أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - المصالحة الفلسطينية بين الإرادة والقدرة















المزيد.....

المصالحة الفلسطينية بين الإرادة والقدرة


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 21:38
المحور: القضية الفلسطينية
    


يبدو أن الريبة والشك وانعدام الثقة والإحباط باتت تشكل جزءا مهما من الثقافة المجتمعية الفلسطينية وخصوصا من الثقافة السياسية . أصيب الفلسطينيون بحالة من الإحباط حتى باتوا يشكون في كل شيء حتى في قدرتهم على تجاوز واقعهم المرير . كل حزب يشك في نوايا بقية الأحزاب حتى وإن أقدم حزب على فعل إيجابي – دبلوماسي أو جهادي - ينطلق الآخرون من منطلق الشك ويفسرون هذا الفعل سلبا ليس لأنه فعل خاطئ بل لأنهم لا يثقون بصاحبه ، وإذا أقدمت جماعة أو دولة على مساعدة طرف فلسطيني سواء كان حزبا أو حكومة أو مجتمعا مدنيا انبرت بقية الأطراف للتشكيك في الأهداف الخفية من وراء هذا الدعم . تتحمل النخبة الفلسطينية مسؤولية تفشي هذه الثقافة المدمرة التي لم تكن موجودة في سنوات الثورة والنضال حيث كان التفاؤل والثقة بالنفس وقوة الإرادة والتماسك الاجتماعي أساسيات في ثقافة المجتمع الفلسطيني .
هذه الحالة تنطبق على ردود الفعل على ما تم بشأن اجتماع وفد منظمة التحرير الفلسطينية مع قيادة حماس في مخيم الشاطئ للبدء في تنفيذ المصالحة الوطنية. فعندما توفرت إرادة وضع اتفاقية المصالحة الموقعة في القاهرة في لقاء مخيم الشاطئ في قطاع غزة موضع التنفيذ لم يتم مقابلة ذلك جماهيريا بالفرحة العارمة بل بقي الحذر والشك سيد الموقف حتى من طرف أحزاب كانت من أكثر المنددين بالانقسام والمُحمِلين لحركتي فتح وحماس مسؤوليته.
طوال سبع سنوات من الانقسام والفلسطينيون يعانون بسبب الانقسام ويحملونه مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الاحتلال عما أصاب المجتمع من تفكك وفقر وبطالة وانتشار ثقافة الكراهية والخوف ، وما أصاب النظام السياسي من تفكك وضعف في مواجهة ممارسات الاحتلال والاستيطان في الضفة وفي مواجهة الحصار على قطاع غزة ، وفوق كل ذلك تداعيات الانقسام على صورة الفلسطينيين عند العالم الخارجي . وطوال هذه السنوات والكل يندد بالانقسام حتى من شاركوا في صناعته ويستفيدون من نتائجه ، والكل يدعو للمصالحة التي تنهي الانقسام .
نعم في ظل ثقافة الشك وانعدام الثقة التي أشرنا إليها من حق البعض أن يتخوف بل ويشك فيما جرى ،وإن أردنا أن نعدد مبررات التخوف والشك فهي كثيرة ولا شك ونشاركهم فيها وقد سبق أن كتبنا الكثير عن الانقسام والمصالحة والتحديات التي تواجه المصالحة بل ومارسنا نقدا قاسيا في مواجهة حركة حماس وحركة فتح والسلطة الخ ،كيف لا يشك الشعب وينتابه الحذر وقد احتفل المتحاورون أكثر من مرة بتوقيع اتفاق مصالحة وتبادلوا القبل والابتسامات العريضة ؟. لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن مستجدات مهمة جرت وطنيا وإقليميا تُضعف من مرتكزات الانقسام وتبرر التفاؤل بإمكانية نجاح المصالحة ولو ضمن حدود مصالحة إدارة انقسام مؤقتة لعدة أشهر .
كتبنا أكثر من مرة أن الانقسام ليس فقط نتيجة خلاف بين فتح وحماس بل أيضا نتاج معادلة إقليمية دولية غير منفصلة عن مشروع واشنطن للشرق الأوسط الجديد الرامي لتمكين الإسلام السياسي من السلطة وخلق حالة من (الفوضى الخلاقة) في نظرهم ،وغير منفصلة عن خطة شارون بالانسحاب من قطاع غزة 2005 وتدمير ممكنات قيام دولة فلسطينية تشمل الضفة وغزة، ولو لم تنسحب إسرائيل من القطاع ما تمكنت حماس من السيطرة عليه ، وغير منفصل عن جماعات مصالح فلسطينية مشاركة في هذا المخطط . لكن لا يجوز الاستسلام لحالة الإحباط واليأس وانعدام الثقة بالذات وبالتالي الاستسلام لهذا المخطط تحت ذريعة أنه اكبر من قدرتنا على مواجهته ، وخصوصا أن المعادلة التي أنتجت الانقسام أو ساعدت على صيرورته واقعا بدأت تتفكك في العالم العربي من حولنا وجماعات المصالح الفلسطينية المشاركة في الانقسام باتت مكشوفة للشعب وفشلت في تدبير أمرها فيما أُتِيح لها من كعكة الانقسام ،بالإضافة إلى ذلك فإن مجمل الحالة السياسية الوطنية وصلت لطريق مسدود ، سواء أصحاب المشروع الوطني أو المشروع الإسلامي أو مشروع المعارضة التي تعتاش على استمرار أزمة المشروعين .
ما جرى في مخيم الشاطئ وبالرغم من كل التخوفات التي تنتاب الجمهور إلا أنها خطوة في الطريق الصحيح وهو طريق طويل وشاق، إنه ما يجب أن يكون أو استجابة متأخرة لإرادة شعبية. صحيح أنها خطوة متأخرة حيث تكرست أوضاع ومصالح وعلاقات ستجعل عملية مواجهتها أصعب،ولو جرت المصالحة قبل خمس أو أربع سنوات مثلا لكانت فرص نجاحها اكبر. ولكن السؤال : هل نستمر في الحال الذي نحن عليه من انقسام يتفاقم كل يوم بل ومرشح لأن يصل لتقسيم المُقسم والصراع على ما هو مُقسم ؟ أم نحاول تفكيك الانقسام ونتقدم خطوة نحو المصالحة،خطوة لا تخلو من مغامرة بل ولا تخلو من بعض سوء النية من بعض الأطراف؟.
قد لا يكون الأمر عائدا لسوء نية بل لان المصالحة مصطلح مراوغ وحمال أوجه بحيث يفهمه كل طرف بشكل مغاير للآخر،حتى لو سألت الجمهور عن معنى المصالحة فستجد إجابات متباينة فالبعض يقصد بالمصالحة إعادة توحيد غزة والضفة كما كان الأمر قبل سيطرة حماس على القطاع متجاهلا الشرط الإسرائيلي في هذا السياق ،والبعض الآخر يقصد بالمصالحة إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير بحيث تنضوي فيها حركتي حماس وفتح وبقية الفصائل الخارجة عنها ،و البعض يقصد بالمصالحة وقف حالة العداء بين الحكومتين والسلطتين وإطلاق سراح المعتقلين عند الطرفين وتحقيق المصالحة الاجتماعية ،وآخرون يقصدون بالمصالحة كل ما تم ذكره .
حتى تنجح المصالحة في إطار أي من مفاهيمها السابقة فالأمر تحتاج لعنصرين أساسيين :
العنصر الأول : الإرادة وما جرى يعبر عن توفر عنصر الإرادة عند الطرفين الفلسطينيين ، سواء كانت إرادة إيمان وقناعة بالمصالحة واستعداد للاعتراف بالخطأ وعمل مراجعة لما جرى مع أننا نعتقد أن المصالحة الحقيقية لن تتم إلا بمراجعات ومحاسبة،أو كانت إرادة إكراهية لا تخلو من لؤم سياسي أو محاولة الانحناء لعاصفة الفشل التي تجتاح الطرفين.
العنصر الثاني: القدرة ،ونقصد به القدرة على الاستمرار في المصالحة ومواجهة معيقاتها سواء الداخلية أو الخارجية ،وهذا ما يجب الاشتغال عليه ،لأن الإرادة بدون قدرة لا تكفي .
إن كان دور القدرة يأتي لاحقا لتوفر الإرادة إلا أن الأمر ليس مجرد تعاقب زمني بل عملية تفاعلية وجدلية حيث نوع الإرادة يرسم حدود القدرة ،أو بمعنى آخر إن القدرة على مواجهة استحقاقات المصالحة مرتبط بحدود إرادة المصالحة عند كلا الطرفين وأهداف كل منهم من التوجه للمصالحة وأية مصالحة يقصد كل منهم،وما إن كانت إرادة المصالحة تصل لحدود المواجهة الساخنة مع كل الأطراف المستفيدة من الانقسام وخصوصا إسرائيل والذهاب بالمصالحة إلى حدود المصالحة الإستراتيجية التي تعيد بناء المشروع الوطني الفلسطيني كمشروع تحرر وطني متحرر من استحقاقات اتفاقية أوسلو وتوابعها واستحقاقات الأجندة الخارجية ؟ أم ستقف عند تخوم تشكيل حكومة قد تتحول لحكومة ثالثة شكلية تضاف لحكومتي أمر واقع غير رسميتين تستمران في ممارسة عملهما في الضفة وغزة ؟.
لا نريد أن نبني أوهاما على ما تم ولكن نتمنى كما أكدنا في مقال سابق أن يكون ما يجري جزءا من إستراتيجية متعددة المسارات: مسار الشرعية الدولية بالذهاب للأمم المتحدة لتكريس دولة فلسطين ، ومسار مقاومة شعبية مفتوحة على كل الاحتمالات لترد على ممارسات الاحتلال وعربدة المستوطنين،ومسار مفاوضات ذات مرجعية وأهداف وطنية محددة،والمصالحة في هذا السياق ليست بديلا عن المسارات الأخرى ، ليست بديلا عن الشرعية الدولية والتزاماتها ولكنها تقوي الموقف الفلسطيني في التعامل مع الشرعية الدولية واستحقاق الدولة ، وليست بديلا عن المفاوضات ولكنها يجب أن تشكل حالة قطيعة مع المفاوضات كما كانت تجري سابقا،وإن كان هناك ضرورة للعودة للمفاوضات فستكون مفاوضات تُؤسس على وحدة الموقف الفلسطيني والثوابت الفلسطينية التي أكد عليها الرئيس أبو مازن في اجتماع المجلس المركزي الأخير،وليست بديلا عن المقاومة ولكنها ضرورية للتوافق على إستراتيجية وطنية لها.
وأخيرا وحتى لا نغرر بالجمهور يجب مصارحته بالحقيقة بأن ما جرى أمر مهم ولكن طريق المصالحة الإستراتيجية طويل وشاق، وأن إرادة فلسطينية لوحدها لن تنهي حالة الانقسام كليا، المصالحة قد تنهي حالة العداء بين منظمة التحرير وحركة حماس وقد تسمح بتشكيل حكومة توافقية ، ولكنها لن تنهي حالة الانقسام بحيث يتم إعادة توحيد غزة والضفة وتواصلهم كما كان الأمر قبل انسحاب شارون من القطاع وسيطرة حماس على قطاع غزة ، كما أن المصالحة لن تنهي الاحتلال تلقائيا. إعادة توحيد غزة والضفة في حكومة وسلطة واحدة وإعادة التواصل بينهما يحتاج لإرادة دولية بل وإرادة إسرائيلية ما دامت غزة والضفة تحت الاحتلال وما دمنا نتحدث عن حكومة وسلطة حكم ذاتي وعن انتخابات لرئيس سلطة حكم ذاتي وانتخابات تشريعية لمجلس تشريعي لسلطة حكم ذاتي .فإنهاء الاحتلال وتوحيد غزة والضفة في إطار حكومة وسلطة ذات سيادة يحتاج لإستراتيجية وطنية تكون المصالحة رافعتها الأساسية .



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة تحرير حركة فتح من استحقاقات السلطة والتسوية
- منظمة التحرير الفلسطينية أمام مفترق طرق
- هل نحن امام استراتيجية فلسطينية متعددة المسارات ؟
- في ذكرى يوم الأرض ؟ لماذا لا يكون يوم للأرض في مواجهة الاستي ...
- الأرض أهم من الإنسان
- احتجاز وإعاقة الشعب الفلسطيني
- ما وراء استهداف الإعلام المصري للفلسطينيين
- قصة واحد أراد أن يكون فكان، ويا ليته ما كان
- خطاب الرئيس يثير إشكالية مؤسسة القيادة الفلسطينية مجددا
- زمن انقلاب المواقف والتحالفات العربية :جماعة الإخوان من قياد ...
- لا تخذلوا الرئيس أبو مازن كما خذلتم الرئيس أبو عمار
- ما يجري في مصر يُعيد الديمقراطية لأسئلة البدايات
- عندما يَكثُر (القادة) وتغيب مؤسسة القيادة
- الثورة والديمقراطية وحكم العسكر
- الوطن أهم من الدولة والسلطة
- حركة فتح وغزة وخطة كيري: أية علاقة ؟
- بيت المقدس براء من (أنصار بيت المقدس)
- ماذا يجري ل / وفي تنظيم فتح في قطاع غزة ؟
- التقارب بين حماس ودحلان : لصالح من ؟ وعلى حساب من؟
- صراع على السلطة والثروة وليس ربيعا عربيا


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - المصالحة الفلسطينية بين الإرادة والقدرة