال تجهيزها بالسلاح و العتاد للقيام باعمال و واجبات عسكرية، حيث ان اكثر من نصفهم كانوا يحملون اسلحتهم الشخصية، و كانت مفارز بشدر تقوم بمهام سياسية و استطلاعية للتدقيق بمتغيرات المنطقة لأنها منطقة نزول كل المفارز الى المناطق الكوردستانية الأعمق، و كانت تأخذ معها من اراد الإلتحاق بالبيشمركة في مناطق قلعة دزة و بست ستين و نواحيهما .
و نشطت مفارز اربيل لتقوم بنشاطات اخرى متنوعة . . فكانت مفرزة الوجه الأنصاري المعروف منذ الستينات " كانبي حمه صالح "(11) في مناطق سهل اربيل تتجوّل هناك للأتصال بمن يبحث عنها . . للإتصال او للإلتحاق بها، فكان الجميع في توزله يفرحون لعودتها و يزداد املهم في تحقيق اهدافهم كلّما تحرّكت للنزول مجدداً الى مناطق سهل اربيل في تلك الظروف الخطيرة . . اضافة الى تجوّل مجاميع صغيرة من نصيرين الى ثلاثة ليفترقوا في مناطق العمق و يتفقوا على مواعيد للألتقاء، بعد و اثناء قيامهم بمهامهم التعبوية السياسية و التنظيمية اشتهر بينهم " سيد نظيف " . .
و في ذلك الأثناء وردت اخبار افادت بمقتل كادر البيشمركة الشجاع " رستم " آمر المفرزة التي تشكلت حديثاً وتكونت من خمسة بيشمركة و نزلت الى مناطق سهل اربيل بعد اكتمال تسليحها و قد ضمت بيشمركة مصممين على العودة الى مناطقهم للقيام بنشاطات بارتيزانية، و " ليس الإنزواء عند الحدود " على حد تعبيرهم . . الاّ ان خطأ آمر المفرزة كان بذهابه لوحده الى حيث كانت زوجته متخفية، اثر ملاحقتها من قبل آمر مجموعة مرتزقة، الذي علم بذهابه ذلك و نصب له كميناً اعده بدقة لتصفيته، لشخصيته الإجتماعية المحبوبة و الشجاعة و النظيفة في المنطقة . .
وقيل ان ذهابه السريع للقاء زوجته الحسناء لم يكن الاّ لكونه كان عاشقاً متيماً بها، لايقوى على فراقها الطويل. و قيل ماقارب الحقيقة من انه عرف بمعاناتها بسبب نذالة آمر مجموعة المرتزقة، فذهب لمحاولة تخليصها، و وقع بالكمين و قاتل قتال الأبطال حتى قُتل . . لقد عادت المفرزة حزينة بدونه الاّ انها تضاعفت بالتحاق شباب جدد باسلحتهم بها، و كان ذلك يعني الكثير في حياة البيشمركة آنذاك .
الاّ ان الأيام في القاعدة كانت تمضي على نسق شبه متشابه و خاصة بالنسبة للأنصار العرب، و لمن لم تكن لديه مهمة واضحة و محددة، او من حمل مشاكله هو و يصرّح و يحرّض بها كما مرّ . . و غيرها من امور كانت تثير ملل البعض اكثر، او كما وصفها مناضلو السجون الطويلة . . بان واقع كذلك يشبه الى حد واقع حياة السجون و مشاكلها كـ " مشاكل سجنية " حيث يمكن ان يحصل نزاع على امور تافهة او شخصية بحتة . . و لكنها في ذلك الواقع على صعوباته كان للبيشمركة القرويين من قرى كوردستان، ايام حريّة و فرح . . . اياّماً ضاجّة بالحياة، تفوق حياتهم في قراهم التي عانت الذل و الحرمان و الظلم القومي بسبب الدكتاتورية الشوفينية و قطعانها العسكرية . .
و لم تنقطع زيارات الأهل لأبنائهم البيشمركة، التي كانت تجري في موقع بعيد عن مقرات الفصائل عند مدخل المنطقة تحسباً لأعتبارات متعددة، منها ان يبقى القادمون بعيدين عن رؤية من كان موجوداً في المقرات صيانة للبيشمركة و للأهل القادمين على حد سواء، تحسباً لكل طارئ، بسبب تدقيق اجهزة السلطة . . اضافة الى انه كان بينها زيارات لعوائل اجبرتها السلطة على الذهاب لأقناع ابنائها و ذويها بالأستسلام للسلطة . .
(يتبع)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. اتفاقية الجزائر عام 1975، و هي الإتفاقية التي عقدت بين شاه ايران و صدام عندما كان نائباً للرئيس العراقي في الجزائر العاصمة. و كانت موجهة اساساً لتحطيم ثورة ايلول الكوردية التحررية، التي كانت في اوج قوتها. و اثرها تم اغلاق الحدود بين البلدين بالمناطق الكوردستانية المحروقة المحرمة، و فيها تنازل نظام البعث عن حقوق العراق في مياه شط العرب .
2. ابو شاكر، المناضل العمالي عادل سفر، كلداني من اهالي الموصل . . كادر حزبي متقدم، نشط في تلك الفترة في مجال الإدارة في قاعدة توزله .
3. كانت الصحفية اليسارية المعروفة المناضلة " فاطمة المحسن " . . خريجة كلية الآداب ـ ج. بغداد و حازت على الدكتوراه من هنغاريا . . عرفت بنضالاتها السياسية و النسائية و الصحفية و الادبية النقدية و عملت في الصحف و المجلات الديمقراطية و اليسارية العراقية و العربية . . طوردت اثناء الحملة على القوى الديمقراطية و اليسارية اواخر السبعينات . . ثم القي القبض عليها و عُذّبت بوحشية و لم يستطيعوا كسر مواقفها، الى ان اطلق سراحها خوفاً من موتها في المعتقل. استطاعت الهروب الى كوردستان ثم الى انواع المنافي مع المبدعين العراقيين .
4. حبيب المالح، طبيب كلداني من عينكاوا ، مناضل و وجه طلابي معروف في جامعة الموصل، اعتقل و سجن مرات عدة و كان من ابطال العمل السري في النضال لإسقاط دكتاتورية صدام، اختطف من الشارع و قضى تحت التعذيب الوحشي عام 1981 .
5. ابو احمد، المناضل المعروف الفقيد عبد الرحمن القصاب، عربي من الموصل، وقد برز كقائد شعبي في مدينة الموصل، و كان احد وجوه المقاومة الشعبية اثر ثورة تموز عام 1958، طورد و لوحق و حكم بالأعدام، وعاش في المنفى سنوات طويلة، وعمل اداريا ناجحاً في الأنصار آنذاك، توفي في حي الشاغور الشعبي في دمشق عام 2001 و كان يعاني الفقر و الوحدة .
6. المناضل الأربيلي المعروف جبار حسن، احد كوادر اربيل المعروفة، سكرتير اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي/ كوردستان اواخر الستينات و مطلع السبعينات، عمل في تلك الفترة في الإدارة ـ قسم المشتريات .
7. ابو ئاسوس، الفقيد فاتح رسول، من اهالي كويسنجاق، مناضل شيوعي معروف و عضو ل.م لسنوات طويلة، تعرض للسجون و المطاردة مرات عديدة . . كان من اوائل الأعضاء القياديين الذين ذهبوا للجبال اثر هجوم البعث الصدامي الحاكم على الحزب عام 1978 / 1979 ، كان المسؤول السياسي للقوة في توزلة و عضو مكتب القوة .
8. " ابوحكمت " الفقيد يوسف حنا القس السياسي و القيادي المعروف عضو ل. م حشع، كلداني من شقلاوة . . ناضل في صفوف الحزب منذ الأربعينات و لعب دوراً هامة في انتفاضة كاورباغي 1946 في كركوك . . كان مسؤول ل. هندرين آنذاك، التي كانت الهيئة الحزبية العليا في داخل العراق عملياً آنذاك . . ثم اسس حزباً كوردستانياً تقدمياً و صار وزير دولة في اول حكومة كوردستانية فدرالية، في اربيل . .
9. " ملازم عمر عبدالله " شغل في تلك الفترة موقع مسؤول المكتب العسكري للأتحاد الوطني الكوردستاني، من اهالي السليمانية وكان ضابطاً عسكرياً صنف مقاومة الطائرات كما كان شائعاً، كان ايجابياً ومحباً للتعاون معنا، بل وساعد القوة في بداية التشكيل .
10. جوزيف، الأبن البكر لتوما توماس وكان المرافق و المساعد الشخصي شبه الدائم لأبيه سواءاً في المقر او في المعارك وفق رأي والده وقرارات الوحدة التي يعود اليها الأبن . . شاب مؤدب طيب المعشر هادئ ذو طبع شجاع، اصيب في احدى المعارك في وقت لاحق بلغم ذهب بقدمه .
11. الفقيد كانبي حمه صالح، و يدعى ايضاً كانبي كه وره، كادر انصاري اربيلي معروف و شخصية شعبية معروفة في مناطق سهل اربيل، من البيشمركةالأنصار الأوائل الذين ساهموا بثورة ايلول الكوردية التحررية، من اوائل كوادر الأنصار الذين خرجوا للجبال عام 1979 . . عضو المكتب العسكري في تلك الفترة، ثم عضو مكتب الفوج الخامس اربيل، ثم آمر الفوج الخامس اربيل، خاض معارك متعددة و اصيب بجروح متنوعة كان آخرها عام 1983 في معارك اقتتال الأخوة حيث اصيب في اعلى ساقه و تسبب ذلك له تعويقاً استمر حتى وفاته عام 2011 .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هناك . . عند الحدود (3)
- ما معنى الإنتخابات و الى اين ؟
- هناك . . عند الحدود (2)
- هناك . . عند الحدود (1)
- ثمانون عاما من اجل قضيتنا الوطنية . .
- الشعب بين حقوقه و بين تقاعد الرئاسات
- 8 آذار و مخاطر مصادرة حقوق المرأة . .
- الى من يحاول تجميل جرائم 8 شباط الاسود (2)
- الى من يحاول تجميل جرائم 8 شباط الاسود (1)
- اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (2)
- اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (1)
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 2
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 1
- اعلان تحالف -كوردستاني ديمقراطي مدني-
- هل هو تخوّف من نتائج الانتخابات ؟
- المالكي : الشعب لايحب الحكومة !
- هل ستعود الإنقلابات العسكرية ؟
- هل هو حكم اوليغارشية طائفية ؟
- الاحزاب الكبيرة و الصغيرة، الشباب
- الحكومة و الارهاب و الاحتجاجات السلمية


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مهند البراك - هناك . . عند الحدود (4)